موسوعة بطل العلقمي

اسم الکتاب : موسوعة بطل العلقمي

المؤلف : تأليف سماحة آية الله المحقق الكبير الشيخ عبد الواحد المظفر قدس سره
المطبعة : مؤسسة الشيخ المظفر الثقافية العراق النجف الاشرف مؤسسة الاعلمي للمطبوعات بيروت لبنان

 

 

 

 

الدلالات على مقتل الإمام الحسين «عليه السلام»


حتى عرف مقتله قبل وصول الخبر بقتله وعلم بذلك جماعة من الصحابة كابن عباس وأم سلمة بالعلامات التي عندهم وبرؤية رسول الله (ص) في المنام، وعرفه كثير من الناس بالهواتف، فإن الجن ناحت عليه ومن ظهور الآثار على الأحجار والآفاق وهو باب واسع نذكر منه مقدار ينتفع منه المسلم.
فعن الحافظ الكبيرين العسقلاني(2) والقرطبي(3) عن ابن عباس قال: رأيت النبي (ص) فيما يرى النائم نصف النهار وهو قائم أشعث مغبر، بيده قارورة فيها دم، قلت بأبي أنت وأمي يا رسول الله، ما هذا؟ قال: دم الحسين «عليه السلام» لم أزل التقطه منذ اليوم، فوجد قد قتل في ذلك اليوم، إنتهى، ورواه المحب والسيوطي(4) وغيرهما.
وذكر السيوطي الشافعي في تاريخ الخلفاء(5): أخرج الترمذي عن سلمى
(1) الكنى والاسماء 2/ 20. (2) الإصابة 1/ 335.
(3) الاستيعاب لابن عبد البر بهامش الإصابة: ص 280.
(4) ذخائر العقبى: ص 146.
(5) تاريخ الخلفاء: ص 139.
(379)
قالت: دخلت على أم سلمة وهي تبكي، قلت لها: ما يبكيك؟ قالت: رأيت رسول الله (ص) في المنام وعلى لحيته ورأسه التراب فقلت: ما لك يا رسول الله؟ قال: شهدت قتل الحسين آنفاً، إنتهى.
ورواه المحب في ذخائر العقبى(1) والحافظ الكنجي في كفاية الطالب(2) – ولفظه -: عن علي بن زيد بن جدعان قال: استقيظ ابن عباس من نومه فاسترجع وقال: قتل الحسين «عليه السلام» والله فقال له أصحابه: كلا يا ابن عباس، قال: رأيت رسول الله (ص) ومعه زجاجة من دم فقال: ألا تعلم ما صنعت أمتي من بعدي؟ قتلوا أبني الحسين وهذا دمه ودم أصحابه أرفعه إلى الله عز وجل فكتب ذلك اليوم الذي قال فيه ذلك وتلك الساعة فما لبثوا إلا أربعة وعشرين يوماً حتى جائهم الخبر بالمدينة أنه قتل ذلك اليوم.
قلت: ذكره الدمشقي «يعني ابن عساكر» في ترجمته وهو كذلك(3)، قال الحافظ الهيثمي الشافعي في الصواعق المحرقة(4) في حديث القارورة في حديث أم سلمة وفي رواية عنها: فأصبته يوم قتل الحسين «عليه السلام» وقد صار دماً، ثم قالت أم سلمة: فلما كانت ليلة قتل الحسين «عليه السلام» سمعت قائلاً يقول:
أيها القاتلون جهلاً حسيناً إبشروا بالعذاب والتنكيل
قد لعنتم على لسان ابن داود وموسى وصاحب الانجيل
قالت: فبكت وفتحت القارورة فإذا الحصيات قد جرت دماً، ثم ذكر رؤيا أم سلمة ورؤيا ابن عباس.
وقال ابن عبد ربه المالكي في العقد الفريد(5): قال الزهري: خرجت مع قتيبة أريد المصيصة، فقدما على عبد الملك بن مروان وإذا هو قاعد في إيوان له وإذا سماطان من الناس على باب الايوان فإذا أراد حاجة قالها للذي يليه حتى تبلغ المسألة باب الإيوان.
فقال عبد الملك للذي عن يمينه: هل بلغكم أي شيء أصبح في بيت المقدس ليلة قتل الحسين؟ قال: فسأل: فسأل كل واحد منهما صاحبه حتى بلغت المسألة الباب فلم يرد أحد فيها بشيء.
قال الزهري: قلت: عندي في هذا علم، قال: فرجعت المسألة رجلاً رجلاً
(1) ذخائر العقبى: ص 148. (2) كفاية الطالب: ص281.
(3) تاريخ مدينة دمشق 4/ 340. (4) الصواعق المحرقة: ص115.
(5) العقد الفريد 3/ 144.
(380)
حتى انتهت إلى عبد الملك، قال: فدعيت فمشيت بين السماطين فلما انتهيت إلى عبد الملك سلمت عليه فقال لي: من أنت؟ فقلت: أنا محمد بن مسلم بن عبيد الله الزهري، قال: فعرفني بالنسب، وكان عبد الملك طلابة للحديث، فقال: ما أصبح ببيت المقدس يوم قتل الحسين بن علي؟
