معجم أنصار الحسين عليه السلام  (الهاشميون) الجزء الاول

اسم الکتاب : معجم أنصار الحسين عليه السلام (الهاشميون) الجزء الاول

المؤلف : للعلامة المحقق الشيخ محمد صادق الكرباسي
المطبعة : المركز الحسيني للدراسات لندن ـ المملكة المتحدة

ربيعة بن الخيار (حیان) بن مالك بن زيد بن كهلان(1)، بينما النخعي هو جسر بن عمرو بن علة بن جلد بن مذحج (مالك) بن أدد بن زید بن يشجب ابن عريب بن زيد بن كهلان(2)، وأما جعفي فهو ابن سعد العشيرة بن مالك بن أدد بن زید بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان(3)، كلهم من همدان وقحطانيون، والجعفي والنخعي كلاهما مذحجيان ولكن كل واحد منهم بطن من بطون كهلان.

وأما بالنسبة إلى اسم القاتل «زجر» بالحاء المهملة أو الجيم المعجمة التحتانية «زجر» فالصحيح كما ذكرناه في محله ازحر» بالمهملة، هذا وقد اختلفوا في اسم أبيه فقيل قيس وقيل بدر، فالظاهر أن الجعفي: هو زحر ابن بدر، والنخعي: هو زحر بن قيس(4)، وقد وقع الخلط بينهما، عند نقل اسميهما حيث ذكروا زحر بن بدر النخعي وزحر بن قیس الجعفي.

ولعل من سبل جمع الأقوال المختلفة دون طرحها مهما أمكن هو الالتزام بالشكل التالي:

١- القول بأن هناك خلطة بين زحر النخعي والجعفي باعتبار أن كلاهما مذحجيان من کهلان.

۲۔ القول بأن جميعهم اشتركوا في قتل أبي بكر.

٣- القول بأن كل واحد منهم قتل شخصاً من أبناء علي «عليه السلام» ممن اختلف الرواة والمؤرخون في شخصيته، فإذا قلنا بأن المشتركين في معركة الطف من هذه المجموعة (السبعة) التي نبحث عنهم من أبناء علي «عليه السلام» هم خمسة أشخاص كالتالي:

١۔ عبد الله الأكبر.

___________

(1) راجع معجم قبائل العرب: 3/1225.

(2) راجع معجم قبائل العرب: 3/1176.

(3) راجع معجم قبائل العرب: 1/195.

(4) راجع أعيان الشيعة: 7/46 وعبد الله بن سبأ: 2/75 عن تاريخ الطبري، ومقتل الحسين للخوارزمي: 2/28 وغيرها.

                                                                             (373)      

۲- عبد الله الأصغر أو عبيد الله(1).

۳- محمد الأوسط.

4- محمد الأصغر.

5- أبو بكر.

وعلى الطرح الثالث للجمع بين الأقوال لو أفرزنا القتلة والشهداء بالشكل التالي، وقلنا بأنه ثبت بأن هاني بن ثبیت الحضرمي قتل عبد الله الأكبر ابن أم البنين(2) ، وإذا لم نذهب إلى القول بأن القتلة اشتركوا بقتل بقية الشهداء الأربعة لتعين القول: بأن هاني هو قاتل عبد الله الأكبر، ومع هذا تبقى آراء شاذة، حيث روي أن الذي أجهز على عبد الله الأكبر رجل من بني تميم من أبان بن دارم(3)، كما قيل بأن الذي قتله هو زحر بن بدر النخعي(4)، ولكن سيأتي أن ذلك إنما وقع من الخلط بين الشخصيات المستشهدة في الطف وإلا فإن مشهور المؤرخين أن قاتل عبد الله هو هاني الحضرمي(5)، وهو المتبادر من قول الإمام في زيارة الناحية حيث يقول: «السلام على عبد الله ابن أمير المؤمنین مبلي البلاء والمنادي بالولاء في عرصة كربلاء، المضروب مقبلاً ومدبراً لعن الله قاتله هاني بن ثبیت الحضرمي»(6) حيث ذكر الأشقاء الأربعة عبد الله (الأكبر) والعباس (الأكبر) وجعفر وعثمان أبناء أم البنين متسلسلاً مما لا مجال لإرادة غيره.

وكذلك إذا ثبت بأن قاتل محمد الأصغر كان رجلاً من قبيلة تميم من

___________

(1) حسب الخلاف في تحديد اسمه حيث ذهب فريق إلى إسقاط عبد الله من قائمة المستشهدين بكربلاء، وذهب آخرون إلى إسقاط عبيد الله، بل رأوا أنه قتل في وقت آخر ومكان آخر كما سيأتي الحديث عن ذلك في ترجمة كل واحد منهما.

