معجم  أنصار الحسين  (النساء)     (الجزء الأول)

اسم الکتاب : معجم أنصار الحسين (النساء) (الجزء الأول)

المؤلف : للعلامة المحقق الشيخ محمد صادق الكرباسي
المطبعة : المركز الحسيني للدراسات لندن ـ المملكة المتحدة

 

 

 

عبد الله بن عبد الرحمان العتبي(1) عن موسى بن سلمة(2) عن الفضل بن سهل(3) عن علي بن موسى(4) عن قاسم بن عبد الرزاق(5) وعلي بن أحمد

___________
= روى زهراني عن العتبي الذي كان من شخصيات القرنين الثاني والثالث فلا بد أن يكون عصره مؤلفاً من القرنين الثاني والثالث.

(1) عبد الله بن عبد الرحمان العتبي: نسبة على عتبة بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية، أمير مصر المتوفى سنة 44هـ، وربما أراد به عبد الله بن عبد الرحمان بن محمد (ت228هـ) بن عبيد الله بن عمرو العتبي، هذا ويلقب جماعة أخرى أيضاً بالعتبي نسبة إلى عتبة بن مسعود النيسابوري، وعتبة بن عزوان وغيرهما، فلو كان الذي نحن بصدده هو الأموي فلا بد أن يكون عصره في نهاية القرن الثاني، ويمتد إلى محو منتصف القرن الثالث.

(2) موسى بن سلمة: من أصحاب الإمام الرضا «عليه السلام» (148- 203هـ) له كتاب يرويه عن الإمام الرضا «عليه السلام» ويظهر أنه كان موجوداً في طوس حيث يروي عدم قبول الإمام «عليه السلام» ولاية العهد باختياره، ولم يذكر في أصحاب الإمام الجواد «عليه السلام» ما يدل على أحد أمرين أما أنه توفي قبل وفاة الإمام الرضا «عليه السلام» سنة 203هـ، أو أنه كان بعيداً عن الإمام الجواد «عليه السلام» ولأن الإمام الجواد «عليه السلام» كانت فترة إمامته قصيرة جداً (203- 220هـ) مما يمكن اعتماد الاحتمال الثاني وهو أن موسى بن سلمة عاش بعد الإمام الرضا «عليه السلام» إلا أنه لم يلتق بالإمام الجواد «عليه السلام».

(3) الفضل بن سهل: على الظاهر هو أبو العباس السرخسي الملقب بذي الرئاستين (154- 202هـ) كان محبوساً وأسلم وكان وزيراً للمأمون العباسي وكان يعادي الإمام الرضا «عليه السلام»، وقد قتله في سرخس (إيران) حيث ثقل عليه مكانته، وربما يطلق على الفضل بن أبي السهل بن نوبخت المتوفى في أواخر القرن الثاني الهجري، وكان من أعلام الإمامية، حيث ورد في بعض المصادر الفضل بن سهل بن نوبخت إلا أنه واضح التصحيف ولذلك نرجح أن يكون المراد به هنا السرخسي، وعداؤه لأهل البيت «عليه السلام» لا يضر بعد عده الطوسي من أصحاب الإمام الرضا «عليه السلام» وبعد ميل بعض حكام العباسيين في فترة من الفترات إلى أئمة أهل البيت «عليه السلام» أو رواياتهم لأحداث قدح بالأمويين فيها كما هو الحال في هذه الرواية.

(4) علي بن موسى: الظاهر هو حفيد عيسى الذي كان من ولاة هارون الرشيد العباسي (170- 193هـ) على مكة المكرمة- كما جاء في تاريخ الأمم والملوك للطبري: 5/16، كما كان أخاه العباس بن موسى أيضاً من ولاته عليها، وهذا يعني أنه كان حياً في نهاية القرن الثاني.

(5) القاسم بن عبد الرزاق من أصحاب الإمام أمير المؤمنين «عليه السلام»، والراوي عنه- كما في أمالي =

(362)

 

الباهلي(1): قالا أخبرنا مصعب بن عبد الله(2) قال: كانت زينب بنت علي وهي بالمدينة تؤلب الناس على القيام بأخذ ثأر الحسين، فلما قام عبد الله ابن الزبير(3) بمكة وحصل الناس على الأخذ بثأر الحسين وخلع يزيداً، بلغ ذلك أهل المدينة فخطبت فيهم زينب وصارت تؤلبهم على القيام للأخذ بالثأر، فبلغ ذلك عمرو بن سعيد فكتب إلى يزيد يعلمه الخبر، فكتب إليه أن فرق بينها وبينهم.

