معجم  أنصار الحسين عليه السلام  (غير الهاشميين)  (الجزء الثاني)

اسم الکتاب : معجم أنصار الحسين عليه السلام (غير الهاشميين) (الجزء الثاني)

المؤلف : للعلامة المحقق الشيخ محمد صادق الكرباسي
المطبعة : المركز الحسيني للدراسات لندن ـ المملكة المتحدة

 

 

 

الحسيني- واستظهاره في محله- قائلاً: والظاهر أن هؤلاء الأربعة هم الذين لحقوه «عليه السلام» بعذيب الهجانات مع دليلهم: الطرماح، وأراد الحر منهم بأنه عاهد بمتاركة- الحسين- مع أصحابه «عليه السلام» وأنهم ليسوا من أصحابه، فقال «عليه السلام»: «هم أيضاً أصحابي » ولما وصلوا إليه «عليه السلام» وأخبروه بقتل ابن زياد رسوله قيس بن مسهر الصيداوي، كما روى ذلك الطبري أيضا وسمى منهم ثمة مجمعاً(1).

        وأما عن عمره فالظاهر حسب المعطيات بعد فصله عن جنادة أن له

___________
(1) جاء في تاريخ الطبري: 3/307 ما يلي: «وكان- الحر- يسير أصحابه في ناحية وحسين في ناحية أخرى، وحتى أنتهوا إلى عذيب الهجانات، وكان بها هجائن النعمان ترعى هنالك، فإذا هم بأربعة نفر قد أقبلوا من الكوفة على رواحلهم، يجنبون فرساً لنافع بن هلال يقال له كامل، ومعهم دليلهم الطرماح بن عدي على فرسه، وهو يقول:

يا ناقتي لا تذعري من زجري

وشمري قبل طلوع الفجـــــــر

بخير ركبان وخير سفـــــــــر

حتى تحلي بكريم النجـــــــــر

الماجد الحر رحيب الصــــدر

أتى به الله لخير أمــــــــــــــر

وشمري قبل طلوع الفجــــــر

ثمت أبقاه بقاء الدهــــــــــــر

قال: فلما انتهوا إلى الحسين أنشدوه هذه الأبيات، فقال: أما والله إني لأرجو أن يكون خيراً ما أراد الله بنا، قتلنا أم ظفرنا، قال: وأقبل إليهم الحر بن يزيد فقال: إن هؤلاء النفر الذين من أهل الكوفة ليسوا ممن أقبل معك، وأنا حابسهم أو رادهم، فقال له الحسين : لأمنعنهم مما أمنع منه نفسي، إنما هؤلاء أنصاري وأعواني، وقد كنت أعطيتني ألا تعرض لي بشيء حتى يأتيك كتاب من ابن زياد، فقال: أجل، لكن لم يأتوا معك، قال: هم أصحابي، وهم بمنزلة من جاء معي، فإن تممت على ما كان بيني وبينك وإلا ناجزتك، فقال: فكف عنهم الحر، قال: ثم قال لهم الحسين: أخبروني خبر الناس وراءكم، فقال له مجمع بن عبد الله العائذي، وهو أحد النفر الأربعة الذين جاؤوه: أما أشراف الناس فقد أعظمت رشوتهم، وملئت غرائرهم » انتهى موضع الحاجة.

(237)

 

ثلاثة عقود عندما استشهد في كربلاء، ومثل هذا العمر يناسب الاشتراك في الحروب والقتال، والخروج إلى الميدان لأجل ذلك، والله العالم بحقائق الأمور، وعلى الظاهر أن ولادته كانت في الكوفة.

        هذا وقد رثيث ومدحت السلماني بقصيدة من بحر المتقارب(1) تحت عنوان: «حسيناً فدى» وذلك بتاريخ: 7/3/1435هـ:

حباب وحسانهم زد جـــــــــــيادا              وحيانهم أيض جبار قـــــــــــــــادا

جميعا بتصحيف لفظ جـــــرى و             الذي جابر ارتئيه نـــــــــــــجادا(2)

أتى جابر سبط طاها حســـــــيناً              ففي كربلا إذ تقضى وبــــــــــادا(3)

شهيداً قضى حامياً نهج هـــــــادٍ              بقلبٍ صفا رؤية حــــــــيث جادا(4)

فحرث له والد من مــــــــــــرادٍ              حسينا فدى لـــــــم يقف ذا حيادا(5)

على دين آل الهدى بايع الــــمقـ               ـتدى أجـــــره قد ضفا بل وزادا(6)

إلى الحق سار الفتى الـــقرم لما              رأى الموت نصراً تعالى ونادى(7)

أنا جنة للذي قـــــــــــبل المصــ              ـطفى ثـــغره إذ علا أيض سادا(8)

قيا ليتني كنت درعــــــاً حصيناً              لأفدي بنـــــــي فاطم قل: جلادا(9)

فإني أرى الموت في حقهم مســ              ـلكاً فـــــــائزاً خالداً بل جهادا(10)

___________
(1) وزنه: فعولن ×8.

(2) نجد الشيء: وضح وبان.

(3) باد: هلك ودمر.

(4) جاد: أحسن.

(5) الحياد: الانعزال دون أخذ موقفٍ ما.

(6) المقتدى: المتبع.

(7) تعالى: تجلى في سموه وعلاه.

(8) الجنة: الستر، والصون.

(9) الدرع: مجنة من حديد تستخدم لدفع طعن الرمح وضرب السيف ورمي السهم.

