معجم أنصار الحسين عليه السلام  (الهاشميون) الجزء الاول

اسم الکتاب : معجم أنصار الحسين عليه السلام (الهاشميون) الجزء الاول

المؤلف : للعلامة المحقق الشيخ محمد صادق الكرباسي
المطبعة : المركز الحسيني للدراسات لندن ـ المملكة المتحدة

 

ولنعد إلى نص ابن شهرآشوب ومن قبله نص أبي مخنف، فالذي يظهر من مقتل أبي مخنف بغض النظر عن صحة نسبته إلى مؤلفه أنه يختلف تماماً عن بقية المقاتل حيث لم يورد مقاتل الأنصار أولاً، ثم مقاتل آل أبي طالب، بل ذکرهم بشكل متداخل، ومن الملاحظ أيضاً أنه لم يذكر جميع من برزوا إلى القتال بل اختزل الحديث عنهم وعن قتالهم بذكر بعضهم وبإيجاز، فذكر -على سبيل المثال- من آل عقيل عبد الله بن مسلم بن عقيل، وموسی ابن عقيل، ثم ذكر بعده أحمد بن محمد الهاشمي مما يتخيل بأنه من آل عقيل، وبما أنه لم يكن منهجياً في نقله لمقاتل أبطال الطف، فلا يمكن تحميل نصه وسرده بما لا يتحمله، رغم فهم من البعدية من قوله «برز بعده»، ولكن لا يفهم منه عدم التراخي، بعدما علمنا أنه اختزل ذكر الأحداث والحديث عن الأبطال.

وأما نص ابن شهرآشوب ففيه ما يمكن الاستنتاج من ترتيب ذكره للمقاتلين ومن بعض تصريحاته، ومن ذلك وضع أحمد بن محمد الهاشمي كحد فاصل بين عامة الأنصار وبين آل أبي طالب حيث ذكر قبله مقتل عمر وابن قرظة الأنصاري وأورد بعده النص التالي: «وأول من برز من بني هاشم عبد الله بن مسلم..» مما يدل على أنه في شك من أمر أحمد بن محمد الهاشمي أهو من بني هاشم أو من غيرهم فوضعه في منطقة الحياد، وربما أراد أن يقطع الشك باليقين حينما قال: وأول من برز من بني هاشم، بعد ذكره لأحمد بن محمد الهاشمي حيث أراد أن يبين أنه ليس بهاشمي رغم وصفه بالهاشمي.

وهناك احتمال آخر: إن جملة «وأول من برز من بني هاشم» هي لرفع وهم آخر ألا وهو أنه عندما ذكر أحمد بن محمد الهاشمي وهو من آل أبي طالب سارع وبين بأنه ليس أول هاشمي برز للقتال مؤذناً بأن ذكره في أول قائمة الهاشميين لا يدل على أنه الأول.

ومهما يكن ومهما قيل فإن وصفه بالهاشمي هو الذي يتحكم في جميع الاحتمالات وحكومته قائمة على غيره، وهو المتبادر منه بأنه من بني هاشم بلا منازع خصوصاً وأنه لم يعرف من وصف بالهاشمي غيرهم، يقول

(399)

السمعاني(1): «هذه النسبة إلى هاشم بن عبد مناف وقيل للنبي (ص)، نسبة إلى هاشم، وكل علوي وعباسي فهو هاشمي»(2) ولم يذكر من لقب به غیرهم، وقال المامقاني: «الهاشمي: هو لقب جمع کثیر -من بني هاشم- منهم إبراهيم بن عبد الله المحض، وإبراهيم بن الفضل، وأحمد بن عبد الله وغيرهم»(3).

وأما ما أشكله الأمين بقوله: «والتعبير بالهاشمي في أولاد أبي طالب لعله غیر متعارف، والمعروف أن يقال الطالبي»(4) غير وارد، ومن هنا نجد أن الأمين لم يطرحه بشكل قطعي بل جاء طرحه بكلمة «لعل» مما يدل على عدم تأكده من ذلك، وإذا ما راجعنا كتب الأنساب والتاريخ والأحاديث نجد أن هذا الوصف کان متعارفاً ومتداولاً، فربما كانت المفردة «بني هاشم» غالبة على المفردة «الهاشمي» في الاستخدام في قبال بني أمية، ولكن هذا لا يعني أن الهاشمي والأموي لم يكونا متداولين.

هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن ناقل الرواية هو أبو مخنف وهو من أعلام القرن الثاني الهجري، ولا شك بأن هذا الوصف آنذاك كان شائعاً مثله مثل العلوي والطالبي والعباسي مما يمكن أن يكون الوصف جاء من أبي مخنف لا من الرواة السابقين عليه.

ولكن يبقى الكلام حول المراد بالهاشمي أهو من بني هاشم مطلقاً ليشمل بني عباس وبني جعفر وبني علي وبني عقيل أم خاصاً بأحدهم؟

الظاهر أنه يشمل الجميع إلا أن له خصوصية بمن هو أكثر التصاقاً بالرسول (ص) وهم آل أبي طالب، وبما أن آل جعفر محصورون في عدد

_____________

(1) السمعاني: هو عبد الكريم بن محمد بن المنصور بن محمد التميمي (506- 562هـ) ولد وتوفي في مرو، ورحل إلى بغداد ودمشق وعاد إلى خراسان وعبر النهر، وحدث ببلخ وهراة، من مؤلفاته: طراز الذهب، معجم البلدان، والتذكرة والتبصرة.

(2) الأنساب للسمعاني: 5/624.

(3) تنقيح  المقال: 3/59.

(4) أعيان الشيعة: 3/219.

(400)

ضئيل كما عرفت، وآل علي معروفون تبقى الأنظار متجهة نحو آل عقيل.

وأما قول الأمين بأنه لم يكن مع الحسين .. أحد إلا أحمد هذا(1)، فهو أول الكلام، فهناك أحمد بن الحسن بن علي «عليه السلام»، وأحمد بن مسلم ابن عقيل، وقد ورد ذكرهما في مطاري كتب المقاتل والتراجم وغيرهما، وسنأتي على ترجمتهم، والقول بالخلط بينهم بعيد للتصريح باسم أبيه، وما دام ورد ذكره في مقتل أبي مخنف ومناقب ابن شهر آشوب لا يمكن إنكاره، واحتمال تعمد الدس غير وارد لأنه لا يخدم جهة مخالفة لآل الرسول (ص)، كما لا يوجب طعناً فيهم حتى يصح الدس، وبناء على ذلك فنميل إلى ما ذهب إليه صاحب الناسخ كما التزم غيرنا من المتأخرين هذا الاحتمال.

وأما بالنسبة إلى عمره فإذا ما ثبت استشهاده في معركة الطف يبقى أن نشير إلى ولادته، ولعل حاله يتبين من حال أبيه محمد بن عقيل، إلا أنه ليس في ترجمة الأب تصريح بعمره، ولكن يظهر من أخباره التي سننقلها في ترجمته أنه كان في سنة الخمسين للهجرة قد بلغ مبلغ الرجال بحيث جاء لأبيه يستفسر عن أشرف الناس لأن قريشاً كانت تفاخره، بالإضافة إلى أنه كان قد تزوج في حياة علي «عليه السلام» على ابنته زینب الصغرى والتي أنجبت له جعفر في عام ۳۷هـ، بينما كانت ولادة عمه عبد الله الأصغر بن عقیل عام ۲۷هـ وعمه الآخر مسلم بن عقيل عام 15هـ، وكل ذلك يدلنا على أن أحمد بن محمد بن عقيل لا بد وأن يكون قد بلغ مبلغ الرجال عندما استشهد في الطف، وربما لم تتأخر ولادته عن عام 44هـ، وبالمقارنة مع أبناء عمه فهذا أقل ما يمكن القول في ولادته.

وأما عن أمه فالظاهر أن أمه أم ولد كما أشار إلى ذلك الأمين نقلاً عن بعض مؤلفات معاصريه(2).

وأما عن طريقة قتله وقاتله فقد ظهر من النصوص التي قدمناها أنه كان من المبارزين وأنه ارتجز وباسل وقتل جماعة من الطرف الآخر إلى أن أثخن بالجراح وقتل، وليس في المصادر تصریح بقاتله، ولعلنا نتمكن من

_____________

(1) أعيان الشيعة: 1/611.

(2) أعيان الشيعة: 3/219.

