معجم  أنصار الحسين عليه السلام  (غير الهاشميين)  (الجزء الثاني)

اسم الکتاب : معجم أنصار الحسين عليه السلام (غير الهاشميين) (الجزء الثاني)

المؤلف : للعلامة المحقق الشيخ محمد صادق الكرباسي
المطبعة : المركز الحسيني للدراسات لندن ـ المملكة المتحدة

 

 

 

 

حسان بن الحرث أبداً، حيث لم يذكر هذه الاسماء والمسميات في كتابه هذا في حرفي الجيم والحاء.

        2- لا وجود في تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر عن جنادة بن الحارث بل ولا فيما احتملوا تصحيفه عنه، ولا في ترجمة الإمام الحسين «عليه السلام»، نعم جاء في ترجمة جنادة بن عوف نسبه كما أوردناه فيما نقدم مع بعض الاختلاف.

        3- لم نجد لابن مسعود ذكراً في تاريخ دمشق ولا في الإصابة في ترجمة جنادة بن عوف الذي أورد نسبه منه، نعم جاء في ترجمة جنادة- والذي لم يذكر له أب ولا قبيلة ينتسب إليهما ما نصه: «جنادة، غير منسوب، روى ابن منده بالإسناد المتقدم في ترجمة جميل بن ردام بن عمرو بن حزم، أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كتب لجنادة هذا كتاباً: من محمد رسول الله لجنادة وقومه ومن اتبعه بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ومن أطاع الله ورسوله فإن له ذمة الله وذمة نبيه»(1) فكيف حدد من هو جنادة، والحال أن صاحب الإصابة لم ينسبه، وقد سبق أنه نسب جنادة آخر واتخذ نسبه لنسب من نبحث عنه، أعني السلماني، حيث خلط ثلاث شخصيات معاً، فما علاقة جنادة بن عوف وجنادة غير المنتسب بجنادة بن الحارث السلماني، وظاهر عبارته أنه نقل النص من تاريخ دمشق وهو موجود بالإصابة ولا يرتبط بالسلماني فهو خطأ مع خبط في خلط.

        4- بالنسبة إلى ما نقله عن الإبصار(2) سنتحدث عنه، حيث لم يذكر له مصدراً لكي يعتمد.

        5- لم نجد ما نقله عن كتاب صفين بأنه كان يقاتل بين يدي أمير المؤمنين «عليه السلام» يوم صفين، نعم هذا الكلام ورد في التنقيح(3) من دون أن يوثقه وجاء نص التنقيح كالتالي:

        «وقد ذكر أهل السير أنه كان من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم من

___________
(1) الإصابة: 1/247.

(2) إبصار العين: 158.

(3) تنقيح المقال: 1/234.

(289)

 

أصحاب أمير المؤمنين «عليه السلام»، ومن المقاتلين بصفين ومن مشاهير الشيعة، بايع مع مسلم فلما نظر إلى خذلان أهل الكوفة فر واختفى عند قومه، فلما سمع بمجيء الحسين «عليه السلام» خرج إليه مع عمرو بن خالد الصيداوي وجماعة من الشيعة ولحق به «عليه السلام» ولازمه إلى أن استشهد يوم الطف رضوان الله عليه، وزاده شرفاً تخصيه بالسلام عليه في زيارة الناحية المقدسة بقوله: السلام على جنادة بن الحرث السلماني الأزدي»، فالسؤال الجوهري من هم أهل السير ؟ أهما صاحب الذخيرة أو صاححب الإبصار المعاصران له واللذان لم يعتمدا في كل ما نقلاه على مصدر على الأعم الأغلب.

        6- نقل عن الطبري في تاريخه إلا أننا لم نعثر على ما نقله لا من حيث الاسم ولا من حيث الموضوع إلا جابر بن الحارث السلماني، فقد ورد اسمه ضمن الأشخاص الخمس الذين التحقوا بالإمام الحسين «عليه السلام» حيث يقول ما نصه: «وكان يزيد بن زياد بن المهاصر ممن خرج مع عمر بن سعد إلى الحسين، فلما ردوا الشروط على الحسين مال إليه فقاتل معه حتى قتل، فأمام الصيداوي عمر بن خالد، وجابر بن الحارث السلماني، وسعد مولى عمر بن خالد، ومجمع بن عبد الله العائذي، فإنهم قاتلوا في أول القتال، فشدوا مقدمين بأسيافهم على الناس، فلما وغلوا عطف عليهم الناس فأخذوا يحوزونهم، وقطعوهم من أصحابهم غير بعيد، فحمل عليهم العباس بن علي فاستنقذهم، فجاؤوا قد جرحوا، فلما دنا منهم عدوهم شدوا بأسيافهم فقاتلوا في أول الأمر حتى قتلوا في مكان واحد »(1).

        ولا وجود لأي إسم يحتمل تصحيفه عن جنادة بن الحارث السلماني أبداً، ومن الغريب أن المحقق لم يعلق على ذلك بل أحاله إلى تاريخ الطبري، وتفصيل الكلام عن جابر واتحاده مع جنادة مضى في ترجمة جابر، فليراجع.

        7- وما نقله عن أبي مخنف فهو من نقل الطبري عن أبي مخنف وهو امتداد للكلام السابق، وقد نقل نصه قبل قليل، وإنما نقله بالمعنى، ومن

____________
(1) تاريخ الطبري: 3/330.

(290)

 

المفروض أن لا ينسبه إلى أبي مخنف بل لابد من الإشارة إلى أنه نقل بالمعنى، والواقع أنه نقله عن الإبصار(1).

        هذا وقد جاء ذكره في رجال الطوسي(2) تحت عنوان أصحاب الإمام الحسين «عليه السلام» باسم «جنادة بن الحرث السلماني» دون أي إضافة.