(10) المسلك: المخرج.

(238)

 

ألا فابحثوا في الورى، من إمام              لنا غيره حـــــــــجة أو سنادا(1)

شبير أتانا بعز المــــــــــــعالي                وضحى بنفسٍ تضاهي المدادا(2)

أنا باحث عن شفيعي ليــوم الـ                ـمنى راجـــياً من لدنه المهادا(3)

        وقلت في جابر أيضا باعتبار أن الأولى كانت في حياد فغيرناها باسم جابر بعدما أوصلنا التحقيق إلى أنهما متحدان وإنما هو تصحيف في اللفظ فجاءت هذه القصيدة من بحر الرمل المحذوف(4) بتاريخ 6/1/1435هـ بعنوان: «سلمان قرم كابر»:

جاء من سلمان قرم كابـــــــــر               إسمه هذا جميل جابــــــــــر(5)

حارث هذا أبوه وهو مـــــــــن                كوفةٍ زحفاً أتى مـــن ناصر(6)

عن ولاءٍ صادقٍ يرجــــــو فلا               حاً مع السبط الذي ذا طاهر(7)

لا تقل فرداً وقل: رهطاً فهــــم               واحدٌ كالألف فيهم قاهـــــــر(8)

جابر يحمي حسيناً مثــــــــــله                مثل عمروٍ أو حبيب ظاهـر(9)

لا يهاب الموت في يوم الوغى               إنه حر وفي ماهــــــــــــر(10)

هل ترى فيهم ضنيناً نفســــــه                للفدا في كربلا ذا صــابر؟(11)

__________
(1) السناد: المعتمد.

(2) تضاهي: تساوي.

(3) لدنه: من عنده.

(4) وزنه: فاعلاتن فاعلاتن فاعلن ×2.

(5) الكابر: السيد العظيم الشأن.

(6) الزحف: القدوم إلى ساحة الحرب، كناية عن الشغف الشديد لنصرة الحسين «عليه السلام».

(7) الفلاح: النجاح.

(8) الرهط: قوم الرجل وقبيلته.

(9) ظاهر: الغالب المنتصر، ويريد به الحبيب بن مظاهر الأسدي.

(10) الماهر: فنان متقن للقتال.

(11) الضنين: البخيل.

(239)

 

هل ترى سيفاً بغمدٍ في الرحى                أو يرى دوماً بفخرٍ شاهــر؟(1)

ها هم أنصار سبط المصطفى                حبذوا التقوى فسل من ثائر؟(2)

من سعى في قتلهم ظلماً أتــى                 من بغى في حقهم ذا الخاسر(3)

فالرثا جارٍ عليهم في المــــلا                 فاسكبوا دمعاً فهذا كابـــــــر(4)

وقلت أيضاً من بحر المديد(5) تحت عنوان: «بني سلمان» أنشأتها في 22/4/1431هـ:

ناس من قومٍ نالوا جوابـــــــــــا               حينما قضوا بـــــعز حرابا(6)

من سما في كربلاء بالفدا يـــــو              م الوغى حــتى رماهم خطابا

قد دعا المولى حسيناً موالي الــ              ـمصفطى للنصر يدعى حبابا

إذ حبا حبواً إلى نــــــــينوى دو              ن الورى لما أراه كــــــتابا(7)

يا ترى من حارثٌ نجــــــلـه قد              ارتقى تثلاً بفوزٍ حسابــــــــــا

من بني سلمان هذا له عـــــــز                م بنى منه بروجاً وبابــــــــــا

خيرة القربى وبدر الدجي لـــو               اختشى نور الثريا وغابــــا(8)

عصبة الحق الذي بان فــي أر               ض الولا ربي جزاهم ثوابا(9)

كم حبابٍ أو ربابٍ قضـــوا أو                أسروا ظلما وذلوا رقابــا(10)؟

_______________

(1) الرحى: حومة الحرب.

(2) حبذوا: فضلوا.

(3) بغى: ظلم وأفسد.

(4) الجاري: الدائم المتواصل.

(5) وزنه: فاعلاتن، فاعلن، فاعلاتن ×2.

(6) الحراب: القتال.

(7) الورى: الخلق.

(8) القربى: المقربون من الله تعالى، والخيرة البررة.

(9) العصبة: الجماعة من الناس.

(10) الذل: الخسف والإهانة.

(240)

 

هل بكائي أو رثائي حماهم(1)؟               لن ولم ينفع سوى لي حجابا(2)

مذ متى ندب أعاد الألى مــا(3)               توا علـــــى تربٍ وكانوا ترابا

نهجهم باقٍ، علينا خطاهــــــم                 نقتفي من بــــعد يأتي مجابا(4)

 

_______________
(1) حماهم: منعهم.

(2) الحجاب: الستار.

(3) الندب: البكاء.

(4) نقتفي: نتبع وننتهج.

(241)

 

(242)

 

(23)

جابر بن الحجاج الكوفي

(ق29- 61هـ = 649- 680م)

 

        ورد ذكره في التسمية(1) والحدائق(2) باسم جابر بن الحجاج مولى عامر بن نهشل من تيم الله، وللعلم فإننا لم نجد لمولاه عامر ذكر في شهداء كربلاء.

