معجم  أنصار الحسين عليه السلام  (غير الهاشميين)  (الجزء الثاني)

اسم الکتاب : معجم أنصار الحسين عليه السلام (غير الهاشميين) (الجزء الثاني)

المؤلف : للعلامة المحقق الشيخ محمد صادق الكرباسي
المطبعة : المركز الحسيني للدراسات لندن ـ المملكة المتحدة

 

 

 

من سليم وفكرة كون الأب عمراً من سالم بن عمرو مولى بني المدينة، ومما تجب الإشارة إليه أن بعض المصادر ذكروه مولى من المدينة، وهذا خطأ بل بنو مدينة هم قبيلة من بطون بني الكلب بن وبرة القحطانية، عرف زيد بن سلمة بن كلب باسم أمه مدينة(1) وقد ذكره الطوسي في رجاله(2) ولكنه لم يذكر بأنه استشهد معه، وجاء في زيارة الناحية سالم مولى بني المدينة(3) وعلى اي حال فإن بين سالم وأسلم تصحيفاً في مولى بني المدينة، ويظهر أيضاً الاتحاد ما بين مولى بني كلب ومولى بني المدينة لأنهم كلبيون.

        ومن المرجح إرجاع أسلم مولى الحسين «عليه السلام» إلى سليمان الذي استشهد في كربلاء على يد سليمان، وأما عن تحديد أبيه بعمرو فلا دليل لنا على ذلك، وما ورد في إبصار العين لا يمكن الاعتماد عليه كما من سبقه مثل صاحب الذخيرة، حيث لم نجد أسلم بن عمرو الديلمي التركي فيمن استشهد مع الإمام الحسين «عليه السلام» إلا إذا قيل بأن سليمان هو تصحيف لأسلم، كما لايمكن البت بكون أبيه عمرو، ولكن يمكن تطبيق الغلام التركي مولى الحسين «عليه السلام» على سليمان المتقول في كربلاء، وحينها يصح القول بأنه كان يتكلم العربية وهو كاتب الحسين «عليه السلام» وغيرها، والله العالم بحقائق الأمور.

        ولو قلنا بالاتحاد مع سليمان فالبقطع أنه ليس الذي قيل، كان رسولاً للحسين «عليه السلام» لأهل البصرة، ومن المفترض أن يكون عمره في حدود ست وعشرين سنة على أقل التقدير، إذ لو صحت المواصفات التي ذكرت فيه أن شراءه كان بعد وفاة الإمام الحسن «عليه السلام» سنة 50هـ، وأنه كان في عمر يمكنه أن يصبح كاتباً، وإن صح أنه مولى ومن الديلم فإن الأسر يكون قد تم في سنة 34هـ، كما سبق وقلنا، فلا بد وأن تكن ولادته قبل سنة 34هـ، والله العالم بالحقائق.

__________
(1) معجم أنصار الحسين (غير  الهاشميين): 1/174.

(2) رجال الطوسي: 71 وجاء فيه مولى من المدينة ولكن جاء في التسمية: 155 إسم مولى بني كلب.

(3) الإقبال: 573- 577 بالمرتبة الخمسين.

(156)

 

        ولعلنا نرجح أن يكون المقتول معه في كربلاء هو سليم الذي ذكره الطوسي وصرح بأنه قتل معه في كربلاء ولم ذكر بأنه قتل في البصرة ليطبق ما أورده الطبري في عداد المقتولين في كربلاء سليمان المغاير مع الرسول الذي قتل في البصرة، فأسلم هذا وسليم الثاني واحد غير مغاير له، بل هو مغاير مع أسلم أو سالم مولى بني المدينة أو مولى بني كلب، وعلي تنطبق كل الصفات، والرجز اللامي يكون له دون الرجز الرائي، والله العالم بحقائق الأمور.

        وفي النهاية لا بد من الإشارة إلى ما ورد في المناقب(1) ما نصه: «وروي أنه غلام تركي للحر وجعل يقول- اللامية- » هو تصحيف عن «للحسين » فيكون الغلام للحسين لا للحر، والله العالم، وعليه ذهب أكثر المحققين.

        ونوكل بقية النقاش إلى سالم وسليم وسليمان وغيرهم ممن وردت أسماؤهم هنا، واحتمل البعض اتحاده مع أسلم.

        وفي نهاية المطاف لابد من تفنيد ما ورد في كتاب بعض المعاصرين(2) من القول باتحاد أسلم بن كثير الأزدي مع أسلم بن عمرو، ولا نعلم كيف يمكنه التوفيق بين ذلك وأنت ترى الأزد عرباً وأن أهل ديلم أو الترك ليسوا بعرب، وأنت ترى بأن كثيراً وعمراً واحد، وهذا غريب قوله جداً، ومن المؤسف أنه يضع في آخر مقاله مجموعة  من المصادر إلا أنه لا يوجد فيها ما ذكره، وفي الروضة(3) لا وجود لإسم أسلم بل غلام تركي مولى الإمام الحسين «عليه السلام»، لا بالمواصفات التي ذكرناها ولا في غيرهما من المصادر التي ذكرها هذا الجمع، نعم أسلم بن كثير الأزدي هو تصحيف لمسلم بن كثير الأزدي، حيث ورد من شهداء الأزد في كربلاء مسلم بن كثير كما في كتاب التسمية(4) وغيره، وسيتم البحث عنه فيمن إسمه مسلم من الشهداء في كربلاء.

____________
(1) مناقب آل أبي طالب لإبن شهرآشوب: 4/104.

(2) ياران پايدار إمام حسين: 30.

(3) روضة الشهداء: 384.

(4) التسمية : 156، رجال الطوسي: 80 وقد وصفه أيضاً بالأعرج إلا أنه لم يذكر استشهاده في كربلاء.

