تاريخ المراقد الحسين وأهل بيته وأنصاره الجزء السابع

اسم الکتاب : تاريخ المراقد الحسين وأهل بيته وأنصاره الجزء السابع

المؤلف : للعلامة المحقق الشيخ محمد صادق الكرباسي
المطبعة : المركز الحسيني للدراسات لندن ـ المملكة المتحدة

 

 

 

 

 


آلاف وخمسمائة وخمسين مُصلِّيا ولكن في المواسم يصل عدد المصلين إلى سبعة آلاف مصلٍ كالجمعة والعيدين بل يفترش المصلون الساحة الملاصقة للمسجد إلى جهة الغرب والتي تظللها المظلات الثلاث.
19 ـ سقف المسجد الحسيني: إن مظهر السقف ينقسم إلى ستة أرصفة طويلة بسبب الجسور الموصلة بين الأعمدة، ولا توجد كوة في سقف الرصيف الأول والثاني والخامس والسادس، حيث إن الكوّات والمنافذ أُنشئت في الرصيفين الثالث والرابع، وهناك ستة كوّات (منافذ) ثلاث كبيرة مربعة تحتوي على مساحة عرض رصيفين ومثلها من جهة الطول، وهذه المساحة لا يوجد فيها عمود ـ وقد سبق وقلنا إنَّهم استغنوا عن ثلاثة أعمدة ـ وأما الأرصفة الثلاثة الصغرى فمساحتها نصف مساحة الكبرى وتشكل شكلاً مستطيلاً، اثنتان منها بالطول تحتويان على مساحة ما بين ثلاثة أعمدة، وواحدة تقع بالعرض بنفس المساحة، وتقع الأخيرة في وسط الكوتين الكبيرتين الوسطى والشرقية وقد علَّمناها في المخطط فليراجع.
ومن الجدير ذكره أنَّ المنافذ الكبرى المربعة يحتوي كل ضلع منها على أربعة شبابيك مقوسة القمة بارتفاع أقل من متر وعرض نحو 75 سنتمتراً، وربما مع القوس بلغ ارتفاعها أكثر من متر بقليل، وهي مصنوعة من الحديد ظاهرا.
وأما المنافذ الثلاثة الأخرى والتي هي مستطيلة الشكل يحتوي ضلعها الأطول على أربعة شبابيك وأما الضلع الأقصر فيحتوي على شباكين، وبالنسبة إلى المنفذ الثاني الصغير فقد جاءت قمم شبابيكه على شكل محرابي وبذلك فإنَّ ارتفاعها يكون أكثر من متر.
وهناك منفذ آخر وهو السابع يقع على منتصف قاعة مصلى النساء شرق الروضة ويحتوي كلٌّ من طوله الشرقي والغربي على خمسة شبابيك بينما كلٌّ من عرضه الشمالي والجنوبي على أربعة شبابيك، وهي بالتالي توازي تقريباً القبة التي تعلو الروضة من حيث القطر.
ولا يخفى أنَّ المنفذ الأول والثاني والثالث للمسجد الحسيني ـ إذا عُدّت من الغرب ـ ومنفذ مصلى النساء يعلوها قرميد أحمر وأمَّا البواقي فلا يعلوها.
20 ـ يقع المشهد الحسيني باتجاه القبلة وقد عولجت الانحرافات بحيث تكون الروضة في أضلاعها باتجاه القبلة دون انحراف، وهي مساحة مستطيلة الشكر ضلعاها الأقصران يقعان إلى جهة الجنوب والشمال، فأمَّا
(339)

ش1257
(160)340
منافذ المسجد الحسيني ومرافق الروضة من الداخل (1)

ش1258
(161)
منافذ المسجد الحسيني والروضة من الخارج
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أُخذت الصورة من ارشيف أحمد شوقي بمصر عبر الشبكة الإلكترونية.
(340)