        وورد ذكره في كتب المحدثين كالذخيرة(3) والتنقيح(4) والإبصار(5) والأعيان(6)، وجاء في الذخيرة: «قال الذهبي في التجريد: هو جابر بن الحجاج بن عبد الله.. بن نهشل التيمي من بني تيم الله بن ثعلبة » والموجود في التجريد(7): جابر بن عبد الله بن رئاب بن النعمان بن سنان الأنصاري السلمي، أسلم مع النفر الستة قبل العقبة الأولى وشهد بدراً، يروي عنه أبو عباس وأبو سلمة، وهو مخالف لما ورد في الذخيرة، حيث لم يذكر بأنه استشهد في كربلاء، كما ولم يذكر بأن أباه هو الحجاج وذكره صاحب الإصابة(8) وفصل في نسبه ولم يشر إلى مقتله في كربلاء كما هو الحال في الأسد(9)، ولا وجود لجابر بن الحجاج في كتب الرجال أبداً،

____________
(1) التسمية: 154.

(2) الحدائق الوردية: 1/239.

(3) ذخيرة الدارين: 458.

(4) تنقيح المقال: 1/198.

(5) إبصار العين: 207.

(6) أعيان الشيعة: 1/611.

(7) تجريد أسماء الصحابة: 1/73.

(8) الإصابة: 1/213.
(9) أسد الغابة: 1/306.

(243)

 

وعلى فرض ما ادعاه صاحب الذخيرة فكيف بالعربي يكون مولى وهو ينتسب إلى بني نهشل، وفي الذخيرة نقلاً عن بعض أهل السير: «كان جابر عند قومه فلما سمع بمجيء الحسين «عليه السلام» إلى كربلاء خرج من الكوفة مع عمر بن سعد حتى إذا كان له فرصة أيام المهادنة جاء إلى الحسين «عليه السلام» وسلم عليه، فبقي عنده إلى يوم الطف، فلما شب القتال تقدم بين يدي الحسين «عليه السلام» وقاتل حتى قتل، وكان قتله قبل الظهر في الحملة الأولى مع من قتل من أصحاب الحسين «عليه السلام» رضوان الله عليهم »(1) فلا وجود لمثل هذا الكلام في كتب الأساطين السابقين عليه، نعم نقل عنه صاحب الإبصار(2) والتنقيح(3) ولم نجد في الحدائق، كما نقل عنه الإبصار أنه قتل في الحملة الأولى قبل الظهر إلا إذا كانت هناك نسخة أخرى غير هذه التي لدينا، ومع كل ما ذكرناه فلا مجال لرفضه لأن التسمية والحدائق ذكراه، ولكن يبقى السؤال عن مولاه عامر من هو؟ وهذا السؤال يبقى بلا جواب لأن خروج عبد من دون مولاه أمر غريب إلا إذا قيل إنه مولى عامر بن نهشل التيمي الذي قتل محمد بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب رضوان الله عليه(4) باحتمال أنه هرب من مولاه الذي كان في المعسكر الأموي والتحق بالمعسكر الحسيني، وبهذا التحليل لا ترتفع الغرابة، مضافاً إلى ذلك أن نهشلاً هذا ليس إسم أبيه بل هو إسم قبيلته نسبة إلى نهشل بن دارم التيمي، وربما كان حليفاً له ولم يكن عبداً له، والله العالم بحقائق الأمور.

        ومن المتوقع أن يكون عمره حين استشهاده أكثر من ثلاثين سنة لتكون ولادته قبل سنة 30هـ، وما ذكر في بعض المواقع الفارسية أنه كان من الفرس وأسر في الحروب الاسلامية مع الدولة الساسانية باعتباره عبداً، فلا وجه له.

        وعلى فرض وجوده، مدحته بقصيدة بعنوان: «سدد السهم» من بحر الرمل(5) بتاريخ: 2/2/1438هـ:

_____________
(1) ذخيرة الدارين: 458.

(2) إبصار العين: 207.

(3) تنقيح المقال: 1/198.

(4) راجع إبصار العين: 83.

(5) وزنه: فاعلاتن ×6.

(244)

 

جابر في نينوى قالوا يناضــــــــــل         إنه قد شارك المولى يقاتــــــــــل(1)

لا يخاف الموت في دحض الألى     مالوا إلى الرجس الذي ظلماً يغافل(2)

داهم الأعداء في حربٍ ضـــــروسٍ          يطعن الأوغاد طعناً لا يجامــــل(3)

سدد السهم الذي فيه الردى فــــــــي          قلب من عادى إماما لا يخاتــــل(4)

بعضهم قالوا مضى في كربلا يـــــو         م البلا ذا ممكن خذ لا تجـــــادل(5)

جل انصار الحسين المفتدى فــــــي          نينوى قد غيبوا فانظر وعــــادل(6)

ديدن الأعداء هجر الآل من تـــــــا           ريخنا لا بد من كشف المحافــل(7)

ابن حجاجٍ خوالٍ قد أتى مــــــــــن           كوفةٍ يحمي حسينا في النــوازل(8)

إرثه تؤجر وفي الدنيا ترى مـــــــا           يسعد الراثي لأنصار المبـــاهل(9)

بالرجا يرجى حناناً بل وثق لــــط            ف العلى فينا توالى قم فواصل(10)

__________
(1) المولى: الحسين «عليه السلام».

(2) الرجس: يزيد بن معاوية واذنابه.

(3) المجاملة: المهادنة.

(4) الختل: المكر والخداع.

(5) يوم البلاء: أراد به يوم عاشوراء.

لا تجادل: أي لا تناقش في صحة وجوده في كربلاء أو لا؟ بمجرد من ذكر بأنه من المقاتلين مع الحسين «عليه السلام» في كربلاء أقبل قوله.؟

(6) عادل: أي وازن.