(157)

 

        وقد قلت في مدحه ورثائه قصيدة من بحر المركب(1) بتاريخ: 27/5/1432 بعنوان «نال القربى»:

من ديلم عبد أتى للحســـــــــــــــــين          لم يرتدع يوماً بحد الرديـــــــــن(2)

في خدمة المولى قضى فـــــترة حتــ         ــى صار مع زين العباد اللجيـن(3)

ترك يوالي حيدراً في بـــــــــــنيــــه          أنعم به من أسلم دون ريـــــــــن(4)

ذاك ابن عمرو قد هوى عن فـــــداءٍ         في كربلا يوم الردى عند أيــــن(5)

إخلاصه نهج جرى سيرةً فــــــــــي          دنياً ودينٍ في ذمامٍ كديــــــــــــن(6)

يرجو رضا الباري بيوم عســــــير           أسبابه قد قاربت دون ميـــــــــن(7)

يجزى به خيراً بخير وشــــــــــــراً           في مقل شر مستطير وشـــــــين(8)

إن الفتى في كربلا نال قربــــــــــى          خير الورى كسباً لفخرٍ وزيــــن(9)

ضحى لنفسٍ في وفاءٍ لمن قــــــــــد          أضحى لطه أحمدٍ نور عيــــــــــن

قد كان حراً في الوغى لا يهاب الــ          ـموت الذي فيه المنى ذات بين(10)

  

___________

(1) وزنه: مستفعلن مستفعلن فاعلاتن ×2.

(2) الديلم: القسم الجبلي من جيلان [گيلان] شمال قزوين.

الردين: رمح ينسب إلى ردينة، وهي امرأة اشتهرت بتقويم الرماح.

(3) اللجين: الذهب الخالص.

(4) الرين: الطبع والدنس.

(5) الأين: من الأبنونة وهي المكان.

(6) الذمام: الحرمة والحق.

(7) المين: الكذب.

(8) المستطير: المنتشر.

الشين: العيب.

(9) الزين: ضد الشين.

(10) البين: النفس، الضمير.

(158)

 

(10)

أسلم بن كثير الأزدي

(...-...هـ = ...-...م)

 

        أسلم بن كثير الأزدي الأعرج.

        ورد إسمه في زيارة الناحية في المرتبة الحادية والخمسين(1) ولم يرد إسمه بهذا الشكل في الزيارة الرجبية، ولكن جاء في رجال الطوسي مسلم بن كثير الأعرج(2)، ولكن لم يصرح بأنه كان من المستشهدين بين يديه بل عبر عنه بأنه من أصحابه «عليه السلام»، وذكره المناقب باسم مسلم بن كثير في المستشهدين في الحملة الأولى(3)، وورد التسليم عليه في الزيارة الرجبية برقم ست وستين باسم سليمان بن كثير(4)، وجل  المؤلفين وبالأخص المحققين منهم قالوا باتحادهم، وذكروه في مسلم بن كثير الأزدي فإلى هناك.

        وقد مدحته بقصيدة باسم أسلم والذي هو من الأقوال التي ضبطت في إسمه بعنوان: «نحو الوغى رمما» من بحر البسيط المخبون(5) وهو مشطر بالميم في صدره وبالنون في عجزه وذلك بتاريخ: 26/6/1433هـ(6):

___________
(1) الإقبال: 573 وعنه البحار: 98/269- 274 وغيره.

(2) رجال الطوسي: 80.

(3) مناقب آل أبي طالب لإبن شهرآشوب: 4/113.

(4) الإقبال: 713.

(5) وزنه مستفعلن فعلن ×4.

(6) لم تصرح الأبيات لأنها من المشطر الذي صرع عروضه وضربه بحرفين قريبي المخرج وهما الميم والنون، وهو ما عرفه القدامى من التصريع شعراً، وفي بعض الأساجيع نثراً.

(159)

 

إني أرى علماً، قاد الورى أممـــــــــــا               تجري البرا فنناً يوم القرا عدنــــــــا(1)

أزد خطا قدماً، نحو الوغى رممـــــا(2)               خذ أسلما قرناً، رغم الردى فدنـــــــا(3)

قد جاء منتقماً، ممن هوى صنمـــــــــا               في كربلاء فتناً، قد جال ممتحنـــــــاً(4)

يرنو إليه فما، يرجو له نعمــــــــــــــاً                خير الورى منناً، من يقتني حسنــــا(5)

هذا حسين بما، قد يحتوي كرمـــــــــا                عند العلى سكناً، يعطى بما غبنــــــا(6)
نجل الكثير حمى، سبطاً بذاك سمـــــا                ديناً كذاك دناً، بل جنــــــــــــــــةً سكنا

قيه الوفا علماً، يعلو به قـــــــــــــــمما                يسري علاً علناً، بـــــل قد نما وسنا(7)

إبكوا عليه كما، فينا قضى سقمـــــــــا                إن تبك طرف هنا، يغسل هناك عنا(8)

إمدح وقل: كلماً، تسعد بذا رحــــــــما                سجــــــــل بذا رقناً، كيما تكن فطنا(9)

يا رب فيك دماً، أعطى وكان جما(10)                       إرحم بـــــــه شجـناً، قد صار فيه غنا

ذا مسلم سقماً في أســــــــــــــلمٍ رقما                 ارجع به لبنـــــــى، ميم وقد وطنا(11)

____________
(1) العدن: السكن والإقامة.

(2) القدم: المضي أمام، يقال مضى قدماً، أي لم يعرج ولم ينثن

(3) قرن: المقرون بآخر.

دنا: إقترب.

(4) الممتحن: المبتلى.

(5) المنن: الإفضال والكرم.

(6) الغبن: الخديعة، والمعنى يكرم ويعطى بمقدار ما خدع به من أعدائه، من باب رد السيئة بالحسنة.

(7) سنا: صار ذا رفعة وسناءٍ، أي مكانة ومنزلةً.

(8) العنا: مقصور العناء، الشقاء، والمحنة.

(9) الرقن: رقن الكتاب، زينه وحسنه.

(10) جما: بفتح وضم أوله وفتح ثانيه، ورم في الجسد.

(11) مشيراً بذلك ان ترجمته ستأتي في مسلم لأن أسلم تصحيف لمسلم.

