معجم أنصار الحسين  (الهاشميون)(الجزء الثالث)

اسم الکتاب : معجم أنصار الحسين (الهاشميون)(الجزء الثالث)

المؤلف : محمد صادق محمد (الكرباسي)
المطبعة : المركز الحسيني للدراسات لندن – المملكة المتحدة

 

 

 

الصفدي(1) وابن كثير بأن عقيل توفي عام خمسين(2) والذي هو شاذ، وقد ذهب المشهور إلى أنه توفي في زمن يزيد أو معاوية(3)، ما يدلنا على أن ولادته كانت في نهاية عام 60هـ مما ارتبك على المؤرخين أهو في نهاية عهد معاوية أو بداية عهد يزيد.

      وتبقى الرواية الثانية- والتي ترى بأن أمه كانت حرة، ومن آل فرزندا التابعة لقبائل الأنباط- أكثر حظاً للقبول. والأنباط من القبائل العربية القديمة التي لها حضارة تعود إلى ما قبل ميلاد المسيح «عليه السلام»، وكانت تسكن العراق والأردن فكان كبير آلهتهم يسمى بـ«دوشارا» وهو إله الشمس، كما أن اللات كان الإله الرئيسي لقريش(4) ولهم لهجتهم الخاصة كما لقريش كذلك، وهما من أشرف قبائل العرب، وقد ميزهما عن غيرهما أن نساء القبيلتين يصل سن اليأس عندهن إلى الستين، بينما غيرهن يصلن إلى سن اليأس في الخمسين(5)، وليس لدينا تفاصيل عن نسب أم مسلم أكثر مما ذكرناه.

      وأما عن ولادة مسلم بن عقيل فهذه الرواية توحي بأن ولادته كانت عام 42هـ على فرض أن وفاة أبيه كانت عام 60هـ وأما على قول الصفدي وابن كثير القائلين بأن عقيل توفي عام 50هـ فمعنى ذلك أنه ولد عام 32هـ، ولكن ما يفند هذا القول هو اشتراك مسلم بن عقيل في معركتين الأولى في فتح البهنسا عام 21هـ(6) والثانية في معركة صفين عام 37هـ.

      أما اشتراكه بفتح البهنسا فقد ذكره الواقدي في أكثر من موقع من

______________
(1) الصفدي: هو خليل بن أيبك بن عبد الله (696- 764هـ) ولد في صفد (في فلسطين) وتوفي في دمشق، أديب ومؤرخ، ولع بتراجم الأعيان، له مصنفات جمة، منها: البراقي بالوفيات، جنان الجناس، والتنبيه على التشبيه.

(2) راجع الشهيد مسلم بن عقيل: 60 عن نكت الهميان للصفدي: 201، والبداية والنهاية لابن كثير.

(3) الأعلام للزركلي: 4/242.

(4) راجع الموسوعة العربية الميسرة: 1/231، الموسوعة النبطية الكاملة: 2/37، ومنجد الأعلام: 706.

(5) راجع شرائع الإسلام: 1/22.

(6) فتوح الشام للواقدي: 207.

(230)

 

كتابه(1) فتوح الشام: إنه كان يقاتل بشجاعة وبسالة فكان أميراً لفرقة ومقاتلاً في أخرى، ويبرز قدراته القتالية ويتحدث عن شجاعته وجولاته في القتال حتى بعد مقتل إخوته الفضل وعلي وجعفر وما يذكره من شعره الحماسي في المعركة من الوافر:

ضناني الحرب والسهر الطويل          وأقلـقنــي الــتــســهــد والــعــويــل

فوا ثارات جعفر مع علـــــــي           وما أبدى جوابـــك يـــا عـــقـــيـــل

سأقتل بالمهند كل كلــــــــــب      عسى في الحرب أن يشفى الغليل(2)

      ثم يأتي ليقول في آخر المطاف، وكان الأمير عليهم مسلم بن عقيل، وأحاطوا بالمساكن، وجعلوا بالمدينة أسواقاً وشوارع وسكن أكثر الصحابة في جانب البحر اليوسفي، وخلوا من الآخر إلى الجانب الغربي شارعاً واحداً لأجل أن تسبح دوابهم في البحر، وأقام مسلم بن عقيل والياً عليها إلى خلافة عثمان بن عفان (عام 23هـ) فتولى محمد بن جعفر بن أبي طالب بعده، ومضى مسلم وترك أولاده وإخوته بها، ولم يزل في المدينة حتى قتل في خلافة الحسين(3) في الكوفة رضي الله عنه، وأقام محمد بن جعفر إلى خلافة علي (عام 46هـ) وتولى عليها بعده علي بن عبد الله بن العباس رضي الله عنه إلى خلافة معاوية (عام 50هـ)(4).

      وأما عن صفين فيحدثنا ابن شهرآشوب في كتابه المناقب: «فلما استهل صفر سنة سبع وثلاثين أمر علي فنودي في أهل الشام بالاعذار والانذار، ثم عبأ عسكره فجعل على ميمنته: الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر ومسلم ابن عقيل، وعلى ميسرته: محمد ابن الحنفية، ومحمد بن أبي بكر(5)،

__________
(1) ورد ذكره في فتوح الشام في الصفحات التالية: 215، 219، 229، 238، 240، 266، 276، 277، 280، 285، 290، وغيرها.

(2) فتوح الشام للواقدي: 285.

(3) في المصدر «الحسن» ولكنه تصحيف.

(4) فتوح الشام للواقدي: 290.

