معجم أنصار الحسين  (الهاشميون)(الجزء الثالث)

اسم الکتاب : معجم أنصار الحسين (الهاشميون)(الجزء الثالث)

المؤلف : محمد صادق محمد (الكرباسي)
المطبعة : المركز الحسيني للدراسات لندن – المملكة المتحدة

 

 

 

 

إضافة أية معلومة أخرى. خلافاً لديدنه الذي لا يترك إسماً من أسماء الطالبيين إلا ويزود القارىء ببعض المعلومات عنه، بينما عندما يذكر محمد ابن الحسين يوضح عنه بما لديه من معلومات، فهذا التفرد في النقل والجفاف في المعلومة يجعلنا نرجح أن لا وجود له كما هو مفهوم نصوص من حصروا أبناء الحسين «عليه السلام» من المكثرين بالعليين الثلاثة وإبراهيم وجعفر وعبد الله على خلاف فيهم.

      وهذا الأمر سارٍ أيضاً إلى كتاب ذخائر العقبى، والذي لم يوفق كلامه كما هو ديدنه، وعنه نقل بعض المتأخرين عنه(1).

      وقد تفرد في الرأي أيضاً كل من ذهب إلى أنه استشهد في كربلاء، اللهم إلا أن يقال: بأن المقصود بمحمد هذا هو علي الأصغر أو عبد الله لأن الغالب على من ذكرهم في كربلاء ولم يذكروهم معاً.

      وعلى أي حال فإنه حاله حال أبي بكر بن الحسين «عليه السلام» الذي تفرد به البلاذري والذي لا نشك بأنه تصحيف لأبي بكر بن الحسن الذي أورده مشهور المؤرخين وأرباب المقاتل والسير.

      وفي ظل عدم وجود روافد تروينا بالمعلومات عن الشخصيات أو الأحداث فما علينا إلا أن نتوقف عند هذا الحد، ليرجع القارئ إلى ترجمة محمد بن الحسن «عليه السلام».

      ومما تجدر الإشارة إليه أن هناك أسماء لا مسميات لها ومن ذلك صالح ابن الإمام الحسين «عليه السلام» فقد ذكر البلاذري في فتوح الشام: استشهد في البهنسا زهاء من خمسة آلاف من أصحاب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) منهم من الأعيان والأمراء زهاء أربعمائة، ويتبعهم من الأشراف والصحابة نفر كثير، منهم علي ابن عقيل بن أبي طالب، والحسن بن صالح بن الحسين بن علي بن أبي طالب الذي عمر جامعاً فيها.

      ثم يضيف قائلاً: والأماكن المستجاب فيها الدعاء منها عند محرى الحصى ومقطع السيل وأن خلقاً كثيراً من الشهداء، ومشهد الحسن بن

____________
(1) الفصول المهمة: 199.

(123)

 

صالح بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وعند قبر زياد بن أبي سفيان بن الحرث(1).

      وكان ذلك في شهر ربيع الأول من سنة إحدى وعشرين من الهجرة أو اثنين وعشرين(2) كما صرح هو بذلك.

      وبما أنه لم يؤكد من قبل أرباب الأنساب والتاريخ والرجال والسيرة فلربما كان فيه تصحيف، وهذا يدلنا على أن كتب القدامى تحتاج إلى الكثير من الدراسة والتحقيق للوصول إلى الحقائق.

____________
(1) فتوح الشام: 198.

(2) راجع فتوح الشام: 207.

(124)

 

90

محمد بن العباس الهاشمي

ب36- 61هـ = 656- 680م

 

      هو: محمد بن العباس الأكبر ابن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب ابن هاشم القرشي.

      أمه: أم ولد على الأكثر، وقيل أمه لبابة بنت عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب الهاشمية.

      ولد: ما بين عام 36هـ وعام 44هـ وحسب المختار في ولادة أبيه العباس 19هـ نرجح أن تكون ولادته بعد عام 36هـ، وقد سبق الحديث عن أمه وولادته في ترجمة أخيه القاسم بن العباس، وذكرنا هناك بانه حضر كربلاء وبرز إلى المعركة وباسل حتى قتل، وكان مقتله قبل مقتله أخيه القاسم.

      ذكره عدد من المؤرخين وأرباب المقاتل، منهم: الإسفراييني في نور العين(1) إلا أنه لم يصرح باسمه، ولكن القرائن دلت على أنه المراد، ومنهم ابن شهرآشوب في مناقبه، ولكن نسبه إلى القيل(2)، كما عده الأمين في الأعيان من المستشهدين في كربلاء(3) وجاء في هامش مقتل الحسين لبحر العلوم: «أمه أم ولد ذكره عميد الدين في بحر الأنساب وغيره، والمعروف لدى كثير من أرباب المقاتل: أنه هو المقتول بين يدي عمه

____________
(1) نرو العين: 27.

(2) مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: 4/112.

(3) أعيان الشيعة: 1/610.

(125)

 

الحسين «عليه السلام» لا القاسم، وليس ذلك بعيداً عن الصواب»(1) حيث اختار أن المستشهد في كربلاء هو محمد بن العباس كبديل عن القاسم بن العباس، ولا شك أن الإسفراييني تفرد بذكر القاسم، أما أخوه محمد بن العباس فقد ذكره عدد من أرباب المقاتل.

      وبما أننا قد فصلنا الحديث عنه وعن أخيه القاسم لدى ترجمة الأخير فلا نكرر، فمن أراد التفاصيل فليراجع هناك.

      وفي النهاية لا بأس بالإشارة إلى أنه كأخيه لم يصلنا عن سيرته الذاتية شيء، والذي منها الزواج، ولكن الذي وصلنا أنه لم يعقب، وربما لم يكن متزوجاً حين استشهد في الطف والله العالم بحقائق الأمور.

_________
(1) هامش مقتل الحسين لبحر العلوم: 316.

(126)

 

91

محمد بن عبد الله الأكبر (الطيار) الهاشمي

25- 61هـ = 646- 680م

 

      هو: محمد بن عبد الله الأكبر بن جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشي.

      أمه: الخوصاء بنت حفصة بن ثقيف بن ربيعة بن عثمان بن ربيعة الوائلية.

      وأم أبيه: أسماء بنت عميس بن معد الخثعمية.

      وأم الخوصاء: هند بن سالم بن عبد الله بن عبد الله بن مخزوم بن سنان الوائلية.

      وأم هند: ميمونة بنت بشر بن عمرو بن الحرث بن ذهل بن شيبان الوائلية(1).

