معجم  أنصار الحسين  (النساء)     (الجزء الأول)

اسم الکتاب : معجم أنصار الحسين (النساء) (الجزء الأول)

المؤلف : للعلامة المحقق الشيخ محمد صادق الكرباسي
المطبعة : المركز الحسيني للدراسات لندن ـ المملكة المتحدة

 

 

 

العابدين «عليه السلام» في كربلاء لأنه كان «عليه السلام» يناديها أمي فاختلط الأمر على البعض، وقالوا بأن أمه «عليه السلام» حضرت كربلاء، ومن المؤكد أن أمه توفيت في نفاسها منه «عليه السلام»، كما اختلط أمر التسمية على البعض فقال إن شاه جهان تسمى أيضاً غزالة أو برة أو ما شابه ذلك.

       وقد سبق الحديث عنها في ترجمة الإمام علي السجاد بن الحسين «عليه السلام» في معجم أنصار الحسين (الهاشميون) وسيأتي تفصيل الكلام عنها في ترجمة غزالة إن شاء الله تعالى.

       ومما تجدر الإشارة إليه إنهم في سالف الزمان وربما في بعض المناطق في يومنا الحاضر يسمون أولادهم بأكثر من اسم لأسباب مختلفة لوجود بعض الصفات بهم، وكذلك فإن كلا من الأبوين يحب أن ينادي أولاده بإسم لا يروق له أن يسميه إلا بما يحب، أو لأن الولد عندما يكبر لا يرغب أن يبقي على اسمه الذي سمي به في الصغر، إلى غيرها من الأسباب، وربما كانت برة وغزالة وسلافة وسلامة من هذا القبيل، وربما بعضها كسلافة وسلامة جاء من التصحيف أو أن برة جاءت كصفة باعتبار أنها برة في أداء وظيفتها  تجاه الإمام السجاد «عليه السلام» فقيل لها برة، والله العالم.

       ولا بأس بالإشارة إلى أنها إذا كانت حاضنة للإمام زين العابدين «عليه السلام» والذي كانت ولادته عام 33هـ فلا بد أن تكون حين الحضانة قادرة على ذلك فلا مجال إلا القول بأن ولادتها كانت قبل عام 20هـ، فلا يمكن أن يكون عمرها أقل من ثلاثة عشر عاماً، كما أنها عاشت معركة الطف وحضرتها.

(218)

 

(21)

بحرية بنت مسعود الخزرجية

ن36- ب61هـ = ن656- ب680م

 

       هي بحرية بنت مسعود الخزرجية(1).

       أما ضبط المفردة: «بحرية» فهي بفتح الباء وسكون الحاء وكسر الراء ثم ياء مشددة وتاء مربوطة كعلامة للتأنيث على زنة «فخرية» وجذر الكلمة مأخوذ من البحر وهو معروف، ومجازاً يقال للرجل الكريم إنه البحر أو للرجل العالم إنه البحر، أي أنه كالبحر في سعة العلم أو الكرم، ويسمى الرجل بالبحر أيضاً، ومن ذلك والد الجاحظ عمرو بن البحر، كما يسمى الرجل بالبحر أيضاً، ومن ذلك والد الجاحظ عمرو بن البحر، كما يسمى بالبحير بالفتح كما في بحير بن جبير التابعي، والبحير بالضم كزبير وهو لقب عمرو بن طريف بن عمرو، واسم كما في الفتح بن كثير بن بحير الحضرمي، وينسب الشخص إلى البحر فيقال البحري كما في إسحاق بن إبراهيم بن محمد البحري، كما توصف المرأة بذلك كما في أسماء بنت عميس الخثعمية يقال لها البحرية لأنها هاجرت إلى بلاد الحبشة فركبت البحر، وفي أساس اللغة: ومن المجاز امرأة بحرية، أي عظيمة البطن، شبهت بأهل البحرين، وهم مطاحيل(2) عظام البطون(3).

       وأما بحرة بالفتح، فهو والد صفية التابعية، وبحرة أيضاً جد يمين بن معاوية العائشي الذي كان من شعراء العرب، والبحرية أيضاً عين باليمامة لعبد القيس، وربما قيل إنها نسخة أخرى لـ «البحيرية».

______________
(1) وسيلة الدارين: 174، فرسان الهيجاء: 2/5.

(2) مطاحيل: جمع مطحول، وهو المصاب طحاله، وطحل الرجل عظم طحاله.

(3) تاج العروس: 10/129.

(219)

 

       فالبحرية مؤنث البحري وهو نسبة إلى البحر(1)، ويحتمل أن تكون النسبة إلى بحرة بحري ليكون المؤنث منه بحرية.

       وعلى أي حال فإن التسمية بهذا الاسم لم نجد لها استخدام  في الجاهلية ولا بعدها باستثناء ما قلنا عن أسماء بنت عميس الخثعمية زوجة جعفر بن أبي طالب، والتي لم تسم به بل وصفت بذلك ولقبت، وربما بحرية هذه لم تكن إسماً بل لقباً وصفياً لقبت به، نعم هناك امرأة كانت تعيش في عصرها تسمى بـ «بحيرة بنت المنذر بن جارود العبدي» وكانت زوجة لعبيد الله بن زياد بن أبيه(2) والتي كانت من أهل البصرة، ويبدو أنهم في منتصف القرن الأول الهجري كانوا يسمون بهذا الإسم.

       ولنعد إلى الحديث عن بحرية بنت مسعود الخزرجية، فحسب المختار أنها حضرت معركة الطف مع زوجها جنادة بن كعب بن بن الحرث الأنصاري الخزرجي المكي المقتول في الحملة الأولى في أرض المعركة، وحضر معهما ابنهما عمرو بن جنادة المولود في حدود عام 49هـ(3) والمستشهد هو الآخر في معركة الطف، وكانت بحرية ألبست ابنها عمراً لامة الحرب وأرسلته ليستأذن الإمام الحسين «عليه السلام» ليقاتل الأعداء، وقد كره الإمام أن يأذن له لأنه صغير، وقتل أباه قبل ذلك، وهو وحيد أمه إلا أنه لما بين له بأن أمه هي التي حثته على ذلك وألبسته لامة الحرب أذن له، ولما قتل في المعركة حز رأسه ورمي به إلى معسكر الحسين «عليه السلام» فأخذت أمه بحرية رأس ابنها ورمته بقوة أحد المنتدبين إلى قتل الحسين فأصابته إصابة قاتلة، مما يبين مدة قوة إيمانها وشدة عزمها، فلم تأخذها في الله لومة لائم وضحت بالزوج وبابنها الوحيد في سبيل الحق، وجاهدت في سبيله دون أي تردد.

