الأسر العلمية  في كربلاء  آل المرعشي الشهرستاني

اسم الکتاب : الأسر العلمية في كربلاء آل المرعشي الشهرستاني

المؤلف : تأليف د. سلمان هادي آل طعمة
المطبعة : منشورات شركة الأعلمي للمطبوعات بيروت – لبنان

 

 

 

 

 

 

 

 

وفاته:

       لقد فاضت روحه الطاهرة لملاقاة ربها الكريم سنة 1344هـ، ولقد كان خبر وفاته موثرآ في نفوس الامة . جاء في مجلة (المرشد) خبر وفاته وهذا ما نصه: (وفاة آية الله المرعشي الشهرستاين، اخترمت يد المنون على حين غرة زعيم الملة والدين الرئيس الشهيد في حوزة الروحانيين حجة الإسلام السيد مرزا علي المرعشي الشهير بآية الله الشهرستاني بمدينة كربلاء المشرفة في العشرة الميشومة من سنووات العمر، فغربت شمس روحه الطاهرة بنصف ساعة قبل غروب الشمس من يوم الثلاثاء الحادي عشر من شهر رجب سنة1344هـ عن بضع وستين سنة قضاه ا في التأليف والتدريس وترويج شعائر الدين الحينف حتى عدَّ عند الجمهور المثل الأعلى في العلم والتقى والزهد عن الدنيا(1) . لاشك أن القارئ الكريم بعد تصفحه ترجمة هذا البحر المتلاطم يتاكد له فضله، وغزارة علمه، وبحر أدبه ، وسمو مداركه، مع كرم الأخلاق، ولين الجانب ، رحمة الله وأحسن اليه وسعى جدثه بالرحمة والغفران.

 

(59)

 الاسر المرعشية ص 59

(60)

السيد مرزا جعفر

ذكياً، سلم الطبع، قويم الخلق، شديد الشغف بالتحصل، لبقاً، لطيف المعشر مخلصاَ في عمله، مثالاً للفضل ومظهراً من مظاهر الكمال. عاش تحت ظل والده فاغترف من علومه ومعارفه، وبعد وفاة والده سنة 1315هـ هاجر مدينته كربلاء إلى مدينة مشهد  بيران، حيث جاور مرقد ثامن الأئمة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام وأصبح من الفقهاء(1) وكان هناك موضع تقدير الحوزات العلمية، فقد كان ملماً بشتى الأفكار والآراء والفكر الأسلامية. ومما يجب ملاحظته هو أن هذا السيد كان كثير الرجوع الى الاسخارة سواء أكانت بالسبحة أو بالقران الكريم، وشانه في هذا شان كثير من العلماء الزهاد. وانه يعطي الجواب للسائل دونه أن يفتح الرسائل أو يسأل من طالب الاستخارة. وفي أيام احتلال الأفاغنة، كان طلبة العلم يطلبون منه المساعدة، فيمد سده تحت الفراش الجالس عليه ويخرج النقود المطلوبة ويمنحها لهم. وهذه احدى مناقبه المشهورة، رد على ذلك، أنه كان على جانب عظيم من القوة والدهاء والحنكه.

       أما علومه فقد كانت له دراية بعلم الجفر والرما والاسطرلاب وقد أشار الى ذلك النسابة آية الله السيد شهاب الدين المرعشي النجفي في كتابه(أحقاق الحق وازهاق الباطل)(2)  كما أشار الى أن للسيد جعفر مشاركات في الفقه والعلوم الغربية، وله تصانيف مهمة لاتزال مخطوطة في مكتبات إيران.

مخطوطاته:

       1- خيرة البلدان- وهو في موضوع الاسخارة. كتب هذه النسحة محسن أشرف زادة بتاريخ 1336هـ، توجد نسخة منه في مكبتة مسجد كوهرشاد بمدينة مشهد.  

       2- الاستخارة. نسخته الخطية في مكتبة السيد علي الحسيني المرعشي

(1) معجم خطباء كربلاء/ سلمان السيد هادي آل طعمة، ص423.

(2) مصفى المقال في مصنفي علم الرجال/ الشيخ أغا بزرك الطهراني، ص325، وانظر: أعيان الشيعة / للسيد محسن الأمين، ج46،ص145.

(61)

الشهرستاني في مشهد، وهي بخط أخ المؤلف السيد محمد بن السيد محمد حسين المرعشي الشهرستاني، وكانت كتابته قد تمت بتاريخ 1273هـ(1)

وفاته:

       لقد عاش السيد محمد جعفر حياة حافلة جمع فيها بين العلم والعمل، وأحاط بالفضل المجلل، فأذعن له العلماء، وأقر بفضله العرفاء ، فكان لايملك من حطام الدنيا شيئاً غير الذكرياب العميقة واللآثار الطيبة. فقد تعرض ألى مرض مفاجئ ألزمه البيت، فكان عليه أن يستريح، فاخترمه الموت حتى لقي حتفه، وتوفي بمدينة مشهد ودفن في الرواق الواقع عند رأس الإمام في الحضرة الشريفة، وكان ذلك في سنة 1344هـ، وأعقب ولدين هما. السيد كاظم والسيد جواد.

(9)

السيد زين العابدين بن السيد محمد حسين بن محمد علي الحسيني المرعشي الشهرستاني

       ولد في كربلاء في شهرصفر1294هـ(2) ونشأبين ظهراني أسرته، ولما تدرج بالسن، تعلم القراءة والكتابة، ودرس على أعلام كربلاء في الحوزة العلمية، ولم يزل مجتهداً في نيل المعالي، كان أبرز أساتذته والده الجليل وأخوه السيد مرزا علي والسيد حسن القمي والمرزا محمد تقي الشيرازي والسيد محمدد البحراني وغيرهم. كان السيد زين العابدين من العلماء الراسخين والصلحاء العارفين ومن أولي الفضل والكرم، يحلله الدهر ويعظنه العصر، وكان ورعاً زاهداُ متبتلاً، وأكد الذين صحبوه وعاصروه على زهده وتقواه وانقطاعه لله تبارك وتعالى. استمر في الحفاظ على أصالة الحركة الاسلامية وتوسيع دائرتها. وكان في غالب أووقاته مشغولاً بتدريس العلوم

(1) مجلة (المرشد) البغدادية، ج3 س1(رجب1344هـ/ شباط1926م).

