معجم  أنصار الحسين عليه السلام  (غير الهاشميين)  (الجزء الثاني)

اسم الکتاب : معجم أنصار الحسين عليه السلام (غير الهاشميين) (الجزء الثاني)

المؤلف : للعلامة المحقق الشيخ محمد صادق الكرباسي
المطبعة : المركز الحسيني للدراسات لندن ـ المملكة المتحدة

 

 

 

أولاً: إن الكشي لم يذكره سواء أكان ذكره متعلقاً بما قبله أم بما بعده، فهذا من أغلاط رجال ابن داود التي قال عنها إن فيها أغلاطاً كثيرة(1).

        ثانياً: إنه لا شبهة في أنه معه في كربلاء، فالتعبير بالظاهر غير صواب(2).

        ثالثاً: مع شهادته مع الحسين «عليه السلام» وما ورد في حقه لا يناسب أن يقال بأنه مهمل.

        وأما ما جاء في التنقيح(3) «وقد وقع الخلاف في دركه صحبة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)» يرد عليه الاعيان بقوله: «إن جونا مولى أبي ذر لم يذكره أحد في الصحابة ولم يذكر أحد خلافا في صحبته » والظاهر أن صاحب التنقيح خلط بين جون مولى أبي ذر وجون بن قتادة بن الاعور التميمي والذي سبق الحديث عنه، ومن أراد التفاصيل فليراجع الإصابة، ومن هنا فإن كلام التنقيح لا يصح في حق مولى أبي ذر.

        وعلى أي حال فإن هناك أموراً ثلاثة تشهد له في مسيرة الإمام الحسين «عليه السلام».

        1- إنه كان عند الإمام الحسين «عليه السلام» عند إصلاح سيف الامام بغض النظر عن أنه كان يصلح أو الامام هو الذي كان يصلح، وبغض النظر أن الامام أنشد الأبيات عندما نزل كربلاء أو أنه انشدها ليلة عاشوراء، ولكن ظاهر نص رواية السجاد «عليه السلام» التي رواها الإرشاد مرسلة عنه أنه قال علي بن الحسين «عليه السلام»: إني جالس في تلك العشية التي قتل أبي في صبيحتها، وعندي عمتي زينب تمرضني إذ اعتزل أبي في خباء له وعنده جون مولى أبي ذر الغفاري وهو يعالج سيفه ويصلحه وأبي يقول: «يا دهر أف لك من خليل» الأبيات، إن معالجة السيف كانت من جون وليس من الإمام الحسين «عليه السلام» نفسه حيث أن الضمير يعود إلى الأقرب، ويبدو والله العالم

___________
(1) وإنما ذكره الطوسي في رجاله ضمن أصحاب الحسين «عليه السلام»، ولم يذكر استشهاده.

(2) لقد سبق وذكرنا تصريح عدد من الاعلام القدامى بحضوره كربلاء واستشهاده.

(3) تنقيح المقال: 1/238.

(311)

 

أن الحسين «عليه السلام» كرر الأبيات مرة عند نزوله كربلاء ومرة ليلة عاشوراء، ففي الأولى أن الامام هو الذي كان يصلح سيفه وفي الثانية فإن جوناً هو الذي كان يصلح سيف الإمام(1).

        2- إنه جاء يوم عاشوراء واستأذن الإمام الحسين «عليه السلام» للخروج إلى المعركة وجرى بينه وبين الإمام حديث رفيع المستوى كما أورده الملهوف(2) حيث أبدى شدة ولائه وتمسكه بالامام «عليه السلام».

        3- إنه دعا له الإمام الحسين «عليه السلام» عند مقتله بعدما وقف على جثمانه كما روى ذلك صاحب التسلية(3).

        4- إنه وجدت رائحة طيبة لدى الدفن بحيث كانت تفوح منه رائحة العطر حيث تحقق في حقه دعاء الإمام الحسين «عليه السلام» كما روى ذلك البحار عن الامام الباقر «عليه السلام»(4).