       وبالنسبة إلى نسبها فلم نتمكن من الحصول على أكثر من كونها خزرجية من قبيلة زوجها، والذي يؤيد كون الزوج هو الذي حددناه بالخزرجي، خلافاً لمن قال: بأنه جنادة بن الحرث السلماني المذحجي،

___________
(1) راجع الأنساب للسمعاني: 1/290.

(2) راجع بحار الأنوار: 44/ 339.

(3) وقيل إنه ولد عام 51هـ.

(220)

 

ولا يخفى أن تحديد اسمها واسم أبيها جاء من ذخيرة الدارين، كما ذكر ذلك المحلاتي في فرسان الهيجاء(1).

       وسيأتي مزيد من التفصيل في ترجمة جنادة بن كعب وعمرو بن جنادة بن كعب، وكذلك في جنادة بن الحارث، وعمرو بن جنادة بن الحرث فلا نكرر.  

       والحاصل: إن معظم المصادر التي تخص مقتل أبي عبد الله الحسين «عليه السلام» ذكرت بأنها حضرت كربلاء وكان لها دور بارز، سنأتي عليه في السيرة الحسينية إن شاء الله تعالى.

       وربما يفهم من عمرو ابنها وسنة ولادته وكونه الابن الوحيد لها أنها تزوجت من أبيه جنادة بن كعب الخزرجي عام 48هـ، وربما كان لها من العمر حين الزواج نحو أربعة عشر ربيعاً لتكون ولادتها حدود عام 36هـ، وأما عن وفاتها فليس شيء يثبت ذلك سوى أنها رجعت المدينة، والظاهر أنها توفيت هناك أو في مكة حيث كانت  تسكنها مع زوجها وابنها قبل أن يلتحقوا بركب الإمام الحسين «عليه السلام».

       هذا ولم نتمكن من الحصول على حياة أبيها مسعود الخزرجي رغم بحثنا عن ذلك.

_________
(1) فرسان الهيجاء: 2/5 عن ذخيرة الدارين، ونقل عنه وسيلة الدارين: 174.

(221)

 

(222)

 

حرف الجيم

 

       22- جمانة بنت أبي طالب الهاشمية         38ق.هـ - ب61هـ

       23- جمانة بنت علي الهاشمية        ن39- 40هـ

 

(223)

 

(224)

 

(22)

جمانة بنت أبي طالب الهاشمية

38ق.هـ - ب61هـ = 584- ب680م

 

       هي: جمانة بنت أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشية(1).

       ضبط المفردة «جمانة» بضم أولها وفتح ثالثها على زنة «أسامة» كلمة فارسية دخيلة في العربية تعني اللؤلؤة، والجمع «جمان»(2)، وفي الفارسية تأتي جمان بمعنى مطلق النبت، ومنها نبت خاص يستخدم في الطب للتخلص من دود المعدة(3)، إلى غيرها(4)، وأما ما هو المراد فهو واحد الجمانة وهي اللؤلؤة أو حبة من الفضة تعمل على شكل لؤلؤة، قال لبيد(5) يصف بقرةً- من الكامل:

وتضيء في وجه الظلام منيرةً         كجمانة البحري سل نظامها(6)

       وهذا هو المستخدم في العربية، واستخدم كعلم للإناث كما استخدم «جمان» اسم للذكور، وممن سمي في الجاهلية بجمان، هو جمان بن هداد الأزدي، كما هو اسم جبل، وكان عجاجاً قد سمى جملاً له بجمان(7)

__________
(1) معالي السبطين: 2/228.

(2) المنجد في اللغة: 102.

(3) راجع البرهان: 2/585، فرهنگ فارسي: 1/1240.

(4) لغت نامه دهخدا: 16/ 99.

(5) لبيد: هو ابن ربيعة بن مالك العامري، ولد في نجد أيام الجاهلية وتوفي مسلماً عام 41هـ، كان من أشراف الشعراء الفرسان في الجاهلية، وهو صاحب إحدى المعلقات، جمع شعره في ديوان طبع باسمه، سكن الكوفة ومات فيها بعدما عاش طويلاً.

(6) أقرب الموارد: 1/140.

(7) راجع لغت نامه دهخدا: 16/99.

(225)

 

       وممن سميت بجمانة: الجمانة: الجمانة بنت قيس بن زهير العبسي والتي كانت شاعرة من شواعر العرب، وهي التي في جملة من كلامها البليغ «المعارض منتصر، والبادي أظلم» فجرى مجرى المثل(1).

       كانت جمانة بنت أبي طالب الإبنة الثانية لأبي طالب حيث كانت أم هاني أكبر منها، وكانت ولادتها في مكة، وقد بايعت الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، وتزوجها ابن عمها أبو سفيان المغيرة بن الحارث بن عبد المطلب الذي كان يشبه الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أسلم وثبت يوم حنين ومات سنة 26هـ ودفن في المدينة، هاجرت جمانة مع زوجها إلى المدينة وكانت بصحبة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقد أنجبت لأبي سفيان ثلاثة بنين وبنتاً واحدة هم: جعفر، وعبد الله وعبيد الله وعاتكة التي تزوجها متعب بن أبي لهب وولدت، وجميعهم أسلموا عندما أسلم أبوهم يوم الفتح قبل أن يدخل الرسول إلى مكة عام 8هـ.

       وأم جمانة هي فاطمة بنت أسد أم علي بن أبي طالب «عليه السلام»، وعاشت جمانة حتى شاهدت معركة الطف بأم عينيها، واستشهد ابنها عبد الله في تلك المعركة الأليمة، ورجعت مع ركب الإمام زين العابدين «عليه السلام» إلى المدينة، وكانت أختها أم هاني (فاختة) قد حضرت خروج الحسين «عليه السلام» إلى العراق إلا أنها لم تسمع خبر استشهاده حيث توفيت في نهاية عام 60هـ.

       ويظهر أن جمانة توفيت بعد عام 61هـ حيث انقطع خبرها، وقد سبق وقمنا بترجمتها بإجمال لدى ترجمة أبيها أبي طالب في المقدمة التمهيدية لمعجم الأنصار الهاشميين وقلنا بأنها ولدت عام 38ق.هـ.

       ومن المعلوم أنها بعد أن انتقلت إلى المدينة كانت في خدمة أمها فاطمة بنت أسد إلى أن توفيت عام 4هـ ودفنت في المدينة، وقامت منذ أن تركت مكة بالعناية بأولادها، ولم تفارق أخاها أمير المؤمنين «عليه السلام» ومن بعده إبناه الحسن والحسين «عليهما السلام».

