معجم  أنصار الحسين عليه السلام  (غير الهاشميين)  (الجزء الثاني)

اسم الکتاب : معجم أنصار الحسين عليه السلام (غير الهاشميين) (الجزء الثاني)

المؤلف : للعلامة المحقق الشيخ محمد صادق الكرباسي
المطبعة : المركز الحسيني للدراسات لندن ـ المملكة المتحدة

 

 

 

وعندها يصح أن تكون أمه بحرية بنت مسعود الخزرجي لأنها كانت زوجة جنادة بن كعب الخزرجي.

        بقي هنا أن نشير إلى الاحتمالين الآخرين، أحدهما: هو الذي تبناه لأول مرة محمد بن محمود الخوارزمي المتوفى سنة 655هـ على ما نقل عنه الكاشفي في روضة الشهداء المتوفى سنة 1395هـ عن روضة الأحباب لعطاء الله بن فضل الدشتكي المتوفى بعيد سنة 903هـ، ولعل رأي الجميع يعود الى رأي الخوارزمي، وهو أقدم من غيره من المصادر التي حددت شخصية الشاب، وربما لهذا السبب يكون رأيه متقدماً على غيره، لأن رأي المتأخرين ربما كله يعود إلى صاحب الذخيرة عبد المجيد بن محمد رضا الحائري المتوفى سنة 1345هـ.

        وأما الآخر، وهو القائل: بأن مراد به هو عبد الرحمان بن مسعود بن الحجاج التيمي، والوارد اسمه في التسمية والحدائق(1)، ولكن ليس فيهما هذا الوصف «شاب قتل أبوه في المعركة»، وهذا الاحتمال جاء من القمي عباس بن محمد رضا المتوفى سنة 1359هـ، حيث استدرك في كتابه نفس المهموم وعلق عليه في الهامش(2) استناداً إلى ورود إسمه في زيارة الناحية: السلام على مسعود بن الحجاج وابنه(3)، وهو من بني تيم، وسوف نأتي على ترجمته في حرف العين إن شاء الله تعالى.

        ولا يمكن قبول الاحتمال غير المستدل ولا المؤصل بمصدر أو مرجع.

        إذاً فالمرجح حسب ما قدمناه هو القول الذي ذهب إلى تحديده بإبن مسلم بن عوسجة الأسدي اعتماداً على قدم الناقل فقط، ولكن المصدر لم يذكر إسم ابن مسلم بن عوسجة، ولا إسم زوجته، وسوف يأتي أن أحتمال

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) تسمية من قتل مع الحسين 154، الحدائق الوردية: 1/249.

(2) هامش نفس المهموم: 266ولكنه في منتهى الآمال: 1/668، لم يحدد من هو الشاب بل ذكره كما ذكره القدامى.

(3) راجع بحار الأنوار: 45/72.

(50)

 

 

أنه عمرو بن جنادة الخزرجي والذي أمه بحرية بنت مسعود الخزرجية يأتي في المرتب الثانية، وهذا لا ينافي القول بوجود ابن لمسلم بن عوسجة، وآخر لجنادة بن كعب الخزرجي، والله العالم بحقائق الأمور.

        وأما ما يتعلق بأمر هذا الشاب أو الغلام فإن المامقاني ذكره ولعله هو الوحيد الذي تطرق إلى عمره حيث يقول: عمرو بن جادة بن كعب الخزرجي ـ كما ذكر أهل السير ـ أنه خرج والده بصحبة الحسين عليه السلام من مكة وكان غلاماً غير مراهق ابن تسع أو إحدى عشرة سنة، ولما قتل أبوه في الحملة الأولى أمرته أمه وهي بحرية بنت مسعود  الخزرجي بأن يخرج ويقاتل بين يدي الحسين عليه السلام(1) ، إلى آخر كلامه، فإن تحديد عمره بهذه السنين إنما جاء من وصفه بالغلام غير المراهق، والسؤال هنا من أين أتى بذلك والمصادر القديمة ذكرته موصوفاً بالشباب، إذا نحن أمام ثلاثة أوصاف: غلام، شاب، مراهق.

        أما الغلام: فهو الذي لم يخضر شاربه(2)، أو بداً، فإذا قارب الحلم أي بلغ حد الرجال فهو المراهق(3)، والشاب ما بين الثلاثين والأربعين(4) ولكن هناك من قال هو ما بين سن البلوغ الى الثلاثين(5)، والموجود في المصادر القديمة: الشاب، وهو في الغالب يطلق على من في الثلاثين، وأما الغلام فهو مع وصفه بغير مراهق، فهو كما ذكره ما بين تسع سنوات الى أحدى عشر سنة، ولكن لا دليل على كلامه، وهو لم يستند إلى مصدر بل قال: ذكر أهل السير، وهذا مما لا يكن الاعتماد  عليه، فالمعتمد ما بين القولين أن يكون عمره في حدود الثلاثين سنة.

        وأما ما ورد  في فرسان الهيجاء(6) أنه وقع التسليم عليه في زيارة الناحية، فلم نجد له ولا لأبيه فيها ذكراً، بل ولا في الزيارة الرجبية(7) كما

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) تنقيح المقال: 2/327.

(2) فقه اللغة: 125.

(3) المنجد في اللغة: 283.

(4) فقه اللغة: 371.

(5) المنجد في اللغة: 371.

(6) فرسان الهيجاء: 2/4.

(7) راجع: معجم أنصار الحسين (غير الهاشميين): 1/225ـ230.

(51)

 

لا ذكر لجنادة بن الحارث أصلا، وهذا هو من الخلط الذي جرى في الكتب التي تحدثت عن الأنصار وهو أمر مؤسف للغاية.