      ولد محمد بن عبد الله الأكبر حسب الظاهر حدود عام 25هـ، وذلك لأن شقيقه عبيد الله ولد عام 27هـ وكان عبيد الله ثاني أشقائه، وثالثهم هو أبو بكر(2) ويعتبر محمد هو الأكبر على تفصيل ذكره في شقيقه عبيد الله وقد سبق وقلنا: إن عبد الله بن جعفر تزوج من الخوصاء بعد زواجه من السيدة زينب «عليه السلام» عام 20هـ فيكون زواجه من الخوصاء نحو عام 24هـ، وهناك عدد كبير من أرباب النسب والتاريخ والمقاتل ذكروه في عداد المستشهدين

___________
(1) راجع مقاتل الطالبيين: 95.

(2) قتل أبو بكر يوم الحرة وذلك يوم الأربعاء 28/12/63هـ، - راجع مقاتل الطالبيين: 122.

(127)

 

في الطف ذكرناهم لدى ترجمة شقيقه عبيد الله، ونعيد فنذكر بعضهم كأبي الفرج الأصفهاني(1) والديار بكري(2) وابن العماد الحنبلي(3) وغيرهم كثر(4).

      وذكر ابن شهرآشوب مقتله بعد مقتل عبد الرحمان بن عقيل، حيث ذكر: «إنه برز وارتجز(5)، فقتل عشرة أنفس، ثم قتله عامر بن نشهل التميمي، ثم برز أخوه عون..»(6).

      ويقول أبو الفرج الأصبهاني: وإياه عنى سليمان بن قتة(7) بقوله- من الخفيف-:

وسمي النبي غودر فيــــهم         قد علوه بــصار مصقول

فإذا ما بكيت عيني فجودي         بدموع تسيل كل مسيل(8)

      وقاتله هو عامر بن نهشل التميمي بلا خلاف، وقد وقع التسليم عليه في زيارة الناحية بقوله: «السلام على محمد بن عبد الله بن جعفر، الشاهد مكان أبيه والتالي لأخيه، وواقيه ببدنه، لعن الله قاتله عامر بن نشهل التميمي»(9)، كما وقع التسليم عليه في الزيارة الرجبية بقوله: «السلام على

__________
(1) مقاتل الطالبيين: 95.

(2) تاريخ الخميس: 2/298.

(3) شذرات الذهب: 1/67.

(4) أعيان الشيعة: 1/610، الإرشاد: 2/107، تسمية من قتل مع الحسين: 151 وفيه قاتله التيمي، راجع أيضاً مروج الذهب، وتاريخ الطبري، وتاريخ ابن كثير، معجم رجال الحديث: 16/232، وذخيرة الدارين: 105.

(5) راجع بشأن رجزه ديوان القرن الأول: 2/221 بالإضافة إلى المصادر السابقة الذكر.

(6) مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: 4/106، راجع أيضاً مقتل الحسين للخوارزمي: 2/26، والفتوح لابن أعثم: 5/204، وإبصار العين: 40، وبحار الأنوار: 45/34، وأعيان الشيعة: 9/391.

(7) سليمان بن قتة: هو ابن حبيب بن محارب القرشي العدوي الخزاعي (ق50- 126هـ)، اشتهر باسم أمه قتة، كان من التابعين المعروفين بالولاء لأهل البيت «عليه السلام»، توفي في دمشق، له أشعار في رثاء الإمام الحسين «عليه السلام».

(8) مقاتل الطالبيين: 96، راجع أبياته مجتمعة في ديوان القرن الثاني: 149.

(9) بحار الأنوار: 98/349.

(128)

 

محمد بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب»(1).

      وذكر الطوسي في أصحاب الإمام الحسين «عليه السلام» شخصين بهذا الاسم أحدهما واضح المعالم حيث قال: محمد بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب قتل معه «عليه السلام»، وثانيهما مقتضب ليس فيه وضوح حيث قال: «محمد بن عبد الله»(2) ولربما فهم منه وجود شخصين إذ لا يمكن القول بالتكرار، ولا بأنهما متحدان، فلعل عبد الله كان له محمدان والله العالم، وقد ذكرت الثاني في باب أصحاب الحسين «عليه السلام» فليراجع.

      ويذكر الكاشفي أن محمد بن عبد الله خرج بعد أن استشهد آل عقيل فكان أول من خرج  من آل جعفر الطيار، فاستأذن الإمام الحسين «عليه السلام» فأذن له، ولكنه يرى بأن أمه هي زينب بنت أمير المؤمنين «عليه السلام»، ونقل عن كتاب نور الأئمة رجزاً آخر يختلف مضامينه مع ما ذكره الآخرون، ومع الأسف لم ينقل نص الرجز بل نقله مترجماً(3) إلى الفارسية نظماً(4).

      بقي الحديث عن زواجه وأولاده حديثاً مبتوراً، حيث لم نستكشف

___________
(1) رجال الطوسي: 80.

(2) رجال الطوسي: 80.

(3) الرجز بالفارسية جاء كالتالي:

باشما كار زار خواهم كرد         برشماكار، زار خـــواهم كرد

وز براي دل حسين عــلي         جان خود رانثار خــواهم كرد

تاكنم دست ظالمان كــوتاه         پابه حرب استوار خواهم كرد

كين خود أزشما نجـــواهم         سر دل آشكار خواهـــــم كرد

شكوه در پيش جعفر طيار         از شما بى شما خواهم كــرد

      وترجمتها كالتالي:

سأعمل بكم ما يؤسفــكم            سأورد عليكم ما يذلــــــكم

وسأفدي نفسي لقلــــــب            الحسين الذي هو من علـي

لأبعد يداً الظالمين عنـه      وسأقدم على محاربتكـــــم

سآخذ بعداوتكم لنــــــــا      واعلن عما كتمته في قلبي

شأشكيكم بما لا يحصى      عند جعفر الطـــــــــــيار

(4) راجع روضة الشهداء: 393.

(129)

 

من المصادر التي لدينا أكثر من أنه لم يعقب، وهذا لا يدل على أنه لم يتزوج، كما لا يدل على أنه لم ينجب، لم يراد منه أن عقبه ونسله لم يستمر، فلربما كان له أولاد وأحفاد ثم انقطع فلم يعد له ذكر، ومن المسبعد من عمره لم يتزوج.

(130)

 

92

محمد بن عبد الله الأكبر (العقيلي) الهاشمي

37- 61هـ = 657- 680م

 

      هو: محمد بن عبد الله الأكبر ابن عقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشي.

      أمه: ميمونة بنت علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشية.