        وأما ما ورد في الإبصار بأنه صحب الإمام الحسين «عليه السلام» من المدينة فلم أجد له مصدراً فيما تقدم عليه، بل كل ما ذكر عنه هو من عبوديته وحتى التحاقه، ولابد من قبول ذلك حيث لم يعارض بشيء من الواقع والعقل والنص، فعلى ما ذكر تكون سيرته كالتالي حسب ما ورد في كتب المتأخرين هو: أبو مالك جون بن حوي النوبي المدني، كان عبداً أسود، امتلكه الفضل بن العباس الهاشمي (ن8ق.هـ - 13هـ)، اشتراه أمير المؤمنين «عليه السلام» بمائة وخمسين ديناراً، ووهبه لأبي ذر الغفاري ليخدمه، وكان العبد عند أبي ذر عندما أمر عثمان بن عفان- الأموي في سنة 3- بنفيه من المدينة إلى الربذة، ولما خرج أبو ذر من المدينة خرج العبد معه، وكان هناك إلى أن توفي أبو ذر رضوان الله عليه في سنة اثنتين وثلاثين، ثم رجع العبد إلى المدينة وانضم إلى علي بن أبي طالب «عليه السلام» ثم بعده انضم إلى ابنه الحسن بن علي «عليه السلام» ثم انضم إلى الحسين «عليه السلام» وصحبه في سفره من

___________
(1) وقد سبقت بعض التفاصيل عن ذلك فلا نعيد.

(2) الملهوف: 163.

(3) تسلية المجالس وزينة المجالس: 2/293.

(4) بحار الأنوار: 45/23.

(312)

 

المدينة إلى مكة إلى العراق(1)، ولما كانت ليلة عاشوراء قال الامام السجاد «عليه السلام» إني جالس في تلك العشية التي قتل أبي في صبيحتها، وعندي عمتي زينب تمرضني، إذا اعتزل أبي في خباء له وعنده جون(2) مولى أبي ذر الغفاري وهو يعالج سيفه ويصلحه وأبي يقول- من الرجز-:

يا دهر أف لك من خليــــــــل

كم لك بالإشراق والأصيـــــل

والدهر لا يقنع بالبديـــــــــــل

وكل حي سالك سبيــــــــــلـي

ما أقرب الوعد من الرحيل(3)

وانما الأمر إلى الجليــــــــــل

سبحان جل من مثيـــــــــل(4)

        ولما كان يوم عاشوراء برز جون مولى أبي ذر وكان عبداً أسود فقال له الحسين: «أنت في إذن مني، فإنما تبعتنا طلباً للعافية، فلا تبتل بطريقنا»  فقال –جون- : يا بن رسول الله أنا في الرخاء ألحس قصاعكم وفي الشدة أخذلكم، والله إن ريحي لمنتن وإن حسبي للئيم ولوني لأسود، فتنفس علي بالجنة، فيطيب ريحي ويشرف حسبي ويبيض وجهي، لا والله لا أفارقكم حتى يختلط هذا الدم الأسود مع دمائكم(5)، ثم برز للقتال وهو ينشد ويقول- من الرجز-:

كيف يرى الفجار ضرب الأسود

بالمشرفي في الصارم المهنـــــد

بالسيف ضربا عن بني محمـــد

_________
(1) راجع ذخيرة الدارين: 385، وما بين الخطين الأفقيين من إضافاتنا.

(2) في المصدر «جوين».

(3) هذا البيت والأخير من إضافات مقتل الحسين للخوارزمي: 1/237، الصدوق في الأمالي: 133 ذكر الأبيات من دون ذكر لجون.

(4) راجع رواية الإمام السجاد «عليه السلام» في الإرشاد: 2/93، ومقاتل الطالبيين: 133.