(2) تاريخ تشيع در كرمانشاه/ محمد علي سلطاني(فارسي)، ص309.

(62)

العقلية والنقلية وبث الأحكام الشرعية، ملتزماً بالسلوك. ومما يجدر ذكره أنه استنسخ الكثير من الكتب بخط يده وهي محفوظة في مكتبة الأسرة، واتصف بصفات والده الأكرم ومن يشابه أبه فما ظلم، وكاني به قد أحيا بجميل محاسنه وشريف أوصافه ما اندرس من آثار آبائه وأسلافه. نقل الباحث العراقي الدكتور حسين علي محفوظ خلال سفره لمؤتمر الفقيه الشيخ المفيد المنعقد في قم أن للسيد زين العابدين كتاباً اسمه(فقه الطب) وقد كتبت إحدى الصحف العراقية عن هذا الكتاب وأشاد بعقلية الكاتب(1) .

الاسر المرعشية ص 62

(1) إحقاق الحق وازهاق الباطل/ للسيد شهاب الدين المرعشي،ص128.

 

(63)

       جاء في كتاب(حوادث الأيام) ذكر للسيد زين العابدين وهذا نصهٌ:(كان عالماً فاضلاً ورعاً جليلاً خلف أسرته في الزعامة والإمامة وكان يقيم الجماعة في الحرم الحسيني الشريف المتوفى في علم 1356هـ وخلفه العلامة السيد عبد الرضا المتولد 1339صاحب كتاب (المقاليد في الفقه)(1) وكان يعقد مجلساً حسينياً في داره يديره المرحوم المقرئ السيد هاشم القارئ آل قفطون(2) لقد كان دوره الفعال وجهوده المتواصلة في الذب عن حياض القلم والدين ظاهراً للعيان وملفتاً للنظر، وكان جهوده لامعاً يتابع نشاطاته على مستوى رفيع تتجلى لك المهابة والجلالة ،ونور العلم والتقوى في وجهه النبهي، وتراه هاشاً باشاً، طلق المحيا عف اللسان طاهرا الذيل نقي الوجدان، لايتدخل فيما لايعنيه ولا يبحث إلا عن الانعزال ولايطلب المستحيل، ومن ورعه وتقواه يمكننا أن تلمس أنه يميل إلى العزلة ولايخالط أحداً إلا في مجلس علم. ومما يذكرعنه أنه حاز على إجازة اجتهاد ورواية الحديث من كبار العلماء، كما أنه منح البعض من طلابه إجازة رواية الحديث وكان منهم إمام الحرمين المرزا محمد الهمداني. واشتهرأمره بين االأوساط العلمية وطلتة العلوم الدينية، فانتهت إليه الرئاسة في التدريس والمرجعية في التقليد.

آثاره:

       ترك لنا السيد زين العابدين بعض الكتب الخطية التي لم تر النور بعد، وهي

كالآتي:

1- رسالة في المنطق

2- رسالة في النحو

3- كتاب في الهياة

4- الكشكول

(1) تاريخ بانصد ساله خاندان شهرستاني/ محمد قاسم هاشمي، ص313و314.

(2) تاريخ بانصد سالة خاندان شهرستاني،ص330.

(64)

وفاته:

       أرداه سلطان الموت في شهر رجب من سنة 1356هـ في كربلاء ودفن بها في مجالي التتكريم.

       وبالجملة كانت حياة السيد زين العابدين مثالاً حيّاً للمجد والاعتماد على النفس، وقد بكاه كل من عرف فضله وكل من يقدر في الرجال النبوغ والذكاء والإقدام والنشاط

(10)

 

       هو السيد محمد بن السيد محمد حسين بن السيد محمد علي الحسيني المرعشي الشهرستاني. ولد في كربلاء سنة1300هـ(1) ونشا بها تحت رعاية والده، ثم درس السطوح والمقدمات في الحوزة العليمة على أعلام كربلاء المشاهير، فكان مقبولا لدى الأنام مسموع الكلمة لدى الخاص والعام، كثير التواضع، مراعياً للحقوق، كثير الوفاء، محباً للفقراء، وفي سية 1325هـ هاجر الى مدينة مشهد بايران، وهناك درس على أخيه السيد جعفر الشهرستاني وأفاد من علمه ، وهنا ظهرت موهبة عظيمة في السيد محمد وبان أثرها في كل ولاية دخلها، تلك هي موهبة الخط بأشكاله المختلفة، ولم يزل في هذا الفن البحر الخضم والهام، ترجع اليه الأنام، حتى غادر مشهد ميمماً مدينة(بيرجند)(2) فكان لمكوثه فيها من الأيام التاريخية المشهودة، حيث تولى فيها الوظائف الشرعية وحاز على شهرة واسعة نارت به نجوم الفضائل وشموسها، ودانت لشخصه أرواحها ونفوسها وذلك لسلوكه الحسن، وإخلاص النية وبراعة خطه، ثم صلى بالناس، وقضى عمره بالذكر والعبادة، وكانت له خطب فصيحة وحضر أكابر العلماء مجالسه احتراماً له واكراماً لمثواه في تلك المدينة، حتى

(1) المصدر السابق، ص332.

