معجم أنصار الحسين  (الهاشميون)(الجزء الثالث)

اسم الکتاب : معجم أنصار الحسين (الهاشميون)(الجزء الثالث)

المؤلف : محمد صادق محمد (الكرباسي)
المطبعة : المركز الحسيني للدراسات لندن – المملكة المتحدة

 

 

(97)

 

بل استشهد في كربلاء- راجع بشأن هذا ترجمة عون بن جعفر، وقد أكد الداودي في العمدة بأن محمد الأكبر استشهد في صفين(1) ولم يستشهد في تستر كما ذهب إليه ابن(2) حجر(3)، ولكن يبدو أنه لم يبت في أمره حيث قال: ذكره ابن حبان(4) والبغوي(5) وغيرهما في الصحابة، وقال محمد بن حبيب في المحبر هو أول من سمي محمد في الإسلام من المهاجرين، وقال الدارقطني(6): ولد في أرض الحبشة، وقال ابن مندة(7) وابن عبد البر(8): ولد على عهد النبي، وذكر أبو عمر عن الواقدي(9): إنه يكنى أبا القاسم،

____________

(1) عمدة الطالب: 36.

(2) ابن حجر: هو أحمد بن محمد بن محمد الهيثمي السعدي الأنصاري الشافعي (909- 973هـ)، ولد في إقليم الغربية في مصر وتوفي في مكة، من علماء عصره وله مصنفات في مختلف العلوم، منها: معدن اليواقيت، تحرير المقال، وتحفة المحتاج.

(3) الإصابة: 3/372.

(4) ابن حبان: هو محمد بن حبان بن أحمد التميمي البستي (ن273- 354هـ)، ولد في بست من بلاد سجستان، رحل إلى خراسان والشام ومصر والعراق والجزيرة، تولى قضاء سمرقند، ثم عاد إلى نيسابور ومنها إلى بلده حيث توفي فيها، من مؤلفاته: المسند الصحيح، روضة العقلاء، ومعرفة المجروحين من المحدثين.

(5) البغوي: هو حسين بن مسعود بن محمد المعروف بابن الفراء (436- 510هـ)، ولد في بغا، وهي من قرى خراسان، لقب بمحيي السنة، فقيه محدث ومفسر، توفي في مرو الرود من مدن خراسان، من آثاره: معالم التنزيل، شمائل النبي المختار، والتهذيب.

(6) الدارقطني: هو علي بن عمر بن أحمد بن مهدي الشافعي البغدادي (306- 385هـ)، ولد في دار القطن وهي إحدى ضواحي بغداد، تلقى علومه في بغداد، والكوفة والبصرة وواسط، محدث حافظ، فقيه، توفي في بغداد، من مؤلفاته: المعرفة بمذاهب الفقهاء، غريب اللغة، والمختلف والمؤتلف.

(7) ابن مندة: هو محمد بن يحيى بن مندة العبدي، من المحدثين المعروفين توفي سنة 310هـ، ولابن مندة كتاب تاريخ أصفهان، ويكنى بأبي عبد الله، وكان من أهل أصفهان، ومندة: اسمه إبراهيم بن الوليد.

(8) ابن عبد البر: هو (أحمد بن) محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد البر المتوفى سنة 338هـ، كان من قضاة الأندلس له كتاب في الفقهاء والقضاة.

(9) الواقدي: هو محمد بن عمر بن واقد السهمي، الأسلمي بالولاء المدني (130- 207هـ)، ولد في المدينة وتوفي في بغداد، من أقدم المؤرخين وأشهرهم، انتقل إلى العراق أيام الرشيد، ولي القضاء في بغداد، من مصنفاته: أخبار مكة، تاريخ الفقهاء، ومقتل الحسين.

(98)

وإنه تزوج أم كلثوم بنت علي بعد عمر، قال: واستشهد بتستر، وقيل إنه عاش إلى أن شهد صفين مع علي، قال الدارقطني في كتاب الإخوة يقال :إنه قتل في صفین، اعترك هو وعبيد الله بن عمر بن الخطاب فقتل كل منهما الآخر، وذكر المرزباني(1) في معجم الشعراء: «أنه كان مع أخيه- من أمه - محمد بن أبي بكر في مصر، فلما قتل اختفى محمد بن جعفر، فدل عليه رجل من عك ثم من غافق فهرب إلى فلسطين وجاء إلى رجل من أخواله من خثعم فمنعه من معاوية، فقال في ذلك وهذا محقق يرد قول الواقدي إنه استشهد بتستر»(2)، ويظهر من نقله للأقوال مدى التناقض، فإذا كان قد قتل في معركة تستر التي وقعت في عهد عمر بن الخطاب، كيف يكون له أن يتزوج أم كلثوم بنت علي بعد وفاة عمر بن الخطاب- على ما يدعون-، فإن معركة تستر كانت عام ۱۷هـ، وموت عمر بن الخطاب كان عام ۲۳هـ، وإذا كان مع محمد بن أبي بكر في مصر ولما قتل هرب إلى فلسطين، فإن محمد بن أبي بكر قتل عام ۳۸هـ(۳) فإن معركة صفين كانت في عام ۳۷هـ وقد اشترك محمد بن أبي بكر بها. فكيف به يقتل في صفين عام ۳۷هـ، ويكون عام ۳۸هـ مع أخيه محمد بن أبي بكر في مصر، مع العلم أن محمد بن جعفر قتل بالفعل في صفين كما يؤكده نصر بن مزاحم، وهذا يؤكد قول من ذهب إلى أن لجعفر محمدين الأكبر قتل في صفين والأصغر بقي حياً واستشهد في الطف وهو الذي كان مع محمد بن أبي بكر في مصر، وتفصيل الكلام حوله تجده في ترجمة شقيقه عون بن جعفر، وربما قصد الإمام أمير المؤمنین «عليه السلام» محمداً الأصغر في قوله: «إن المحامدة تأبى أن يعصى الله عز وجل، فسأل الراوي: ومن المحامدة؟ قال: محمد بن جعفر، ومحمد بن أبي بكر، ومحمد بن أبي حنيفة، ومحمد ابن أمير المؤمنين»(4).

________
(1) المرزباني: هو محمد بن عمران بن موسى الخراساني البغدادي (297- 384هـ) ولد وتوفي في بغداد، مؤرخ قدير، وأديب جليل، من مؤلفاته: تلقيح العقول، المراثي، والرياض.

(2) معجم الشعراء (المطبوع بدار الجيل) لم أحصل فيه على ترجمته وشعره.

(3) محمد بن أبي بكر: ولي مصر بعد مالك الأشتر الذي قتل في شهر رجب عام 37هـ، وكانت ولاية محمد بن أبي بكر خمسة أشهر.