__________
(1) أعلام النساء: 1/204 عن بلاغات النساء.

(226)

 

(23)

جمانة بنت علي الهاشمية

ن39- 40هـ = ن659- 660م

 

       هي: جمانة بنت علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشية.

       وأمها أم ولد، ولدت قبل عام 15هـ، ودخلت بيت علي «عليه السلام» حدود عام 39هـ، وتوفيت بعد عام 40هـ، أي بعد استشهاد أمير المؤمنين «عليه السلام».

       وأما ابنتها جمانة فقد ولدت في حدود عام 39هـ في الكوفة، ولكنها توفيت قبل استشهاد أبيها سنة 40هـ، حيث عدها ابن شهرآشوب(1) في عداد من توفين في حياة آبائهن(2)، وكناها علي «عليه السلام» بأم جعفر، ولم يورد ابن شهرآشوب أنها تزوجت مما يؤكد أنها كانت صغيرة حيث عدد المتزوجات في حياة آبائهن فلو يعدها منهن، ولكن المازندراني ذكرها في معاليه في عداد من حضرن كربلاء(3)، حيث أورد ثلاث عشرة من أخوات الإمام الحسين «عليه السلام» اللاتي حضرن كربلاء، ولكنه لم يوثق كلامه بدليل، وبعد تصريح ابن شهرآشوب المعتمد في نقله لا يمكن الركون إلى ما ورد في المعالي، ومن هنا فقد أعرضنا عنها، كما أنها ليس لها ذكر في كتب التاريخ والسيرة.

____________
(1) ابن شهرآشوب: هو محمد بن علي السروي المازندراني (488- 588هـ) ولد في سرو- مازندران- وتوفي في حلب- سوريا- من أعلام الإمامية، من آثاره: الفصول، معالم العلماء، أسباب نزول القرآن.

(2) مناقب آل أبي طالب لإبن شهرآشوب: 3/305.

(3) معالي السبطين: 2/227.

(227)

 

(228)

 

حرف الحاء

       24- حبيبة بنت المغربية                      ن28- ب61هـ

       25- حسنية بنت ....                         ق5- ب61هـ

       26- حميدة بنت مسلم الهاشمية             49- ب142هـ

(229)

 

(230)

 

 

(24)

حبيبة بنت الغربية

ن28- ب61هـ = ن648- 680م

 

       هي حبيبة بنت... المغربية.

       ضبط المفردة «حبيبة» بفتح الحاء وفتح الباء الثانية وهي مؤنث الحبيب وهو على زنة الفعيل بمعنى المفعول أي المحبوب، وقد سبق وتحدثنا عن الجذر والمعنى في ترجمة حبيب بن مظاهر الأسدي في معجم الأنصار غير الهاشميين فلا نكرر(1).

       وأما من أقدم من سمي بالحبيب فهو حبيب بن عمرو بن عوف الأوسي القحطاني وهو جد جاهلي، ومن المخضرمين حبيب بن مسلمة بن مالك الفهري القرشي (2ق.هـ - 42هـ) المولود في مكة والذي تولى أرمينية على عهد معاوية فتوفي فيها(2).

       وأما من أقدم من سميت بالحبيبة هي حبيبة بنت الضحاك بن سفيان السلمي والتي كانت شاعرة من شواعر العرب، وكانت زوجة العباس بن مرداس المولود في عهد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في مكة(3).

       والحبيبة التي نحن بصدد ترجمتها هي أم عبد الرحمان بن الحسن «عليه السلام» أي أنها كانت حليلة الإمام الحسن «عليه السلام»، وهي أم ولد أصلها من المغرب، وربما كانت بربرية الاصل، قال ابن فندق: عبد الرحمان بن

___________
(1) كما أوجزنا مثل ذلك في ترجمة «أم حبيب بنت عباد الثعلبية» من هذا المعجم.

(2) الأعلام للزركلي: 2/166.

(3) أعلام النساء: 1/240.

(231)

 

الحسن أمه حبيبة من سبي المغرب، وهي أم ولد(1) وقال المازندراني في معاليه إن عبد الرحمان كان مع أمه- في الطف- وهي أم ولد(2)، ولم يحدد إسمها، إلا أنه عد زيداً شقيقاً لعبد الرحمان، كما عد أم الحسين شقيقة له أيضاً، ولكن سبق وتحدثنا في ترجمة زيد بن الحسن «عليه السلام» وشقيقته أم الحسين أن أمهما فاطمة بنت أبي مسعود عقبة الخزرجية. وهنا نود الإشارة إلى أن أم عبد الله الأكبر ابن الإمام الحسن «عليه السلام» أيضا اسمها حبيبة، وهي أيضاً أم ولد، وذكر ابن فندق في لبابة بأنها من سبي الحبشة، وربما كانتا متحدتين، وذلك لأن كليهما من إفريقيا، وبما أن الحبشة كانت أشهر أقاليم أفريقيا آنذاك فلذلك نسبت إلى الحبشة والله العالم.

       وعلى أي حال فإن عبد الله الأكبر ابن الحسن «عليه السلام» كانت ولادته عام 43هـ فمعنى ذلك أن حبيبة هذه لابد وأن يكون الحسن «عليه السلام» قد امتلكها على أٌقل التقادير عام 45هـ، ومعنى أنها أنجبت عبد الله الأوسط عام 46هـ أنها كانت متأهلة للإنجاب، وبمقتضى القاعدة فإن ولادتها لا بد وأن تكن في حدود عام 31هـ وذلك في بلاد إفريقيا، وربما كانت من سبايا بين عام 27- 50هـ حيث بدأ الجيش الإسلامي يدخل شمال إفريقيا بعد فتح مصر عام 17هـ- في عام 27هـ، ولكن كان للمسلمين الكر والفر، ولم يثبت سلطانهم إلا عام 50هـ.

       وبهذا التقدير فيكون حضورها كربلاء مع ابنها عبد الله الأوسط، ومعنى ذلك أنها حضرت شهادة ابنها في كربلاء ورجعت مع ركب الإمام زين العابدين «عليه السلام» إلى المدينة فتكون  وفاتها بعد عام 61هـ، وربما في المدينة.

___________
(1) لباب الأنساب: 1/343.

(2) معالي السبطين: 2/236.

(232)

 

(25)

حسنية بنت ...

ق5- ب61هـ = ق626- ب680م

 

       هي: حسنية بنت... .

       ضبط المفردة: «حسنية» بضم الحاء وسكون السين وكسر النون وتشديد الياء المفتوحة، مؤنث «حسني» نسبة إلى الحسن وهو مصدر حسن وحسن بالضم وبالفتح بمعنى كان جميلاً، والحسن: الجمال.