      وأم أمها: أم ولد «أم ميمونة». سبق وتحديث عن نسله في المقدمة التمهيدية وفي ترجمة أبيه.

      سبق وقلنا إن لعقيل ثلاثة عبادلة: وصف الأول بالأكبر والثاني بالأوسط والثالث بالأصغر، ثلاثتهم تزوجوا من بنات أمير المؤمنين «عليه السلام» فالأول من ميمونة، والثانية من نفيسة، والثالثة من فاختة (أم هاني)، قتل الأكبر والأصغر في معركة الطف.

      لقد رزق عبد الله الأكبر من زوجته ميمونة: محمداً وعلياً وعبد الرحمان وعقيلاً ومسلماً(1)، ورقية وأم كلثوم، وقيل عقيلاً استشهد بالطف مع أبيه.

      كان عبد الله الأكبر بن عقيل قد ولد في حدود عام 20هـ، وأما زوجته ميمونة فقد ولدت في حدود عام 21هـ.

      وأما عبد الله الأوسط فقد ولد في حدود عام 25هـ وزوجته نفيسة فقد ولدت عام 22هـ تقريباً، وأنجبت له أم عقيل.

_______
(1) راجع المجدي: 307.

(131)

 

      وأما عبد الله الأصغر فقد ولد عام 27هـ بينما ولدت زوجته فاختة (أم هاني) نحو عام 34هـ، وأنجبت له: محمداً وعبد الرحمان وسلمى وأم كلثوم.

      وما حصل من تعدد العبادلة ومصاهرتهم جميعاً للإمام أمير المؤمنين «عليه السلام» وتشابه أسماء أولادهم أنه وقع خلط بين سيرتهم حتى نسب زواج أحد العبادلة إلى ثلاث من بنات أمير المؤمنين «عليه السلام»(1) ونسبوا أبناء هذا إلى ذلك، وزواج تلك إلى هذا، وإلى ذاك، فسبب إرباكاً لأهل النسب والتاريخ، ولقد أشار المظفر إلى جانب من هذا الإرباك لدى ترجمته إخوة مسلم بن عقيل تحت عنوان عبد الله الأكبر وعبد الله الأًصغر، فمن شاء فليراجع ترجمتهم لمجرد الاطلاع وإلا فلا حاجة لأن يربك نفسه.

      ومن هذا الإرباك نتج الكلام في من اسمه محمد، وهو ابن ابن عبيد الله ابن عقيل هل هو محمد بن عبد الله الأكبر، أو محمد بن عبد الله الأصغر، ومن هي أمه هل هي ميمونة أو فاختة (أم هاني)، إن لم يتجاوز أكثر من ذلك، ومما لا خلاف فيه نسيباً أن محمد بن عقيل قتل في الطف، وسنشير إلى بعض الأقوال:

      ذكر حسن بن محمد القمي(2): إن محمداً استشهد في كربلاء مع الإمام الحسين «عليه السلام»(3) ولم يحدد أمه بالاسم ولا أباه بالوصف، ولكن يستشف منه أنه الأكبر أي أن عبد الله هو الأكبر من أولاد عقيل.

      وقال المظفر: أما المجلسي والطبرسي فقالا: «وأما أم هاني فكانت عند عبد الله الأكبر ابن عقيل فولدت له محمداً قتل بالطف..»(4) وما يهمنا هو ابنه محمد- وليس زوجته- حيث ينقل عنهما بأنه قتل بالطف، ويؤكد

____________
(1) راجع إلام الورى: 1/397.

(2) حسن بن محمد القمي: هو حفيد الحسن الشيباني، كان من معاصري الشيخ الصدوق المتوفى عام 381هـ وكان من أعلام الإمامية، ألف كتابه تاريخ قم للصحاب بن عباد سنة 378هـ.

(3) تاريخ قم: 193.

(4) سفير الحسين: 26.

(132)

 

هذا المعنى حين يقول: «شهادة عبد الله الأكبر- بالطف- ذكرها أبو الفرج وابن شهرآشوب وغيرهما، وقال أبو الفرج: اشترك في قتله أبو مرهم الأزدي ولقيط بن ياسر الجهني، وأما ابنه محمد فنص على شهادته المجلسي والطبرسي» وما علينا بنقله عن أبي الفرج وإنما يهمنا الآن ما نقله عن المجلسي في البحار والطبرسي في الإعلام حيث إنهما ينصان على أن محمد بن عبد الله الأكبر بن عقيل استشهد في كربلاء، ولكن مع الأسف الشديد فإن المظفر هو الآخر قد وقع في الإرباك، بل زاد القارئ إرباكاً آخر، فإن المجلسي والطبرسي لم يوردا ذكراً لمحمد بن عبد الله بن عقيل أبداً وإنما الموجود هو محمد بن عبد الله بن جعفر الطيار.

      وأما ما نقله عن أبي الفرج الأصبهاني فالقسم الأول، وهو مقتل عبد الله الأكبر في الطف وارد(1)، وأما القسم الثاني وهو أن أبا مرهم الأزدي ولقيط بن ياسر الجهني اشتركا في قتله فغير وارد، والوارد في كتابه المقاتل: النص التالي: «وعبد الله الأكبر بن عقيل بن أبي طالب، وأمه أم ولد، قتله- فيما ذكره المدائني- عثمان بن خالد بن أسير الجهني، ورجل من همدان»(2)، وأما الإسمان اللذان ذكرهما وأنهما اشتركا في قتله فهو وارد في مقتل محمد بن مسلم بن عقيل حيث يقول ما نصه: «ومحمد بن مسلم بن عقيل بن أبي طالب، وأمه أم ولد، قتله- فيما رويناه عن أبي جعفر محمد بن علي (الباقر)- أبو مرهم الأزدي ولقيط بن إياس الجهني»(3)، والظاهر أن من وراء هذا الإرباك هو الخلط السابق الذي أصاب صاحبنا بالإرباك، والذي كانت نتيحته أن أوقع نفسه في هذا الإرباك الأخير، حيث جاءت ترجمة عبد الله الأكبر بن عقيل، ثم من بعده محمد ابن مسلم بن عقيل، فخلط المعلومتين معاً، وجاء ليضيف إرباكاً آخر حين قال في ترجمة عبد الله الأصغر ابن عقيل: «ذكره أبو الفرج بعد أن ذكر الأكبر وهذا نصه: وعبد الله بن عقيل بن أبي طالب، وأمه أم ولد، قتله عثمان بن خالد بن أشيم الجهني، وبشر بن حوط القايضي فيما ذكره

___________
(1) راجع مقاتل الطالبيين: 97.

(2) مقاتل الطالبيين: 97.