        بقي هنا أن نشير إلى أننا لم نتمكن من تحديد إسم ابن مسلم بن عوسجة ولا إسم زوجته لنحدد أمه، ومن المعلوم أن مسلم بن عوسجة ولد وربما كانت ولادته متقدمة على السنة العاشرة لأنه شارك سنة 22هـ في معركة آذربايجان، وذكر بأنه كان في طليعة الجيش الإسلامي آنذاك، ولكن لم نجد له ذكراً في كتب الرجال عند الفريقين وأنه كان من الصحابة إلا أنه ورد إسم مسلم ابو عوسجة، والذي له رواية واحدة رواها عوسجة عن أبيه مسلم(1)، وهذا بالطبع ليس هو، وعلى أي حال فإذا كان أبنه يبلغ من العمر نحو ثلاثين سنة فلابد أن تكون ولادته في حدود سن ثلاثين للهجرة، وأما جنادة بن كعب الخزرجي فقد كانت ولادته بحدود سنة  25للهجرة، وأما جنادة بن كعب الخزرجي فقد كانت ولادته في حدود سنة 21هـ مما يصعب القول بأن أبنهما يكون شاباً يوم عاشوراء على القول بأن احدهما والد هذا الشاب، فلعله من هذه الناحية القول بأنه ابن مسلم بن عوسجة ربما يكون أولى من  غيره، إلا إذا حدد الشاب، بما بين البلوغ والثلاثين أن قول صاحب فقه اللغة مقدم على غيره لأنه أجهد نفسه في التحقيق في تحديد الأوصاف بالتطبيق على ألأعمار، وسنأتي على تفاصيل أكثر لدى الحديث عن أبيه مسلم بن عوسجة.

        وفي آخر المطاف ننقل ما ورد في معالي السبطين(2) حيث يقول ما نصه: لما قتل مسلم بن عوسجة صاحت جارية له واسيداه يابن عوسجتاه، والظاهر أنه أخذه من عبد المجيد بن محمد رضا الحائري المتوفى سنة 1345هـ، ولعل القمي عباس بن محمد رضا المتوفى سنة 1359هـ أخذ منه أيضاً، والله العالم، ولم أجد هذا في الكتب المتقدمة عليهما، بل جاء

ـــــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع أسد الغابة: 5/172.

(2) معالي السبطين: 1/379 وأهله نقله عن نفس المهموم: 242 وتسلية المجالس: 2/289.

(52)

 

في أنصار العين(1) لدى الحديث عمن انضم إلى الركب الحسيني مع عياله ما نصه: «ومسلم بن عوسجة فإنه جاء بعياله إلى الحسين عليه السلام فأنضم إليه وضم عياله إلى عيال الحسين عليه السلام فلما قتل صاحت جارية له: واسيداه وامسلم بن عوسجتاه، فعلم الوقم قتله».

        بقي أن نشير إلى أن قولهم لدى الحديث عن هذا الشاب: وأن أباه قتل مناجزة، والله العالم، ولم يرد إسمه فيمن قتل في الحملة الأولى، كما أن اسم جنادة بن كعب الخزرجي، وجنادة بن الحارث السلماني أيضا لم يردا في عداد المقتولين في الحملة الأولى، كما أن اسم جنادة بن كعب الخزرجي، وجنادة بن الحارث السلماني أيضاً لم يردا في عداد المقتولين في الحملة الأولى(2)، نقم ورد فقط اسم مسعود بن حجاج التميم(3) ولكننا ذكرنا في كتاب الحسين في سطور(4): أن جنننادة بن كعب الخزرجي قتل في الحملة الأولى إلى جانب مسعود بن حجاج التيمي لوروده في بعض المصادر، والله العالم.

        وفي نهاية المطاف فلا يمكن الجزم بمن هو المراد بالشاب، والأمر دائر بين أن يكون ابن مسلم بن عوسجة الأسدي وبين عمرو بن جنادة الخزرجي، وإن كان ألأول مرجحاً.

        ولكن بقي الحديث عن لفظ الجارية التي ذكر بأن لمسلم بن عوسجة جارية كانت في الطف، والتي أصبحت من جملة الأسرى، فهل يعني الجارية الزوجة أم غيرها، فأهل اللغة ذهبوا إلى أن ألجارية تطلق على الغنيمة من النساء، يعني الصبايا، وتجمع على جوار(5)، كما وتطلق الجارية على الأمة وإن كانت عجوزة(6)، فمن الممكن أن تكون امه أمة، والله العالم، ولا ينافي نعيها لسيدها مع مجاهدتها بعد أن خرج

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) إبصار العين: 234(الفائدة الثالثة).

(2) راجع مناقب آل أبي طالب لإبن شهرآشوب: 4/113.

(3) راجع مناقب آل أبي طالب لإبن شهرآشوب: 4/113.

(4) الحسين في سطور 1/199و 201.

(5) راجع تاج العروس: 37/ 345.

(6) المعجم الوسيط: 1/119، جاء في المنجد في اللغة: 88 الجارية: الأمة وانما سميت بذلك في الأصل لخفتها وكثرة جريها.

(53)

 

ابنها إلى القتال، لأنها بقيت على الظاهر حية فسبيت بعد ذلك.

        وأخيراً فإن هناك من ذكر بأن اسم ابن مسلم بن عوسجة هو خلف، ولكن لم يثبت لنا ذلك، وقد ناقشنا ذلك في حرف الخاء، فليراجع.

        وقد مدحته راثياً بقصيدة تحت عنوان: «انبرى ثائرا» من بحر المتدارك(1) بتاريخ 28/ 1/1438هـ:

مسلم نجله قد قضى باكــــــــــرا             جده عوسج لم يكن مـــــــــاكرا(2)

أسد هذا قبيل له فاعلـــــــــمــــوا             أنه كان في كربـــــــلاء ناصرا(3)

أسد هذا حسين بدا في الوغــــى              سار في نصـــره لم يقف حائرا(4)

هكذا كان في نينوى مسلـــــــــم              ابنه رافـــــــــــضاً حاكما جائرا(5)

غيبوا إسمه ربما خســـــــــــــة              من لئيم كـــذا من مشى قاصرا(6)

ذا أبوه قضى مثله في قتـــــــــا              ل الــــــــذي بغى فأنبرى ثائراً(7)

إنما سعيه جاء من كســـــــــبه               إثـــــــرة في ولاء لمن صابرا(8)

شيعة المرتضى إثأروا للحسيـ                ـن الذي صحبه قاتلوا الفاجرا(9)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) وزنه: فاعلن× 8.

(2) الموت الباكر: ما كان في غير أوانه حيث كان شاباً.

(3) القبيل: القبيلة عوسجة.

(4) الحائر: المتردد.

(5) مسلم: والد المستشهد، وابنه جاء إعرابه على البدلية لمسلم.