(4) مستدركات علم رجال الحديث: 6/374.

(99)

 

وأما عن تزويجه بأم كلثوم فلم يثبت، وما هو ثابت أن شقيقه عون ابن جعفر هو الذي تزوجها، وتحقيق ذلك موکول إلى ترجمة عون بن جعفر وإلى ترجمة أمه أم كلثوم فراجع.

      وقد قلنا ولد في الحبشة، وصحب أباه وأمه وأشقاءه حين رجعوا إلى المدينة والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في خيبر عام ۷هـ ففرح النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بمقدم ابن عمه جعفر، ولما توفي أبوه جعفر في معركة مؤتة عام 8هـ تولى أمره وأمر أشقائه الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولما رحل الرسول إلى الرفيق الأعلى عام ۱۱هـ تولى شؤونهم الإمام أمير المؤمنين «عليه السلام»، وتزوجت أمهم أسماء بنت عمیس من أبي بكر في أواخر عام 8هـ، ولما رحل عنها أبو بكر عام ۱۳هـ تزوجها أمير المؤمنين «عليه السلام» فرعی سلام الله عليه أمور أولادها فنشأ محمد الأصغر كبقية أشقائه في كنف علي «عليه السلام» فرافقه في حله وترحاله، وشاركه جميع حروبه الجمل وصفين والنهروان.

      ومن المؤسف أن الداودي حين يصرح بأن محمداً الأصغر ابن جعفر الطيار استشهد في الطف(1) لم يذكر لنا عن زواجه شيئاً، ولكنه عندما يبحث عن المعقبين من أبناء جعفر يذكر محمد الأكبر ويذكر بعض أحفاده ثم يذكر شقيقه عون وعقبه، ثم يقول: وانقرض محمد الأكبر وعون، ودرج الخمسة الأخر أعني أولاد جعفر ما عدا عبد الله الأكبر (الجواد)(2)، والذي يعد محمد الأصغر بن جعفر الطيار منهم.

      ولا يخفى أن المصادر شحيحة في ترجمته، وقد انبهرت لأول مرة عندما راجعت كتاب ابن الأميني(3) المصنف في شهداء الطف(4) فوجدت تحت عنوان «محمد بن جعفر» عدداً من المصادر وهي «المعارف، مقاتل الطالبيين، عمدة الطالب، تنقیح المقال، جمهرة أنساب العرب، تحفة

__________

(1) عمدة الطالب: 36.

(2) عمدة الطالب: 37.

(3) ابن الأميني: هو محمد هادي بن عبد الحسين بن أحمد التبريزي النجفي (1355- 1421هـ) ولد في النجف وتوفي في طهران، كاتب جليل، من آثاره: أصحاب أمير المؤمنين، أعلام نهج البلاغة، والشيوعية ثورة وتآمر.

(4) اسم الكتاب: ياران پايدار إمام حسين لمؤلفه محمد هادي الأميني: 158.

(100)

 

الأحباب، مستدرك الوسائل» ففرحت بهذه المصادر وقلت في نفسي حصلت على كنز من المعلومات، ولكني لما راجعت المصادر وجدت أن كل ما هو موجود فيها مرتبط بمحمد الأكبر ابن جعفر، وكلهم يخالفوه الرأي في أصل وجود محمد الأصغر، إلا عمدة الطالب والذي كنت قد حصلت عليه، وحتى أكون منصفاً فلم يكن في متناول اليد إثنان من تلك المصادر الجمهرة والتحفة، والثانية بما أنه لم يحدد مؤلفها فقد صعب الحصول علها وربما كانت للشيخ عباس القمي والله العالم، وعندها كانت خيبة أمل، وقد زادت خيبة أملي أن المامقاني نقل عن ذخيرة الدارين: أن ابن شهرآشوب ذكر محمد بن جعفر من شهداء كربلاء قبل ذكره لعون بن جعفر وأخذ يستدل ويناقش ويحاور بلا جدوى فإنه خلطٌ أو تصحيفٌ لمحمد بن عبد الله بن جعفر واستدل لذلك بنسبة الرجز المنسوب إلى محمد بن عبد الله بن جعفر إليه، وكلف نفسه في الرد على الداودي- رغم تصريحه بأنهما شخصيتان- دون مبرر، ولما راجعنا مناقب آل أبي طالب(1) وجدنا أنه لم يذكر محمد بن جعفر بل ذكر محمد بن عبد الله بن جعفر وعون بن عبد الله بن جعفر(2).

       ونقل المامقاني عن رجال أبي داود (الحسن بن علي بن داود الحلي) المولود عام 647هـ أنه قال: «قدم على علي «عليه السلام» بالكوفة، قتل بكربلاء» ولكنه نسب ذلك إلى أن الأمر اشتبه عليه من عد الشيخ الطوسي في باب أصحاب الحسين من رجاله محمد بن عبد الله بن جعفر، ثم أضاف بأن ابن داود الحلي من وراء اشتباه صاحب عمدة الطالب الدوادي المتوفى عام 828هـ، وهو أمر غريب واستنتاج عجيب.

       وعلى أي حال فليس باليد ما يمكن لنا من التوسع في ترجمته، وبما أنه ولد في العام الرابع من الهجرة فإن له من العمر يوم الطف 56 سنة، ومقتضى هذه السن أمور:

       1- أن يكون له صحبة فإن هذا يعني أنه عاش في عهد الرسول ست سنين وعاش في كنفه (صلى الله عليه وآله وسلم) ثلاث سنوات وأشهراً، إلا أنه لم يرو عنه لأنه كان صغيراً فقد رحل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وله من العمر ست سنوات.

___________
(1) مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: 4/106.

(2) تنقيح المقال (أبواب الفاء وما بعدها): 92.

(101)

 

       2- أن يكون من أصحاب الأئمة الثلاثة: علي والحسن والحسين «عليه السلام»، وبالفعل ورد اسمه(1).

       3- أن يكون قد اشترك في معركة الجمل وصفين والنهروان وبالفعل ورد اسمه ولكنه اختلط مع أخيه.

       4- أن يكون قد شارك أحداثاً أخرى، وبالفعل فقد صحب محمد بن أبي بكر إلى مصر وكان معه إلى أن قتل.

       5- أن يكون قد تزوج، وهذا ما لم يتطرق إليه أحد، وربما لأنه لم يعقب والعقب هو مورد اهتمام النسابة، وبالفعل فإنه لم يعقب كما صرح الداودي في العمدة، وبمقتضى أن آل علي وآل جعفر وآل عقيل كانوا يتصاهرون فيما بينهم لعل علياً «عليه السلام» زوجه إحدى بناته وبما أنه لم يعقب فلم يذكر، وبالأخص إن أخاه محمداً الأكبر كان قد خطف الأضواء عنه، ولكن ليس في بنات علي «عليه السلام» من يناسبه الزواج منها، وإليك لائحة باسمائهن حسب ما توصلنا إليه:

       1- أم يلعى بنت محياة الكلبية (19- 20هـ).