        هذا وطرح إسم آخر قريب منه إلا أنه موصوف بالأنصاري بدل السلماني وذكروا له الرجز التالي:

أنا جناد وأنا ابن الحــــــــــارث

لست بخوار ولا بناكــــــــــــــث

عن بيعتي حتى يرثنــــي وارث

اليوم شلوي في الصعيد ماكث(3)

        وقد نسبه كل من الفتوح(4) والخوارزمي(5) والمناقب(6) إلى جنادة بن الحارث الأنصاري والكلام في أن الأنصاري هو السلماني أو هما متغايران؟

        والجواب عن ذلك يكمن في التالي:

        إن الأنصاري هو كل من ناصر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في قبال المهاجرين وفي الاعم الأغلب يطلق على من آمن بالله ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) من بني الأوس والخزرج، ولكن قد ينتسب الجرل إلى أمه من حيث الوصف بالأنصاري، وفي هذا المجال ننقل ما أورده صاحب الأنساب(7)، حيث قال:

___________
(1) إبصار العين: 158 حيث أن صاحب الأبصار تصرف في نص الطبري الراوي عن أبي مخنف.

(2) رجال الطوسي: 72، ونقل عنه معجم رجال الحديث: 4/163 دون أي زيادة أو نقيصة.

(3) راجع ديوان القرن الأول: 1/99.
(4) الفتوح: 5/201.

(5) مقتل الحسين للخوارزمي: 2/21.

(6) مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: 4/104 وعنه بحار الأنوار: 45/228 وأسرار الشهادة: 2/275.

(7) الأنساب للسمعاني: 1/219.

(291)

 

الأنصاري: بفتح الألف وسكون النون وفتح الصاد المهملة وفي آخرها الراء، هذه النسبة إلى الأنصار، وهم جماعة من أهل المدينة من الصحابة من أولاد الأوس والخزرج، قيل لهم الأنصار لنصرتهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال الله تعالى: (والذين آووا ونصروا)(1) وقال عز من قائل: (لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة)(2)، وقال الله تعالى: (والسابقون الأولون من المهاجرون والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جناتٍ تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم)(3)، وفيهم كثرة وشهرة على اختلاف بطونها وأفخاذها، ومن أولادهم إلى الساعة جماعة ينسبون إليهم، وأما عيسى بن حفص الأنصاري، هكذا نسبه القعنبي وغيره من المحدثين وإنما هو عيسى بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب وأمه ميمونة بنت داود الخزرجية، فنسب إلى أخواله.

        إلى أن يقول لدى حديثه عن إسحاق بن ابراهيم الأنصاري الأوسي: «وقيل له الأنصاري لأنه من أولاد الأنصار، ولأنه وله ببغداد في ربض(4) الأنصار ».

        ومن الصعب القول بأن السلماني الذي من اليمن يكون من الأوس والخزرج من أهالي المدينة، إلا إذا قيل بأن أباه سكن المدينة قبل الاسلام، ولما هاجر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى المدينة آمن به فدخل في زمرة الأنصار، وهذا لم يثبت، أو قيل بأنه من الأم ينتمي إلى الأنصار، والله العالم.

        والاحتمال الأخير أن يكون هناك تصحيف أو خلط أو خطأ في وصف جنادة بن الحارث بالأنصاري تماشياً مع جنادة بن كعب الأنصاري، وإلا فالتغاير هو الخيار ليكونا شخصيتين لا شخصية واحدة حيث لا مجال للتصحيف.

______________
(1) سورة الأنفال، الآية: 72.

(2) سورة التوبة، الآية: 117.

(3) سورة التوبة، الآية: 100.

(4) الربض: المأوى.

(292)

 

        وهذا وقد ذكره كل من التسمية(1) والحدائق(2) باسم جنادة بن الحارث السلماني، وفي الأعيان(3) ذكر جنادة بن الحارث السلماني وجنادة بن كعب الأنصاري، ولم يكذر في عداد المستشهدين جنادة بن الحارث الأنصاري.

        وما ذكرنا في عمره في قسم الشهداء من الأضواء(4) بأنه ولد سنة 2 للهجرة هو مجرد افتراض اعتماداً على ما ورد في التنقيح والإبصار والذخيرة، ولكنهم لم يذكروا لنا ما يدل على صحة ذلك، ولو صحت مقولتهم لصح الاحتمال، والله العالم.

        وما في الفرسان(5) أن الكامل(6) ذكره باسم جبار حيث أورده مع المجموعة التي التحقت بالإمام الحسين «عليه السلام»، كما وذكره على الظاهر الأنساب(7) باسم جياد حيث قال: وقاتل مع الحسين جياد بن الحرث السلماني من مراد فقتل.

        ومزيد الكلام في جنادة بن الحارث الأنصاري الذي سبق وجنادة بن كعب الأنصاري والذي سيأتي.

        هذا وقد مدحته ورثيته بقصيدة من البحر المركب(8) بتاريخ: 19/3/1432هـ بعنوان «شهيد الدين»:

من ناصر المولى فذا في سعاده              منهم شهيد الذين قرم جــــــــناده(9)

ما هزه الجيش الذي قاده رجـــ               ـس من بني هند ومن في القيادة(10)

_________
(1) التسمية: 154.

(2) الحدائق الوردية: 1/250.

(3) أعيان الشيعة: 1/611.

(4) أعيان الشيعة: 1/611.

(5) فرسان الهيجاء: 1/76.

(6) الكامل لإبن الأثير: 3/293.

(7) أنساب الأشراف: 3/198.

(8) وزنه: مستفعلن مستفعلن فاعلاتن ×2.

(9) المولى: السيد.

(10) هزه: زعزعه وأفزعه.

(293)

 

في نصرة السبط المفدى ما تثنى             عبد ولا مولى يــــــــــريد الشهاده(1)

في كربلاء المجد لا يعتلي صــو            ت الباطل المزري لدحض السياده(2)

من حارثٍ نسل النصير الموالي              للقائد الهــــــــــادي ومن في عباده(3)

لا يبتغي إلا ثواباً وأجـــــــــــراً              فضل الفتى جارٍ علاً فـــــي زياده(4)

من آل سلمان أتى أصلـــــــه لا              يهوى سوى خير المنى والـــرياده(5)

ما ذاك إلا نعمة بالولاء امـــــــ               ـتدت وفاءً من لبان الـــــــــــولاده(6)

قد شخصوا فرداً باسمٍ ووصـفٍ              ذا واحد منهم قضى عن وفــــــاده(7)

من يرثهم حباً لأجل العلى فــي              ذكرى بني الزهرا يجدها معـــاده(8)

قد قتلوا في نينوى قدوة الإســــ               ـلام التي قد جاهـــــــدت بالإراده(9)

استشهدوا حتى يقوا شرعة البا               ري والتي فيها الهدى والـــنجاده(10)

____________
(1) تثنى: تحول وانقلب.

(2) المجد: صفة لكربلاء ويعني بها التقديس.

