تاريخ المراقد الحسين وأهل بيته وأنصاره الجزء السابع

اسم الکتاب : تاريخ المراقد الحسين وأهل بيته وأنصاره الجزء السابع

المؤلف : للعلامة المحقق الشيخ محمد صادق الكرباسي
المطبعة : المركز الحسيني للدراسات لندن ـ المملكة المتحدة

 

 

 

( ) عبد القادر المغربي: هو إبن مصطفى بن أحمد (۱۲۸۳ ـ ۱۳۷5 هـ) فقيه وأديب ولغوي، ولد في اللاذقية ومات في دمشق وهو من أسرة تونسية الأصل، تولی القضاء واشتغل بالصحافة واتصل بالشيخ محمد عبده والشيخ جمال الدين الأفغاني، أسس جريدة البرهان في طرابلس الشام وحرر في جريدة التحرير بدمشق وحرّر في الصحافة المصرية، تولى نيابة رئاسة المجمع العلمي العربي بدمشق کما انتخب عضوا في المجمع العلمي العراقي، من مصنفاته: جمال الدين الأفغاني ذكريات وأحاديث، الاشتقاق والتعريب، وكلمتان في السفور والحجاب.
(2) سبق ونقلنا الحوار الذي دار بين رجل فاطمي الهوى ورجل جاء من العراق إلى مصر حين دخول الرأس الشريف إلى مصر فنقلنا ما له ارتباط بوجود الرأس في عسقلان وبقي أن نذكر نص الحوار عن وصول الرأس إلى مصر.


(174)


ركب مقدًّس يقدم عليهم من نحو بلاد الشام (1)، وكانوا على اختلاف أجناسهم وطوائفهم يظهرون الأسف والحزن ويتأوَّهون من أعماق قلوبهم، وكانت علائم الحزن واللَّوعة بادية على وجوه شيعة الفاطميين وأهل مذهبهم أكثر من ظهورها على الطوائف الأخرى التي كان يتألف من مجموعهم سكان القاهرة لذلك العهد كالأتراك والمغاربة والسودانيين والشاميين والعراقيين الذين ينسبون إلى الدولة العبَّاسية ويدعون إلى مبايعتها في السر.
وكانت زرافات من الناس يمشون في الأسواق وينشدون المراثي والأشعار المحزنة وكنتَ ترى بعض التجار من محبِّي الخير والإحسان يوزعون الصدقات والثياب على الفقراء والمعوزين وبعضهم كان يفرش في حانوته سفرة من أدم (2) ويضع عليها ألوان الطعام والزبادي المفعمة بالأجبان والسلائط، والمخللات والألبان الساذجة والصحاف المترعة بعسل النحل والفطير والخبز المغيَّر لونه بالقصد، ثمَّ يدعو المارة أيا كان جنسهم إلى الأكل، عن روح سید الشهداء ـ الحسين رضي الله عنه ـ وهناك حانوت آخر جمع فيه صاحبه الوعاظ والقراء والشعراء فكانوا يقرأون قصة مصرع الحسين ويندبونه ويعدّدون فضائله ومناقبه ويلعنون قاتليه وشانقیه وقد بلغ الحزن ببعض الشيعة أن كانوا يمشون حفاة ملثمين وعلى غير زيِّهم المعتاد وكنتَ ترى الغيظ والحنق يقطر من وجوههم.
وكانت الشوارع من على الجانبين مرصوفة بالمصاطب والدكك لاسيما الشارع الأعظم المؤدي إلى الجامع الحاكمي (3) وباب الفتوح حيثُ ينتظر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) الشام: أراد الشام الكبرى التي منها فلسطين والمقصود به عسقلان.
(2) أدم: الجلد.
(3) جامع الحاكمي: نسبة إلى الحاكم بأمر الله منصور بن نزار الفاطمي (۳۷5 ـ 4۱۱ هـ) الذي أمر سنة ۳۹۳ هـ بإكمال المسجد الذي بدأ بتشييده سنة ۳۸۰ هـ والده العزيز بالله نزار بن معد الفاطمي (344 ـ 386 هـ) ليكون الثاني بعد جامع الأزهر ترفع فيه خطبة الصلاة ويقع خارج سور القاهرة القديم وتم الانتهاء منه سنة 403 هـ، وفي عام 480 هـ ضمه بدر الجمالي (405 ـ 4۸۷ هـ) إلى أسوار القاهرة الجديدة، وهو مستطيل الشكل مساحته ۱۲۰٫5م × ۱۱۳م فيه أربعة أروقة أكبرها رواق القبلة وفي وسطه صحن مكشوف مساحته ۷۸م × 66م، ومن أسمائه الأخرى: مسجد الخطبة، والجامع الأنور.
(175)