(6) عدم الحصول على اسمه قد يكون من عمل الامويين، حيث تعمدوا إخفاء المعلومات، أو جهل المحبين عن القصور في ضرورة نقل الأحداث، بينما الآخرون شخصوا مقاتليهم بدقة.

(7) الذي بغى: هو يزيد وأعوانه.

(8) الإثرة: البقية من العلم أو الأثر العظيم.

   من صبر وصابر: الإمام الحسين عليه السلام.

(9) الفاجر: أراد به يزيد، زياد، شمر، ابن سعد وأمثالهم.

(54)

 

أي يزيداً زياداً وشمراً ومن          صاحبوهم لقتل الذي كابرا(1)

عرنا في بني المصطفى ذلنا          من بني هند هم قد أتى قاهرا(2)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الذي كابر: هو الحسين عليه السلام حيث لم يبايع يزيد.

(2) هند: أم معاوية، جدة يزيد، زوجة أبي سفيان.

(55)

 

(56)

 

(4)

أبو عمرو بن ... النهشلي

(ق30ـ61هـ = 650ـ 680م)

 

        جاء ذكره في مثير الأحزان لإبن نما المتوفى سنة 680هـ ونصه جاء كالتالي:

        «حدث مهران مولي بني كاهل، قال: شهدت كربلاء مع الحسين عليه السلام فرأيت رجلاً يقاتل قتالاً شديداً لا يحمل على قوم إلا كشفهم، ثم يرجع إلأى الحسين عليه السلام ويرتجز ويقول:

أبشر هديت الرشد تلقى أحمداً

في جنة الفردوس تعلو صعدا(1)

        فقلت: من هذا؟

        فقالوا: أبو عمرو النهشلي، وقيل الخثعمي.

        فاعترضه عامر بن نهشل، أحد بني اللات من ثعلبة فقتله واحتز رأسه، وكان أبو عمرو هذا متهجداً كثير الصلاة، فما أحق لهذا الشجاع الماهر بقول عرقلة حسان الدمشقي(2) الشاعر ـ من الكامل-:

ـــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع ديوان القرن الأول: 1/118 وهو من الرجز المشطور تفعيلاته «مستفعلن× 3».

(2) عرقلة حسان الدمشقي: هو حسان بن نمير بن عجل الكلبي، عرف بعرقلة الأعور، ويكنى بأبي الندى الدمشقي (486ـ 567هـ)، كان يسكن دمشق، وكان على أتصال بالسلطان صلاح الدين الأيوبي، فكان يمدحه وينادمه، وقد وعده بأنه أذا استولى على مصر فسوف يعيطه ألف دينار، فلما احتلها أعطاه ألفين، فمات بموت الفحأة ولم يتمتع بما أعطي له، له ديوان شعر طبع باسمه.

(57)

 

 

وبرد صدر السمهري بصدره                ماذا يؤثر ذابل في يذبل(1)

وكأنه والمشرقي بكفه         بحر يكر على الكماة بجدول»(2)

        هذا هو النص الأساس الذي ورد في حق أبي عمرو النهشلي، وقد نقل عنه البحار(3) وغيره(4) ولم نر زيادة على نص ابن نما، ولكن ورد في تحديده قولان بل احتمالان:

        1ـ حدد إبصار العين أبا عمرو بالتالي: «هو زياد بن عمرو بن عريب بن حنظلة الدارمي الهمداني الصائدي، وأضاف قائلا: كان عمرو وصحابياً، ذكره جملة من أهل الطبقات، وأبوه عمرة ولده هذا له إدراكك، وكان شجاعاً ناسكاً معروفاً بالعبادة، قال صاحب الإصابة أنه حضر وقتل مع الحسين عليه اسلام»(5)، ثم نقل ما ورد في مثير الاحزان الذي سبق وأوردنا نصه، ولكنه غير من قوله «أبو عمر النهشلي» إلى «أبو عمرة الحنظلي».

        2ـ حدد أنصار الحسين أبا عمرو بالتالي: هو شبيب بن عبد الله النهشلي، وقال ما نصه بعد ذكر ما ورد في مثير الأحزان: «هل هو متحد مع «شبيب بن عبد الله النهشلي» الذي تقدم ذكره؟، لقد ذكر ابن نما في مثير الاحزان أن أبا عمرو هذا قتل مبارزة، وذكر ابن شهر آشوب: أن شبيب بن عبد الله قتل في الحملة الأولى، وهذا يقضي بأن يكونا رجلين، بقية المصادر لذكر أبي عمرو مع إجماعها على ذكر شبيب يحمل على الظن بأنهما متحدان، النهشلي: من بني نهشل بن دارم، من تميم،من عدنان «عرب الشمال»(6).

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) الذابل: الرمح.

(2) مثير الأحزان: 57.

(3) بحار الأنوار: 45: 30للمجلسي والمتوفى سنة 1111هـ.

(4) نقل أسرار الشهادة: 2/277نص عبارة ابن نما دون زيادة، والدربندي متوفى سنة 1285هـ، وملثله ورد في ناسخ التواريخ 20/307ولسان الملك متوفى سنة 1287هـ

(5) إبصار العين: 150.

(6) أنصار الحسين: 115.

(58)

 

        فلنتاقش الاحتمالين حيث لم نطلع على احتمال ثالث لتحديد أبي عمرو النهشلي، والظاهر كل من نقل هذين الاحتمالين فقد نقله عنهما، فهما أول ن طرحا هذين الاحتمالين.

        أولاً: إن ما ورد في الإبصار لا يصح من جهات.

        1ـ ما ورد في المثير هو أبو عمرو النهشلي، وصاحب الإبصار غيره إلى أبي عمرة الحنظلي، ولا ندري أكانت عنده نسخة أ×رى من المثير غير التي عندنا وعند صاحب البحار والأسرار وغيرهما، وهذا بعيد جداً، ومن هنا يمكن دحض احتمال اتحاده مع زياد بن عمرو، ولولا هذا التغير لم يتمكن من طرح هذا الاحتمال لأن كنية زياد أبو عمرة على ما نقله هو.