وفي رواية أخرى عن الزهري أنه قال: الليلة التي قتل في صبيحتها الحسين بن علي.
قال الزهري: نعم، قلت: حدثني فلان لم يسمه لنا انه لم يرفع في تلك الليلة التي قتل في صبيحتها علي بن أبي طالب والحسين بن علي «عليهما السلام» حجر في بيت المقدس إلا وجد تحته دم عبيط، قال عبد الملك: صدقت، حدثني الذي حدثك وأنا وإياك في هذا الحديث لغريبان، الخ.
وذكره الحافظ الهيثمي وسبط ابن الجوزي وغيرهما مختصراً.
قال الحافظ الهيثمي والسبط ابن الجوزي وغيرهما مختصراً.
قال الحافظ جلال الدين السيوطي في تاريخ الخلفاء(1): أخرج أبو نعيم في دلائل النبوة عن أم سلمة قالت:سمعت الجن تبكي على الحسين «عليه السلام» وتنوح عليه.
وأخرج ثعلب في أماليه عن أبي جناب الكلبي قال: اتيت كربلاء فقلت لرجل من أشراف العرب أخبرني بما بلغني أنكم تسمعون نوح الجن؟ فقال: ما تلقى أحداً إلا أخبرك انه سمع ذلك، قلت: فأخبرني بما سمعت أنت؟ قال سمعتهم يقولون:
مسح الرسول جبينه فله بريق في الخدود
أبواه من عليا قريش وجده خير الجدود
وذكر الحافظ محب الدين الطبري في ذخائر العقبى(2) عن أم سلمة: ما سمعت نوح الجن بعد رسول الله (ص) إلا ليلة قتل الحسين «عليه السلام» فقلت للجارية: أخرجي فوالله ما ارى ابني إلا قد مات، أخرجي فاسألي، فخرجت فسألت، فقيل: إنه قتل، خرجه الملا في سيرته.
وذكر الحافظ الكنجي في كفاية الطالب حديث أبي جناب الكلبي(3) وزاد في حديث أم سلمة: ما سمعت نوح الجن، الحديث ما لفظه بعد قولها «قد قتل»: وإذا جنية تنوح:
(1) تاريخ الخلفاء: ص 139. (2) ذخائر العقبى: ص 150.
(3) كفاية الطالب: ص294.
(381)
ألا يا عين فاحتفلي بجهد ومن يبكي على الشهداء بعدي
على رهط تقودهم المنايا إلى متجبر في الملك عبد
وفي حديثها الآخر الذي فيه: «أيها القاتلون جهلاً حسيناً» البيت، وبعده قبل الثاني:
كل أهل السماء سدعوا عليكم من نبي ومرسل وقبيل
وقال(1): خرجه محدث الشام، يعني ابن عساكر(2)، وهو كما قال.
وقال سبط ابن الجوزي في التذكرة(3) بعد أن ذكر نوح الجنية التي سمعتها أم سلمة: قال الشعبي: سمع أهل الكوفة قائلاً يقول:
أبكي قتيلا بكربلاء مضرج الجسم بالدماء
أبكي قتيل الطغاة ظلماً بغير جرم سوى الوفاء
أبكي قتيلاً بكى عليه من ساكن الأرض والسماء
هتك أهلوه واستحلوا ما حرم الله في الإماء
يا بأبي جسمه المعرى ألا من الدين والحياء
كل الرزايا لها عزاء وما لذا الرزء من عزاء
قوله: «إالا من الدين والحياء» قد ألم به الشاعر الفحل الشيخ كاظم الأزري البغدادي فقال في مرثية الحسين «عليه السلام»:
قد غير الطعن منه كل جارحة إلا المكارم في أمن من الغير
قال السبط: وقال الزهري: ناحت الجن عليه فقالت:
خير نساء الجن يبكين شجيات ويلطمن خدود كالدنانير نقيات
ويلبسن ثياب السود بعد القصبيات ويندبن حسيناً عظمت تلك الرزيات
الأخير عن غير السبط، م ذكر قولهم مسح الرسول وزاد ابن عساكر في تاريخ الشام(4) بعد البيتين ما نصه: وسمعهم أبو مرثد الفقيمي فأجابهم بقوله:
خرجوا به وفداً إليه فهم له شر الوفود
قتلوا ابن بنت نبيهم سكنوا به نار الخلود
(1) كفاية الطالب: ص 295. (2) انظر تاريخ مدينة دمشق 4/ 341.
(3) تذكرة خواص الأمة: ص 153.
(4) تاريخ مدينة دمشق 4/ 341.
(382)
وفي تاريخ ابن عساكر(1): وروي أنهم سمعوا في الليل صوتاً ولا يرون شخصاً وهو يقول:
عقرت ثمود ناقة فاستوصلوا وجرت سوانحهم بغير الأسعد
بنو رسول الله أعظم حرمة وأجل من أم الفصيل المقصد
عجباً لهم لما جنوا لم يمسخوا والله يملي للطغاة الجحد
وأمثال هذا كثير في كتب حفاظ أهل السنة، وروى حفاظ الإمامية أكثر فاطلبه من أمالي الشيخ الطوسي وكامل الزيارة لابن قولوية والبحار للفاضل المجلسي وغيرها من كتب الإمامية.