(5) محمد بن أبي بكر: هو ابن عبد الله (أبو بكر) بن أبي قحافة (عثمان) التيمي القرشي (10- 38هـ)، ولد في ذي الحليفة بين مكة والمدينة، نشأ في المدينة وتربى في حجر علي بن أبي طالب «عليه السلام»، كان يدعى عابد قريش، شهد مع علي «عليه السلام» وقعتي =

(231)

 

وهاشم بن عتبة(1) المرقال(2)، وعلى القلب: عبد الله بن العباس(3)، والعباس بن ربيعة بن الحارث(4)، والأشتر(5)، والأشعث(6)، وعلى الجناح: سعيد(7) بن قيس الهمداني(8)، وعبد الله ابن بديل بن ورقاء الخزاعي(9)، ورفاعة بن شداد البجلي(10)،

___________
= الجمل وصفين، ولاه إمارة مصر فدخلها سنة 7هـ بعد وفاة الأشتر (رض)، قبض عليه بعد التحكيم الذي جرى بين علي «عليه السلام» ومعاوية، وأحرق ودفنت حثته في مصر.

(1) هاشم بن عتبة المرقال: هو حفيد أبي وقاص (000- 37هـ) صحابي جليل وخطيب بارع، أسلم يوم فتح مكة، شهد القادسية واليرموك، تولى قيادة الرجالة في صفين مع علي، وقتل في آخر أيامها.

(2) في المناقب: «هاشم بن عتبة المر» والصحيح ما أثبتناه.

(3) عبد الله بن العباس: هو حفيد عبد المطلب القرشي الهاشمي (3ق.هـ- 68هـ)، صحابي جليل، ولد في مكة، لازم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) مع علي «عليه السلام» الجمل وصفين، سكن الطائف وتوفي فيها، لقب بـ«حبر الأمة».

(4) العباس بن ربيعة بن الحارث: والربيعة هو حفيد عبد المطلب القرشي الهاشمي كان من أصحاب أمير المؤمنين «عليه السلام»، شارك في حرب صفين وكان من الأشاوس الذين امتلأ معاوية منهم غيظاً عندما قتل كبير مقاتليه عوار بن أدهم.

(5) الأشتر: هو مالك بن الحارث النخعي (25ق.هـ- 39هـ) ولد في اليمن واستوطن المدينة والكوفة وقتل في مصر، كان أديباً شاعراً وخطيباً بليغاً، وفقيهاً زاهداً، وفارساً شجاعاً، شارك الإمام علياً «عليه السلام» في حروبه الثلاث، واليرموك.

(6) الأشعث: هو ابن قيس بن معدي كرب الكندي (23ق.هـ- 40هـ)، من أمراء كندة، كانت إمارته في حضرموت، أسلم بعد ظهور الإسلام وشهد اليرموك، وصفين والنهروان مع علي، أقام في المدينة، وورد المدائن وسكن الكوفة وتوفي فيها..

(7) في المناقب «سعد» والصحيح ما أثبتناه.

(8) سعيد بن قيس الهمداني: هو حفيد زيد (000- ن50هـ) كان من دهاة العرب وأجوادهم ومن أصحاب الإمام «عليه السلام»، شهد معه صفين، وهو من سلالة ملوك همدان.

(9) عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي: (000- 37هـ)، كان من ارحال الفصحاء والدهاة، انتهت إليه سيادة خزاعة، أسلم يوم الفتح وشهد حنيناً والطائف وتبوك، قاتل مع علي «عليه السلام» في صفين وكان قائد الرجالة، وفيها استشهد.

(10) رفاعة بن شداد البجلي: (000- 66هـ) من شجعان أهل الكوفة ومن أصحاب الإمام علي «عليه السلام»، شهد معه الجمل، قاتل مع المختار الثقفي حتى قتل.

(232)

 

وعدي بن حاتم(1)، وعلى الكمين: عمار بن ياسر(2)، وعمرو بن الحمق(3)، وعامر بن وائلة الكناني(4)، وقبيصة بن جابر(5) الأسدي(6).

      فالأسماء الواردة والذين كانوا لدناً له كانت أعمارهم تتراوح بين 25 عاماً و94 عاماً.

      1- الحسن: ولد سنة 3هـ، عمره 34 عاماً.

      2- الحسين: ولد سنة 4هـ، عمره 33 عاماً.

      3- عبد الله بن جعفر: ولد سنة 1هـ، وعمره 36 عاماً.

      4- مسلم بن عقيل: ولد سنة ....هـ،، وعمره.... عاماً.

___________
(1) عدي بن حاتم الطائي: هو حفيد عبد الله (ق32ق.هـ- 68هـ)، صحابي جليل ومن الأجواد العقلاء، كان رئيساً لطيء، أسلم سنة 9هـ، سكن الكوفة وتوفي فيها، شهد مع علي «عليه السلام» الجمل وصفين والنهروان.

(2) عمار بن ياسر: هو حفيد عامر الكناني المذحجي القحطاني (57ق.هـ- 37هـ)، صحابي جليل، ذو رأي سديد، من الولاة الشجعان، أحد السباقين إلى الإسلام والمجاهرين به، هاجر إلى المدينة وشهد بدراً والخندق وبيعة الرضوان كما شهد الجمل وصفين مع علي «عليه السلام»، ساهم في بناء مسجد قباء ولي الكوفة، استشهد في صفين.