(2) راجع أنصار الحسين: 149 عن مصادر مختلفة.

(3) تسيمة من قتل مع الحسين لفضيل بن الزبير الأسدي.

(4) هامش شرح الأخبار: 22 عن الفتوح: 5/205.

(5) راجع الإرشاد: 269، مقتل الحسين للخوارزمي: 2/27، الكامل لابن الأثير: 4/76 وغيرها.

(6) أنصار الحسين: 149.

(374)

بني أبان بن دارم كما جاء في رواية الإمام الباقر «عليه السلام» وأكده المدايني(1) فعندها يكون المتعين دون غيره، وللعلم فإن أبان هذا هو ابن دارم بن مالك ابن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم العدناني(2)، ويؤيد ذلك ما ورد في زيارة الناحية حيث يقول الإمام «عليه السلام»: «السلام على محمد ابن أمير المؤمنين قتيل الأباني الدارمي لعنه الله وضاعف عليه العذاب الأليم...»(۳) ويذكر أن الدارمي اسمه ذرعة بن شريك(4) وللتفصيل يراجع محله(5).

وإذا ما ثبت بأن عبد الله الأصغر قتله رجل من همدان على ما نقله الناسخ عن الطبري(6)، وذكر المظفر: بأنه في البداية لقي مقتولاً(۷) فيتعين الأخذ به، وما نقله المظفر يوحد بين القولين في القتلة وهما القول بأن القاتل رجل من همدان، وإن القاتل غير معروف حيث سبق نصه على الشكل التالي: «لم يعرف قاتله ووجد مقتولاً في الساقية».

وهنا لا بد من أن تدفع الشبهة عن مقولة وردت في هذا المجال وهو أن شمس الدين في كتابه أنصار الحسين حين علق على قول المدائني: «وجده مقتولاً في الساقية» قال: «یدعونا أيضاً إلى الشك في شهادته بكربلاء»(8)، ولكنا لا نجد مبررة لشکه هذا من خلال هذه العبارة حيث لا يفهم منها أنه قتل خارج معركة الطف بل الذي يفهم منها عدم معرفة القاتل وطريقة القتل، وما يفهم منه أيضاً أنه وجد مقتولاً في إحدى السواقي التي كانت على أطراف النهر المتفرع من الفرات الذي كان يغذي كربلاء، والذي كان العباس «عليه السلام» وغيره يقصدونه لجلب الماء إلى المعسكر الحسیني.

___________

(1) المدايني: هو علي بن محمد بن عبد الله البصري (135- 225هـ) ولد ونشأ في البصرة وسكن المدائن ثم انتقل إلى بغداد وتوفي فيها، من مؤلفاته: مقتل الحسين، كتاب الردة، وأمهات النبي.

(2) معجم قبائل العرب: 1/1.

(3) أنصار الحسين: 149.

(4) فرسان الهيجاء: 2/56.

(5) راجع معجم من قاتل الحسين من هذه الموسوعة.

(6) ناسخ التواريخ (حياة الحسين): 2/333.

(7) بطل العلقمي: 3/500.

(8) أنصار الحسين: 135

(375)

وأيضاً إذا ما ثبت بأن أبا بكر بن الحسن «عليه السلام» قتل على يد عقبة الغنوي كما جاء في الإرشاد وغيره(۱) فإننا نحتمل بل نرجح بأن هناك خلطاً وقع بين أبي بكر بن علي وأبي بكر بن الحسن فنسب قتل أبي بكر بن علي إلى الغنوي، رغم أننا لا نبریء ساحة القتلة لنقول: بأنهم اكتفوا بجريمة واحدة وقتلوا شخصية واحدة من آل الرسول (ص)، ولكننا الآن نبحث عن الاحتمالات والمرجحات عند اختلاف النصوص وتضاربها.

وكذلك إذا ثبت بأن عبيد الله بن علي هو المقتول بالمذار(۲) كما عليه معظم المؤرخين(۳) بغض النظر عما يحوم حوله من كلام، والذي سنأتي على مناقشته في ترجمته فمعنى ذلك أنه لم يستشهد في كربلاء، وأما ما ورد في الزيارة الرجبية من السلام عليه فلعل المقصود به هو عبد الله الأصغر الذي قد يصغر لفظه للدلالة على أنه الأصغر بدلاً من وصفه بالأصغر، وعليه فيكون عبيد الله واحداً، وأما عبد الله فيكونا اثنين أصغر وأكبر، استشهد أحدهما في كربلاء وقتل الآخر بالمذار، وسوف نفصل الكلام عن هذا الجانب حيث ناقش ابن إدريس نص المفيد القائل بأن عبيد الله مستشهد بالطف.