الآيات الباهرة والمعجزات الظاهرة


التي أظهرها الله تعالى للحسين «عليه السلام» فقد تظافر النقل عن أئمة أهل الحديث بما لا يستريب فيه أحد ولا يتطرقه ريب ولا يتداخله شك أو تشكيك حيث أتفق على روايته علماء الفريقين وكل شيء توافق عليه الخصمان وتسالم عليه الضدان فهو صحيح وحق لا محالة، إن الآيات التي ظهرت عند مقتله الشريف عظيمة جداً وباهرة ومخوفة لأنها من الآيات السماوية التي لا تقع إلا للدلالة على غضب الله تعالى وسخطه وإرادة انتقامه نحو كسوف الشمس وخسوف القمر على غير مجاري العادة ومطر السماء بالدم والتراب الاحمر وتساقط الكواكب وظهور الحمرة في السماء وطلوع الشمس صفراء كامرأة لبست ثياب معصفرة إلى غير ذلك مما ضبطه الفاظ وأورده المتفنون من أهل الضبط من أئمة الحديث.
قال الحافظ السيوطي الشافعي في تاريخ الخلفاء(2): ولما قتل الحسين «عليه السلام» مكثت الدنيا سبعة أيام والشمس على الحيطان كالملاحف المعصفرة والكواكب يضرب بعضهاً بعضاً، وكان قتله يوم عاشوراء وكسفت الشمس ذلك اليوم واحمرت آفاق السماء ستة أشهر بعد قتله، ثم لا زالت الحمرة ترى فيها بعد ذلك ولم تكن ترى فيها قبله، وقيل: إنه لم يقلب حجر ببيت المقدس يومئذ إلا وجد تحته دم عبيط، وصار الورس الذي في عسكرهم رماداً ونحر أحدهم ناقة في عسكرهم فكانوا يرون لحمها مثل النيران وطبخوها فصارت مثل العلقم وتكلم رجل في الحسين «عليه السلام» بكلمة فرماه الله بكوكب من السماء فطمس بصره.
(1) تاريخ مدينة دمشق 4/ 341. (2) تاريخ الخلفاء: ص138.
(383)
وذكر المحب الطبري الشافعي في ذخائر العقبى(1) حديث الورس وتحوله رماداً، وحديث الذي رماه الله بالكوكب، وقال: عن أبي قبيل: لما قتل الحسين «عليه السلام» بعث به إلى يزيد فنزلوا أول مرحلة فجعلوا يشربون ويتحيون بالرأس، فبينما هم كذلك خرجت عليهم من الحائط يد معها قلم حديد فكتبت سطراً بدم:
أترجوا أمة قتلت حسيناً شفاعة جده يوم الحساب
فهربوا وتركوا الرأس، خرجه منصور بن عمار، إنتهى، وهو حديث مشهور رواه الحافظ الهيثمي وغيره.
وقال المحب الطبري أيضا(2): ذكر أبو نعيم في دلائل النبوة عن نضرة الأزدية أنها قالت: لما قتل الحسين بن علي «عليهما السلام» أمطرت السماء دماً فأصبحنا وجبابنا وجرارنا مملوءة دماً.
وعن مروان مولى هند بنت المهلب قال: حدثي بواب عبيد الله بن زياد أنه لما جيء برأس الحسين بن علي «عليهما السلام» بين يديه رأيت حيطان دار الإمارة تسايل دماً، خرجه ابن بنت منيع.
وعن جعفر بن سليمان قال: حدثتني خالتي أم سالم قالت: لما قتل الحسين «عليه السلام» مطرنا مطراً كالدم على البيوت والجدر وبلغني أنه كان بخراسان والشام والكوفة، خرجه ابن بنت منيع وذكر حديث أم سلمة والزهري وقد تقدما.
وقال أبو جعفر الطبري المؤرخ في التاريخ(3): فما هو إلا قتل الحسين «عليه السلام» فسرح برأسه من يومه ذلك مع خولي بن يزيد وحميد بن مسلم الأزدي إلى عبيد الله بن زياد فأقبل له خولي فأراد القصر فوجد باب القصر مغلقاً فأتى منزله فوضعه تحت أجانة في منزله وله أمرأتان: أمرأة من بني أسد والأخرى من بني الحضرميين يقال لها النوار أبنة مالك بن عقرب وكانت تلك الليلة ليلة الحضرمية.
قال هشام: فحدثني أبي عن النوار بنت مالك قالت: أقبل خولي برأس الحسين «عليه السلام» فوضعته تحت أجانة في الدار ثم دخل البيت فآوى إلى فراشه، فقلت له: ما الخبر عندك؟ قال: جئتك بغنى الدهر، هذا رأس الحسين «عليه السلام» معك في الدار.
(1) ذخائر العقبى: ص 144. (2) ذخائر العقبى: ص145.
(3) تاريخ الطبري 6/ 261.
(384)
قالت: فقلت: ويلك! جاء الناس بالذهب والفضة وجئت برأس ابن رسول الله (ص)؟ لا والله لا يجمع رأسي ورأسك بيت أبداً.