(3) عمرو بن الحمق: هو حفيد كاهل الخزاعي الكعبي (000- 50هـ)، صحابي عظيم القدر، شهد مع علي «عليه السلام» حروبه، سكن الشام ثم رحل إلى مصر فالموصل وتوفي فيها، ولما سمع معاوية بموته أمر عامله عليها بقطع رأسه، وحمل إليه، وهو أول رأس حمل في الإسلام.

(4) عامر بن واثلة الكناني: هو حفيد عبد الله بن عمرو الليثي الكناني القرشي (3- 100هـ) صاحبي ثقة، فارس مقدام، ومن ذوي السيادة، ولد يوم وقعة أحد وتوفي في مكة، شهد مع علي «عليه السلام» وقائعه، خرج على بني أمية مع المختار مطالباً بدم الحسين «عليه السلام»، وخرج مع الأشعث، ويذكر أنه آخر من مات ممن رأى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، أدرك السجاد والباقر والصادق «عليهما السلام».

(5) قبيصة بن جابر الأسدي: هو حفيد وهب الكوفي المتوفى سنة 69هـ، كان تابعياً من رجال الحديث الفصحاء الفقهاء، وهو من أهل الكوفة، وكان أخا معاوية من الرضاعة. وهو غير قبيصة بن ضبيعة العبسي المستشهد عام 51هـ مع حجر بن عدي بالشام بأمر معاوية.

(6) مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: 3/168 وعنه بحار الأنوار: 32/573.

(233)

 

      5- محمد ابن الحنفية: ولد سنة 12هـ، عمره 25 عاماً.

      6- محمد بن أبي بكر: ولد سنة 10هـ، عمره 28 عاماً.

      7- هاشم بن عتبة: ولد قبل سنة 10ق.هـ، عمره أكثر من 47 عاماً.

      8- عبد الله بن العباس: ولد سنة 3ق.هـ، عمره 40 عاماً.

      9- العباس بن ربيعة: ولد قبل الهجرة، عمره يقوق 37 عاماً.

      10- مالك الأشتر: ولد سنة 3ق.هـ، عمره 40 عاماً.

      11- الأشعث بن قيس: ولد سنة 23ق.هـ، عمره 50 عاماً.

      12- سعيد بن قيس: ولد قبل الهجرة بسنوات، عمر نحو 40 عاماً.

      13- عبد الله بن بُديل: ولد قبل سنة 10ق.هـ، عمره أكثر من 47 عاماً.

      14- رفاعة بن شداد: ولد قبيل الهجرة، عمر نحو 37 عاماً.

      15- عدي بن حاتم: ولد سنة 51ق.هـ، عمره 88 عاماً.

      16- عمار بن ياسر: ولد سنة 57ق.هـ، عمره 94 عاماً.

      17- عمرو بن الحمق: ولد سنة 30ق.هـ، عمره 67 عاماً.

      18- عامر بن واثلة: ولد سنة 3هـ، عمره 34 عاماً.

      19- قبيصة بن جابر: ولد نحو سنة 20 ق.هـ، وعمره حوالى 57 عاماً.

      فمن يكون في منصب أمثال هؤلاء الأقران لا يمكن أن يكون عمره أقل منهم بكثير، فما بالك: إنه إذا كان في فتح البهنسا أميراً، ثم والياً فلا يعقل أن يكون عمره أقل من ثمانية عشر عاماً، وعيه فلا بد أن تكون ولادته في حدود السنة الثالثة من الهجرة.

(234)

 

      إذا ولد مسلم بن عقيل من علية النبطية في المدينة حدود عام 3هـ ونشأ بين بني عمومته من أبناء علي «عليه السلام» وجعفر وبين إخوته ورعاه أبوه عقيل وعمه علي «عليه السلام».

      ويبدو والله العالم أنه اشترك بالإضافة إلى فتح البهنسا في معارك الإمام علي «عليه السلام» الجمل وصفين والنهروان، وانضم بعد علي «عليه السلام» إلى الحسن «عليه السلام» ثم الحسين «عليه السلام» فكان مبعوثه الخاص إلى أهل الكوفة وجرى في الكوفة ما جرى عليه، وقد أوردناه في باب السيرة بشكل تفصيلي، وعلى أي حال فقد خرج يوم الثلاثاء الثامن من ذي الحجة عام 60هـ في الكوفة وقتل يوم التاسع الأربعاء، وقبره مزار معروف يقع شرقي مسجد الكوفة إلى جهة الجنوب.

      وأما عن الزواج فلا شك أنه تزوج في البداية السيدة رقية الكبرى ابنة عمه الإمام أمير المؤمنين «عليه السلام»، وكانت ولادتها من أمها الصهباء التغبية في شهر جمادى الأولى من عام 13هـ، وأنجبت له:

1- عبد الله الأكبر                  34- 61هـ

2- علي                            36- قبل 61هـ

      ثم بعد أن توفيت رقية الكبرى عام 45هـ تزوج مسلم من أختها رقية الصغرى والتي كانت ولادتها من أمها أم شعيب المخزومية عام 24هـ، وأنجبت له:

3- عبد لله الأصغر (عبيد الله)     46- 61هـ

4- حميدة                          49- نحو 142هـ.

5- عاتكة                          52- 61هـ.

6- محمد الأصغر                 53- 62هـ.

7- إبراهيم                         54- 62هـ.

      وتسرى بجاريتين الأولى من بني عامر بن صعصعة(1) فأولدت له مسلماً، والثانية لم يعرف اسمها فنذكر باسم «أم ولد» وأنجبت له:

___________
(1) وربما لم تكن ملك يمين بل كانت عن عقد زواج.

(235)

 

8- محمد الأكبر                   33- 61هـ.