فأمر أن ينادى عليها بالخروج من المدينة والإقامة حيث تشاء.

فقالت: قد علم الله ما صار إلينا، قتل خيرنا وانسقنا كما تساق الأنعام وحملنا على الأقتاب، فوالله لا خرجنا وإن أهريقت دماؤنا.

_______
= المفيد: 338، وقيل هو وعبد الرحمان متحدان، ولو صح أنه ابنه فإن عصره يتفق مع الحدث الذي وقع في طريقه إلأيه، فإذا كان الأب عبد الرزاق من أصحاب علي «عليه السلام» وكان معه في الكوفة فهذا يعني أن الابن يكون من شخصيات منتصف القرن الأول الهجري وأواخره.

(1) علي بن أحمد الباهلي: نسبة إلى باهلة أبو قبيلة عظيمة من قيس بن عيلان من العدنانية، وهم بنو سعد مناة بن مالك بن أعصر، وباهلة في الأصل اسم امرأة من همدان كانت زوجة معن بن أعصر بن سعد بن قيس بن عيلان ينسب ولده إليها، أصلهم من اليمامة، لم نجد في كتب المعاجم علي بن أحمد الباهلي بهذا اللقب، ولكن من الواضح أنه معاصر للقاسم بن عبد الرزاق بالإضافة إلى أنه عاصر مصعب ابن عبد الله وعلي بن موسى المتقدم ذكرهما، فهو إذاً من شخصيات القرن الأول الهجري عاش زهرة حياته على الظاهر في منتصفه.

(2) مصعب بن عبد الله: الظاهر هو مصعب بن عبد الله بن أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله المخزومي، ابن أخ أم سلمة زوجة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومن المعلوم أن أم سلمة ولدت عام 28، أو 20ق.هـ، وتوفيت سنة 62 أو 63هـ، واسم أبي أمية سهيل أو حذيفة، ومقتضى ذلك أنه عاش الحدث أعني رجوع ركب آل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى المدينة وما بعده من الأحداث.

(3) عبد الله بن الزبير: هو حفيد العوام القرشي الأسدي المكنى بأبي بكر (1- 73هـ) ولد في المدينة وتوفي في مكة، عندما قتل الإمام الحسين «عليه السلام» انتفض على يزيد وطالب بأخذ ثأر الإمام الحسين «عليه السلام» من الأمويين متذرعاً بذلك لإسقاط الحكم الأموي ودعوة الناس إلى البيعة له، وبالفعل لما توفي يزيد بن معاوية عام 64هـ بويع له في مصر والحجاز واليمن وخراسان والعراق وأكثر الشام، وجعل قاعدة ملكه المدينة، إلا أن الأمويين تمكنوا من القضاء عليه وهو بالحرم المكي.

(363)

 

فقالت لها زينب بنت عقيل يا ابنة عماه قد صدقنا الله وعده وأورثنا الأرض نتبوأ منها حيث نشاء فطيبي نفساً وقري عيناً وسيجزي الله الظالمين، أتريدين بعد هذا هواناً، إرحلي إلى بلد آمن.

ثم اجتمع عليها نساء بني هاشم وتلطفن معها ف الكلام وواسيناه(1).

2- وبالإسناد المذكور(2) مرفوعاً إلى عبيد الله بن أبي رافع(3) قال سمعت محمداً أبا القاسم بن علي(4) يقول: لما قدمت زينب بنت علي من الشام إلى المدينة مع النساء والصبيات ثارت فتنة بينها وبين عمرو بن سعيد الأشدق والي المدينة من قبل يزيد، فكتب إلى يزيد يشير عليه بنقلها من المدينة.

فكتب له بذلك.

فجهزها هي ومن أراد السفر معها من نساء بني هاشم إلى مصر، فقدمتها لأيام بقيت من رجب(5).

_______________
(1) أخبار الزينبيات: 115.

(2) أراد بالإسناد السابق الوارد في الرواية الأولى.