(3) العبادة: يريد بها الولاء، والنصرة، فهو في طاعة الله ما دام مشايعاً للحسين «عليه السلام».

(4) يبتغي: يطلب، ويتمنى.

(5) الريادة: الزعامة والرئاسة.

(6) امتدت: طالت واتسعت.

(7) الوفادة: السفارة، والبعثة.

(8) المعاد: الموعد والمآل، إشارة إلى أن عمل الخير يعود بخيره لصاحبه.

(9) القدوة: الأسوة، أو ما اهتديت به، ومشيت على خطاه.

(10) النجادة: الشهامة والشجاعة.

(294)

 

(33)

جنادة بن كعب الأنصاري

(ن30- 61هـ = 650- 680م)

 

        لم أجد له في الزيارتين ذكراً لم أجد له ذكراً في التسمية والحدائق ولا في كتب القدامى من أهل السير والرجال والمقاتل، وقد ورد إسمه في كتب أربعة من المعاصرين، الإبصار والذخيرة والتنقيح والأعيان، وبما أن صاحب الذخيرة ينقل عن الإبصار فإن قسماً من تصريحاته تعود إليه، ثم إن صاحب التنقيح نقل عن الذخيرة على الظاهر، وربما عن الإبصار أيضاً، وأما الأعيان فقد نقل عنهم جميعاً، وعلينا أن نورد ما أوردوه في كتبهم.

        الإبصار: «جنادة بن كعب بن الحرث الأنصاري الخزرجي، كان جنادة ممن صحب الحسين «عليه السلام» من مكة وجاء معه هو وأهله فلما كان يوم الطف تقدم إلى القتال فقتل في الحملة الأولى » ثم قال بعد ذلك عند ترجمه ابنه: «عمر بن جنادة بن كعب بن الحرث الأنصاري الخزرجي، كان عمر غلاماً جاء مع أبيه وأمه، فأمرته أمه بعد أن قتل أبوه في الحرب فوقف أمام الحسين «عليه السلام» يستأذنه فلم يأذن له، فأعاد عليه الاستئذان، قال أبو مخنف: فقال الحسين «إن هذا غلام قتل ابوه في المعركة، ولعل أمه تكره ذلك »، فقال الغلام: إن أمي هي التي أمرتني، فأذن له، فتقدم إلى الحرب فقتل وقطع رأسه ورمي به إلى جهة الحسين «عليه السلام»، فأخذته وضربت به رجلاً فقتلته وعادت إلى المخيم فأخذت عموداً لتقاتل به فردها الحسين «عليه السلام»».

        الذخيرة: «جنادة الأنصاري وولده، قال عليه الصلاة والسلام في

(295)

 

الناحية »: السلام على جنادة بن كعب بن الحرث الأنصاري الخزرجي وابنه عمرو بن جنادة(1).

        أقول: قال المحقق الإسترابادي في رجاله: جنادة بن كعب بن الحرث الأنصاري الخزرجي من أصحاب الحسين بن علي «عليه السلام» قتل معه بكربلاء(2).

        أقول: ومن جملة أنصار الحسين «عليه السلام» الذين بذلوا مهجهم دون الحسين «عليه السلام» هو جنادة بن كعب بن الحرث الأنصاري الخزرجي على ما رواه أحمد بن حميد بن محمد في كتاب الحدائق، قال: كان جنادة من الشيعة ومن المخلصين في الولاء وممن صحب الحسين «عليه السلام» من مكة، وجاء معه هو وأهله إلى كربلاء، فلما كان يوم الطف وشب القتال وحمل أهل الكوفة على عسكر الحسين «عليه السلام» تقدم جنادة بن الحرث أمام الحسين «عليه السلام» فقاتل حتى قتل في الحملة الأولى مع من قتل(3).

        وكان إبنه عمرو بن جنادة غلاماً صغيراً غير مراهق، له من العمر تسع سنين، وفي رواية إحدى عشرة سنة، وكانت أمه بحرية بنت مسعود الخزرجي معه، فأمرته أمه بعد أن قتل أبوه في المعركة، فقالت له: أخرج يا بني وانصر الحسين «عليه السلام» وقاتل بين يدي إبن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فخرج الغلام حتى وقف أمام الحسين «عليه السلام» يستأذنه، فلم يأذن له، فأعاد الاستئذان، فقال الحسين «عليه السلام»: إن هذا الغلام قتل أبوه في المعركة ولعل أمه تكره ذلك، فقال الغلام: يابن رسول الله إن أمي هي التي أمرتني بذلك، وألبستني لامة الحرب، فأذن له الحسين، فتقدم إلى القتال أمام القوم وهو يرتجز ويقول:

أميري حسين ونعم الأمـــير          سرور فؤاد البشير النذير

__________
(1) لم نجد في زيارة الناحية هذا النص.

(2) لا وجود له في كتاب رجال الاستر آبادي المسمى بمنهج المقال: 3/264، بل الموجود جنادة بن الحارث السلماني من أصحاب الحسين.

(3) لا وجود له في كتاب الحدائق الوردية: 1/250 بل الموجود جنادة بن الحارث السلماني وأنه مستشهد في كربلاء ولا زيادة.

(296)

 

 

علي وفاطمــــــــــــــة والده          فهل تعـلمون له من نظير

له طلعة مثل شمس الضحى          له غرة مـــــثل بدر منير

 

        وقاتل حتى قتل، وقطع رأسه مالك بن النسر البدي ورمى به إلى عسكر الحسين «عليه السلام» فحملت أمه بحرية بنت مسعود الخزرجي رأسه وقالت: أحسنت يا نبي يا سرور قلبي ويا قرة عيني، قم رمت برأس إبنها رجلاً فقتلته، وأخذت عمود خيمتها وحملت عليهم لتقاتل به فردها الحسين «عليه السلام» إلى مخيم النساء ودعا لها »(1).

