تاريخ المراقد الحسين وأهل بيته وأنصاره الجزء السابع

اسم الکتاب : تاريخ المراقد الحسين وأهل بيته وأنصاره الجزء السابع

المؤلف : للعلامة المحقق الشيخ محمد صادق الكرباسي
المطبعة : المركز الحسيني للدراسات لندن ـ المملكة المتحدة

 

 


كان الصّالح طلائع بن رزِّيك لما خيف على مَشْهَد الإمام الحسين، صلوات الله عليه، إذ كان بعَسْقَلان من هَجْمَة الفِرَنج وعَزَم على نقله وقد بنى هذا الجامع ـ يعني الجامع المعروف بجامع الصّالح خارج باب زُوَيْلة ـ ليدفنه فيه ويفوز بهذا الفخار، فلما فَرَغَ منه لم يُمَكنه الخليفة من ذلك وقال: لا يكون إلّا داخل القصور الزّاهرة وقد بنى المَشْهَد الموجود الآن ودفن (1) به ونقلوا الرخام إليه وذلك في خلافة الفائز على يد طلائع في سنة تسع وأربعين وخمسمائة (2).
جاء في نور الأبصار: رأس الحسين، والذي عليه طائفة من الصوفية أنَّه بالمشهد القاهري (3).
جاء في الحلل السندسية: كان حمل الرأس من عسقلان إلى القاهرة سنة 548 هـ حيث جاء به الأمير سيف المملكة تميم ومعه القاضي المؤتمن بن مسكين، ووصل الرأس الشريف إلى القصر الفاطمي يوم الثلاثاء العاشر من جمادى الآخرة، وكان طلائع بن رزِّيك كان قد قصد نقل الرأس من عسقلان لمَّا خاف عليه من الإفرنج وبنى جامعه خارج باب زويلة ليدفنه عند قبة الديلم بباب دهليز الخدمة في خلافة الفائز (4) سنة تسع وأربعين وخمسمائة (5).
وجاء في مجلة الكاتب المصرية أنَّ شعب مصر احتضن رؤوساً ثلاثة رأس زيد ابن الإمام زين العابدين عليه السلام ورأس إبراهيم بن عبد الله بن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) جاء في الروضة البهية، الورقة: ۱5۰ أنَّه أفرد له حجرة من القصر وبنى هذا المشهد ـ الآن ـ ودفنه.
(2) المواعظ والاعتبار في ذكر الخطط والآثار: ۲ / ۲۸4، ونقل بعض مقاطعه عن الروضة البهية لابن عبد الظاهر.
(3) نور الأبصار: ۲۳4.
(4) الفائز: هو الفائز بنصر الله أبو القاسم عيسى بن إسماعيل الفاطمي (544 ـ 555 هـ) الثالث عشر من حكام الفاطميين، ولي الحكم سنة 54۹ هـ بعد مقتل أبيه الظافر بالله إسماعيل بن عبد المجيد الفاطمي، ولمّا كان صغيرا فإن طلائع بن رزِّيك كان الحاكم الرسمي، مات صغيرا وتولى من بعده العاضد لدين الله عبد الله بن يوسف بن عبد المجيد الفاطمي.
(5) الحلل السندسية: ۱۷۲.
(150)


الحسن المثنَّى ورأس سيِّد شباب أهل الجنة الحسين بن علي عليه السلام وقد دفن في ضريحه بمشهده الشهير (1).
وجاء في طبقات الأولياء: دفنوا رأس الحسين بن علي عليه السلام ببلاد المشرق ثم رشا عليه طلائع بن رزِّيك بثلاثين ألف دينار ونقله إلى مصر وبنى عليه المشهد الحسيني وخرج هو وعسكره حفاة إلى نحو الصَّالحيَّة (2) مِنْ طريق الشام يتلقون الرأس الشريف ثم وضعه طلائع في كيس من حرير أخضر على كرسي أبنوس وفرشوا تحته المسك والعنبر والطيب قدر وزنها مراراً (3).
وجاء في المنن الكبرى: أخبرني سيدي علي الخواص (4) أنَّ رأس الإمام الحسين رضي الله عنه حقيقة في المشهد الحسيني قريباً من خان الخليلي وأنَّ طلائع بن رزِّيك نائب مصر وضعه في القبر المعروف بالمشهد في كيس من حرير أخضر على كرسي من خشب الأبنوس وفرش تحته المسك والطيب وأنه مشى معه هو وعسكره حفاة من ناحية قطية (5) إلى مصر لما جاءت من بلاد العجم (6) في قصة طويلة (7).
جاء في سيرة الأئمة الإثنى عشر: «روي أنَّ الإفرنج لمَّا غلبوا على
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) مجلة الكاتب المصري: العدد ۲۲۲ ـ ۲۲۳ السنة: 89 التاريخ كانون الأول ۱۹۷۹ م.
(2) الصالحية: بلدة مصرية تابعة لمحافظة الشرقية وتبعد عن القاهرة نحو ۱۱۰ كيلومترات، وتقع شمال غرب الإسماعيلية، وجنوب شرق المنصورة.
(3) نور الأبصار: ۲۳4 عن طبقات الأولياء للشعراني وعنه أيضا الإتحاف بحب الأشراف: ۷5.
(4) علي الخواص: البرلسي المتوفى في القاهرة سنة 949 هـ، وهو أحد أقطاب الصوفية في القرن العاشر الهجري، أخذ التصوف عن الشيخ إبراهيم المتبولي والشيخ بركات الخياط وغيرهما، له «درر الغواص في فتاوى سيد علي الخواص» جمعه تلميذه عبد الوهاب الشعراني لأن الخواص كان لا يجيد القراءة والكتابة، دفن في زاوية أستاذه الشيخ بركات.
(5) القَطْيَة: بفتح أوله وسكون ثانيه وفتح ثالثه من دون تشديد، بلدة مصرية ساحلية تقع في سيناء بين العريش وفرما الساحليتين، والظاهر أنَّ بلدة مسفق هي الفرما أو قريبة منها.
(6) بلاد العجم: ربما قصد بذلك البلاد التي استولى عليها العجم أي الإفرنج وعنى بها عسقلان.
(7) المنن الكبرى: 4۷۸ وعنه نور الأبصار: ۲۳4.
(151)