إذا فما بقي أمامنا إلا شخصيتين من أبناء علي «عليه السلام» مما كنا نبحث عنهما هنا، إحداهما: محمد الأوسط، والأخرى: أبو بكر، كما بقي عندنا شخصيتان من القتلة هما زحر بن بدر الجعفي وزحر بن قيس النخعي، وبما أن ابن شهرآشوب ذكر أبا بكر وأطلق دون أن يشير إلى اسمه، وقال بأن قاتله هو زحر بن بدر الجعفي(4)، فالقول بالالتزام بما أورده أولى في قبال القول بأن زحر بن قيس هو قاتل محمد الأوسط، إذ الآخرون قالوا باتحاد

____________

(1) راجع مناقب آل أبي طالب: 4/107.

(2) المذار: يقع على ضفة دجلة الشرقية بين قلعة صالح والعزير وهي قصبة تابعة إدارياً لميسان الواقعة بين واسط والبصرة، وقبر عبيد الله مزار معروف، وكان مقتله عام 67هـ.

(3) وهناك قول بأن المقتول بالمذار هو عمر بن علي إلا أنه مردود من قبل معظم المؤرخين وسيأتي في ترجمته إن شاء الله تعالى.

(4) مناقب آل أبي طالب: 4/107.

(376)

أبي بكر مع أحد الأسماء التي عرضناها سابقاً، مضافاً إلى أن كل من ذكر محمد الأوسط لم يذكر قاتله بل قال: «فلم يزل يقاتل حتى قتل من القوم جماعة كثيرة ثم عطفوا عليه من كل جانب فقتلوه في حومة الحرب بعدما عقروا فرسه»(1) مما يفهم تعدد قاتله، وربما الذي عقر فرسه کان زحر بن قيس النخعي، وهذا يتناسب مع ما ذهب إليه الحلي من أن أبا بكر متحد مع محمد الأصغر فيكون كل من ذكر قاتل أبي بكر زحر بن قيس النخعي أراد به محمد (الأوسط)، والذي سبق وقلنا إنه هو الأصغر لدى من لا يذكر أن لعلي ثلاثة من الأبناء باسم محمد، وما ذكر في القاتل فهو من الخلط بين الأسماء المتقاربة والله العالم.

وأما ما ورد بأن اسم أبي بكر هو عبد الرحمان كما جاء في بطل العلقمي نقلاً عن العمري في المجدي والمقريزي(۲) في اتعاظ الحنفا(۳) لم يثبت، حيث لم نجده في المجدي بل ورد اسم أبي بكر واسم عبد الرحمان بشكل مستقل، ولعل المقريزي نقل هذا الرأي لوحده(4) ومع الأسف فإن كتابه ليس بمتناول اليد.

وأما بالنسبة إلى أمه فلا خلاف يذكر في أن أمه لیلی بنت مسعود النهشلية والتي سبق الحديث عنها، حتى على القول باتحاده مع عبد الله الأصغر، أو عبيد الله، ولكن الذي ادعى أنه متحد مع محمد الأصغر، أو عبد الرحمان فلا شك أن الأمر يختلف، إذ ذكروا بأن أم محمد الأصغر أم ولد كما مال إلى ذلك ابن الجوزي(5)، وكذلك قيل بالنسبة إلى عبد

____________

(1) وسيلة الدارين: 262.

(2) المقريزي:  هو أحمد بن علي بن عبد القادر الحسيني (769- 845هـ) ولد ونشأ وتوفي في مصر مؤرخ ومحدث متفقه على مذهب أبي حنيفة، له كتاب المواعظ والاعتبار، درر العقود، وإمتاع الأسماع.

(3) بطل العلقمي: 3/530.

(4) لما ورد في بطل العلقمي: 3/525، وأما المقريزي فقد سماه في اتعاظ الحنفاء عبد الرحمان وكناه بأبي بكر.

(5) راجع هامش مقتل الحسين للمقرم: 263 عن صفوة  الصفوة لابن الجوزي: 1/119.