(3) مقاتل الطالبيين: 97.

(133)

 

سليمان بن راشد عن حميد بن مسلم انتهى، ولم يقيده بالأصغر لأنه سبق تقييده لأخيه بالأكبر»(1) ولكن الموجود في المقاتل ما يلي: «وعبد الرحمان ابن عقيل بن أبي طالب، وأمه أم ولد، قتله عثمان بن خالد بن أسيد (أشيم) الجهني وبشير بن حوط القايضي- فيما ذكر سليمان بن أبي راشد عن حميد بن مسلم»(2).

      ونقله هذا وبالشكل المقلوب يجعلنا أن لا نطمئن إلى نقل المصادر دون مراجعة الأصول أولا، وأن نحتمل أن لدى المظفر كانت نسخة أخرى من مقاتل الطالبيين تختلف كثيراً عن التي تتداول الآن ثانياً، فلربما كان عنوان «عبد الرحمان بن عقيل» في تلك النسخة «عبد الله بن عقيل»، ولعل العنوان الموجود في الطبقة المتداولة «محمد بن مسلم بن عقيل» لم تكن موجودة في تلك التي عند المظفر فجاءت معلومات محمد بن مسلم منضمة إلى عبد الله الأكبر بن عقيل، والله العالم بالحقائق.

      وأخيراً فإن ولادة محمد بن عبد الله الأكبر بن عقيل لا بد وأن تكون بعد عام 36هـ وذلك بمقتضى ولادة والديه، فلو فرضنا أنهما تزوجا عام 36هت، وأنجبا بعد عام أي في عام 37÷ت فهل يا ترى أن محمداً هو ابنه البكر، أم أن مرتبته تأتي بعد أشقائه، فالظاهر من ذكر النسابة والمؤرخين لأبنائه بل أولاده، ووضع محمد على رأس قائمتهم أنه الابن البكر، وعليه فيحتمل أن تكون ولادته عام 37هـ، ولعله تزوج من بنات أعمامه والله العالم، إذ لم نجد شيئاً عن ذلك في المصادر المتاحة لنا، وربما يكون احتمال الخلط معع محمد بن عبد الله بن جعفر وارداً.

      وفي النهاية نؤكد أن القمي منفرد في كونه مستشهداً في الطف، كما ليس لدينا ما نجزم بأن محمداً هو ابن عبد الله الأكبر، وليس بمحمد بن عبد الله الأصغر إلا ما ذكره المظفر، والذي عرفت تفنيده لأنه استند إلى مصادر لم نعثر على نقله هذا، نعم نستشف هذا من نقل القمي فقط والله المسدد والمعين.

__________
(1) سفير الحسين: 26- 27.

(2) مقاتل الطالبيين: 96.

(134)

 

93

محمد بن عقيل الهاشمي

20- 61هـ = 641- 680م

 

      هو: محمد الأكبر ابن عقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشي.

      لعقيل بن أبي طالب محمدان، ولذلك قيدناه عند ذكر نسبه بالأكبر في قبال محمد الأصغر، وبما أنه درج ولم يعقب وليس له أثر يذكر فلذلك لم نصف من نريد ترجمته بالأكبر في العنوان الرئيسي.

      هكذا وصفه النسابة ما يدل على وجود محمدين، قال فخر الرازي(1): «أبي يزيد عقيل بن أبي طالب عقبه من واحد محمد الأكبر»(2)، وقال المروزي: لدى حديثه عنه: «وانتهى عقبه الصحيح إلى ولد عبد الأحول المتحدث ابن محمد الأكبر- المقتول بالطف- ابن عقيل»(3) إلى غيرهم.

      أمه: أم ولد(4) لم يعرف عنها شيئاً فلنطلق عليها أم محمد باعتبار أنه أول أبنائها.

______
(1) فخر الرازي: هو محمد بن عمر بن الحسين القرشي الطبرستاني (545- 606هـ) ولد في ري (إيران) وتوفي في هراة (أفغانستان) من أعلام الشافعية، له مشاركات في علوم مختلفة، من آثاره: الملخص في الفلسفة، مفاتيح الغيب في التفسير، والمحصول في علم أصول الفقه.

(2) الشجرة المباركة: 213.

(3) الفخري: 193.

(4) سفير الحسين: 27.

(135)

 

      كنيته: أبو عبد الله، وإنما كني بذلك لأن بكر أبنائه يسمى عبد الله(1).

      لا خلاف ولا شك بأن محمداً الأكبر بن عقيل تزوج من ابنة عمه زينب الصغرى بنت علي «عليه السلام» وأنجبت له عبد الأحول وجعفراً، حيث لا خلاف في ذلك، وأما عن إنجابه غيرهما ففيه خلاف(2)، وحتى نعرف عام ولادة محمد بن عقيل لا بأس ببيان ما يلي: نستشف من ذكر أرباب النسب لأولاد عقيل أن محمداً الأكبر لم يكن من أولاده الأوائل، ويظهر من إنجابه ابنه البكر عبد الله الأحول عام 38هـ وشقيقه جعفر عام 39هـ، ومن ولادة زينب الصغرى بنت علي «عليه السلام» نحو عام 23هـ، وزواجها من محمد بن عقيل عام 37هـ، ووفاتها- على قول ابن شهرآشوب- قبل شهادة علي «عليه السلام» عام 40هـ(3)، إن ولادة محمد بن عقيل كان في حدود عام عشرين من الهجرة، وقد شرحنا ذلك في مناقشاتها بترجمة جعفر بن محمد بن عقيل، وأحمد بن محمد بن عقيل من هذا المعجم حيث قتلا في كربلاء.

      ولمحمد بن عقيل أولاد آخرون من غير زينب الصغرى وهم: عبد الرحمان الشبية، والحسين، وعقيل(4)، وربما نسبوا بعضهم إلى زينب الصغرى أيضاً، ولكن أحمد، من المتيقن لم يكن منهم، لأن أمه أم ولد كما سبق بيانه.

      وعبد الله الأحول هذا كان حياً حتى عام 142هـ وأدرك الإمام الصادق «عليه السلام»، وكان من أصحابه وقد تزوج من ابنة عمه حميدة بنت مسلم ابن عقيل، وكان الأحول فقيهاً محدثاً جليلاً(5)، وكان من المعمرين.

____________
(1) سفير الحسين: 27.

(2) وجاء في أخبار الزينبيات: 125 أنها أنجبت له القاسم وعبد الله وعبد الرحمان.