       ولم نعثر على من يسمى ب«حسني» في الجاهلية أو في القرون الأولى من الهجرة، نعم درج استخدامه كإسم علم للذكور في الآونة الأخيرة، وهناك ثلاث شخصيات ذكرهم الزركلي في أعلامه وكلهم من أصول سورية وهم: حسني بن أحمد باقي (1259- 1325هـ) ولد في حلب، وهو أديب باللغتين العربية والتركية وله مؤلفات ومؤسسات، وحسني ابن رشيد غراب (13160 1369هـ) ولد في حمص، وهو أديب شاعر له مؤلفات وعضو في العصبة الأندلسية في البرازيل، وحسني ابن الشيخ رضا الزعيم (1315- 1368هـ) ولد في دمشق، وهو من القواد العسكريين ثار على الرئيس السوري آنذاك، له بعض المؤلفات(1).

       وأما حسنية كعلم لأنثى فلم نعثر في المعاجم عنها شيئاً، وربما استخدمت المفردة كعلم للأنثى في القرون الأولى من الهجرة إلا أنهن لم يكن من المشهورات، ولكن وجدت من المشهورات، ولكن وجدت في أعلام النساء أن هناك جارية من

_____________
(1) الأعلام للزركلي: 2/228- 229، وربما استخدمت صفة أو لقباً وقد استخدم في مصر وغيرها.

(233)

 

السبي بهذا الاسم أسلمت في زمن الرشيد(1)، وكانت عالمة فاضلة مدققة بصيرة بالأخبار والآثار، ألف أبو الفتوح(2) المفسر الرازي رسالة بالفارسية جمع فيها أخبار مناظرتها في مسألة الإمامة في مجلس الرشيد(3) وربما كان الرشيد قد سماها بحسنية بعد أن اقتناها، ولعلهم كانوا يسمون الجواري بالأوصاف التي تناسبهم والله العالم(4).

       وعلى أي حال فقد ذكر المازندراني في معاليه من الجواري التي حضرن كربلاء حسنية وقال: «حسنية جارية للحسين اشتراها من نوفل بن الحارث بن عبد المطلب(5)، ثم تزوجها سهم(6) فولدت منه منجحاً، فهو مولى الحسين «عليه السلام»،  له ذكر أيضاً في زيارة الناحية بقوله: «السلام على منجح مولى الحسين» وقد كانت حسنية تخدم في بيت علي بن الحسين زين العابدين «عليه السلام» إلى أن خرج الحسين من المدينة إلى العراق فخرجت الجارية معه وابنها منجح معها حتى أتت كربلاء»(7).

       وليس لدينا أكثر مما ذكره المازندراني وحاولنا العثور عليه في ربيع الأبرار- حسب استناد المازندراني إليه- فلم نفلح، ولكن يمكن استنتاج

___________
(1) الرشيد: هو هارون الرشيد ابن محمد المهدي ابن المنصور العباسي (149- 193هـ) ولد في الري، وتوفي في خراسان ودفن فيها، خامس حكام العباسيين، حكم بعد وفاة أخيه عام 170هـ اتخذ من الرقة عاصمة صيفية له بالإضافة إلى بغداد مركز حكمه.

(2) أبو الفتوح: هو الحسين بن علي بن محمد بن أحمد الخزاعي المتوفى بعد سنة 556هـ، سكن الري- إيران- وتوفي فيها. كان من أعلام الإمامية والمفسرين والفقهاء الأصوليين، من آثاره: روح الأحباب، روض الجنان، وكتاب يوحنا.

(3) أعلام النساء: 1/264.

(4) جاء في ياران پايدار إمام حسين: 168 أن الإمام الحسين «عليه السلام» عندما اقتنى هذه الجارية سماها حسنية، كلام معقول وارد، إلا أنه لم يوثق بدليل.

(5) نوفل بن الحارث بن عبد المطلب: القرشي، كان من أغنياء قريش وأجوادهم وشجعانهم، أخرجه قومه يوم بدر لقتال المسلمين وهو كاره فأسر ثم أسلم، وراجع إلى مكة ثم هاجر إلى المدينة أيام الخندق وشهد فتح مكة.

(6) سهم: كان مولى الحسين «عليه السلام» وسنأتي على ترجمته في معجم الأنصار قسم غير الهاشميين.

(7) معالي السبطين: 2/231 عن ضياء العالمين عن ربيع الأبرار للزمخشري.

(234)

 

بعض الأمور منها وهو أن الحسين «عليه السلام» اشتراها من نوفل، فإن نوفل بن الحارث توفي سنة 15هـ(1)، ومعنى ذلك أن الحسين «عليه السلام» اشتراها قبل وفاة نوفل، ولا يخفى أن الإمام الحسين «عليه السلام» ولد عام 4هـ ومعنى ذلك أنه عندما توفي نوفل عام 15هـ كان الحسين «عليه السلام» في الحادية عشرة من عمره، وبعض النظر عن وقوع البيع ممن لم يبلغ، واختلاف الفقهاء في ذلك بين القول بجوازه إذا أتم العاشرة من عمره شرط أ، يكون عاقلاً(2) وبين جوازه شرط التمييز والعقل، وتحديد التمييز بالفترة ما بين السابعة والبلوغ الشرعي، وقول آخرين بصحته شرط إجازة الولي(3)، بينما ذهب آخرون إلى عدم انعقاد البيع حتى مع إجازة الولي(3)، بينما ذهب آخرون إلى عدم انعقاد البيع حتى مع إجازة الولي(4) إلا إذا تولاه الولي بنفسه.

       وذلك لأن الإمام الحسين «عليه السلام» أحد المعصومين الذين لهم خصوصياتهم حيث إن أمر البيع والشراء جار في حقهم حتى مع عدم البلوغ بقياس الأولوية، فإذا جاز توليه منصب الإمامة، ثم إقامته الصلاة إماماً، وهو بعد لم يبلغ السن الشرعي كما حصل بالفعل في إمامة الجواد «عليه السلام» والإمام المهدي «عليه السلام» حيث تولى الأول الإمامة من أبيه وهو في الثامنة من عمره، وتولاه الثاني وهو في الخامسة من عمره.

       وعلى أي حال فإن شراء الحسين «عليه السلام» للجارية من نوفل تم في السنة الرابعة عشرة من الهجرة والحسين «عليه السلام» آنذاك قد أكمل العاشرة من عمره.