(377)

الرحمان، حيث ذكروا بأن أمه أم ولد(1)، وفيه خلاف أيضاً حيث تفرد ابن فندق بأن أم عبد الرحمان هي أمامة بنت أبي العاص(2)، ولكن بعدما توصلنا إلى عدم اتحاد الشخصيات الخمس: أبو بكر، عبد الله الأصغر، عبيد الله، محمد الأصغر (أو الأوسط)، عبد الرحمان، وفندنا الأقوال المائلة إلى اتحاده مع أحدهم فلا يبقى أمامنا إلا القول بأن أمه لیلی النهشلية، وبغض النظر عن اتحاده مع عبد الله الأصغر أو عبيد الله فإن جميعهم ذكروا بأن أمه ليلى النهشلية، وأما الذين ذكروه مجرداً من التسمية كفضيل الأسدي(3) على سبيل المثال أيضاً ذكروا بأن أمه ليلى النهشلية(4).

ومن الجدير ذكره أن جل المصادر بل کلهم إنما بحثوا عن اسمه لاستبعادهم التسمية بالكنية، ومن المعلوم أن هذا الاستبعاد في غير محله بعدما جرت العادة على ذلك، وربما كانت لهم أسماء إلا أن الكنية غلبت بل أريد تغليبها كما في أم كلثوم ابنة علي «عليه السلام» والتي اسمها زينب ابنة فاطمة «عليه السلام»، بل هناك من وضع الكنية اسمة كما في «أم أبيها» وغيرها.

وعلى أي حال فإن ولادته كما سبق واحتملناه كانت في الكوفة عام ۳۸هـ، وذكرنا أيضاً بأن له شقيقين عبد الله (الأصغر) وعبيد الله، واحتملنا أن يكون عبد الله أكبر منه، وعبيد الله أصغر منه، فالأول استشهد معه في الطف، والثاني قتل بالمذار، ولا خلاف في أن مقتل أبي بكر في الطف،  وينسب إليه الرجز التالي:

شيخـــي علي ذو الفخار الأطول

من هاشم الصدق الكريم المفضل

هـــــذا حسین ابن النبي المرسل

____________

(1) راجع بطل العلقمي: 3/530.

(2) لباب الأنساب: 1/337.

(3) فضيل الأسدي: هو ابن الزبير بن عمر بن درهم الكوفي، كان من أصحاب الإمام الباقر المتوفى عام 114هـ والصادق المتوفى عام 148هـ «عليهما السلام»، عاش ما بين عام 122هـ- 148هـ.

(4) راجع كتاب تسمية من قتل مع الحسين لفضيل الأسدي: 148- مجلة تراثنا العدد: 2.

(378)

 

عنه نحامي بـــــــالسام المصقل

تفديه نــــــــــفسي من أخ مبجل

یا رب فامنحني ثواب المنزل(۱)

ولا خلاف يذكر في أن هذا الرجز له، وغالباً ما أورده المؤرخون منسوباً إليه دون أن يسمونه(2)، ومن سماه فإنما أورده من باب قناعته بأن اسمه مثلاً عبد الله، وإلا فإنه ذكر بأنها لأبي بكر، ثم ألحق بكلامه موضحاً: «وإسمه عبد الله» مثلاً(۳).

هذا وسیأتي مزيد الكلام عنه في ترجمة أشقائه: عبد الله الأصغر وعبيد الله وترجمة إخوانه أيضاً في هذا الباب، بالإضافة إلى ترجمته في معجم الشعراء وفي السيرة الحسينية، بالإضافة إلى ما حررناه في تاريخ المراقد(4) تحت عنوان بكر بن علي بن أبي طالب «عليه السلام»، والذي أحتمل أن یکون تصحيفاً لأبي بكر بن علي بن أبي طالب «عليه السلام»، ويقع مرقده في نواحي الحلة على يسار الذاهب من قرية الكفل العراقية إلى مدينة الحلة على مقربة من الطريق العام بين الكوفة والحلة على بعد ستة كيلومترات من الحلة تقريباً، وعلى تلال مرتفعة.

وقد استبعدنا أن يكون ابن علي «عليه السلام» دفن هناك لأمور أهمها بعد المنطقة عن ساحة معركة الطف، ورجحنا أن يكون القبر لأحد الصلحاء أو الأولياء وللتشابه الإسمی اشتهر بأنه ابن أمير المؤمنين «عليه السلام» وكتب على صخرته بأنه توفي عام 60هـ مما زاد في الأمر لبساً، بالإضافة إلى أن أهل التاريخ تسلموا بأن أبي بكر دفن مع سائر الشهداء على مقربة من قبر سيد الشهداء «عليه السلام»، ولمزيد من التفاصيل يمكن مراجعة ما أوردناه في تاريخ المراقد.

____________

(1) راجع ديوان القرن الأول: 1/100.

(2) مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: 4/107 وعنه نفس المهموم: 298.

(3) راجع الفتوح: 5/205، مقتل الحسين للخوارزمي: 2/28، وجاء في نور العين في مشهد الحسين: 45 أن اسمه: «محمد».