        ومن جهة أخرى فإنه نسبه إلى بني حنظلة حيث قال حنظلي، وفي المثير ذكره موصوفاُ بالنهشلي، وعلى قول الخثعمي، فمن أين له بهذه الزيادة، لعله نسبه إلى جد أبيه الذي هو حنظلة بن دارم، وأظن أنه اختصر نسبه، حيث أسقط بعض الآباء، إذ أن حنظلةبن مالك هو الجد الثاني لنهشل بن دارم بن مالك بن حنظلة، وبنو نهشل عدنانيون، فبنو نهشل هم يمكن الجمع بين بني صائد، وفي المصدر الأساس جاء: أنه من بني نهشل، وهم كما سبق وقلنا عدنانيون، ولا يجتمع بنو خثعم مع بني نهشل لأن الأول قحطاني والثاني عدناني.

        فإذا كان أبو عمرو نهشلياً لا يصح أن يكون صائدياً همدانياً ولا حنظلياً، فكيف استساغ أن يجمعهم جميعأً معاً.

        ومن جهة أخرى فإنه نقل عن الإصابة بأنه حضر وقتل مع الحسين عليه السلام، ولكن لم نجد له ذكراً في الإصابة لا في زيادة ولا في أبيبن عريب الهمداني الصائدي أبو عمرة، فقد ذكر علماء السير أنه كان شجاعاً ناسكاً متهجداً كثير الصلاة، معروفاً بالعبادة، حضر الطف قاتل قتالاً حتى استشهد بين يدي الحسين رضوان الله عليه»(1)، ولكن في

ــــــــــــــــــــــــ

(1) تنقيح المقال: 1/456.

(59)

 

الإبصار ذكره زياد عمرو بن عريب، ولم نجد في فصل الكنى في الإصابة ولا التنقيح له ذكراَ، كما لم نجد لأبيه على ما ذكره باسم «عمرو بن عريب» أي ذكر في الإصابة والتنقيح، لا في عمرو ولا عريب كما انتسبه الأعيان، حيث عد من شهداء كربلاء: زياد بن عريب الصائدي(1)، كما أن صاحب الأعيان أيضا ذكر بأن أبا عامر النهشلي(2) من شهداء كربلاءن واحتمال أن يكون نسبه كالتالي: «زياد أبو عمرو بن عريب، ثم صحف إلى «زياد بن عمرو بن عريب» وارد، ولكن لا دليل لنا عليه.

        وأما تكنية الأعيان له بـ «أبو عأمر» فالمرجح أنه تصحيف أو خلط بينه وبين قاتله «عامر بن نهشل» والله العالم.

        ولقد وجدنا في كتاب أحد المعاصرين النص التالي مختصراً «أبو عمرة زياد بن عمرو الهمداني» في جملة المستشهدين في كربلاء، وقد أصل كلامه بأربعة مصادر هي: أنساب الأشراف، واللباب(3) والإصابة وتاج العروس(4)، إلا أننا بعد مراجعتنا لهه المصادر لم نجد أورده الإ في الأنساب والتاج، فقد جاء في الأنساب ما نصه: «وقتل مع الحسين زياد بن عمرو بن عريب الصائدي من همدان، وكان يكنى بأبي ثمامة»(5)، وفي التاج جاء كالتالي: «منهم ـ من الصائدـ أبو ثمامة زياد بن عمرو بن عريب، قتل مع الحسين رضي الله عنه»، مع العلم أن أبا ثمامة على ماهو المشهور هو عمرو بن عبد الله الصائدي، والسؤال من أين جاءت هذه الكنية «أبو عمرو».

ــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أعيان الشيعة: 1/611.

(2) وما جاء في أنساب الأشراف في: 2/232هو فقط ذكر قبيلة صائد ولكن ليس له ذكر أبداً.

(3) وما جاء في أنساب الأشراف في: 2/232هو فقط ذكر قبيلة صائد ولكن ليس له ذكر أبداً.

(4) جاء في هامش كتاب موسوعة أنصار الإمام الحسين (أنصار الإمام الحسين غير الهاشميين):

(5) أنساب الأشراف: 3/198.

(60)

 

        أذا فلا أصل لما ورد من أنه أدرك النبي ص وأن والده عمراً كان صحابياً، ولا سائر المواصفات التي ذكرت فيه.

        وأما ما احتمله صاحب الانصار فهو أيضاً مردود لأنه لم يستند إلى شيء علمي، وإنما هو مجرد تخمين ولا يوجد ما يمكن حمله على التصحيف، وأما قوله ذكر ابن شهر آشوب: أن شبيباً قتل في الحملة الأولى فإن هذا غير موجود في المناقب وبالأخص في الموضع الذي أشار اليه(1) بل ما هو موجود أنه ذكر شبيب بن عبد الله النهشلي في أصحابه(2) والذين فيهم شهداء وفيهم من له مجرد صحبة.

        والغريب منه أنه يستدل لأجل إدعائه بالاتحاد بما يلي: «هو تفرد إبن نما بذكر أبي عمرو النهشلي دون أن يذكر  شبيباً وإهمال بقية المصادر للذكر أبي عمرو مع أجماعها على ذكر شبيب يحمل على الظن بأنهما متحدان»، وهذا يطبق على غيره أيضاً لماذا خصه بشبيب فقط، فالإستدلال بما أورد ضعيف للغابة، مع الإشارة إلى أن إبن ،ما ذكر بأنه اتستشهد مناجزة، وهو يذكر أنه قتل في الحملة الأولى حيث لم يتمكن من إثبات ذلك، لأن المصدر الذي أشار إليه خال الإدعاء، فالاحتمال يقع في ثلاث شخصيات:

        1ـ أبو عمرو النهشلي.

        2ـ زياد بن (عمرو بن) عريب الصائدي.

        3ـ شبيب بن عبد الله النهشلي.

        فنخلص مما سبق أن أبا عمرو النهشلي شخصية عرفت بالكنية واستشهد مع الإمام الحسين عليه السلام، واليه ينسب الرجز الذي سبق وأوردناه، والذي لم ينسب إلى غيره حسب ما بحثناه، إلا في بعض المصادر المعاصرة، حيث أنه متحد مع زياد أو شبيب، مما يدل على أنه له من دون شك.

        وأما بالنسبة إلى عمره فالذي يظهر من رجزه وشجاعته أنه لم يكن

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أي في مناقب: 4/113.

(2) راجع مناقب آل أبي طالب لإبن شهر أشوب: 4/78.