       2- أم سلمة بنت (أم ولد)- (ق34- ن35هـ).

       3- أمة الله بنت (أم ولد)- (ق34- ن35هـ).

       4- تقية بنت (أم ولد)- (ق35- ق36هـ).

       5- أم الكرام بنت (أم ولد)- (ن35- ب40هـ).

       6- جمانة (أم جعفر) بنت (أم ولد)- (ق39- ق40هـ).

       7- تميمة بنت (أم تميمة)- (ق39- ن40هـ).

       8- أسماء بنت (أم أسماء)- (ق41- ب40هـ).

       إن جلهن بل كلهن لا تناسبه، وربما كان قد تسرى، ولم يوقف للزواج والله العالم، وبما أن المعلومات شحيحة جداً فإنهم لم يذكروا كيفية شهادته وموقعه، ولكن لو صح حضوره بل وجوده لوجب القول بأنه قتل مبارزة أو ضمن الحملة، والله العالم.

__________
(1) راجع رجال أبي داود الحلي.

(102)

 

84

محمد الأًصغر ابن علي الهاشمي

38- 61هـ = 658- 680م

 

       هو: محمد الأصغر ابن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشي.

       أمه: أم ولد يقال لها الورقاء(1).

       ولد في الكوفة عام 38هـ(2)، وقد تحدثنا عن أمه وولادته في ترجمة أمه في المقدمة، وقلنا إنها كانت عربية بمعنى أنها كانت من سبي العرب في حدود عام 37هـ وما قبله.

       قال أبو الفرج الأصبهاني لدى عده شهداء الطف: «ومحمد الأًصغر ابن علي بن أبي طالب وأمه أم ولد، وعن المدائني: إن رجلاً من تميم من بني أبان بن دارم قتله»(3).

       ومن المعلوم إنما يوصف بالأصغر في قبال محمد ابن الحنفية والذي أمه خولة الحنفية، وفي قبال محمد الأوسط والذي أمه أمامة العبشمية والآتي ذكره إن شاء الله تعالى، وما يقال بأن أمه أسماء بنت عميس الخثعمية كما في الطبري(4) أو أن أمه لبابة بنت عبيد الله بن العباس بن عبد

____________
(1) أنساب الأشراف: 2/192، وفي تاريخ الخميس: 2/284 أن أم محمد الأصغر أم ولد وكذلك فعل كفاية الطالب: 412.

(2) راجع لباب الأنساب: 1/400 وفيه أنه يوم الطف كان له من العمر 22 سنة.

(3) مقاتل الطالبيين: 90.

(4) تاريخ الطبري: 3/162، وتاريخ أبي الفداء: 1/252.

(103)

 

المطلب كما في تاريخ خليفة ابن الخياط(1)، وهناك من ذكر أنه أمه أمامة العبشمية، وقال: إن أم محمد الأوسط هي أم ولد(2)، وقد بحثنا ذلك في ترجمة زوجات أمير المؤمنين «عليه السلام» في المقدمة وتوصلنا إلى عدم صحة ذلك فليراجع، وقد صرح البلاذري في أنساب الأشراف بأن أمه الورقاء، حيث قال: «ولد «عليه السلام» محمد الأصغر بن علي، قتل مع الحسين، وأمه ورقاء أم ولد»(3).

       وهناك من خصص كنية أبي القاسم بمحمد ابن الحنفية ونسب ذلك إلى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في تفصيل أوردناه في محله(4)، ولكن هناك من لم يخصص ذلك به فقد ذكر بأن محمداً أيضاً كني بأبي القاسم(5) إلا أنه لم يثبت صحة ذلك.

       ويبدو أن مقتله في كربلاء قد بلغ من الشهرة بحيث لا مجال لإنكاره، حيث أوردت ذلك جل المصادر التي بحوزتنا ومن الشاذ قول ابن شهرآشوب إنه حضر معركة الطف إلا أنه كان مريضاً فلم يقتل، ومن هنا نجده ينسبه إلى القيل، حيث يقول لدى عده المقتولين بل المشاركين في معركة الطف: «ويقال: لم يقتل محمد الأصغر بن علي بن أبي طالب لمرضه، ويقال: رماه رجل من بني دارم فقتله»(6).

       ويؤكد النص الوارد في زيارة الناحية مقتله في كربلاء ويصرح بقاتله

____________
(1) تاريخ خليفة بن خياط: 144.

(2) اتعاظ الحنفاء: 6 على ما نقله بطل العلقمي: 3/494.

(3) أنساب الأشراف: 2/192.

(4) راجع أيضاً تنقيح المقال: 2/ الفاء وما بعدها: 80 وفيه عن ابن خلكان: «إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لعلي: سيولد لك ذكر نحلته اسمي وكنيتي، ولا يحل لأحد من أمتي سواه الجميع بين اسمي وكنيتي ولذا سمي محمد وكني بأبي القاسم» ولكنه يعلق على الحديث قائلاً: وهذا التطبيق من ابن خلكان اشتباه، وإنما المراد بالولد الذي لا يحل لغيره الجمع بين اسمه (صلى الله عليه وآله وسلم) وكنيته (صلى الله عليه وآله وسلم) هو الحجة المنتظر أرواحنا فداه، دون محمد ابن الحنفية، وكون محمد ابن الحنفية أبا القاسم ممنوع.

(5) هامش شرح الأخبار: 3/184، ووجدت في بعض المصادر منسوباً إلى أنساب قريش: 3/269.

(6) مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: 4/113.

(104)

 

حيث جاء نصها كالتالي: «السلام على محمد ابن أمير المؤمنين قتيل الأباني الدارمي لعنه الله وضاعف عليه العذاب الأليم، وصلى الله عليك يا محمد وعلى أهل بيتك الصابرين»(1).

       وهناك من يرى بان كنية محمد الأًصغر هي أبو بكر(2)، ولذلك ذهبوا إلى أنهما متحدان(3) والطوسي ذكرهما مختلفين حين ذكر: «محمد بن علي أمه أم ولد»(4) و«أبو بكر بن علي «عليه السلام» أخوه قتل معه، أمه أم ليلى بنت مسعود بن خالد..»(5) في عداد أصحاب الإمام الحسين «عليه السلام»، ورغم ذلك نجد أن محقق رجال الطوسي يعلق على كلام الطوسي في محمد بن علي ليقول: «هو محمد الأصغر ابن أمير المؤمنين «عليه السلام»، قتل مع أخيه الحسين «عليه السلام» بالطف، وكنيته أبو بكر»(6)، وبذلك يعارض كلام الطوسي دون أن يشير إلى ما ذكره الطوسي كشخصية أخرى في فصل الكنى، ولعله لغفلة منه، وبما أننا قد توسعنا في الحديث عن ذلك لدى ترجمة أبي بكر بن علي فلا نعيد الحديث ثانية، وقد أكدنا ما ذكره الطوسي بأن أم أبي بكر هي ليلى النهشلية وأم محمد الأصغر الورقاء.