عسقلان افتدى الصالح طلائع رأس الإمام الحسين بمال جزيل ومشى إلى لقائه عدة مراحل ووضعه في كيس من حرير أخضر على كرسي من خشب الأبنوس وفرش تحته المسك والطيب وبنى عليه المشهد الحسيني المعروف بالقاهرة بالقرب من خان الخليلي (1).
جاء في أعيان الشيعة: بعد نقله أقوالاً ستَّة في مدفن الرأس الشريف: «السابع: إنَّه بمصر نقله الخلفاء الفاطميون من باب الفراديس إلى عسقلان ثم نقلوه إلى القاهرة وله فيها مشهد عظيم يُزار، نقله سبط ابن الجوزي». ثم يعلق السيد الأمين (2) على كلام السبط ابن الجوزي قائلاً: «أقول: حكى غير واحد من المؤرخين أن الخليفة الفاطمي بمصر أرسل إلى عسقلان وهي بين مصر والشام فاستخرج رأساً قال انه رأس الحسين عليه السلام وجيء به إلى مصر فدفن فيها في المشهد المعروف الآن وهو مشهد مُعظم يزار وإلى جانبه مسجد عظيم رأيته في سنة ۱۳۲۱ هـ (3) والمصريُّون يتوافدون إلى زيارته أفواجاً رجالاً ونساءً ويدعون ويتضرَّعون عنده». ويتابع قائلاً: «وأخْذُ الفاطميين لذلك الرأس من عسقلان ودفنه بمصر لا ريب فيه لكن الشكَّ في كونه رأس الحسين عليه السلام». ثم يقول: «وهذه الوجوه الأربعة الأخيرة (4) كلُّها من روايات أهل السنَّة وأقوالهم الخاصَّة والله أعلم» (5).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) سيرة الأئمة الإثني عشر: ۲ / ۸4، وفي الصفحة التالية للمصدر ما نصه: «ويبدو من المعنيين بتحقيق هذه الأمور أن الرأس الشريف مر بمرحلتين حتى استقر في القاهرة إذا صح انه فيها، الأولى أنَّه دفن أولاً في دمشق في مكان قريب من باب الفراديس بأمر من يزيد بن معاوية، أو أنَّه وجد في خزائنه فأخذ منها ودفن.
(2) الأمين: هو محسن بن عبد الكريم العاملي (۱۲۸4 ـ ۱۳۷۱ هـ) ولد في شقراء لبنان ومات في دمشق ودفن في الصحن الزينبي، من أعلام الإمامية درس في مسقط رأسه وانتقل إلى النجف فدرس على علمائها، ثم انتقل إلى دمشق فأسس فيها عدداً من المشاريع القائمة إلى يومنا هذا منها المدرسة المحسنية، من مصنفاته: أعيان الشيعة، الرحيق المختوم في المنثور والمنظوم، وشرح ايساغوجي.
(3) وقد بنى صلاح الدين مدرسة القاهرة في جوار مشهد الحسين عليه السلام كما في وفيات الأعيان: 7 / 206.
(4) الأقوال الأربعة الأخيرة هي: القول الرابع والخامس والسادس والسابع: المدينة ،دمشق، رقة، القاهرة. وأما الأقوال الثلاثة الأولى هي الأول والثاني والثالث، النجف، کربلاء، ظهر الكوفة.
(5) أعيان الشيعة: ۱ / 6۲۷.
(152)


جاء في مقتل الإمام الحسين لبحر العلوم: فمن قائل بأنَّ العقيلة زينب عليها السلام دفنته هناك ـ في القاهرة ـ كما في دائرة المعارف الحديثة (1).
جاء في نور الأبصار: إنَّ طلائع بن رزِّيك قد نقل الرأس الشريف من عسقلان وبنى جامعه خارج باب زويلة ليدفنه به ويفوز بها الفخار فغلبه أما القصر على ذلك فقالوا لا يكون ذلك إلا عندنا فعمدوا إلى هذا المكان وبنوه له ونقلوا إليه الرخام وذلك في خلافة الفائز على يد طلائع في سنة تسع وأربعين وخمسمائة (2).
جاء في مثير الأحزان (3): وحدثني جماعة من أهل مصر أنَّ مشهد الرأس عندهم يُسمُّونه مشهد الكريم، عليه من الذهب شيء كثير يقصدونه في المواسم ويزورونه ويزعمون أنَّه مدفون هناك (4).
جاء في رأس الحسين (5) إنكار ذريع لوجود الرأس في مصر، ويرى أنَّ الرأس حُمِلَ إلى المدينة ودفن بالبقيع وينسب المشهد القاهري إلى أنَّه قبر نصراني حيث يقول: «كان من الشيوخ المشهورين بالعلم والدين بالقاهرة من ذكروا عنه أنَّه قال: هو قبرُ نَصرانيّ» (6)، ونقل مصدر عن ابن تيمية أنَّه يقول: «إنَّه رأس يهودي بمصر وذلك في سرده لتأريخ الرأس: «ولو علم ابن تيمية وهو خصم الحسين الأخصم بذلك لتاب إلى الله من قوله: إنَّه رأس يهودي بمصر سامحه الله وبصَّر السائرين على منهجه» (7)، إلا أنَّني لم أجد في كتابه رأس الحسين نسبة الرأس إلى يهودي نعم نسبه إلى نصراني كما سبق وأوردنا النص، ولكن هنا يجب التوقف عند طرح
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) مقتل الحسين البحر العلوم: 4۷۱ عن دائرة المعارف الحديثة: ۱5۲، وهذا قول غريب.
(2) نور الأبصار: ۲۳6.
(3) مثير الأحزان لابن نما جعفر بن محمد الحلي المتوفى سنة 680 هـ.
(4) مثير الأحزان: 106.
(5) رأس الحسين كتاب أعده السيد الجميلي من مجموع الفتاوى لابن تيمية ليصبح كراساً خاصاً لابن تيميَّة.
(6) رأس الحسين: ۱۹۰.
(7) رأس الإمام الحسين بمشهده بالقاهرة تحقيقاً مؤكداً حاسماً: 6.
(153)


ابن تيمية غير المتوازن موضوعيا في حكمه في مجمل النصوص الروائية الرجالية والتاريخية وبخاصة ما يتعلق بأهل البيت عليهم السلام وعلى وجه التحديد الإمام الحسين عليه السلام ومن ذلك مسألة الرأس الشريف، ومن الغريب أنَّه يُعدُّ من العلماء فإنَّ كلامه كلام الجاهل المتحامل الذي لا يعرف من الموضوعية شيئاً ولا يمتُّ إلى التحقيق أبداً، فإنَّ غاية ما يستدل به هو الإنكار وبأنَّ هذا كذب وزندقة وأنَّ هذا غير صحيح وينقل عن مجهولين ويعتمد على مقولة البعض دون ذكر اسمه، يحاول الدفاع عن بني أميَّه دفاع المستميت وكأنَّه يعيش عهدهم وفي أروقتهم حتى كان يُقدِّس يزيداً ويجعله إمامَ حق وصاحبَ مروءة، فإنَّ مَن مِثْلُه لا يستحق بأنْ يكون له ذكرٌ فكيف يصنف في مصاف أهل العلم إذ لم نجد منه ما يبتنى على العقل ولا على العلم، بل وكأنَّه لم يعرف قواعد المناظرة والاحتجاج ولا أسلوب الجرح والتعديل عند أرباب الحديث، ولا يتمكن من ربط الآيات بعضها بالبعض الآخر فكيف به أنْ يُوفق الأحاديث مع الآيات، إنَّه نقّال للأحاديث ومفسرٌ لها بالذي يشاء ويختارها حسب تلك المباني الانحرافية التي اختارها لنفسه ولا يهتم بغيرها وأقوى دليل عنده رميها بأنَّها غير صحيحة ويدَّعي التواتر ما ليس بمتواتر وينسف المتواتر فيما اتفق الفرقاء جميعاً على تواتره، ويصنع من كيسه الإجماع، وينقض من كيسه الآخر الاجماعات، فإذا كان ينكر أنَّ الرأس دُفن بالقاهرة فليرد ذلك بدليل كما فعلنا وفعل آخرون ولكنه ليس برجل أخلاق وعلم وهذا مما ابتليت به الأمَّة ولا حول ولا قوة إلَّا بالله العلي العظيم وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
هذا وهناك ثلة من العلماء والمؤرخين يعتقدون بأن الرأس نقل من عسقلان إلى القاهرة (1)، وأتصور أنَّ هذا ليس محل الخلاف أبداً، وإنَّما الخلاف في أن الذي نقل هل هو رأس الإمام الحسين عليه السلام أم لا، وفي ثبوت نقله إلى عسقلان محل كلام فإنْ لم يثبت ذاك فلا معنى للحديث عن نقله إلى القاهرة، ومن ادَّعى أنَّ الرأس الشريف في القاهرة لم يأت بدليل قاطع ولا نقل صريح مستند في ذلك، وعلى أي حال فإنَّ هناك من يعتقد ذلك بتعدد الشخصيات من جهة وبمشاهدة الكرامات من جهة أخرى، أما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) راجع: سيرة الأئمة الإثني عشر: ۲ / ۸4.
(154)