(4) تاريخ المراقد: 1/187.

(379)

7

أبو سعيد بن عقيل الهاشمي

16- 61هـ= 637- 680م

 

هو: أبو سعيد بن عقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب الهاشمي القرشي.

في البداية لا بد من ضبط الكلمة بل الكلمتان معاً، فالأولى «أبو» سبق الحديث عنه في «أبي بكر»، والثانية «سعید» فهي بفتح السين، على زنة فعيل بمعنى المفعول «مسعود» مأخوذة من السعادة، والخلاف واقع في كون الكلمتين علم أم لا، فعلى العلمية هناك لغتان لغة قريش التي وردت في «أبو طالب» فإنهم يبنوها على الواو دائما، وقد سبق وتحدثنا عن ذلك في محله(1)، وعلى لغة غيرهم فمال بعضهم إلى البناء بناء على العلمية وعليه فتبقى الكلمة مع الواو حتى في حالة الجر والنصب أيضاً، ومال آخرون إلى أنها تخضع للإعراب حيث إن الأسماء الستة ترفع بالواو وتنصب بالألف وتجر بالياء، ولكن اعتادوا على عدم الالتزام بالبناء حتى مع العلمية، وأما على التكنية فالأمر واضح حيث تعامل معاملة المعرب.

وحال الكلمة الثانية «سعيد» يتبين من حال الكلمة الأولى حيث تضاف إلى الثانية فتأتي في جميع الأحوال مجرورة.

والسعيد من الصفات التي استخدمت منذ الجاهلية علماً للأشخاص، ولكنها ليست قديمة جداً، وحسب استقرائنا فإنه درج استخدامها في القرن

 

____________

(1) ربما في الجزء الأول من السيرة الحسينية والجزء الأول من ديوان الإمام الحسين من هذه الموسوعة.

(380)

الأول قبل الهجرة، وأما بقية مفردات الجذر «سعد» و«أسعد» و«سعود» و«مسعود»(1)، فأقدمها السعد وتأتي البقية حسب التسلسل الذي ذكرناه، ومن أسماء الجاهلية المعروفة: سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس المتوفي في حدود عام 3هـ(2)، ويعد سعيد من الأسماء المشتركة بين المسلمين والمسيحيين.

ومن المعلوم إذا ما استخدمت الكلمة علماً أمكن استخدامها في الكنية أو علماً على صورة كنية كما في أبي القاسم، ومن ذلك من نحن بصدد ترجمته ألا وهو أبو سعيد بن عقيل.

لقد صرح المظفر بأن اسمه كنيته(۳) والظاهر أنه لا خلاف في ذلك.

وأمه: الخوصاء بنت الثغر عمرو بن عامر بن الهصان بن کعب بن عبد بن أبي بكر بن كلاب العامرية(4).

وأم الخوصاء: أودة(5) بنت حنظلة بن خالد بن کعب بن عبد بن أبي بکر بن كلاب العامرية.

وأم أودة(6): أم البنين بنت معاوية بن خالد بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، من هوازن.

____________

(1) وليس منها ساعد ومساعد.

(2) راجع الأعلام للزركلي: 3/96، وممن سمي سعيداً في الجاهلية: سعيد بن هاشم ابن سهم بن هيص بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن خزيمة- أنظر سبائك الذهب: 64، ومنهم: سعيد بن عدي بن أفلت بن سلسلة بن ثعل بن عمرو بن سلسلة بن كنانة بن غنم بن توب بن معن بن عنود بن عنين بن سلامان بن ثغل بن عمرو بن الغوب بن طي- أنظر سبائك الذهب: 57.

(3) سفيرالحسين مسلم بن عقيل: 23.

(4) إبصار العين: 51، مقاتل الطالبيين: 97.
(5) في مقاتل الطالبيين: «اردة» بدل «أودة» بالواو بدل الراء.

(6) في مقاتلل الطالبيين: يقال إن أم أودة هي: مسالمة بنت حنظلة بن مالك بن خطاب الأسدي.

(381)

 

ووالدة أم البنين: حميدة بنت عتبة بن سمرة بن عتبة بن عامر من العدنانية(1).

ولا يخفى أن أبا سعيد وجعفراً الأكبر شقيقان(۲)، ويلقب أبو سعید بالأحول لأنه كان أحول العين(۳).

واستناداً إلى ما سبق في ترجمة أبيه عقيل وترجمة أم زوجته فاطمة بنت علي «عليه السلام»، فإن أبا سعيد الأحول لم يكن أول أبناء أبيه بل كان من الأوائل، وذلك لأن البكر من أبناء أبيه كان يزيد والذي كني به، وكان محمد ابن أبي سعيد ممن أجمع على استشهاده في كربلاء.