(7) الديدن: العادة.

(8) حجاج: والد جابر الممدوح.

النوازل: المصائب النازلة.

(9) المباهل: أراد به  الإمام الحسين «عليه السلام» الذي شاركه الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في مباهلة أهل نجران في المدينة.

(10) الرجاء: أراد باحتمال وجوده جاز فيه الرثاء لحصول الأجر، بمقتضى أدلة التسامح في السنن.

واصل: الأمر بالتواصل والمتابعة.

(245)

 

(246)

 

(24)

جابر بن عروة الغفاري

(ق18.ق.هـ- 61هـ = 615- 680م)

 

        إثنا عشر شخصاً ملقبون بالغفاري وردت أسماؤهم في مجمل المصادر القديمة والحديثة، أربعة منهم لاشك أنهم من التصحيف، بقي منهم ثمانية أشخاص وقع الخلاف عليهم، ولكن أربعة منهم إخوة، وربما أشقاء هم: جابر وعبد الرحمان وعبد الله وعثمان أبناء عروة الغفاري.

        قد وقع في إسم والد عبد الرحمان وعبد الله وعثمان تصحيف حيث ذكره بعضهم عزرة أو فروة بدل عروة، ومثل هذا يقع في رسم الخط، وسنأتي على بيان ذلك في ترجمة عبد الرحمان، وأما جابر فلم نجد من ذكر أباه غير عروة.

        وبنو غفار دون شك ينتمون إلى غفار بن مليل بن ضمرة (ابن أبي بكر) بن ليث بن بكر بن عبد مناة [مناف] بن كنانة بن خزيمة بن مدركة (عمرو) بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان(1).

        جابر بن عروة الغفاري لم نجد له ذكراً في الزيارتين الناحية والرجبية ولا في التسمية والحدائق، ولكن جاء في مقتل أبي مخنف(2) ما نصه: وبرز من بعده- موسى بن عقيل- جابر بن عورة الغفاري وكان شيخاً كبيراً قد شهد مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم بدرٍ ووقعات غيرها، فجعل يعصب حاجبيه

_________

(1) راجع معجم أنصار الحسين (غير الهاشميين): 1/152.

(2) مقتل الحسين لأبي مخنف: 115، تاريخ أبي مخنف في مقتل الحسين: 35، وأما في نسخة الينابيع: 2/168 فجاء عروة الغفاري ونظنه من التصحيف.

(247)

 

ويرفعهما عن عينيه والحسين «عليه السلام» ينظر اليه ويقول شكر الله سعيك يا شيخ، ثم حمل على القوم وهو يرتجز ويقول:

قد علمت حقاً بنو غفـــــــــــار

وخندف ثم بنو نـــــــــــــــزار

ينصرنا لأحمد المختـــــــــــار

يا قوم حاموا عن بني الأطهار

الطيبين السادة الاخيـــــــــــار

صلى عليهم خالق الأبــــــرار

        ثم حمل ولم يزل يقاتل حتى قتل ثمانين فارساً وقتل أمام الحسين «عليه السلام».

        ولعل منه نقل صاحب الأسرار(1) وجاء ذكره في المستدركات(2)، ومن(3) نقل بأن إسمه ورد في مقتل الخوارزمي فلا يصح حسب ما هو في متداول اليد، وهناك من نسب الرجز إلى قرة بن أبي عروة الغفاري كما في هامش الفتوح(4) وهناك من نسب البيتين الأولين إلى كل من أخويه عبد الرحمان وعبد الله(5)، ولا يخفى أن لكل من عبد الرحمان بن عروة وعبد الله بن عروة، وقرة بن أبي قرة رجزاً(6) قد يشترك ويتداخل بيت منها مع بيت آخر، وقد أشرنا إلى ذلك لدى نقل أشعارهم في الديوان.

_________
(1) راجع أسرار الشهادة: 2/236 إلا أنه أضاف في عدد المقتولين على يده، وجاء ذكره في ناسخ التواريخ: 2/312 عن شرح الشافية ونظنه أنه الشرح على شافية أبي فراس والذي هو تأليف محمد بن أمير الحاج، وكذا نقل عن صاحب الحوادث للشيخ محمد باقر على ما ورد في وسيلة الدارين: 112.

(2) مستدركات علم رجال الحديث: 2/103 عن عطية الذرة.

(3) حيث ورد في وسيلة الدارين: 112، وفي فرسان الهجياء: 1/54 نقلا عن شرح الشافية.

(4) الفتوح: 5/195.

(5) راجع ديوان القرن الأول: 1/189.

(6) راجع ديوان القرن الأول: 1/187 و191 و192 و194 و206.

(248)

 

        والحاصل: أنه إن صح وجوده في كربلاء فإنه قتل مبارزة، ونحن هنا أمام نص واحد وهو ما رواسه أبو مخنف، وكل ما نقل فينتهي إليه، وفيه قد وصفه بالشيخ الكبير بحيث نزل حاجباه على عينيه، وهذا عادة يحصل بعد الثمانين، وذكر أنه شارك في معركة بدر والتي وقعت في السنة الثانية للهجرة، ومعنى ذلك أنه في بدر لابد وأن يكون له من العمر نحو عشرين سنة لتكون ولادته قبل الهجرة بثماني عشرة سنة، والله العالم بحقائق الأمور.