       ومن هنا يكمل التوصل إلى حدود عمر الجارية، إذ ربما كانت في عام 15هـ في أوائل العقد الثاني من عمرها، وبما أن ابنها منجحاً كان من المبارزين في معركة الطف يفهم أنه كان ربما متجاوزاً العقد الثاني من عمره لتكون ولادته قبل عام الأربعين، ومن جهة أخرى لم نجد لسهم والد منجح والذي تزوج حسنية خبراً في أيام علي والحسن والحسين «عليه السلام» لكي نتوصل إلى شيء من تاريخ زوجته حسنية، ولكن المتيقن أنه كان قناً لأن ابنه منجح أصبح قناً.

___________
(1) الأعلام للزركلي: 8/54.

(2) راجع شرائع الإسلام: 2/265.

(3) راجع الفقه الإسلامي وأدلته: 4/354- 359.

(4) اللمعة الدمشقة: 3/226.

(235)

 

      

       ومن جهة أخرى فإن قصة زواج حسنية بسهم تبين لنا أن الإمام الحسين «عليه السلام» لم ينكحها بملك اليمين بل زوجها من سهم، وهذا ما توصلنا إليه بأنه كان يزوج إماءه بعبيده أو بغيرهم، ولم يتسر بهن.

       وفي الختام أوقفنا عبارة السماوي في ترجمة ابنها منجح ما نصه: «كان منجح من موالي الحسن «عليه السلام» خرج من المدينة مع ولد الحسن «عليه السلام» في صحبة الحسين «عليه السلام» فأنجح سهمه بالسعادة وفاز بالشهادة ولما تبارز الفريقان في كربلاء قاتل القوم قتال الأبطال»(1) حيث نسبه إلى الإمام الحسن «عليه السلام» خلافاً لسائر المصادر ومع الأسف لم يوثق كلامه مما لا يمكن الاعتماد عليه، وربما كان الحسن تصحيفاً للحسين، والله العالم.

__________
(1) إبصار العين: 54.

(236)

 

(26)

حميدة بنت مسلم الهاشمية

49- ن142هـ = 669- ن759م

 

       هي: حميدة بنت مسلم بن عقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشية.

       أما ضبط المفردة: «حميدة» فهي على زنة فعيلة مؤنث حميد بالفتح بمعنى المحمود، اسم متعارف منذ الجاهلية لأنه صفة نقلت إلى العلمية كما أن حميد بالضم ثم الفتح كان شائعاً أيضاً ومن المخضرمين ممن سموا بـ «حميد» بالفتح حميد بن ثور بن حزن الهلالي العامري أبو المثنى المتوفى في حدود عام 30هـ، شاعر مخضرم عاش زمناً طويلاً في الجاهلية ثم أسلم(1)، وأما حميدة فقد استخدم في العهد الأول الإسلامي منها حميدة بنت النعمان بن البشير (المتوفاة سنة 85هـ والتي كانت من الشواعر)(2) وحميدة بنت عمير بن سعد الزهري(3) وهي أيضاً كانت شاعرة رثت أباها حين قتله المختار الثقفي. أخذ بثأر الإمام الحسين.

       ولنعد إلى حميدة بنت مسلم بن عقيل حيث إن أمها رقية الصغرى بنت أمير المؤمنين «عليه السلام»، وأمها أم شعيب المخزومية وقد سبق نسبها في ترجمة شقيقها إبراهيم بن مسلم بن عقيل في معجم الأنصار الهاشميين.

__________
(1) الأعلام للزركلي: 2/283.

(2) الأعلام للزركلي: 2/284 وأعلام النساء: 2/298.

(3) أعلام النساء: 1/298.

(237)

 

       ولدت على ما سبق تحقيقه عام 49هـ في المدينة، وقد صاحبت أمها إلى أرض المعركة في طف كربلاء وأسرت كما أسر غيرها من آل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وبقيت على قيد الحياة حتى تزوجها ابن خالتها(1) عبد الله الأحول ابن محمد بن عقيل المتوفى عام 142هـ، والتي توفيت بعيدها(2).

       وحميدة هي التي مسح الإمام الحسين على رأسها في منزل السوقة وهو في طريقه إلى كربلاء عندما وصله خبر مقتل أبيها مسلم بن عقيل فأحست باليتم، ولا يخفى أن الإمام الحسين «عليه السلام» هو خالها حيث إن أمها رقية الصغرى أخته «عليه السلام»، كما أنه «عليه السلام» خال زوجها حيث إن أم عبد الله الأحول هي زينب الصغرى وهي أيضاً أخت الإمام الحسين «عليه السلام»، وقد ذكر حضورها معركة الطف أغلب المقاتل(3) فليراجع باب السيرة من هذه الموسوعة.

       ولا يخفى أن هناك حميدتين يحتمل حضورهما كربلاء، إحداهما: حميدة بنت عبد الرحمان الأكبر ابن عقيل، وبنت خديجة بنت علي بن أبي طالب(4)، وثانيتهما: حميدة بنت أبي سعيد بن عقيل وبنت فاطمة بنت علي ابن أبي طالب «عليه السلام».

__________
(1) حيث كانت أم عبد الله الأحول زينب الصغرى بنت علي بن أبي طالب.

(2) راجع ترجمة مسلم بن عقيل ومحمد بن عقيل في معجم الأنصار الهاشميين، وترجمة أم شعيب المخزومية، ورقية الصغرى بنت علي «عليه السلام».

(3) راجع أسرار الشهادة: 2/131 هامش مقتل الحسين لبحر العلوم: 214، والمنتخب: 372.

(4) راجع لباب الأنساب: 1/334.

(238)

 

حرف الخاء

 

       27- خديجة بنت علي الهاشمية       ن29- ب61هـ

       28- خولة بنت الحسين الهاشمية            .....-.....هـ

 

(239)

 

(240)

 

(27)

خديجة بنت علي الهاشمية

ن39- ب61هـ = ن659- 680م

 

       هي: خديجة بنت علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشية.

       سبق وتحدثنا عن ضبط الكلمة في أم خديجة فلا نعيد.

       لقد أورد المازندراني خديجتين من أخوات الإمام الحسين «عليه السلام» وذلك لدى ذكره من حضرن كربلاء ونص كلامه كالتالي: «ومنهن خديجة أمها أم ولد، فكانت عند عبد الرحمان بن عقيل بن أبي طالب، فولدت له سعداً وعقيلاً، كما ذكره الطبرسي(1) في إعلام الورى(2)، وكما قال الشيخ حسن بن سليمان بن محمد بن الحسن الشويكي(3) في مقتله نقلاً عن الجزء

_____________

(1) الطبرسي: هو الفضل بن الحسن بن الفضل، ولد في طبرستان- إيران بعد منتصف القرن الرابع الهجري وتوفي في سبزوار- إيران سنة 458هـ، كان من أعلام الإمامية، من آثاره: مجمع البيان، تاج المواليد، وشواهد التنزيل.