(313)

 

أذب عنهم باللسان والــــــــيد

أرجو بذاك الفوز يوم الموعد

من الإله الواحد الموحــــــــد

اذ لا شفيع عنده كأحــــــمد(1)

        ثم قاتل حتى قتل، فوقف عليه الحسين «عليه السلام» وقال: «اللهم بيض وجهه، وطيب ريحه، واحشره مع الأبرار، وعرف بينه وبين محمد وآل محمد ».

        وروي عن الباقر «عليه السلام» عن علي بن الحسين «عليه السلام»: «إن الناس- الذين- كانوا يحضرون المعركة، ويدفنون القتلى، فوجدوا جوناً بعد عشرة أيام تفوح منه رائحة المسك رضوان الله عليه»(2).

        هذا مجمل ما ورد عن مولى أبي ذر مما لا يخالف العقل والنصوص وإن اختلفوا في عدد من قتلهم بين عشرين وخمسة وعشرين(3).

        ويظهر مما تقدم بغض النظر عمن نقله فإن جوناً من المفترض أنه كان عبداً للفضل بن عباس الهاشمي من أيام الجاهلية لانه كان من الرجال الشجعان المعروفين في مجتمعه، وبما أنه أكبر أبناء أبيه العباس ونظن أن شراءه كان من سوق النخاسين في مكة قبل الهجرة حيث بعد لم تندلع حرب بين المسلمين وغيرهم ممن هم من القارة السوداء، ومن هنا يمكن القول إن جوناً مولى أبي ذر كان على عهد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وإن لم يذكر في سلسلة الصحابة، إذ يستبعد أن يكون قد اشتراه الفضل بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وسرعان ما اشتراه علي «عليه السلام» منه وأهداه لأبي ذر، هذا وقد ذكروا أنه كان مع أبي ذر في منفاه بالربذة(4).

_________
(1) الأبيات: اختلف في نصها وعددها. راجع ديوان القرن الأول: 1/136 وفي المصدر جاءت أربعة.

(2) راجع تسلية المجالس وزينة المجالس: 2/293.

(3) راجع المناقب لابن شهرآشوب: 4/103 وذخيرة الدارين: 387 نقلا عن شرح الشافية.

(4) راجع ذخيرة الدارين: 386.

(314)

 

        وبما قدمناه لابد وأن يكون جون عندما دخل في ملك يمين الفضل أن يكون في عمر يمكنه من خدمة مولاه وهو يتحقق في سن البلوغ وهو ستة عشر عاماً، فإذا كان ذلك قبل الهجرة فلابد وأن تكون ولادته قبل الهجرة في السنة السادسة عشرة تقريباً، ويكون يوم استشهاده قد دخل في السنة السابعة والسبعين، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فالمفروض أن يكون قد صحب محمداً وعلياً وحسن والحسين عليهم أفضل الصلاة وأزكى السلام، والله العالم بحقائق الأمرو.

        ومدحت جوناً بقصيدة أرثيه بعنوان: «عتيق الحسين» بتاريخ  9/1/1431هـ من بحر السريع المطوي المكسوف(1):

عبد أتى حراً إلى نينــــــــــوى       يجري مع الريح التي من هوى(2)

إذ قد رأى خير الورى في البلا      فرداً وحيداً عندها قد طــــــوى(3)

ليلاً نهاراً في البراري مشــــى       يرجو نعيماً عالي المستــــــوى(4)

مأساة فكرٍ من لدن كربــــــــلا       أودت إلى سقط لمن إرعــــوى(5)

قن ببيعٍ في الردى يشــــــترى        قد ارتقى نحو العلا.. ما هـوى(6)

يستلهم العز الذي قد خبــــــــا        في مشهدٍ ذا دربه.. ما خـــوى(7)

يدلي لكم ما طفنا في الــــعرا إلا عرى عن ظلمكم من ثـوى(8)

____________
(1) وزنه: مستفعلن مستفعلن فاعلن ×2.

(2) الهوى: الميول والرغبات.