        وعلى فرض صحة أنه أخ لعبد الله وعبد الرحمان إبنا عروة، وبناءً على صحة ما أورده صاحب الإبصار(1) فإن جده حراق بن عمرو بن صغير بن حرام بن غفار، ولكن ورد في جمهرة النسب للكلبي(2) ما نصه: «عبد الله وعبد الرحمان إبنا قيس بن أبي غرزة، واسمه عبد العزى بن عمرو بن حزبة بن حارثة بن غفار، قتلا مع الحسين صلى الله عليه، وورد في كتاب ابن الأعرابي(3) عبد العزى بن عمير بن وهب بن حراق بن حارثة بن غفار » ولكننا لم نجد هذا النص في كتابه بل ذكر بأن قيساً أباه أبي عرزة، وهذا الانتساب بالشكل الذي نقله الكلبي ورد في الإصابة(4)، حيث أورد في نسب قيس ابن أبي غرزة بفتح المعجمة والراء ثم الزاي المنقوطة ابن عمير بن وهب بن حراق بن حارثة بن غفار الغفاري وقيل الجهني أو البجلي، ولا يخفى أن بني غفار من عدنان والجهنيين والبجليين من قحطان ولا يجتمعان، وبنو بجيلة وبنو جهينة لا يجتمعان إلا في سبأ بن يشجب الأول القحطاني(5).

        وأخيراً فإن موطنه الكوفة بالسكنى حيث جاء في التهذيب(6): له صحبة، نزل الكوفة، أعني قيساً.

____________
(1) إبصار العين: 191.

(2) جمهرة النسب: 156.

(3) كتاب ابن الأعرابي المسمى بكتاب المعجم: 1059، وابن الأعرابي هو محمد بن زياد المعروف بابن الأعرابي راوية نسابة عالم باللغة، ولد سنة 150هـ وتوفي في سامراء سنة 231هـ.

(4) الإصابة: 3/256 راجع أيضا كتاب الطبقات لخليفة بن خياط: 33 وفيه «قيس بن أبي غرزة بن عمير بن وهب بن جرواق بن حارثة بن غفار من ساكني الكوفة ».

(5) راجع معجم أنصار الحسين (غير الهاشميين): 1/82 و97 و152.

(6) تهذيب التهذيب: 4/570.

(249)

 

        وقلت في الغفاري جابر قصيدة مدح ورثاء بعنوان: «وجد جابراً» من بحر الرجز(1) أنشأتها بتاريخ: 2/7/1431هـ:

إبحث وجد عن جـــــابر              يوم الطفوف الغابــر(2)

واكشف تفاصيـــــلاً بدت             فيها دواعي الناصـر(3)

كل يرى في سبط طـــــا              ها مسلكاً للقـــــــادر(4)

أهدافهم جاءت ســــــــوا              لاشك في ذا الخاطر(5)

لكن أرى فيهم خصــــــا              لا قد يراها ناظــري(6)

كل تحلى مــــــــــــــيزةً              تحكى بوصفٍ نـادر(7)

ما جابر عند العـــــــــدا               إلا سمي الماهـــــــر(8)

يصطادهم بين الــــورى              كالنسر صيد الكاسر(9)

لا يكتفي إلا بســــــــــر               ب في فضاءٍ طائـر(10)

كي يبحثوا عن صيدهم               في طائلٍ لا قاصـر(11)

من عروةٍ غفـــــــارها                أفدى لذات الجابــر(12)

___________

(1) وزنه: مستفعلن ×4.

(2) الغابر: السابق القديم.

(3) الدواعي: النوايا والأسباب والدوافع.

(4) المسلك: المعبر والسبيل.

(5) الخاطر: البال، والنفس.

(6) الناظر: البصر.

(7) تحكي: تماثل، وتشبه وتقلد.

(8) الماهر: الرائع البارع.

(9) الكاسر: الجارح.

(10) يكتفي: يقنع ويرضى.

(11) القاصر: الإحجام والضعف.

(12) عروة: يعني به أبا جابرٍ.

(250)

 

(25)

جبلة بن عبد الله الكوفي
(ن38- 61هـ = 658- 680م)

 

        جبلة بثلاث فتحات إسم استخدم علما للمكان وللأشخاص، أصله مأخوذ من الجبل محركة بفتحات وهو الوتد والشيء الفخم ومن هنا سمي الجبل جبلا، وقد تسمى بذلك عدد من الأعلام(1).

        ورد إسم جبلة في الزيارة الرجبية(2) دون أن يلقبه أو ينسبه، ولم يرد له ذكر في زيارة الناحية بل المذكور هو جبلة بن علي الشيباني(3)، ومن المستبعد اتحادهما، لاختلاف إسم الأب بما لا يمكن القول بالتصحيف، وقد ذكرا معاً في المعجم(4) باعتبار ورود أحدهما في زيارة الناحية والآخر في الزيارة الرجبية، ولم يشر إلى اتحادهما.

        واحتملنا من مثله أن يكون عمره لا يقل عن اثنين وعشرين سنة، والله العالم بحقائق الأمور.
        ومن المرجح أنه كان كوفياً فلذلك وصفناه بالكوفي، وما دام لم يذكر إسمه في سجل المستشهدين في الحملة فالمرجح أنه استشهد مبارزة ولكن لم نجد له رجزاً.

        وقد قمت برثائه بقصيدة من الرجز المقبوض(5) بتاريخ: 27/12/1433هـ بعنوان: «يوم السلة»:

_________
(1) راجع تاج العروس: 28/180.

(2) وقع التسليم عليه في المرتبة 37.