       ومن الجدير ذكره أن ليس له ذكر في المبارزين، ولكنهم ذكروه في عداد القتلى(7)، وغاية ما في الأمر ذكروا قاتله ولم يختلفوا في ثلاثة أمور: إنه الموصوف بالأصغر، وإن أمه أم ولد، وأن قاتله رجل أباني.

____________
(1) أنصار الحسين: 149، عن بحار الأنوار: 98/270.

(2) راجع تنقيح المقال: 2/الفاء وما بعدها: 80.

(3) راجع إبصار العين: 36، ولكنه تردد هل أبو بكر محمد الأصغر أو هو عبد الله بن علي.

(4) رجال الطوسي: 79.

(5) رجال الطوسي: 81.

(6) هامش رجال الطوسي: 79.

(7) تسمية من قتل مع الحسين: 149 (طبعة تراثنا)، تذكرة الخواص: 54، نظمه درر السمطين: 218، نور الأبصار: 92، ناسخ التواريخ (حياة الإمام الحسين): 2/339، وفيه أن أمه أم ولد، وذكر له مبارزة، الحدائق الوردية: 1/245 وفيه «قتله رجل من بني أبان بن دارم وليس بقاتل عبد الله بن علي»، وغيره.

(105)

 

       ومن الغريب أن ابن الأميني يذكر بأن الأعداء حملوا على محمد الأوسط ومحمد الأًصغر إبني علي «عليه السلام» وأنهما معاً برزا إلى المعركة فاحتوشهما الأعداء من كل جانت وقطعوهما بالسيف إرباً إرباً(1) وقد راجعنا جل المصادر التي ذكرها فلم نجد مثل هذا المعنى فيها، وقال صاحب الناسخ: برز إلى المعركة وقتل من القوم جماعة كثيرة حتى قتله رجل من بني تميم من أبان بن دارم(2)، ولم أجد مثل هذا في المصادر القديمة.

       وجاء في نفس المهموم: «ومحمد الأصغر ابن علي بن أبي طالب أمه أم ولد رماه رجل من بني دارم فقتله وجاء برأسه»(3) ووثقه في الهامش في مقاتل الطالبيين وتاريخ الطبري إلا أنهما خليان من قوله: «وجاء برأسه»(4).

       وممن تفرد في هذا المجال الدربندي في أسراره، حيث ذكر: إن محمداً الأصغر ابن علي من محمد ابن الحنفية، وللعلم فإنه لم يذكر محمداً غيره والمظنون أنه المراد نذكر نصه كاملاً لتيضح، وهو كالتالي:

       «وبرز من بعده، أي بعد أبي بكر بن علي- محمد بن علي بن أبي طالب، وكان أصغر من محمد ابن الحنفية، وقاتل قتالاً شديداً حتى قتل من القوم ألفاً وخمسمائة فارس، وكر يسحب قتاله كالليث الزاجر، فبرز إليه رجل من أصحاب ابن سعد لعنه الله وأنشأ يقول شعراً- من الرجز التام-:

تذكرنا أخو الحسين بما مضى           من قتلكم بكل ليثٍ مرتضـــى(5)

كم من قتلتم من كريم سيــــــد           من حمير ومن نبيل مرتضــــى

ملأتم الأحشاء منا حســــــــرة           ممن تقضى من قديم قد مضى(6)

_____________
(1) ياران پايدار إمام حسين: 160.

(2) ناسخ التواريخ (حياة الإمام الحسين): 2/338.

(3) نفس المهموم: 297، وجاء في أولاد الإمام علي: 85 (ان قاتله الدارمي جاء برأسه مع من جاؤوا بالرؤوس إلى الكوفة).

(4) تاريخ الأمم والملوك: 3/343، ومقاتل الطالبيين: 90.

(5) الصدر فيه خلل لا يستقيم وزنه.

(6) في المصدر «من مضى» ابدل لتستقيم التفعيلة.

(106)

 

       فأجابه محمد ابن أمير المؤمنين وأنشأ يقول شعراً- من الرجز التام-:

تباً لكل من أباد حـــــــــيدرا       أخا النبي الطهر مولى للرضا

ذلك الذي بالسيف بين الهدى       من سن فينا حبه وأفرضـــا(1)

ذاك أبي وسيدي ووالــــدي        ذاك الذي ما كان قط معرضا

        وحمل كل منهما على صاحبه، وطال بينهما الحرب، وأطال الناس إليهما الأعناق، وشخصت إليهما الأبصار، إذ بارزه محمد بن علي «عليه السلام» فأرداه قتيلاً، وعجل الله تعالى بروحه إلى النار، فحمل عليه القوم وحمل على عسكر ابن زياد لعنه الله، وجعل يضرب فارساً بعد فارس وراجلاً بعد راجل حتى قتل من القوم مائتين وسبعين راجلاً.

       ورجع إلى أخيه «عليه السلام» وقال: يا أخي إسقني شربة من الماء فقد كظني(2) العطش، وآلمتني الجراح، فبكى الحسين «عليه السلام» وقال: يعز على علي بن أبي طالب أن تطلب مني شربة لا أقدر عليها، ولكن إصبر حتى تلقي جدي رسول الله فيسقيك شربة لا ظمأ بعدها أبداً، فكر راجعاً بقلب قوي، وجنان جري، ويقين صادق، فحمل عليهم حتى قتل من القوم مائتين وخمسين فارساً، ثم تمايل من شدة الظمأ، وألم الجراح، وهو يقول شعراً- من الطويل-:

سأصبر حتى يحكم الله بينـــــنا          وبين يزيد ذلك الظالم النــــــــــذل

لقد ضل من والى يزيداً ونسـله          وعادى علياً من له السبق والفضل

إلى الله نبرأ من أناسٍ تظاهروا          علينا بجور أنهم معشر ضــــــلوا

       فحمل عليه القوم فقتلوه.

       ويعلق الدربندي على ما أورده: «إن أصحاب تلك النسخة، أعني شهاب الدين العاملي رحمه الله:  قد ذكر بعد شهادة محمد ابن أمير المؤمنين كيفية شهادة العباس بن أمير المؤمنين «عليه السلام».