الأول فان تعدد القائلين لا يسمن ولا يغني من جوع إذا لم يستند إلى دليل وفي غالبها ينتهي إلى شخص واحد أو اثنين، وأما الثاني فإنَّ الكرامة قد تحدث لمجرد الالتجاء إلى الله بالوجاهة التي للإمام الحسين عليه السلام عنده تعالى سواء كان هذا المكان قد وجد فيه عضو منه أو لم يوجد، بل لمجرد كونه أصبح رمزاً يدل عليه، وفيما يلي أسماء بعض القائلين بوجود الرأس الشريف في القاهرة والذي عليه كثير من أهل الكشف كالإمام محمد بن بشير (... ـ ... هـ)، والإمام مجد الدين عبد الرحمن بن عثمان الشارعي الخزرجي المتوفى سنة 615 هـ، والإمام الحافظ أبي الخطاب عمر بن الحسن بن دحية الكلبي (544 ـ 633 هـ)، والمحدث زكي الدين عبد العظيم الحافظ المنذري (5۸۱ ـ 656 هـ) والقاضي عبد الرحيم (القرن السابع)، والقاضي محيي الدين عبد الله بن عبد الظاهر السعدي (6۲۰ ـ 6۹۲ هـ)، والإمام تقي الدين أحمد بن علي بن عبد القادر المقريزي (۷64 ـ 845 هـ)، والإمام جلال الدين عبد الرحمان بن أبي بكر الخضيري السيوطي (۸4۹ ـ ۹۱۱ هـ)، والقطب الرباني عبد الوهاب بن أحمد الشعراني (۸۹۸ ـ ۹۷۳ هـ)، والإمام نجم الدين محمد بن أحمد الغيطي (ن ۹۱۰ ـ ۹۸4 هـ)، والشيخ أبي المواهب محمد بن أحمد التونسي (820 ـ 882 هـ)، والشيخ أبي الحسن التمار العجمي (... ـ ... هـ) والشيخ شمس الدين محمد البكري الخليلي وكان حيّاً سنة ۱۰۲6 هـ، والشيخ أبي التقى محمد بن أحمد كريم الدين الخلوتي (۸96 ـ ۹۸6 هـ) (1).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) راجع: الإتحاف بحب الأشراف: 91.
(155)


(156)

عرفانيات المشهد الحسيني


ومما يذكر من العرفانیات عن هذا المشهد بغض النظر عن صحة وجود الرأس الحسيني به فإنَّ هناك عدداً من النصوص ذُكرت ربما أُريد بها التأكيد على وجود الرأس الحسيني في القاهرة.
ولا يخفى أنَّ مثل هذا لا يمكن أنْ يكون دليلاً مادياً موضوعياً، ومثل هذه الكرامات أو البركات يمكن أنْ تظهر لمجرد ذكر هذا الإمام العظيم أو غيره من المعصومين عليهم السلام وبما أنَّ المشهد الحسيني كان محط الصوفية فإنَّهم يجدون للرؤيا ولبعض الكرامات أُسساً يربطونها بالحقائق التي لا يمكن قبولها إلا بالنقل الموثوق، ونحن نذكرها لان فيها ما يرتبط بتاريخ هذا المشهد الحسيني:
جاء في المنن الكبرى: زرت مرة رأس الحسين بالمشهد أنا (1) والشيخ شهاب الدين بن الجلبي (2) الحنفي (3) وكان عنده توقف في أنَّ رأس الإمام الحسين في ذلك المكان فثقلت رأسه فنام فرأى شخصاً كهيئة النقيب طلع من عند الرأس وذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وما زال بصره يتبعه حتى دخل الحجرة النبوية فقال يا رسول الله أحمد بن الجلبي وعبد الوهاب زارا قبر رأس ولدك الحسين فقال رسول الله صلى الله عليه وآله اللهم تقبل منهما واغفر لهما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) صاحب المنن: هو عبد الوهاب بن أحمد بن علي الشعراني الأنصاري الشافعي الشاذلي (۸۹۸ ـ ۹۷۳ هـ) فقيه مصري أصولي، محدث صوفي، شارك في أنواع العلوم، ولد في قلقشندة بمصر وتوفي بالقاهرة، من مؤلفاته: البدر المنير، الأنوار القدسية، الجواهر والدرر الكبرى، وكتابه المنن الكبرى اسمه لطائف المنن والأخلاق.
(2) في الإتحاف بحب الأشراف: ۷5 «الشلبي».
(3) شهاب الدين بن الجلبي (الشلبي): هو أحمد بن محمد بن أحمد (شیخ الإسلام) بن يونس السعودي (ن ۹۳۹ ـ ۱۰۲۱ هـ) المكنى بأبي العباس، فقيه حنفي مصري ولد وتوفي في القاهرة، من مؤلفاته: تجريد الفوائد، إتحاف الرواة، والفوائد السنية.
(157)


ومن ذلك اليوم ما ترك الشيخ شهاب الدين زيارة الرأس إلى أن مات وكان يقول آمنتُ بأن رأس الحسين هنا (1)، وقد داوم الشعراني على زيارة المشهد طيلة حياته.
جاء في نور العين (2): ومن ذلك ما ذكره خاتمة الحفاظ والمحدثين شيخ الإسلام والمسلمین نجم الدين الغيطي (3) رحمه الله تعالى ونفعنا به آمین بسنده عن شيخ الإسلام الشيخ شمس الدين اللقاني (4) شیخ المالكية بعصره أنه كان يوماً جالساً بالجامع الأزهر (5) مع الأستاذ القطب الكبير الشيخ أبي المواهب التونسي الشاذلي (6) نفعنا الله ببركاته يتحدث معه وإذا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) المنن الكبرى للشعراني: 4۳۱، وعنه نور الأبصار: ۲۳5، الإتحاف بحب الأشراف: ۷5.
(2) نور العين في ذكر مشهد الحسين للشيخ عبد الفتاح بن أبي بكر بن أحمد الشهير بالرسام الشافعي الخلوتي المتوفي سنة 1004 هـ.
(3) نجم الدين الغيطي: هو محمد بن أحمد بن علي السكندري الشافعي (ن ۹۱۰ ـ ۹۸4 هـ) فقيه مصري، له مشاركات في علوم عدة، من مصنفاته: الابتهاج في الكلام على الإسراء والمعراج، أسباب النجاح في آداب النكاح، وشرح الصدور بشرح الشذور.
(4) شمس الدين اللقاني: هو محمد بن حسين (۸5۷ ـ ۹۳5 هـ) فقیه ومحقق تولی مشیخة المذهب المالكي في جامع الأزهر، من مصنفاته: حواشٍ على مختصر خليل.
(5) الجامع الأزهر: أسسه جوهر الصقلي الكرواتي (۳۱6 ـ ۳۸۱ هـ) القائد العسكري المعز لدين الله معد بن منصور العبيدي الفاطمي، وسُمِّي بالأزهر تبرُّكاً بسيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها السلام، وضع حجر الأساس له عشية ذكرى ميلاد الإمام الحسن عليه السلام في 14 شهر رمضان (ليلة 15) سنة ۳5۹ هـ وافتتحه في الشهر نفسه سنة ۳6۱ هـ، ويعد أول جامع في العاصمة القاهرة التي اختطها الصقلي عام ۳5۸ هـ، وتم تجديد الجامع وتطويره مرات عدة منها في أعوام: ۳۸6 هـ، 5۱۹ هـ، 665 هـ، 740 هـ، ۱۱66 هـ، ۱۳۱5 هـ، مع سقوط النظام الملکي سنة ۱۳۷۱ هـ وضعت الحكومة الجديدة يدها على الأزهر ووقفياته ويتبع حاليا وزارة الأوقاف.
(6) أبو المواهب التونسي: هو محمد بن أحمد بن داود البرلسي الشافعي التونسي (۸۲۰ ـ ۸۸۲ هـ)، من علماء الزيتونة وشيخ الطريقة الشاذلية في مصر، ولد بتونس ومات بالقاهرة ودفن في المقبرة الشاذلية، تتلمذ على يحيى بن أبي الوفاء وابي عثمان المغربي وابن حجر العسقلاني وغيرهم، وعنه الشيخ أحمد زرّوق وابو الطيب الأقصرائيّ وناصر الدين المنوفي الشاذلي وغيرهم، من مصنفاته: قوانین حكم الإشراق، مواهب المعارف، والأذكياء في أخبار الأولياء.
(158)