(3) عبيد الله بن أبي رافع: الظاهر هو ابن أبي رافع «أسلم» والذي كان من موالي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعبيد الله ابنه كان من خواص أصحاب أمير المؤمنين «عليه السلام» وكاتبه وخازن بيت ماله، وقد شهد معه حروبه الثلاث الجمل وصفين والنهروان، وله كتاب تسمية من شهد مع علي «عليه السلام» الجمل وصفين والنهروان، كما له كتاب قضايا أمير المؤمنين، ومن أبنائه: محمد؛ علي، زيد، وعثمان، هذا وقد اختلفوا في اسم أبي رافع فقالوا: أسلم وإبراهيم وسنان وعبد الرحمان.

(4) أبو القاسم محمد بن علي: لا بد أن يكون مدنياً حيث يروي مشاهداته من عام 61هـ، ويلمع هنا نجم محمد ابن الحنفية حيث كان ملقباً بأبي القاسم وأبوه علي بن أبي طالب «عليه السلام»، وإنما استشفينا ذلك، لأنه من أهل البيت «عليه السلام» الذين يعرف ما جرى على ما أصابهم أولاً، وأن ذكره على الإطلاق بهذا الشكل يوحي إلى ذلك ثانياً، ووجوده في مثل ذلك الوقت ثالثاً، فربما اريد به محمد بن علي المعروف بابن الحنفية (12- 80هـ).

(5) أخبار الزينبيات: 117.

(364)

 

3- وقال العبدلي حدثني أبي(1) عن أبيه(2) عن جدي(3) عن محمد ابن عبد الله(4)، عن جعفر بن محمد الصادق(5)، عن أبيه(6) عن الحسن ابن الحسن(7) قال: لما خرجت عمتي زينب من المدينة خرج معها من نساء بني هاشم فاطمة ابنة عمي الحسين وأختها سكينة(8).

4- وقال أيضاً حدثني أبي قال: روينا بالإسناد المرفوع إلى علي بن محمد بن عبد الله(9) قال: لما دخلت مصر في سنة 145هـ سمعت عسامة

______________
(1)  أبوه: هو الحسن بن جعفر (188- 221هـ) ولد في المدنة وتوفي في مكة، كان قصير العمر حيث عاش 33 سنة، وكان من سادات بني هاشم، قبل                                    تولي إمارة المدينة.

(2) أبوه: هو جعفر بن عبد الله الأعرج (ب128- 195هـ) ويلقب بحجة الله، ويعد من أئمة الزيدية حبسه الأعرج (ب128- 195هـ) ويلقب بحجة الله، ويعد من طوال الفترة الزيدية حبسه عام 194هـ وهب بن وهب البختري بالمدينة ثمانية عشر شهراً وكان طوال الفترة صائماً فما أفطر إلا في العيدين، وتولى أبناؤه إمارة المدينة.

(3) جده: هو عبيد الله الأعرج ابن الحسين الأصغر ابن الإمام السجاد (ن100- ن146هـ) كان السفاح أبو مسلم الخراساني دعاه إلى تولي الخلافة قبل أن يدعيها لنفسه فأبى، فألح عليه فتنافر من ذلك، فرجع إلى خلفه فسقط فبترت رجله، ولقب بالأعرج، وكانت وفاته بذي أمران- المدائن- عن عمر لم يناهز 46هـ سنة، وذلك في حياة والده (82- 157هـ) وأمه أم خالد بنت حمزة بن مصعب بن الزبير بن العوام، ولي السفاح الأمر سنة 132هـ وتوفي سنة 136هـ.

(4) محمد بن عبد الله: استشفيا من بين كل الراوين عن الإمام الصادق «عليه السلام» المسمين بمحمد بن عبد الله أن يكون: محمد الأرقط ابن عبد الله الباهر ابن علي السجاد ابن الحسين بن علي بن أبي طالب «عليه السلام» المولود سنة 90هـ والمتوفى سنة 148هـ، وذلك لأن سلسلة الحديث حسب ما يفهم منه كلهم من آل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، وطبقته تناسب لأن يكون في مثل هذا الموقع، والعلم عند سبحانه وتعالى.

(5) جعفر بن محمد الصادق: الإمام السادس «عليه السلام» (83- 148هـ).

(6) أبوه: محمد بن علي الباقر «عليه السلام» الإمام الخامس (57- 114هـ).

(7) الحسن بن السحن: هو الحسن المثنى ابن الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب «عليه السلام» (39- 92هـ) وقد سبقت ترجمته.

(8) أخبار الزينبيات: 118.