_____________

(1) كان الصدر «بسيفه» وفي العجز «مفترضاً» فأبدلا إلى «بالسيف» وإلى «وافرضا» ليستقيم الوزن.

(2) كظه الأمر: أجهده.

(3) أسرار الشهادة: 2/225- 226.

(107)

 

      ومما يرد على هذا النص جملة أمور، أهمها ما يلي:

      إنه قد تفرد به رغم أنه وثقه بكتاب شهاب الدين العاملي، والذي علق بنفسه على هذه النسخة في التذييل وننقل نصه باختزال: «إن النسخة ليست تامة وليس لها ديباجة (مقدمة) لنهتدي إلى مؤلفها، ولكن مالكها يدعي أنها للشيخ شهاب الدين العاملي وذلك بالنقل عن آبائه، وأم ما فيها شاذ وغريب، ويستتم منها آثار الوضع مما لا يصح الانتساب إلى شهاب الدين العاملي، وإن أكثر ما فيها إنما هو على نمط الإرسال والإطلاق، ولاسيما في باب عدد القتلى من أصحاب ابن سعد فالأعداد مبالغ فيها دون شك، وليس لها أي مستند من العلماء، وأرباب المقاتل، وإن فيها من أسامي جماعة من الأنصار والأصحاب وأهل بيت سيد الشهداء مما لا يوافق لما في الروايات وكتب أصحاب المقاتل، والحاصل فإني في حال هذه النسخة في شك وريب، بل إن إمارات الوضع والجعل فيها لست في غاية الخفاء»(1)، ونضيف إلى ما تقدم ركاكة الأبيات، من جهة، وأنها إلى الحكايات أقرب منها إلى نصوص التاريخ.

      وعلى أي حال فعلينا بجوهر القضية وهو أن محمد الأصغر كان له حضور في كربلاء كما ورد في أمات المصادر، وما أضاف هذا النص هو مسألة مبارزته والخروج من الدوامة التي وقعنا فيها عن دوره في القتال، وربما نستفيد منه مجرد مقاتلته دون التفاصيل، ولعل الذين ذكروا بعض الملعومات كالناسخ وابن الأميني وغيرهما أخذوا السمين منه وتركوا الغث، والله المسدد للصواب.

      ولنفترض أن في النص ما هو جدير بالاهتمام لكونه أصغر من محمد ابن الحنفية، ربما أراد بمحمد بن علي «عليه السلام» هذا هو محمد الأوسط، لأن المتبادر من كونه أصغر من ابن الحنفية الأوسط دون الأصغر، لأن مرتبته

____________
(1) نكتفي بنقل هذا المقدار من تعليق الدربندي على ما نقله من تلك النسخة نقلناها بتغيير واختزال ويذكر في سبب نقله لمثل ذلك هو التمحيص، وما دمنا نشير إلى مصدر النقل وإلى رأينا فلا إغراء ولا تدليس فما طابق الروايات والنصوص الصريحة فيؤخذ وما لم يطابق فيهمل.

(108)

 

بعد الأوسط، ويؤيد هذا لو قلنا بأن صاحب النسخة كان يرى بأتحاد أبي بكر ومحمد الأصغر فإنه لما ذكر أبي بكر بعده محمداً الأوسط دون أن يصفه بالأصغر لعدم الحاجة لأن الأكبر يعرف بابن الحنفية والأصغر يعرف بالكنية أي «أبي بكر» ويبقى الأوسط فلا حاجة لوصفه لعدم اللبس.

      وعلى أي حال فإن هذا النص أورد موقع استشهاده بعد أخيه أبي بكر وقبل أخيه أبي الفضل، والله العالم بالحقائق.

      ومن جهة أخرى فإن المصادر خاليةٌ عن زواجه وسيرته الذاتية ومن المستبعد من مثله لم يكن متزوجاً، وربما تزوج من آل عقيل أو جعفر كما كانوا حريصين على ذلك..

      هذا وسنأتي على بيان بعض الأمور في ترجمة أخيه محمد الأوسط، كما سبق الحديث عن أمور أخرى لدى الحديث عن أمه وعن بعض إخوانه كأبي بكر وعبد لله إبني علي «عليه السلام».

      وأخيراً فإن المحلاتي(1)، ذكر: إن قاتله عبر عنه برجل من بني دارم هو زرعة بن شريط الدارمي(2).

___________
(1) المحلاتي: هو ذبيح الله بن محمد بن علي أكبر الشيرازي (1310- 1405هـ) ولد في محلات- شيراز ونشأ فيها وتوفي في طهران، هاجر إلى النجف ودرس على أعلامها ثم سكن سامراء فترة ثم غادرها إلى طهران، كان من العلماء الأفاضل، تفرغ للبحث والتأليف، له مؤلفات جمة منها: الحق اليقين، مآثر الكبراء في تاريخ سامراء، وقرة العين.

(2) فرسان الهيجاء: 2/56.

(109)

 

85

محمد الأصغر ابن مسلم الهاشمي

53- 62هـ = 673- 681م

 

      هو: محمد الأصغر ابن مسلم بن عقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب ابن هاشم القرشي لقد تحدثنا بإسهاب عنه عندما ترجمنا أخاه إبراهيم بن مسلم بن عقيل حيث كان مصيرهما واحداً، وهنا فقط نشير إلى هويته كخلاصة للبحث السابق، وهي:

      اسمه: محمد الأصغر بن مسلم.

      لقبه: الطاهر.

      أمه: أم كلثوم الصغرى بنت أمير المؤمنين «عليه السلام».

      ولادته: سنة 53هـ في المدينة.

      مقتله: 26/2/62هـ في الكوفة.

      عمره: ثمان سنوات.

      قاتله: الحارث بن عروة الطائي(1).

      سجانه: مشكور الكوفي.

      مضيفه: أم الحارث بن عروة الطائي.

      المدافعون عنه: أم الحارث، زهير بن الحارث، فليح غلام الحارث.

      المقتص له: نادر الكوفي.

____________
(1) وقيل كثير بن الأسود الكوفي.

(110)

 

      مكان القتل: على ضفاف الفرات في بلدة المسيب.

      مزاره: ضواحي المسيب (ويعرف بإسم أولاد مسلم).

      رفيق دربه: إبراهيم المطهر ابن مسلم بن عقيل.

      هروبه: من المخيم الحسيني عصر يوم 11/1/61هـ بعد حرق الخيام.

      طريقة القتل: قطع الرأس.

      أهم المصادر: مقتل الحسين للخوارزمي، أمالي الصدوق، روضة الشهداء، مقتل أولاد مسلم، أسرار الشهادة، بحار الأنوار، المنتخب للطريحي.