بالشيخ أبي المواهب قام قايما مستعجلاً وذهب إلى نحو باب المدرسة الجوهرية (1) التي بالجامع وخرج منها فتبعه الشيخ شمس الدين المذكور وهو لا يشعر به إلى أنْ وصل إلى المشهد المبارك وهو خلفه فلمَّا دخل المسجد وجد إنساناً واقفاً على باب الضريح الشريف ويداه مبسوطتان وهو يدعو فوقف الشيخ أبو المواهب خلفه كذلك يدعو ووقف اللقاني خلفهما يدعو فلمَّا فرغ ذلك الرجل من الدعاء ومسح بيديه على وجهه رجع الشيخ اللقاني إلى الجامع الأزهر وإذا بالشيخ أبي المواهب التونسي قد رجع الآخر فقال له اللقاني: يا مولانا الشيخ رأيتك قد ذهبت مستعجلاً من باب الجوهرية وها أنت رجعت، فقال: كنت في مصلحة وكتم عنه القضية، فقال له: ذهبت إلى المشهد الحسيني، قال: نعم، فما الذي أعلمك بذلك؟، قال: كنت معك فيه، قال: فما رأيت؟ قال: رأيت إنساناً واقفاً على باب الضريح يدعو ووقفتَ خلفه ووقفتُ أنا خلفكما فدعوت أيضاً، فقال: أبشر يا شمس الدين بأنَّ ما دعوت به اُستجيب لك في ذلك الوقت، قلت: يا سيدي ومن هذا الرجل؟، قال: هو الغوث الجامع يأتي كل يوم وقال يأتي في كل يوم ثلاثاء فيزور هذا المشهد فلمَّا وقع عندي محبته في ذلك الوقت قمت إليه وحضرت معه الزيارة وقبّلت يده فالزمْ ذلك يحصلْ لك خير، فمازال الشيخ اللقاني يزور ذلك المحل إلى أن مات رحمه الله تعالى (2).
جاء في مرشد الزوار (3): نقلاً عن الشيخ الجليل أبي الحسن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) المدرسة الجوهرية: نسبة إلى الأمير الشركسي جوهر القنقباي الخازندار (۷۷4 ـ ۸44 هـ) والتي بناها في السنة التي مات فيها ودفن فيها، وهي تقع في الجانب الشمالي الشرقي من جامع الأزهر عند باب السر وتضم أربعة أواوين تعلوها قبة صغيرة من الجص فيها زخارف نباتية، وتم تجديدها مرات عدة منها سنة ۱۱66 هـ وسنة ۱۳5۲ هـ وفي هذه السنة اكتشفوا لها محرابا كان قد اخفي مع كتاباته الفاطمية نحو سبعة قرون.
(2) نور العين: ۲۰ وعنه نور الأبصار: ۲۳6، الإتحاف بحب الأشراف: ۷6.
(3) مرشد الزوار: هو «مرشد الزوار إلى قبور الأبرار» أو «الدر المنظَّم في زيارة الجبل المقطَّم» لموفق الدين بن عبد الرحمن بن أبي الحرم مكي بن عثمان الشارعي الخزرجي المتوفى سنة 615 هـ، والصادر عن الدار المصرية اللبنانية سنة 1415 هـ، حقَّقه محمد فتحي أبو بكر وقدَّم له الدكتور حسن الباشا.
(159)


التمَّار (1) أنَّه كان يأتي إلى هذا المكان للزيارة ثم إذا دخل إلى الضريح يقول: السلام عليكم فيسمع الجواب وعليك السلام يا أبا الحسن فجاء يوماً من الأيام فسلم فلم يسمع الجواب برد السلام فزار ورجع ثم جاء مرة أخرى وسلم فسمع الجواب برد السلام فقال یا سیدي جئت بالأمس وسلمت فما سمعت جواباً فقال يا أبا الحسن لك المعذرة كنت أتحدث مع جدِّي صلى الله عليه وآله فلم أسمع سلامك وهذه كرامة جليلة لأبي الحسن التمار (2).
جاء في الإتحاف بحب الأشراف نقلاً عن العلامة الشيخ فتح الدين أبي الفتح الغمري الشافعي (3) أنَّه كان يتردد إلى الزيارة غالباً فجلس يوماً يقرأ الفاتحة ودعا فلمَّا وصل في الدعاء إلى قوله واجعل ثوابا مثل ذلك فأراد أن يقول في صحائف سيِّدنا الحسين ساکن هذا الرمس فحصلت له حالة فنظر فيها إلى شخص جالس على الضريح وقع عنده أنه السيد الحسين رضي الله عنه فقال في صحائف هذا وأشار بيده إليه فلمَّا أتمَّ الدعاء ذهب إلى الشيخ الجليل الشيخ عبد الوهاب الشعراني فأخبره بذلك فقال له الشيخ: صدقت وأنا وقع لي مثل ذلك، ثم ذهب إلى الشيخ كريم الدِّين الخلوتي (4) فأخبره بذلك فقال الشيخ كريم الدِّين: صدقت وأنا ما زرت هذا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) أبو الحسن التمار: هو علي الشهير بالعجمي من المتصوفة عاش نهاية القرن السادس الهجري، جاء في مرشد الزوار: 438: ثم تمضي من قبر صاحب الإبريق إلى قبلة المشهد تجد قبر الفاضل أبي الحسن علي التمار، كان من ذوي الأسباب عُرف بزيارة الحسين عليه السلام وكان محافظاً على زيارته.
(2) نور الأبصار: ۲۳6، الإتحاف بحب الأشراف: ۷۷، نور العين: ۲۰ عن مرشد الزوار، ولم نعثر على هذا النص في المرشد المطبوع في الدار المصرية اللبنانية سنة 1415 هـ.
(3) أبو الفتح الغمري: من فقهاء الشافعية في الجامع الأزهر عاش في النصف الثاني من القرن العاشر الهجري.
(4) کریم الدين الخلوتي: هو محمد بن أحمد بن محمد کریم الدين الخلوتي (896 ـ 9۸6 هـ) يُكنَّى بأبي التقى، نشأ في القاهرة وفيها مات وقبره في المسجد الذي عرف باسمه، استقل بمشيخة الطريقة الخلوتية بعد وفاة أستاذه الشيخ دمرداش المحمدي، له ورد الأذكار، ومن مؤلفاته: رد المتوقف بلا محالة في بيان جواز الابتداء بذكر الجلالة.
(160)