(160)

 

(11)

أشعث بن سعد الطائي

(ن30- 61هـ = 650- 680م)

 

        أورده صاحب الروضة(1) قائلاً: نقل بأن محمد بن مقداد وعبد الله بن أبي دجانة إستأذنا من سيدهما- الحسين «عليه السلام»- للبراز، وقد قاتلا قتال الشجعان وقتلا جماعة من الأعداء حتى بان الإرهاق عليهما، وحاولا الرجوع إلى الإمام الحسين «عليه السلام» عندها فاجأهما عدد من الفرسان وحاصروهما، عندها خرج سعد وهو من موالي أمير المؤمنين علي  «عليه السلام» مع خمسة من الأنصار وموالي الحسين «عليه السلام» وهم قيس بن ربيع، وأشعث سعد، وعمر بن قرط، وحنطمة، وحماد لنصرة محمد بن مقداد وعبد الله بن أبي دجانة واحتدم القتال فيما بينهم، وقد استشهدوا جميعاً لكثرة المهاجمين وتوالي الضربات عليهم، ففازوا بالجنة رضوان الله عليهم »(2).

        احتملنا أن في الاسماء تصحيفاً، منها مثلا «عمر بن قرط» إذ لعله تصحيف عمرو بن قرظة، و«حنطمة » لعله تصحيف لحنظلة، أما بالنسبة إلى أشعث سعد، فإنه لم يفصل بين الاسمين بكلمة «بن» والظاهر سقط في الطباعة أو في النسخ، إلا أننا لم نجد لهذا الاسم في كتب المقاتل ولا الرجال ذكرن ولم نتمكن من الوصول إلى أي احتمال أو تصحيف أو ما يؤيد ذلك من مصدر آخر، وقد زاد في الطين بلة أن بعض المعاصرين(3) أورد إسمه لدى سرده لإسماء الشهداء: «أشعث بن سعد» كذا ورد العنوان إلا أنه لدى ترجمته أورد: «أشعث بن قيس بن معد يكرب بن معاوية

__________
(1) روضة الشهداء: 388.

(2) هذه ترجمة للنص الفارسي.

(3) راجع ياران پايدار إمام حسين: 32.

(161)

 

الكندي المعروف بخبثه، وأورده في شهداء كربلاء وأشار لنقله هذا مصدران هما جمهرة أنساب العرب: 425 وكتاب روضة الشهداء: 311 » ولدى مراجعة الجمهرة يبدو أنه نقل عنه فقط نسب أشعث بن قيس الكندي لا غير، ومن المعلوم أن أشعث كما ورد في التهذيب(1) ولد سنة 23ق.هـ ومات سنة 40هـ بعيد استشهاد أمير المؤمنين «عليه السلام»، وقد ارتد على عهد أبي بكر ثم أنه اسلم وكان مع علي «عليه السلام» في صفين، وجاء في المستدركات(2) أنه انقلب على علي «عليه السلام» وأصبح من الخوارج، وهو الذي قال عنه الإمام الصادق «عليه السلام»: الأشعث بن قيس شرك في دم أمير المؤمنين «عليه السلام» وابنته جعدة سمت الحسن «عليه السلام»، ومحمد ابنه شارك في دم الحسين «عليه السلام»(3).

        هذا وقد اختلط الأمر على الأميني(4) فعده من شهداء كربلاء، ونقل عنه النمازي في مستدركاته(5)، وتبعهم القمي في شهيد كربلاء(6)، وهذا خطأ كبير يجب تلافيه، وقد أوقعنا النمازي فيه عند سردنا العام للشهداء في الجزء الأول منه، وهنا نستدرك الأمر لنقول: إن أشعث بن قيس الكندي ليس  له وجود في كربلاء حيث هلك قبل ذلك، ولم يكن من الخط الموالي لأهل البيت «عليه السلام» وأما أشعث بن سعد فلا ذكر له في كتب التاريخ والسيرة، وعلى فرض وجوده فلا بد وأن يكون يوم عاشوراء في مصاف الرجال ليكون على أقل التقادير في الثلاثين من عمره، وعليه فلابد أن تكون ولادته غير متأخرة عن سنة 30هـ، والله العالم.

        وقد مدحته بقصيدة برجاء أن يكون له وجود في معركة الطف الحزينة تحت عنوان: «كمثل العسجد» من بحر الرجز(7) وذلك بتاريخ: 1/2/1438هـ:

_____________
(1) تهذيب التهذيب: 1/227.
(2) مستدركات علم رجال الحديث: 1/688.

(3) راجع بحار الأنوار: 42/228.
(4) الأميني مؤلف كتاب ياران پايدار إمام حسين: 32.

(5) مستدركات علم رجال الحديث: 1/690.

(6) شهيد كربلاء: 219.

(7) وزنه: مستفعلن ×6.

(162)

 

ما أشعث إلا كمثل العســــــــــــجد           إذ ربه قد صانه بالمهتــــــــــدي(1)

في نينوى أوفى بعهد للعلـــــــــــى            في رده ال الرسول الأمجــــــــد(2)

ما قال لا في دحر من أذوا بنـــــي           الهادي بطف إنه في المشهـــــــد(3)

سعد ابوه من عشير الطــــــــــي ذا          أنعم به مولى كريم المحتــــــــــد(4)

جارى حسيناً في الوغي في كربلا           يرجو بذا خير المنى في المقعــد(5)

صفه بذي صدقٍ لدى الله الــــــذي            حتما مليك قادر مع أحمـــــــــــد(6)

قد شككوا في شخصه لكنـــــــــــما           الملا مضى في كونه في المورد(7)

إن غربوا أ شرقوا في عدهــــــــم            ما كان ذا الا لهجر الســــــــؤدد(8)

مالي سوى القول الذي فيه الهدى             تحقيق رأي من لدن مسترشـــد(9)

ما كان معقولا فصدقه ولا تبحث             عن دقةٍ كالفقه عند المسنــــــد(10)

___________
(1) العسجد: الذهب.

المهتدي: الحسين «عليه السلام».

(2) إشارة إلى آية الود وهو قوله تعالى: (قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى) [الشورى: 23].

(3) المشهد: المحضر، أراد به ساحة القتال، أي أنه بالفعل أظهر مودته.

(4) كريم المحتد: أي كريم الأصل.

(5) المقعد: إشارة إلى قوله تعالى: (إن المتقين في جنات ونهر * في مقعد صدق عند مليك مقتدر) [القمر: 54- 55].

(6) صفه: الضمير يعود إلى المقعد.

مع أحمد: أي تراه في تلك المنزلة مع الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم).