قالت: فقمت من فراشي وخرجت إلى الدار فدعا الأسدية فأجلسها إليه، وجلست أنظر قالت: فوالله ما زلت أنظر إلى نور يسطع مثل العمود من السماء إلى الاجانة ورأيت طيراً بيضاً ترفرف حولها، فلما أصبح غدا بالرأس إلى عبيد الله بن زياد.
وقال عز الدين ابن الأثير الشافعي في تاريخ الكامل(1): قال بعض حجاب عبيد الله بن زياد: دخلت معه القصر حين قتل الحسين «عليه السلام» فاضطرم في وجهه ناراً، فقال هكذا بكمه على وجهه وقال: لا تحدث بهذا أحد.
وقال الشبلنجي الشافعي في نور الإبصار(2) عن منهال الأسدي قال: والله لقد رأيت الحسين «عليه السلام» حين حمل وأنا بدمشق وبين يديه رجل يقرأ: (أم حسبت أن أصحب الكهف والرقيم كانوا من ءايتنا عجبا)(3) فنطق الرأس وقال: قتلي أعجب من ذلك.
وذكر(4)بكاء السماء وحديث الزهري في تفجر أحجار بيت المقدس دماً.
وذكر الحافظ الهيثمي حديث الكف التي كتبت الشعر(5) وقال: وذكر غيره – يعني غير منصور بن عمار – أن هذا البيت وجد بحجر قبل مبعثه (ص) بثلثمائة سنة وأنه مكتوب في كنيسة من أرض الروم لا يدرى من كتبه، وعلى رواية ابن حجر هذه على هذا الوجه يكون من هذا القسم.
ثم ذكر حديث نظرة الأزدية وقال بعده: وكذا روى في أحاديث غير هذا، ومما ظهر يوم قتله من الآيات أيضاً أن السماء أسودت أسوداداً عظيًماً حتى رؤيت النجوم نهاراً ولم يرفع حجر إلا وجد تحته دم عبيط ثم ذكر بقاء الشمس سبعة أيام كالملاحف المعصفرة من شدة حمرتها وضربت الكواكب بعضها بعضاً، ثم ساق جميع الأحاديث المتقدمة سوى حديث الطبري وابن الأثير، وحيث أن جميع ما ذكره فهو عن تذكرة سبط ابن الجوزي فنحن ننقل عنها بلا واسطة.
قال السبط في التذكرة(6): قال ابن سعد في الطبقات: إن هذه الحمرة لم ترى في السماء قبل قتل الحسين «عليه السلام».
(1) الكامل في التاريخ 4/ 103. (2) نور الإبصار: ص122.
(3) الكهف: 9. (4) نور الإبصار: ص120.
(5) الصواعق المحرقة: ص116. (6) تذكرة خواص الامة: ص154.
(385)
قال جدي أبو الفرج في كتاب التبصرة: لما كان الغضبان يحمر وجهه عند الغضب فيستدل بذلك على غضبه وإنه إمارة السخط والحق سبحانه ليس بجسم فأظهر تأثير غضبه على من قتل الحسين «عليه السلام» بحمرة الأفق وذلك دليل عل عظم الجناية.
وذكر جدي في هذا الكتاب: لما أسر العباس يوم بدر سمع رسول الله (ص) أنينه فما نام تلك الليلة فكيف لو سمع انين الحسين «عليه السلام»؟ قال ولما أسلم وحشي قاتل حمزة قال له (ص): غيب وجهك عني فإني لا أحب من قتل الأحبة، قال (ص) هذا والإسلام يجب ما قبله، فكيف يقدر الرسول (ص) أن يرى من ذبح الحسين وأمر بقتله وحمل أهله على أقتاب الجمال.
قال ابن سيرين: لما قتل الحسين «عليه السلام» اظلمت الدنيا ثلاثة أيام ثم ظهرت هذه الحمرة.
وعن هلال بن ذكوان: لما قتل الحسين «عليه السلام» مكثنا شهرين أو ثلاثاً كأنما لطخت الحيطان بالدم من صلاة الفجر إلى غروب الشمس.
قال: وخرجنا في سفر فمطرنا مطراً بقي أثره في ثيابنا مثل الدم.
وقال ابن سعد: ما رفع حجر في الدنيا إلا وتحته دم عبيط، ولقد مطرت السماء دماً بقي أثره في الثياب مدة حتى تقطعت.
وقال السدي: لما قتل الحسين «عليه السلام» بكت السماء وبكاؤها حمرتها.
قال ابن سيرين: وجد حجر قبل مبعث النبي (ص) بخمسمائة سنة عليه مكتوب بالسيريانية فنقلوه إلى العربية، فإذا هو «أترجوا أمة» البيت.
وقال سليمان بن يسار: وجد حجر عليه مكتوب:
لا بد أن ترد القيامة فاطمٌ وقميصها بدم الحسين ملطخ
ويل لمن خصماؤه شفعاؤه والصور في يوم القيامة ينفخ
قال البيهقي الشافعي في كتاب المحاسن والمساوئ(1) بعد حديث ابن سيرين «ما رؤيت الحمرة» قال: ولم تطمث امرأة بالروم أربعة أشهر إلا أصابها وضح، فكتب ملك الروم إلى ملك العرب، قتلتم نبياً أو ابن نبي، وذكر احمرار آفاق السماء وتحول الورس رماداً ولحوم الإبل جمراً، وبهذا القدر كفاية.
(1) المحاسن والمساوئ 1/ 46.
(386)