أنْ يمر الموكب المقدس وكنتَ ترى المتفرجين متراصِّين على تلك المصاطب والدكك وهم يتنهَّدون ويتحسَّرون ومنهم قوم يتجادلون حول أيِّ وقتٍ يمكن أنْ يصل فيه الوفد.
ولمَّا بدت طلائع الموكب تظهر تعالت أصوات الدعاء والندب من كل جانب وكان خدم قصر الخليفة يمشون في ثنِيَّات الموكب وعليهم دلائل الاهتمام وإمارات القلق والاضطراب وكانوا ينظرون شزراً إلى مماليك الوزير الصالح ابن رزِّيك الذي كان هو الخليفة إذ ذاك ينتظرون الموكب في المنظرة خارج باب الفتوح.
وكان الوزير ابن رزِّيك سعى في نقل الرأس الشريف من مشهده في عسقلان إلى القاهرة وبنى جامعة خارج باب زويلة (1) وأحب أن يدفن الرأس فيه ليكون له بذلك الشرف والفخار، علی کر الدهور والأعصار، غير أنَّ خدم قصر الخلافة تعصَّبوا وتألَّبوا وأبوا إلَّا أنْ يدفنوا الرأس عندهم في قبة الديلم حيث أحد أبواب القصر الشرقي الكبير، فبنوا له مشهداً ثَمَّةَ ونقلوا إليه الرخام، ليكون الفخر لهم أو لأجل أنْ يظهروا للملأ أنَّ قصر الخلافة لم تزل فيه بقية من الإدارة والسلطة والإختيار (2).
وسأل العراقي الرجل الفاطميَّ عن الغالب في ذلك فقال: «لا أرها إلَّا لأولئك الخدم ومن إلتَفَّ حولهم من العامة لأن المسألة مهما كانت عظيمة لا تتعدى أنها دينية وهؤلاء السياسيون ـ ومنهم إبن رزِّیك ـ إنما يهمهم القبض على أزمة شؤون المملكة وأنْ تخلصَ السلطة لهم، فهو يدع للعامة والخدم والخصيان جميع الأضرحة والأولياء وكل ماله تعلق بالمملكة الباطنية إذا كانوا يدعون له الاستبداد بالمملكة الظاهرية (3) على أنَّه إذا لم يتيسَّر للوزير الظفرُ بهذه المنقبة منقبة دفن الرأس الشريف في جامعه، فإنَّه فاز بمنقبة أسمى منها أعني أنَّه كان السبب في نقل الرأس من مشهد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) باب زويلة: هو بوابة المتولي، وهو أكبر أبواب القاهرة يقع على رأس شارع المعز من الناحية القبلية لسور القاهرة بناه بدر الجمالي سنة 485 هـ، ويقع عنده جامع الملك المؤيد وجامع الصالح طلائع.
(2) راجع أيضاً نسمة السحر: 1 / 246.
(3) أراد بالباطن سيطرة ابن رزِّیك وبالظاهر حكومة الفائز الفاطمي.
(176)


عسقلان إلى القاهرة فقد مضى على بناء مشهد عسقلان ووضع الرأس فيه زهاء خمسين سنة (1)، وهي المدة ما بين الأفضل بن أمير الجيوش ووزيرنا الحالي الصالح ابن رزِّيك، ولمَّا رأى هذا استفحال أمر الصليبيين وتمكُّنهم من فلسطين ومدن الساحل، اشفق على مشهد الحسين في عسقلان من أذاهم وعبث يدهم فأرسل وفداً من العلماء والنقباء والقضاة والشهود إلى عسقلان وأمرهم أنْ يتحققوا من مكان المشهد واستقرار الرأس الشريف فيه ثم ينقلوه باحترام إلى القاهرة، وقد فعلوا ما أمرهم به، وهذا هو اليوم المشهود الذي يُصلون فيه».
وكان في مقدمة الموكب الأمير سيف المملكة تميم والي عسقلان وكان يمشي بين يدي الرأس الكريم أيضاً مشارف (2) عسقلان القاضي المؤتمن بن مسکین ثم قدم الأستاذ مكنون (3) بالرأس وأنزله بستان الكافوري ثم حمل في السرداب إلى قصر الزمرد ثم دفن عند قُبَّة الديلم بباب دهليز الخدمة ـ حيث مكانه في المشهد الحسيني اليوم ـ فكان كل من يدخل من الخدمة يُقبِّلُ الأرض أمام القبر، وكانوا ـ أي الفاطميون وشيعتهم ـ ينحرون في يوم عاشوراء عند القبر الإبل والبقر والغنم ویکثرون النوح والبكاء ويسبُّون من قتل الحسين ولم يزالوا على ذلك حتى زالت دولتهم (4).
ويذكر التيجاني: وكان استقرار الرأس الشريف في القصر يوم الثلاثاء العاشر من جمادى الآخرة (5).
ويُذكر أنَّ الناس مشوا حفاة من مدينة غزَّة إلى مصر تعظيماً له (6).
في 10 / 6 / 548 هـ يوم الثلاثاء وضع الرأس في القصر الفاطمي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) حسب بعض الأقوال التي سبقت.
(2) مشارف: أراد أشراف عسقلان.
(3) أراد الخادم مكنون.
(4) مجلة الزهراء القاهرية العدد: 1 / السنة: ۲ / الصفحة: ۲6 / التاريخ: 15 / محرم / 1344 هـ من كتاب البينات للشيخ عبد القادر المغربي: 1 / ۹ فصل يوم في القاهرة.
(5) نسمة السحر: ۱ / ۲46 وفيه: «يذكر أنَّ هذا الرأس لما أُخرج من عسقلان من المشهد وجد دمه لم يجف وله ریح كريح المسك».
(6) هامش کشف المحجوب للهجويري: ۲۷۷.
(177)