ويذكر الزنجاني: إن زوجته فاطمة بنت علي «عليه السلام» حضرت معركة الطف مع ابنتها حميدة وكانت تراقب عن كثب مقتل محمد بن أبي سعيد(4).

وإذا ما اعتمدنا على العمري وابن فندق فنجد أن الأول ذکر مسلماً ثم أبا سعيد، بينما الثاني ذكر أبا سعيد أولاً ثم مسلماً يتبين أن أبا سعید كان مولده متقارباً مع مولد مسلم والذي ولد عام 15هـ على ما توصلنا إليه(5)، وإذا أضفنا إلى ذلك: إن ابن فندق ذكر بأن ابنه محمد بن أبي سعید قتل يوم الطف وهو ابن خمس وعشرين سنة(6) فعليه فإن أقل ما

____________

(1) راجع إبصار العين: 51 ومقاتل الطالبيين: 97 وسيأتي مزيد الكلام في شقيقه جعفر إن شاء الله تعالى.

(2) راجع الطبقات الكبرى لابن سعد: 4/42.

(3) سفير الحسين: 34 عن المجبر: 304.

(4) وسيلة الدارين: 423.

(5) راجع ترجمة مسلم بن عقيل من هذا المعجم، فإن ابن فندق ذكر بأنه عندما استشهد مسلم بن عقيل كان له من العمر 35 سنة، وقد توصلنا إلى أنه تصحيف لـ 45 لأنه فيما بعد يذكر أن ابنه عبد الله المستشهد في كربلاء وله من العمر 26 سنة، وابنه الآخر محمد استشهد أيضاً في كربلاء وله من العمر 27 سنة، بالإضافة إلى ذلك فإن المقرم ذكر في كتابه مسلم بن عقيل: 60 بأنه اشترك في صفين عام 3هـ وكان على ميمنة جيش علي ومعه الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر، مما لا يمكن إلا أن يكون قريباً منهم إن لم يكن من أترابهم.

(6) لباب الأنساب: 1/402.

(382)

يمكن أن يقال إنه ولد عام 16هـ، وهذا يتناسب مع ما ورد من أخبارها حين ورد معاوية بن أبي سفيان المدينة عام 44هـ(1) عند منصرفه من مكة حاجاً، عندها زاره أبو سعيد، وبينما هو عنده إذ دخل الحسن بن علي «عليه السلام» على معاوية وعنده عبد الله بن الزبير(2) وكان معاوية يحب أن يُغري(3) بين قريش فقال للحسن: يا أبا محمد أيهما أكبر سناً على أم الزبير فقال الحسن ما أقرب ما بينهما وعلي أسن من الزبير فرحم الله علياً، فقال ابن الزبير رحم الله زبیراً.

فقال أبو سعيد: يا عبد الله وما يهيجك من أن يترحم الرجل على أبيه، قال: وأنا أيضاً ترحمت على أبي، قال أبو سعيد: أتظنه ند له وكفؤاً قال: وما يقعد به عن ذلك، كلاهما من قريش، وكلاهما دعا إلى نفسه ولم يتم له، فقال: دع ذا عنك يا عبد الله إن علياً من قريش ومن الرسول (ص) حيث تعلم، ولما دعا إلى نفسه اتبع فيه وكان رأساً ولما دعا الزبير إلى أمر كان الرأس فيه امرأة(4) ولما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وولی مدبراً قبل أن يظهر الحق فيأخذه، أو يدحض الباطل فيتركه، فأدركه رجل، لو قيس ببعض أعضائه لكان أصغر فضرب عنقه وأخذ سلبه وجاء برأسه، ومضى علي «عليه السلام» قدماً كعادته مع ابن عمه رحم الله علياً.

فقال ابن الزبير: أما لو أن غيرك تكلم بهذا يا أبا سعيد لعلم.

فقال: إن الذي تعرض به يرغب عنك، وكفه معاوية فسكتوا.

وأخبرت عائشة بمقالتهم، ومر أبو سعيد بفنائها فنادته یا أبا سعيد أنت القائل لابن أختي كذا، فالتفت أبو سعید فلم ير شيئاً، فقال: إن الشيطان يراك

____________

(1) إن زيارة معاوية للمدينة كانت في عام 44هـ، حيث يذكر الطبري في تاريخه: 3/195 إن في عام 44هـ حج معاوية، وهذه أقرب الفرص التي يمكن أن يجتمع فيها معاوية مع الإمام الحسن «عليه السلام» وعبد الله بن الزبير وأبي سعيد ابن عقيل.