        التنقيح(2) «جنادة بن كعب الأنصاري الخزرجي، ذكر علماء السير أنه كان من الشيعة ومن المخلصين في الولاء وممن صحب الحسين من مكة وجاء معه وهو وأهله إلى كربلاء، فلما كان يوم الطف وشب القتال وحمل أهل الكوفة على عسكر الحسين «عليه السلام» تقدم جنادة هذا وقاتل حتى نال شرف الشهادة في الحملة الأولى ثم شرف تخصيص الحجة المنتظر عجل الله تعالى فرجه وجعلنا من كل مكروه فداه إياه بالتسليم عليه بقوله: السلام على جنادة بن كعب بن الحرث الأنصاري الخزرجي وابنه عمرو بن جنادة ».

        الاعيان: «جنادة بن كعب الأنصاري الخزرجي ذكره صاحب إبصار العين، وقال كان ممن صحب الحسين «عليه السلام» من مكة وجاء معه وهو وأهله، فلما كان يوم الطف تقدم إلى القتال فقتل في الحملة الاولى» ولم يذكر مستنده ثم ذكر ابنه عمراً، وقال: إنه هو الذي قال فيه الحسين «عليه السلام» هذا غلام قتل أبوه في المعركة ولعل أمه تكره قتاله ».

        وتبين من نقل أقوالهم حول ابن كعب أن أحدهم نقل عن الثاني، ولا وجود له في كتب من سبقهم، وما أورده الإبصار حول ابنه عمرو فلا يصح فإن ابنه ليس ذلك الشاب الذي قتل أبوه في المعركة، وما أورده المعلق على الإبصار وذكر سنده من مقتل الحسين للخوارزمي(3) غير

____________
(1) هذه المعلومات وردت في حق شاب قتل أبوه في المعركة، وما جاء في المناقب  لابن شهرآشوب: 4/104 لم يذكر بأنه إبنه.

(2) تنقيح المقال: 1/234، إلا أننا لم نجد له ذكراً في زيارة الناحية بهذا النص، ولم نجد في مناقب ابن شهرآشوب: 4/113 لدى عده لشهداء الحملة الأولى ذكراً له.

(3) مقتل الحسين للخوارزمي: 2/22.

(297)

 

صحيح من جهة النسبة، لأن الخوارزمي ذكر جنادة بن الحرث الأنصاري أولاً، وليس ابن كعب، ثم أورد بعده عمرو بن جنادة وليس عمراً، وذكر الأبيات السبعة من الكامل في رائيته المكسورة، ثم ذكر الشاب الذي قتل أبوه في المعركة ورجزه.

        والسؤال الجوهري: لماذا هذا الخبط؟ ولماذا هذا الخلط بين الاسماء؟ ومن هم أهل السير الذين نقلوا هذا الكلام؟ ومن أين له تحديده بالخزرجي؟ فإن كلمة الأنصار تطلق على الأوس والخزرج القبيلتين العظيمتين اللتين آمنتا بالرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهما من أهل المدينة، وربما غلبة الخزرج على الأوس هي التي جعلته أن يميل إلى أنه خزرجي، ومن الغريب أن بعض المعاصرين(1) وصفه بالمكي أيضا، ولا نعلم كيف وصفه بذلك، والأنصار هم من أهل المدينة، وقد ذكر بأنه كان مقيماً في مكة، فمن أين له ذلك.

        وعلى أي حال إذا كان خزرجياً فإن الخزرج هو ابن حارثة بن البهلول بن عمرو (مزيقياء) بن عامر (ماء السماء) ابن حارثة (الغطريف) بن امرئ القيس (البطريق) بن ثعلبة (العنقاء) بن مازن (غسان) بن الأزد بن نبت بن مالك بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، وإذا كان أوسياً فإن أوساً هو ابن حارثة ايضا لأنهما أخوان.

        وما ورد في بعض المؤلفات الحديثة بأن جنادة بن الحرث السلماني وجنادة بن الحرث الأنصاري وعمران بن كعب بن حارث الاشجعي وعمران بن كعب الأنصاري واحد، وهو من باب الخلط كما ذكر، فإن قوله مجرد ادعاء لا يمكن توثيقه مع المصادر ولا مع قواعد التصحيف.

        ومن أراد أن يجعله مستقلاً فالمفروض أن لا يكون عمره أقل من ثلاثين سنة مع كل المقارنات التي ذكرت، والله العالم بحقائق الأمور.

        ولعل هناك أربعة شخصيات هم: جنادة بن الحرث وابنه عمرو وجنادة بن كعب وإبنه عمرو، ويؤيد هذا الاحتمال اختلاف وقت التحاقهما

______________
(1) ياران پايدار إمام حسين: 44، والحال أن مصادره التي ذكرها لم توصفه بالمكي.

(298)

 

بالركب الحسيني، ولكن ليس لدينا دليل يؤيد ذلك، وإنما هي أقول مستحدثة.

        وفي نهاية الحديث عنه فإن كنيته أبو عمرو.

        وقد مدحته في قصيدة من بحر المتراجز المرفوع المحذوف(1) بتاريخ 19/3/1432 بعنوان: «قرم نمى»:

رؤوس قد قطعت ظلماً بلا هـــــــواده       فمنهم قرم نمى من خزرج جـــــــــــناده(2)

وعن عز قد قضى في كربلا سعيــــداً       مضى نحو الحرب جريــــــاً مع الإراده(3)

لقد وافى شاهداً بين الورى... شهـــيداً       لدى أعتاب الردى فيما يرى حمـــــــاده(4)

فما الأيام التي تجري سوى ركـــــوبٍ      إلى أبواب الفنا مهما تكن مــــــــــــزاده(5)

فخير الأعمال ما تجني لنا مـــــــتاعاً        لأخرى فيها العلى قد يرتضي عـــــباده(6)

قضى ربي للذي أفـــــــــدى لدينه نفــ       ـسه عزا بالحيا دوماً بلا نجــــــــــــاده(7)

فمن آلى ربــــــه في نينـوى على وقــ       ـفه الأبطال التي تنهي الــــــــعدا فساده(8)

على هذا حاربوا البغي الذي فشى في       الملا حتى عطلوا مـــــن فكرة الفصادة(9)

فهل في الدنيا رجال بالوفـا وفوا عنــ        ـدما جادوا عن نفيس القدر في رشاده(10)

___________
(1) وزنه: مفاعيلن فاعلن، مستفعلن، فعولن ×2.

(2) الهوادة: اللين، والرفق.