(3) اننا لا نذهب إلى ما ذهب إليه ابن شهرآشوب حيث سيأتي أن زينب الصغرى بنت علي «عليه السلام» حضرت مع أمها كربلاء، ولكن كلامه هذا واعترافهم بأن عبد الله الأحول وجعفر من أبنائها يثبت لنا بأن ولادة الأحول وجعفر- على الأقل- كانت قبل عام أربعين للهجرة.

(4) راجع المجدي: 308.

(5) راجع عمدة الطالب: 32، تهذيب التهذيب: 3/259، رجال الطوسي: 265.

(136)

 

      وما يقال: من أن محمد بن عقيل تزوج من رقية الصغرى فباطل حيث إنها تزوجت من أخيه مسلم بن عقيل، وذلك عام 45هـ. بعد وفاة زوجته الأولى رقية الكبرى بنت علي «عليه السلام»، ومن الواضح أن مسلماً قتل في الكوفة في شهر ذي الحجة عام 60هـ، ومحمد بن عقيل استشهد في محرم عام هـ في كربلاء فلا مجال للقول بأنه خلف على أخيه مسلم.

      وقبل نقل أخباره وسيرته لا بأس بالحديث عن مقتله، فلا خلاف بين أرباب المقاتل أنه حضر كربلاء وقاتل، ولكن اختلفوا في مقتله وأسره، فبعضهم ذهبوا إلى أنه استشهد في كربلاء، ومنهم الخوارزمي في مقتله حيث عده من المقتولين في الطف(1). وذكر الدينوري(2) في أخباره بعد مقتل عبد الرحمان بن عقيل: «ثم قتل محمد بن عقيل بن أبي طالب، رماه لقيط بن ناشر (ياسر) الجهني بسهم فقتله، ثم قتل القاسم بن الحسن..»(3)، وقال المجلسي: «وزاد- على المقتولين- ابن شهرآشوب: عوناً ومحمداً ابني عقيل»(4)، ولكن الموجود في المناقب عون دون محمد(5)، إلى غيرهم.

      وأما البعض الآخر فقد ذهب إلى أن محمد بن عقيل حضر معركة الطف إلا أنه أسر، ومن هؤلاء القاضي أبي حنيفة النعمان حيث عده في جملة الأسرى.

      وبما أن أخباره انقطعت بعد معركة الطف، وتفرد القاضي أبي حنيفة النعمان بذلك، فنرجح أن يكون من المستشهدين في الطف يبن يدي أبي عبد الله الحسين(6)، ويبدو من تصريح الحائري في معاليه أن زينب الصغرى مع أمها حضرت كربلاء أيضاً(7) فعليه أن محمد بن عقيل حضر وزوجته وابنهما جعفر معركة الطف، بالإضافة إلى ابنه أحمد من أم ولد له، ولعل ما قيل في

__________
(1) مقتل الحسين للخوارزمي: 2/38، وعنه أنصار الحسين: 137.

(2) الدينوري: هو ابن قتيبة عبد الله بن مسلم بن قتيبة، وقد سبقت ترجمته.

(3) الأخبار الطوال: 257.

(4) بحار الأنوار: 45/62.

(5) مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: 4/112.

(6) شرح الأخبار: 3/197.

(7) معالي السبطين: 2/228.

(137)

 

أسره ينطبق على ابنه عقيل، حيث قيل بأن ابنه عقيل حضر المعركة.

      ولا شك أن عقب عقيل بن أبي طالب في محمد هذا، حيث يقول أبو نصر البخاري: «فكل عقيلي في الدنيا ليس من ولد محمد بن عقيل بن أبي طالب فهو مدع، إذ لم يبق لعقيل نسل إلا من ولده محمد بن عقيل والذين ينتسبون إلى مسلم بن عقيل وسعيد بن عقيل الأحول فلا يصح لهم نسب»(1)، وقال الدوادي: «العقب من عقيل ليس إلا في محمد بن عقيل فأما- عقب- مسلم بن عقيل قتيل الكوفة فمنقرض، والعقب من محمد بن عقيل في رجل واحد وهو أبو محمد عبد الله كان فقيهاً محدثاً، وأمه زينب الصغرى بنت أمير المؤمنين علي «عليه السلام»، وأمها أم ولد، وكان لمحمد بن عقيل ولدان آخران هما القاسم وعبد الرحمان أعقبا ثم انقرضا»(2).

      وأما عن أخباره: فإنه كان قد نكح من الأحرار واحدة، ومن الإماء واحدة حسب ما يفهم من سر أولاده.

      وكان محمد بن عقيل من أصحاب الأئمة علي والحسن والحسين «عليه السلام»، وقد وصفه بعضهم بقوله: هو ومسلم فقهاء آل عقيل وأعلام التابعين والفقهاء الكبار(3).

      وقال النمازي: «إنه صهر أمير المؤمنين «عليه السلام» وشهيد الطف، ورد جملة من رواياته في كتاب المسلسلات»(4).

      وقال ابن حجر العسقلاني: «روى عن أبيه- عقيل- وعنه ابنه عبد الله- الأحول-، روى ابن ماجة(5) حديثه عن أبيه عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): يجزي من الوضوء مد ومن الغسل صاع»(6).

____________
(1) سر السلسلة العلوية: 13.

(2) عمدة الطالب: 32.

(3) سفير الحسين: 27.

(4) مستدركات علم رجال الحديث: 7/209 عن كتاب المسلسلات: 106.

(5) ابن ماجة: هو محمد بن يزيد بن ماجة الربعي القزويني (209- 273هـ) من أهل قزوين، مؤرخ، من أعلام المحدثين، رحل إلى عدد من الأقطار الإسلامية في طلب الحديث، من آثاره: تفسير القرآن، تاريخ قزوين، والسنن.

(6) تهذيب التهذيب: 5/224.

(138)

 

      ومن أخباره ما وراه يحيى بن سعيد بن العاص(1)، قال: قدم محمد ابن عقيل بن أبي طالب على أبيه- يعني سعيد بن العاص- وهو بمكة، فقال: ما أقدمك يا بني- عليه-؟ قال: قدمت، لأن قريشاً تفاخرني، فأردت أن أعلم أشرف الناس، قال: أنا وابن أمي(2)ـ، ثم حبسك بسعيد ابن العاص» وكان ذلك عام الخمسين(3). ويعلق المظفر على هذا قائلاً: على أهله منه، وأيضاً هو أشرف بني أمية وأسلمهم، لأن جده أبا أحيحة وعمومته خالد وعمرو وأبان وعبد الله ولد أبي أحيحة سعيد بن العاص أكبر أشراف الجاهلية والإسلام ومن خواص أمير المؤمنين «عليه السلام».