(2) حوادث الأيام/ للشيخ عباس الحائري، ج1،ص238.

(65)

كاد ان يكون المرجع الأول فيها، وكان للنجاح الذي أصابه الأثر الكبير. ولاحاجة للتحدث عن صلاحه وتقواه، فان البحث في ذلك من قبيل بحصيل الحاصل، فقد كان مثلاً في التقوى والصلاح وقدوة يقتدي به كل من ناصره من الناس، وهو حري بأن يقتدى بهداه ويتزود بخصاله الحميدة، ثم أخذ يسهم في الحياة العامة تلبية لطموح وطاقة لديه.

آثاره

       سبق وأن قلنا إن السيد محمد الحسين الشهرستاني لم يزل مشغولاُ بالكتابة في غالب الأوقات حتى كتب ما لايحصى من الكتب المعتبرات . ويذكرعنه أنه خلال حياته كتب سبعة نسخ من القران الكريم بخطه الجميل الذي لانظير له. وكتب نسخة من (الصحيفة السجادية) وهي من كتب لللأدعيىه كما كتب سورة الحمد والتوحيد على صخرة من المرمر في الصحن الجديد للإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام، وقد نصبت جنب قبر الشيخ  بهاء الدين العاملي، وهذه الكتيبة سجلها بخط ثلث جميل ، وجاء في آخرها (كتبه محمد الحسيني الشهرستاني)(1)  وكتب نسخة من شجرة نسب السادة المرعشية الشهرستانية الى اخيه المرحوم الحاج السيد أبو طالب الشهرستاني.

وفاته

       أدركته منيته رحمة الله في شهر ربيع الثاني من سنة 1374ق في مدينة (بيرجند) ودفن فيها، وقد حزن عليه عموم أهالي المدينة المذكورة، وأعقب ثلاثة أولادهم السادة: حسين ومهدي وأمير.

أخيراً، ليس بين العاملين في عالم المعرفة من أنكر جهود هذا الرجل المسالم وتمسكه بأهداب الدين الحنيف والدفاع عن حقوق المسليمن بهمة لاتعرف الكلل، وان التاريخ والواقع يؤيدان هذه الصفات السامية في شخصه الكريم.

(1) معجم خطباء كربلاء/ السيد سلمان آل طعنة،ص426.

(66)

 

(11)

السيد أبو طالب

       السيد أبو طالب بن السيد محمد حسين بن السيد محمد علي الحسيني المرعشي الشهرستاني.

       ولد في كربلاء، ولم تعرف سنة ولادته، ولاتزودنا المصادر بمعلومات واضحة حول نشأته وصباه، وكل الذي نعلمه أنه نشا في كربلاء، ودرس على أيدي كبار العلماء الذين كان في مقدمتهم والده صاحب الشهرة العريضة في علم الأصول المرجع الكبير في المدينة. ثم شرع يتعلم ويقرأ مما تيسرله في مكتبة والدهه من كتب دينية وعلمية متنوعة، ثم أخذ بعد ذلك يتعلم مبادئ العلوم الإسلامية في الكتاب، وحصل على قدر من التعليم في المدارس الدينية. كان حسن الخلق، جيد النطق، يعاشر العلماء، ويجالس الفقهاء، وكان آية في الذكاء وقوة الحافظة، تروى عنه حكايات كثيرة تدل على قوة انتباهه وفطنته.

       هاجر الى كرمانشاه بايران بسبب مخالفته للإنكليز والأمير فيصل الأول ملك العراق، مقتفياً أثر أخيه الأرشد السيد مرزا علي الشهرستاني(1) . وفي هذه المدينة أسندت اليه الوظائف الأجتماعية والأحكام الشرعية، وتقدم لاقامة الصلاة وامامة الجماعة في أحد مساجدها، حتى اشتهر اسمه وبعد صيته، وأحاط بكل فروع العام والمعرفة الرائجة في عصره.

وفاته

كانت سنوات عمره ملاى بالعطاء الثر والعلم النافع، ولكن الأجل لم يترك له فرصة للعمل أكثر واستقرارها الأمثل في ظل العقيدة الأسلامية، حتى لاقى حمامه وهو في طهران، ونقل رفاته الى مدينة قم ووري في مقبرة أبو حسين(2) واعقب ثلاثة

(1) تاريخ بانصد ساله خاندان شهرستاني، ص316.

(2) بيرجند: من أقضية لواء خراسان.

(67)

بنين هم السادة امير محمد إسماعيل الشاعروالكاتب، ومحمد حسين (أقا بزرك)، ومحمد علي.

السيد حسين بن السيد مرتضى بن السيد محمد حسين الحيسيني المرعشي

الشهرستاين

 الاسر المرعشية ص 67

ولد في كربلاءينة 1340هـ،ونشا بها، وسعى الى طلب العلم منذ فجر شبابه، وشغف بالادب وراح يحفظ القصائد والشعار لاسيما الشعرالذي يختص بمناقب آل البيت عليهم السلام، وقرا العلوم العربية وعلوم الفقه على أساتذة كبار في الحوزة العليمة، وحضر مجالس كربلاء، وتتلمذ في الخطابة على خطيب كربلاء الشيخ محسن أبو الحب المتوفي سنة 1369هـ(1)، ثم اشتهر كخطيب بارع في المجالس الحسينية ، فقد عرف بحسي الصوت وأداء التعبير وحاز على شهرة فائقة، فكان ذكياً يفصح عن المسائل المعضلة الدقيقة، ويجيد تفسيرة بعض الآيات القرانية، وو فق في افتتاح كل

(1) تاريخ آستان قدس رضوي/ عزيز الله عطاردي، ج1،ص260

(68)