(3) وقع التسليم عليه في المرتبة 49.

(5) معجم رجال الحديث: 4/24- 25.

(6) وزنه: مستفعلن مستفعلن مفعولن ×2.

(251)

 

قد قاوم الأحرار يوم السلــــــــــة             إذ كان منهم من يسمى جبلــــــه(1)

نادوا أما فيكم حكيم حـــــــــــــــر            يصغي إلى .. هيهات منا الذلـــــه

فينا بنو الهادي وأطفال مــــــــــن            آل الهدى بل نسوة كالهلـــــــــــه(2)

هذا ابن عبد الله يحمي سبطـــــــاً             قرماً شهيداً شاهداً للملــــــــــــــــة

سلم عليه مثلما جــــــــــــاء التسـ            ـليم الذي فيه أتى والثـــــــــــــله(3)

تكريمه فرض عليــــــــــنا والأنـ             ـصار الكرام استهدفوا في الطله(4)

باتوا على ترب الفلا صرعى أيـ             ـاماً بـــــــــلا كفن ودفن، غسله(5)

ماذا على من سم في رمـــــحٍ أو             سيفٍ وفي ســـــــــهم كذا في نبله

هذا حسين شك جسماً في طــعـ              ـن عن مئاتٍ حـــدثوا عن غله(6)

لا تسألوا عن ملةٍ في جهـــــــل              عاشوا وفي حقدٍ قــضوا في العله

في جبلةٍ أو غيره من أنصــــتا               ر المفتدى ها فابحثـــوا عن حله

_________

(1) السلة: يقال: أتيناهم عند السلة، بالفتح على المرة، وعند السلة بالكسر على النوع، أي عند استلال السيوف.

(2) الهلة: البدور.

(3) الثلة: الجماعة من الناس.

(4) الطلة: العتق، كناية عن الذبح.

(5) صرعى: قتلى.

(6) شك: طعن بالسيوف أو الرماح فاشتبكت في جرحه كاشتباك الشوك.

 

(252)

 

(26)

جبلة بن علي الشيباني

(ن25- 61هـ = 645- 680م)

 

        جبلة بن علي الشيباني.

        ورد إسمه في زيارة الناحية(1) كما ورد في التسمية(2) والحدائق(3) وفي المناقب(4) أنه استشهد في الحملة الأولى.

        هناك من ادعى أنه متحد مع جبلة بن عبد الله الكوفي المتقدم ذكره(5) ولعل فكرة الاتحاد جاءت من ذكر ابن عبد الله في الزيارة الرجبية من دون ذكر ابن علي، والعكس أيضا صحيح حيث أن ذكر ابن عبد الله لم يرد في زيارة الناحية بل ورد اسم ابن علي، وقد نسبه في الناحية ولم ينسبه في الرجبية، ولا يمكن البت باتحادهما حيث أن صاحب المعجم(6) أوردهما معاً.

        هذا ولم نجد لابن علي من ذكر في غير الذي تقدم إلا في الذخيرة(7)، وجاء نصه كالتالي: «قال عليه الصلاة والسلام في الناحية: السلام على جبلة الشيباني، أقول: قال العسقلاني في الإصابة: هو جبلة

___________
(1) جاء التسليم عليه في المرتبة 49.

(2) التسمية: 155.

(3) الحدائق الوردية: 1/250.

(4) مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: 4/113.

(5) راجع أنصار الحسين: 79.

(6) معجم رجال الحديث: 4/34 و35 لم يشر إلى اتحادهما ألبتة بل اعتبرهما شخصيتين.

(7) ذخيرة الدارين: 427.

(253)

 

[جنادة] بن علي بن سويد بن عمرو بن عرفطة... ابن ربيعة الشيباني، وأورده الطبراني وأبو نعيم وغيرهما عن مطين(1) بسنده إلى عبيد الله بن أبي رافع حيث قال: إن جبلة بن [عليٍ] عمر الشيباني فيمن شهد صفين مع علي بن أبي طالب «عليه السلام»، وقال جملة أهل السير والتراجم: كان جبلة بن علي شجاعاً من شجعان أهل الكوفة قام مع مسلم بن عقيل أولاً، فلما خذل مسلم وقتل، فر واختفى عند قومه، فلما جاء الحسين «عليه السلام» إلى كربلاء جاء إليه أيام المهادنة، وقال صاحب الحدائق: فلما شب القتال يوم الطف تقدم جبلة بن علي الشيباني بين يدي الحسين «عليه السلام» فقاتل مبارزة حتى قتل، وقال السروي: قتل في الحملة الأولى، وقال ابن شهرآشوب في المناقب: ومن المقتولين يوم الطف في الحملة الأولى جبلة بن علي الشيباني رضوان الله عليه ».

        ولكن الموجود في الإصابة(2) ما يلي: «جبلة بن جنادة بن سويد بن عمرو بن عرفطة بن الناقد بن تيم بن سعد بن كعب بن عمرو بن ربيعة الخزاعي » فأين نقله عما سطر في الإصابة، ولم نجد في الإصابة غير هذا، وللعلم أن هذه الطبعة هي التي كانت لديه لأنها طبعت في عصره، نعم إنه خلط بين شخصين ذكرتهما الإصابة، فالأول هو الذي ذكرناه والثاني هو: جبلة بن ثعلبة الأنصاري الخزرجي البياضي.. ذكره مطين بسنده إلى عبد الله بن أبي رافع فيمن شهد صفين مع علي من أهل بدر، أورده الطبراني وأبو نعيم وغيرهما(3)، وأما ما نص عليه الطبراني في معجمه(4) هو: جبلة بن عمرو أخو أبي مسعود حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي قال: وفي حديث عبيد الله بن أبي رافع في تسمة من شهد مع علي بن

___________
(1) مطين: لقب لابي جعفر محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي (202، 297هـ) سئل عن سبب تقليبه بمطين فقال: كنت ألعب مع الصبيان وكنت أطولهم فنسبح ونخوض فيطينون ظهري فبصر بي يوماً أبو نعيم، فقال لي: يا مطين لم لا تحضر مجلس العلم؟ فلما طلبت الحديث مات أبو نعيم وكتبت عن أكثر من خمسمائة شيخ.