المكان إلَّا بإذنٍ من النبي صلى الله عليه وآله (1)، ثم أنشد (2) من الخفيف:
حبُّ آل النبي خالطَ قلبي فاعذروني في حبهم فاعذروني
أنا والله مغرمٌ بهواهم عللوني بذكرهم عللونی
ولبعض العارفين تشطير ذلك:
حب آل النبي خالط قلبي تَتَوارى البدورُ عندَ لقاهُ
وسرى في أعضاء جسمي کروحي فاعذروني في حبهم فاعذروني
أنا والله مغرم بهواهم خالع فيهم عذار شجوني
یا رفاقي إني عليل هواهم عللوني بذكرهم عللوني (3)
وجاء في المسجد النبوي (4) أنَّه حين كُشفت الحُجُب من هذه الذخيرة النبوية (5) وجد أنَّ دماءها لم تجف بعد، وذات ريح طيبٍ من المسك نقلت مع ألواح خشبية بالمسجد ـ موجدة ـ (6).
وقال بعض العارفين (7) في هذه الروضة أبياتاً من الخفيف:
منزلٌ كمَّلَ الإلهُ سناهُ تَتَوارى البدورُ عندَ لقاهُ
خصَّه ربُّنا بما شاء في الأر ض تعالى مَنْ في السَّماء إلهُ
صانه زانه حماه وقاه وكساهُ بمنِّه ورضاهُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) نور الأبصار: ۲۳6، الإتحاف بحب الأشراف: ۷۷. نور العين: ۲۰.
(2) وحسب القواعد بعودة الضمير إلى الأقرب فإن الإنشاد يكون للشیخ کریم الدین الخلوتي، وإذا كان المؤلف دقيقا في عباراته فإن أنشد يعني أن الشعر قد لا يكون للخلوتي.
(3) مشارق الأنوار: ۸6.
(4) المسجد النبوي ومزارات أهل البيت لإسماعيل بن احمد إسماعيل والنبوي جبر سراج نقلاً عن خطط المقريزي: ۱ / 4۲۷.
(5) أراد بالذخيرة النبوية رأس سبط الرسول صلى الله عليه وآله.
(6) المسجد النبوي الشريف ومزارات أهل البيت: ۷6.
(7) بما أن الناقل لها هو الشيخ محمد بن سالم بن أحمد الخلوتي الحنفي (۱۱۰۱ ـ ۱۱۸۱ هـ) كما جاء في كتابه «رسالة في فضل التسبيح والتحميد في الفضائل والآداب» فلابد أنْ يكون معاصراً له أو متقدماً عليه.
(161)


إن غدا مسكناً لعزَّةِ آلِ الـ ـبیتِ مِن ثَمَّ قَدْرُهُ وعُلاهُ
الإمام الحسين أشرف مولی أیَّد الدین سرَّه ووقاهُ
مَدَحَتْهُ آيُ الكتاب وجاءتْ سنَّة الهاشميِّ طرز حلاه (1)
وجاء في الإتحاف بحب الأشراف: وقد أنشأت قصيدة توسلت فيها بساکن هذا المشهد المنيف وهي من الخفيف مطلعها:
آل طاها ومَنْ يَقُلْ آل طاها مستجيراً بجاهكمْ لا يُردُّ (2)
وجاء في الطبقات: ذكر لي بعض أهل الكشف والشهود: إنَّه حصل له اطلاع على أنَّه دفن مع الجثة بكربلاء ثُمَّ ظهر الرأس بعد ذلك بالمشهد القاهري لأنَّ حكم الحال بالبرزخ حكم الإنسان الذي تدلى في تيار جار فيطف بعد ذلك في مكان آخر فلما كان الرأس منفصلاً طف في هذا المحل بالمشهد الحسيني المصري وذكر أنَّه خاطبه منه (3).
وجاء في مشارق الأنوار (4) بعد الحديث عن المشهد الحسيني: واعلم أنَّه ينبغي كثرة الزِّيارة لهذا المشهد العظيم متوسلاً به إلى الله، ويطلب من هذا الإمام ما كان يطلب منه في حياته فإنَّه باب تفریج الكروب، فبزيارته يزول عن الخطب الخطوب، ويصل إلى الله بأنواره والتوسّل به كلّ قلب محجوب، ومن ذلك ما وقع لسيِّدي العارف بالله تعالی سيِّدي محمد شلبي (5) شارح «العزيَّة» الشهير بابن الستّ وهو أنَّه قد سرقت كتبه جميعها من بيته فتحيّر عقله واشتدّ کربه فأتى إلى مقام وليِّ نعمتنا الحسين منشداً لأبيات استغاث بها فتوجَّه إلى بيته بعد الزِّيارة ومكث
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) مشارق الأنوار: ۸6 وعنه الغدير: 5 / ۱۹۲.
(2) القصيدة لعبد الله بن محمد الشبراوي شيخ الأزهر المتوفى سنة ۱۱۷۲ هـ أوردناها بكاملها في ديوان القرن الثاني عشر: ۱ / ۲5۰، وقد وردت في الغدير: 5 / ۱۸۷ وفي الإتحاف بحب الأشراف للشاعر: 99.
(3) الغدير: 5 / ۱۹۱ عن مشارق الأنوار: ۹۲.
(4) مشارق الأنوار لمحمد بن حسن الحمزاوي العدوي (۱۲۲۱ ـ ۱۳۰۳ هـ).
(5) محمد شلبي: هو محمد بن عبد ربَّه بن علي العزيزي الشهير بابن السِّت (۱۱۱5 ـ ۱۱۹۸ هـ) ولد في مصر وتوفي فيها، من آثاره: خاتمة لشرح الخرشي، شرح تفسیر آية الكرسي، ورسالة في المنطق.
(162)