القرم: الشجاع، البطل.

(3) مضى: أقدم وأقبل.

(4) الأعتاب: عتبات الموت شدائده، والعتبة: المرقاة.

(5) الركوب: المطية والوسيلة.

(6) تجني: تقطف.

(7) نجادة: لعي والتعب، يقال نجد نجداً: أعيا.

(8) تنهي: تنفي وتهلك.

(9) الفصادة: فصد المريض: شق عرقه، وتفصد الدم: سال وجرى، أراد به القتل والتنكيل.

(10) جادوا: تكرموا وبذلوا.

(299)

 

فنالوا أعز على ما قدموا كــــما كر          موا في الأخرى جناناً ملؤها إشاده(1)

فهم أحياء لدى الباري بمنـــزلٍ شا           مخ قالوا: مــيزت من أجلهم وساده(2)

فلا أدري هل رثائي صادق بهم أم           لهم تبريك على ما خصصوا وداده(3)

__________
(1) الإشادة: المدح والثناء.

(2) اقتباس من قوله تعالى: (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياءً عند ربهم يرزقون)، [آل عمران: 169].

(3) الوداد: الحب الخالص.

(300)

 

(34)

جندب بن حجير الخولاني

(ن30- 61هـ = 650- 680م)

 

        جندب: اختلف أهل اللغة في ضبطه ولكن اتفقوا على أنه في الأعلام مضموم الأول من بعده نون ساكنة ثم دال مفتوحة تنتهي بالباء المنقوطة التحتانية، كما لم يختلفوا في معناه وهو الجراد، ولكنهم اختلفوا في أنه عمرم الجراد، وقيل هو الذكر منه، وقيل هو ضرب منه.

        وأما من الناحية اللغوية وضبط المفردة فقد وردت فيه لغات ثلاث: بضم أوله وثالثه (جندب) وبضم أوله وفتح ثالثه (جندب)، وبكسر أوله وفتح ثالثه (جندب) وهو أضعف اللغات، فالأول على زنة عنصر، والثاني على زنة قنبر، والثالث على زنة درهم، واختلف أهل الصرف في نون جندب أهي زائدة أو أصلية وبالأخص فيما إذا كانت الدال مفتوحة، وممن سمي بهذا الاسم هو أبو ذر الغفاري رضوان الله عليه(1).

        إذاً فهو جندب بضمتين بينهما سكون وهو ذكر الجراد على الأقوى، استخدم علماً في شخصية من الذكور ذكر بأنها حضرت كربلاء واستشهد فيها، ومن أقدم من ذكره هو صاحب التسمية(2) حيث قال: «وقتل من جواب جندب بن حجير وابنه حجير بن جندب، وفي الحدائق(3) حيث قال: «وقتل من حوان جندب بن حجير وابنه حجير بن جندب» ولا شك أن حوان تصحيف لجواب، كما ورد التسليم عليه في زيارة الناحية في

____________
(1) راجع تاج العروس: 2/136.

(2) التسمية: 155.

(3) الحدائق الوردية: 1/250.

(301)

 

المرتبة الرابعة والاربعين(1) بقوله: «السلام على جندب بن حجر الخولاني، ومثله في الزيارة الرجبية في المرتبة الخامسة والسبعين، إلا أنه لم ينسه حيث قال: «السلام على جندب بن حجير» والظاهر أن حجراً في الناحية تصحيف لحجير.

        هذا وعد الطوسي(2) من أصحاب الإمام الحسين «عليه السلام» باسم جندب بن حجير، ولكن لم ينسبه ولم يذكر بأنه استشهد في كربلاء.

        وبالنسبة إلى قبيلته فقيل جواب كما في التسمية وهو بتشديد الواو وهم بطنان، بطن من تيم الأدرم بن غالب بن فهر بن مالك بن النظر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن عدنان(3).

        وبطن آخر من بني كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عقيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان(4)، والمعروف هو الثاني وهو جواب (مالك) بن عوف بن عبد الله بن أبي بكر بن كلاب.

        وقيل إنه من بني خولان كما في الناحية، والمعروف من بني خولن بطنان: أحدهما خولان بن عمرو بن مالك القحطاني، وخولان بن عمران بن الحافي القحطاني(5) والأشهر منها هو الأول، ولا مجال للجمع بين كونه من جواب ومن خولان، ومما زاد في الطين بلة أن بعض المتأخرين كالإبصار(6) أضاف الكندي على الخولاني، ومن المعلوم أن خولان وكندة يجتمعان في الحارث حيث أن: خولان هو ابن عمرو بن مالك بن الحارث بن مرة، وكندة هو ثور بن عفير (عبيد) بن عدي بن الحارث بن مرة، ولكن لا يجتمعان في شخصية واحدة.

____________

(1) معجم أنصار الحسين (غير الهاشميين): 1/216.

(2) رجال الطوسي: 72.

(3) راجع جمهرة أنساب العرب: 175.

(4) راجع جمهرة أنساب العرب: 284.

(5) راجع معجم أنصار الحسين (غير الهاشميين): 1/112.

(6) إبصار العين: 189.

(302)

 

        ونعود ونكرر بأن بعض المتأخرين أورد في جندب ما لم نحصل عليه في كتب القدامى منهم الإبصار والذخيرة والتنقيح، ومن ثم أخذ الآخرون منهم، ومن الأفضل أن نورد نصوصهم ليتضح الحال.

        جاء في الإبصار(1): «جندب بن حجير الكندي الخولاني كان جندب من وجوه الشيعة وكان من أصحاب أمير المؤمنين «عليه السلام» خرج إلى الحسين «عليه السلام» فوافقه في الطريق قبل اتصال الحر به فجاء معه إلى كربلاء.

        قال أهل السير: إنه قاتل فقتل في أول القتال.