(2) الإصابة: 1/223.

(3) الإصابة: 1/223.

(4) المعجم الكبير للطبراني: 2/287.

(254)

 

أبي طالب رضي الله عنه: جبلة بن عمرو »، وهو بعيد كل البعد عمن نتحدث عنه، وأما أبو نعيم(1) فلم نجد له ذكراً في حليته، وأما غيرهما فإنه لم يفصح عن ذلك ولم نعثر على من ذكره، وأما قوله: جملة أهل السير فلم يصرح لهم، ولعل أراد بهم خطباء المنبر الحسيني والذين لا يعتمد على نقلهم.

        وأما قوله: شهد صفين مع علي «عليه السلام» وكان مع مسلم بن عقيل فلم نجد له مصدراً، هذا وقد نقل عنه صاحب التنقيح(2) من دون ذكر إسمه، بل قام صاحب الإبصار(3) بالنقل عنهما من دون ذكر إسمهما باسم جبلة بن علي الشيباني، ومن هنا أنكر صاحب القاموس على التنقيح لدى شرحه له بقوله: «أقول: وقوع التسليم عليه في الناحية صحيح، وأما كونه مع مسلم فلم يذكر- في- أي سيرة ذكره »، وأما قوله قال السروي ثم قال ابن شهرآشوب فإنه من الخطأ لأن السروي هو ابن شهرآشوب.

        وما ورد قبل ذلك في الذخيرة فإنه من الخلط بينه وبين جبلة بن عمرو أخي أبي مسعود وهو مجرد خطأ، وإلا فهما شخصيتان، فابن عمرو خزرجي وهذا شيباني، هذا وقد شككوا في كونه أخا أبي مسعود أيضا، هذا والخزرجي في الواقع هو الملقب بالأنصاري.

        ونقل الأعيان(4) عن الذخيرة- على ما يظهر- وعبر عنه: «وفي كتاب لبعض المعاصرين لا يعتمد على نقله » إلى أن يقول: «ولم يتيسر لي الآن التفحص عن حاله ».

        ونسبه صاحب الأنصار(5) إلى بني شيبان العدنانية، ولكنه لم يحدد أياً منهم هذا، حيث هناك شيبان بن ثعلبة بن عكابة العدناني، وشيبان بن

__________
(1) الظاهر أن المراد به صاحب حلية الأولياء، ومع البحث في كتابيه حلية الأولياء وتاريخ إصفهان فلم نحصل على ذلك.

(2) تنقيح المقال: 1/207.

(3) إبصار العين: 288.

(4) أعيان الشيعة: 4/66.

(5) أنصار الحسين: 79.

(255)

 

ذهل بن ثعلبة بن عكابة العدناني، وشيبان بن عبيد بن ثعلبة بن يربوع بن حنظلة العدناني(1)، ولكن صاحب التسمية شخصه بشيبان بن ثعلبة بن عكابة، وعكابة هذا هو ابن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن افصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن كلب بن ربيعة الفرس بن نزار بن معد بن عدنان.

        وعلى أي حال فلو صحت المعلومات التي لم نتمكن من التأكد منها فيحتمل أن تكون ولادته في حدود سنة 25هـ، والله العالم.

        وعلى ما قدمناه هو كوفي شيباني وائلي عدناني، قتل في الحملة الأولى.

        وقلت فيه مادحاً وراثياً بقصيدة من بحر المتدارك(2) بتاريخ: 9/1/1435هـ بعنوان: «قضى شاهداً شهيدا»:

جبلة من علي قضى شاهــــدا        بل شهيداً بطـــف مضى حامدا(3)

ذا لشيبان حيث انتمى لا ينـي في قتال الـــعدى قد بدا صامدا(4)

لم يكن خائفاً بل أتى راشـــداً نحو من خاب طاها بذا قاصدا(5)

هكذا يرتضي من يوالي عليـ ـاً كــــــــــذا فاطماً أحمداً والدا(6)

كربلا صادقت قوم جورٍ وما ناصرت سبط ياسين لا ساجدا(7)

لم تكن نينوى حينها سلـــمت لـــو درت ما جرى هكذا ناقدا(8)

ربما هدأت روعها بالــــذي          قد مشى فوقها صه قفوا حامدا(9)

_____________
(1) راجع معجم أنصار الحسين (غير الهاشميين): 1/131.

(2) وزنه: فاعلن ×8.

(3) الحامد: الشاكر.

(4) العدى: واحدها العدو وهو الخصم.

(5) خاب: خيب، لم ينصره.

(6) يوالي: يناصر ويشايع.

(7) صادقت: صاحبت.

(8) سلمت: بمعنى استسلمت.

(9) صه: إسم فعل بمعنى أسكت، وهو واحد لفظاً للمذكر والمؤنث، جمعاً وفرداً.