9- جعفر                           نحو 35- 61ه.

10- عون                          نحو 40- قبل 61هـ.

11- عبد الرحمان                 42- 61هـ.

12- عبد العزيز                   ق60- 61هـ.

13- مسلم                          نحو 40- 61هـ أمه من بني عامر بن صعصعة(1)..

      ومن أخباره على ما يذكر مقولة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فيه حين سأله الإمام أمير المؤمنين «عليه السلام»: يا رسول الله، إنك لتحب عقيلاً؟

      قال: أي والله أني لأحبه حبين، حباً له وحباً لحب أبي طالب له، وإن ولده لمقتول في محبة ولدك، فتدمع عليه عيون المؤمنين، وتصلي عليه الملائكة المقربون(2).

      وقد قال الإمام زين العابدين «عليه السلام» في مجمل آل عقيل حين سئل عن كثرة عطفه لبني عقيل: «إني لأذكر يومهم مع أبي عبد الله الحسين فأرق لهم»(3).

      ولنا ترجمة أخرى لمسلم بن عقيل في معجم الشعراء الناظمين في الحسين «عليه السلام» ولذلك فإننا نكتفي بهذا القدر من ترجمته هنا لننقل المزيد من سيرته هناك وفي السيرة الحسينية إن شاء الله تعالى.

___________
(1) راجع بشأن أولاده وزوجاته وتواريخهم أولاً تراجمعهم في هذا المعجم فصل الرجال والنساء، ثانياً: كتاب الشهيد مسلم بن عقيل للمقرم: 213- 218، وكتاب سفير الحسين للمظفر: 14- 21، ثالثاً: المعارف لابن قتيبة، مقاتل الطالبيين لأبي فرج الأصبهاني، المنتخب للطريحي، عمدة الطالب للداودي، وسيلة الدارين للزنجاني وغيرها.

(2) كتاب الشهيد مسلم بن عقيل: 221، هامش مقتل الحسين لبحر العلوم: 213، كلاهما عن أمالي الصدوق: 111.

(3) كتاب الشهيد مسلم بن عقيل: 46 عن كامل الزيارات: 107.

(236)

 

98

مسلم بن مسلم الهاشمي

نحو 40- 61هـ = 660- 680م

      هو: مسلم بن مسلم بن عقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشي.

      قال البلاذري في أنسابه: «وولد مسلم بن عقيل: عبد الله وعلياً، أمهما رقية بنت علي بن أبي طالب، ومسلم بن مسلم، أمه من بني عامر بن صعصعة، وعبد الله لأم ولد ومحمداً»(1).

      وقال العُمري في المجدي: «وأعقب مسلم قتيل الكوفة مسلماً عبد العزيز وعبد الله قتيل الطف»(2).

      ويقول ابن قتيبة: «فولد مسلم بن عقيل: عبد الله بن مسلم، وعلي بن مسلم، أمهما رقية بنت علي بن أبي طالب، ومسلم بن مسلم، وعبد العزيز ابن مسلم»(3).

      وذكر الإسفراييني في نور العين بعد مقتل علي الأكبر بن الحسين «عليه السلام»: «ثم برز مسلم بن مسلم بن عقيل وجعل يقول:

اليوم ألقى مسلماً وهو أبي

وفتية ماتوا من اتباع النبي

___________
(1) أنساب الأشراف: 2/70.

(2) المجدي: 307.

(3) المعارف لابن قتيبة: 204.

(237)

 

وألتقي بسادة نالوا المــــــنى

أولاد مولانا الرسول العربي

      ثم حمل على القوم وقاتل فيهم حتى قتل منهم تسعين فارساً وقتل رحمه الله، ثم برز من بعده جعفر أخوه..»(1).

      هذا وقد علق محقق مقتل الحسين لبحر العلوم على كلام ابن قتيبة في ذكره مسلم بن مسلم قائلاً: «ولعله اشتباه»(2) ولم يفصح عن سبب الاشتباه وبماذا، مما لا يمكن الركون إلى ادعائه.

      ومن مجموع ما أوردناه يتبين ما يلي:

      1- إن أمه من بني عامر بن صعصعة، وعامر هذا بطن من هوازن من قيس بن عيلان من العدنانية، وهم بنو عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر ابن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان، ويقال لهم: الأحامس، ويقسمون إلى أربعة أفخاذ: نمير، ربيعة، هلال، وسوأة، وكانت منازلهم في نجد ثم نزلوا ناحية من الطائف وكانوا فيها حتى دخل الإسلام الطائف، ولما فرغ النبي «عليه السلام» من تبوك وأسلمت ثقيف، وبايعت، ضربت إليه وفود العرب في دين الله أفواجاً، فوفد بنو عامر بن صعصعة وفيهم عامر بن الطفيل، وإربد بن قيس، وجبار بن سلمى، وهم رؤساء قومهم، وكانوا ينوون شراً بالرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، فدعا الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) عليهم فمات عامر بالطاعون، وهو راجع إليه أهله وقتل إربد بعدها بقليل(3).

      ومن هنا يعلم أن أمه لم تكن أمة، ولو كانت أمة لوجب أن تكون من أيام فتح مكة وهذا لا يناسب عمر مسلم بن عقيل والله العالم، وعلى أي حال فهي عربية.

      2- إن مسلم بن مسلم لا بد وأن يكون حين معركة الطف قد بلغ مبلغ الرجال حتى خرج للبراز، وقتل منهم جماعة، وقد عبر الإسفراييني عن المقتولين بالعدد كمبالغة لكثرة من قتل منهم.