(7) الملا: هو الملا الكاشفي صاحب روضة الشهداء، حيث ذكره في جملة المستشهدين دون الآخرين.

المورد: أي في الشهداء في كربلاء.

(8) الضمير في الفعلين غربوا وشرقوا يعود إلى الذين ترجموا الشهداء.

السؤدد: أراد منزلة الشهادة.

(9) إشارة إلى أن الأقوال متضاربة وبحاجة إلى التحقيق والدقة.

(10) إشارة إلى أن الأمور التاريخية يعتمد في قبولها على ما هو معقول وليس بحاجة إلى الدقة التي تراعى في سند الأحاديث التي تستنبط منها المسائل الفقهية.

(163)

 

(164)

 

(12)

أمية بن سعد الطائي

(ن30- 61هـ = 650- 680م)

 

        إسمه أمية بن سعد بن زيد الطائي.

        وبنو طيء ينتمون إلى جهلمة الذي عرف بطيء وهو ابن زيد بن كهلان بن سبأ بن يعرب بن قحطان، ولطيء نحو سبع وعشرين بطناً، ولم نتمكن من تحديد أمية من أي بطن من هذه البطون.

        ذكره صاحب التسمية(1) والحدائق(2) من دون ذكر جده زيد، وإنما وجدناه في الأعيان(3)، والظاهر أنه نقله عن الذخيرة(4)، ومن الغريب أنه ينقل عن الإصابة، وهي خلية عن مثل هذا، والموجود فيها أمية بن سعد القرشي(5)، وهو مغاير عن الذي نتحدث عنه، ولا نعلم من أين جاءت النسبة إلى الإصابة أهي من الخطأ في النقل أو أن لديه نسخة غابت عن الجميع، حيث أن الطبعة التي لدينا هي التي كانت لديه لأنها مطبوعة سنة 1328هـ ووفاة صاحب الذخيرة سنة 1345هـ، ولذلك قال صاحب الأعيان(6): وفي كتاب لبعض المعاصرين لا يعتمد على نقله «أمية بن سعد بن زيد الطائي »، هذا، وقد ورد في الذخيرة ما نصه: «قال العسقلاني في الإصابة: هو أمية بن سعد بن زيد الطائي.

__________
(1) التسمية: 154.

(2) الحدائق الوردية: 1/249.
(3) أعيان الشيعة: 3/498.
(4) ذخيرة الدارين: 448.

(5) الإصابة: 1/130.

(6) أعيان الشيعة: 3/498.

(165)

 

        قال علماء السير والتراجم: كان أمية بن سعد فارساً شجاعاً تابعياً، من أصحاب أمير المؤمنين «عليه السلام» نازلاً في الكوفة، له ذكر في المغازي والحروب خصوصاً يوم صفين، فلما سمع بقدوم الحسين «عليه السلام» إلى كربلاء خرج من الكوفة مع من خرج أيام المهادنة حتى جاء إلى الحسين «عليه السلام» ليلة الثامن من المحرم، وكان ملازماً له إلى يوم العاشر، فلما شب القتال تقدم بين يدي الحسين «عليه السلام» حتى قتل في أول الحرب، يعني في الحملة الأولى مع من قتل أصحاب الحسين «عليه السلام» رضوان الله عليه ».

        ورد عليه صاحب الأعيان بالنص التالي:

        « أقول: لم أجد له ذكراً في كتب السير والمقاتل كطبقات ابن سعد، وتاريخ الطبري، والكامل لإبن الأثير، والأخبار الطوال، وإرشاد المفيد، والملهوف ومناقب ابن شهرآشوب وغيرها، وقد تصفحت كتاب صفين لنصر بن مزاحم فلم أجد له ذكراً ».

        ومن الواضح أن صاحب التنقيح نقل عن الذخيرة(1)، وفي المستدركات(2) كنيته أبو صمام نقلاً عن الأميني(3)، وكل ما نقله لا إسناد له، بل يكتفى بما ورد في التسمية والحدائق.

        وعلى أي حال ومن مثله لابد وأن يكون في مرحلة الرجولة والفتوة وهو في الربيع الثلاثين من عمره لتكون ولادته قبل سنة 30هـ على فرض وجوده.

        وأما عن إسمه أمية فإن ضبطه بضم الهمزة وفتح الميم وتشديد الياء مفتوحة لتنتهي بتاء مربوطة، وهي مصغر الأمة نسبة إلى الأم، وأصبح إسم علم الأشخاص ومنهم أمية بن عبد شمس.

        هذا ولم نجد له ذكراً لا في صحابة الرسول (ص)، ولا في صحابة أمير المؤمنين «عليه السلام» كما ادعوا ذلك، كما لا ذكر له في أنصار علي «عليه السلام» في الحروب الثلاث البصرة وصفين والنهروان.

__________
(1) راجع تنقيح المقال: 1/153.

(2) مستدركات علم رجال الحديث: 1/699.
(3) لم نجد له ذكراً لكنيته في كتاب الأميني- راجع ياران پايدارن إمام حسين: 32.

(166)

 

        وجاء رثاء ومدح أمية في القصيدة التالية والتي بعنوان: «يكره الطاغي» وهو على بحر الرمل المحذوف(1) وذلك بتاريخ: 18/8/1433هـ، وقد ازدان منتصف كل شطر بحرف من الحروف الهجائية:

إبن سعدٍ ناصر للحـــــــــــــسين      جاءه من كوفةٍ دون ميــــــن(2)

رافضاً ذا بيعة من يزيـــــــــــــد      زاده فضلاً لنهج حميــــــــــــد

إسمه هذا ينادي أمــــــــــــــــية       يكره الطاغي كتلكم سمـــيه(3)

قد أتى أيضا أبوه شبيهــــــــــــاً       للعدا في عرضه كن نبيهــا(4)

ينتمي هذا غنياً لطـــــــــــــــــي       لا يناغي جده من أمـــــــي(5)

كان من أصحاب صهر الرسول     حيدر الفادي قرين البتـــول(6)

إذ أبـــــــي الصمام من اصطفاه      يوم عاشورا شهيداً نـــــراه(7)

هكذا يأتـــــي الردى من غشوم       ينتقي قرماً جليلاً في الرقيم(8)

ليته أفدى وفــــــــــــاءً صحاباً       قبل أن يأتي مـــــــــنيباً متابا

قدره فينا تعالى بـــــــــــــــــعز       فصله سامٍ ثواباً بـــــــــــفوز

حل في الأخرى حبيباً مجـــيدا        كان في الدنيا سعيدا شهيـــدا

من طغى يأتي ذليلاً أسيــــــراً        إنه أضحى ظلوماً جريرا(9)

___________
(1) وزنه: فاعلاتن فاعلن فاعلاتن ×2 من المزدوجات.

(2) المين: الكذب.