الجنوبي منهما فيقع باتجاه القبلة والشمالي يقع باتجاه المسجد الحسيني، والضلعان الأطولان يقعان إلى جهة الغرب والشرق. ففي الغرب منها تقع غرفة المقتنيات النبوية وقاعة الزائرين المخصصة للنساء ومن جهة الشرق مصلّاهن، طوله يقدر بحدود ۱۲ متراً.
21 ـ أبواب المشهد الحسيني: البابان الرئيسان يقعان إلى جهة الجنوب ـ للداخل من المسجد ـ، الغربي منهما للداخلين من المسجد الحسيني، والشرقي للخارجين منه إلى المسجد الحسيني، كما يوجد على الجهة الغربية باب في مقابل الضريح يدخل إلى غرفة المقتنيات وآخر جهة الشرق يدخل إلى مصلى النساء ولا يوجد باب من الجهة الجنوبية.
22 ـ المحراب في المشهد الحسيني يقع في الجهة الجنوبية منه.

ش1259
(162)
محراب المشهد الحسيني
(341)


23 ـ الضريح الحسيني يقع في ثلاثة طوابق: الطابق الأرضي والطابق الذي تحت الضريح والطابق الأعمق، أما الطابق الأرضي فسنأتي على بيانه، وأم الطابق التحتي الأعلى منهما عبارة عن غرفة، عمقه من سطح الروضة ستة أمتار له بابان أرضيان يقعان في الجهة الشمالية للضريح في منتصفهما بحيث يُقسِّمان الجهة الشمالية للضريح إلى ثلاثة أقسام متساوية ما بين البابين وما بعدهما، ويذكر بأنَّ الطريق المؤدي إلى الغرفة يكون من الباب الغربي من خلال دهليز يمتد إلى جهة الغرب ثم إلى جهة الجنوب ثم إلى جهة الشرق على الشكل التالي: (J) وفي وسط هذه الغرفة رخامة اثبت عليها موقع الرأس وعليه صندوق خشبي، وأما الطابق الأعمق فيقع تحته وفيه مدفن الرأس.
24 ـ جدران الروضة فالجهة الجنوبية لمبنى المشهد ومرافقه وملحقاته ففيه ثلاثة أبواب رئيسة، من الشرق باب الأفراح الذي يقع في الثلث الأول

ش1260
(163)342
باب الأفراح
(342)


من هذا الجانب وسُمِّي بذلك لأنه يؤدي إلى قاعة الأفراح التي يقام فيها عقد الزواج غالبا والطلاق في بعض الأحيان.
وفي وسط هذه الجهة يوجد باب رئيسي يسمى بالباب الأخضر، يؤدي إلى مُصلى النساء وعنده كانت المئذنة القديمة وهو من أقدم الأبواب، وإنما سُمي بالأخضر لإطلالته على الضريح الحسيني الموشَّح باللون الأخضر، وقيل لأنَّ مدفن الرأس في قصر الزُّمرد والذي يُعد اللون الأخضر من أفضل ألوانه.

ش1261
(164)343
الباب الأخضر (باب دخول النساء)

ولا يخفى أنَّ هناك بابا أخضر تحت المئذنة الصغيرة مغلقاً ربما كان هو الباب الأخضر ثم استُبدل بباب جديد مثله وُضِع على شرقها.
وفي نهاية هذه الجهة يوجد باب المكتبة الذي يؤدي إليها والواقعة في الطابق الأول وقد نقلت فيما بعد إلى مكتبة جامع الأزهر، كما ويؤدي
(343)

هذا الباب إلى غرفة الإدارة وقاعة الزائرين، وهذا الباب مصنوع من الخشب الساج ومزخرف بنقوش محفورة بأشكال هندسية ونباتية كُتبت في قمتها في ثلاثة اسطر: ﴿بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ * رَحْمَةُ اللَّـهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ﴾ (1)، وتحتها ذُكرت أسماءُ الراشدين.