_____________

(1) نور العين في مشهد الحسين: 27.

(2) هامش مقتل الحسين لبحر العلوم: 214.

(3) راجع معجم قبائل العرب: 2/709.

(238)

 

      3- نقدر أن زواج عقيل من أم مسلم كان بعقد النكاح وذلك في أوائل العقد الثالث من الهجرة وما بعده، مما لا بد وأن يكون في يوم الطف قد تم العقد الثاني من عمره أو شارف أن يكملها، وهذه أقل التقادير، ومن كان كذلك لا بد وأن يكون متزوجاً، ولكن ليس في اليد ما يمكن الاعتماد عليه.

      وما دام ورد اسمه في جملة الشهداء دون ما يناقضه شيء فلا مانع من ذلك إلى أن يثبت العكس.

(239)

 

99

معين بن عقيل الهاشمي

...- 61هـ = ...- 680م

 

      هو: معين بن عقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشي.

      ضبط الكلمة: «معين» إن جذر الكلمة من المصدر «العون» وهو المساعدة، يقال عانه على أمر إذا ساعده، وصيغة «معين» على زنة «منير» اسم فاعل من أعان يعين فهو معين من باب الأفعال المزيد فيها، كأقام يقيم مقيم، أصل معين كان معون على أنه مفعل كمكرم، نقلت كسرة الواو ما قبها وقلبت الواو ياءً(1)، فأصبح معيناً، وهي إذاً من الصفات التي استخدمت في تسمية الذكور من الأشخاص.

      وأما من حيث تاريخ التسمية فلم نعثر على المفردة في التسميات المستخدمة في الجاهلية وأقدم ما عثرنا عليه هو معين بن عبد الله المحاربي المتوفى عام 410هـ، والذي كان من الشجعان الأشداء، ومن زعماء قومه كان اسمه معناً فصغر، أراد الخروج على معاوية فعلم المغيرة بأمره فقبض عليه ، وبعث إلى معاوية يخبره بأمره، فكتب إليه: إن شهد أني خليفة فخل سبيله، فأحضره المغيرة، وقال له: أتشهد أن معاوية خليفة وأنه أمير المؤمنين؟

      فقال معين: أشهد أن الله عز وجل حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، فأمر به فقتل(2).

___________
(1) راجع كتاب صرف مير: 49.

(2) الأعلام للزركلي: 7/274، عن الكامل لابن الأثير.

(240)

 

      ولكن يظهر أن هذا ليس على الصيغة التي نريدها إذ أن (معن) على زنة (فعل)، إذا صغر أصبح معين بضم أوله وفتح ثانيه، وأما معين فهو بضم أوله وكسر ثانيه، ومعنى معن بفتحتين بمعنى المكان أو النبت روي من الماء يقال معن يمعن معناً، واستخدم في الذكور من الإنسان ليفهم منه أنه مليء بالخير ومعدنه، وأما المعين بالفتح فهو الماء الجاري.

      وربما كان صاحب العنوان مصغراً لمعن، وإن أقدم الأسماء التي وصلتنا هو معن من عتود بن عنين بن سلامان من نعل من طيء، وهو من الأجداد الجاهليين، كون بنوه بطناً(1)، والاستخدام العربي يرجح أن يكون معين بضم ففتح ليكون مصغراً لـ«معن»، ولكن استخدام معين مع عون ربما يرجخ كونه هو من الجذر «عون» وهو المساعدة.

      أمه: أم ولد حسب الظاهر إن ثبت وجوده وحضوره ومقتله.

      جاء في مقتل الحسين «عليه السلام» المنسوب إلى أبي مخنف لوط بن يحيى(2) المتوفى عام 157هـ أبياتاً منسوبة إلى السيدة أم كلثوم بنت أمير المؤمنين «عليه السلام» فأنشأتها حين نظرت إلى قتلاه على أرض الطف من السريع:

أضحكني الدهر وأبـــكاني         والدهر ذو صرف وألـوان

فهل بنا في تسعة صرعوا          بالطف أضحوا رهن أكفان

وستة ليس يجارى بـــــهم          بنو عقيل خير فرســـــــان

والليث عون وأخوه مـعيـ          ـن ذكرهم جدد أحـزاني(3)

      حيث ذكر عوناً وأخاه معيناً وظاهره أنه من أبناء عقيل بدليل البيت الذي قبله، وقد نقل الأبيات لسان الملك(4) في ناسخه(5)، والظاهر أنه

______________
(1) الأعلام للزركلي: 7/273.

(2) لوط بن يحيى: هو حفيد سعيد بن مخنف الأزدي الغامدي (000- 157هـ) كوفي، من المؤرخين الرواة المشهورين، ومن أصحاب أمير المؤمنين والحسنين والسجاد والباقر والصادق «عليهم السلام»، من مؤلفاته: أخبار المختار، فتوح العراق، والأزارقة.

(3) مقتل الحسين لأبي مخنف: 156.

(4) لسان الملك: هو محمد تقي بن محمد علي الكاشاني، وقد سبقت ترجمته.

(5) ناسخ التواريخ: 3/11.