(3) سمية: أم زياد بن أبيه، زوجة عبيدٍ الثقفي، وكانت من ذوات الرايات.

(4) النبيه: الفطن.

(5) يناغي: يكلم.

(6) القرين: الزوج والبعل.

(7) إصطفاه: إختاره.

(8) الغشوم: الظلوم.

(9) الجرير: صاحب الجريرة، أي الخطيئة، والذنب على سبيل الكناية، والجرير لغة : الزمام أو الحبل من أدمٍ يخطم به البعير- راجع: اللسان، 2/241.

(167)

 

كــــل مأسورٍ طليقاً سيأتي      عكسه يأتي زنيما بمقت(1)

قد قضى ربي نعيما لنصر      من مضى فينا هنيئاً ببـــر

 

_________

(1) المقت: البغض الشديد.

(168)

 

(13)

أنس بن الحرث الكاهلي

(ن15ق.هـ - 61هـ = 607- 680م)

 

        أنس إسمه، وضبطه بفتح الهمزة والنون، والأنس محركة في اللغة الجماعة، وتأتي لغة في الإنس المكسورة الهمزة والساكنة النون والتي تعني البشر والإنسان(1)، وقد اتخذه الإنسان علما للذكور منذ العهد الجاهلي.

        جاء ذكره في رجال الطوسي(2) في عداد أصحاب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وذكر بأنه قتل مع الحسين «عليه السلام»، كما ورد ذكره في التسمية(3) مع التصريح بأن له صحبة مع الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، وذكر بأنه من بني أسد بن خزيمة، وجاء في الحدائق(4) مثله، وفي الزيارتين الناحية(5) والرجبية(6)، ولم تخل المصادر الأخرى القديمة منها والحديثة من ذكره، وجاء ذكره في الإصابة(7) محدداً حده حيث قال: أنس بن الحرث بن نبيه، ونسب إلى أكثر النسابة والمؤرخين أن له صحبة للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وإن أنكره بعضهم، وفيه عده من أهل الكوفة كما في أسد الغابة(8)، وقد روى أشعث بن سحيم «سليم » عن أبيه

____________
(1) راجع تاج العروس: 15/419.

(2) رجال الطوسي: 3/71.

(3) التسمية: 152.

(4) الحدائق الوردية: 1/248.
(5) الإقبال: 573- 577 جاء التسليم عليه في المرتبة السادسة عشرة- راجع معجم أنصار الحسين (غير الهاشميين): 1/215، باسم أنس بن كاهل الأسدي.

(6) الإقبال: 713، وقد جاء التسليم عليه في المرتبة التاسعة والستين، راجع معجم أنصار الحسين (غير الهاشميين): 1/222، باسم أنس بن الحارث الكاهلي الأسدي.

(7) الإصابة: 1/68، عن التاريخ الكبير للبخاري: 2/30.

(8) أسد الغابة: 1/146.

(169)

 

سحيم عن أنس بن الحارث أنه قال(1) سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «إن إبني هذا يقتل بأرض من أرض العراق فمن أدركه فلينصره »(2) فقتل مع الحسين «عليه السلام»، وفي الأسد والاستيعاب(3) يقال له: أنس بن هزلة.ط

        بالنسبة لى أبيه فهو الحارث بالألف كما أورده الأسد ولكن كثيراً ما يذكر بلا ألف وهذا متعارف في أنهم يكتفون بالألف القصيرة أو الصغيرة كما هو الحال في الرحمان(4) فيكتب الرحمن، وما قيل بأن أباه هزلة ليس بصحيح(5)، وأما جده فهو نبيه، ولم نتمكن من الحصول على سلسلة نسبه، فالفاصل بينه وبين جده كاهل ثمانية آباء، ثم يأتي كاهل بن أسد بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان(6).

        أما دودان ومصعب وحلمة وعمرو والحارث فهو إخوان كاهل(7) وليسوا آباءه كما تصوره البعض(8) ولعله من أبناء مازن بن كاهل الذي له ذكر في كتب النسب، وعدوه من الكوفيين وذها يعني أنه سكن الكوفة(9)

___________
(1) وما ورد في بحار الأنوار: 44/235 من رواية الأشعث عن أبيه عن أنس بن أبي سحيم فيه تصحيف فالصحيح أشعث بن سليم بن الأسود بن..

(2) ورد الحديث في الإصابة: 1/68، وفي البداية والنهاية: 8/159، وفي ينابيع المودة: 2/142، وتاريخ مدينة دمشق: 14/223، معرفة الصحابة: 1/243، وعدد من المصادر الأخرى، ولكن في الينابيع جاء أنس بن الحارث بن البيعة، ولا جرم أنه تصحيف لنبيه حيث يرويه عن الإصابة.

(3) الاستيعاب: 1/74.

(4) إن صاحب الإصابة ذكره «أنس بن الحرث » بدون ألف، ولما ترجم أباه في الجزء الأول صفحة 291 ذكره الحارث بن نبيه قائلاً: «والد أنس بن الحارث »، مما يدل أن الحرث أصله الحارث كما في الرحمان.

(5) جاء في الإصابة: 1/74 «أنس بن هزلة نقلاً عن ابن أبي حاتم عن أبيه أنه وفد إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أبواه، روى عنه ابنه عمر بن أنس، وفي كلام الإصابة ما يدل على أن أنس بن هزلة هذا هو أنس بن الحارث » وعليه فلعل هزلة وصف له.

(6) راجع معجم أنصار الحسين (غير الهاشميين): 1/72.

(7) راجع معجم أنصار الحسين (غير الهاشميين): 1/196.