ش1262
(65)
الباب الأخضر المغلق
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة هود، الآية: ۷۳.
(344)

ش1263
(166)

باب المكتبة

25 ـ للمشهد والمسجد سياج حديدي بارتفاع ۱٫60 متر وقاعدة رخامية بارتفاع 40 سنتمتراً ليكون المجموع مترين، مرتكزة على أعمدة حديدية يفصل بين أحدهما والآخر حوالي المترين، ويمتد من جهة الشمال إلى الجنوب مروراً بالشرق على بعد نحو ۱٫5۰ متر من الجانب الشمالي والشرقي وأما الجانب الجنوبي فيبتعد عن جدار المبنى بحوالي عشرة أمتار، ليلتقي السياج مع حائط المبنى، تكون جهة الساحة ـ أعني الغرب ـ
(345)

متساويةً مع جدار المسجد الحسيني، وهو عبارة عن أميال حديدية قائمة وبعضها مسننة لمنع العبور، وقد صُبغت باللون الأخضر.

ش1264
(167)
المشهد الحسيني ومظهر السياج من الخارج (الضلع الشمالي)
(346)

 

أسطورةُ أمِّ الغلام


كل حقيقة في العالم تكتنفها أسطورة أو أساطير قد تكون هذه الأسطورة أو تلك من صنع الموالي رهبة وحباً، وقد تكون من صنيع المعادي عداءً وبغضاً، فمن هنا لابد من الوقوف على الحقيقة التي لا يشوبها شيء، وهكذا تدخل الأساطير في المجتمعات وتصبح من الموروثات الشعبية وربما تصل إلى درجة من الأهمية والاشتهار بحيث تغطي على الحقيقة وهو المراد به لدى صانعيها المعادين بالطبع، ومن تلك الأساطير في مسألة الرأس بالقاهرة أسطورة أمِّ الغلام ومشهدها، وقد جاءت روايتها بين عوام الناس على الشكل التالي:
إنَّ امرأة من الشام أو مصر اسمها فاطمة لُقبت بأم الغلام هي التي نقلت الرأس إلى القاهرة ويقال إنها كانت قبطية العقيدة والانتماء، وقد سمعت بما يدور في كربلاء وكان لها غلام ضرير وذات يوم خرجت للتسول فوجدت الرأس الشريف بين المحاربين وقد بلغ شعاع نوره إلى عنان السماء، ولما التفتت إلى الجمع فوجدت انه محاط بمائة وأربعة وعشرين مقاتلاً ولكنهم في سباق، ولأنَّها شاهدت من الرأس الشريف هذه الكرامة فإنَّها آثرت بأنْ تذبح غلامها وتستبدل رأسه برأس الإمام الحسين عليه السلام وذهبت بالرأس الشريف إلى مصر بطي الأرض التي سخَّرها الله لها وألهمها الإسلام، وبذلك أخذت شهرة عظيمة حتى عُدَّت من الأولياء فدفن الرأس الشريف بالقاهرة ودفنت هي على مقربة منه ولها مقام مشهور.
وهناك من يقول: إنَّ الرأس الشريف بعد قطعه من الجسد المبارك طار وحلَّ بمصر عند سيدة مزارعة تُكنى بأمِّ الغلام ولمَّا عرفت بأنَّه رأس الإمام الحسين عليه السلام قامت بتجليله وشاع خبرها، فعلم الجيش الأموي بخبرها، فقررت أنْ تحمي الرأس الشريف برأس غلامها فقامت وذبحته
(34)

وأعطتهم رأس غلامها باسم الرأس الشريف وقد دفنته في حومة مقرها (1).
في الحقيقة ما كنتُ لأتنازل إلى ذكر هذه الأسطورة لولا أنَّ هناك مقاماً معروفاً باسم أمِّ الغلام، وهناك مَن يقدسونه، ويقع مقامها على بعد مائتي متر جنوب غرب المشهد الحسيني، في الزاوية الشمالية الغربية لجامع محمد بن برد بك (2) الذي يعود بناؤه إلى سنة 865 هـ.
وهي عبارة عن ملجأ ينزل تحت الأرض بمقدار ثماني درجات وفيه غرفة تضم جدث فاطمة أم الغلام (3) وعرف الشارع الذي يقع فيه المرقد بشارع أم الغلام المتفرغ عن شارع الأزهر بالجمالية.