(3) طوى: بمعنى انقبض وانثنى.

(4) البراري: الصحارى والعراء.

(5) إرعوى: كف عن الجهل والحمق.

(6) القن: العبد.

(7) خبا: النور انطفأ.

(8) العرا: العراء، الخلاء، والفضاء لا يستر فيه بشيء.

عرى: أتى.

(315)

 

قد شاهد السبط الذي في الـــبرى             إذ عامل المولى وعبداً ســـــــوا(1)

أبناؤهم أمثالنا في الوغــــــــــــى             من يا ترى ساوى مسيح الهـــوى

مع هاشمي أبيض في المـــــــــلا             كلا وربي إنه.. ما غــــــــــوى(2)

من عدله.. فاض السما والثـــرى             لم يمتهن بل سار فيما نــــــوى(3)

ضحى حسين للعلى ما غــــــــلا             لا تسمعوا من ناقـــــدٍ إن عوى(4)

أو قائلٍ: ذي فتنة في الــــــــورى             آثارها تطفو.. فـــــؤادي اكتوى(5)

يا جون قل ماذا بدا أو عـــــــــدا             هل كفك البــــــيضاء طالت لوا(6)

إني مع المولى مليك الــــــــقرى             طوبى لــنا مثوى بنا ما احتوى(7)

كل الذي من ركبنا قد مضـــــى              اليـــــــــوم ذا من كوثرٍ يرتوى(8)

إبيض لوني، طاب ريحي، علا              قــــــدري، فإني طائر في الهوا(9)

ما خاب من عن سيدي يفـــتدي              عن روضة الخلد التي ما نوى(10)

فخراً حباني خده.. إذ سمـــــــا               خــــدي بفضلٍ من شديد القوى(11)

_________
(1) البرى: التراب.

ساوى: عادل وماثل.

(2) غوى: ضل وانحرف.

(3) يمتهن: يذل.

(4) عوى: صوت صوت الذئب.

(5) اكتوى: أحرق نفسه بحديدة من نار.

(6) اللوا: اللواء، العلم.

(7) المثوى: الإقامة.

(8) الركب: الموكب والهودج.

(9) الهوا: الهواء، الفضاء.

(10) خاب: عجز.

(11) حباني: أعطاني

(316)

 

يا جون أنت المرتضى في الولا             أبكيك حـــــــباً عند عز الجوى(1)

كن لي شفيعاً عند رب الــــسما               يا من له.. خير الأناسي ائتوى(2)

لا تنسني في حالكٍ قد طـــــغى               فيك الرجا ويرجى وفيك البوى(3)

___________
(1) الجوى: الحزن الشديد.

(2) ائتوى: لجأ ولاذ.

(3) البوى: الأمل.

(317)

 

(318)

 

(36)

جوين بن مالك الضبيعي

(ن35- 61هـ = 646- 680م)

 

        جوين: مصغراً على زنة رجيل مصغر جون، وقد سبق الحديث عن ضبطه وعن معانيه في جون مولى أبي ذر الغفاري فلا نكرر.

        ذكره الطبرسي في رجاله(1) من أصحاب الإمام الحسين «عليه السلام» ولم ينسبه، ولم يصرح باستشهاده في كربلاء، وكذلك جاء في الزيارة الرجبية(2) في المرتبة الستين إلا أنه ذكره _(جوير)، كما جاء في زيارة الناحية(3) في المرتبة السابعة والعشرين ولكنه جاء موصوفاً بالضبعي جوين بن مالك، وجاء في التسمية(4) مصححاً جوين بن مالك بن قيس بن ثعلبة وقبل التصحيح خولي، وتبعه في ذلك الحدائق(5) كما وذكره اللسان(6) باسم جوين بن مالك نقلاً عن الطوسي والكشي في رجاليهما بأنه روى عن الحسين بن علي «عليه السلام» واحتمل أن جوين بن غياث، ولكن أخطأ صاحب اللسان في ثلاث: إن الطوسي وحده قد ذكره دون الكشي، والطوسي لم يذكر أنه راوٍ، ولكنه ذكره فقط في جملة أصحاب الإمام الحسين «عليه السلام»، واحتمال أن يكون متحداً مع قبله مردود للاختلاف في إسمه وفي إسم أبيه

__________
(1) رجال الطوسي: 72.

(2) راجع معجم أنصار الحسين (غير الهاشميين): 1/222.