(241)

 

نقلها عن أبي مخنف فالمصدر واحد، ومن المعلوم أن أرباب التراجم والرجال شككوا في نسبة هذا الكتاب إلى أبي مخنف فلا حجية له إذا تفرد بشيء، بالإضافة إلى أن هذه الأبيات أو مشابهها نسبت إلى كل من الكميت بن زيد والمغيرة بن نوفل فالأول لم يورد في أبياته ذكراً لعون واخيه، والثاني ذكره هكذا:

والمرء عون وأخيه مضى         كلاهما هيج أحزاني(1)

      وهناك رواية اخرى التي تنسبها إلى أم كلثوم وردت هكذا:

ثم بعون وأخيه معاً           فذكرهم هيج أحزاني(2)

      ولعل لأجل ذلك احتمل بعضهم أن ما جاء في مقتل أبي مخنف تصحيف لكلمة «معاً» ولكن ما جاء في الناسخ: «والليث عونا ومعيناً معاً» يبعد ذلك.

      هذا ولم يرد في كتب المقاتل والتراجم والرجال والتاريخ ذكر لمعين ابناً لعقيل أو حفيداً له، بل ولم يرد لأحد الهاشميين شخصية بهذا الأسم سواء حضر معركة الطف أم لم يحضر مما يجعلنا أن نقول بالتحسف.

      ومن الغريب أن لسان الملك لم يتطرق إلى اسمه ولم يعلق على ما نقله من الأبيات وفيه اسم معين، وكل هذا يدلنا على وقوع غلط في النقل وإلا فلسان الملك لا يفوته مثل هذا الأمر، ولا معنى لتفسيره بأنه جاء صفة لا إسماً لمكان الواو.

      وإذا استعرضنا كل هذه النسخ على العروض لوجدناها كلها جاءت على التفعيلات التالية:

مستفعلين مفتعلن فاعلن      مفاعلن مفتعلن فعلن

/././/.   /.///. /.//.               //.//.  /.///.  /./.

      إلا ما ورد في مقتل الحسين لأبي مخنف فجاءت التفعيلة الأولى من

___________
(1) أدب الطف: 1/138 عن معجم الشعراء للمرزباني: 243.

(2) المنتخب للطريحي: 469.

(242)

 

العجز مستفعلن «/././/.»، ولا يخفى أن تفعيلة السريع في الأصل كالتالي:

مستفعلن     مستفعلن     مفعولات ×2

/././/.     /././/.     /./././ ×2

      دخل على التفعيلة مستفعلن (/././/.) الطي فأصبحت مفتعلن (/.///.).

      ودخل على التفعيلة مفعولات (/./././) الكسف والطي فأصبحت فاعلن (/.//.).

      ودخل على التفعيلة مستفعلن (/././/.) الخبن فأصحبت مفاعلن (//.//.).

      ودخل عل التفعلة مفعولات (/./././) أيضاً الصلم فأصبحت فعلن (/./.).

      وهذا جائز، ولعل نسخة أبي مخنف مرجحة من حيث تناسق التفعيلة لأولى.

      من الصدر والعجز، إذاً فلا يمكن أن يعاب من حيث العروض لأخذ القرار بإلغاء عون أو إثباته.

      وعلى أي حال فإذا ثبت وجوده وحضوره فإنما يقتضي عدم بروزه إلى المعركة، وربما كان صغيراً فقتل دون أن يكون له دور في القتال، والله العالم.

(243)

 

100

موسى بن عقيل الهاشمي

نحو 38- 61هـ = 658- 680م

 

      هو: موسى بن عقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشي.

      ضبط المفردة «موسى» بضم أوله وسكون ثانيه على زنة فعلى: آلة حديد يحلق بها الشعر، ولكن الكلمة ليست مأخذوة منها، بل إنها أعجمية أصلها عبرانية عربت وهي مركبة من «مو» + «سا»= موسا فالأول تعني الماء، والثانية تعني الشجر، وذلك لأن التابوت الذي ألقي فيه النبي ابن عمران في اليم وجد بين الماء والشجر فمسي بها، وقيل: إن المعنى العبراني له هو الجذب لأنه جذب الماء، واشتقاقه من الماء والساج، وسئل أبو العباس(1) عن صرفه فقال: إذا جعلته فعلى لم تصرفه، وإن جعلته مفعلا من أوسيته صرفته(2).

      وعلى أي حال فأول من سمي به النبي موسى بن عمران بن وهيب ابن لاوي بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم «عليهم السلام»، والذي ولد في مصر عام 1568ق.هـ، وتوفي في التية عام 1442 ق.هـ، واستخدمت تسميته في الإسلام، وأعظم من سمي به هو الإمام موسى بن جعفر «عليه السلام» (128- 183هـ)، ولنرجع إلى الحديث عن صاحب العنوان.

_______
(1) أبو العباس: هو محمد بن يزيد بن عبد الأكبر المبرد الثمالي الأزدي والمعروف بالمبرد (210- 286هـ) إمام العربية ولد في البصرة وسكن بغداد وتوفي فيها، من آثاره: إعراب القرآن: المقرب، وطبقات النحاة البصريين.

(2) لسان العرب: 13/222.

(244)

 

      أمه: هي الخوصاء بنت عمرو بن عامر بن الهصان بن كعب بن عبد ابن أبي بكر بن كلاب العامرية(1) وتكنى الخوصاء أم البنين، وقد اختصر المامقاني نسبها فقال: هي أم البنين بنت أبي بكر بن كلاب العامري(2).

      وقيل هو شقيق لجعفر بن عقيل، وذكر الطبري بأن أم جعفر هي: أم البنين ابنة الشقر (الثغر) بن الهضاب (الهصان)(3)، والثغر هو لقب عمرو، وإم البنين هي كنية الخوصاء، فعليه هما شقيقان، وصرح بهذه الكنية بالإضافة إلى من ذكرناهم صاحب الذخيرة(4).