ما أحل الله بقتلة الحسين «عليه السلام»


ما أحل الله بقتلة الحسين «عليه السلام» من المذلة والهوان وعاجلهم به من العقوبة والانتقام:
قال الطبري المؤرخ في الذيل(1) عن شيخ من أشجع قال: قال الحاج: من كان له بلاء فليقم، فقام قوم فذكروا، وقام سنان ابن أنس فقال: أنا قاتل الحسين «عليه السلام»، فقال: بلاء حسن ورجع إلى منزله فاعتقل لسانه وذهب عقله فكان يأكل ويحدث في مكانه، إنتهى.
وذكرها البيهقي الشافعي في المحاسن والمساوئ وهذا لفظه(2): قيل: ودخل سنان بن أنس النخعي على الحجاج بن يوسف فقال: أنت قتلت الحسين بن علي؟ قال: نعم، قال: أما إنكما لم تجتمعا في الجنة، فذكروا أنهم رأوه موسوساً يلعب ببوله كما يلعب الصبيان.
وذكر(3) الكنجي الشافعي في كفاية الطالب(4) – ولفظ الأخير -: قال السدي: أتيت كربلاء لأبتاع التمر بها فعمل رجل من طي طعماماً فتعشينا عنده فذكرنا قتل الحسين «عليه السلام»، فقلت ما شرك أحد في قتله إلا مات أسوأ ميتة، فقال: ما أكذبكم يا أهل العراق! فأنا فيمن شرك في قتله، فلم يبرح حتى دنى من السراج وهو يتقد بنفط فذهب يخرج الفتيلة بإصبعه فأخذت النار فيها فذهب يطفيها بريقه فأخذت النار في لحيته، فغدا فألقى نفسه في الفرات فرأيته كأنه حممة، قلت: طرقه محدث الشام بطرق شتى، إنتهى، يعني ابن عساكر، وقد ذكره كما يقول في تاريخ الشام في ترجمة الحسين «عليه السلام».
وذكره الحافظ الهيثمي الشافعي في الصواعق وسبط ابن الجوزي الحنفي في التذكرة كلاهما عن السدي وعن الزهري: لم يبق ممن قتله أحد إلا عوقب في الدنيا إما بقتل أو بعمى أو أسوداد الوجه أو زوال الملك في مدة يسيرة.
قال الإسحاقي المؤرخ في تاريخ أخبار الأول(5) في خبر رأس الحسين «عليه السلام»: ولما قدموا به على يزيد وضعه الحامل بين يدي يزيد وأنشد مخاطباً ليزيد:
(1) ذيل تاريخ الطبري 13/ 30. (2) المحاسن والمساوئ 1/ 46.
(3) المحاسن والمساوئ: ص46. (4) كفاية الطالب: ص289.
(5) تاريخ أخبار الأول: ص48.
(387)
إملأ ركابي فضة أو ذهبا أني قتلت السيد المحجبا
قتلت خيرالناس أماً وأباً وخيرهم إذ ينسبون نسبا
فقال له يزيد: إذا علمت انه موصوف بهذه الاوصاف فلم قتلته؟ وأمر بضرب عنقه لوقته وفاته ما أمله من الذهب وإلى جهنم قد ذهب، إنتهى.
أما أبو جعفر الطبري المؤرخ فيزعم أن هذا الرجز لسنان بن أنس النخعي قاله لعمر بن سعد وأن عمر بن سعد قال: أشهد إنك مجنون وما صحوت ثم حذفه بالقضيب وقال: يا مجنون! تتكلم بكلام لو سمعه ابن زياد لضرب عنقك.
وقال السبط في التذكرة(1):حكى الواقدي عن ابن الرماح قال: كان بالكوفة شيخ أعمى قد شهد قتل الحسين «عليه السلام» فسألناه يوماً عن ذهاب بصره، فقال: كنت في القوم وكنا عشرة غير أني لم أضرب بسيف ولم أطعن برمح ولا رميت بسهم، فلما قتل الحسين وحمل رأسه رجعت إلى منزلي وأنا صحيح وعيناي كأنهما كوكبان، فنمت تلك الليلة فأتاني آت في المنام وقال: أجب رسول الله (ص)، قلت: مالي وله؟ فأخذ بيدي وانتهزني ولزم تلبابي وانطلق بي إلى مكان فيه جماعة ورسول الله (ص) جالس وهو معتم معتجر حاسر عن ذراعية وبيده سيف وبين يديه نطع وإذا أصحابي التسعة مذبوحين بين يديه فسلمت عليه، فقال: لا سلم الله عليك ولا حياك يا عدو الله الملعون، أما استحيت مني تهتك حرمتي وتقتل عترتي ولم ترع حقي! قلت: يا رسول الله ما قاتلت، قال: نعم ولكنك كثرت السواد، وإذا بطست عن يمينه فيه دم الحسين «عليه السلام»، فقال: اقعد، فجثوت بين يديه فأخذ مروداً فأحماه ثم كحل به عيني فأصبحت أعمى كما ترون، ثم ذكر قصة نذكرها في أحوال العباس «عليه السلام» وذكر بعدها حكاية السدي وكنا ذكرنا حديث السبعين من حملة الرأس الذين ذبحهم رسول الله (ص) وحذفناه بطوله.
وروى الحافظ الكنجي في كفاية الطالب(2) عن أسد ابن القاسم الحلبي قال: رأى جدي صالح بحلب وكان صالح ديناً في النوم كلباً أسود وهو يلهث عطشاً ولسانه قد خرج على صدره، فقال: هذا كلب عطشان دعني أسقيه الماء أدخل الماء أدخل فيه الجنة وهممت لأفعل وإذا بهاتف يهتف من ورائه: يا صالح! لا تسقه، هذا قاتل الحسين بن علي «عليهما السلام» أعذبه بالعطش إلى يوم القيامة،
(1) تذكرة خواص الأمة: ص 159. (2) كفاية الطالب: 290.
(388)
قلت: أخرجه الدمشقي في تر جمته كمال سقناه – يعني ابن عساكر -، إنتهى.
وقد روى هذا الحديث من علماء الشيعة الفاضل الدربندي في كتاب أسرار الشهادة مطولاً وفيه عجائب كثيرة وتركناه لأنه على غير شرطنا لالتزامنا بإيراد ما روته العامة وتركنا الكثير مما رواه إيثاراً للاختصار.