(401)

تشخيص قاتله والحصول على مزيد من المعلومات عنه في طيات البحث عن القضية الحسينية بشكل عام، وسنأتي على كيفية قتاله في السيرة الحسينية إن شاء الله تعالى.

       وأخيراً فلا بد من ذكره من حيث وقت استشهاده بعد عمه موسى بن عقيل لتصريح أبي مخنف بذلك.

(402)

11

أحمد بن مسلم بن عقيل

...- 61هـ = ...- 680م

هو: أحمد (محمد) بن مسلم بن عقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب الهاشمي القرشي.

لقد تفرد الدربندي بذكره من بين أرباب المقاتل وذكر بأنه استشهد في کربلاء مع ابن عم أبيه الإمام الحسين «عليه السلام» وجاء نصه كالتالي: «وخرج من بعده- أي بعد إسحاق بن مالك الأشتر- أحمد بن مسلم بن عقيل فاستأذن من الحسين للبراز فأذن له فبرز وهو يقول -مرتجزاً-:

أطلب ثأر مسلم من جمعكـــــم         يا شــــــــــر قوم ظالمین فسقه

أضربكم بصارم ذي رونــــــق         ضرب غلام صادق من صدقه

لا أنثني عن لقاني ناكصـــــــاً                ولم أكن مـــــــمن يحث الشفقه

كم جاهد لما التقاني في الوغى         صيرته كاللبنـــــــــة المفلقه(1)

ثم حمل عليهم، ولم يزل يضرب رجلاً بعد رجل حتى قتل خلق كثيراً فبينما هو يقاتل إذ أتاه سهم فصرعه فاستشهد أمام الحسین «عليه السلام»(۲).

لكن ليس له في كتب الأنساب ذكر، ولا نعلم على ماذا اعتمد الدربندي عليه حتى يمكن النقاش عليه.

وعلى أي حال فهو من الإثني عشر(۳) الذين ورد اسمهم بالإجمال

 

_____________

(1) راجع أيضاً ديوان القرن الأول: 2/59.

(2) أسرار الشهادة: 2/223.

(3) إبراهيم، أحمد، جعفر، عبد الرحمان، عبد العزيز، عبد الله، عبيد الله، علي، عون، محمد الأصغر، محمد الأكبر، مسلم.

(403)

 

في نسبتهم إلى مسلم بن عقيل والذي سبق وتحدثنا عنهم بالإجمال في ترجمة جده عقیل بن أبي طالب في المقدمة التمهيدية هنا، بينما فصلنا الحديث عن أبناء مسلم لدى ترجمتنا لمسلم بن عقيل في حرف الميم من هذا المعجم، وهنا نذكر ما يرتبط به شخصياً.

وما تجدر الإشارة إليه أن الدربندي لم يذكر من أبناء مسلم في شهداء کربلاء إلا أربعة منهم، وهم: أحمد، عون، جعفر، وعبد الله ، بالإضافة إلى الطفلين (محمد وإبراهيم) اللذين هربا من مخيم الحسين «عليه السلام» عند حرقه فقبض عليهما وقتلا على شاطىء النهر، وهذا يوضح لنا جانباً هاماً من القضية ألا وهو إمكانية الخلط بين الأسماء، ومن هنا نقول: إن أحمد يحتمل أن يكون متحدا مع محمد وذلك اعتمادا على الأمور التالية:

١- تفرد الدربندي المتوفى عام 1285هـ بذكره ولأول مرة، ومن ثم تم النقل عنه من قبل المتأخرين عنه.

۲- إن التصحيف بين المفردتين «محمد» و«أحمد» ممكن من حيث رسم الخط.

3- عدم ذكر أرباب النسب والتاريخ لأحمد في كتبهم.

4- عدم الخلاف في وجود ابن لمسلم يحمل اسم محمد.

5- ليس في الرجز المنسوب إليه ما ينافي أن يكون لمحمد.

6- عدم تضارب المعلومات عن ملابسات قتله مع ما ورد في حق محمد بن مسلم.

كل هذا يجعلنا نرجح بأن «أحمد» هو تصحيف لـ«محمد»، وعليه فللننقل المناقشة إلى ترجمة محمد بن مسلم بن عقيل، ولكن لا بد من الإشارة إلى أن هناك محمدين أكبر وأصغر، فالمقصود به هو محمد الأكبر لأن الأصغر لا يتناسب وخروجه إلى المعركة وسيأتي أنه هو الذي قتل في أطراف الكوفة ومرقده مع أخيه في ضواحي المسيب.