(2) إعلام الورى: 1/476.

(3) الحسن بن سليمان بن محمد بن الحسن الشويكي، كان من فضلاء البحرين ومؤلفيها لم يكن عصره بعيداً عن عصرنا، إلا أننا لم نعثر على تفاصيل حياته، والأسرة الشويكية أصولهم من البحرين إلا أنهم نزحوا إلى القطيف ونزلوا قرية الشويكة فنسبوا إليها، ونبغ منهم العلماء وفضلاء وأدباء، وهذا أحدهم، وربما كان الحسن الجد هو الحسين حيث ينتمي إليه الشيخ عبد الله بن محمد بن الحسين بن محمد الشويكي وحفيده عبد الله هو أول من هاجر إلى الشويكة، وعليه فسليمان له عدد من الإخوة هم عبد الله ومرزوق وعبد علي وهؤلاء من أعلام القرن الثاني عشر والثالث عشر الهجري.

(241)

 

العاشر من كتاب المنن لعبد الوهاب الشعراني(1)، قال: وعبد الرحمان بن عقيل بن أبي طالب قتل مع الحسين بن علي بالطف وابناه سعد وعقيل كانا معه، وماتا من شدة العطش ومن الدهشة والذعر بعد شهادة الحسين «عليه السلام» لما هجم القوم على المخيم للسلب، وأمهما خديجة بنت علي بن أبي طالب توفيت في الكوفة انتهى»(2).

       وقال بعدما يقارب الصفحة في السياق نفسه: «ومنهن خديجة الصغرى أمها أم ولد، وكانت عند عبد الله الأوسط ابن عقيل بن أبي طالب ولا عقب له»(3) ويظهر من وصفه الثانية بالصغرى أن الأولى هي الكبرى، فيا ترى هل لأمير المؤمنين «عليه السلام» خديجتان أم خديجة واحدة؟

       إن تعدد الشخصيتين ورد على لسان المازندراني السابق الذكر، ولم نلاحظ ذلك في أمات المصادر ولا المصنفات القديمة، وما ذكره المازندراني من أن خديجة الصغرى تزوجت من عبد الله الأوسط بن عقيل لم بثبت، بل الثابت أن عبد الله الأوسط تزوج من نفيسة بنت أمير المؤمنين «عليه السلام»، وعبد الله هذا كان من أصحاب الإمام السجاد «عليه السلام» كما يلاحظ ذلك من عد الشيخ(4) له في رجاله من أصحاب الإمام السجاد(5) بضميمة ما أورده المامقاني في التنقيح بأن المقتولين بكربلاء شخصيتان باسم عبد الله بن عقيل الأكبر والأصغر(6)، ولقد أنجبت نفيسة لعبد الله الأوسط أم عقيل- راجع تفاصيل ذلك في ترجمة عبد الله الأكبر

___________
(1) عبد الوهاب الشعراني: هو ابن أحمد بن علي بن أحمد بن أحمد بن محمد بن موسى الأنصاري الشافعي الشاذلي المصري (898- 973هـ) من الفقهاء الأصوليين، ولد في قلقشندة في مصر وتوفي في القاهرة، من آثاره: الجوهر المصون، لواقح الأنوار، والمقدمة النحوية.

(2) معالي السبطين: 2/226، ولا يخفى أن الكلام كله للمازندراني.

(3) معالي السبطين: 1/227.

(4) الطوسي: هو محمد بن الحسن بن علي بن الحسن (385- 460هـ) ولد في طوس- إيران، وتوفي في النجف- العراق- كان من أعلام الإمامية، ومؤسس الحوزة العلمية في النجف الأشرف، من آثاره: المبسوط، الرجال، والتهذيب.

(5) رجال الطوسي: 95.

(6) راجع تنقيح المقال: 2/199.

(242)

 

وعبد الله الأصغر ابني عقيل من معجم أنصار الحسين (الهاشميون)- حيث قتلا في معركة الطف.

       وأما عبد الرحمان بن عقيل الذي ورد ذكره في معالي السبطين وأنه تزوج من خديجة فهو عبد الرحمان الأكبر والذي سبق وتوصلنا إلى أنه المتزوج من خديجة بنت أمير المؤمنين «عليه السلام»، وقد ذكرنا بأنها أنجبت له سعداً (سعيداً) وعقيلاً، وقيل حميدة ولم يثبت.

       وأما استناده إلى ما ورد في إعلام الورى فلم نجد فيه ما يؤيد كلامه حيث ورد في خديجة واحدة غير موصوفة بالكبرى ولا بالصغرى(1) اللهم إلا أن المازندراني يزيد أن يستفيد من خلط الطبرسي فكانت لعبد الرحمان بن عقيل فولدت له سعداً وعقيلاً»(2) ومن الواضح أنه أراد بزينب خديجة لأنه سبق وذكر زينب الصغرى حيث قال: «وأما زينب الصغرى فكانت عند محمد بن عقيل فولدت له عبد الله وفيه العقب من ولد عقيل»(3) أما أن يأتي المازندراني ليصحح فقط كلمة «زينب» والتي هي زوجة عبد الرحمان بـ«خديجة» لتبقى الصفة «صغرى» فغير وارد، لأن المفروض أن يبدل الكلمتان «زينب الصغرى» بكلمة واحدة «خديجة»، وعلى أي حال فرغم تركه لصفة الصغرى، فهي بالفعل الصغرى، وهو ينافي ما  نقله المازندراني من أن الصغرى تزوجت من عبد الله الأوسط بن عقيل(4)، إذاً فإن عبارته الثانية والتي يذكر بأن «خديجة الصغرى أمها أم ولد وكانت عند عبد الله الأوسط ابن عقيل بن أبي طالب ولا عقب له» مرفوضة، وتبقى العبارة الأولى «خديجة أمها أم ولد فكانت عند عبد الرحمان بن عقيل بن أبي طالب فولدت له سعداً وعقيلاً» هو المعتمد.

       والحاصل ما دام لم يوثق كلامه بالنسبة إلى خديجة التي وصفها

___________
(1) إعلام الورى: 1/396.

(2) إعلام الورى: 1/ 397.

(3) إعلام الورى: 1/397.

(4) معالي السبطين: 2/227.