      وقد وقع التصحيف في كثير من الأسماء والألقاب والكنى، وقد أشرنا إلى جملة منها لدى ترجمتنا جعفر بن عقيل فليراجع، ومنها ما جاء في تسمية من قتل مع الحسين: «أم البنين بنت النفرة» بدلاً من «أم البنين بنت الثغر»(5)، كما وتكنى الخوصاء بكنية أخرى غير «أم البنين» ألا وهي «أم الثغر»(6)، وبما قدمنا تبين  أن لا خلاف في تحديد أمه، وإنما التصحيف كان من وراء الخلاف الشكلي، ويذكر بأن الخوصاء أنجبت لعقيل أربعة من الأبناء وهم: موسى وجعفر وأبو سعيد ويزيد(7)، ولذلك يمكن أن يكون ذلك وراء تكنيتها بأم البنين، وربما كان كنيتها القديمة أم الثغر، وأما كنيتها بعد الولادة أم البنين. وأم الخوصاء هي: أودة بنت حنظلة بن خالد بن كعب بن عبد أبي بكر العامرية. وأم أودة هي: ريطة بنت عبد بن أبي بطر بن كلاب العامرية، وأم ريطة: أم البنين بنت معاوية بن خالد بن ربيعة بن عامر العامرية، ووالدة أم البنين هي: حميدة بنت عتبة بن سمرة بن عتبة بن عامر العامرية.

_____________

(1) إبصار العين: 51، أنصار الحسين: 133.

(2) تنقيح المقال: 3/257.

(3) تاريخ الأمم والملوك: 3/343.

(4) وسيلة الدارين: 233 عن ذخيرة الدارين: 162.

(5) تسمية من قتل مع الحسين: 151.

(6) سفير الحسين: 22.

(7) سفير الحسين: 26.

(245)

 

      وما ورد في سفير الحسين(1) بأن أمه أم ولد لا يعتنى به، حيث لم يوثقه.

      قال أبو مخنف في مقتله(2) بعد استشهاد مالك بن داود: «ثم برز من بعده موسى بن عقيل وهو يرتجز ويقول:

يا معشر الكهول والشــــبان

أضربكم بالسيف والسنــــان

أحمي عن الفتية والنســوان

وعن إمام الإنس ثم الجـــان

أرضي بذاك خالق الإنـسان

ثم رسول الملك الديــــان(3)

      ثم حمل على القوم ولم يزل يقاتل حتى قتل سبعين فارساً، ثم قتل رحمه الله وبرز من بعده أحمد بن محمد الهاشمي..».

      وأما المامقاني فقال: إنه من شهداء الطف وكفاه في ذلك شرفاً وجلالة(4).

      وذكر الدربندي بعد مقتل مالك بن داود: «وبرز من بعده موسى بن عقيل أخو مسلم بن عقيل وأنشأ يقول من الوافر:

إليكم معشر الكفار ضربـــــاً       يشيب لوقعه رأس الرضيع

ونحمي معشر المختار جمعاً             بكف فتى لمولاه مطـــيع(5)

      ولم يزل يقاتل حتى قتل من القوم خمسين مبارزاً، واستشهد أمام الحسين «عليه السلام»، وبرز من بعده غلام اسمه مسعود الهاشمي..»(6).

______________
(1) سفير الحسين: 26.

(2) مقتل الحسين لأبي مخنف: 116.

(3) راجع ديوان القرن الأول: 2/234.

(4) تنقيح المقال: 3/257.

(5) راجع ديوان القرن الأول: 2/36.

(6) أسرار الشهادة: 2/227.

(246)

      وجاء في مكان آخر من كتابه(1): «ثم خرج من بعده جعفر بن عقيل وهو يرتجز ويقول:

أنا الغلام الأبطحي الطالــــبي

من معشر في هاشم وغالــــب

ونحن حقاً سادة الذوائــــــــب

هذا حسين أطيب الأطايـــــب

من عترة البر التقي العاقب(2)

      قال أبو مخنف: وهو يقول: «يا معشر الكهول والشبان» الأبيات السابقة، ثم حمل على القوم ولم يزل يقاتل حتى قتل من القوم خمسة وأربعين رجلاً، وفي البحار قتل خمسة عشر فارساً، وعن ابن شهرآشوب: وقيل قتل رجلين، ثم قتله بشر بن سوط الهمداني»(3)

      وفي كلام الدربندي شيء من الخلط.

      أولاً: إن العينية جاءت في نور العين منسوبة إلى القاسم بن العباس بن ابن علي بن أبي طالب(4).

      ثانياً: إن نقله عن أبي مخنف جاء منقوصاً حيث إن أباً مخنف ذكرها كما نقلناها عنه منسوبة إلى موسى بن عقيل، والسقط ظاهر من عبارته.

      ثالثاً: إنه ذكر بأنه برز بعده غلام اسمه مسعود الهاشمي، بينما ذكر أبو مخنف في مقتله أحمد بن محمد الهاشمي.

      رابعاً: إن قاتله هو قاتل شقيقه جعفر بن عقيل، وهذا قد يحصل، ولكن احتمال الخلط لأسباب أخرى وارد أيضاً، وهذا يؤيده.

      وأما المحلاتي فقد اختلطت عليه الأمور فنقل عن تاريخ الطبري ما

___________
(1) وقد نقلها من تسلية المجالس: 2/302.

(2) راجع ديوان القرن الأول: 1/57.

(3) أسرار الشهادة: 2/280.