(3) راجع معجم أنصار الحسين (غير الهاشميين): 1/215.

(4) التسمية: 153.

(5) الحدائق الوردية: 1/249.

(6) لسان الميزان: 2/144.

(319)

 

فأين جوين بن مالك، وجون بن غياث، فاحتماله في غير محله، لأن الاحتمال يحتاج إلى آلية عملية، وهنا مفقود.

        لم أجد في المصادر القديمة خلافاً في إسمه إلا في ثلاث صور: جوين، جوير، وخولي، أما التصحيف بين جوين وجوير وارد من الناحية الفنية إلا أن الترجيح لجوين لعدم استخدام الثاني علماً في ذكور الأناسي، وأما الخولي فإن القول فيه بالتصحيف صعب، ونظنه أن فيه خطأ ظاهراً، لعدم تطابقه مع سائر المصادر، وقد تفرد به التسيمة، وأما ما ورد في الحدائق فهو مستنسخ من التسمية فلا اعتبار لها بالاستقلال.

        وهناك من ذكره حوي ولم نجده إلا في الذخيرة(1)، وهو من المتأخرين، ولم نجد لنقله هذا مصدراً، وما نقل عنه أعني زيارة الناحية فإن النسخ التي لدينا تذكره (جوين) وليس بحوي، فعليه لا تصح نسبته إلى الناحية حين أورده تحت عنوان حوي بن مالك الضبعي، قال عليه الصلاة والسلام في الناحية: «السلام على حوي بن مالط الضبعي »(2)، ولم نجد من نقل الزيارة وذكره باسم حوي بل جاء ضبطه على جوين.

        ونسبته إلى بني تيم جاء من الإبصار(3) والى الضبعي جاءت من الناحية، ولكن كونه من قيس بن ثعلبة فانه من بني تيم بن قيس بن ثعلبة بن عكابة وهم عدنانيون وضبعة قحطانيون، وعكابة هو ابن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفعى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان، وآل تيم هؤلاء يقال لهم اللهازم، إلا إذا أخذ بقول تاج العروس(4) بأن إخوة ضبع بن وبرة بن تغلب القحطاني سموا بالكلب والأسد والفهد والنمر والدب والسرحان فكان من إخوته أيضاً ثعلبة إلا أن هذا لا يداوي الجرح الذي انفتق من الخلط والخبط والخطأ، إذ لابد من افتراض أن له اخاً باسم ثعلبة وهو ينتسب إلى

____________

(1) ذخيرة الدارين: 396.

(2) وجاء في أنصار الحسين: 81 (ويذكر في الزيارة في عداد الشهداء تارة بهذا الاسم «جوين» وأخرى باسم «حوي»).

(3) إبصار العين: 208.

(4) تاج العروس: 21/396.