ش1265
(168)

لوحة مقام فاطمة بنت الإمام الحسين عليه السلام
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع مشاهد أهل البيت في مصر: ۲۰۷ ـ ۲۰۸.
(۲) محمد بن برد بك: الأشرفي الداوادار المتوفى بعد عام ۸۹۲ هـ، من أمراء عهد الملك الأشرف إينان الشركسي المتوفى سنة 865 هـ، تولى عام ۸۹۲ هـ إمارة الحاج للوفد الشامي، مات في القاهرة ودفن في جامعه.
(3) وفي هذا الملجأ قبر آخر ينسب إلى فاطمة بنت الإمام الحسن عليه السلام وهي في الجهة الغربية بينما مرقد فاطمة أم الغلام يقع على الجهة الشرقية.
(348)

وهذه الأسطورة لا تحتاج إلى الرد لما هي عليه من الوهن، والحديث عنها يُعد أكثر وهناً لأنَّها بنفسها تكشف حالها ولا مجال إلى قبولها بأي شكل من الأشكال، وليس فيها أية كرامة بل فيها الكثير من الإهانة والإساءة لهذا البيت العلوي الشريف، والأوهن من ذلك كلّه في مقام التصحيح أنَّ يقال هذا مرقد السيدة شهربانو ابنة يزدجرد الساساني أم الإمام زين العابدين عليه السلام وزوجة الإمام الحسين عليه السلام (1)، ومن المعروف بين أساطين العلم أن تصحيح الغلط غلط ثانٍ، فمن هوان الدنيا أنْ يُتعامل بالقضايا التاريخية بمثل هذه الأساطير لتصل الأمور إلى هذا الحد من الشهرة، ولعل من قصة أم الغلام تكمن في كرامة حدثت لامرأة التجأت بشفاء ولدها فالله تبارك وتعالى شافاه فأحيوا ذكرها كرامةً لأهل البيت عليهم السلام والله العالم.

ش1267
(169)
مرقد أم الغلام

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع حياتها وتاريخ ولادتها ووفاتها ومدفنها في معجم أنصار الحسين (النساء): 2 / 99 ـ 147.
(349)

ومرقدها عبارة عن صندوق زجاجي وبداخله مثله خشبي عليه مخملٌ أبيض مع تاج يشبه تاج العروس وتحته مكتوب: الله جل جلاله وتحتها: ﴿بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ * وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّـهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّـهِ﴾ (۱)، صدق الله العظيم»، وجاء على الصندوق الزجاجي: «بس الله الرحمان الرحيم، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنَّ محمداً رسول الله، مقام، السيدة فاطمة أم الغلام».
أما الملجأ (القبو) فارتفاعه ۱٫۸۲ متر والعرض ۱٫44 متر والطول حوالي ثلاثة أمتار، وهناك لوحة في قمة المرقد جاء فيها: «بسم الله الرحمان الرحيم، السيدة فاطمة أم الغلام»، هذا والمحافظ على هذا المرقد في الوقت الحاضر هو علاء (۲) الشال (۳).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة الكهف، الآية: ۳۹.
(۲) علاء الشال: هو علاء بن علي بن محمود الشال من مواليد الإسكندرية سنة ۱۳۸۲ هـ، ومن سنة 1415 هـ عين مسؤولاً عن المقام من قبل وزارة الأوقاف.
(۳) تقرير الوفد.
(350)


الخاتمة

 