(61)

 

صغيراً، ومن مثله لابد وأن يكون له من العمر ثلاثين سنة، وبما أن ليس له ذكر في صحابة علي عليه السلام يبدو أنه ولد بعد وفاته.

        ومزيد الكلام عنه سيأتي في ترجمة زياد وشبيب إن شاء الله تعالى.

        بقي هنا لابد من الإشارة ما ورد في أحد كتب المعاصرين اسم «حبيب بن عبد الله النهشلي»(1) ولكنه لم يتمكن من إثبات مقولته بأنه هو أبو عمرو النهشلي، وقد نقل عن الناسخ أنه ذكره ضمن شهداء كربلاء، إلا أننا لم نعثر على ذلك من الناسخ، وقد أدعى أنه ذكره، ثم سرد حكاية حبيب باسم والده هو عبد الله، ولكن لم يدر الناسخ أي شيء من هذا القبيل، نعم ورد في معجم الرجال(2): حبيب بن عبد الله، من دون وصف أنه من اصحاب علي عليه السلام، ونقل عن البرقي أنه أيضاً كان من أصحاب الحسين عليه السلام مع توصيفه بالأسدي.

        وبالعودة إلى كلام الهيجاء فإنه بعد نقله ما تقدم، نقل عن إبن نما كلامه، وقال: الله اعلم أن كنية حبيب بن عبد الله هو أبو عمرو، وهذا ما لم يدل عليه دليل.

        والظاهر الذي نرجحه أن مفردة حبيب جاءت مصحفة عن شبيب، وما  ذكر بأن صاحب الناسخ ذكره من جملة الأصحاب فهو صحيح، ولكنه ورد باسم شبيب بن عبد الله النهشلي(3)، وأما في ذكر المناجزين فقد جاء إسم أبي عمر النهشلي(4) والتصحيف كخطأ مطبعي وفع في أنصار الحسين، حيث ذكر الشهداء حسب الحروف الهجائية فذكر شبيب بن  عبد الله النهشلي، ولكن من آثام الطباعة نضد حبيب، والخطأ واضح، لأنه وضعه في حرف السين، والذي يأتي بعده حرف الشين فجاء بحرف الحاء، وهو واضح التصحيف، ويدل على ذلك ما نقله عن المصادر فإنهم

ــــــــــــــــــــ

(1) فرسان الهيجاء: 1/86.

(2) معجم رجال الحديث: 4/222.

(3) راجع ناسخ التواريخ: 2/314.

(4) راجع ناسخ التواريخ: 2/307.

(62)

 

 جميعاً ذكروه بالشين وليس الحاء، ومن هنا فإن حبيب بن عبد الله النهشلي لا وجود له، والصحيح هو شبيب بن عبد الله النهشلي، كما أن هناك حبيب بن عبد الله الأسدي والذي هو من صحابة الحسين عليه السلام وليس من أنصاره، وسنأتي على على بيان حبيب الصحابي للحسين عليه السلام في فصل الهيجاء الإمام الحسين عليه السلام إن شاء الله تعالى، وقد وقع صاحب فرسان الهيجاء في هذا الخلط حيث ذكر حبيباً في مكان(1) وذكرشبيباً في مكان آخر من كتابه(2).

        بقي ألآن أن نتحدث عن ابن نما وما رواه، والبحث يقع في عدة نقاط: ـ

        الأولى:  أنه صرح بأن ما رواه فهو عن مهران مولى بني كاهل ولابد من التعرف عليه، فهو والد الاعمش سليمان المكنى بأبي محمد، محرم سنة 61هـ، وتوفي سنة 148هـ(3)، وقد شهد مهران مقتل الحسين عليه السلام وكان مولى، وقد أسر في دماوند، فقدم الكوفى وامرأته حامل بإبنه الأ‘مش فولد الاعمش في الكفى، ومن هنا عرف بالكوفي، وأصبح الأب سليمان الاعمش من أئمة الكوفى(4)، ولا ينافي ولادة إبن في يوم مقتل الإمام الحسين عليه السلام ووجود الأب في كربلاء مع الأمام الحسين عليه السلام لأن أم الأعمش لم تكن في كربلاء مع زوجها.

        وعلى أي حال فإن مروان كاهلي أسدي بالولاء، بمعنى أن الذي امتلكه كان من بني كاهل، والذي هو من بني أسد بن خزيمة بن مدركة العدناني.

        كان من مهران وإبنه الأعمش من الموالين لأهل البيت عليه السلام وكان الابن

ــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) فرسان الهيجاء: 1/87.

(2) فرسان الهيجاء: 1/167.

(3) المعارف لإبن قتيبة: 489، وجاء في مستدركات علم رجال الحديث: 4/150، أن وفاة الاعمش كانت في 25ربيع الأول من سنة 148هـ.

(4) وفيات الأعيان: 2/400، والأنساب للسمعاني: 5/24.

 

(63)

 

من فقهاء وأعلام الإمامية فعاش الابن إلى عهد الامام الصادق عليه السلام وروى عنه(1).

        الثانية: إن مهران من شهد معركة الطف مع الحسين عليه السلام حيث يصرح قائلاً: «شهدت كربلاء مع الحسين عليه السلام فرأيت رجلا...» الغريب أننا لم نجد ذكره فيمن حضر كربلاء ولكن لم نعلم أقتل أم أسر؟ وهذا موكول إلى محله في حرف الميم المقطوع به أنه أسر، لأنه يروي عن مشاهداته.

        الثالثة:  إن أبا عمرو النهشلي كان من الزهاد والمتهجدين، ومكثري الصلاة، ومن الشجعان حيث وصفه ابن نما بذلك، بل طبق شعر الشاعر في حقه كدليل على شجاعته، مما ل يمكن القول إلا أنه قتل من القوم جماعة.

        الرأبعة: إن السؤال الذي يطرح نفسه هو أنه هل استقل مهران بوجوده في ركب الإمام الحسين عليه السلام أم جاء مع بني كاهل كأنس بن الحارث الأسدي الكاهلي أو أخوه قاسم، أو مالك بن أنس الكاهلي أو غيرهم، وهذا ما يحتاج إلى البحث والتحقيق ونرجو أن نتمكن من بيان ذلك لدى ترجمته في حرف الميم.

        الخامسة:  إن هذا الرجز لم يذكر لغيره، مما يدل على اختصاصه بأبي عمرو النهشلي، ولو كانت هذه كنية زياد أو شبيب لذكروا هذا الرجز عند ترجمته.