في المقام مدَّة وجد كتبه في محلّها قد حضرت من غير نقص لكتاب منها وها هي الأبيات من الكامل:
أيحومُ حولَ مَنِ الْتَجَا لكمُ أذى؟ أو يشتكي ضيماً وأنتم سادَتُهْ؟!
حاشا يُردُّ مَن انتمى لجنابكم يا آلَ أحمدَ! أو تسرُّ شوامِتُهْ
لكمُ السیَّادةُ مِن ألستُ بربِّكُمْ ولکم نطاق العزِّ دارت هالَتُهْ
هل ثَمَّ بابٌ للنبيِّ سواكمُ من غيركم من ذي الوری ریحانَتُهْ؟!
تبّاً لطرف لا يشاهدُ مشهداً يحوي الحسينَ وتستَلِمْهُ سلامَتُهْ
فالزم رحاباً ضمَّ سِبطَ محمّدٍ ما أمَّه راجٍ وعيقت حاجَتُهْ
ها خادماً للحبِّ يرفع حاجة ممّا يلاقي من بلايا هالَتُهْ (1)
وقال الشبراوي (2) أيضاً في هذا المشهد الحسيني من الخفيف مطلعها:
یا نديمي قسم بي إلى الصهباءِ واسقنيها في الروضة الغَنَّاءِ
إلى أنْ يقول:
وإلى المشهد الحسينيِّ أسعى داعياً راجياً قبولَ دُعائي
یا بنَ بنتِ الرسولِ إنّي مُحبٌّ فتعطَّفْ واجعلْ قَبُولي جَزائي (3)
وقال قصيدة أخرى من السريع مطلعها:
یا آل طه مَنْ أتی حُبَّكُمْ مُؤمِّلا إحسانكُمْ لا يضامْ
إلى أن يقول:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) مشارق الأنوار: 234 عن طبقات المناوي لزين الدين محمد عبد الرؤوف المناوي (952 ـ 1029 هـ).
(2) الشبراوي: هو عبد الله بن محمد بن عامر الشبراوي الشافعي (۱۰۹۱ ـ ۱۱۷۲ هـ) نشأ في القاهرة وفيها مات، من أعلام الشافعية فقيه وأديب، وهو أول إمام من المذهب الشافعي يتولى مشيخة الأزهر في سنة ۱۱۳۷ هـ، من مصنفاته: مفاتح الألطاف في مدائح الأشراف، نزهة الأبصار في رقائق الأشعار، وشرح الصدر في غزوة بدر.
(3) راجع ديوان القرن الثاني عشر: ۱ / ۹۷ والقصيدة تحتوي على 25 بیتاً، راجع أيضاً الغدير: 5 / ۱۸۹ والإتحاف بحب الأشراف: ۱۰۲.
(163)


إنِّي توسَّلتُ بِما فيك مِنْ عِزٍّ وَمَجْدٍ شامخٍ واحتشامْ
یا زائراً هذا المقامَ اغتنمْ فكمْ لِمنْ يَسعى إليهِ اغتنامْ
ينشرحُ الصَّدْرُ إذا زُرتَهُ وتنجلي عنك الهُمومُ العظامْ
کم فيه من نور ومن رونقٍ کأنّهُ رَوضةُ خَيْرِ الأنامْ (1)
وقال بعض الشعراء (2) فيما يناسب المقام من الكامل:
نفسي الفداء لمشهدٍ أسراره من دونها سِتْرُ النُّبوة مُسْبَلُ
ورواقُ عزٍّ فيه أشرفُ بُقعةٍ ظَلَّتْ تَحارُ لها العقولُ وتذهلُ
تغضي لبهجته النواظرُ هيبةً ويُرَدُّ عنهُ طرفُهُ المُتأمِّلُ
حسدت مكانتَهُ النجومُ فَوَدَّ لًوْ أمسى يُجاوره السِّماكُ الأعزَلُ
وسَمَا عُلُواً أنْ تُقَبِّلَ تُرْبَهُ شَفَةٌ فأضحى بالجباه يُقَبَّلُ (3)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) راجع ديوان القرن الثاني عشر: ۳ / ۸4 عن الإتحاف بحب الأشراف: ۱۰۹ والغدير: 5 / ۱۹۰، أدب الطف: 5 / ۲6۷.
(2) لابد أن يكون الشاعر معاصراً للناقل الشيخ الشبراوي المتوفى سنة ۱۱۷۲ هـ أو متقدماً عليه.
(3) راجع الغدير: 5 / ۱۸۷، وذكر الإتحاف بحب الأشراف: ۸۳: وما أجدر هذا المشهد الشريف والضريح الأنور المنيف يقول القائل، مما يفهم أنَّ الشعر لم ينشأ للمشهد الحسيني والله العالم.
(164)

موقع الرأس


القارة: أفريقيا.
الدولة: مصر.
المدينة: القاهرة.
الشارع: المشهد الحسيني.
الموقع: جنوب خان الخليلي وغرب جامع الأزهر ويفصل بين المشهد الحسيني بشارع يحوم حوله ويسمى بشارع المشهد الحسيني ولكنهم في التجديدات ألحقوا الشارع الغربي للمشهد بالساحة وأصبح الشارع مساحة مسطحة تقام فيها الصلاة أيام الجمعة والعيدين لإقبال الناس بكثرة في المواسم ومن هنا وضعت فيها ثلاث مظلات عملاقة.
المحطات: عسقلان، غزة، السويس، القاهرة، إنْ نُقل عن طريق البر على ما يقال، إلا أن المقريزي (1) ذكر بأنهم نقلوه عن طريق البحر فلابد إذاً أن يكون وصل إلى ميناء دمياط (2) ومن هناك نُقل بَراً إلى القاهرة بموازاة نهر النيل شرقاً.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) المقريزي: هو أحمد بن علي بن عبد القادر (۷64 ـ ۸45 هـ) ولد في القاهرة وفيها مات، وينسب إلى حارة المقارز في بعلبك حيث محتد أجداده، مؤرخ وفقيه، ولي الحسبة والخطبة والإمامة، من مصنفاته: السلوك لمعرفة دول الملوك، إغاثة الأمة بكشف الغمة، وشذور العقود في ذكر النقود.
(2) ميناء دمياط: ويقع في مدينة دمياط قاعدة محافظة دمياط، ويبعد الميناء نحو ۸٫5 کیلومترات غرب نهر النيل فرع دمياط، ويبعد عن القاهرة نحو ۱۹۰ کیلومتراً، ومدينة دمياط بكسر الميم تقع على نهر النيل شرقاً وتقع مدينة دمياط قاعدة المحافظة على بعد ۱۳ کیلومتراً من البحر الأبيض المتوسط وهي تُنسب إلى دمياط بن اشمن بن مصرایم بن بیصر بن حام ابن النبي نوح عليه السلام.
(165)


ش1166
(69)166

خارطة نقل الرأس من عسقلان إلى القاهرة
المراحل: قصر الحديقة الكافوري 8 / 6 / 548 هـ، سرداب قصر الزمرد، 10 / 6 / 548 هـ، مسجد موسى (الركن المخلق) (1) في حدود 10/6/549 هـ، المشهد الحسيني إلى يومنا هذا.
بنيت ثلاثة أماكن لأجل دفن الرأس، الأول: مسجد الفاكهاني الذي بناه الملك الظافر (2)، الثاني: الجامع الصالح الذي بناه طلائع بن رزِّيك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) الركن المخلق: جاء في المواعظ والاعتبار (الخطط المقريزية): ۲ / ۲4۸: موضعه الآن تجاه حوض الجامع الأقمر على يمنة من أراد الدخول إلى المسجد المعروف الآن بمعبد موسی وقيل له: الركن المخلق لأنه ظهر في سنة ستين وستمائة في هذا الموضع حجر مكتوب عليه: هذا مسجد موسی عليه السلام فخلق بالزعفران وسمي من ذلك اليوم بالركن المخلق كما ذُكر سابقاً.
(2) جاء في بعض المصادر الظاهر وهو تصحيف للظافر، ويقال إنَّ الظاهر هو الذي بناه في سنة 543 هـ ولكنه عرف بمسجد الظافر، ويعرف أيضاً باسم الجامع الأفخر ويقع على ركن الجامع الصالح وقد جدَّده أحمد كتخدا الخربوطلي سنة ۱۱48 هـ.
(166)


الأرمني، الثالث: قبة الديلم الذي توافق عليه الظافر والطلائع وهو الذي عرف فيما بعد بالمشهد الحسيني ولازال قائماً إلى يومنا هذا (1).
عرف هذا المقام بـ: تاج الحسين (2)، المشهد الحسيني، مسجد الحسين، مقام الحسين (3).