أمر واختامه. ذكره السيد داخل السيد حسن فقال: ( وكانت له الجرأة الى التعبير فهو يشنف أسامع الحاضرين بصوت جهوري أخاذ حتى صار له مركز مرموق في كافة الأوساط الاجتماعية، لكن الدهر الخؤون كان له بالمرصاد فقلب له ظهر المجن، وأعلن عليه حرباً شهوا، أفقد بصره، ولاقى عوزاً وضنكاً وصعوبات جمة، ورغم كل ذلك فقد تجاوزها وشق طريقه بجدارة، وقد بقى مرتبطاً بالمسيرة الحسينية لايخرج في مجموع حديثه في أطار كربلاء وقضية الامام الحسين والكوكبة من أصحابه الذين استشهدوا معه) (1)عرفته يرتاد المحافل وشاركت معه في القاء القصائد بالمناسبات الدينية في المدرسة الهندية الدينية وغيرها في أواخر الخمسينيات والستينيات، فكان أحسن رجال الدين سلوكاً وأوفرهم أدباً وأكرمهم خلقاً، يوظف خطابته ويؤديها بشكا مقبول فيفيد منها في ترقية نفسه وفكره وتطوير شخصيته، وظهر فضله ظهور الشمس للعيان، وشارك في علم العربية والعلوم الأخرى، واشتهر بحسن الالقاء وضبط الحديث واسناده إلى مصادرة الموثوقة، وكان صديقاً حميماً لعمي المتغمد بالرحمة الحاج السيد محمد رضا رحمهما الله، وبينهما محبة أكيدة، وكان يقرأ له التعزية في مجلسه المنعقد بداره في عكد الداماد مساء كل ليلة من ليالي الخميس، يكافح في سبيل المصلحة العامة، من غير أن تاخذه في الحق لومة لائم.

وفاته

       توفي خطيبنا الراحل يوم السبت 20 ربيع الأول سنة 1408هـ المصادف ليوم 12كانون الأول سنة1987م(2) ، وشارك في تشييع جثمانه العلماء والخطباء وأهل الفضل الى مثواه الأخير في مقبرة كربلاء، وترك خمسة أولاد ذكورهم السادة مرتضى، موسى، مصطفى، حيدر، أكرم.

(1) تاريخ بانصد ساله خاندان شهرستاني، ص326.

(2) المصدر السابق، ص327.

(69)

شعره

       كان ينظم الشعر فياتي منه بالسحر الحلال، ولكنه مقل، وبالرغم من ذلك فشعره غاية في البساطة والرقة، وقد حافظ على مقرمات الشعر واصوله، تناول في شعره الموضوعات الاجتماعية وأدت المناسبات قال راثياً سيد الشهداء الامام الحسين بن علي عليه السلام:

أنعاك حزناً يا ابا الشهداء       فيكل مصباح وكل مساء

مازلت أسعى في بيان مصابكم         ولاسيما في يوم عاشوراءِ

يوم بكت منه السماء عليكم             والارض خضبها دم السعداء

قتلتط عطشاناً علوج أمية              والأرض خضبها دم السعداء

وبقيت عرياناً على وجه الثرى               من غير تجهيز ولف رداء

وتبادرالاعداء نحو خيامكم             وكفيليه السجاد في الاغماء

داروا به كي يلحقوه بمن مضى               ويباد نسل سلالة الزهراء

قد قال قائلهم دعوه لأهله              وامضوا لسلب كرائم البطحاءٍ

فاذا بريات الخدورتفرمن               بطش العدة والزمرة الرعناء

والنارأظلمت السما بدخانها             قد أضرمت في منزل العظماء

والله لا أنسى يتيمتك التي               قد أفزعتها حماة الخصماء

وقال راثياً العالم السيد محمد طاهر البحراني الموسوي وأولها:

الدار فانية والدهر خوان        خطوب أهل التقى والعلم ألوان

الموت حق تذوق الخلق قاطبة         منه وما بعده نجح وخسران

فمن أطاع اله العرش منزله            دار السلام له روح وريحان

ومن عصاه ووافى قبل توبته           له عذاب وأقلال ونيران

دار الغرور فلا يبقى بها أحد           ولايعيش بها أنس ولاجان

       وقال راثياً خطيب كربلاء الشيخ محسن ين الشيخ محمد حسن أبو الحب

(70)

المتوفى سنة1369هـ/ 1949م من قصسدة أولها:

إن الفؤاد لهذا الرزء منفطرُ            قلبي لفقد خطيب الطفَّ منكسرُ

قد غادر الدهر من قد كان يرشدنا            لفقده حلَّ في أحشائنا شررُ

أعني الخطيب الذي كانت مواعظه           من كل ما جاءت الأخبار والسور

قد نال من ربه خيراً وانَّ له                  منازلاً في نعيم الخلد تزدهرُ

فكم رقى منبراً بين الأنام وكم                 دعاهم كي بدين الله ينتصروا

للخلق يذكر ما جاء الرسول به               لعل شخصاً لدى التذكار يدكرُ

(31)

السيد عبد الرضا السيد زين العابدين بن السيد حسين الحسيني المرعشي الشهرستاني.

الاسر المرعشية 70

(71)

       سماحة العلامة الشهرستاني يؤدي صلاة الجماعة في الصحن الحسيني

 الاسر المرعشية ص 71

       لايخفى على القارى الكريم أن المجالس الحسينية التي تعقد بشكل منتظم في مدينة كربلاء، لها سماتها وطابعها المميز، فهي تقام في بلد الإمام الحسين بن علي عليه السلام حيث يمتزج فيها العلم بالعمل، وتتصل القوة فيها بالفعل، بما تحمله من دروس عالمية وعظات صادقة جدير بأن نستلهمها ونقتبس منها ونمثلها في سولكنا وأخلاقنا مع إطلالة كل عام.