المعروف قصر الزمرُّد ثم نقل إلى مسجد موسی، وهناك من يقول: إنَّ الرأس بقي مدفوناً في قصر الزمرد عاماً ثم نقل إلى قصر الديلم الذي فيه اليوم (1).
في سنة 549 هـ نقل الرأس من مسجد موسی ودفن في المشهد المعروف إلى اليوم والذي بني بجوار القصر الفاطمي خصِّيصاً لهذه الغاية وكان قد تولى ابن رزِّيك الإشراف على هذا البناء أيضاً كما يفهم من بعض النصوص حيث ورد: «الجامع الصالحي بناه الصالح طلائع بن رزِّيك وزير الفائز والعامة من الفاطميين خارج باب زُويلة، بقصد نقل رأس الحسين عليه السلام من عسقلان إليه، عند خوف هجوم الفرنج عليها، فلما فرغ منه لم يُمكِّنْه الفائز من ذلك وابتنى له المشهد المعروف بمشهد الحسين بجوار القصر ونقله إليه في سنة تسع وأربعين وخمسمائة وبنی به صهريجاً وجعل له ساقية تنقل الماء إليه من الخليج أيام النيل على القرب من باب الخرق» (2).
ويضيف قائلاً: وممَّا هو داخل في حدود القصر مشهد الحسين (3) وعرف باب الديلم بباب مشهد الحسين (4) ووُضع فيما بعد على موضع الرأس صندوقٌ خشبيٌ أبعاده كالتالي: ۱٫۸5 × ۱٬۳۲ × ۱٫۳5 متر، وهو مصنوع من الساج الهندي مكون من حشوات مُجمَّعة، زُخرفت كلُّ حشوة منها على حدة قبل تجميعها، وزخارف هذه الحشوات تجمع بين زخارف نباتية وأخرى هندسية وكتابية، وكلها محفورة حفراً عميقاً وبارزاً حتى يظهر وكأنَّ أرضيته مفرغة والوحدات الهندسية تحتوي على عناصر نباتية وتُحيط بالوحدات أشرطة كتابية بعضها بالخط الكوفي المزهر والآخر بالخط النسخي الذي ظهر في مصر في آخر العصر الفاطمي (5) وسنأتي على بعض التفاصيل وصورتها لدى حديثنا عن سنة ۱۳۲۱ هـ حيث وضع في هذا التاريخ في متحف الفن الإسلامي في القاهرة.
ويُذكر أن الرأس وُضع في خزف نصف دائري بقياس الرأس على شكل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) راجع مُخلفات الرسول في المسجد الحسيني: 45.
(2) راجع صبح الأعشى: ۳ / ۳6۲.
(3) راجع صبح الأعشى: ۳ / ۳4۷.
(4) راجع صبح الأعشى: ۳ / 346.
(5) راجع مخلفات الرسول في المسجد الحسيني: ۱۳۸.
(178)


قحف مطلي بمواد الميناء وعليه نقوش نباتية وعليه أيضاً ما يشبه رأي الرمح كتب في أعلى الزخارف في الجانب الأيمن «یا حسين» وعلى جانبه الأيسر «یا ألله»، واليوم موجود في متحف الفن الإسلامي بالقاهرة برقم «22614» وقد أُثبت على لوحة خشبية علق على الجدار كما يُلاحظ في الصورة التالية (1)، وربما هو الذي يُعبر عنه بالسفط الذي وضع فيه الرأس والذي حمل فيه الرأس من عسقلان إلى القاهرة، وإلى هذا أشارت القناة المصرية الفضائية (2).