      وبهذا القدر نكتفي تجنباً للتكرار الذي حصرنا على أن لا نبتلى به.

     

(111)

 

86

محمد الأكبر ابن مسلم الهاشمي

33- 61هـ = 653- 680م

 

      هو: محمد الأكبر ابن مسلم بن عقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب ابن هاشم القرشي.

      أمه: أم ولد(1).

      وما يقال من اتحاد محمد مع جعفر أو عبد الرحمان أو عبيد بن مسلم ليس بموفق، وقد بحثنا ذلك في ترجمة كل واحد منهم فلا نعيد، والظاهر أن محمداً الأكبر وجعفراً شقيقان.

      وقد سبق وقلنا: إن التصحيف بينه وبين أحمد وارد جداً، ولكن لم يثبت وإنه مجرد احتمال مرجح.

      قال أبو الفرج الأصفهاني لدى عده شهداء الطف: «محمد بن مسلم ابن عقيل بن أبي طالب، وأمه أم ولد، قتله- فيما روينا عن أبي جعفر محمد بن علي (الباقر)- أبو مرهم(2) الأزدي، ولقيط بن إياس الجهني»(3).

      وربما كان المقصود بقوله في زيارة الناحية: «السلام على أبي عبد

______________

(1) راجع أنساب الأشراف: 2/70- 71.

(2) وجاء في مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: 4/106 «أبو مريم الأزدي» وجاء في ناسخ التواريخ: 2/318 «أبو جرهم».

(3) مقاتل الطالبيين: 97، رواه عنه بحار الأنوار: 45/32، وعنه أسرار الشهادة: 2/280.

(112)

 

الله بن مسلم بن عقيل ولعن قاتله عمرو بن صبيح الصيداوي»(1)، ولكن لا بد من إثبات أن كنيته أبا عبد الله أولاً، وأن قاتله يختلف عما رواه الأصفهاني عن الإمام الباقر «عليه السلام».

      ولا خلاف بأن كان من المستشهدين بين يدي الإمام الحسين «عليه السلام» حيث ذكره معظم المؤرخين(2) وقد صرحت بعض المصادر بأنه قاتل حتى قتل كما في مناقب ابن شهرآشوب، بينما ذكرت بعض المصادر الأخرى والتي تروي عن الإمام الباقر «عليه السلام»: أن بني أبي طالب حملوا على القوم بعد مقتل عبد الله بن مسلم حملة واحدة، فصاح بهم الحسين «عليه السلام» صبراً على الموت يا بني عمومتي، فوقع فيهم محمد بن مسلم(3)، وأما صاحب ناسخ التواريخ فيروي بأنه عندما رأى مقتل أخيه عبد الله بن مسلم جاء إلى الحسين «عليه السلام» فتوسل إليه ليأذن في قتال الأعداء فأذن له فدخل المعركة وقاتل فقتل منهم جماعة إلى أن الأزدي والجهني قتلاه.

      ويحدد موقعه المجلسي في كتابه الجلاء بأنه قتل بعد أخيه عبيد الله ابن مسلم وقبل عمه جعفر بن عقيل(4).

      ويقول المامقاني عنه: «قد استشهد مع الحسين «عليه السلام» بالطف وعمره على ما نقل اثنتا عشرة سنة، أو ثلاث عشرة سنة، وقد سلم عليه في زيارة الناحية المقدسة فجمع بين شرف النسب وشرف الشهادة وشرف تسليم الإمام «عليه السلام» عليه، وقيل: إن أمه رقية بنت أمير المؤمنين «عليه السلام»، والصواب الأول»(5)، وليس في زيارة الناحية التصريح باسمه وإنما جاء السلام على أبي عبد الله بن مسلم، وما في أنصار الحسين(6) بأن مراد الزيارة هو عبد الله

____________
(1) أنصار الحسين: 151.

(2) راجع نظم درر السمطين: 218، كفاية الطالب: 447، جلاء العيون: 401، تذكرة الخواص: 255، مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: 4/106، إبصارالعين: 50، ناسخ التواريخ (حياة الإمام الحسين): 2/318، أعيان الشيعة: 1/610.

(3) إبصار العين: 50.

(4) جلاء العيون: 401.

(5) تنقيح المقال: 3/187.

(6) أنصار الحسين: 134.

(113)

 

الأكبر ابن عقيل وإنما وقع التصحيف، مستدلاً بأن الزيارة ذكرت بأن قاتله عمرو بن صبيح، وهو يتطابق ما ذكره المؤرخون من أن قاتل عبد الله بن عقيل هو عمرو بن صبيح، فالاحتمال ضعيف والاستدلال بالقائل أضعف.

      وقال ابن فندق: «محمد بن مسلم بن عقيل بن أبي طالب، قتله ابن مريم (مرهم) الأزدي ولقيط بن ياسر الجهني، قتل في المصاف في كربلاء، وهو ابن سبع وعشرين سنة»(1) فعلى ما أورده المامقاني (1351هـ) فإنه من مواليد سنة 48هـ أو 47هـ، وعلى ما أورده ابن فندق (565هـ) فهو من مواليد عام 33هـ، ونحن نرجح ما ذهب إليه ابن فندق لأن المامقاني من المتأخرين ولم يستند كلامه إلى مصدر يمكن الركون إليه، بالإضافة إلى أن محمداً الأكبر إذا كان من المبارزين فإنه يتطابق مع كونه ابن سبع وعشرين أفضل من تطابقه مع من عمره 13 سنة لأن بعض أهل السير ذكروا بأن المقتولين على يديه سبعة عشر شخصاً(2) ما يدل على قدرته القتالية.

      ومن المؤسف أنه لا يوجد شيء يفي بحياته، فلا أحد تحدث عن زواجه وأولاده سوى أنهم ذهبوا إلى أنه ليس من المعقبين، ولربما تزوج إحدى بنات أعمامه.

___________
(1) لباب الأنساب: 402.

(2) سفير الحسين: 190.

(114)

 

87

محمد الأوسط ابن علي الهاشمي

نحو 12- 61هـ = 633- 680م

 

      هو: محمد الأوسط بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشي.

      أمه: أمامة بنت أبي العاص ياسر(1) بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس العبشمية:

      وأمها: زينب بنت محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن عبد مناف ابن هاشم القرشية (على ما قيل)، وقد مضت سلسلة نسبه في ترجمة أمه أمامة فلا نكرر.

      ولد في المدينة في حدود عام 12هـ، كما سبق وتحدثنا عنه في ترجمة أمه أمامة، وشقيقه عبد الرحمان المولود نحو عام 14هـ والمستشهد أيضاً في كربلاء.

      ويوصف بالأوسط في قبال ابن الحنفية والذي هو الأكبر، وفي قبال ابن الورقاء والذي هو الأصغر.