(2) الزبير: هو ابن العوام مضت ترجمته.

(3) أغرى الرجل بكذا: حضه عليه.

(4) امرأة: قصد بها عائشة بنت أبي بكر التي قادت حرب الجمل.

(383)

ولا تراه، فضحكت عائشة وقالت: لله أبوك ما أذلق(۱) لسانك(۲).

ويذكر بأنه تزوج من فاطمة بنت أمير المؤمنين «عليه السلام» كما ذهب إلى ذلك النسابة الحميدي(3) والمجلسي(4) والطبرسي(5) وابن فندق(6) وابن أبي الدنيا (۷) إلى غيرها.

وفاطمة بنت علي «عليه السلام» كما سبق وذكرنا أنها ولدت عام ۲4هـ وقد زوجها علي «عليه السلام» في حياته وكان ذلك حسب الظاهر عام ۳۸هـ أو قبله بقليل، وذلك لأن علياً «عليه السلام» توفي عام 40هـ وإذا كانت ولادة فاطمة عام 24هـ فإنها بلغت سن من تحيض عام ۳8هـ.

وذكر المظفر: بأن أبا الفرج والطبري ومن وافقهما يقولون: إن محمد بن أبي سعيد أمه أم ولد ولم يسمها واحد منهما، ويقولون: إن محمد بن أبي سعيد كان متزوجاً بفاطمة بنت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب «عليه السلام»، وهو رأي من يذهب إلى أن محمد بن أبي سعيد قتل مبارزة في ميدان الحرب(8).

وعبارته هذه تحتوي على أمور ثلاث:

1- إن أم محمد بن أبي سعيد أم ولد، وهذا عليه جل المؤرخين إن الم نقل كلهم.

۲- إن محمد بن أبي سعيد تزوج من فاطمة بنت علي «عليه السلام»، والعبارة توحي بأن قائله هو أبو فرج والطبري، إلا أننا لم نعثر في المصدرين على هذا الرأي، ولعله أراد بقوله «يقولون» إن هناك من يقول ذلك، ولا

____________

(1) ذلق اللسان أو السيف: حاده.

(2) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 11/20.

(3) راجع سفير الحسين: 25 عن بحر الأنساب للحميدي: 229.

(4) بحار الأنوار: 44/94.

(5) أعلام الورى: 1/397 في نسخة.

(6) لباب الأنساب: 1/334.

(7) مقتل أمير المؤمنين: 123.

(8) سفير الحسين: 25.

(384)

 

يريد بذلك أبا الفرج والطبري وإلا لقال يقولان بالتثنية بدل الجمع.

نعم هناك نسخة من إعلام الوری للطبرسي بأن محمد تزوج من فاطمة بنت علي «عليه السلام»، ولكن سبق وقلنا إنه تصحيف، ويؤيد التصحيف أن المجلسي عندما نقل عنه ذكر بأن الأب تزوج من فاطمة وليس الابن، مضافاً إلى أنه لم يقل بذلك أحد إلا ابن حبيب الذي ذكر قائلاً: «ومحمد بن أبي سعید بن عقيل كانت عنده فاطمة بنت علي «عليه السلام»»(1)، وربما أمكن إرجاع الضمير في «عنده» إلى أبي سعيد فيتحقق المطلوب، وإلا فإن القول بأن محمد هو الذي تزوج من فاطمة بنت علي «عليه السلام» فإنه يتناقض مع عدد من تصريحات المؤرخين، منها: إن ابن شهرآشوب ذكر بأن فاطمة تزوجت في حياة أبيها علي «عليه السلام»، ومحمد ابن أبي سعيد كما قالوا كان له من العمر يوم استشهد في كربلاء على أقل التقادير سبع سنوات على ما صرح به بعض المتأخرين(2)، وهذا يعني أن ولادته كانت عام 53هـ وعلي «عليه السلام» توفي عام 40هـ، كما ولا يناسب عمر فاطمة بنت علي «عليه السلام».

وكذلك لا يصح مع أكثر التقديرات لعمر محمد بن أبي سعيد القائلة بأنه يوم استشهد في كربلاء كان ابن خمس وعشرين سنة كما صرح بذلك ابن فندق(3) وهذا يعني أن ولادته كانت عام ۳۰هـ، وبين ولادته ووفاة علي «عليه السلام» خمس سنوات لا يصلح معه الزواج.