      هذا كل ما لدينا والله من وراء القصد.

___________
(1) يحيى بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس الأموي، كان أخوه عمرو الأشدق (3- 70هـ) والي مكة والمدينة أيام معاوية وابنه يزيد، وكان من المناهضين لأهل البيت «عليه السلام»، وقد اعترض على الإمام الحسين «عليه السلام» لدى خروجه من مكة إلى الكوفة، وذلك بأمر من أخيه عمرو الأشدق.

(2) ابن أمي: أراد أنه ابن أمه زينب الصغرى بنت علي «عليه السلام» وقصد أنه سبط علي «عليه السلام».

(3) تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر: 21/117.

(4) سفير الحسين: 28.

(5) قالها: أي إنما قال عقيل لابنه محمد «ما أقدمك يا بني».

(139)

 

94

محمد بن علي الهاشمي

57- 113هـ = 676- 732م

 

      هو: محمد الباقر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشي.

      أمه: فاطمة بنت الحسن بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب الهاشمية وتكنى بأم عبد الله(1).

      وأمها: أمة الله بنت محمد بن عبد الرحمان بن أبي بكر بن أبي قحافة التيمية(2) وقيل غير ذلك(3).

      هو الإمام الخامس من أئمة أهل البيت «عليهم السلام» الذين نص عليهم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) من قبل الله سبحانه جل وعلا(4).

____________
(1) ويقال لها أيضاً: أم عبدة، وأم الحسن، كما ذهب العبدلي في أخبار الزينبيات: 126 ان اسمها زينب.

(2) لباب الأنساب: 1/343 و380.

(3) حيث قيل إن أم ولد، وجاء في مستدركات علم رجال الحديث: 4/380 أن الإمام الحسن «عليه السلام» تزوج حفصة ابنة عبد الرحمان بن أبي بكر، ولا يخفى أن عبد الرحمان توفي سنة 53هـ، كما أنه لا ذكر لابنه محمد بن عبد الرحمان في كتاب الرواة والمعاجم، ومما يؤيد كون الإمام الحسن «عليه السلام» تزوج من حفيدات أبي بكر قول ابن فندق في لباب الأنساب: 1/380 فالباقر «عليه السلام» أشرف أرباب الأنساب، وله نسب الحسن والحسين «عليه السلام»، ونسب الأكاسرة من قبل جدته شهربانويه، وجدته ولد (والدة) أم عبد الله من حافدات أبي بكر.

(4) راجع باب السيرة من هذه الموسوعة، وكذلك باب الحسين في السنة، وباب التشريع.

(140)

 

      وبما أننا غير قادرين على ترجمة مثل هذا الإمام العظيم من أئمة أهل البيت النبوي الطاهر، فارتأينا أن نقوم بعرض ما أمكن عرضه من سيرته الخالدة من خلال سني عمره منذ الولادة وحتى الوفاة مقتصرين على عينة واحدة أو عينات للاختصار، ولعل هذا الأسلوب يكون أكثر قبولاً لدى القارئ الكريم، بأمل أن يكتب الله سبحانه ذلك في سجل حسناتنا إنه سبحانه ولي أمرنا وإليه راجعون ،وهو الغفور الرحيم والمحسن الكريم.

      1- عام 57هـ: علقت نطفته المباركة- حسب المختار في ولادته- في شهر جمادى الأولى من عام 56هـ، وقد ولد في المدينة(1) يوم الثلاثاء(2) الثالث(3) من شهر صفر الخير(4) سنة سبع وخمسين(5) للهجرة الشريفة(6) فسماه جده الحسين «عليه السلام» بمحمد، ولقبه الباقر، وكناه بأبي جعفر إذعاناً لما رواه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن جبرئيل عن الله سبحانه وتعالى(7) كما قام جده وأبوه بكل المراسم الشرعية(8).

      وقد اختلف المؤرخون في يوم ولادته بين يوم الثلاثاء الذي اخترناه

______________

(1) مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: 4/210، الفصول المهمة: 211، كشف الغمة: 2/329، بحار الأنوار: 46/217 مطالب السؤل: 50، روضة الواعظين: 1/207، الإرشاد: 2/158.

(2) مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: 4/210، روضة الواعظين: 1/207، وفيات الأعيان: 4/174.

(3) الفصول المهمة: 211، أعلام الورى: 1/498، روضة الواعظين: 207، وفيات الأعين: 4/174، نزهة الجليس: 2/36.

(4) بحار الأنوار: 46/17، أعلام الورى: 1/498، روضة الواعظين: 207، الفصول المهمة: 211، شواهد النبوة كما في البحار، الدروس: 154، كشف الغمة: 2/329.

(5) أعلام الورى: 1/498، مصباح المتهجد: 801، الإرشاد: 2/158، الفصول المهمة: 211، كشف الغمة: 2/329، الدروس: 154، الكافي: 1/469، نزهة الجليس: 2/36، وفيات الأعيان: 4/174، تاريخ أبي الفداء: 1/282، شذرات الذهب: 1/149.

(6) وجاء كل هذا مجتمعة في روضة الواعظين: 1/207 «ولد الباقر «عليه السلام» في المدينة يوم الثلاثاء لثلاث ليال خلون من صفر سنة سبع وخمسين للهجرة».

(7) راجع منتهى الآمال (المعرب): 2/132، حياة الإمام محمد الباقر: 1/21.

(8) حياة الإمام محمد الباقر: 1/21.

(141)

وبين يوم الاثنين(1) ويوم الجمعة(2)، كما اختلفوا في أيام الشهر الذي ولد فيه بين أول شهر رجب(3) وبين الثالث من شهر صفر الذي وقع اختيارنا عليه، وكذلك اختلفوا في السنة فقالوا عام 56(4)، 58(5) و59(6)، بالإضافة إلى ما اخترناه عام 57هـ(7).