(256)

 

بعدها زلزلت ما رقى بالهـــــــــا             هكذا عرشه ما بقى قاعـــــــدا(1)

هل ترى أهل بيت الهدى كان فيـ            ـهم بذا ظل في راحـــــةٍ راقدا(2)

جبلة زينة في ربى أهـــــــــــــله             نال ذكراً حميداً ووصفاً راشدا(3)

إذ غدا بين من يرتقي في العــلا              وصفه نوره قد شظى واقـــــدا(4)

إنني لا أرى ميزةً بين جــــــــو              نٍ ومن قد فدى زينباً ماجــــدا(5)

____________
(1) رقى: شفي بعمل الرقية.

(2) الراقد: النائم.

(3) الراشد: الصالح المهتدي.

(4) شطى السقاء أو الدلو: ملىء فارتفع ما فيه.\

(5) الجون: يعني به جون بن حوي النوبي أحد المستشهدين في كربلاء، والذي كان مولى أبي ذر الغفاري.

(257)

 

(258)

 

(27)

جرير بن يزيد الرياحي

(22- 61هـ = 643- 680م)

 

        جرير: فتح أوله على زنة قتيل، إسم يعني الحبل المصنوع من الأدم، ويطلق على غيره من الحبال المضفورة، وفي الحديث أن الصحابة نازعوا جرير بن عبد الله زمانه، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «خلوا بين جرير والجرير » أي دعوا له زمامه(1)، وقد سمي بذلك عدد من الأعلام والشعراء.

        لم يرد ذكره إلا في الزيارة الرجبية(2) في الرتبة الثانية من الأنصار، وقد اعتبر ذلك تصحيفاً للحر بن يزيد الرياحي، ولكن ورود إسم الحر في ذات الزيارة بالمرتبة السبعين(3) مما يأبى التصحيف، هكذا ورد في المصباح(4) ونقل عنه البحار(5)، ومن الغريب أن معظم الذين تحدثوا عن الأنصار وعن الزيارة الرجبية لم يذكروه، والأغرب أنهم أوردوه في الزيارة ولدى العد أسقطوه، ولم يشيروا إليه(6)، ولكن في نسخة الإقبال(7) أورده حر بن يزيد الرياحي، وأسقط في بعض نسخة الحر بن يزيد المذكور في آخر الزيارة بحجة التكرار.

        ومن المستبعد أن يكون تصحيفاً لبكير بن الحر بن يزيد الرياحي

________
(1) تاج العروس: 10/400.

(2) معجم أنصار الحسين (غير الهاشميين): 1/219.

(3) معجم أنصار الحسين (غير الهاشميين): 1/222.

(4) مصباح الزائر: 155.

(5) بحار الأنوار: 98/340.

(6) أنصار الحسين: 163.

(7) إقبال الأعمال: 713 و714.

(259)

 

المتقدم ذكره، ولا هو تصحيف لمصعب بن يزيد الرياحي، ولا مجال إلا القول بأنه أخ للحر بن يزيد الرياحي، وعليه فإن نسبه كنسبه.

        وأما بالنسبة إلى عمره على فرض وجوده واستشهاده فالظاهر أنه أصغر من أخيه الحر الذي ولد في حدود سنة 21هـ، وإذا ما قلنا في أخيه مصعب أنه ولد بعد سنة 21هـ فلربما هذا ولد بعده بعام، والله العالم بحقائق الأمور، ولمزيد الكلام أنظر ترجمة الحر ومصعب.

        ولقد رثبته بهذه القصيدة من بحر الرمل(1) بتاريخ: 17/1/1435هـ بعنوان: «هذا جرير»:

هل يزيد نجله هذا جرير؟            من رياحٍ أصله هذا كبير(2)

هل ترى خلط أتى في شخصه؟ أم           إمحى عمداً كما يهوى الحقير(3)

لا تسل عن هكذا جرم ولا تعــ               ــمد إلى إجهاض حق ذا يصير

إنني لا أنكر القرم الذي في          كربلا إذ ربما ينفي المشير

قد أرى فيه أخاً للحر من حيــ                ـث العلى ذا والد ذاك البصير

هكذا يربوع جد واحد أي             منهما في الإنتما جاء النفير(4)

لا أرى ضيراً إذا قلنا شهيداً          يرتوي كأس الردى إذ ما يسير

إذ له ذكر لدى بعض الورى كالــ            ـمجلسي فيما روى عنه الخبير(5)

في الوفا حدث بلا مين فهذا الـ               ـموقن المولى الذي فيه النظير(6)

قد كفاه مفخراً في كربلاء ذكــ               ـر له جارٍ علا وهو البشير(7)

________

(1) وزنه: فاعلاتن ×6.

(2) رياح: يريد بها قبيلته.

(3) امحى: زال وذهب ذكره. ويمحى لغى ضعيفة.

(4) يربوع: أحد أجداد جرير ب يزيد الرياحي.

(5) المجلسي: صاحب «بحار الأنوار» الشهير.

(6) المين: الكذب.

(7) الجاري: الذكر الطائر الذائع الصيت على مر الأزمان.

(260)

 

حول الزاكي مع الحر الذي انـ               ـتابه العقل الذي فيه الـنذير(1)

إذ أتى السبط المفدى باحثاً عن               جنة المأوى وذا أمر خطير(2)

 

_______
(1) إنتابه: الشيء، أصاه وأتاه.

(2) الخطير: العظيم.

(261)

 

(262)

 

(28)