ش1167
(70)

خارطة المشهد الحسيني والمنطقة المحيطة به
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) راجع مخلفات الرسول في المسجد الحسيني: 35
(2) راجع مخلفات الرسول: 36 عن البداية والنهاية: ۸ / ۲۰4.
(3) مشارق الأنوار في فوز أهل الاعتبار: ۸6.
(167)
(168)

تطور المشهد الحسيني


بعدَ عرضِ ما أمكن عرضُه عن المشهد الحسيني في اتجاهين:
الأول: في نقل الأقوال المؤيِّدة لوجود رأس الحسين عليه السلام في القاهرة والذي يرى أكثرهم بأنَّه نُقل من عسقلان إلى القاهرة وما قيل إنَّه نُقل مباشرة من دمشق إلى القاهرة (1) يُعد من الشاذ الذي لم يُؤيِّد.
الثاني: نقل بعض الكرامات التي ذكرت عن هذا المشهد القابع في وسط القاهرة وإيراد بعض ما قيل من الشعر بهذا المشهد تكميلاً للفائدة.
وبعد هذين الأمرين ننتقل إلى بيان ما حصل من التطور على هذا المشهد منذ أن بدأ تاريخه في منتصف القرن السادس الهجري إلى يومنا هذا حاله حال سائر المراقد والمقامات والمشاهد التي لها ارتباط بالإمام الحسين عليه السلام ونهضته المباركة آملين أن يكون ذلك مستوفياً حسب ما وصلنا من وثائق ومصادر مضافاً إلى ما أفادتنا بعثتنا إلى هذا المشهد الشريف والمؤلفة من الدكتور نضير الخزرجي (2) والأستاذ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) راجع مخلفات الرسول: عن تحفة الأحباب: 6۸ بل هناك مَن رَوى أنَّ الرأس طیف به في البلاد إلى أنْ وصل إلى مصر فإنّ أهلها لم يمكنوهم من الدخول على تلك الحالة البشعة بل تلقوهم بمدينة الفرما وهي أول مدائن مصر وحملوهم في الهوادج وستروهم بالستور ثم في الكرامة وأنزلوهم خير الأماكن بمصر وأدوهم أمناً وبنوا لموتاهم المشاهد واتخذوهم مزارات» ـ راجع مخلفات الرسول: 36.
(2) نضير الخزرجي: هو إبن رشيد بن حميد الخزرجي المولود بمدينة كربلاء المقدسة بالعراق سنة ۱۳۸۰ هـ، إعلامي وجامعي وباحث، نشأ ودرس المراحل الأولى في مسقط رأسه، وهاجر إلى سوريا ومنها إلى إيران وبعدها استقر في لندن وفيها أكمل الدراسة الجامعية والعليا، باحث في دائرة المعارف الحسينية وأستاذ في الجامعة العالمية للعلوم الإسلامية، من مصنفاته: نزهة القلم، العمل الموسوعي في دائرة المعارف الحسينية، والتعددية والحرية في المنظور الإسلامي.
(169)