      لكن لدى تطبيق أيام الأسبوع بأيام الشهر وتحديد الأشهر بالسنين لم يتطابق غير الذي أثبتناه حيث رجحناه على غيره من الأقوال، نعم يمكن تطبيق ولادته بغرة رجب من عام 58هـ ولكن بتكلف وذلك بتأخير ثبوت هلال رجب ليوم واحد ليكون في يوم الجمعة بدلاً من يوم الخميس ليكون الشهر الذي قبله ثلاثين يوماً، أو يتطابق الثالث من رجب مع يوم الثلاثاء من سنة 57هـ، ولكن لم يقل به أحد مجتمعة، أو يوم الإثنين غرة شهر رجب من عام 59هـ، وأمثال ذلك إلا أنه أيضاً لم يرد في الروايات التي حددته بالأيام والأشهر والسنين، فيبقى الخيار أمامنا منحصراً فيما اخترناه، والذي يتطابق مع الروايات والأقوال التي تقول بأن ولادة الإمام الباقر «عليه السلام» قد تم قبل مضي الحسين بن علي «عليه السلام» بثلاث سنين(8)، كما يتطابق مع الرواية

____________
(1) الدروس: 154، بحار الأنوار: 46/217 عن المصباح للكفعمي: 510 إلا أن المصباح المتداول خالٍ من تحديده بيوم الاثنين.

(2) إعلام الورى: 1/498، مصباح المتهجد: 801، مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: 4/210، دلائل الإمامة: 94، روضة الواعظين: 1/207، بحار الأنوار: 46/217 عن تاريخ الغفاري وعن شواهد النبوة.

(3) إعلام الورى: 1/498 مناقب آل أبي طالب: 4/210، بحار الأنوار: 46/217 عن تاريخ الغفاري، دلائل الإمامة: 94.

(4) بحار الأنوار: 46/219، كشف الغمة: 2/348، وجاء في تاريخ اليعقوبي: 4/320 قال أبو جعفر قتل جدي ولي أربع سنين، تاريخ مدينة دمشق: 54/273 حياة الإمام محمد الباقر: 1/20 عن تذكرة الحفاظ: 1/124.

(5) حياة الإمام محمد الباقر للقرشي: 1/20 عن عيون المعجزات للحسين بن عبد الوهاب.

(6) بحار الأنوار: 46/217 عن المصباح للكفعمي.

(7) نزهة الجليس: 2/36.

(8) بحار الأنوار: 46/219 عن ابن الخشاب، راجع أيضاً حياة الإمام محمد الباقر للقرشي: 1/20 عن تاريخ ابن الوردي وغيره.

(142)

 

السابقة التي رويت عنه «عليه السلام» حيث قال: قتل جدي الحسين ولي أربع سنين، وإني لأذكر مقتله وما نالنا في ذلك الوقت(1)، حيث كان عمره آنذاك أربع سنوات إلا ثلاثة أسابيع تقريباً، وربما صح قول من ذكر بأن عمره كان يوم مقتل أبيه ثلاث سنوات(2) وأنه لم يكمل الأربع، وجرت العادة على ذلك.

      1- عام 58هـ(3): كان جابر بن عبد الله الأنصاري ينتظر رؤية الإمام محمد الباقر «عليه السلام» فكان ينادي يا باقر العلم يا باقر العلم، حتى قال عنه أهل المدينة: إن جابراً ليهجر، فكان يقول: والله لا أهجر ولكني كنت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والحسين في حجره وهو يلاعبه، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): يا جابر يولد لابني الحسين ابن يقال له علي إذا كان يوم القيامة نادى مناد ليقم سيد العابدين، فيقوم علي بن الحسين، ويولد لعلي ابن يقال له: محمد، يا جابر، إنك ستدركه إنه رجل من أهل بيتي اسمه اسمي وشمائله شمائلي يبقر العلم بقراً، فذاك الذي دعامي إلى ما أقول.

      فبينما كان جابر يتردد على بيت زين العابدين «عليه السلام» إذ ناولته جارية صبياً في حجرها فقال لها: من هذا؟

      فقالت: محمد بن علي بن الحسين.

      فلما نظر إليه، قال: يا غلام أقبل فأقبل، ثم قال له: أدبر فأدبر، فقال: شمائل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، والذي نفس جابر بيده: يا غلام ما اسمك؟

      فقال: إسمي محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.

_____________
(1) تاريخ اليعقوبي: 1/320.

(2) وفيات الأعيان: 4/174، وغيره.

(3) إنما اخترنا هذه السنة للجمع بين الروايات الحاكية أنه كان صغيراً جداً، وعدم إمكانية انتظار جابر الذي كان قريباً جداً على أهل البيت «عليه السلام» على عدم معرفته لولادته، ومن المعلوم أنه كف بصره، وكان عام 61هـ مكفوف البصر عندما زار المرقد الحسيني في يوم الأربعين عام 61هـ، كل هذه المعطيات بالإضافة إلى معطيات أخرى ترشدنا إلى أن اللقاء تم في مثل هذا الوقت، مع الأخذ بعين الاعتبار إمكانية تكلم الإمام والمشي، وهذا لا يعني أنه لم يتلق به بعد ذلك، ولم يذكره بسلام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) له.

(143)

 

      فأقبل يقبل رأسه، فقال: بأبي أنت وأمي، رسول الله يقرئك السلام.

      فدمعت عيناً أبي جعفر «عليه السلام» ثم قال: يا جابر على أبي رسول الله السلام ما دامت السماوات والأرض وعليك يا جابر بما بلغت السلام.

      فقام جابر فرقع على قدميه يقبلها- ويقول- نفسي لك الفداء يابن رسول الله، ثم قال: يا باقر يا باقر يا باقر، أنت الباقر حقاً وأنت الذي تبقر العلم بقراً.

      فكان جابر يأتيه طرفي النهار إلى أن توفاه الله عام 78هـ، ويأخذ منه العلم والحكمة فكان أهل المدينة يقولون: واعجباه لجابر يأتي هذا الغلام، وهو آخر من بقي من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)(1).

      3- عام 59هـ(2): لقد أباح الإمام الباقر «عليه السلام» عن مكاشفة حصلت له ولأبيه حول حالة من نصب لأهل البيت «عليه السلام» فقال: كنت خلف أبي- علي بن الحسين- وهو على بغلته، فنفرت بغلته فإذا رجل شيخ في عنقه سلسلة، ورجل يتبعه.

      فقال: يا علي بن الحسين إسقني إسقني.

      فقال الرجل: لا تسقه لا سقاه الله.

      قال أبو جعفر: كان الشيخ معاوية(3).

      4- عام 60هـ: كان الجميع يرتقب موت معاوية ولكن بحذر حيث عم الظلم والطغيان وسادت مفاهيم الجاهلية الأولى، ولكن كانوا في الوقت نفسه حذرين من تولي ابنه يزيد بن معاوية الذي عينه أبوه ولياً للعهد

______________

(1) راجع مجموعة من الأحاديث الواردة في هذا المجال: بحار الأنوار: 46/223- 228، الوافي بالوفيات: 4/102، قاموس الرجال: 2/515.