(320)

 

عدنان لا إلى قحطان إذاً فالجمع بين الضبعي والتيمي لا يصح، ولكن الجمع بين القيس (أي قيس بن ثعلبة) والتيم يجتمعان في بني عدنان فإن اعتمدنا على الناحية فلازمه أن نقول إنه قحطاني لأن ضبعاً هو ابن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحافي بن قضاعة بن مالك بن عمرو بن مرة بن زيد بن مالك بن حمير بن سبأ بن يشجب الأول ابن يعرب بن قحطان(1)، وإن اعتمدنا على التسمية فاللازم من هذا القول بأنه من قيس بن ثعلبة وقد سبق بيان نسبه، وإذا أردنا أن نجمع ما بين ما أورده الإبصار بأنه تيمي من قيس بن ثعلبة، فالازم أن يكون من بني تيم بن قيس بن ثعلبة كما سبق وهو الصحيح، لأنه لا وجود لقيس بن ثعلبة إلا من بني عدنان، ولكن ما ورد في الإبصار أنه جوين بن مالك بن قيس بن ثعلبة فيه من التسامح لأن قيساً من أجداده القدامى وليس هو جد جوين مباشرة.

        والظاهر أن ما ورد في الناحية هو تصحيف لضبيعي حيث أن ضبيعة أحد أبناء قيس بن ثعلبة(2) بن عكابة، وليس ضبعة، وعندها يمكن أن يكون ضبيعياً وتيمياً وقيسياً وعدنانياً، هذا بالنسبة إلى نسبه  إلا أنه ما بين مالك وتيم عدد من الآباء والأجداد ولم نحصل على هذه السلسلة.

        هناك بعض المعلومات وردت في حق جوين أوردها الإبصار وأضاف عليها الذخيرة. جاء في الإبصار(3): «كان جوين نازلاً في بني تيم، فخرج معهم إلى حرب الحسين «عليه السلام»، وكان من الشيعة، فلما ردت الشروط على الحسين «عليه السلام» مال معه فيمن مال، ورحلوا إلى الحسين «عليه السلام» ليلاً، وقتل بين يديه، قال السروي(4) وقتل في الحملة الأولى وصحف إسمه بسيف ونسبته بالنمري».

        بغض النظر عن ذكر مسيرته التي لم نحصل عليها فيما تقدم من المصنفات الخاصة بنهضة الإمام الحسين «عليه السلام» أو العامة فانه يذكر في كتابه

__________
(1) راجع معجم أنصار الحسين (غير الهاشميين): 1/134.

(2) راجع معجم أنصار الحسين (غير الهاشميين): 1/135.

(3) إبصار العين: 208.

(4) السروي: هو محمد بن علي بن شهرآشوب المازندراني (488- 588هـ) صاحب كتاب مناقب آل أبي طالب.

(321)

 

المناقب(1) عدد المقتولين في الحملة الأولى وفيهم سيف بن مالك النميري، والغريب من صاحب الإبصار كيف جعله تصحيفاً لجوين بن مالك التيمي الضبيعي، والحال أن لا تشابه في الاسماء لا في الهيكل ولا في الحروف لكي يقال تصحيف، فإن بني نمير المشهورين هم خمسة بطون: 1- نمير من بني يوسف، 2- نمير بن حبشية، 3- نمير بن حكيم من بني علاق من سليم بن منصور من العدنانية، 4- نمير بن عامر وهو من عامر بن صعصعة من العدنانية، 5- نمير بن عمرو وهم من الأزد القحطانية، والجمع بين ما تقدم الضبيعي التيمي العدناني لا يصح، صواء كان في نمير بن حكيم أو نمير بن عامر العدنانيين(2)، فقول صاحب الإبصار مردود، لا مجال لأخذ به.

        وأما قول صاحب الأنصار(3) أنه من ضبع بن وبرة القحطاني، هو الآخر لا مجال لقبوله. وجاء في الذخيرة(4) نقلا عن تاريخ دمشق: «هو جوين بن مالك بن قيس بن ثعلبة التميمي له ذكر في المغازي والحروب».

        ويرد عليه أننا لم نجد له ذكراً في تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر، وأن مالكاً ليس ابناً لقيس مباشرة، كما أنه ليس بتميمي بل تيمي، ولا يمكن الجمع بين التميمي والضبعي لا في العدنانيين ولا في القحطانيين.

        والظاهر أنه أخذ معظم كلامه من الأبصار وأضاف عليه ما يراه مناسباً.