بحر الحلي (1) والذي استغرق سفرهما فترة أسبوع كامل بدءاً بـ 16 / 7 / 1432 وانتهاءً بـ 22 / 7 / 1432 هـ مقدرين جهودهما في هذا المجال.
في سنة 548 هـ تحرك موكب الرأس من عسقلان إلى القاهرة برّاً على ما ورد في بعض المصادر (2) وبما أنَّ الطريق من عسقلان إلى القاهرة بالشكل الطبيعي يجب أن يمر من غزَّة والسويس (القلزم) فإنَّ المسافة ما بین عسقلان وغزة والتي تتم عادة ساحلياً تكون ۱۸ کیلومتراً ومن غزة بشكل اعتيادي ينزل الطريق جنوباً بخط مستقيم تقريباً إلى السويس (القلزم) ويُقدَّر بـ ۲5۱ کیلومتراً، ومن السويس ينحرف نحو الغرب بخط مستقيم تقريباً إلى القاهرة والذي يقدر بـ ۱۲4 کیلومتراً ليكون الحاصل ۳9۳ کیلومتراً أي نحو أربعمائة كيلومتر والذي يعادل في حدود ۷۲٫۷5 فرسخاً ومن المعتاد أنَّهم في اليوم الواحد بشكل عادي يطوون ثمانية فراسخ فإنَّ مجمل الأيام ربما تكون تسعة أيام أو ثمانية فمن هنا يمكن تقدير أنَّ الركب انطلق من أول شهر جمادى الثانية ليصل القاهرة نهاية يوم الثامن والذي صادف يوم الأحد من أيام الأسبوع، وأما إذا قيل إنهم استخدموا البحر فمن المفترض أنهم وصلوا إلى ميناء دمياط ومن هناك نزلوا جنوباً براً إلى القاهرة ولا نتصور أنَّه يختلف كثيراً حيث إن المسافة بين دمياط والقاهرة نحو ۱۹۰ کیلومتراً والسفن من عسقلان إلى دمياط تبحر في غضون أيام، ولكن المصادر ذكرت أنَّ طلائع خرج لاستقبال موكب الرأس إلى الصالحية وآخر ذكر بأنه وصل إلى قطية، ولعلَّ كلامهم يوصلنا إلى ما يلي: إنَّ الموكب إذا ما تحرك عبر البحر انطلق من عسقلان بحراً إلى قطية ومن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) بحر الحلي: هو إبن كاظم بن عبد الحسين الحلي، ولد في مدينة الحلة سنة ۱۳۷۷ هـ وسكن كربلاء المقدسة ثم انتقل إلى المحمودية ودرس في بغداد في معهد الفنون الجميلة قسم الإخراج المسرحي، عمل في دولة الإمارت واستقر في لندن وأكمل الدراسة العالية (الماجستير) من جامعة تایمز فالي (Times Vally Universit) ويحاضر في مجال الإعلام المرئي في جامعة ويست لندن (West London University) إلى جانب عمله في وكالة الأسوشيتدبريس الخبرية مصوراً ومخرجاً.
(2) هامش کشف المحجوب للهجویري: ۲۷۷، حيث يقول: ويذكر أنه مشى الناس حفاة من مدينة غزة إلى مصر تعظيماً له، ولكن المقريزي سبق وقال إنه نقله الفاطميون بحراً إلى القاهرة.
(170)
هناك انطلق براً نحو الصالحية ومنها انطلق مع ساحل النيل الشرقي حتى وصل القاهرة، وبهذا نكون قد جمعنا بين كل الأقوال والاحتمالات، وعليه فتكون المسافة على الشكل التالي:
عسقلان ـ قطية (مسفق) ۱5۱ کیلومتراً = 4 أيام.
قطية (مسفق) ـ الصالحية 114 کیلومتراً = 3 أيام.
الصالحية ـ القاهرة 105 کیلومترات = 3 أيام.
في 8 / 6 / 548 هـ يوم الأحد وصل الرأس إلى القاهرة.
في البداية لابد من بيان أنَّ السلطان الفاطمي الذي كان يحكم البلاد في هذا التاريخ هو السلطان الثاني عشر الظافر بالله (1) أبو منصور إسماعيل ابن عبد المجيد الفاطمي والذي تولى الحكم في جمادى الآخرة سنة 544 هـ وكان الوزير طلائع بن رزِّيك الأرمني يقوم بمهام البلاد لصغر عمر السلطان، وقد انتهى حكمه بقتله في 15 / 1 / 549 هـ فولي الأمر نجله الفائز بنصر الله أبو القاسم عیسی بن إسماعيل (2) وبما أنَّه كان هو الآخر صغيراً فان الولاية كانت للوزير ابن رزِّیك وكان هناك بين الوزير وخدم القصر الملكي تنافس.
والحاصل أنَّ عباس (3) كتب إلى الظافر (4) بأن الإفرنج أشرفوا على الاستيلاء على عسقلان فأرسل إلى الرأس مَن تختار ليأخذه، ولما استولی الإفرنج قام سیف المملكة تميم (5) بإخبار الوزير طلائع بن رزِّیك بذلك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) ولد الظافر يوم الأحد 15 / 4 / 527 هـ، أمه ست الوفاء أو ست المنى.
(2) الفائز بنصر الله: مضت ترجمته.
(3) عباس: مضت ترجمته، راجع سيرة الأئمة الإثني عشر: ۲ / ۸4 عن نور العين في ذکر مشهد الحسين.
(4) جاء في بعض المصادر أنَّ الظاهر هو الذي كتب ولكن لا يصح ذلك لأن الظاهر توفي سنة ٤۲۷ هـ والإفرنج بعد لم يبدأوا بمحاربة المسلمين وإنما بدأوا بذلك سنة 490 هـ.
(5) سیف المملكة تميم: مضت ترجمته، راجع المسجد النبوي الشريف ومزارات أهل البيت: 67.
(171)
فأصدر أوامره بأنْ يفتديه بثلاثين ألف دينار (1) فأرسل مکنون الخادم (2) مع جماعة من الخدم (3) وكان من حملة الرأس القاضي المؤتمن بن مسكين (4) وخلال هذه الفترة قام الوزير ابن رزِّيك ببناء صرح يناسب هذا الرأس فاختار المنطقة الخارجة من باب زويلة من ناحية الدرب الأحمر ليدفنه فيها وبنى عليه مسجداً (5) وعرف بجامع الصالح طلائع، ولكن خدم السلطان الظافر ثمَّ الفائز عملوا بالضد مما خطه الوزير ابن رزِّيك ومن هنا نجد أن الذين ذهبوا إلى عسقلان كانوا من قبل القصر الرئاسي وآخرون من القصر الوزاري.
وعلى أي حال فإنَّ الرأس خرج من عسقلان في وفد مهيب وفي عشاری من عشارات الخدمة (6) بعدما وضع في علية مغلفة بجلد، وخرج طلائع بن رزِّيك وعسكره حفاة نحو الصالحية (7) في الطريق المؤدي إلى عسقلان يتلقون موكب الرأس، ولمَّا وصل يوم الأحد الثامن من شهر جمادى الثانية وضع ثوب حريري أخضر اللون على كرسي أبنوس وفرشوا تحته المسك والعنبر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) نور الأبصار: ۲۳4، الطبقات الکبری للشعراني: ۳۷ في بيان ترجمة الإمام الحسين عليه السلام وعنه ثمرات الأعواد: ۲ / 60، وجاء في مختصر تذکرة القرطبي للشعراني: ۳۱۳ إنَّه افتداه بأربعين ألف دينار، وفي إسعاف الراغبين للصبان: ۱4۷ «إن الطلائع افتدى الرأس من الإفرنج بمال جزيل» ولم يحدد، وعنه سيرة الأئمة الإثني عشر: ۲ / ۸4، ولا يخفى أن كتاب الإسعاف للصبان محمد بن علي المصري المتوفى في القاهرة سنة ۱۲۰6 هـ جاء في هامش کتاب «مشارق الأنوار في فوز أهل الاعتبار» للشيخ حسن العدوي الحمزاوي (۱۲۲۱ ـ ۱۳۰۳ هـ).
(2) مکنون الخادم: مضى ذكره.
(3) وجاء في مختصر تذكرة القرطبي للشعراني: ۳۱۳: «إنَّ الوزير طلائع خرج هو وعسكره فتلقاه من خارج مصر حافياً مكشوف الرأس وهو وعسكره»، والكتاب مختصر لكتاب «التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة» لمحمد بن أحمد القرطبي المتوفى سنة 6۷۱ هـ، وما يُذكر بإسم «مظفر التذكرة للشعراني» فهو من التصحيف والصحيح ما أوردناه.
(4) القاضي المؤتمن بن مسكین: مضت ترجمته.
(5) نور الابصار: 236.
(6) نور العين: 16، المواعظ والاعتبار (الخطط المقريزية): ۲ / ۲۸4 وعنه المسجد النبوي الشريف ومزارات أهل البيت: 67.
(7) وقيل من ناحية قطية كما في المنن الكبرى للشعراني: 4۷۸ وعنه أدب الطف: 3 / 106، وقد سبق شرحهما.
(172)
والطيب أضعاف وزن الرأس نفسه، فانزل في البداية في الكافوري حديقة القصر، ثم حمل يوم الثلاثاء العاشر من شهر جمادی الثانية إلى سرداب قصر الزمرد. ومنها حمل إلى مسجد موسى الذي يعرف بالركن المُخلَّق فدفن فيه مدة عام تقريباً إلى أن انتهوا من بناء المشهد الحالي.
ولا يخفى أنَّ طلائع بن رزِّيك انشأ مسجده خارج باب الزويلة والذي عرف بجامع صالح لهذه الغاية ولكن القصر خالفه في ذلك فأنشأ له قبة الديلم وهو المشهد الذي فيه اليوم (1) ويذكر أنّه كشفت الحُجُب عن تلك الذخيرة النبوية ـ رأس الحسين ـ فوجد دمها لم يجف ووجد لها رائحة أطيب من رائحة المسك، فغسلها في المسجد ـ الجامع الصالح ـ على ألواح من خشب (2) ولازالت الألواح هذه موجودة إلى الآن معلقة بالمسجد (3)، بمعنى أنه نقل من الكافوري إلى سرداب القصر ثم دُفن في مسجد موسى ثم أُخرج وغُسِّل في جامع الصالح ثم نُقل إلى مثواه الأخير.

ش1168
(71)173

اللوحة فوق واجهة جدار رواق قبلة الجامع الصالح طلائع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) راجع ما تقدم من المصادر وکتاب مساجد مصر وأولياؤها الصالحون: ۱ / ۳۷۸.
(2) مخلفات الرسول في المسجد الحسيني: 4۳۰ عن خطط المقريزي: ۲ / ۲۸5.
(3) التاريخ الحسيني للببلاوي: ۱۷.
(173)
ش1169
(72)

باحة جامع الصالح طلائع
ولا بأس بإيراد مجريات أيام الأحد والإثنين والثلاثاء ۸ ـ ۱۰ جمادی الثانية من هذه السنة من حين وصول الرأس إلى القاهرة وإلى أن دفن في مقرِّه، وذلك برواية الشيخ عبد القادر المغربي (1)، حيث ينقل الحوار (2) التالي في هذا المجال:
«في يوم الأحد ثامن جمادى الآخرة سنة 548 هـ ـ في زمن وزارة الصالح ابن رزِّيك ـ كان الناس في القاهرة يتأهبون لاستقبال وفد جليل أو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ









































































































<