(243)

 

بالصغرى فلا يمكن الأخذ به، وعليه فهناك خديجة واحدة بنت أمير المؤمنين «عليه السلام» والتي تزوجها عبد الرحمان الأكبر ابن عقيل، وقد سبق وتوصلنا إلى أنها ولدت في حدود عام 39هـ، وزوجها من عبد الرحمان الأكبر ابن عقيل كان في حدود عام 53هـ، وأنجبت له سعداً عام 54هـ، وعقيلاً عام 55هـ.

       ومن جهة أخرى فإن زوجها عبد الرحمان ولد حدود عام 37هـ. واستشهد في كربلاء عام 61هـ، ومات إبناهما سعد وعقيل يوم عاشوراء خوفاً وعطشاً.

       إن كل هذه يرشدنا إلى حضورها وزوجها وابنيها كربلاء، وأنها عاشت بعد يوم عاشوراء، ويذكر بأنها تزوجت بعد ذلك من عبد الرحمان العبشمي، كما صرح بذلك ابن فندق في اللباب(1)، وعبد الرحمان(2) هذا هو ابن عبد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي العبشمي، ولا يخفى أن أروى بنت كريز كانت أم عثمان بن عفان الأموي، وكان عبد الله بن كريز من مواليد عام 8هـ، وكان في حرب الجمل مع عائشة وفي وقعة صفين اعتزل، وولاه معاوية البصرة ثم صرفه بعد ثلاث سنين، فسكن المدينة حتى مات فيها سنة 57هـ أو 59هـ، وكان عثمان بن عفان قد ولاه البصرة بعد أبي موسى الأشعري وذلك سنة 29هـ(3).

       وليس في كتب التاريخ والأنساب حسب تفحصنا في المصنفات المتاحة لنا ذكر لعبد الرحمان العبشمي، ولا نعلم مدى صحة زواجه من خديجة، وعلى فرض وجوده وصحة زواجه فلا شك أن ولادته كانت بعد عام 25هـ على أقل التقديرات، لأن والده عبد الله بن كريز ولد عام 8هـ

___________

(1) لباب الأنساب: 1/334.

(2) ويذكر أن أخته هند بنت عبد الله بن عامر كانت زوجة ليزيد بن معاوية الأموي وهي التي استنكرت فعلة يزيد بالأسرى عندما تعرفت على زينب وأم كلثوم إبنتي علي «عليه السلام».

(3) تهذيب التهذيب: 6/178.

(244)

 

كما سبق وأشرنا إلى ذلك، فلا يعقل أن تكون ولادته قبل ما ذكرناه، ورغم أننا نستبعد أن يكون الزواج وقع بينهما حيث إن كلا من خديجة وعبد الرحمان العبشمي في خط يناقض الخط الآخر والذي أوقع القطيعة بينهما، وامتنع كل طرف من التزاوج مع الآخر كما هو ملاحظ من وقوف الإمام الحسن «عليه السلام» وكذلك الإمام الحسين «عليه السلام» الوقوف أمام زواج بنات عبد الله بن جعفر من الأمويين، إلى غيرها من موارد الزواج بالذات، إلا إذا قيل بأن عبد الرحمان العبشمي كان لا يرى رأي والده عبد الله بن كريز.

       والمهم في المسألة أن خديجة حضرت كربلاء وأرملت بزوجها وثكلت بأولادها وأسرت ورجعت إلى المدينة في كرب الإمام الحسين «عليه السلام» ولا مزيد.

(245)

 

(28)

خولة بنت الحسين الهاشمية

...-...هـ = ...-...م

 

       هي: خولة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشية.

       ضبط المفردة: «خولة» بفتح أولها وسكون ثانيها على زنة قولة، ومرة، وهو مصدر المرة من الفعل الثلاثي، تأتي للدلالة على أنه قام بالفعل لمرة واحدة كما تقول: ضرب ضربة أي ضربة واحدة، وقال قولة أي قولة واحدة(1)، وجذر الكلمة من: خال يخول خولا، فالمصدر هو الخول، ويقال خال الدابة إذا ساسها، وأحسن إدارتها، والخول: هو حسن القيام على المال والغنم(2).

       وسميت الإناث بذلك فيما إذا أحسنت إدارة بعلها وأولادها، قال ابن الأعرابي(3) الخولة: الظبية، وقد استخدم علماً للإناث منذ الجاهلية، وكانت امرأة من كلب يشبب طرفة(4) الشاعر بها، ومن المخضرمين

______________
(1) الأوزان: 25.

(2) لسان العرب: 4/252.

(3) ابن الأعرابي: هو محمد بن زياد الكوفي (150- 231هـ) ولد في الكوفة وتوفي في سامراء، يكنى بأبي عبد الله، كان من علماء اللغة والنحو والنسب، من آثاره: النوادر، تاريخ القبائل، ومعاني الشعر.

(4) طرفة: هو ابن العبد بن سفيان بن سعد البكري الوائلي (86- 60ق.هـ) ولد في بادية البحرين وقتل في هجر، شاعر جاهلي من الطبقة الأولى، جمع شعره في ديوان طبع بإسمه.

(246)

خولة بنت الأزور الأسدية المتوفاة عام 35هـ، كانت من شواعر العرب، ومن أشجع النساء في عصرها وهي أخت ضرار(1) بن الأزور(2)، ومن زوجات الإمام أمير المؤمنين «عليه السلام» خولة بنت جعفر الحنفية، وقد مضت ترجمتها.

       وأما عن خولة بنت الحسين «عليه السلام» فقد جاء في كتاب تاريخ بعلبك ما نصه: «شيد على ضريح للسيدة خولة ابنة الإمام الحسين «عليه السلام»، كانت مع السبايا لما حمل رأس الحسين إلى دمشق، ولها من العمر ست سنوات تقريباً، توفيت أثناء مرور القافلة في بعلبك، ومزارها معروف، قائم إلى اليوم عند مدخل بعلبك»(3)، وقد جدد بناء هذا المشهد في عام 1421هـ.

       وتذكر بعض المصادر أن كشف هذا المشهد يعود إلى رؤيا رآها أحد المزارعين لهذه الأرض من أهل علبك، حيث يقول جاءتني صاحبة هذا المرقد في الرؤيا وتقول لي: «أنا خولة بنت الحسين مدفونة في بستانك- وقد حددت مكان القبر- حول ساقية المياه عن ضريحي» لكن الرجل لم يلفت للأمر، وعاودته في المنام ثانية وثالثة وتوعدته إن أبطأ في تنفيذ الأمر، عندها اتصل الرجل بنقيب السادة من آل مرتضى في بعلبك، فذهب النقيب مع ثلة من أصحابه وحفروا المكان الذي حددته واستخرجوا جثة ما تزال غضة ونقلوها إلى مكان لا تتسرب إليه المياه وشيدوا قبة على الضريح»(4).