ش1170
(73)179

الآنية الخزفية موضع الرأس الحسيني في متحف الفن الإسلامي (القاهرة)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) ومن المؤسف فقد كتبت العبارة التالية في المتحف للتعريف بهذه القطعة الأثرية: حديبة، القرن ۱۱ هـ / ۱۷ م، العصر العثماني، تركيا، خزف، رقم التسجيل: 22614، یزدان هذا المركب الزخرفي في المجموعة المعمارية بزخارف أرابيسك وبنقشتین لأدعية إلى الله، وإلى الحسين حفيد الرسول محمد، وكان جزءاً من مجموعة نقشت عليها سلسلة أدعية للحسن شقيق الحسين والخلفاء الأربعة الأول المعتمدين عند المسلمين السنة» هذا ما ورد ولكن القطعة الأثرية لا تتطابق مع ما كتب.
(2) قناة الفضائية المصرية يوم الثلاثاء: 18 / 10 / 1994 م وسنأتي على نصِّه.
(179)


سنة 555 هـ (1) كانت سنة الانتهاء من بناء جامع الصالح (2) بظاهر باب زويلة لأجل مدفن الرأس، ووجدتُ من المناسب نقل ما ورد في هذا الأمر عبر حفریات وروايات ومناقشات لكي تكتمل الصورة: لقد ألقت حفائر عام 1945 م (۱۳64 هـ) مزيداً من الرؤية والوضوح لتدليل ما أورده المقريزي (3) حين ظهرت في النهاية الشرقية للجهة البحرية لجامع الصالح طلائع بقيا أبنية كانت تقع خلف منزل ودکان ظهرا بعد هدمهما، وتبين من فحصها أنَّها تماثل أبنية الواجهة البحرية وتعد امتداداً معمارياً لها. وظهر فيها باب كبير الحجم يحتوي على نقوش وكتابات كوفية، وذلك المدخل يوصل إلى خلف الجدار الشرقي وأسفله فجوة كبيرة لها عتب كما يوجد في أبوات الدكاكين، وبأعلى واجهتهما جدار حجري تعلوه من بداية الجهة الشرقية للمسجد داخل أفريز صغير كتابة كوفية نصها: ﴿بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ * فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّـهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ﴾، حتى قوله تعالى ﴿يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ﴾ (4) أمر بإنشاء هذا المسجد المبارك فتى (5) مولانا وسیدنا عبد الله أبو محمد (6) ..، ثم انتهت الكتابة عند فتحة الباب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) جاء في بعض المصادر أنه انتهي من بناء المسجد سنة 553 هـ.
(2) راجع مخلفات الرسول: ۳5 عن الجوهر الثمين: ۱ / 4۸.
(3) ما ذكره المقريزي المتوفى سنة ۸45 هـ هو القول بأنَّ الطلائع بن رزِّيك بنی جامع الصالح لأجل أنْ يدفن فيه رأس الحسين عليه السلام وقد سبقت مقولته ونعيدها ليتضح الأمر: إنَّ الصالح طلائع بن رزِّيك بنى للرأس مسجداً خارج باب زويلة من ناحية الدرب الأحمر المعروف بجامع الصالح طلائع، وانه حين كشف الحجب من هذه الذخيرة النبوية وجد أن دماءه لم تجف بعدُ، وذات ريح طيب من المسك نقل مع ألواح خشبته من المسجد، ويعلق الناقل: على أنَّ المبالغة في رواية المقريزي لا تلغي القول بأنَّ ثمة رأس غُسِّل بالمسجد ومن الراجح أنَّه رأس الحسين عليه السلام، راجع المسجد النبوي الشريف ومزارات أهل البيت: 67.
(4) سورة النور، الآيتان: ۳6 و۳۷، وهما: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّـهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّـهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ﴾.
(5) فتى: ويعني طلائع بن رزِّيك الأرمني.
(6) عبد الله أبو محمد: هو العاضد لدين الله عبد الله بن يوسف بن عبد المجيد (546 ـ 567 هـ) تولى الحكم بعد وفاة الفائز لدين الله سنة 550 هـ و به انتهت الدولة =
(180)