(404)

12

إسماعيل بن عبد الله الهاشمي

ن56- 145هـ = ن676- 762م

 

هو: إسماعيل بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب الهاشمي القرشي.

في البداية نتحدث عن ضبط الكلمة في «إسماعيل» بكسر الهمزة وسكون السين، وهو علم سرياني معناه مطيع الله، ولذلك كان القدامى يكنون كل من اسمه إسماعيل بأبي مطيع(1)، وأول من سمى من البشر وليده بذلك هو النبي إبراهيم «عليه السلام»(۲)، ويعتبر النبي إسماعيل(۳) بن إبراهيم «عليه السلام» جد العرب أجمعين، ويقال: بأنه أول من تكلم العربية وهو الجد الثلاثون للرسول (ص).

وأما في الملائكة فإن الملك إسماعيل هو أمين ملائكة سماء الدنيا (الرابعة) ويعمل تحت إمرته ما لا يقل عن (4۹۰۰) مليون ملك.

ولا يخفى أن إسماعين لغة في إسماعيل، وقيل إن النون بدل اللام، وليس بلغة مستقلة وكثيراً ما تنوب هذه عن تلك(4).

وقد رسم إسمعيل بإسقاط الألف كما في الرحمان (الرحمن)، وهي ممنوعة من الصرف بالعلمية والعجمة فلا يدخلها الكسر ولا التنوين، وتذكر

 

_____________

(1) وقد شاع في العراق أن يكنى كل مجهول من الشرطة بأبي إسماعيل بينما يكنى الجندي بأبي خليل، وفي الحقيقة فهذه مصطلحات خاصة دارجة، ومن ذلك أنهم مثلاً يكنون بريطانيا بأبي ناجي حيث أصبحت هذه رموزاً أكثر منها كنية.

(2) إبراهيم: النبي الثاني من أنبياء أولي العزم وقد سبقت ترجمته.

(3) إسماعيل: النبي ابن إبراهيم وهاجر وقد مضت ترجمته.

(4) راجع تاج العروس: 29/228.

(405)

في معاجم اللغة في اسمعل تارة وفي سمعل، والأول أنسب للقواعد.

ولنعد إلى الشخصية التي نريد التحدث عنها فقد ورد في بعض المصنفات الحديثة أنه من المستشهدين في كربلاء، والظاهر أن أول من ذكره هو الأميني(1) ونقل عنه آخرون مثل القمي(2) وربما آخرون نقلوا عنه، ولكن هذا ما ظفرنا به، ومن هنا فإن حديثنا ينصب على ما أورده الأميني وجاء نصه المعرب كالتالي:

«إسماعيل بن عبد الله بن جعفر بن عقيل بن أبي طالب، أمه السيدة زینب بنت الإمام أمير المؤمنین «عليه السلام»، حضر کربلاء مع أمه، وكذلك أخوه عون، واستشهدا معاً، وعندما استشهد الحسين «عليه السلام»، وكان قد تخلف في المدينة- أبوهما- عبد الله ولم يتمكن من الخروج مع الحسين «عليه السلام» بسبب مرضه، قال مباهياً ومفتخراً لقد ضحيت بأربعة من أبنائي في سبيل الحسين : إسماعيل، عبد الله ، عون، محمد»(3).

ومن الجدير ذكره أنه وثق كلامه هذا بالمصادر التالية: تنقیح المقال للمامقاني، ومقاتل الطالبيين للأصفهاني، وعمدة الطالب للداودي، ولدى مراجعتنا لكتب الأنساب والمقاتل والتاريخ والسير لم نجد لمثل هذه الشخصية ذكر فيها، فعندها راجعنا المصادر الثلاثة التي اعتمد عليها فتبين ما يلي:

1- إن المصادر الثلاثة خليت من هذه الشخصية، وتحقق لنا بأنها شخصية أخرى ألا وهي إسماعيل بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، وإنما أقحمت الكلمتان «بن عقيل» إقحام، ونظنه من الخطأ المطبعي.