(9) علي بن محمد: هو حفيد عبد الله بن الحسن المثنى ابن الإمام الحسن «عليه السلام»، وكان قد أرسله أبوه محمد إلى مصر عام 145هـ لنشر الدعوة هناك فهم أن يثب وتستقر الأمور لأبيه إلا أن المنصور العباسي كان قد قبض على عمه إبراهيم وجماعة آخرين فقتلهم ففشلت الدعوة وقبض على علي بن محمد وأرسل إلى المنصور، فحبسه =

(365)

 

المعافري(1) يقول حدثني عبد الملك بن سعيد الأنصاري(2) عن وهب بن سعيد الأوسي(3)، عن عبد الله بن عبد الرحمان الأنصاري(4) قال: رأيت زينب بنت علي في مصر بعد قدومها بأيام، فوالله ما رأيت مثلها، وجهها كأنه شقة قمر(5).

5- وقال أيضاً: وبالسند المرفوع إلى رقية بنت عقبة بن نافع الفهري قالت: كنت فيمن استقبل زينب بنت علي لما قدمت مصر بعد المصيبة.

فتقدم إليها مسلمة بن مخلد(6)، وعبد الله بن الحارث(7)،

________
= فمات وهو في الحبس قبل عام 158هـ، وكان يلقب بالعابد- راجع النجوم الزاهرة: 2/144، ومقاتل الطالبيين: 181، وتاريخ الطبري: 5/413.

(1) عسامة المعافري: هو ابن عمرو بن علقمة المكنى بأبي داجن، ولد في أوائل القرن الثاني وتوفي سنة 176هـ وكان مولده ووفاته بمصر، تولى رئاسة الشرطة فيها لعدة مرات، استخلفه موسى بن مصعب على إمارة مصر بالنيابة عنه، ولما قتل مصعب سنة 168هـ أقره المهدي العباسي أميراً على مصر.

(2) عبد الملك بن سعيد الأنصاري: الظاهر هو عبد الملك بن سعيد بن حيان بن أبجر الهمداني الكناني الكوفي المتوفى سنة 140هـ- كما في مستدركات علم رجال الحديث أو ابنه عبد الرحمان، توفي سنة 181هـ كما في تهذيب التهذيب.

(3) وهب بن سعيد الأوسي: نسبة إلى قبيلة أوس المعروفة، لم نعثر على مثل هذه الشخصية في المصادر المختلفة التي لدينا، ولكن يظهر من موقعه من هذه الرواية أنه كان من أعلام القرن الأول وربما عاش ردحاً من الزمن في القرن الثاني الهجري حيث إن من روى عنه توفي سنة 140هـ، ومن روى هو عنه توفي بعد سنة 98هـ.

(4) عبد الله بن عبد الرحمان الأنصاري: أنسب من يتطابق معه هو عبد الله بن عبد الرحمان بن حجيرة الخولاني أبو عبد الرحمان المصري، والذي كان قاضي مصر وابن قاضيها، ولي قضاء مصر مرتين الأولى سنة 95هـ، والثانية سنة 97هـ وعزل في نهاية سنة 98هـ، ولكن وصفه في النص بالأنصاري يقلل من فرصة تطبيقه عليه، والله العالم.

(5) أخبار الزينبيات: 119.
(6) مسلمة بن مخلد: هو حفيد صامت الأنصاري الخزرجي (1- 62هـ) كان من الأمراء، شارك مع معاوية حرب صفين فولاه إمارة مصر سنة 47هـ ثم أضاف إليها المغرب ومن هناك سير الجيوش إلى المغرب براً وبحراً، ولما توفي معاوية أقره يزيد بن معاوية فاستمر في الإمارة إلى أن توفي في الإسكندرية، ويذكر أنه أول من استخدم المنابر للأذان.

(7) عبد الله بن الحارث: نحتمل- والله العالم- بعد السبر والتحقيق أنه عبد الله بن =

(366)

 

وأبو عميرة المزني(1) فعزاها مسلمة، وبكى فبكت وبكى الحاضرون.

وقالت: هذا ما وعد الرحمان وصدق المرسلون.

ثم احتملها إلى داره بالحمراء، فأقامت به أحد عشراً شهراً وخمسة عشر يوماً وتوفيت، وشهدت جنازتها، وصلى عليها مسلمة بن مخلد في جمع في الجامع، ورجعوا بها فدفنوها بالحمراء في مخدعها من الدار بوصيتها(2).