(8) راجع إبصار العين: 110.

(9) إن بني كاهل سكنوا الكوفة بعد تمصيرها حيث ورد في أربعة مواضع من الطبقات =

(170)

 

بعد المدينة، ولعل أباه هو الذي سكن الكوفة، وقد كان الحارث من أصحاب الصفة، وكانت له صحبة(1).

        وجاء في مقتل أبي مخنف: دعا الحسين «عليه السلام» رجل يقال له: أنس بن كاهل وقال له: إمض هؤلاء القوم وذكرهم الله تعالى ورسوله عساهم يرجعون عن قتالنا، واعلم أنهم لا يرجعون، ولكن لتكون لي عليهم حجة يوم القيامة، فانطلق أنس حتى دخل على أبن سعد وهو جالس فلم يسلم عليه، فقال له ابن سعد: يا أخا كاهل ما منعك أن تسلم علي؟ ألست مؤمناً مسلماً، والله ما كفرت، وقد عرفت الله وروسوله، قال له أنس: كيف عرفت الله ورسوله وأنت تريد أن تقتل ولده وأهل بيته ومن نصرهم؟

        فنكس ابن سعد رأسه وقال: إني أعلم أن قاتلهم في النار لا محالة، ولكن لابد أن أنفذ أمر الأمير عبيد الله.

        فرجع أنس إلى الحسين «عليه السلام» وأخبره بما قاله، فجمع الحسين «عليه السلام» أصحابه(2)... وخطب فيهم.

        وجاء في المثير(3): ثم خرج أنس بن الحرث الكاهلي وهو يقول من الرجز:

قد علمت كاهلها ودودان

والخندفيون وقيس عيلان

بأن قومي آفة للأقــــــران

يا قوم كونوا كأسود خفان

__________

= الكبرى ما يدل على ذلك: 6/226 في ترجمة أبي صالح السمان، و299 في ترجمة علي بن وثاب، و320 في ترجمة حبيب بن أبي ثابت، و342 في ترجمة الأعمش سليمان، حيث يقول في أبي صالح السمان، وكان يقدم الكوفة كثيراً فينول في بني كاهل فيؤمهم.

(1) الإصابة: 1/291، أسد الغابة: 1/418.

(2) مقتل الحسين لأبي مخنف: 96، وقريب منه ورد في روضة الشهداء: 374 ولكن باسم مالك بن أنس بن مالك، مما يدل على أنهما متحدان.

(3) مثير الأحزان: 63.

(171)

 

واستقبلوا القوم بضرب الآن

آل علي شيــــــــعة للرحمان

آل حرب شيعـــة للشيطان(1)

        وفي أمالي الصدوق(2) جاءت الأبيات منسوبة إلى مالك بن أنس الكاهلي، وقد ذهب معظم المتحدثين عن أنصار الإمام الحسين «عليه السلام» بأنه تصحيف لأنس بن الحارث الكاهلي، وهناك عدد من المؤرخين ذكره بهذا الاسم منهم مقتل الخوارزمي(3) وضبط اسمه كالتالي: مالك بن أنس بن مالك، كما في الروضة(4) وفي البحار(5) مالك بن أنس المالكي، وجاء في الفتوح(6) مالك بن أنس الباهلي، وباستثناء ما جاء في الروضة فإن بقية المصادر ذكرت الأبيات نفسها بما يدل على أن أحدهما تصحيف عن الآخر، والمرجح بل المتعين أن يكون مالك بن أنس تصحيفاً عن أنس بن الحارث حيث أن كتب الرجال أوردت أنس بن الحارث ولم تورد مالك بن أنس، وإن احتمل أن تكونا شخصيتين أحداهما هي أنس بن مالك الكاهلي الأسدي، والذي له صحبة وله الرجز النوني المعروف، وشخصية أخرى هي مالك بن أنس بغض النظر عن انتمائه القبلي، والذي سنتحدث أخرى هي مالك بن أنس بغض النظر عن انتمائه القبلي، والذي سنتحدث عنه، فالمسلم أن هناك أن س بن مالك الكاهلي الأسدي، ويمكن القول بأنه لا خلاف في ذلك بين معظم المؤرخين وإن لم يذكره بعضهم، وهذا لا يقدح بشخصيته وبمشاركته في معركة عاشوراء.

        وجاء في الذخيرة(7) ما نصه: وقال علماء السير: جاء أنس بن الحرث إلى الحسين «عليه السلام» عند نزوله كربلاء والتقى معه ليلاً فيمن أدركته

____________
(1) راجع ديوان القرن الأول: 2/259 وفيه زيادة بيتين، وقد ورد فيها بعض التصحيفات فقومناها.

(2) أمالي الصدوق: 137.

(3) مقتل الحسين للخوارزمي: 2/18.

(4) روضة الشهداء: 374.

(5) بحار الأنوار: 45/24، وأسرار الشهادة: 2/271.

(6) الفتوح: 5/196.

(7) ذخيرة الدارين: 375.

(172)

 

السعادة، وقال أبو مخنف: «إنه لما جاءت نوبته استأذن الحسين «عليه السلام» في القتال، فأذن له، وكان شيخاً كبيراً قد شهد مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم بدر وحنين فجعل يشد وسطه بالعمامة، ثم دعا بعصابة عصب بها حاجيه ورفعهما عن عينيه، والحسين «عليه السلام» ينظر إليه ويبكي ويقول «عليه السلام»: شكر الله لك يا شيخ »، ثم حمل على القوم وأنشأ يقول- الأبيات- فلم يزل يقاتل قتال ذي لبد، حتى قتل من القوم ثمانية عشر رجلاً سوى من جرح ».

        هذا ما أورده، ولكن السؤال الموجه إليه: من أين لك هذا؟. ومن هم أهل السير الذين رووا هذه المقطومة، ومن أي نسخة من نسخ أبي مخنف أخذتها ونقلتها؟ كل ذلك يطرح سؤالاً كبيراً حيث أن صاحب الإبصار قد رواه عنه كما فعل غيره، وهذا أمر غير مقبول طبعاً.