        السادسة:  إن قاتله من ظاهر نقله أنه قبيلته وهو عامر بن نهشل من بني اللات من ثعلبة، ولكن الواقع يدلنا أنه ينتمي إلى ثعلبة بن عامر والذي هو بطن من عذرة بن زيد اللات، فعامر هو بن عوف بن بكر بن عوف بن عذرة بن زيد اللات من القحطانية وليس من نهشل العدنانية.

        وكما أن الظاهر أن إسم نهشل هو علم لأبي عامر القائل لأبي عمرو النهشلي وليس القائل والمقتول من قبيلة واحدة، والله العالم.

        السابعة: إن قاتلة قد حز رأسه، وهذا إجرام ما فوقه إجرام.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مستدركات علم رجال الحديث: 4/151.

(64)

 

        الثامنة: إن رواية نما مرسلة حيث لم يذكر  سلسلة رواته إلى مهران، وارساله لا يقدح بقبوله، لأن المسائل التاريخية لا يمكن التعامل معها كما هو الحال في المسائل الفقهية، وإلا لما بقي من التاريخ شيء، وما دام لم يتعارض مع العقل والشرع والعرف والعلم، فلا محيض من قبوله.

        هذا كل ما كان يمكن الحديث عنه في هذا المجال، بأمل أن نحصل على معلومات أكثر لتتضح الصورة بشكل أحلى.

        وقد مدحته ورثيته بتاريخ 29/1/1438هـ بقصيدة من بحر الهزج(1) تحت عنوان: «كفاء فخراً بالولاء»:

أبو عمرو قضى في كربلاء عــــزاً          وقد جزواً بظلم رأسه جـــــــــــــزا(2)

فذا من نهشل قد عرفوه فاعـــــــــــ ــلموا آباءه لما يكن فـــــــــــــــــزا(3)

فلم نحصل له أسماً فكـــــــــــــــنوه           بعمرو وشاع ذكراً فانتهى رمــــزاً(4)

كفاهً بالولا تعرفه فــــــــــــــــــخراً           شهيد قد حباه الله ذا كـــــــــــــــنزاً(5)

له في جنة الخلد التي مـــــــــــأوى           الألى ساروا على درب الولا فرزا(6)

وفي طوس جنينات له يحظــــــــى بــــــــــــها عما فداء، هكذا يجزى(7)

إذا شئت العلى سر دائماً ســــــــير   الألى لبـــــــــــــــوا نداء أزهم أزا(8)

ألا هل من مغيث في الورى يرجو           بنصر الآل فوزا حـــيث لا يخزى(9)

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1)  وزنه: مفاعلين× 6.

(2) الجز: القطع.

(3) الفز: الفزع: الخفيف من الرجال وهو المقصود به.

(4) الرمز: الإيماء والاشارة، أي أصبحت الكنية رمزاً له.

(5) الكنز: الذخيرة التي ذخرها لآخرته.

(6) فزر الشيء من غيره: عزله ونحاه، حيث أ، للشهداء موضعاً في الجنة خاصاً بهم.

(7) طوبى: كناية الجنة.

(8) النداء: هو استنجاد الإمام الحسين عليه السلام يوم عاشوراء بمن يمكنه نصرته.

(9) الخزي: يوم القيامة في عدم نصرة الحق.

(65)

 

ففي الأخرى نجاح باهر يرجى               له ذي منحة من ربنا لها مغزى(1)

رثائي في بني الهادي ومن قد دنا            صروه في الدنى فرض فخذ لغزا(2)

ــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع تاج العروس: 32/192وغيره.

(2) راجع معجم قبائل العرب: 1/12.

(67)

 

وهو ابن أقصى بن دعمي بن جديلة بن اسد بن أكلب بن ربيعة الفرس بن نزار بن معد بن عدنان، فهو إذاً عدناني أسدي عبدي.

        كانت مواطنهم في تهامة(1) ثم أنهم خرجوا إلى البحرين وتكاثورا فيها، ثم أن قسماً منهم زحفوا إلى البصرة في العراق بعد تمصيرها سنة 14هـ(2)، وما إن استوطنوها تناسلوا فيها(3).

        ومن الغريب أن صاحب الذخيرة(4) أورد نسب أدهم بالشكل التالي: «قال في الأصابة: هو الأدهم بن أمية مخشي الخزاعي بن أبي عبيدة بن همام الحارث بن بكر بن زيد بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد العبدي، وأبوه أمية، صحب النبي عليه السلام ثم سكن البصرة، واعقب بها، قاله محمد بن سعد في طبقاته».

        ومن الجدير ذكره أنه لا وجود لإسم أدهم بن أمية العبدي في الإصابة، وما هو موجود أمية بن مخشي الخزاعي(5)، ونصه جاء كالتالي:

        «أمية بن مخشي الخزاعي ويقال الأزدي، صحب النبي ص ثم سكن البصرة واعقب بها، قاله ابن سعد»(6).

        وقال البخاري(7)، وابن السكن(8): له صحبه، وحديث واحد.

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) تهامة: بالكسر، وهو سهل ساحلي ضيق يقع غربي جزيرة العرب محصور بين جبال السراة والبحر الأحمر، من مرافتها جدة وينبع، ومكة المكرمة منها.

(2) جاء في التوفيقات الإلهامية: 1/64، في محرم سنة 14هـ، اختطت البصرة، وفي معجم البلدان: 1/431 أن المسلمين مروا بها في سنة 12هـ وقد أتوا من اليمامة والبحرين واجتازوها إلى الكوفة بالحيرة.

(3) يذكر أن ستين ألف شخص سكنوا البصرة عند تمصيرها من قبائل مخلتفة لتكون قاعدة لتسير الجيوش منها الى مناطق الشرقية، وكان من أعظمها بنو قيس.

(4) ذخيرة الدارين: 466.

(5) الإصابة: 1/67 في ترجمة أمية بن مخشي الخزاعي.

(6) ابن سعد: هو صاحب الطبقات الكبرى.

(7) البخاري: هو محمد بن أسماعيل بن ابراهيم بن المغيرة (194ـ 256هـ)، ولد في بخارى ومات في خرتنك من قرى سمرقند، من أئمة الحديث، من مؤلفاته: الأدب المفرد، الجامع الصحيح، والضعفاء.