النتيجة:
بعد نقل هذه الأقوال وتاريخها وقصتها حول الرأس الشريف نصل إلى الأمور التالية:
1 ـ اتحاد بعض الأقوال مع بعضها الآخر (1).
2 ـ بعضٌ منها كان محط الرأس ومقامه وليس بمدفن (۲).
3 ـ إنَّ الرأس دفن في موضع ثم أخذ إلى موضع آخر (۳).
4 ـ إنَّ الرأس استقر بكربلاء على مشهور الإمامية (4) وقد مال إليه آخرون حيث لا دليل على غيره بما يشفي الغليل، وقد قمنا بعرض بعض الدلالات ومن هنا لو حُدد تاريخ كل من الأقوال وسائر الأمور المحتفَّة به لاتضح بأنَّ الرأس كان في تاريخ كذا في هذا المكان ثم انتقل إلى مكان آخر وهذا ما فعلناه.
في الختام نقول ونعم ما قيل في تعدد مواضع الرأس الشريف: «أما رأس البطل فقد راحت البقاع الإسلامية تتنافس ادعاء شرف إيوائه، فيدعي كل منها ان الرأس عندها يعطر أرضها ويبارك حماها، ولكن لا يعرف على
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مثل أنَّه مدفون بباب توما ومقابر المسلمين وعند السور فكلها منطبقة على مكان واحد فإنَّ باب توما هو باب سور المدينة وعنده مقبرة المسلمين.
(2) مثل الحنانة التي وضع فيها رأس الإمام عليه السلام في طريقهم إلى الكوفة كما وضعوه في غيرها من منازل ما بين الكوفة والشام.
(3) مثل ما كان في عسقلان ثم أخذ إلى مصر أو ما نبشه عبد العزيز الأموي وألحقه بالجسد على قول.
(4) مثال ذلك: إنَّ الإمام الصادق عليه السلام لعله لما زار جده أمير المؤمنين عليه السلام مع ابنه إسماعيل كان في الوقت الذي التحق الرأس بجسد أبيه علي عليه السلام وقبله لم يكن هناك.
(351)

وجه اليقين أين هو وذلك أمر يتسق مع حياة البطل ومصيره. فرأس الحسين بكل ما مثله من صمود وعظمة وتضحية لم يعد ملكاً للحسين، ولا ملكاً لجسده، لم يعد ملكاً لأرض دون أرض بل ولا دين دون دين، لقد صار ملكاً للبشرية الراشدة في كل زمان ومكان، صار ملكاً للحق، يرفعه في أوديته العامرة والثائرة لواءً وقدوة، ويملأ بسناه إرادة الحياة عزماً، و ضميرها نوراً، وكذلك صارت رؤوس أهله وصحبه مشاعل فوق طريق الحق والشرف والإيمان» (1).
وفي توجه آخر قال بعض من كتب عن الإمام الحسين عليه السلام والرأس الشريف: «على أي الأحوال فإذا حل الحسين في بقعة صغيرة من بقاع الأرض فقد حلَّ في الوقت ذاته في قلوب آلاف الملايين من المؤمنين الطيبين، وإذا خفيت تلك الرقعة الصغيرة على الباحثين والمؤرخين وحتى على أنصاره ومُحبيه فالقلوب التي احتلها الحسين واتخذته إمامها وقائدها ومثلها الأعلى لا تُخفي حبها وولاءها وتقديسها للحسين وأنصار الحسين ولكلِّ مَن يسير على درب الحسين بفخر واعتزاز، لقد احتل الحسين كلَّ قلب يبتسمُ للحق والخير والعدالة ونصرة الضعيف والمظلوم، ويحقد على الظالمين والطغاة المستبدين والخونة والمنافقين، ويضحي في سبيل الله بنفسه وبكل ما يملك من مال وبنين، وبما أنَّ قلبي من تلك القلوب التي احتلها فإنِّي أقول بفخر واعتزاز للباحثين عن مكانه:
لا تطلبوا رأس الحسيـ ـن بشرقِ أرضٍ أوْ بِغَرْبٍ
ودعوا الجميعَ وعرِّجُوا نحوي فمشهده بِقَلْبي (2)
وقال آخر:
لا تطلبوا رأسَ الحسين فإنَّه لا في حمی ثاو ولا في وادي
لكنَّما صفْوُ الوَلاء يَدُّلُكُم في أنَّهُ المقبورُ وَسْطَ فُؤادي (3)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أبناء الرسول في كربلاء: ۲۰۷.
(۲) سيرة الأئمة الإثني عشر: ۲ / ۸۸ عن كتاب الحسين بن علي عليه السلام، لعلي جلال الحسني: ۱۳۹.
(3) أدب الطف: 3 / ۱۰۷.
(352)