        وقد صرح صاحب الأعيان(1) بأنه وجد ذلك في كتاب بعض المعاصرين وروايته عن لوط بن يحيى الأزدي، ثم علق: ولا نعلم بصحة النقل، ثم قال: لو كان شهد بدراً وحنيناً لما أغفل ذلك أصحاب كتب الصحابة.

        ونقول: لو ثبت أنه صحابي فلربما شهد بعض مواقف الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) إلا إذا قيل إنه كان صغيراً، والله العالم.

        وبالعودة إلى التشابه بين أنس بن مالك، ومالك بن أنس، ومالك بن أنس بن مالك، ومالك بن أنس المالكي، أو بينه وبين مالك بن أنس الباهلي فإن الأسدي والكاهلي لا خلاف في صحته لأن كاهلاً هو ابن اسد بن خزيمة، فهو أي أنس بن الحارث بن نبيه كاهلي أسدي خزيمي مضري عدناني، ومن هنا قال في رجزه «كاهلها » لأنه من أجداده، وعرف به كما بالأسدي، ولكنه عندما يذكر دودان في رجزه، إنما يفتخر بأعمامه لأن دودان أخو كاهل، وأما خندف فهي قبيلة تنسب إلى الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وهو أيضاً من قبيلته، وأما قيس عيلان فهو أبو قبيلة من بطون مضر وإسمه إلياس بن معن بن نزار، وبما أن القبيلتين: الخندفيون وقيس عيلان مشهورتان بالشجاعة فقد جاء على ذكرهما.

________
(1) أعيان الشيعة: 3/500.

(173)

 

        أما المالكي فإن صح فإنه أبو ثعلبة بن دودان بن أسد بن خزيمة بن مدركة، فهم أبناء في الأجداد، ولا يجتمع مع بني كاهل إلا في الأجداد.

        وأما الذي ذكره باسم مالك بن أنس بن مالك لعله أراد بمالك الثاني اللقب ليكون مالكاً، أي وقع فيه تصحيف، وأما نسبته إلى باهلة فهم ينتسبون إلى باهلة وهم بنو مالك بن أعصى (منبه) بن سعد بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، ولا يجتمعون مع الكاهليين، فعليه لا محيص من أحد القولين: إما متحدان ووقع التصحيف، وإمام أن أنس الكاهلي مغاير مع مالك بن أنس الباهلي أو المالكي، والله العالم.

        وأما من حيث عمره سنة ولادته، فالظاهر أن الولاة وقعت حسب المعطيات السابقة إن صحت في حدود السنة الخامسة عشرة قبل الهجرة.

        وأخيراً فإن مقولة صاحب الروضة(1) في مالك بن أنس بن مالك جاءت قريبة مما نقله أبو مخنف عنه، ولكنه ذكره أنس بن مالك مما يدل على اتحادهما، ومزيد الكلام سيأتي في مالك.

        هذا ونرى أن ما ورد في التنقيح(2) مأخوذ من الذخيرة، ولا يزيد في ذلك قوة.

        وقلت في أنس هذه القصيدة من بحر البسيط(3) بتاريخ: 10/4/1431هـ تحت عنوان: «كيف أنسى أنساً»:

كيف أنسى ما تسامى في أنس        لـــــــيس إنسياً بل ملاك إئتنس(4)

قد تجلت نينوى من نـــــــوره         حينما في الحرب عشقاً إفترس(5)

هكذا شيب وشباب إنــــــبروا في دفــــــــاعٍ عن إمامٍ ملتمس(6)

__________

(1) روضة الشهداء: 374.

(2) تنقيح المقال: 1/154.

(3) وزنه: فاعلن مستفعلن مستفعلن ×2.

(4) إتنس: ضد استوحش، نظر إلى الشيء، وألفه واطمأن به.

(5) إفترس: الفريسة اصطادها.

(6) ملتمس: به تكون الشفاعة.

(174)

 

لا يبالي صاحبي بالمــــوت مهــ     ـما دنا منه البلا أو اعــــــترس(1)

يرفع الكهل الموالي حاجـــــــبيــ     ــه بمنديل يجلي للغلــــــــــــس(2)

يبتغي فضلاً من الله العلــــــــــى     في سبيل الحق يحظى من قبس(3)

أنت فينا حجة تجــــــــــلو لدحــ      ــض المعاذير التي فيمن قـعس(4)

في ثمانين التي جاوزتـــــــــــها      كنت درساً للبرايا فانعــــــكس(5)

صنت دين المصطفى في كربلا     حينما نال العدا سبطـــــاً رأس(6)

من يوالي حيدراً في أحــــــــمدٍ       سوف يأتي فائزاً فيما نبـــــس(7)

كاهل جد له، حـــــــرث لـــه..       والد أسد قبيل مفــــــــــــترس(8)

ناصر المولى حــسيناً.. ربنـــا       اغفر بهد نباً لنا كي نحتـرس(9)

____________
(1) إعترس: لزم ودام.

(2) الغلس: ظلمة آخر الليل.

(3) القبس: شعلة تؤخذ من معظم النار.

(4) قعس: تخلف وتأخر.

(5) الدرس: العبرة.

(6) رأس: قاد وتولى الزعامة.

(7) نبس: تكلم.

(8) الحرث: النسل.

(9) نحترس: نصان ونحفظ.

(175)

 

(176)

 

(14)

أنيس بن معقل الأصبحي

(ن31- 61هـ = 651- 680م)

 

        ذكره صاحب الفتوح(1) ومقتل الخوارزمي(2) ومناقب آل أبي طالب(3) والروضة(4).

        أما إسمه أنيس على زنة أمين، فهو إسم فاعل من الأنس والذي يعني المؤانس، ولكن الذي اتخذ علماً هو على زنة زبير بضم الهمزة وفتح النون وسكون الباء فهو تصغير أنس الذي هو الآخر علم، وهو أيضاً إسم جاهلي، وقد اختلف أرباب اللغة والمعاجم على أن العلم هو الفاعل أو المصغر، والظاهر أن كليهما مستخدم، فالفاعل مثل: أنيس بن المطلب بن عبد مناف، والمصغر: كأنيس بن قتادة الأنصاري المستشهد في معركة بدر(5).