(8) ابن السكن: هوسعيد بن عثمان بن سعيد بن السكن صعب بن رستم بن برثنة بن=

 

(68)

 

        روى أبو داود(1) والنسائي(2) وأحمد(3) والحاكم(4)، من طريق جابر بن صبح، قال: حدثني المثنى بن عبد الرحمان ـ وكان إذا أكل سمى، فإذا صار في آخر لقمة قال: بسم الله أوله وآخره، فقلت له في ذلك، فقال إن جدي أمية بن مخشي حدثني- وكان من أصحاب رسول الله أن رجلاً كان يأكل ... فذكر قصته.

        قال الدار قطني(5) في «الإفراد»: تفرد به جابر بن صبح، وقال البغوي(6): لا أعلم أمية روى إلا هذا الحديث»(7).

        وجاء في الإصابة(8) أيضاً ما يلي:

ــــــــــــــــــــــــــــــ

= كسرى أنو شروان الساساني (294ـ 353هـ) ولد في إيران وتوفي في مصر، كان من أئمة الحديث، من مؤلفاته: صحيح ابن السكن، والصحيح المنتقى.

(1) أبو داود: هو سليمان بن الأشعث بن شداد السجستاني (202ـ 275هـ)، ولد في سجستان وتوفي في البصرة، من أئمة الحديث في عصره، من مؤلفاته: كتاب الزهد، كتاب المراسيل، وكتاب الناسخ.

(2) النسائي: هو أحمد بن علي شعيب بن علي بن سنان الخراساني (315ـ 303هـ)، ولد في نسأ من قرى خراسان، وسكن مصر، مات في رملة، من  أئمة الحديث، من مؤلفاته: السنن الكبرى، المجتبى، والضعفاء المتروكون.

(3) أحمد: هو ابن محمد بن حنبل الشيباني الوائلي (164ـ 241هـ) أصله من مرو، ولد في بغداد وتوفي فيها، من الأئمة الأربعة التي بإسمه ظهر المذهب الحنبلي، من مؤلفاته: المسند، العلل والرجال، والناسخ والمنسوخ.

(4) الحاكم: هو محمد بن عبد الله بن حمدوية النيسابوري الشافعي (321ـ 405هـ)، ولد في نيسابور  وتوفي فيها، من أئمة الحديث، من مؤلفاته: الإكليل، وتاريخ نيسابور، والاسماء والكنى.

(5) الدارقطني: هو علي بن عمر بن أحمد بن مهدي البغدادي (306ـ 385هـ)، ودار قطن محلة من محلات بغداد، ولد وتوفي في بغداد، من مؤلفاته: السنن، المؤتلف والمختلف، والعلل الوارد في الأحاديث النبوية.

(6) البغوي: هو عبد الله بن محمد بن عبد العزيز بن المرزبان بن سابوربن شاهنشاه (213ـ 317هـ)، ولد في بغداد وتوفي فيها، يعرف أيضاً بابن بنت منيع، من المحدثين، من مؤلفاته: المسند، معجم الصحابة، وحكايات أبي بسطام.

(7) راجع ترجمة أمية بن مخشي في تهذيب التهذيب: 1/236.

(8) الأصابة: 1/66 في ترجمة أمية بن أبي عبيدة بن همام.

(69)

 

        «أمية بن أبي عبيدة: بن همام بن الحارث بن بكر بن زيد بن ملك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم التميمي الحنظلي، حليف بني نوفل، والد يعلى بن أمية الذي يقال له يعلى بن منية ـ ويعلى: صحابي مشهور.

روى النسائي من طريق عمروبن الحارث، عن الزهري، أن عمرو بن عبد الرحمان أبن أخي يعلى بن أيمة حدته أن أباه أخيره أن يعلى بن أمية قال: جئت بأبي إل رسول الله ص يوم الفتح، فقلت: يا رسول الله، بايع أبي على الهجرة، فقال: «لا هجرة بعد الفتح».

ورواه ابن أبي عاصم، عن أبي الربيع، عن فليح، عن الزهري، عن عمرو بن عبد الرحمان بن يعلى، ع نأبيه عن يعلى ـ نحوه.

قال ابن مندة(1): ورواه عقيل، عن الزهري نحوه، إلا أنه قال: عمور بن عبد الله.

قلت: قد أخرجه النسائي من طريق عقيل، فقال، عمرو بن عبد الرحمان.

ورواه ابن مندة من طريق عبيد الله بن أبي زياد القداح، عن أمة بنت يعلى بن أمية، عن ابنها فذكر نحوه: «ولا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية» رواه ابن عيينة، عن داود بن سابور، عن مجاهد، عن يعلى، وهذه أسانيد يقوي بعضها بعضا».

أي صاحب الذخيرة قام بالجمع بين شخصيتين هما أمية بن مخشي الخزاعي وأمية بن أبي عبيدة التميمي، وادعى أن أمية والد أدهم بن أمية العبدي المستشهد في كربلاء.

فقال في ترجمته ما يلي: الأدهم بن أمية العبدي البصري.

«قال في الإصابة: هو الأدهم بن أمية مخشي الخزاعي [ ابن أبي

ـــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ابن مندة: هويحيى بن عبد الوهاب بن محمد بن أسحاق الاصفهاني (434ـ 512هـ)، ولد في أصفهان وفيها توفي، كان من المؤرخين والمحدثين، ومن مولفاته: تاريخ أصفهان، التنبيه على أحوال الجهال والمنافقين، وذكر من عاش مائة وعشرين سنة من الصحابة.

(70)

 

عبيدة بن همام الحارث بن بكر بن زيد بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد العبدي](1)، وأبوه أمية صحب النبي ص ثم سكن البصرة، وأعقب بها، قاله محمد بن سعد طبقاته.

        وقال البخاري، وابن السكن: له صحب وحديث واحد، روى أبو داود والنسائي والحاكم من طريق جابر قال: كان رسول الله إذ كل سمى، فإذا صار في آخر لقمة قال: «بسم الله على أوله وآخره» وكان من أصحاب رسول الله ص.