(4) نور العين في مشهد الحسين.

(247)

 

يلي: روى الطبري عن أبي مخنف لما قتل جعفر بن عقيل تقدم أخوه موسى بن عقيل إلى القتال وهو يرتجز ويقول: «يا معشر الكهول والشبان»- الأبيات- ثم حمل على القوم حتى قتل منهم ثلاثين رجلاً: وجرح جماعة آخرين، إلى أن طعنه عمرو بن صبيح الصائدي من كمين نصبه له فسقط من على جواده، فأحاط به القوم من جميع الجهات، وحزوا رأسه من جسمه(1).

      ولا نعلم من أين جاء بهذا النص حيث لا ذكر له في تاريخ الطبري أولاً،. وما هو موجود في مقتل الحسين لأبي مخنف مختلف عنه بعض الشيء ثانياً.

      وذكره صاحب ناسخ التواريخ(2) إلا أنه اعتمد على مقتل الحسين لأبي مخنف فلم يزدنا شيئاً.

      وأما القندوزي(3) فقد ذكره في جملة المقاتلين بالطف(4)، وذكر الرجز الذي أورده أبو مخنف، وقال: ولم يزل يقاتل حتى قتل من الأعداء ستين فارساً ثم قتل.

      وعلى أي حال فإن وجوده لا ينكر فلنتحر عن عمره وبما أنه شقيق لجعفر وأبي سعيد ويزيد، ربما يمكن الوصول إلى جانب من الواقع، حيث إن أبا سعيد ولد عام 16هـ. وأما جعفر فقد ولد عام 37هـ، وأما يزيد فرما كان البكر من أبناء أبيه لأنه كني به، وعقيل ولد عام 43ق.هـ، فلا مجال للقوم بالتأخير عن عام 37، كثيراً، لأن سن اليأس قد يحكم علينا، وعلى أي حال فلا يمكن تجاوز سنة 38هـ كثيراً، وإن كنا نرجح أنه ولد ما بين أبي سعيد وجعفر، والله العالم بحقائق الأمور، ولا شيء لدينا عن حياته الزوجية أبداً، ومن الواضح أنه لم يعقب.

_____________
(1) فرسان الهيجاء: 2/124 مترجم من الفارسية ونقل عنه وسيلة الدارين: 234.

(2) ناسخ التواريخ: 2/319.

(3) القندوزي: هو سليمان بن إبراهيم البلخي الحسيني الحنفي (1220- 1294هـ)، من العلماء المحدثين، من مؤلفاته: أجمع الفوائد، مشرق الأكوان، وينابيع المودة.

(4) ينابيع المودة: 2/169.

(248)

 

حرف الياء

 

101- يحيى بن الحسن الهاشمي:             ...-... لا جود له

 

(249)

 

(250)

 

101

يحيى بن الحسن الهاشمي

... - ...هـ = ... - ...م

 

      هو: يحيى بن الحسن بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشي.

      ضبط الكلمة: «يحيى» في الأصل فعل مضارع من حيى فعل ماضي، وجاء في تفسر قوله تعالى: (أن الله ييشرك بيحيى...)(1) قال قتادة(2) سمي يحيى لأن الله تعالى أحياه بالإيمان، سماه الله بهذا الاسم قبل مولده(3)، ومعناه يعيش(4)، وقيل في سبب التيمة أنه إنما أحيى به عقر أمه، وقيل لأنه أحيا قلبه بالنبوة، ولم يسم قبله أحد يحيى(5)، والنصارى تسمى يحيى بن زكريا بن بيوحنا المعمدان(6)، وكانت ولادة يحيى بن زكريا عام 642ق.هـ، وتوفي عام 610ق.هـ(7)، ومن الواضح أن التسمية العبرانية هي يوحنا والتسمية العربية هي يحيى.

      ولنرجع إلى حديثنا عن يحيى بن الحسن بن علي بن أبي طالب «عليه السلام».

_____________
(1) سورة آل عمران، الآية: 39.

(2) قتادة: هو ابن دعامة بن قتادة بن عزيز السدوسي البصري (61- 118هـ) سبقت ترجمته.

(3) التبيان: 2/451.
(4) الميزان: 3/176.

(5) مجمع البيان: 2/742.

(6) دائرة معارف القرن العشرين: 10/927.

(7) الحين والتشريع الإسلامي: 1/72.

(251)

 

      قال صاحب الناسخ: لقد عد المجلسي من شهداء الطف يحيى ابن الإمام الحسن «عليه السلام»(1) ويعلق صاحب الناسخ بأنني لم أعثر على ابن للإمام الحسن بهذا الاسم، ويضيف بأن المستشهدين في كربلاء من أبناء الحسن خمسة وليس فيهم يحيى.

      وبعد التنقيب لم نجد ما نقله عن المجلسي في البحار.

      وليس لدينا أية معلومة عنه سوى ما أتذكر أنني رأيته في بعض كتب الأنساب أن الإمام الحسن رزق ابناً باسم يحيى إلا أنه درج، ولكن لم يحضرني المصدر فلذلك لا يمكن البت فيه وبالأخص فإن معظم كتب الأنساب التي بحوزتي لم تذكره، واحتمال اخلط بينه وبين يحيى بن علي ابن أبي طالب، والذي أمه أسماء الخثعمية مستبعد جداً لأنه درج في السنة الأولى من عمره وهو عام 14هـ.

_____________
(1) ناسخ التواريخ (حياة الإمام الحسين): 2/326.

(252)

 

الخاتمة

 

(253)

 

(254)