        وقال صاحب الحدائق: إنه قتل هو وولده حجير بن جندب في أول القتال، ولم يصح لي أن ولده قتل معه، كما أنه ليس في القائميات ذكر لولده، فلهذا لم أترجمه معه»، ويرد عليه:

        أولاً: سبق وقلنا أن الجمع بين الكندي والخولاني لا يصح.

        ثانياً: لم نجد له ذكراً في أصحاب علي «عليه السلام» في رجال البرقي والطوسي ولا في وقعة صفين.

        ثالثاً: سبرنا كتب المقاتل والسير فلم نجد له تفاصيل عن التحاقه بالإمام الحسين «عليه السلام».

رابعاً: لم نجد في الحدائق بأنه قتل في أول القتال، إلا إذا كانت لديه نسخة أخرى من الحدائق.

        خامساً: لم يذكر سبب رفضه لقتل ابنه في معركة الطف وقبول الأب جندب.

        وجاء في الذخيرة(2): «جندب الخولاني، قال عليه الصلاة والسلام في الناحية: السلام على جندب بن حجير الخولاني، وقال ابن عساكر في تاريخه: جندب بن زهير [هو جندب بن حجير بن زهير بن الحارث بن كبير ابن جشم بن حجير الكندي الخولاني الكوفي](3) يقال: له صحبة وهو من

_____________
(1) إبصار العين: 190.

(2) ذخيرة الدارين: 418.

(3) ذكر المعلق أن ما بين المعتوقين من المؤلف.

(303)

 

أهل الكوفة وشهد مع علي بن أبي طالب «عليه السلام» حرب صفين وكان أميراً على كندة والأزد(1).

        وقال صاحب إبصار العين: كان جندب من وجوه الشيعة وكان من أصحاب أمير المؤمنين «عليه السلام».

        وقال أبو مخنف: خرج جندب بن حجير الكندي من الكوفة فلحق الحسين «عليه السلام» بالحاجر من بطن الرمة، فوافقه قبل اتصال الحر بن يزيد الرياحي به فجاء معه إلى كربلاء(2).

        وقال علماء السير منهم الطبري: وقاتل جندب بن حجير بن يدي الحسين «عليه السلام» حتى قتل في أول القتال مع من قتل.

        وقال صاحب الحدائق: إنه قتل هو وولده حجير بن جندب في أول القتال.

        أقول: لم يصح عندي قتل ولده معه، لأنه ليس في الناحية ولا التراجم والسير لولده ذكر، فلهذا لم أترجم له ».

        يبدو أنه اعتمد على نص زيارة الناحية، كما يبدو وأنه استند بشكل عام على الإبصار، وأضاف: ولكن يرد عليه ما يلي:

        أولاً نقله عن ابن عساكر(3) ليس بالموفق لأنه أخذ ترجمة غيره وجعلها ترجمة لمن نبحث عنه، حيث ورد في تاريخ مدينة دمشق ما نصه:

        وهو «جندب بن زهير بن الحارث بن كبير بن جشم بن سبيع بن مالك بن ذهل بن مازن بن ذبيان بن ثعلبة بن الدول بن سعدٍ بن غامد- وهو عمرو بن عبد الله بن عبد الله بن كعب بن الأزد، يقال- له-: جندب بن عبد الله بن زهير الغامدي الأزدي، يقال إن له صحبة، وهو من أهل الكوفة، وكان ممن سيره عثمان من الكوفة إلى دمشق، وشهد مع علي «عليه السلام» صفين أميراً على الأزد».

___________
(1) هذا الكلام هو في جندب بن زهير الأزدي منقول من تاريخ مدينة دمشق مع بعض الاضافات والتي سنوردها لتوضيح الحال.

(2) هذا الكلام ورد في الإبصار مع زيادة.

(3) تاريخ مدينة دمشق: 11/303.

(304)

 

        ومن الواضح أن فيه خبطاً وخلطاً، وفي نقله خطأ فاحش، حيث أن نصر بن الأزد هم أزد شنوءة(1) وهذا لا يجتمع مع كندة وخولان، فبالنسبة إلى الأزد وكندة فإنهما يلتقيان عند أدد بن زيد، وأما بالنسبة إلى أزد وخولان فإنهما أيضا يلتقيان عند أدد بن زيد، ومن هنا فلا يمكن أن يكون جندب أزديا كندياً خولائياً، كما أن الخولاني والكندي لا يجتمعان مع بني غامد لأن غامداً هو عمرو بن عبد من أحفاد نصر (شنوءة) بن الأزد.

        ثانيا: إن نقله عن أبي مخنف غريب إذ لم نجد له ذكراً في مقتله في مختلف النسخ وإنما هو نقل عن الإبصار، والإبصار لم يذكر أنه نقله عن أبي مخنف، وقد زاد ببعض الكلمات على ما في الإبصار.

        ثالثا: لم يرد في تاريخ الطبري ما نقله عنه وإنما ورد ذكر جندب بن زهير الغامدي الأزدي في حرب صفين مضمون هذا الكلام وليس في معركة الطف فعليه فقد قتل في صفين(2).

        رابعا: ورد في الحدائق مجرد استشهاد ولم نجد في النسخة التي لدينا أنه قتل في أول القتال.

        خامساً: عدم صحة استشهاد ابنه عمرو، إذ لم يكن من استنتاجه بل هو من استنتاج الإبصار، وظاهر الكلام يوحي أنه من استنتاجه، مع العلم لم يذكر سبب هذا الاستنتاج.

        وأما التنقيح(3) فقد نقل مضمون ما ورد في الذخيرة.

        وبما أن إسمه ورد في بعض المصادر القديمة لا يمكن إنكار وجوده واستشهاده في كربلاء، ولا يمكن أن يكون تصحيفاً للاسماء التي ورد ذكرها في معركة الطف، وعليه فإن عمره على فرض وجوده لا يقل عن ثلاثين سنة وهو العمر المعطاء في الحروب، وعليه بني هذا الاحتمال، والله العالم بحقائق الامور.

____________
(1) راجع معجم أنصار الحسين (غير الهاشميين): 1/69.

(2) راجع تاريخ الطبري: 3/90، وقد نص على ذلك تاريخ مدينة دمشق: 11/305.