وفي الواجهة البحرية كتابة كوفية أيضاً داخل افريز أكبر مما سبق تشتمل على اسم الحسن والحسين وقوله تعالى: ﴿رَحْمَةُ اللَّـهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ﴾ (1). وحول العتبة كتب قوله تعالى: ﴿بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ * ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ * وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ * لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ﴾ (2).
ويُعلق المصدر قائلاً: «تلك الآيات الكريمة لا تكتب عادة الَّا بداخل المدافن ممَّا يرجح صدق رواية المقريزي في رأي المرحوم حسن عبد الوهاب (3) وأنَّ هذه الكتابات كانت تخص المشهد الذي بناه طلائع لمثوى رأس الحسين خاصة أنَّ تصميم المساجد الفاطمية لم يكن ليشتمل على مدافن ممَّا يُفسر تشييدَ المشهد بجوار المسجد وأنَّ ما وجد فيه فهو بقاياه، ويُدلل على رأيه بأنَّ آية ﴿ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ﴾ (4) تكتب على مداخل المدافن وأنَّ ما أورده ابن دُقماق (5) من أنَّ الصالح طلائع بنی جامع الصالح بظاهر باب زويلة، وبنی مشهد الحسين عليه السلام سنة 553 هـ، وإنَّ هذا القول في رأي المرحوم حسن عبد الوهاب ينطبق على هذا المشهد وإنْ كانت الصلة بين المسجد والمشهد قد ضاعت معالمها الآن بسبب عمل الخندق الشرقي وتجديد أغلب الجدار الشرقي الذي كان يوصل للمشهد.
ولعل على ضوء ما تقدم من إصرار الخليفة الفائز على دفن الرأس بداخل القصر وعمل طلائع بهذا الأمر قد يُؤكد أنَّ الرأس الشريف دفن بالمشهد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= العبيدية الفاطمية وخطب سنة 567 باسم المستضيء بأمر الله الحسن بن يوسف العباسي (536 ـ 575 هـ).
( ) سورة هود، الآية: ۷۳.
(2) سورة الحجر، الآيات: 46 ـ 48.
(3) حسن عبد الوهاب: (۱۳۱6 ـ ۱۳۸6 هـ) خبير مصري بالآثار الإسلامية والقبطية، كان كبير مفتشي الآثار الإسلامية في الوزارة المصرية، له اکتشافات عدة، من مصنفاته: العمارة في عصر محمد علي، تاريخ الشرطة في العصر الإسلامي، ودليل الطالب لآثار القاهرة.
(4) سورة الحجر، الآية: 46.
(5) ابن دقماق: هو إبراهيم بن محمد بن ایدمر بن دُقماق القاهري (۷50 ـ ۸۰۹ هـ) مؤرخ مصري، ربما كان الوحيد في عصره بالنسبة لمصر، کتب نحو مائتي كتاب في التاريخ، من مؤلفاته: نظم الجمان، الانتصار، والجوهر الثمين.
(181)


الموجود حالياً عام 549 هـ حین بنی له هذا المشهد وذلك بعد أن ظل مدفوناً لمدة عام في قصر الزمرد (1). ويذكر بأنَّه غسل في مسجد الطلائع ثُم نقل عبر نفق أُنشئ ما بين باب زويلة إلى المشهد الحسيني حيث مدفنه الآن (2).
ش1171
(74)
خريطة القاهرة في العهد الفاطمی (3)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) راجع المسجد النبوي الشريف ومزارات أهل البيت: 67 ـ 69.
(2) راجع مشاهد أهل البيت في مصر: ۲۰4 نقلاً عن رواية ابن الظاهر.
(3) مشاهد أهل البيت في مصر: ۲۰6.
(182)


ويظهر ممَّا تبقَّى منَ العمارة الفاطمية هو الباب الأخضر الذي يعلوه وقد عاتق تتخلله حلية بوسطها دائرة مفرغة مزخرفة كما يعلوه جزء من شرفة بديعة، والباب مَبنيٌّ منَ الحجر المفرغ المزخرف ويقع هذا الباب جنوب الضريح وإلى الجنوب الغربي من جدار القبة، ويبلغ طوله 4،92 متر وارتفاعه ۲٫۳۳ متراً (1).
ش1172
(75)183
باب الأخضر الفاطمي في المشهد الحسيني (2)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) راجع المسجد النبوي الشريف ومزارات أهل البيت: ۸۲.
(2) أُخذت الصورة من كتاب مخلفات الرسول في المسجد النبوي: اللوحة الأولى.
(183)