      ولا شك في وجوده حيث ذكره جل أو كل أرباب النسب، وكلهم مجمعون على أن لعلي ثلاثة من المحامد، وربما اختلطت سيرته مع محمد الأصغر، بل كثر مثل هذا الخلط.

      منذ أن استشهد والده وقف مع أخيه الحسن ثم الحسين «عليه السلام» ونشأ بينهما وعلى يديهما، ولما ترك أخوه الحسين «عليه السلام» المدينة إلى مكة ثم إلى

__________
(1) ياسر: وقيل: هشيم، مهشم، هاشم، لقيط، القاسم.

(115)

 

العراق صحبه، وجاهد معه حتى قتل، ومن الغريب أن الزنجاني(1) نسب إليه الرجز الذي أوله:

شيخي علي ذو الفخار الأطول(2)

      رغم أن أرباب المقاتل نسبه إلى عبد الله الأصغر ابن علي بن أبي طالب «عليه السلام».

      ويضيف الزنجاني: إنه لم يزل يقاتل حتى قتل من القوم جماعة كثيرة، ثم عطفوا عليه من كل جانب فقتلوه في حومة الحرب بعدما عقروا فرسه(4).

      ويذكر بأنه خرج بعد أخيه عون بن علي «عليه السلام»، فأقبل إلى أخيه فاستأذنه فأذن له بالبراز، ولكنه لم يوثق كلامه، وقد ناقض نفسه بنفسه حين أورد الرجز السابق في مكان آخر من كتابه منسوباً إلى أخيه أبي بكر بن علي «عليه السلام»(5)، ولا مجال للقول بأن هناك من يرى اتحادهما، لأنه لم يشر إلى هذا المعنى بل استقل بذكر كل واحد منهما.

      ومن المؤسف أن أكثرهم يذكر أن لعلي «عليه السلام» ثلاثة محامد(6) إلا أنهم يهملون الحديث عنهم، فهذا ابن شهرآشوب على سبيل المثال يقول: ومن خولة محمد، ومحمد الأًصغر من أم ولد، ومن أمامة محمد الأوسط(7) إلا أنه لم يذكر تفاصيل عنهم بما يثلج الصدر.

      وحظ محمد الأوسط أقل من أخويه محمد الأكبر ومحمد الأصغر إذ قلما ذكروه في المستشهدين ولا في غيره.

____________
(1) وسيلة الدارين: 263.

(2) ديوان القرن الأول: 2/100.

(3) راجع مقتل الحسين للخوارزمي: 282، الفتوح: 5/205، مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: 4/107، وغيرهم.

(4) وسيلة الدارين: 263.

(5) وسيلة الدارين: 255.

(6) راجع أيضاً ذخائر العقبى: 204.

(7) مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: 3/304 باختزال حيث ذكرنا موضع الحاجة.

(116)

 

      وينقل عن ذخيرة الدارين: إن محمداً الأوسط حضر يوم كربلاء وجاهد بين يدي أخيه الحسين «عليه السلام» حتى استشهد(1)، ولكن ليس له ذكر عن مقتله وشهادته في معظم المؤلفات القديمة وكذا جل المصادر الحديثة، وليس من يتحدث عن نهايته وسيرته الذاتية بعد الاعتراف بولادته ووجوده، وربما كانت معركة الطف البوتقة الأنسب لحصاد آل أبي طالب، والله العالم.

      وقد مضى ما يناسبه في ترجمة أخيه محمد الأصغر فليراجع.

__________
(1) أولاد الإمام علي: 50 عن ذخيرة الدارين، ويقول المظفر في بطل العلقمي: 3/492 وذكر صاحب الذخيرة أنه استشهد في كربلاء، ولكن صحاب الذخيرة لا يعتمد على نقله.

(117)

 

88

محمد بن الحسن الهاشمي

37- ب61هـ = 657- ب680م

 

      هو: محمد بن الحسن بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشي.

      أمه: أم كلثوم بنت الفضل بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمة القرشية(1).

      وقد مضى بيان سلسلة نسبه في شقيقه جعفر بن الحسن «عليه السلام» من هذا المعجم فلا نكرر، وإنما وصف بالأصغر في قبال أخيه محمد الأكبر الذي وفصهما ابن سعد بذلك أيضاً، وربما اختلط الأمر بينهما فلا بد لنا من بيان القليل من أحواله ليرتفع الالتباس ويتضح بذلك حال الأصغر، فنقول: لقد نقل سبط ابن الجوزي عن ابن سعد في طبقاته: إن أم الأكبر هي خولة بنت منظور الفزارية، وقد مضت سلسة نسبه في شقيقه الحسن المثنى ابن الحسن السبط «عليه السلام»، ويؤكد ذلك حين يقول: وبمحمد الأكبر كني الإمام الحسن «عليه السلام» في نهاية عام 36هـ فإن ولادته ستكون بشكل طبيعي في الأشهر الأخيرة من عام 37هـ، بينما اخترنا أن ولادة أخيه الحسن المثنى كانت في عام 39هـ، وحسب ما يذكره أرباب النسب، وأرباب التاريخ أنه اندرس تاريخ حياة أكثر أولاد الإمام الحسن «عليه السلام»، ومنهم محمد الأكبر(2)،

____________
(1) تذكرة الخواص: 215 عن الواقدي.

(2) راجع منتهى الآمال (المعرب): 1/456.

(118)

 

بينما ذكر آخرون منهم: بأنهم درحوا، ولم يعقبوا فأهملوا(1)، فمن ذكل نستشم أنه لم يبقل لمحمد الأكبر ذكر إلا في تكنية أبيه به.

      إذاً فالذي ورد اسمه من بين الذين حضروا كربلاء سواء استشهدوا أو أسروا، هو محمد الأًصغر ابن الحسن، وقد اخترنا أنه أسر كتصحيف لمحمد بن الحسين الذي أورده القاضي أبو حنيفة النعمان في قائمة الأسرى(2)، وأما ما ورد في تذكرة الخواص بأن محمداً الأصغر درج فإنه من الخلط بين أوراق المحمدين، وربما أنه درج، ولكن بعدما حضر كربلاء وأسر.

      وقد ذهب بعض المتأخرين بأن محمد بن الحسن بن علي «عليه السلام» والذي أمه أم كلثوم بنت الفضل بن العباس بن عبد المطلب، حضر كربلاء وخرج إلى مبارزة القوم ووصفه بأنه أصغر سناً من القاسم والذي يعني بأن ولادته كانت في حدود عام 47هـ، وقد نقلنا نصه كاملاً(3) في ترجمة محمد ابن أبي سعيد بن عقيل من هذا المعجم وناقشناه، وذلك في ظل الكشف عن غلام خرج من مخيم الحسين «عليه السلام» وقتل، ولكن أرباب المقاتل لم يذكروا اسمه، كما أننا ناقشنا هناك أن عمره كان أكبر من ذلك باعتبار أنه الابن البكر لأم كلثوم والذي كني به الإمام الحسن(4)..