        وقال أبو جعفر: قال أبو مخنف: وذكر المخارق الراسبي، قال: اجتمع ناس من الشيعة بالبصرة في ـ بيت- أمراة من عبد القيس لها مارية إبة سعد ـ أو منقذـ أياماً وكانت تتشيع، وكان منزلها لهم مألفاً يتحدثون فيه، وقد بلغ ابن زياد إقبال الحسين، فكتب إلى عامله بالبصرة أن يضع المناظر ويأخذ بالطريق.

        قال: فأجمع يزيد بن نبيط الخروج- وهو من عبد القيس- إلى الحسين وكان له بنون عشرة، فقال: أيكم يخرج معي؟ فانتدب معه إبنان له: عبد الله وعبيد الله، فقال لأصحابه في بيت تلك المرأة: إني قد أزمعت على الخروج وأنا خارج، فقالوا له: إنا نخاف عليك صاحب ابن زياد، فقال: إني والله لو قد استوت أخافها بالجدد لهان علي طلب من طلبني.

        ثم خرج من البصرة ولحق بالحسين في الأبطح ثم أقبل معه حتى أتى فقاتل معه، فقتل معه هو وإبناه، كما تقدم.

        وقال صاحب الحدائق: فلما كان يوم الطف وشب القتال: تقدم بين يدي الحسين عليه السلام، وقتل في الحملة الأولى مع من قتل من أصحاب الحسين عليه اسلام رضوان الله عليه»(2).

        ولا أعلم كيف خلط صاحب الذخيرة شخصين مختلفين من حيث الأب والقبيلة بينهما فالأول خزاعي والثاني تميمي، فالخزاعي القحطاني

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) جاء في هامش المصدر أن ما بني المعقوفين «من المؤلف».

(2) ذخيرة الدارين: 466.

(71)

 

لا يمكن أن يجتمع مع التميمي القحطاني، كما لا يجتمع الخزاعي العدناني مع تميم العدناني أيضاً، لأنهما يفترقان من هذيل بن مدركة، فإن خزاعة هو ابن سعد بن هذيل، وتميم هو ابن هذيل، فتميم وسعد أخوان.

        وأما إذا قيل بأن ابن مخشي أزدي، فلا يجتمع مع تميم القحطاني، لأنهما ينفصلان بعد مالك (مذحج)، وأما تميم العدناني فلا مجال فيه للاجتماع مع الأزدي لأنهم من قحطا، ولو قيل إنه تيمي كذلك لا يجتمعان، وبما أن في الإصابة أيضاً نسب ابن أبي عبيدة إلى حنظلة فهو تميمي وليس بتيمي، فتبين أن دمج الشخصين في شخص واحد من حيث النسب غير وارد، فكلامه باطل ومردود.

        ومن جهة أخرى فإنه بحاجة إلى دليل قاطع ليثبت أن أبا عبيدة هي كنية مخشي، مع أننا لم نجد في الكنى أن أبا عبيدة إسمه مخشي.

        وفي وجهة ثالثة من اين له أن ينسب أدهم إلى أمي بن مخشي أو أمية بن أبي عبيدة إذ لم نجد لهما إبناً بهذا الاسم، نعم لأمية بن أبي عبيدة ولد باسم يعلى، ذكره صاحب الطبقات وتحدث عنه(1)، وقال:

        «يعلى بن أمية ابن أبي بن عبيدة بن همام بن الحارث بن بكر بن زيد بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة تميم، وأمة منية بنت جابر بن وهيب ابن نسيب بن زيدبن مالك بن الحارث بن عوف بن مازن بن منصور.

        وكان يعلى بن أمية حليفاً لبني نوفل بن عبد مناف، وأسلم هو وأبوه أمية وأخوه سلمة بن أمية، وشهد يعلى وسلمة إبناً أمية مع رسول الله ص بتوك، وروى يعلى عن عمر.

        أخبرنا إسماعيل بن علية قال: أخبرنا ابن جريح قال: أخبرني عظاء عن صفوان بن يعلى بن أمية قال: غزوت مع رسول الله ص، جيش العسرة، وكان من أواثق أعمالي في نفسي».

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الطبقات الكبرى: 5/456.

(72)

 

        وإلى هذا أشار في الذخيرة حينما قال: «وأعقب بها، قاله محمد بن سعد في طبقاته»، إن هذا يتم إن صح كون أمية أبو يعلى هو أبو أدهم: والحال أن أمية بن أبي عبيدة ذكر إبناه، فإن أحدهما يعلى والآخر سلمة وأمهما منية بنت جابر، ولم يذكر أدهماً.

        وعلى ما قدمناه تبين أن صاحب الذخيرة في الخلط وبنى عليه، وكل من تأخر عصره عنه نقل من دون دقة وتمحيص، ولذلك قال صاحب الأعيان ما نصه:

        «في كتاب لبعض المعاصرين(1) عن أبن سعد في محكي الطبقات: أن أباه أمية، صحب النبي ص ثم سكن البصرة وأعقب بها، ولم نجد لذكل في الطبقات أثراً، ولا اجده أيضاً في الكتب التي استقصى أصحابها فيها أخبار الصابة كالاستيعاب والإصابة وأسد الغابة، ولو كان كذلك لذكر في أحدها»(2)

        ومن المؤسف أن من عاصره(3) أو تأخر عهده عنه نقل دون تحقيق، بل لم يسنده إليه مع أنه نقله عنه حرفياً، مما تسبب توجيه الانتقاد اليه مباشرة، وعليه فلا يمكن الركون إلى ما جاء في الذخيرة ولنقتصر في نسبه على ما ورد في مصادر مختلفة أنه: الأدهم بن أمية العبدي البصري فقط.

        والحاصل أنه لا دليل على أنه كان صحابياً. وما نقله بعض المتأخرين(4) من دون إسناده إلى مصدر يبدو أنهم تأثروا بالذخيرة وإن لم ينسبوه مثلما فعله صاحب الذخيرة.

        وبعدما تبين أن ما نقل في نسبه غير صحيح فهو الأدهم بن أمية العبدي البصري، وهذا ما لم يختلف عليه إثنان.

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) نظن أنه قصد به صاحب الذخيرة المتوفى سنة 1345هـ، بينما صاحب الأعيان توفي سنة 1371هـ.

(2) أعيان الشعية: 3/232.

(3) راجع وسيلة الدارين: 99.

(4) راجع فرسان الهيجاء: 1/27.

(73)