في سنة 567 هـ عندما استولی صلاح الدين الأيوبي (1) على الحكم في القاهرة أخذ أهل القصر الفاطمي فوشي إليه بخادم له منزلة عند الفاطميين ليدله على خزائن المال. وفي رواية تقي الدين المقریزي حكاية لطيفة عن شرف هذا المشهد وهي: إن السلطان الملك الناصر لمَّا أخذ أهل القصر، وُشِيَ إليه بخادم له قَدْرٌ في الدولة وكان بيده زمام أمور القصر، وقيل إنه يعرف الأموالَ التي بالقصر والدفائن، فأُخِذَ وسُئِل فلم يجب بشيء وتجاهل، فأمر صلاح الدین نوابه بتعذيبه، فأخذه متولي العقوبة فحَلّق رأسه وجعل عليها خنافس (2) وشَدَّ عليها قرمزية، وقيل إن هذه أشَدُّ العقوبات وإن الإنسان لا يطيق الصبر عليها ساعة إلَّا تَثْقُب دماغه وتقتله، فُعِل ذلك به مراراً وهو لا يتأوَّه وتوجد الخنافس ميتة، فعَجَب من ذلك وأحضره وقال له: هذا سِرٌّ فيك لابدَّ أن تُعَرِّفني به؟ قال: والله ما سببُ هذا إلَّا أني لما وَصَلَت رأس الإمام الحسين حملتها، قال: وأي سبب أعظم من هذا فراجع في شأنه وعفي عنه (3).
في سنة 567 هـ جلس بهاء الدين الدمشقي في المشهد الحسيني للتدريس (4) وكان بأمر صلاح الدين الأيوبي، وكان الدمشقي يجلس للتدريس عند المحراب الذي الضريح خلفه (5) وجاء في بعض المصادر أنَّ المدرسة حلَّ محلَّها مسجد الحسين عليه السلام (6).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) صلاح الدين الأيوبي: مضت ترجمته.
(2) الخنافس: حيوانات مفصليات الأرجل تُصنَّف ضمن الحشرات، وهي تضم نحو 40 في المائة من مجموع الحشرات في الأرض، والخنافس على أنواع النافع والمفيد، والبعض منها يتغذى على الحشرات واليرقات والبعض الآخر على النباتات وأخطرها التي تتغذى على الهوام وهي قاتلة، والخنفس وهو الكبير من الخنافس وهي دويبة سوداء وأشدها وقعاً الحمراء منها.
(3) المواعظ والاعتبار في ذكر الخطط والآثار: ۳۲۱، نور الأبصار: ۲۳۷، الإتحاف بحب الأشراف: ۷۹.
(4) هامش المواعظ والاعتبار: ۳۱.
(5) المواعظ والاعتبار: ۳۱۳.
(6) راجع المسجد النبوي الشريف ومزارات أهل البيت: ۷۱ عن تاريخ المساجد الأثرية في القاهرة: ۸4.
(184)


في سنة 574 هـ حسب الظاهر صُنع صندوق المشهد الحسيني السابق الذكر والذي نقل في سنة ۱۳۲۱ هـ إلى متحف الفن الإسلامي في القاهرة وذلك لأنَّ الرطوبة بدأت تؤثر فيه فأُصلح ورمم ونُقل إلى المتحف، وعلى أيِّ حالٍ فإنَّه مصنوع من الساج الهندي له ثلاثة جوانب أمَّا الجانب الآخر فكان ملاصقاً للحائط وسطحه مسطح وأبعاده كالتالي: ۱٫85 × ۱٫۳2 × ۱٫۳5 متر وقد نقشت بأشكال هندسية متنوعة كالنجوم سداسية الرؤوس، وهي كالشكل التالي: قائم على ستة أعمدة (أرجل) قصيرة لا تتجاوز خمسة سنتمترات وتعد هذه الأعمدة الستة ركائز هذا الصندوق، فالجانب الأيمن والجانب الأيسر متماثلان وهما من العرض بينما الجانب الآخر هو الطول.
فالطول والذي هو الجانب الأمامي فيه كتيبة حزامية تحيط بمحيط هذا الجانب ثم يقسم هذا الجانب إلى قسمين القسم العلوي والذي يعادل حوالي ثلث المساحة بينما يعطي الجانب السفليي ثلثي المساحة وقد جاءت كتيبة عريضة في أعلاه ثم جاء تحته إطار محاط بكتيبة واحدة على اليمين وأخرى على الشمال بينما هناك إطار آخر عرضه إلى الأعلى وطوله إلى الجانبين بخلاف الإطارين الأيمن والأيسر وقد أُحيط كل من هذه الأطر الثلاثة بكتيبة بينما جاءت في الوسط النقوش المزخرفة وكلُّها محفورة.
وأما القسم السفلي (الثلثان) ففيه كتيبة محاطة به من الجوانب الأربعة وفي داخلها ثلاثة مستطيلات متساوية عرضها إلى الأعلى والأسفل وطولها إلى الجانبين وكل واحدة منها محاطة بكتيبة وفي وسطها نقوش وزخارف، ولا يخفى أنَّ بين هذه المستطيلات الثلاثة يوجد عمود من الكتابة أيضاً.
وأمَّا عرض الصندوق فهو يشبه من حيث نوع الخط والنقوش الطول ومحاط بكتيبة من جميع الجوانب بالجانب الطولي له (الأمامي) إلا أنَّ الثلث الفوقاني قطعة واحدة وبالأسلوب نفسه، والثلثان الأسفلان فيهما مستطيلان بدل الثلاثة وعلى النسق نفسه، وحتى تتبيَّن الكتابات وتتضح الصورة فقد رسمنا الصندوق وأثبتنا كتاباته فيه ليسهل على القارئ دَرکها.
(185)