۲- لم يورد أبو الفرج الأصفهاني ذکراً لإسماعيل بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، وأما المصدران الآخران فلم يذكرا بأنه قتل في کربلاء، بل ذكر الداودي إنه قتيل بني أمية(4) وجاء في هامشه أنه قتل عام

_____________

(1) الأميني: هو محمد هادي بن عبد الحسين، سبقت ترجمته.

(2) القمي: هو محمد تقي بن حسين، مضت ترجمته.

(3) ياران پايدار إمام حسين: 31.

(4) عمدة الطالب: 38.

(406)

 

145هـ وقد قارب التسعين، وأما المامقاني فقد ذكر: أنه عاش إلى عهد الإمام الصادق «عليه السلام» وحبس معه، فدخل عليه بنو أخيه معاوية بن عبد الله ابن جعفر فوطؤوه حتى قتلوه، وبعث محمد بن عبد الله إلى جعفر- الصادق- «عليه السلام» فخلى سبيله(1).

ويعلق المامقاني على ما ورد في عمدة الطالب، «بأنه قتيل بني أمية» بقوله: وذلك من غرائب الكلام فإن ابن حجر(2) قد أرخ في تقريبه(۳) قتل إسماعيل هذا بسنة خمس وأربعين ومائة، ومن الواضح انقراض بني أمية يومئذ(4)، وظني أن بني أمية تصحيف بني أخيه.

۳- لم يصرح عبد الله بن جعفر بأنه ضحي بأربعة من أبنائه، ولم تذكر المصادر بأنه قال مثل هذا الكلام ولم يعد أربعة من أبنائه، بل الذي ورد في كتب التاريخ والسير أنه عندما دخل عليه الناس يعزونه قال غلامه : هذا ما لقينا من الحسين، وكان الغلام قد ربي هذين الغلامين- عون ومحمد- فحذفه عبد الله بنعله، وقال له: يابن اللخناء(5) أللحسين تقول هذا؟ والله لو شهدته لما فارقته حتى أقتل معه، والله إنهما لمما يسخي النفس عنهما ويهون على المصاب بهما إنهما أصيبا مع أخي وابن عمي مواسيين له صابرين معه، ثم أقبل على جلسائه فقال: الحمد لله، أعزز علي بمصرع الحسين، إن لم أكن واسيت الحسين بيدي فقد واسیته بولدي(6).

بل إن المصادر التي نقل عنها خالية عن النص الذي أورده هنا، وغاية ما جاء في التنقيح: إن المقتول بالطف من أولاد جعفر: محمد الأصغر ابن جعفر الطيار، نص على ذلك في عمدة الطالب في عداد أولاد جعفر بن أبي طالب بقوله: «وأما عون و محمد الأصغر فقتلا مع ابن عمهما الحسين «عليه السلام» يوم الطف» ولم يعد محمداً من أولاد عبد الله، نعم لا يخفی

_____________

(1) تنقيح المقال: 1/138.

(2) ابن حجر العسقلاني تقدمت ترجمته.

(3) تهذيب التهذيب: 1/195.

(4) كان انقراض بني أمية عام 132هـ.

(5) اللخناء: هي التي في مطاوي جسدها نتن.

(6) راجع كتاب جعفر بن أبي طالب: 172.

(407)