(3) تنقيح المقال: 1/236.

(305)

 

        ولي قصيدة في مدح ورثاء الخولاني من بحر المتقارب المعشر(1) بعنوان: «» أنشأتها بتاريخ: 4/2/1435هـ:

أنا ابن الحجير الذي والد للحجــــــير        أنا جندب من بني كندةٍ في القصـــــــــــــير(2)

وخولان بطن له شهرة في البرايـــــا         ومن كوفةٍ محتدي، وجهتي للشبـــــــــــــير(3)

لكي أنصر الحق بالذب عن سبط طه        بطف وأجري إلى روضتي مع بريـــــــــر(4)

فهذا حسين إمام الورى قد أتى كـــــر        بلا حاملاً ثقله لم يجد من نصـــــــــــــــيـر(5)

سوى فتيةٍ مثل أسد الوغى قد أتوا نيـ        ـنوى عن هدى قد أتاهم كما في زهـــــــير(6)

هم عن يقين أتوا دون ريبٍ وشـــــك        فلا هم بها مثل سعد غـــــــــــدوا أو شمير(7)

فمن يا ترى يهجر السبط فينا حسيناً سوى جاحدٍ يرتـــــــــــوي ماء غسلٍ بكير(8)

فذي ثلة سلمت نفسها للـــــــــذي أبـ ـدع الخـــــــــــــلق طراً ومنهم أنا كالنمير(9)

فلست المبالي بنفسٍ فإني سأفـــــدي  بــــــــــــها من نفيسٍ ومالي بغير السمير(10)

كفاني بذا جنة عرضها واسع وســـ          ـعة الأرض والمرتقى في السما عن كثير(11)

 

__________
(1) وزنه: فعولن ×10.

(2) حجير: نجل جندب الممدوح.

قصير: أي في النسب القصير.

(3) شبير: هو الإمام الحسين «عليه السلام».

(4) الروضة: أراد بها الجنة.

(5) نصير: مصغر الناصر.

(6) زهير: هو ابن القين البجلي.

(7) سعد: أراد به عمر بن سعد الزهري.

شمير: أراد به شمر بن ذي الجوشن الضبابي، وصغره تحقيراً.

(8) ماء غسل: أراد به الغسيل الذي يسقي أهل جهنم.

(9) نمير: مصغر النمر.

(10) السمير: مصغر السمر والمراد به الرمح كناية حيث هو في الأصل خشب شجر العضاه الذي هو من أجود الخشب الذي يستخدم للرماح.

(11) كثير: أراد به الكثرة المتوسطة.

(306)

 

(35)

جون بن حوي النوبي

(16ق.هـ - 61هـ = 608- 680م)

 

        جون: على زنة عون شاعت التسمية بهذا الاسم عند المسيحية وهو في الأساس إسم ثانٍ ليوحنا(1)  بن زبدي(2) الحواري الثاني عشر للنبي عيسى ابن مريم «عليه السلام» وصاحب إحدى الأناجيل الأربعة، وقد سبقه آخرون من القديسين في التسمية منهم يوحنا المعمداني إبن النبي زكريا «عليه السلام»، والمفردة تعني الرؤوف، وهي في الأصل مفردة عبرية دخلت اللاتينية ثم الانكليزية وتكتب (John) هذا في اللغات غير العربية، وأما في اللغة العربية فالجون جمع الجون بالفتح والسكون وهو الأسود المشرب حمرةً، ولها معانٍ أخرى لا تخرج من هذه الدائرة(3)، وبما أن جوناً كان نوبياً مسيحياً فإن كلا المعنيين يصدق عليه اسم العلمية المسيحية لأن أصوله مسيحية، ويصدق عليه الوصف لأن أهل النوبة من حيث اللون سود على حمرة.

        وبما أنه كان من النوبة وسكن المدينة يمكن وصفه بالتالي: جون بن حوي النوبي المدني، وإسم أبيه حوي على زنة سمي ومنه قول شاعر من شعراء الصعاليك من الوافر:

___________
(1) راجع قاموس إلياس العصري: 377.

(2) يوحنل: هو ابن زبدي وأمه سالومة وهو شقيق يعقوب الكبير، وهما من بيت صيدا في الجليل يقال إن المسيح «عليه السلام» أوصاه بأمه مريم عندما رفع إلى السماء وتخيل لهم أنه صلب، وقد نفاه هيرودس اغربباس الأول إلى جزيرة باتموس بعدما قتل أخوه يعقوب، وقد توفي يوحنا في أفسس في القرن الثاني الميلادي، وله ثلاث رسائل وكتاب الريا- راجع الحسين والتشريع الاسلامي: 1/84.

(3) راجع لسان العرب: 2/426.

(307)

 

تقول وقد نكبتها عن بلادها           أتفعل هذا يا حوي على عمد(1)

        ولا يخفى أن النوبة: قوم من السودان وإليهم تنسب المنطقة ويقال بلاد النوبة(2) وكان جون من هذه المنطقة.

        ورد إسمه في رجال الطوسي(3) بأنه من أصحاب الحسين «عليه السلام» وقال: إنه مولى أبي ذر، وعلق عليه المحقق لرجاله، بقوله: جون هذا كان عبداً أسود للفضل بن العباس بن عبد المطلب، اشتراه الامام علي «عليه السلام» منه بمائة وخمسين ديناراً ووهبه لأبي ذر ليخدمه، ورجع إلى علي «عليه السلام» بعد موت أبي ذر، ثم أنه بقي عند آل علي «عليه السلام»، وخرج معهم إلى كربلاء وقتل مع الحسين «عليه السلام».