الكمية التي أوعد الله تعالى أن يقتلها بالحسين «عليه السلام» انتقاماً منه لقاتليه:


روى الحافظ الهيثمي الشافعي في كتاب الصواعق المحرقة(1) ولفظه: أخرج الحاكم بطرق متعددة أنه (ص) قال: قال جبرئيل «عليه السلام»: قال الله تعالى: إني قتلت بيحيى ابن زكريا سبعين ألفاً وقاتل بدم الحسين «عليه السلام» سبعين ألفاً.
ولم تصب ابن الجوزي في ذكره لهذا الحديث في الموضوعات وقتل هذه العدة بسببه لا يستلزم أنه العدد وعدة المقاتلين له فإنه فتنة أفضت إلى تعصبات ومقاتلات تفي بذلك وكل من روى هذا الحديث رد على ابن الجوزي في عده موضوعاً حتى سبطه في التذكرة.
ورواه المحب الطبري الشافعي في ذخائر العقبى(2) عن ابن عباس وقال: خرجه الملا في سيرته.
وذكره الشبلنجي الشافعي في نور الإبصار(3)، وقال: رواه الحاكم في المستدرك وصححه وقال الذهبي في التلخيص على شرط مسلم.
وذكره الصبان الشافعي في إسعاف الراغبين بهامش نور الأبصار(4) ولفظه: أخرج الحاكم في المستدرك وصححه قال الذهبي في التلخيص على هاشم مسلم عن ابن عباس قال: أوحى الله إلى محمد (ص): إني قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفاً وإني قاتل بابن بنتك سبعين ألفاً وسبعين ألفاً.
وكذلك روى الحافظ الكنجي السبعين ألفاً مكررة في كتاب كفاية الطالب(5) عن ابن عباس وقال: أخرجه مؤرخ العراق بكتابه وأخرجه عنه محدث الشام في تاريخه يعني بالأول الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد والثاني ابن عساكر في تاريخ الشام وقد ذكره الثاني(6) في ترجمة الحسين «عليه السلام» وذكر سبط ابن
(1) الصواعق المحرقة: ص119. (2) ذخائر العقبى: ص150.
(3) نور الإبصار: ص121.
(4) إسعاف الراغبين بهامش نور الإبصار: ص77.
(5) كفاية الطالب: ص288. (6) تاريخ مدينة دمشق 4/ 339.
(389)
الجوزي الحنفي في التذكرة(1) وذكر السبعين ألفاً مكررة.

تأثير الفاجعة الحسينية في النفوس


إن لهذه الفاجعة العظيمة والرزية الموجعة أكبر تأثير في النفوس الحرة لا أستطيع توصيفها على الدقة والتحقيق، ولست أغالي لو قلت أنها من أعظم الفجائع المحزنة وامض الفوادح المؤلمة منذ أول الأزمنة وبدء عصور حدوثها حتى اليوم.
إأن فاجعة الطف العظمى ورزية أهل البيت المطهر قد تركت العيون دامية والأكباد متفتة كمداً وحزناً ليست هذه الفاجعة كبعض الفواجع أنها رقرقت عبرات الرسول المختار على وجناته، وأجرت مدامع الحوراء فاطمة الزهراء ووصي المصطفى كرش المطر بحرقة حزن ولذعة أسى لذا يقول الشريف الرضي الموسوي في تأبينه «عليه السلام»:
ميت تبكي له فاطمة وأبوها وعلي ذو العلا
لست أسمع بمخلوق من ملك وفلك وجماد ونبات وسائر الحيوان من إنس وجان إلا وأثرت فيه مصيبة الحسين «عليه السلام» اثراً محسوساً مشاهداً لدى أهل ذلك العصر وخلدت ذكره لنا الأسفار التأريخية المعتمدة فانتشار النجوم وأسوداد الكون وهطول الأمطار دماً ونثر السماء التراب الأحمر إلى غير ذلك، فالأطيار في الهواء نائحة والجنان في الفلوات عند سدود ظلمة الليل تتجاوب بالنياحة في تأبينه «عليه السلام»، والشمس منكسفة الأضواء والكواكب منتثرة في الآفاق والأحجار متفجرة بالدم العبيط، ولله در الأزري الشاعر البغدادي حيث يقول في رثائه «عليه السلام» من رائيته المشهورة:
أي المحاجر لا تبكي عليك دماً أبكيت والله حتى محجر الحجر
فقد والله أنستنا هذه الفاجعة كل الفجائع التي نستاء لها قديًما وحديثاً وأذهلتنا عن كل مصيبة سابقة ولاحقة، وقد أجاد مؤبنه بقوله:
أنست رزيتكم رزايانا التي سلفت وهونت الرزايا الآتية
فأنى لنا بالصبر عن إظهار الجزع في كل يوم يمر وساعة وأوان، ولم لا نبكي بدل الدموع دماً وقد أبكت مصيبته المصطفى وسائر أهل البيت والعظماء من
(1) تذكرة خواص الامة: ص158.
(390)
الصحابة كابن عباس وأم سلمة والصلحاء من التابعين لهم بإحسان كالربيع بن خيثم والحسن البصري وحتى أثرت بقلوب أعدائه القاسية فصدعتها فسالت عبراتها المترقرقة على تلك الوجوه الشريرة الكالحة بما حدثتنا به الأنباء التاريخية أن دموع عمر بن سعد تحادرت على خديه وأبكت يزيد بن معاوية القاسي القلب الجليد الذي هو كالحجارة أو أشد قسوة فلان قلبه القاسي وكبده الجلمود حتى عقدت المآتم في داره وأقيمت المناحة على الحسين «عليه السلام» في بيته، وهل أعظم من هذه المصيبة وأشد تأثيراً في النفوس منها.
ولا يعزب عن فكرة المتفكر ما صرح به بعض أهل المقاتل من تاثيرها في الحيوانات فقد نقل عند نداء زينب هاتفة بابن أمها وأبيها الحسين «عليه السلام» يوم كربلاء منذ سقط عن جواده قتيلاً فيحلف بالله راوي الحديث أنه رأى الخيل ودموعها تتحادر على خديها، وهكذا روى بعض منهم حنين النياق التي جيء بها لتركب عليه العائلة الحسينية، فقد كان الامر الذي أثر في نفوس الأعداء والحيوانات العجماء أثره فكيف تنسى شيعة الحسين «عليه السلام» ذكر الحسين «عليه السلام» ما مر الجديدان؟!
تالله لا أنسى ابن فاطم إذ غدا غرض السيوف رمية لرماتها
قال الأمير علي في تاريخ العرب وتمدن الإسلام(1): يقول المؤرخ الانكليزي الأشهر جيبون: إن مأساة الحسين «عليه السلام» لروعة بالرغم من تقادم عهدها وتباين موطنها لابد أن تثير العواطف والحنان في نفس أقل القراء إحساساً وأقساهم قلباً، والآن قد وقفنا على تفاصيل تلك المذبحة النكراء نستطيع أن نفهم مبلغ الحزن الممض الذي يشجي قلوب شيعة علي عند إحياء ذكرى استشهاد الحسين «عليه السلام» وهكذا فاضت نفس من أزكى النفوس في ذلك العصر وكادت تنقرض بموته أفراد أسرة النبي شيباً وشباناً لولا هذا الطفل المريض الذي أنقذته زينب اخت الحسين «عليه السلام» من المذبحة العامة، وقد كان إسمه علياً ولقب فيما بعد بزين العابدين وهو ابن الحسين «عليهما السلام» من زوجته بنت يزدجرد آخر ملوك الفرس الساسانيين، وفي شخصه خلدت أسرة النبي (ص).