ش1173
(76)

واجهة (الطول) صندوق المشهد الحسيني في القاهرة
(186)


ش1174
(77)187

الجهة اليمنى (العرض) لصندوق المشهد الحسيني

ش1175
(78)

الجهة اليسرى (العرض) لصندوق المشهد الحسيني
(187)


ش1176
(79)

الخزرجي يتابع تفاصيل صندوق المشهد الحسيني في متحف الفن الإسلامي بالقاهرة

ش1177
(80)188 2

صندوق المشهد الحسيني في متحف الفن الإسلامي بالقاهرة
(188)


ش1178
(81)
مخطط الجهة اليمنى (العرض) للصندوق بكتاباتها (1)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) كتابات الجهة اليمنى للصندوق بالأرقام حسب التسلسل التالي:
١ ـ سورة البينة، الآية: 6.
٢ ـ سورة البينة، الآية: 7.
٣ ـ سورة الأحزاب، الآية: 41.
4 ـ سورة الأحزاب، الآية: 42.
5 ـ سورة الأحزاب، الآية: 43.
6 ـ سورة الأحزاب، الآية: 44.
7 ـ سورة الأحزاب، الآية: 44.
8 ـ سورة الأحزاب، الآية: 45.
9 ـ سورة هود، الآية: 73.
10 ـ سورة آل عمران، الآية: ۱۹0.
11 ـ سورة آل عمران، الآية: ۱۹1.
۱۲ ـ سورة آل عمران، الآية: ۱۹۱.
۱۳ - سورة آل عمران، الآية: 164.
14 ـ سورة آل عمران، الآية: 169.
15 ـ سورة آل عمران، الآية: ۱۷۰.
16 ـ سورة آل عمران، الآية: ۱۷۱.
۱۷ ـ سورة آل عمران، الآية: ۱۸۹.
18 ـ سورة آل عمران، الآية: ۱۱۰.
19 ـ سورة آل عمران، الآية: ۱۳۳.
۲۰ ـ سورة آل عمران، الآية: ۱۳۳.
۲۱ ـ سورة آل عمران، الآية: ۱۳4.
(189)

ش1179
(82)

مخطط الجهة الأمامية (الطول) للصندوق بكتاباتها (1)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) كتابات الجهة الأمامية للصندوق بالأرقام حسب التسلسل التالي:
١ ـ سورة النمل، الآية: ۳۰.
2 ـ سورة هود: الآية: 73.
3 ـ سورة هود: الآية: 73.
4 ـ سورة الأحزاب: الآية: 33.
(190)


ش1180
(83)

مخطط الجهة الأمامية (الطول) للصندوق مفرغ من الكتابات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
5 ـ سورة المائدة، الآية: 55.
6 ـ سورة البقرة، الآية: ۲55.
٧ ـ سورة البقرة، الآية: ۲55.
٨ ـ سورة البقرة، الآية: ۲55.
9 ـ سورة البقرة، الآية: ۲55.
۱۰ ـ سورة البقرة، الآية: ۲55.
11 ـ سورة البقرة، الآية: ۲56. ولا يخفى أنَّ «في» ساقطة في الكتيبة.
۱۲ ـ سورة الشورى، الآية: ۲۲.
13 ـ سورة الزمر، الآية: 74.
14 ـ سورة النور، الآية: ۳5.
15 ـ سورة الأعراف، الآية: ۲۰۱.
16 ـ سورة الأعراف، الآية: ۲۰۲.
۱۷ ـ سورة الأعراف، الآية: ۲۰۳.
18 ـ سورة الأعراف، الآية: ۲۰۳.
19 ـ سورة الأعراف، الآية: ۲۰۳.
۲۰ ـ سورة التوبة، الآية: ۱۸.
۲۱ ـ سورة التوبة، الآية: ۱۸.
۲۲ ـ سورة التوبة، الآية: 19.
۲۳ ـ سورة التوبة، الآية: 16.
۲4 ـ سورة التوبة، الآية: ۲۰.
۲5 ـ سورة التوبة، الآية: ۲۰.
۲6 ـ سورة التوبة، الآية: ۲۱.
۲۷ ـ سورة التوبة، الآية: ۲۲.
۲۸ ـ سورة الإنفطار، الآية: ۱۹.
۲۹ ـ سورة الأعراف، الآية: 54.
۳۰ ـ سورة التوبة، الآية: ۱۲۸.
۳۱ ـ سورة التوبة، الآية: ۱۲۹.
(191)