6- وقال العبدلي: حدثني إسماعيل بن محمد البصري(3)- عابد مصر ونزيلها- قال: حدثني حمزة المكفوف(4) عن الشريف أبي عبد الله

___________
= الحارث بن جزء بن عبد الله بن معدي كرب الزبيدي المتوفى سنة 86هـ، وكانت له صحبة وقد نزل مصر وتوفي فيها في قرية سفط القدور، وهو آخر من مات من الصحابة في مصر وقد عمي في آخر عمره، كان اسمه العاصي وحينما أسلم سماه الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) عبد الله، وهذا ما عثرنا عليه ممن اسمه عبد الله بن الحارث ممن كان بمصر في ذلك الوقت أعني حين ورود السيدة زينب «عليه السلام» عام 61هـ.

(1) أبو عميرة المزني: لم أجد من يناسب عصره ولعله في كلامه  سقط ليكون هكذا «وابن أبي عميرة المزني» وهو عبد الرحمان بن أبي عميرة المزني وهو ممن سكن حمص، كان تابعياً وقيل له رؤية، وقد استبعد ذلك ابن عبد البر- راجع تهذيب التهذيب: 3/403.

(2) أخبار الزينبيات: 120.

(3) إسماعيل بن محمد البصري: يصفه العبيدلي بأن كان يسكن مصر، ويفهم من عبارته نزيل مصر أنه استوطنها وليس منها، كما يفهم من لقبه أنه كان من أهل البصرة، كما يوصف بعابد مصر، مما يفهم منه أنه كان على شهرة عظيمة بذلك، ومن كون العبيدلي قد روى عنه مباشرة كما يظهر من عبارته- أن عصره لا بد وأن يكون ما بين 150- 230هـ تقريباً لأن العبيدلي ولد سنة 214هـ، وحمزة المكفوف توفي في حدود سنة 170هـ هذا ولم نحصل على ترجمته في مظانها.

(4) حمزة المكفوف: الظاهر هو الذي عبر عنه ابن أبي الدنيا (208- 281هـ) بحمزة الأعمى، وقد روى عنه أنه تتلمذ على الحسن البصري (21- 110هـ)- راجع البداية والنهاية لابن كثير: 9/227، وهذا يعني أن حمزة ولد بعد نهايات القرن الأول وتوفي في بدايات القرن الثالث الهجري، وهذا يفيد بأنه كان من المعمرين، وحتى لو قلنا إنه ولد في بدايات القرن الثاني وتتلمذ على البصري وهو صغير والبصري في أواخر عمره، فإن لقاءه بابن أبي الدنيا لا يتم إلا أن يكون عمره بعد المائة، اللهم إلا أن يقال بأن ابن أبي الدنيا نقل عنه بواسطة والله العالم.

(367)

 

القرشي(1)، قال: سمعت هند بنت أبي رافع بن عبيد الله(2) بن رقية(3) بنت عقبة بن نافع الفهري تقول: توفيت زينب بنت علي عشية يوم الأحد لخمسة عشر يوماً مضت من رجب سنة 62 من الهجرة، وشهدت جنازتها، ودفنت بمخدعها بدار مسلمة المستجدة بالحمراء القصوى حيث بساتين عبد الله بن عبد الرحمان بن عوف(4) الزهري(5).

وملخص هذه الروايات الست مع ضم ما ورد عن وصول أهل البيت «عليه السلام» إلى المدينة من أخبار هو كالتالي وبإيجاز:

__________
(1) أبو عبد الله القرشي: لا بد وأن يكون من أولاد الإمام علي بن أبي طالب «عليه السلام» وذلك لأنه موصوف بالشريف وهذا الوصف لا يطلق على غيرهم، ومن تكنيته بأبي عبد الله يمكن أن نحتمل بأن اسمه الحسين ولكن لا يمكن البت بذلك، جاء في تهذيب التهذيب: 6/398 هو «جليس جعفر بن ربيعة»، وجعفر هذا توفي سنة 136هـ، وهو مناسب لأن يكون هو الراوي عن هند، والراوي عن هند، والراوي عنه حمزة المكفوف.