أولاد سيد الشهداء الحسين «عليه السلام»


وهم على المشهور عشرة ستة ذكور وأربعة إناث، وبعضهم يزيد وبعضهم
(1) تاريخ العرب وتمدن الإسلام: ص 74.
(391)
ينقص، والرجحان عندنا في جانب الزيادة لما قررنا مراراً من أن الذي يثبت يقدم على من نفى لاطلاعه على من أثبت وخفائه على من نفى، ولنا على ذلك شواهد كثيرة من الوجدان لا يسعنا إيرادها فأنا نرى رجلاً خبيراً يثبت لبعض الأكابر عدداً من الأولاد ويدعي أن ليس له غيرهم فيجيء من يخبره أن له ولداً صغيراً من فلانة زوجته أو إن ابنه فلان نشأ وتربى في مكان كذا وكل من ألف نظره إلى ما ذكرنا تيقن من صحة ما نقول.
وكيف كان فقد قال الشيخ المفيد «رحمه الله» في كتاب الإرشاد: كان للحسين «عليه السلام» ستة أولاد: علي بن الحسين الأكبر وأمه شاهزنان بنت يزدرج، وعلي ابن الحسين الأصغر قتل مع أبيه بالطف وأمه ليلى بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود الثقفية، وجعفر ابن الحسين لا بقية له وأمه قضاعة ومات في حياة الحسين «عليه السلام»، وعبدالله بن الحسين «عليه السلام» قتل مع أبيه صغيراً جاءه سهم وهو في حجر أبيه وذبحه، وسكينة بنت الحسين وأمها الرباب بنت أمرئ القيس بن عدي كلبية معدية وهي أم عبدالله بن الحسين «عليهما السلام»، وفاطمة بنت الحسين «عليه السلام» وامها أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله تيمية.
وقال محمد بن شهر آشوب المازندراني السروي في كتاب المناقب(1): أبناؤه «عليه السلام»: علي الأكبر الشهيد، أمه برة بنت عروة بن مسعود الثقفي، وعلي الإمام وهو علي الأوسط وعلي الأصغر مهما من شهر بانويه، ومحمد وعبدالله وأمهما الرباب بنت أمرئ القيس، وجعفر وأمه قضاعية، وبناته: سكينة وأمها الرباب بنت أمرئ القيس الكندية، وفاطمة وأمها أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله وزينب، وأعقب الحسين من ابن واحد وهو زين العابدين «عليه السلام»، إنتهى.
وقوله: «كندية» تصحيف من الناسخ لا شك فيه قد صحف الكلبية إلى كندية وإن لم يكن تصحيفاً فهي زلة من قلمه المبارك واشتباه أمرئ القيس الكندي بالكلبي غير عزيز وإن كان الأول مشركاً والثاني مسلماً.
قال ابن قتيبة في كتاب المعارف(2): وولد الحسين «عليه السلام» علياً الأكبر وأمه بنت مرة ابن عروة ابن مسعود الثقفي، وعلياً الأصغر لأم ولد، وفاطمة أمها أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله، وسكينة وأمها الرباب بنت أمرئ القيس كلبية.
وقال كمال الدين بن طلحة الشافعي في مطالب السؤول(3): كان له «عليه
(1) المناقب لابن شهر آشوب 4/ 82. (2) المعارف: ص 93.
(3) مطالب السؤول: ص73.
(392)
السلام» من الأولاد الذكور والإناث عشرة: ستة ذكور وأربع إناث، فالذكور علي الأكبر وعلي الأوسط وهو سيد العابدين وعلي الأصغر ومحمد وعبد الله وجعفر، فأما علي الأكبر فقاتل بين يدي أبيه حتى قتل شهيداً، وأما علي الأصغر فجائه سهم وهو طفل فقتله، وقيل أيضاً أن عبد الله قتل مع أبيه شهيداً، أما البنات فزينب وسكينة وفاطمة، هذا هو المشهور، وقيل: بل كان له أربع بنين وبنتان، الخ، فترك فاطمة الصغرى المعروفة بالعليلة.
وتابعه نور الدين بن الصباغ المالكي في الفصول المهمة(1) بعد كلام الشيخ في الإرشاد.
وأما الشبلنجي الشافعي فذكر في نور الأبصار(2) بعد كلام المفيد ما لفظه: وفي بغية الطالب لمعرفة أولاد علي بن أبي طالب «عليه السلام» للشيخ جمال الدين الطاهر بن حسين ابن عبد الرحمن الأهدل ما نصه: كان له – يعني الحسين «عليه السلام» - من الولد ستة بنين وثلاث بنات وهم: علي الأكبر وأمه ليلى بنت مرة بن عروة بن مسعود الثقفي، وعلي الأوسط وعبد الله وعلي زين العابدين – ومنهم من يزعم أنه الأكبر – ومحمد وجعفر وزينب وسكينة، فأما محمد وجعفر فماتا في حياة أبيهما، وأما علي الأكبر وعبد الله فأستشدها مع أبيهما في الطف، وعلي الأوسط أصابه سهم يومئذ فمات، وزاد بعضهم عمر، والمعقب من الولد الحسين «عليه السلام» زين العابدين «عليه السلام» باتفاق، إنتهى، وقصة عمر بن الحسين في مجلس يزيد معروفة وذلك أن يزيد قال له: صارع ولدي خالداً للنظر أيكما يصرع صاحبه، فقال: أنا لا أصارعه ولكن أعطني سكيناً وأعطه سكيناً وانظر أينا يقتل صاحبه، فقال يزيد: شنشنة أعرفها من أخزم، وبعض المؤرخين ينيبها لعمر بن الحسن «عليهما السلام»، الخ.
بقي من ولد الحسين «عليه السلام» عتيق على خلاف فيه، ومحسن السقط الذي سقط في حلب.
وهنا أرجوزة في تاريخ الحسين «عليه السلام» من ولادته إلى شهادته نذكر منها ما يخص أولاده وندع الباقي إيثاراً للاختصار، وذكرها السيد عباس نور الدين المكي في نزهة الجليس(3) من نظم الحر العاملي صاحب وسائل الشيعة، منها قوله:
(1) الفصول المهمة: ص 211. (2) نور الإبصار: ص124.
(3) نزهة الجليس: ص 85و 86.
(393)
أولاده ست وقيل عشر وقيل تسع فانقدوه وادروا
منهم علي بن الحسين الاكبر ثم علي بن الحسين الأصغر
فالأول ابن بنت كسرى الملك ولم يكن في دينه بالمشرك
والثاني من ليلى الفتاة فأعرف بنت أبي مرة أعني الثقفي
وجعفر والأم من قضاعة كانت على ما نقل الجماعة
سكينة أخت لعبد الله فأحفظ وفكر لا تكن كاللاهي
من الرباب الحرة الأبية بنت أمرى القيس الفتى كلبية
وفاطمة وأمها في القوم بنت لطلحة الشهير التيمي
قيل ومن أخوتهم محمد علي الأوسط وهو الأسعد
وذاك زين العابدين الأشهر وزينب بنت الحسين نذكر
إلى آخر الأرجوزة.