       هذا كل ما في صفحات التاريخ الحديث، وأما كتب التاريخ القديمة، والأنساب والمقاتل فهي خلية من ذلك، بل إن أرباب النسب لم يذكروا بأن للإمام الحسين «عليه السلام» ابنة بهذا الإسم، وقد فصلنا القول عن

___________
(1) ضرار بن الأزور: هو ضرار بن مالك(الأزور) بس أوس بن خزيمة الأسدي، ولد في الجاهلية، وتوفي في اليمامة سنة 11هـ، وقد تولى قتل مالك بن نويرة بأمر خالد ابن الوليد، فأخذ بثأره منه حيث قطعت ساقه فجعل يحبو على ركبتيه والخيل تطأه فمات بعد أيام.

(2) الأعلام للزركلي: 2/325.

(3) تاريخ بعلبك: 2/671.

(4) مجلة نور الإسلام البيروتية: 81- 82/54، مجلة الموسم الهولندية: 7/1045.

(247)

 

أولاد الإمام الحسين «عليه السلام» وزوجاته في ترجمة محسن بن الحسين «عليه السلام» من معجم الأنصار الهاشميين وتطرقنا إلى خولة هذه، وحتى لا نكرر القول بل نوجز عما توصلنا إليه فهناك، وهنا نعيد صياغته بشكل يتناسب مع حديثنا هنا، وليكن حسب تاريخ زواج الإمام الحسين «عليه السلام»:

       1- في عام 19هـ تزوج الإمام الحسين بالسيدة رباب بنت امرئ القيس الكلبية في المدينة ولها من العمر أكثر من عشر سنوات وأنجبت له فاطمة الكبرى سنة 20هـ في المدينة، وسكينة سنة 42هـ في المدينة، ورقية سنة 57هـ في المدينة، وعبد الله سنة 61هـ في كربلاء، وتوفيت السيدة رباب سنة 62هـ في المدينة.

       2- بعد عام 20هـ تزوج الإمام الحسين السيدة سلافة (ملومة) القضاعية في المدينة، ولها من العمر نحو 15سنة، وأنجبت له جعفراً بعد سنة 21هـ، وتوفيت في المدينة قبل سنة 30هـ.

       3- في عام 30هـ تزوج الإمام الحسين السيدة شاه زنان بنت يزدجرد الثالث الساسانية في المدينة وهي في العقد الثاني من عمرها، وأنجبت له أم كلثوم سنة 31هـ في المدينة، وزينب سنة 32هـ في المدينة، وعلي السجاد سنة 33هـ في المدينة، وتوفيت في المدينة سنة 33هـ.

       4- في عام 35هـ تزوج الإمام الحسين «عليه السلام» من السيدة ليلى بنت أبي مرة الثقفية في المدينة، ولها من العمر 15 سنة، وأنجبت له علي الأكبر سنة 38هـ في الكوفة، وتوفيت سنة 63هـ في المدينة.

       5- وفي عام 38هـ تزوج الإمام الحسين السيدة عاتكة بنت زيد العدوية في المدينة، ولها من العمر أكثر من 14 سنة، وأنجبت له إبراهيم سنة 48هـ في المدينة، ومحسن سنة 61هـ في حلب، وتوفيت بعد سنة 61هـ في المدينة.

       6- في عام 50هـ تزوج الإمام الحسين «عليه السلام» من السيدة أم إسحاق التيمية في المدينة، ولها من العمر نحو 20 سنة، وأنجبت له فاطمة الصغرى سنة 51هـ في المدينة، وعلي الأصغر سنة 60هـ في المدينة، وتوفيت بعد سنة 61هـ في المدينة.

       فهؤلاء ثلاثة عشر ولداً من أولاد الحسين «عليه السلام» الذين رزقهم الله له

(248)

 

من ست حرائر، ولقد أوجزنا القول فيهم هنا، ولكن يبقى أن نشير إلى شخصيتين أوردهما المؤرخون، وذكروا بأن الإمام الحسين «عليه السلام» قد تزوجهما، وبما أننا لم نتحدث عنهما فلا بأس بالتحدث عنهما هنا ولو بإيجاز الأولى: هي أرينب بنت إسحاق القرشية، والثانية: هي عائشة بنت عثمان الأموية.

       أما الأولى أرينب وقيل زينب فلو ثبت صحة القصة حيث اختلفوا في جوانب مختلفة ذكرناها بالتفصيل في السيرة وغيرها(1)، وتوصلنا على ما مجمله أن الرواية لو صحت فإن أرينب أو زينب بنت إسحاق كانت زوجة عبد الله بن عامر العبمشي- كما أوردها البكري في شرحه على الأمثال(2) لابن سلام المتوفى سنة 223هـ- وليس عبد الله بن سلام- كما أورده ابن قتيبة المتوفى سنة 276هـ- وكان عبد الله بن عامر والياً من قبل معاوية على البصرة لمدة ثلاث سنوات وذلك بعد أن وقعت البصرة تحت نفوذ معاوية عام 41هـ(3)، وإن الخاطب ليزيد  كان أبو هريرة- كما يؤكد ذلك صاحب الأمثال وشرحه- ولم يكن معه أبو الدرداء فإنه توفي سنة 36هـ وقيل 37هـ بعد صفين، وهذا لا يتناسب مع ما ورد في نص القصة، ولكن الحدث كان مع الحسين لا مع الحسن «عليه السلام»- كما ذهب إليه أكثر المؤرخين- والحدث وقع في عام 44هـ حيث عزل بعدها عبد الله بن عامر(4) وذلك بعد أن طلق زوجته أرينب- كما تذكر النصوص- فرجع عبد الله(5) بعدها إلى المدينة، وربما كان رجوعه إليها في عام 44هـ، والحاصل فالمفروض أن عقد الحسين «عليه السلام» عليها كان في أواخر عام 44هـ أول أوائل

___________
(1) راجع باب القصص والحكايات.

(2) راجع الإمامة والسياسة: 1/193.

(3) راجع تاريخ الأمم والملوك: 3/171 وفيه يذكر أن في سنة 41هـ ولى معاوية عبد الله بن عامر على البصرة، وربما كان ذلك في أواخرها.

(4) جاء في تاريخ الأمم والملوك: 3/194 أن معاوية عزل عبد الله بن عامر في هذه السنة.

(5 راجع فصل المقال في شرح كتاب الأمثال: 287 الشرح للبركي عبد الله بن عبد العزيز المتوفى سنة 487هـ والأصل للقاسم بن سلام الهروي المتوفى سنة 223هـ.

(249)