        كما ورد التسليم عليه في الزيارتين الرجبية(4) في المرتبة الثالثة عشرة والناحية في المرتبة العشرين(5) بالنص التالي: السلام على جون مولى أبي ذر الغفاري، كما وذكره التسمية(6) في الشهداء باسم جون بن حوي مولى لأبي ذر الغفاري، وفي الحدائق(7) أيضا بإسم: جون مولى لابي ذر الغفاري، وجاء في المناقب(8): «جوين بن أبي مالك مولى أبي ذر »، والظاهر أنه تصحيف لجون، بل هو من الخلط بينه وبين جوين بن مالك التيمي على خلاف في جوين بن مالك كما سيأتي، وكان الطوسي(9) في

_______
(1) راجع تاج العروس: 37/505، لسان العرب: 3/410.

(2) النوبة: منطقة تقع على نهر النيل يتقاسمها اليوم السودان والحبشة (اثيوبيا) وتمتد عرضاً إلى الخرطوم وربما امتدت شمالاً إلى مصر لتصل إلى أسوان، وجاء في معجم البلدان: 5/309 أن النوبة هم نصارى يعاقبة لا يطأون النساء في الحيض ويغتسلون من الجنابة ويختتنون.

(3) رجال الطوسي: 72.

(4) راجع معجم أنصار الحسين (غير الهاشميين): 1/220.

(5) راجع معجم أنصار الحسين (غير الهاشميين): 1/215.

(6) التسمية: 152.

(7) الحدائق الوردية: 1/248.

(8) مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: 4/103.

(9) رجال الطوسي: 72.

(308)

 

رجاله عد جوين بن مالك من أصحاب الإمام الحسين «عليه السلام»، ولأنه ذكرهما فلا يمكن القول باتحادهما، وجاء في الإرشاد(1) جوين مولى أبي ذر، وربما هو الذي كان سبباً للخلط، بل ربما يكون جوين مصغر جون وجرت العادة تصغير الاسماء في بعض الأحيان، وبالأخص حينما يكون المسمى صغيراً ويبقى عله الاسم المصغر حتى وإن طعن في السن أو أنه عبد فيصغر دلالاً، واحتمال أن يكون أبو مالك كنية لجون بن حوي وارد.

        وذكره الطبري(2) والبداية(3) والفتوح(4) والنهاية(5) والكامل(6) باسم أبيه حوي مولى أبي ذر الغفاري، ولعله هو تصحيف لابن حوي، وقد صرح بعضهم بأنه روى ذلك عن أبي مخنف(7) ولكن أبا مخنف ذكره باسم جون مولى أبي ذر الغفاري كما في النسخة الحديثة وذلك عند بروزه إلى ساحة الوغى، ولم نجد في المقاتل المنسوبة إلى أبي مخنف من ذكره كما في الطبري، ولعله روى عن النسخة التي كانت لديه.

        وممن ذكره باسم حوي كتاب الأنساب(8) ولكنه ذكر مبارزته ورجزه كما في مقتل أبي مخنف، وعنه نقل الرياض(9)، وذكره الملهوف(10) باسم جون مولى أبي ذر وصرح بأنه كان عبداً أسود، وذكر مبارزته ومقولته عندما طلب الاذن من الإمام الحسين «عليه السلام» للخروج إلى ساحة القتال ولم يذكر الجرز الدالي المنسوب إليه.

__________
(1) الإرشاد: 2/93.

(2) تاريخ الطبري: 3/316.

(3) البداية والنهاية: 8/142.

(4) الفتوح: 5/198.

(5) نهاية الارب: 20/273.

(6) الكامل في التاريخ: 3/285.

(7) مقتل الحسين لابي مخنف: 111 الطبعة البغدادية، وكذلك في تاريخ أبي مخنف في مقتل الحسن «عليه السلام»: 33 طبعة الهند ولا وجود له في نسخة ينابيع المودة.

(8) أنساب الأشراف: 3/196.

(9) رياض المصائب: 304.

(10) الملهوف: 163.

(309)

 

        ومن الغريب أن الروضة(1) ذكره باسم حرة أو حريرة او حرير وأنه عتيق أبي ذر الغفاري، وأضاف بأنه نزل إلى المعركة راجلا وهو يرتجز ويقاتل حتى قتل، وكل ما ورد في الروضة فقد تفرد به، والله العالم، ولا شك أن هناك تصحيفاً حصل في إسمه، ولعله على التصحيف حصل تصحيف آخر لتكون الجيم المنقوطة التحتانية جرة وجريرة وجرير، والله العالم.

        هناك من(2) ذكر له نسباً وقال: هو جون بن حوي بن قتادة بن الأعور بن ساعدة بن عوف بن كعب بن حوي، ناقلا ذلك عن الإصابة، ولكن الموجود في الإصابة: شخصية أخرى غير الذي نتحدث عنها ألا وهو جون بن قتادة بن الأعور بن ساعدة بن عوف بن كعب بن عبد شمس بن زيد بن مناة بن تميم التميمي(3) فخلط الناقل بين الشخصيتين فأوقع الآخرين في مثل هذا الخطأ الكبير، فإن جوناً مولى أبي ذر كان عبداً حبشياً ولم يكن من العرب من بني تميم بن عبد مناف (مناة) بن مر بن أد بن طابخة بن قمعة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، ومن هنا رد الأعيان(4) على من عاصره وانتسبه بهذا النسب، واللظاهر أنه قصد بذلك صاحب الذخيرة(5) أو التنقيح(6) حيث ذكرا هذه السلسلة في نسبه نقلاً عن الإصابة وهي خلية من ذلك، بل إن ما ورد في الإصابة هي لشخصية أرى، كما أنه يتنافى مع تصريح جون بنفسه «وإن حسبي للئيم»، ومن جهة أخرى فإن في رجال ابن داود(7) نقل عن رجال الكشي(8) إنه من أصحاب الإمام الحسين «عليه السلام» فقال: «والظاهر أنه قتل معه- الحسين- بكربلاء مهمل» وفيما أورده أبي داود نظر فطن إليه الأعيان(9) وعلق قائلاً:

___________
(1) روضة الشهداء: 381.

(2) راجع فرسان الهيجاء: 1/78 ووسيلة الدارين: 115، وياران پايدار إمام حسين: 45.

(3) الإصابة: 1/271، والصحيح التيمي.

(4) أعيان الشيعة: 4/297.

(5) ذخيرة الدارين: 385.

(6) تنقيح المقال: 1/238.

(7) الرجال للحسن بن علي بن داود الحلي: 67.

(8) لم أجد في رجال الكشي المعروف باختيار معرفة الرجال لجون ذكرا.

(9) أعيان الشيعة: 4/297.

(310)