        وأما عن قبيلته الأصبح فهو ينتمي إلى أصبح بن عمرو بن الحارث بن أصبح بن مالك بن زيد بن الغوث بن سعد بن عوف بن عدي بن مالك بن زيد بن سدد بن زرعة (حمير الثاني) ابن سبأ (الثاني) ابن كعب بن زيد (الجمهور) ابن سهل بن عمرو بن قيس بن معاوية بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن العوف بن حيدان بن قطن بن عريب بن زهير بن الغوث بن

__________
(1) الفتوح: 5/198.

(2) مقتل الحسين للخوارزمي: 2/19.

(3) مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: 4/103.

(4) روضة الشهداء: 385.

(5) راجع تاج العروس: 15/418.

(177)

 

أيمن بن الهميسع بن حمير الأول ابن سبأ الأول ابن يشجب الأول ابن يعرب بن قحطان(1).

        ويظهر من المصادر الأربعة التي أوردت ذكره أنه استشهد، مبارزة، وقد أوردت المصادر الثلاثة الأولى رجزاً لامياً له أوردناه في الديوان(2)، وفيه يصرح بإسمه وإسم أبيه، وكان أني أو والده قد سكن الكوفة حتى أصبح من أهلها.

        ومن الغريب أن بعض المعاصرين أورد إسمه في المشكوك في شهادتهم في كربلاء، لأنه لم يعثر عليه في المصادر التاريخية وغيرها، أمره غريب، فإنه إذا ما ذكره الطبري لم يشكك به حتى وإن انفرد بالنقل، وهذه المصادر الأربعة أهم من المحدثين؟.

        وأما بالنسبة إلى عمره فنظن أنه ولد في حدود السنة الحادية والثلاثين ليكون في السنة الحادية والستين من الرجال الذين يمكنهم المبارزة.

        وسنأتي على دوره يوم عاشوراء لدى بيان السيرة إن شاء الله تعالى.

        وأما ذكر بعضهم(3) بعض الرجز المنسوب إليه إلى يزيد بن المغفل الجعفي لا يدل على إلغائه أو القول باتحاده، لأن الدليل لا يسمح له بذلك، حيث أن من ذكر يزيداً ذكر له رجزاً عينياً غير هذا الرجز، وأما في الأنساب(4) فقد نقل ليزيد رجزاً عينياً غير هذا اللامي.

        كما أن في زيارة الناحية ورد التسليم عليه في المرتبة 37 باسم بدر بن المعقل الجعفي، ونسخة أخرى باسم زيد بن المعقل، وهذا جعفي، ومن نبحث عنه أصبحي ولا يلتقيان إلا في سبأ، فالأصبحي جده حمير بن سبأ، والجعفي جده كهلان بن سبأ وكلاهما قحطانيان(5).

        وهذا المعاصر لم يعتمد على أسس علمية حينما غفل عن أنيس، وأثبت يزيداً، والله العالم بحقائق الأمور من أنهما شخصيتان وليسا

_________
(1) راجع معجم أنصار الحسين (غير الهاشميين): 1/78.

(2) راجع ديوان القرن الأول: 2/106.

(3) إبصار العين: 2/16.

(4) أنساب الأشراف: 3/198.

(5) راجع معجم أنصار الحسين (غير الهاشميين): 1/78 و93.

(178)

 

شخصية واحدة، وكل ما أورده المعاصر بل قبله كالتنقيح والإبصار هو منقول من الذخيرة تحت عنوان يزيد بن معقل(1).

        والحاصل إنهما شخصيتان، ولهما رجزان مختلفان، وكل منهما إسمه وإسم أبيه وقبيلته مختلف تماماً.

        ومدحت أنيساً بالقصيدة التالية راثياً له بعنوان: «أنيس الذاكر» بتاريخ: 16/6/1433هـ وهي من بحر الرجز(2):

من أصبح يهوى حسيناً ناصــــــــــر         من كوفيةٍ يسعى لطفٍ ذاكــــــر(3)

ما سر سبط المصطفى ذاك الــــــذي         أنصاره رهن الوفا يا قاهـــــــر(4)

قد خيروا عند اصطــــــــــــفاءٍ لافتٍ                هذا دليل واضح بل ظاهـــــــــــر

هذا أنيس واحد منهم قـــــــــــــــضى                 في كربلا حيث اجتباه الطاهــر(5)

ماذا على من لا يعي حـــــــــكمة الــ         ـباري بيوم الطف هذا ناكــــــر(6)

شرط لمن في نينوى مستشهـــــــــــد         فيه ولاءٌ قائم بل صابـــــــــــــــر

إذ كلهم في قمة الأخــــــــــــــلاق بل                هم أسه لا.. ليس فيهم قاصــــر(7)

بالعقل هذا معقل في نجلـــــــــــــــــه         عن فطرةٍ مستعقل إذ سائـــــــر(8)

أفدى حسيناً عارفاً بالحق عــــــــــن          حق بلا مينٍ وربي جــــــــــابر(9)

من يرثهم يؤجر، له دنيــــــــا وأخــ          ـرى دون ريبٍ ليس فيه خاسر(10)

 

__________
(1) الذخيرة: 403.

(2) وزنه: مستفعلن ×6.

(3) الناصر: المعين المشايع.

(4) الرهن: القيد، والمعنى: الالتزام بالعهد.

(5) الطاهر: الحسين «عليه السلام».

(6) الناكر: الذي لا يعترف بالحق.

(7) الأس: العماد والأساس.

(8) مستعقل: يعمل بالعقل.

(9) الجابر: المصلح، المداوي، وهو من أسماء الله سبحانه وتعالى.

(10) الخاسر: الكاسد، الذي لا دنيا ربحها ولا آخرةٌ.

(179)

 

(180)

 

حرف الباء

 

        15- بدر بن معقل الجعفي                   ن30- 61هـ.

        16- برير بن خضير الهمداني               ق19- 61هـ.

        17- بشارة بن مقبل الكوفي         ق11- 61هـ.

        18- بشير بن عمرو الحضرمي             ق20- 61هـ.

        19- بكر بن حي التيمي                      ق40- 61هـ.

        20- بكير بن الحر الرياحي                  ق40- 61هـ.

        21- پيروزان بن ... الفارسي               ق1- 61هـ.

 

(181)

 

(182)

 

(15)