       لقد كانت هذه المجالس تعقد في البيوت والمساجد والحسينيات، تفدُ اليها الشخصيات العلمية والأدبية والدينة وسائر الناس. ومجلس آية الله السيد عبدالرضا الشهرستاني إحدى تلك المجالس المعمورة التي ألفناها منذ مطلع الخمسينيات وحتى السبعينيات، يرتاده العلماء الأعلام وأئمة الأدب وأهل الفضل والوجاهة في داره الكائنة في محلة المخيم قرب زقاق السور، وكان السيد عبد الرضا يقف بهيكله النحيف ووجهه الباسم عند باب الدار ليستقبل الغادين ويودع الرائحين، لا سيما في الأيام الأولى من شهرمحرم الحرام. هذه الشخصية المرموقة سجل لها التاريخ مآثر

(72)

لاتبلى وآثاراً لاتمحى على كر السنين وتوالي الأعوام.

       من الممكن القول بوجه عام أننا هنا حيال شخصية استثنائية لايجوز أن تدخل في عداد شخصيات الناس العادية.

       هو كهف الأنام، وثقة الإسلام، عمدة العلماء العاملين، ونتيجة الفقهاء والمجتهدين سماحة آية الله السيد عبد الرضا بن العلم الفاضل السيد زين العابدين بن آية الله العظمى مرجع الطائفة (السيد محمد حسين المرعشي الحسيني الشهرستاني المتوفى سنة 1315هـ المدفون في الروضة الحسينية المقدس خلف قبور الشهداء).

       ولد سماحته في مدينة كربلاء سنة 1340هـ المصادف لسنة 1919م ونشأ وترعرع في بيت عريق بالعلم والفقه والتقدم والوجاهة، وارتاد الحوزة العلمية، وبعد إكمال المقدمات، درس لدى الشيخ علي أكبر سيبويه والشيخ جعفر الرشتي متولى المدرسة الهندية الدينية، ثم توجه لدراسة السطوح، فدرس المكاسب والرسائل والكفاية على يد العالم الجليل الشيخ يوسف الخراساني والفيلسوف الشيخ محمد رضا الأصفهاني والعالم المبجل السيد محمد طاهر البحراني، ثم حضر درس السيد الطباطبائي والشيخ مرتضى الأشتياني وغيرهم من أساطين الفكر.

       عرفته عن كثب، وحببه الى نفسي ما فطر عليه من السجايا الحميدة إلى جانب ما يتحلى من خصال الجد والدأب والإخلاص في العمل مع المعرفة العميقة الواسعة. دعا إلى إحياء الثقافة العربية، والتراث الفكري الأصيل، وأطل على الآفاق الواسعة، حققه خلال حياته العملية إلانجاز الأكبر الذي بنى فيه مجده، ناهجاً النهج الأمثل، وليس أحد ينكر هذه الحقيقة من حق كل فئة أن تسهم في بناء المجتمع بجميع مجالات الحياة، وهذا يعني أن تتاح الفرص لكل ‘نسان أيا كان ومهما كانت عقيدته، لكي يجد موقعه في الحياة العامة، بعيداً عن الحدود والحسابات الطائفية.لقد كانت له شخصية مؤثرة ظل تأثيرها باقياً إلى يوم الناس هذا.

(73)

خزانة كتبه

       خلف له والده مكتبة عامره قيمة غنية بالنوادر والنفائس من التراث العلمي والإسلامي من الكتب المخطوطة بخطوط رجال الفضيلة والعلم والأدب، وفيها من المطبوع الشيء الكثير وقد ساعدني- نور الله رمسه- في التعريف بالمخطوطات التي تكتنزها خزانته الجليلة، فنشرت عنها بحثاُ في مجلة (المورد) التي تصدرها وزارة الثقافة والاعلام العراقية، مؤلفاُ من قسمين، بعنوان(مخطوطات مكتبة آل المرعشي في كربلاء). ولذلك بذل جهوداُ في الحفاظ على هذا التراث الذي وصل إليه من آبائه. لقد كان بيته محجة للزائرين ناهلي العلم من ينبوعه، وكان هو محتكماً في المستعلق من العبارات والأقوال والأحكام مرشداً في تخير الموضوعات ومعلماً في الإحاطة على المصادر والمراجع والمظان. وكان في علمه كالغيث السخي، يترقرق من عل في جداول تتوزعها جنبات الأرض. كانت كتبه ومخطوطاته كالسيل للشاربين، لايحجز كتاباً عن طالبه مستعير أو ناظراً فيه داخل المنزل أو في غرفته المطلة على ساحة المدرسة الهندية، والكثير منها لم يعد إليه، وفضلاً عما كان لهذه دونها بخطه الرقيق الجميل.

أعماله ومشاريعه

       ساهم في معظم النشاطات الإسلامية في كربلاء، لعل أبرزها/ تأسيس مدرسة الإمام الصادق عليه السلام  ومستوصف كربلاء الخيري، والجمعية الخيرية الأسلامية والمكتبة الجعفرية بمدرسة الهندية، ومجلة( أجوبة المسائل الدينية) وباشر بامامة الجماعة في الحرم الحسيني منذ عام 1356هـ ولغاية43 عاماً، وهي فترة زمنية قاما تتاح لعلماء آخرين. وله مواقف مشرفة في الدفاع عن بيضة الدين الحنيف، رفعها علماء كربلاء والنجف والكاظمية إبان الاحداث السياسية التي مر بها القطر العراقي، وهذا أن دل

(74)

على شيء فانما يدل على أنه كان واعياً على مستوى المرحلة، يجسد في حياته الشعار الذي رفعه أبو الأحرار الإمام الحسين بن علي)ع) وجسده بتضحيته وقراراته الشجاعة حين نادى في وجه الظالمين(هيهات منا الذلة).