الشهداء من ولد الإمام الحسين «عليه السلام»:


ستة على خلاف ذلك، وقبل ذكرهم نعلمك أنه لم يستشهد واحد منهم مبارزة إلا علي بن الحسين الأكبر والباقون هم اطفال صغار استشهدوا بالسهام وسيوف الأعداء عدواناً وجوراً والمجلسي يذكر فيهم حمزة وزيد وعمر وإبراهيم، وعليه فالشهداء عشرة ذكرناهم في كتابنا «أعلام النهضة الحسينية».
(394)

بقية تراجم أخوة العباس


الاكبر أولاد أمير المؤمنين
«عليه السلام»
تراجم الباقين من أخوة العباس الأكبر، الذين هم:
المحسن بن علي أمه فاطمة، جعفر الأكبر، وجعفر الأصغر، وعثمان الأكبر، وعثمان الأصغر، والعباس الأصغر، وعبد الله الأكبر، وعمر الأصغر، وعبيد الله قتيل المذار، وعمر الأكبر وهو الأطرف، وعمر الأصغر وهو الشهيد، ومحمد الأكبر بن الحنفية، ومحمد الأوسط، ومحمد الأصغر، ويحيى وعبد الرحمن، ومعين، وعمران، وعتيق، ترجمنا لكل واحد منهم ترجمة:
(3) محسن بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب «عليه السلام»
محسن كمشبر بالتشديد هكذا ضبطه العلماء ابن البتول الحوراء فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين بنت رسول الله (ص) وهو شقيق الحسن والحسين «عليهما السلام» أثبته علماء الفريقين السنة والشيعة جميعاً ونفاه الشيخ المفيد «رحمه الله» خاصة وهو سقط عند أكثر أهل العلم وولادة عند جماعة، وقد ثبت بالنقل الصحيح أن رسول الله (ص) سمى الحسن والحسين والمحسن بأسماء ولد هارون بن عمران أخي موسى بن عمران شبر وشبير ومشبر.
قال ابن شهر آشوب «رحمه الله» في المناقب(1): المحسن سقط.
وقال(2): أولادها «عليها السلام» الحسن والحسين والمحسن سقط، وفي معارف القتيبي: إن محسناً فسد من زخم قنفذ العدوي، إنتهى.
لم نجد هذه العبارة في معارف أبن قتيبة ولعلها أسقطت من النسخة عند الطبع، وهذا كثير في المطبوعات المصرية وإلا فإن ابن شهر آشوب متثبت لا ينقل غير صحيح، وقد ذكرنا كلام ابن قتيبة في أولاد أمير المؤمنين في هذا الجزء وقال(3):أما محسن بن علي فهلك وهو صغير.
وذكره الشبلنجي الشافعي في نور الأبصار(4) وقال: مات صغيراً.
(1) المناقب لابن شهر آشوب 3/ 163. (2) نفسه 4/ 23.
(3) المعارف: ص93. (4) نور الإبصار: ص 92.
(395)
والمحب الطبري الشافعي في ذخائر العقبى وأبو جعفر الطبري في التاريخ(1) وذكرا وفاته صغيراً، وذكره المحب أيضاً في الرياض النظرة وسبط ابن الجوزي في التذكرة(2).
وقال الحمزاوي المالكي في مشارق الأنوار(3): وقد ولدت فاطمة «عليه السلام» من علي «عليه السلام» ستة: ثلاث ذكور وثلاث إناث، فالذكور الحسن والحسين والمحسن – بضم الميم وفتح الحاء وتشديد السين مكسورة – والإناث زينب وأم كلثوم ورقية، قال: وماتت رقية ولم تبلغ، فأما الحسن والحسين فأعقبا الكثير الطيب، وأما محسن فأدرج سقطاً.
وقال إبراهيم بن عبد الرحمن الحنفي الطرابلسي في المشجرة(4) التي صنعها للخليفة الناصر وكتبت لخزانة صلاح الدين الأيوبي: محسن بن فاطمة «عليها السلام» أسقط وقيل درج صغيراً، والصحيح أن فاطمة «عليها السلام» أسقطت جنيناً، إنتهى.
وقال نور الدين أبن الصباغ المالكي في الفصول المهمة(5): وذكروا أن فيهم محسناً شقيقاً للحسن والحسين «عليهما السلام» ذكرته الشيعة وإن كان سقطاً، إنتهى.
وقد أغرب هذا الفاضل في نسبة ذكره إلى الشيعة وقد ذكره عامة اهل السنة كما سبق ويأتي.
قال برهان الدين الحلبي الشافعي في سيرته إنسان العيون(6): وفي سنة (4) ولد الحسين «عليه السلام» ووقع إنه لما ولد سماه علي «عليه السلام» حرباً، فلما جاء النبي (ص) قال: أروني ابني ما سميتموه؟ قال علي «عليه السلام»: حرباً، قال (ص): بل إسمه حسين، كما فعل ذلك بالحسن «عليه السلام»، فلما ولد الثالث جاء النبي (ص) وقال: أروني ابني ما سميتموه؟ قال علي «عليه السلام» سميته حرباً، قال (ص): بل هو محسن، ثم قال (ص): إني سميتهم بأسماء ولد هارون شبر وشبير ومشبر، إنتهى.
ومثله ذكر الحافظ الكنجي الشافعي في كفاية الطالب(7) وقال: رواه شيخ أهل الحديث في مسنده يعني أحمد بن حنبل إمام الحنابلة، وما كتبناه إلا من
(1) ذخائر العقبى ص 55، تاريخ الطبري 6/ 89.
(2) الرياض النظرة 2/ 248، تذكرة الخواص: ص211.
(3) مشارق الأنوار: ص132. (4) المشجرة: ص6.
(5) الفصول المهمة: ص145. (6) إنسان العيون أو السيرة الحلبية 2/ 292.
(7) كفاية الطالب: ص208.
(396)
مناقب الحسن والحسين للجوهري.
وذكره الحافظ العسقلاني الشافعي في كتاب الإصابة (1) فيمن ولد على عهد النبي (ص) وهذا لفظه: المحسن – بتشديد السين المهملة –بن علي بن ابي طالب «عليه السلام» بن عبد المطلب الهاشمي سبط رسول الله (ص).
واستدركه ابن فتحون علي ابن عبد البر وقال : اراه مات صغيراً.
واستدركه ابو موسى علي ابن مندة واخرجه من مسند احمد من طريق هاني بن هاني عن علي «عليه السلام» قال: لما ولد الحسن «عليه السلام» سميته حرباً فجاء رسول الله (ص) فقال: اروني ابني ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً، قال (ص) بل هو حسن، فلما ولد الحسين «عليه السلام» فذكر مثله وقال (ص): بل هو حسين، فلما ولد الثالث قال مثله وقال (ص): بل هو محسن، ثم قال (ص): سميتهم باسماء ولد هارون شبر وشبير ومشبر، اسناده صحيح، انتهى.
وذكر المحب الطبري الشافعي في ذخائر العقبى(2) وقال: خرجه احمد وابو حاتم وهو حديث مشهور عند ائمة اهل السنة وحفاظهم منصوص على صحته ولولا التطويل لذكرنا من اورده منهم.
وذكره ابن الاثير الجوزي الشافعي في تاريخ الكامل (3) وقال: مات صغيراً. وذكره الحافظ ابن كثير الدمشقي الشافعي في تاريخ البداية والنهاية (4) وروى حديث تسميتهم عن احمد بن حنبل ومحمد بن سعد.
وقال ابن وهيب الحنفي في جوهرة الكلام(5): ولدت منه «يعني فاطمة «عليها السلام»» ثلاث ذكور وثلاث اناث، فالذكور الحسن والحسين والمحسن – بضم الميم وفتح الحاء وتشديد السين المكسورة – والاناث زينب وام كلثوم ورقية، زادها الليث بن سعد وقال: ماتت ولم تبلغ الحلم، نقله ابن الجوزي، اما الحسن والحسين «عليهم السلام» فاعقبا واما المحسن فادرج سقطاً، انتهى.
وذكره ابو الفدا الحنفي والديار بكري الشافعي في تاريخيهما، والبلوي الشافعي في كتاب الف با، وعلي القاري الحنفي في شرح الشمائل وزعم انه مات في حجر النبي (ص) وانه بكى عليه.
وذكره كثير من الشيعه كالفاضل المجلسي في بحار الانوار(6) نقلاً عن النسابة العمري في التاج، وصاحب الانوار – الحسن والحسين والمحسن سقط-
(1) الإصابة 3/ 471. (2) ذخائر العقبى: ص119.
(3) الكامل في التاريخ 3/ 201. (4) البداية والنهاية 7/ 330.
(5) جوهرة الكلام: ص 104. (6) بحار الأنوار 9/ 705 طبع تبريز.
(397)
وصاحب ناسخ التواريخ وأنه مات سقطاً، وذكره المسعودي في مروج الذهب ساكتاً عليه، وابن واضح في تاريخه ونص على وفاته صغيراً، وآخرون، والمشهور أنه مات سقطاً وهو المعتمد، وقد أكثر الشعراء من ذكر هذا السقط وقد اجاد الخطيب الشيخ محسن أبو الحب الكبير الكربلائي بقوله:
إن قيل حوا قلت فاطم فخرها أو قيل مريم قلت فاطم أفضل
كل لها عند الولادة حالة منها عقول ذوي البصائر تذهل
هذي لنخلتها التجت فتساقطت رطباً جنياً فهي منه تأكل
ولدت بعيسى وهي غير مروعة أنى وحارسها السري الأبسل
والى الجدار وصفحة البيت التجت خير النساء فأسقطت ما تحمل
وعده علي بن حزم في أولاد علي من فاطمة «عليها السلام» في جمهرة أنساب العرب(1).