عليك دلالة الزيارة الواردة قراءتها في أول رجب، وكذا زيارة الناحية المقدسة على كون محمد وعون ابني عبد الله بن جعفر من شهداء الطف حيث احتوت- الزيارة- الأولى قوله «عليه السلام»: «السلام على محمد بن عبد الله ابن جعفر بن أبي طالب» إلى أن قال «عليه السلام»: «السلام على عون بن عبد الله  ابن جعفر بن أبي طالب» وتضمنت- الزيارة- الثانية قوله «عليه السلام»: «السلام على عون بن عبد الله بن جعفر الطيار في الجنان» إلى أن قال «عليه السلام»: «لعن الله قاتله عبد الله بن قطبة النبهاني، السلام على محمد بن عبد الله بن جعفر الشاهد مکان أبيه والتالي لأخيه وواقيه ببدنه لعن الله قاتله عامر بن نهشل التميمي»، والذي ظهر لي-  والكلام للمامقاني- أخيراً بعد إمعان النظر في كلمات أهل السير أن من الشهداء محمداً وعوناً أخوين ابني جعفر، وأن جعفرأ أيضاً كان له ولدان عون و محمد وقد قتلا، عون بالطف، ومحمد بصفين، وأن الشهيدين بالطف محمدان أخوا عونین، محمد وعون ابنا جعفر، ومحمد وعون ابنا عبد الله بن جعفر، وقد أشار الإمام «عليه السلام» بقوله في التسليم على محمد الشاهد مکان أبيه إلى معنی تضمنه قول عبد الله بن جعفر الذي نقله المفيد رحمه الله بقوله: «لما ورد نعي الحسين «عليه السلام» ونعي عون و محمد إلى المدينة كان عبد الله جالساً في بيته فدخل الناس يعزونه ، فقال غلامه أبو السلاسل(1): هذا ما لقينا ودخل علينا من الحسین، فحذفه بنعله وقال: يا بن اللخناء اللحسین تقول هذا، والله لو شهدته لما فارقته حتى أقتل معه، والله إنهما لما يسخی بالنفس عنهما ويهون المصاب بهما أنهما أصيبا مع أخي وابن عمي مواسيين له صابرين معه، ثم أقبل على الجلساء فقال: الحمد لله الذي أعزز علي بمصرع الحسين «عليه السلام» أن لا أكن آسیت حسيناً بيدي فقد آسیته بولدي»(2).

4- إذا كل ما أورده الأميني لا يمت إلى الواقع شيئاً، فالظاهر أن الأمر اختلط عليه وتسرع في النقل دون تحقيق أو تمعن، فمن قول الداودي إنه «قتيل بني أمية» انصرف ذهنه إلى فعلة بني أمية في واقعة الطف، كما

_____________

(1) وفي نسخة أبو السلاس.

(2) تنقيح المقال: 7/138.

(408)

انصرف ذهنه من قول عبد الله بن جعفر «ولدي» بأنه جمع لا تثنية، ومن کون المشتركين في الطف أربعة من عترة جعفر الطيار، توهم أن إسماعيل منهم، والحال: إن إسماعيل ولد في حدود عام 56هـ وتوفي عام 145هـ، وعرف بالزاهد وكان من أصحاب الأئمة الهداة السجاد والباقر والصادق «عليهم السلام»(1)، وكان حين معركة الطف في المدينة مع أبيه وأمه، وله من العمر نحو خمس سنين، وقد حاول محمد بن عبد الله بن الحسن المثنی أن يأخذ منه البيعة لنفسه إلا أنه أبى ذلك فحبسه، وبعث من يقتله في السجن كما روى ذلك الكليني(۲) في كتابه(۳) وفيه أنه في آخر حياته قد ذهبت إحدى عينيه وذهبت رجلاه.

ولا يخفى أن إسماعيل هذا أخ لثلاثٍ وعشرين أخاً منهم معاوية وعلي الزينبي، وإسحاق العريضي، وهؤلاء الثلاثة مع إسماعيل هم المعقبون من ولد عبد الله بن جعفر(4).

وما دام لم يشترك بمعركة الطف فلنتوقف عن ترجمته عند هذا الحد، وفيما قدمناه كفاية في رفع الشبهة في مشاركته في معركة الطف.

_____________

(1) رجال الطوسي: 83، 104، 147.

(2) الكليني: هو محمد بن يعقوب بن إسحاق الرازي (بعد 254- 329هـ) ولد في الري- طهران- وتوفي في بغداد، من أعلام الإمامية ومحدثيهم، له كتاب: الرجال، الرسائل، والرد على القرامطة.

(3) الكافي: 1/363.

(4) عمدة الطالب: 38، ومن أولاد عبد الله بن جعفر كما في لباب الأنساب: 1/367 ما يلي: 1- جعفر الأكبر، 2- عون الأكبر، 3- العباس، 4- أبو بكر، 5- عبد الله، 6- محمد الأصغر، 7- يحيى، 8- هارون، 9- صالح الأكبر، 10- موسى، 11- جعفر الأصغر، 12- الحسين، 13- معاوية، 14- إسحاق، 15- إسماعيل، 16- أم كلثوم، 17- لبابة، 18- أسماء، 19- أم أبيها، 20- أم محمد، 21- فاطمة، 22- أم الكرام.

(409)

 

(410)

 

الفهارس العامة

 

(411)