      وقد نقل صاحب معالي السبطين عن الذهبي(5) فيمن حضر كربلاء: «محمد بن الحسن بن علي وأخوه جعفر بن الحسن بن علي أمهما أم كلثوم بنت- الفضل بن- العباس بن عبد المطلب»(6) ما يؤيد ما ذهبنا إليه من أن

__________
(1) راجع المجدي: 19.

(2) شرح الأخبار: 3/197.

(3) المفيد في ذكرى السبط الشهيد: 111 لمؤلفه عبد الحسين بن إبراهيم العاملي (القرن 15هـ).

(4) الذهبي: هو محمد بن أحمد بن عثمان الدمشقي الشافعي (673- 784هـ)، ولد وتوفي في دمشق، محدث ومؤرخ، من أعلام عصره، هاجر إلى حلب ونابلس ومكة لينهل من علمائها، من آثاره: تاريخ الإسلام، ميزان الاعتدال، وسير أعلام النبلاء.

(5) معالي السبطين: 2/236 عن التجريد للذهبي.

(6) شرح الأخبار: 3/197.

(119)

 

محمد بن الحسين بن علي «عليه السلام» المذكور في حملة الأسرى على ما ذكره القاضي أبو حنيفة النعمان(1) إنما هو ابن الحسن «عليه السلام»، وبسبب التصحيف بين الاسمين الحسن والحسين وقع الخطأ.

      وهذا الحديث يجرنا إلى البحث عن أمه حيث ذكر ابن فندق أن أم محمد بن الحسن «عليه السلام» هي أم سلمى من بني غيم(2)، والكلام عن هذا يقع في نقطتين:

      الأولى: قبيلة غيم، فلم نجد في كظانها قبيلة بهذا الاسم، واحتمال التصحيف وارد جداً، فبحثنا عما يمكن أن يقع فيه التصحيف، فوجدنا مجموعة من القبائل القابلة للتصحيف وهي:

      1- غثيم: وهو ينتمون إلى غثيم بن عمرو، بطن من عبد عليان بن أرحب من القحطانية(3).

      2- غنم: وهم فخذ من عبد الله بن غطفان من قيس بن علان، ومن العدنانية، أو أنهم من غنم ثعلبة: بطن من كنانة العدنانية أيضاً(4) أو بطن آخر من القحطانية، أو من بني وائل، أو من دودان الأسدية، أو من الأزد، إلى غيرهم.

      3- الغنيم: وهم بطن من بني موسى من جهينة، وهم من الجزيرة العربية(5).

      4- الغثيم: وهم فخذ من البلخير من الحنشة من السكان(6).

      ورغم البحث عن هذه القبائل وتاريخها فلن نتمكن من البت بالأمر، فالمسألة تبقى معلقة ولكن الذي يفهم من جميعها أنها من القبائل العربية.

      الثاني: اسم الأم المختلف عما ذكره إبن الفندق يوحي لنا إلى

_____________
(1) لباب الأنساب: 1/343.

(2) معجم قبائل العرب: 3/879.

(3) معجم قبائل العرب: 3/893.

(4) معجم قبائل العرب: 3/896.

(5) معجم قبائل العرب: 5/99.

(120)

 

تعدد الأمهات الذي يؤول إلى تعدد الأبناء ما يمكن طرح إمكانية احتمال إن للإمام الحسن «عليه السلام» محمدين: محمد الأكبر وهو ابن أم كلثوم بنت الفضل والذي كني به فتكون ولادته حدود عام 37هـ، والأصغر وهو ابن أم سلمى والذي كان أصغر من القاسم بن الحسن «عليه السلام»، بمعنى أنه ولد حدود عام 47هـ، وعلى فرض هذا الاحتمال يكون الأكبر استشهد في كربلاء كما ذهبت إلى ذلك بعض المصادر، ويكون الأصغر أسر بالطف كما ذهبت إلى ذلك بعض المصادر الأخرى.

      كل هذا وارد من باب المناقشة، ولكن لا يمكن البت فيه لعدم وجود قرائن يرتاح إليها القلب، وإنما طرحنا ذلك لمجرد أن يكون الأمر على طاولة البحث والتنقيب ويأتي  من يمكنه التوصل إلى جملة من الحقائق التي نتطلع إلى الوصول إليها.

      وفي النهاية فعلى المختار أن الحسين «عليه السلام» لم يكن له ابن باسم محمد وإنما هو التصحيف بين كلمتي الحسن والحسين، فعليه فإن أي مصدر ورد فيه محمد بن الحسين فالمقصود به محمد بن الحسن والله العالم بحقائق الأمور، ولنؤجل بعض البحث إلى ترجمة محمد بن الحسين الذي فرض ذكره المتكرر في كتب أرباب المقاتل من فتح صفحة خاصة به، تسهيلاً لمهمة الباحث.

(121)

 

89

محمد بن الحسين الهاشمي

...هـ = ...م

 

      هو: محمد بن الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشي.

      ذكره من علماء الأنساب: ابن فندق في جدول أبناء الحسين «عليه السلام»(1)، إلا أنه لم يضع أمامه أية معلومة كما فعل بالنسبة إلى غيره، مما يدل على عدم التوصل إلى حقيقته، وإنما أخذه من بعض أرباب المقاتل والسير مثل ذخائر العقبى(2).

      كما ذكره من المؤرخين القاضي أبو حنيفة النعمان في جملة الأسرى من آل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)(3)، وكذلك فعل ابن قتيبة(4).

      ولكن جاء في بعض المصادر الأخرى بأنه استشهد في كربلاء ومن ذلكم شجرة الأنساب العلوية وغيره(5):

      وبما أن ابن فندق من علماء الأنساب قد انفرد بذكره ولم يستطع من

_____________
(1) لباب الأنساب: 1/349.

(2) ذخائر العقبى: 258، وعنه تاريخ الخميس: 2/300، ومن هنا قال شبر في أدب الطف: 1/47. جاء في بعض الأخبار أن للحسين ولدين آخرين وهما: محمد بن الحسين، ومحسن بن الحسين المدفون في جبل جوشن قرب حلب.

(3) شرح الأخبار: 3/197.

(4) الإمامة والسياسة: 2/8.

(5) راجع تاريخ قم: 196 لمؤلفه الحسن بن محمد بن الحسن القمي المتوفى عام 378هـ.

(122)