وقد ضحى بكل ما يملك لتحقيق الأهداف السامية والأغراض النبيلة، والسير في الطرق القويمة المحكمة التي يتبعها أئمة أهل البيت عليه السلام، العترة المنجبة، أعلام الهدى ومصابيح الدجى الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً وجعل حبهم فرضا في أعناق العباد.

       لقد كان صالحا زاهداً ثقة، موفور الوقار، مهاباً، علامة، مشاركاً في جملة من العلوم، متضلعاً بها، متمكناً منها، مصنفا فيها كالفقه وأصوله واللغة العريية وآدابها والكلام والتاريخ وعلم الفلك ونحو ذلك. وله في كل منها نتاج يشهد بعلو منزلته. وقد بذل غاية الوسع ليمضي في طريق لاحبة تحفظ للعربية أصالبها وبيانها ونهجها المنيع في التطور والنماء ويمنحها طاقة متجددة تستجيب بها لمتطلبات العصر يستقصي وينقب ويبث ليقدم الرأي العلمي الدقيق الحصيف مع الأناة وحسن التأني، قد جمع صفتي العالم والمربي.

       عانى من قسوة الحياة القاسية المريرة التي لاترحم، ووقف أما المصاعب التي اعترضت سبيله وقفة الأسد الهصور، صلباً قوياً لم تؤثر فيه قط، لانه يمتلك الارادة القوية والعزم الثابت وطموحا يتحدى كل العقبات، ولكن في داخله ثورة عارمة في أن يدرس ويطالع ويتعامل مع الكتاب، وبالفعل فقد استقر رأيه على ذلك، فما كان منه إلا أن يجد السير ويواصل الدراسة بعزم وحزم حتى صقل ذهنه وتفتحت قريحته، وأعطته الحياة الكثير من التجارب والعبر، وصنعت منه رجلاً يدرك ما حوله من أمور، ويحقق ذاته، ويعالج كل مشكلة من مشاكل الناس من منظار إسلامي، وما أكثر المشاكل وأكثر المعاناة لاسيما في عصر طغت فيه المادة، وضاعت القيم والمقاييس والأخلاق، لكنه لم يخلد قط الى حياة الدعة والراحة، بل عقد العزم والاصرار على أن يجالد في معترك الحياة، حتى أصبح عالماً له وزنه، شأنه شان آبائه

(75)

الكرام وسلالته الطاهرة، وبذا حقق أمنيته التي كان يصبو اليها، وذلك بالانصراف إلى الخدمة العامة بكل ما أوتي من ايمان راسخ وعقيدة ثابتة. وصال وجال حتى أثمرت جهوده، وأصبح مرجعاً للأحكام الشرعية، فتولى الأمور الحسابية وقبض الحقوق الشرعية لصرفها في المشاريع العامة لمنفعة المسلمين. وفي شخصية هذا الرجل جوانب إنسانية مشرقة يطول بنا الحديث إن اردنا إستقصاءها

آثاره المطبوعة

1- أجوبة المسائل الدينية- مجلة تأسست سنة1371هـ وصدر منها 18 مجلداً ثم توقفت سنة 1389هـ، احتوت على أجوبة ما يقارب ثلاثة آلاف سؤال.

2- التفسير والعقائد.
3- النيروز في الإسلام- طبع سنة 1371هـ.

4- صلاة الجمعة في عصر الغيبة- طبع سنة1380هـ.

5- السجود على التربة الحسينية- طبع سنة1388هـ.

6- حياة الإمام الحسين بن علي عليهما السلام.

7- الصلاة معراج المؤمن- طبع سنة 1390هـ.

8- الأمربالمعروف والنهي عن المنكر- طبع سنة1970م.

9- التقويم الفلكي.

10- الطريق المستقيم في بيان أصول الدين.

11- المعارف الجلية في تبويب أجوبة المسائل الدينية- طبع سنة 1972م.

12- مقاليد الهدى في شرح العروى الوثقى- طبع سنة 1977م.

13- نوروز در تاريخ ودين- طبع سنة 1372هـ(1) .

(1) خطباء المنبر الحسيني/ حيدر، صالح المرجاني، ج1، ص249.

(76)

آثاره المخطوطه

1- دفع الشبهات.

2- غاية التقريب- في المنطق.

3- حاشية على المكاسب للشيخ الأنصاري.

4- حاشية على الرسائل للشيخ الأنصاري.

5- حاشية اللمعة الدمشقية.

6- حاشية القوانين- في الأصول

7- حاشية معالم الأصول

8- عقائد المؤمنين في أصول الدين.

9- أحوالات المرزا محمد حسين الشهرستاني(1) .

لقد كان آية الله السيد عبد الرضا واسع العلم، كثير الفضل غاية في الذكاء وجودة القريحة، متفنناً في كل علم.

وفاتة

ويغيب هذا الرجل دون أن يلتفت أحد للكتابة عنه وعن جهاده ومسيرته العلمية ودوره الفعال في الفكر والدين ، وأحجم الكثيرون وتوقفت الأقلام وأسدل الستارعن هذه الشخصية الفكرية الفذة. ولم يعد حديث هنا سوى حديث المجالس. لقد كان اسماً مبجلاً معروفاً له صوته المدوي وشهرته الذئعة الصيت في كافة الأوساط العلمية، أنا نطالب الكتاب بالتوفر على دراسة آثاره وأفكاره وجهاده الطويل في خدمة الإسلام، من حقه علينا أن نفصل في الكثير من جوانب حياته المهمة، لنسد نقصاً يحتاجه الكثير من الباحثين والقراء منذ الولادة حتى آخر لحظة من حياته. وفي

(1) معجم الخطباء- السيد داخل السيد حسن، ج9، ص37.

(77)

تصوري إن هذه الطريقة هي أقرب وافضل في فهم الشخصية واستيعاب حياتها.