        هذا ونقل الأعيان(5) من الإبصار كما صرح هو بذلك، فالإشكال يرد على الإبصار ثم على الذخيرة ثم على التنقيح، فقد جاء في التنقيح(6): «وقد ذكر أهل السير أن له ذكراً في المغازي والحروب وكان نزلاً في بني

____________
(1) مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: 4/113.

(2) راجع معجم قبائل العرب: 3/971 و1195.

(3) راجع أنصار الحسين : 81.

(4) ذخيرة الدارين: 396.

(5) أعيان الشيعة: 4/299.

(6) تنقيح المقال: 1/240.

(322)

 

تميم وكان من الشيعة وخرج مع من خرج إلى حرب الحسين، فلما رأى أن ابن زياد لم يقبل شروط الحسين(1)... ».

        ولم أجد في كتب التاريخ والسير ذكراً له في المغازي والحروب ولا كونه من أصحاب الإمام أمير المؤمنين «عليه السلام» والإمام الحسن «عليه السلام» ولم يسند التنقيح كلامه بمرجع.

        وعلى أي حال لا يمكن القول باتحاده مع جون بن حوي مولى أبي ذر كما أراد البعض القول به، فعليه هو شخصية مستقلة، وبناء عليه لابد وأن يكون له من العمر أكثر من عشرين سنة، وربما لا يتجاوز الثلاثين من عمره، والله العالم بحقائق الأمور.

        وإذا لم يتحقق أنه استشهد في الحملة الأولى فلا مجال إلا القول بأنه استشهد مبارزة، إلا إذا قلنا كانت هناك أكثر من حملة، وهذا هو واقع كما أسلفنا.

        وقلت في الثناء عليه من الرجز المسدس المقبوض(2) بتاريخ: 5/2/1435هـ تحت عنوان: «حيوا جويناً»:

حيوا جويناً بالسلام الأطرى(3)               من يومنا حتى قيام الأخـــــــــــــرى

أنت الذي في كربلا أدركت الـ               ـإيمان طراً إذ حباك المولـــــــــــــى

فيك الوفا فيك الولا أفديت الـــ                ـنفس التي نالت جزاءً أوفــــــــــــى

في جنةٍ كنت الذي قد جـــاور                ت المصطفى والمرتضى في المأوى

قد قالها جون أفي عهدتً فــي               الود الذي فرضاً جرى في الأولــــى

ما مالك إلا أبي أرجو ربـ(4)                 ـي أن يقيه ناره في العقبــــــــــــــى

__________
(1) بالنسبة إلى شروط الحسين «عليه السلام» ففي الحقيقة أنها ليست شروط الإمام الحسين «عليه السلام» وإنما هي إملاء عمر بن سعد الزهري للتهرب من قتال الحسين «عليه السلام» حيث لم يتفق مع الإمام الحسين «عليه السلام» على ذلك.

(2) وزنه: مستفعلن مستفعلن ×2.

(3) الأطرى: الأكثر طراوة وثناءً.

(4) مالك: والد جوين.

(323)

 

صحبي رفاقي في البلا في أرضٍ            منا ارتوت ازكى دم للمرقـــى(1)

من ههنا صارت تحاكي أفـــــال             كا في السما فاقت بروج العليا(2)

مالي أرى عينيك لا تجري فــي             آل الهدى أنهار دمعٍ يـــــورى(3)

قد مارسوا التضليل في أبناء الـ              ـهادي وهم في أسرهم كالقتلى(4)

_________
(1) المرقى: مكان الرقي وأريد به العرش. البلا: البلاء، المصاب والاختبار.

(2) فاقت: تزاوجت.

(3) عينيك: الخطاب للموالي والمحب.

(4) كالقتلى: اريد بان الذين اسروا بعد استشهاد الامام «عليه السلام» حالهم حال من استشهدوا في التنكيل والجور. 

(324)