ش1181
(84)
مخطط الجهة اليسرى (العرض) للصندوق بكتاباتها (1)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) كتابات الجهة اليسرى للصندوق بالأرقام حسب التسلسل التالي:
1 ـ سورة الفرقان، الآية: 74.
٢ ـ سورة آل عمران، الآية: 6۸.
٣ ـ سورة الشورى، الآية: ۲۲.
4 ـ سورة الشورى، الآية: ۲۳.
٥ ـ سورة آل عمران، الآية: ۹6.
6 ـ سورة آل عمران، الآية: ۹۷.
7 ـ سورة آل عمران، الآية: ۹۷.
٨ ـ سورة الفجر، الآية: ۲۷.
9 ـ سورة الفجر، الآية: ۲۸.
۱۰ ـ سورة الفجر، الآية: ۲۹.
۱۱ ـ سورة الفجر، الآية: 3.
12 ـ سورة البينة، الآية: 7.
13 ـ سورة البينة، الآية 8.
14 ـ سورة البينة، الآية 9.
15 ـ سورة التوبة، الآية 111.
16 ـ سورة التوبة، الآية 111.
17 ـ سورة التوبة، الآية 113.
18 ـ سورة التوبة، الآية 112.
19 ـ سورة هود، الآية 73.
20 ـ سورة الشورى، الآية: 22.
21 ـ سورة الشورى، الآية: 22.
۲۲ ـ سورة الشورى، الآية: ۲۳.
(192)


ش1182
(85)
نقشة هندسية محفورة في جانبي الصندوق قمنا ببیان حركة سيرها

ش1183
(86)193 2
نقشة هندسية تخطيطية في جانبي الصندوق قمنا ببيان حركة سيرها
(193)


ش1184
(87)
مقطع بديع من نقشة لواجهة الصندوق
ش1185
(88)194 2
مقطع لأشكال في واجهة الصندوق هندسية تحتوي على كتابات كوفية
ش1186
(89)
مقطع تخطيطي لأشكال في واجهة الصندوق (1)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) الرسوم التخطيطية من عمل المهندس هاشم الصابري.
(194)


ش1187
(90)
كتيبة بخط کوفي مشجر من واجهة الصندوق
• في ربيع الأول سنة 580 هـ (1) زار الرحالة ابن جبير المشهد الحسيني بالقاهرة فوصفه بالتالي: «المشهد العظيم الشأن الذي بمدينة القاهرة حيث رأس الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما وهو في تابوت (2) فضة مدفون تحت الأرض قد بُني عليه بنیانٌ حفيلٌ يقصر الوصف عنه ولا يحيط الإدراك به، مجلّلٌ بأنواع الديباج، محفوفٌ بأمثال العمد الكبار شمعاً أبيض ومنه ما هو دون ذلك، قد وضع أكثرها في أتوار (3) فضّة خالصة ومنها مذهَّبة، وعلّقت عليه قناديل فضّة، وحلَّ أعلاه كلّه بأمثال التفافيح (4) ذهباً في مصنع شبيه الرَّوضة، يقيد الأبصار حسناً وجمالاً، فيه من أنواع الرّخام المجزَّع الغريب الصنعة البديع الترصيع ما لا يتخيَّله المتخيَّلون، ولا يحقّ (5) أدنى وصفه الواصفون، والمدخل إلى هذه الرّوضة على مسجد على مثالها في التأنّق والغرابة، حيطانه كلّها رخامٌ على الصفة المذكورة، وعن يمين الرّوضة المذكورة وشمالها بنیانٌ من كليهما المدخل إليها وهما أيضاً على تلك الصفة بعينها، والأستار
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) جاء في بعض المصادر أنَّه وصل القاهرة سنة 5۷۸ هـ ولكن الموجود في رحلته ما أوردناه.
(2) نقلت قناة المصرية (الفضائية) في الساعة: 50,10 من نهار الثلاثاء: 18 / 10 / 1994 م: إنَّ التابوت (الصندوق) الذي حمل فيه الفاطميون رأس الحسين عليه السلام من عسقلان إلى القاهرة موجود بالمتحف في القاهرة، والظاهر أنه أراد به الخزف الذي سبق وأوردنا صورته، ويُستبعد أنه أراد بذلك الصندوق الخشبي.
(3) أتوار: جمع التور وهو إناء يُصنع من الصفر (النحاس) أو الحجر أو شيء آخر.
(4) التفافيح: جمع التفاح، أي أنَّها كانت على شكل التفاح.
(5) حقَّ الخبر أو الشيء: وقف على حقيقته.
(195)