وقلت من مجزوء البسيط الى المخبون في تعدد المقامات باسم الرأس الحسيني الشريف:
إنْ رُمْتَ رأسَ الحُسينِ عاشِقا فاقْصُدْ فؤادي تجدْهُ بارِقَا
لا تَبْحَثوا عَنْهُ مُنذُ فارقا طافوا بقلبي فَظَلَّ عالِقا
بَدْرُ الدُّجى قَدْ سَمَا مشارقا يتلو كتاب الإلهِ صادقا
إنَّ المقامَ الذي لنا رَقَى ما هوْ سوى رِدَّةٍ إلى لِقَا
ما أكثَرُ النَقْلِ جاء عائِقا لكِنْ دليلاً أتاك فائقا
نفسي فِدىً للذي تسابقا للموتِ لَبَّى النِّدا موافِقَا
ذي كعبة نحوها تسامَقَا بل قبلة الكونِ زرْه واثِقَا
ما نَبْضُكَ الحُرُّ جاءَ دافِقَا إلّا بقتلِ الحُسينِ باسِقَا
في مهجتي بهجةٌ بما نَقَى هل رأسهُ والحِجى تَعانَقَا
إذْهَبْ إلى الطفِّ سَلْهُ ناطِقا عَمّا جَرى بالرؤوسِ سابِقَا
وَاذْرِفْ دَماً ساكباً حرائقا ذُخْراً سيبقى مع الفدا تِقا
كمْ مشهدٍ قد بَنَوْهُ شاهِقَا يأتي إليهِ الحَبيبُ شائقا
أينَ القصورُ التي بها شَقى طاغوتُ شامٍ فكانَ فاسِقا
هل لي أرى للقبورِ عافِقَا كلّا ولا ذكرهُمْ لنا وَقَى
هذا هو الفرق لو تصافَقا قُم وارمق الطفَّ والملاحقا
أُمْدُدْ عيوناً تَرَى الحدائقا وَاصْعَدْ تجدْ مَجْدَهُمْ طَوابِقا
باتتْ رياضٌ لكم مرافقا العلمُ فيها يظلُّ رائقا
هُدَّتْ عروشُ العِدى مطارقا فالظلمُ كالجهلِ باتَ زاهِقَا (1)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ديوان سفائن الأمل في الحسين والقُلَل (مخطوط).
(353)


22 ـ فهرس المحتويات والمندرجات
الآيات القرآنية 5
الحديث الشريف 6
مقدمة الناشر 7
استدراك متجدد 9
من متحف الإمام الحسين عليه السلام 31
مستدرك على المشهد الحسيني بدمشق 71
الرأس الشريف ومسار 73
مقام الرأس في بالس (مسكنة) 75
مقام الرأس بالرقة 79
مقام الرأس بالنجف 83
الرأس في البقيع 97
الرأس في المرو 103
الرأس في عسقلان 107
تاريخ المشهد الحسيني في عسقلان 113
الرأس في القاهرة 141
أقوال المؤرخين والكتاب 145
عرفانيات المشهد الحسيني 157
موقع الرأس 165
تطور المشهد الحسيني 169
وصف المشهد 321
أسطورة أم الغلام 347
الخاتمة 351

(489)