       لقد كانت بحق مرحلة خصب زاخرة بالعطاء بعد جهاد مرير في خدمة الشرع الشريف ومذهب آل البيت عليهم السلام والعمل الجاد الدؤوب.

       ودع السيد عبد الرضا الحياة الفانية وسلم نفسه إلى بارئها وذلك في يوم 28ربيع الأول سنة 1418هـ المصادف لسنة 1997م في مدينة مشهد وشيع تشييعاً فخماً يليق بمنزلته ودوفن في مدينة مشهد. وأعقب ثلاثة أولاد أجلاء وهم: السيد زين العابدين والسيد جواد والسيد علي حفظهم الله وأبقاهم. كل ما يمكنني قوله بعد هذه الوقفة أن العلم الجليل السيد عبد الرضا المرعشي الشهرستاني من القلائل الذين ساروا على هذا النهج المحبب الى الناس.

(78)

 الاسر المرعشية ص 78

(79)

 الاسر المرعشية ص 79

-السيد عبد الرضا الشهرستاني        - السيد صادق العلامة

- السيد محمد علي خير الدين           - السيد نورالدين الميلاني

- الشيخ حمزة الشيخ طاهرالزبيدي           - السيد محمد صادق القزويني

- السيد أحمد الخونساري                      - السيد صادق الشهرستاني

- السيد مصطفى الاعتماد

       وقلت في رثاء آية اله السيد عبد الرضا المرعشي الشهرستاني

أودى الردى بالعالم المتهجد            أدمى القلوب برزئه المتوقد

والحزن خيم في الفضاء كأنهٌ          يوم تلفع بالظلام الأسود

أسفاً على تلك الخلال تغيب عن        هذا الوجود، فيا لعظم المشهد!

قد كان ترباً للفضيلة صالحاً            بالعلم والتقوى وطيب المحتد

حب الحسين شعاره عبر الدنى               وبدون نهج السبط لم يتقلد

ومشى على درب تألق بالعلا           كلانور يشرق في الربى والفرقدِ

عاش الحياة على خطى أسلافه               والعلم والآداب خير مهند

طابت أرومته وأينع غرسه             فهو الذي ينمى لال محمد

كم ذا أفاد الناس في اسفاره            لازال منصوراً لكل مويدِ؟

(80)

ولئن أتاه سائلٌ في بابهِ          قد نال مطلبه وعاد بسؤدد

أمضى حياة في الفقاهة والهدى         من عمره وعطائه المسترفد

فاذا تحدر في الخطابة خلته            متحدثاً بلسان صدق مسندِ

ولقد تصدر للصلاة ولم يرم            جاهاً ولانشباً فيا دنيا اشهدي

قد جاوز الأقران اذ بلغ السهى         ومنارة شعت كنور الفرقد

هو ذلك العلم الذي يدعو إلى           حفظ المودة في صلاح المفسدِ

لاتعتريه خشية أو رهبة         من كل طاغ جائر متمرد

ما حاد عن سنن العدالة والتقى         يحدوه شوق مفكر ومجدد

أولم يكن غوث الصريخ وطالما        قد كان عوناً للفقير المكمد

يامن أثرت خواطري ولو اعجي              قد نلت في الدنيا كريم المقصد

وحياتك المثلى سجل ثابت              للمكرمات تضوع بالعطر الندي

شيدت صرحاً لمعالي شامخاً           سيظل مفخرة لكل ممهد

أنت الذي حزت المكارم يافعاً          ونشات في الظل العلا والسؤدد

أنت الذي حزت أحرزت مجداً خالداً          لله من بدر خبا متوقد

أبكى العيون دماً رحيلك سيدي         فلمن يؤم مسائل كي يقتدي؟

ومضيت محمود النقيبة جهبذاً          وبدون زاد العلم لم تتزود

وتركت الأجيال علماً زاخراً           يدعو الى دين النبي محمد

ياسيدي إن الفراق معذبي               حتام تذكو ناره في الأكبدِ؟

سيظل ذكرك ماثلاً لعيوننا              ماناحت الورقاء في الروض الندي

(81)

الاسر المرعشية ص 81 ا

السيد عبدالرضا المرعشي الشهرستاني- السيد صالح السيد ابراهيم الشهرستاني الشيخ محروث الهذال رئيس عشائر عنزةـ السيد ابراهيم الشهرستاني

(14)

السيد جواد بن السيد عبدالرضا بن السيد زين العابدين بن السيد محمد حسين الحسيني المرعشي الشهرستاني

الاسر المرعشية ص 81 ب

هو أحد أولئك العاملين بهمة ونشاط وجد وإقدام في سبيل الاصلاح وإنجاز

(82)

المفيد من تلك المشروعات القيمة لمحض عمل الخير والمنفعة العامة المجردة من أية غاية أخرة. ونحن لسنا نقول هذا القول جزافاً إنما نراه واقعاً ملموساً في شخصة، فهو قائم بالشيء الكثير من شؤون الطائفة والاشراف على دقائق الأمور، لذا حاز ثقة كبرى من لدن المجتمع الذي ألقى اليه مقاليد الأمور، وإننا نسجل بفخر تاريخه المجيد شاكرين له حسن جهاده في سبيل التصدي للشؤون ونشر الفضيلة وتعضيد الأعمال الإصلاحية والعلمية.