(2) كذا في الأصل، والظاهر أنه تصحيف «هند بنت عبيد الله بن أبي رافع» حيث تقدم أن من الرواة هو عبيد الله بن أبي رافع، وربما كان في العبارة سقط وهي كلمة «ابن» قبل «أبي رافع» لتكون كالتالي: «سمعت هند بنت ابن أبي رافع عبيد الله عن رقية بنت عقبة بن نافع الفهري»، وعلى أيحال فهند تعد من الطبقة الثالثة باعتبار أن جدها أبا رافع من الطبقة الأولى، وأباها عبيد الله من الطبقة الثانية، وعليه فإنها لربما ولدت في عهد أمير المؤمنين «عليه السلام» المتوفى سنة 40هـ.

(3) ابن رقية: كذا في الأصل، والظاهر أنه تصحيف عن كلمة «عم رقية» وذلك لأمور الأول: ليس متعارفاً نسبة الرجل إلى أمه إلا نادراً، والثاني: إنه لا يتناسب مع أبي رافع أو عبيد الله بن أبي رافع والثالث: إن في السند السابق جاءت الرواية عن رقية بنت عقبة بن نافع الفهري، وعقبة هو: ابن نافع بن عبد القيس الأموي (1ق.هـ- 42هـ، وتولى ولايتها سنة 50هـ، وبنى مدينة القيروان، وولاه يزيد بن معاوية سنة 62هـ أيضاً ولاية أفريقيا، وقتل هناك على يد الإفرنج، ويبدو أن ابنته كانت آنذاك في مصر، ولا بد أن تكون ولادتها قبل ذلك بحدود عقدين من السنين.

(4) عبد الله بن عبد الرحمان بن عوف الزهري: أمه ابنة أبي الحيس بن رافع بن امرئ القيس الأوسية الأنصارية، قتل عبد الله بأفريقيا يوم فتحت، وربما كان عام 47هـ- راجع شذرات الذهب: 1/55.

(5) أخبار الزينبيات: 121.

(368)

 

إن السيدة زينب «عليه السلام» بعدما وصلت في ربيع الأول من عام 16هـ إلى المدينة أخذت تخاطب الناس وتؤلبهم ضد الأمويين، وأخذ الناس يتململون وبدأوا يعلنون رفضهم للحكم الأموي ما أثار حفيظة الأمويين فكتب الوالي الأموي عمرو بن سعيد الأشدق الأموي إلى يزيد بن معاوية مقترحاً عليه إبعاد السيدة زينب «عليه السلام» من المدينة، فأبدى يزيد موافقته، إلا أنها رفضت ذلك واستعدت للمواجهة ولكن نساء بني هاشم ولعله الإمام السجاد «عليه السلام» كذلك تدخل في الأمر ونصحوها بالمغادرة تلافياً للأخطار التي ستلحق بأهل المدينة حيث لم تكن الأرضية بعد ممهدة، فخضعت لنصائحهم وخرجت مع كوكبة من نساء بني هاشم متوجهة نحو مصر حيث جرت الاستعدادات لذلك فوصلتها في حدود 27 رجب عام 61هـ، فاستقبلها أركان الدولة الأموية هناك إلى جانب عدة من الموالين، ويبدو والله العالم لم تكن مختارة في اختيار المنفى، ولا نستبعد أن يكون هناك عملية اغتيال بطريقة هادئة(1)، فقضت نحبها في الخامس عشر من شهر رجب من عام 62هـ، ودفنت في بيت الوالي التي كانت تعيش فيه في ظل الإقامة الجبرية.

ومما يستشف من مسألة الاغتيال هذه هو استقبال الوالي الأموي لها، وإسكانها في بيته، ووفاتها خلال أحد عشر شهراً، أكانت السيدة زينب «عليه السلام» لا تملك ما يمكنها من أن تهيئ لنفسها منزلاً مستقلاً ولا تعيش في ظل الوالي الأموي، فإن تواجدها في بيته هو كتواجد آل الحسين «عليه السلام» في خربة الشام ثم في بيت يزيد، فإنه مكسب اجتماعي لآل أمية وإقامة جبرية لآل علي ولكن ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين، فأين تلك القصور والطغيان، في قبال الشهادة وقبابهم الشامخة في كل البلدان الطغاة الذين حاولوا محو أفكارهم وأجسادهم، والله في تصريف أمور البلاد والعباد حكمة فإليه نفوض أمرنا وإنا لله وإنا إليه راجعون.

___________
(1) ربما كان عبر السم الخفيف الذي طال أثره مدة سنة تقريباً.

(369)

 

(370)