(2) إنما وضع في هذا الموقع لأنه المتيقن حيث هلاك معاوية كان في عام ستين، وولادة الباقر «عليه السلام» عام 57هـ، وهناك من يذكر بأن معاوية اعتمر في شهر رجب من عام 56هـ وربما كان عام 59هـ أو كررها ثانية، لأنه لا يعقيل أن يكون السجاد «عليه السلام» مع ابنه في دمشف بل العكس هو الأولى: -راجع حياة الإمام الحسين للقرشي: 2/221، والتوفيقات الإلهامية: 1/88.

(3) بحار الأنوار: 33/168.

(144)

 

وخلفاً له، إذ أخذ البيعة له من رؤساء القوم عنده ومهد له الطريق، وهم على علم بصفاته الذاتية والنفسية، الوراثية منها والتربوية، ولكن أهل البيت «عليه السلام» كانوا على موعد مع هذا الرحيل وما يترتب عليه حيث كانوا مقيدين بالعهود والمواثيق التي أبرمت بين معاوية وبين سيدهم الإمام الحسن الزكي «عليه السلام»، وكان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد أخبرهم بما ستؤول إليه أمور الأمة وشؤون الإمامة وحال الأئمة، فكانوا يرتقبون كل هذه الأمور والتي كانت تتداول فيما بينهم بين حين وآخر، فكان الأئمة المعصومين يعلمون من يحيط بهم ببعض هذه المعلومات التي استمدوها من علم الله سبحانه وتعالى عبر جدهم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكان الباقر «عليه السلام» ذلك الطفل الذي يعي هذه الأمور حيث كانت بمتناوله، وما إن توفي معاوية في رجب عام 60هـ إلا وأوعز إلى والي المدينة بأخذ البيعة من كبار القوم، وكان جده الحسين «عليه السلام» على مقدمة هؤلاء، فلما وقعت تلك المشاجرة بين الوالي وجده أحس بالخطر الذي أحدق بهم، وعرف أن المأساة بدأت، وكان ينظر إلى آخر النفق فيجده مظلماً، فأوجس في نفسه خيفة، وأخذ ينتظر فصول هذه المأساة ليشاهد إحداها تلو الأخرى حتى نشأ عليها وشب  من خلالها.

      5- عام 61هـ: لقد اصطحبه جده الحسين، وأبوه زين العابدين عليهم أزكى السلام إلى كربلاء، وهو غلام يعي مجريات الأحداث التي بدأت بفرض يزيد ولياً للعهد لأبيه معاوية بن أبي سفيان، ثم أخذ البيعة له بالقوة والقهر بعد وفاته، وفي هذا المجال كتب القرشي: شاهد الإمام الباقر «عليه السلام» وهو في غضون الصبا جده الإمام الحسين «عليه السلام» أيام المحنة الكبرى التي طافت به حينما ابتلي بطاغية زمانه يزيد بن معاوية، وقد دعاه لبيعته فامتنع جده الحسين «عليه السلام» عن بيعته، ثم انطلق مع جده في مسيرته الخالدة وتضحياته الجسام العظيمة، وقد جرت فصول تلك المأساة أمام مرأى ومسمع الإمام الباقر «عليه السلام»، وقد روى الكثير من فصولها(1) حيث قال: قتل جدي الحسين ولي أربع سنين وإني لأذكر مقتله وما نالنا في ذلك الوقت(2)، وقد وقع في الأسر مع والده وعماته وعمات أبيه وثلة من أقربائه

__________
(1) راجع فصل رواة ملحمة الطف من هذه الموسوعة.

(2) تاريخ اليعقوبي: 2/320.

(145)

 

فظلت تلك الذكريات الأليمة والأحداث المأساوية لا تنفك عن ذاكرته، وشاهد النهب والسلب والحرق والهتك الذي مورس بحق أهل بيت جده، ولمس جهد تلك الأغلال المصفدة التي كانت تلتف حول عنق أبيه ويديه ورجليه إلى سائر أهل بيته ونسائه وهو من بينهم(1).

      وبما أننا لا نريد التكرار في ذكرنا لمجريات الأمور ضد البيعة المشؤومة وحتى رجوع ركب أهل البيت «عليه السلام» إلى المدينة مروراً بمأساة كربلاء الأليمة، وننقل كل مشاهدات الإمام الباقر «عليه السلام» ومروياته، فلذلك عمدنا إلى الإشارة إليها دون الدخول في التفاصيل حيث سوف نقرأها في السيرة الحسينية إن شاء الله تعالى.

      6- عام 62هـ(2): ولد الإمام الباقر «عليه السلام» أول شقيق له- عبد الله- وهو لا زال في سن الطفولة حيث كان له من العمر ست سنوات، فكان نعم القرين والمؤنس، وكان من شدة جماله وحسنه لقبوه بالباهر في قبال أخيه الباقر، وترعرع في ظل والده الإمام زين العابدين «عليه السلام» حتى أصبح من أكبر فقهاء أهل البيت «عليه السلام»، وأخباره كثيرة، ولما كبر تولى بالنيابة عن إخوانه صدقات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وصدقات الإمام أمير المؤمنين «عليه السلام»، وقام بهم خير قيام خير صرفها في مواردها، وكان من أكبر معاوني أخيه الباقر «عليه السلام» حيث قال قال عنه حين سئل عن إخوته «أما عبد الله فيدي التي أبطش بها»(3)، توفي في المدينة وذلك حدود عام 129هـ.

      7- عام 63هـ: عندما رجع أهل البيت «عليه السلام» إلى المدينة بعد مقتل زعيمهم الإمام الحسين «عليه السلام»، وعقدت فيها مجالس التأبين للشهداء في كل بيوت الهاشميين، وقامت السيدة زينب الكبرى ومعها أختها أم كلثوم وسائر

______________
(1) راجع حياة الإمام محمد الباقر للقرشي: 1/31، باختزال وتصرف.

(2) بما أن عبد الله الباهر لم يكن له ذكر أيام وقعة الطف من جهة، وأنه كان شقيقاً للإمام الباقر من جهة أخرى، وأنه توفي بعد الإمام السجاد «عليه السلام» ثالثاً، وأنه عاش 57 سنة رابعاً، وأنه تولى صدقات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمير المؤمنين «عليه السلام» نيابة عن إخوته، ثم تولاها أخوه عمر الأشرف        خامساً، من كل ذلك يستشف أن ولادته كانت في حدود هذا العام.

(3) سفينة البحار: 6/498.

(146)