       ترجم له الأديب نور الدين الشاهرودي فقال: (ولد السيد جواد في كربلاء سنة 1373هـ والمصادف لسنة 1952م ونشأبها نشاة دينية صحيحة بفضل توجيهات والده وغايته الخاصة بتربيته، تلقى دروسه الدينية في حوزة كربلاء أولاً ثم انتقل الى النجف الأشرف، حيث واصل دراسته الفقهية الأصولية في المستويات العالية، وهناك صاهر مرجع الشيعة الاكبر آية الله العظمى السيد علي السستاني على كريمته.ثم هاجر إلى إيران فدرس فترة في مدينة مشهد مستفيداً من درس آية الله الحاج الميرزا علي الفلسفي وبعدها انتقل الى مدينة قم المقدسة وحضر درس آية الله العظمى الشيخ حسين الوحيد الخراساني في مبحث الأصول ودرس آية الله العظمى الشيخ جواد التبريزي النجفي في مبحث الفقه وبعد التأهل في العلوم الاسلامية تفرغ للخدمات الدينية والثقافية  الإسلامية كما تولى إدارة وتسيير شؤون مكتب ممثلية المرجعية الديني الكبير آية الله العظمى السيستاني في مدينة قم، فهو وكيله المعتد ومنتدبه الموثوق به. ومنذ اكثر من عشر سنوات بادر الى إنشاء(مؤسسة آل اليت عليه السلام) إلى جانب خدمة القضية الحسينية بصورة مباشرة أو غير مباشرة. وقد أنجزت هذه المؤسسة تحت أشرافه خدمات جليلة في مجال طبع ونشر كتب وموضوعات دينية تاريخية قيمة تعتبر من كتب التراث الاسلامية الشيعي ومن مصادر فقه ومعارف أهل البيت عليهم السلام. وتقع هذه المؤسسة داخل بناء مسجد على الطراز الإسلامي التقليدي ويضم أجنحة وأقساماً مختلفة ينشط فيها عدد من المحققين والباحثين والمتفرغين لدراسة كتب المصادر الاسلامية وتصدر عنها مجلة دورية تشتمل على مواضيع ودراسات دينية وعليمة تخدم

(83)

مسيرة البحث والتحقيق في الحوزات العلمية(1) . لقد أحيط منذ أن هبط الى الدنيا بالعناية والرعاية، فنشأ كما ينشأ الرجال، وتوجه الى الدرس والتحصيل، فأصاب من ذلك ثقافة واسعة صقلها بمطالعة الكتب وقراءة الأسفار، فاجتمعت لديه مكتبة قيمة ضمت بين رفوفها أنفس المخطوطات وأندر الكتب. وتوفرت فيه كل الصفات الطيبة الكريمة التي يتصف بها كرام الشباب المهذبين، سواء كانوا في نشأتهم البيتية أو عندما خاضوا معترك الحياة واحتكوا بالناس على اختلاف ظروفهم ومناسباتهم وأخلاقهم ومبادئهم. والحق يقال ان السيد جواد يخوض كل غمر ويخرج وليس عالقاً في ثيابه أي غبار وهو وسيم الطلعة ذو نظرات نفاذة تنم عن ذكاء حاد ورجولة كامنة، اشتهربحسن الإدارة والمعاملة الحسنة مع كل الفئات، ولذا أجمعت القلوب على محبته، كما نذكر بفخر أن العرب رجالاً إذا ما أرادوا الاضطلاع بأعباء شاقة اضطلعوا بها، وهوبعد هذا مثل سائر في اللطف والذوق والكياسة وحسن مع المعشر، اضافة إلى كونه من الاذكياء اللامعين. وإذا كان لنا ما نغبط أنفسنا عليه، فهو أننا نكتب بوحي الوجدان الحي لا بوحي الصداقة والعواطف، وينبغي أن نذكر أن السيد جواد قد كرس جهده لبناء مشروع حيوي جديد هو الأول من نوعه، ألا وهو انشاء مدرسة علمية جديدة خارج مدينة قم المقدسة.

       هذا وللسيد جواد معرفة تامة بالشعر وآدابه وغلطه وصوابه، محب لانشاده، مواظب عليه.

       كما أن له مؤلفات عديدة قام بتدوينها بالتعاون مع عدد من الفضلاء.

       1- كتاب ولاية العهد بين الامام علي بن موسى الرضا عليه السلام ومأمون الرشيد.

       2- دراسة حول نسبة كتاب (فقه الإمام الرضا عليه السلام واثباته) للشلغماني.

       3- كتاب مقدمات مطولة لكتب (وسائل الشيعة) و(مستدرك الوسائل) و(جامع المقاصد).

(1) معجم خطباء كربلاء- سلمان هادي آل طعمة، ص87.

(84)

       أصدر مجلة (الارشاد) التي طبع منها حوالي سبعة أعداد، كما أصدر مجلة (تراثنا) وهي من خيرة المجلات المتخصصة بالتراث وما زالت تمارس نشاطها تحت توجيه السيد جواد، وقد صدر منها لحد الآن (75) عدداً. ولئن أتيح لك أن تزوره في غربته، تلقاك بابتسامته العريضة هي العذب الزلال رقة وصفاءً والسحر الحلال جمالاً وبهاءً، وحسب القارئ على سمو أخلاقه أن يكون والده ومربيه والغارس في نفسه بذور الجد والإقدام والشهامة، ولاغرابة أن يكون الشبل من ذاك الأسد، فقد شب هذا الشمم ونشأ على سيرة المرحوم والده في الأدب والكمال والاستقامة، ولم تغره تلك الأموال الطائلة التي ترد اليه، بل زادته تمسكاً بأهداب الدين والتحلي بالأدب الصحيح والاستقامة التامة والقيام بالخدمة العامة للمجتمع الأسلامية. وإني لم أر أكثر منه إباءً واعتزازاً بالنفس، هذه الأمور جعلته أكثر بساطة وتواضعاً، ففي مثل أعماله فليتنافس المتنافسون ويقتفي أثره المقتفون في كل عمل جليل يعود على أنفسهم ومواطنيهم بالفخر والإعجاب.

(85)

الاسر المرعشية ص 85