3- إن هناك رأيين في كيفية مقتل محمد بن أبي سعيد: القتل اغتيالاً، أو القتل مناجزة، وهذا يتوقف على عمره فلو قلنا بأنه كان ابن سبع سنين حين استشهد فينطبق القول الأول وإلا فالثاني، ومن المعلوم أن الأول لا دليل عليه وإنما هو من تخمين المتأخرين.

ويعلق المظفر على القولين في الزواج بقوله: إن كان عند علي «عليه السلام» فاطمتان إتفق القولان وإلا فلا أجد لهما وفاقاً(4).

____________

(1) المحبر: 56.

(2) فرسان الهيجاء: 2/54.

(3) لباب الأنساب: 1/402.

(4) سفير الحسين: 35.

(385)

وقد سبق وأشرنا إلى احتمال أن لعلي فاطمتين إحداهما اشتهرت بکنیتها وهي أم أبيها، ومع هذا فلا يرفع التنافي بين القولين، اللهم إلا إذا قيل بأن له فاطمتين غير أم أبيها.

ويعلق المظفر على القولين في الشهادة بقوله: «أما أبو الفرج والطبري فيذكر ان في شهادة محمد أن أمه أم ولد، ویسکت ابن قتيبة عن ذكر أمه، هذا ويختلفون في قاتله بعد الاتفاق على شهادته، فمنهم من يقول: لقيط بن ياسر الجهني، وهو قول الطبري وأبي الفرج، ومنهم من يقول: هاني بن ثبیت الحضرمي، وهو قول ابن شهرآشوب، ومن هنا غلط السماوي(1) بجعله الغلام صاحب الدرتين هو محمد بن أبي سعيد، وهو غلط محض ذاك ابن الحسين «عليه السلام» أمه شهربانويه الكسروية، لا شك في ذلك لما حققناه في كتبنا الثلاثة»(2).

ولكن صاحب الناسخ صرح بأن محمد بن أبي سعيد قاتل و قتل(۳).

وعلى أي حال فإن أبا سعيد على أقل التقادير له من الأولاد محمد والذي أمه أم ولد، وكانت في حالته قبل عام 35هـ، ولعلها كانت من غنائم أيام عثمان (۲۳- ۳۰هـ)، والتي كان آخرها فتوحات إيران وأسر بنات الملك يزدجر الساساني، وكانت له أيضاً حميدة وأمها فاطمة بنت علي «عليه السلام»، وقد تزوجها بعد عام ۳۰ هـ، ولعله بعدما تولى علي «عليه السلام» أمر الأمة بعد مقتل عثمان في 35/15/35هـ.

____386________

(1) إبصار العين: 51.

(2) سفير الحسين: 25.

(3) ناسخ التواريخ: 2/321.

(386)

وسبق وقلنا بأن أبا سعيد ولد عام 16هـ واستشهد في كربلاء عام 61هـ، والظاهر أنه استشهد في حملة آل أبي طالب حيث لم يذكر له براز، وسنأتي على بعض التفاصيل المرتبطة بالموضوع لدى ترجمة ابنه محمد، وزوجته فاطمة حيث حضرت کربلاء، وسنبحث هناك عدم صحة زواج أبي سعيد من زينب الصغرى بنت علي «عليه السلام»، لأنها تزوجت من أخيه محمد بن عقيل، كما لا يصح زواجه من أختها «أم أبيها بنت علي»، لأنها تزوجت من سعيد بن الأسود الأسدي.

 

(387)

8

أحمد بن الحسن الهاشمي

44- 61هـ = 664- 680م

 

هو: أحمد بن الحسن بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القريشي.

في البداية فإن ضبط المفردة «أحمد» تأتي بفتحتين ما بينهما سكون علی زنة أحمر، وهو أفعل تفضيل من الحمد، فإذا كان محمد بمعنی محمود أي اسم مفعول من الحمد، فإن أحمد بمعنى أكثر حمد و مدح وثناء من محمد، يقول الشاعر من الطويل:

فلم تجر إلا جثت في الخير سابقاً             ولا عذت إلا أنت في العود أحمد

وقد شي من مشتقات الجذر «حمد»: محمد وأحمد وحامد وحماد وحميد وحمد وحميد ويحمد، وحمدان وحمود وحمادة وحمدون، وحمدين، وحمدي إلى غيرها.

وأحمد ممنوع من الصرف لاجتماع سببين من الأسباب التسعة فيه ألا وهو العلمية ووزن الفعل، فلا يكسر ولا ينون، فتقول مررت بأحمد بفتح الدال، ولا تقول مررت بأحمدٍ منوناً ومجروراً حيث لا يلحقه تنوين، ولا یکسر.

ولا يعرف أنه شمي أحد بأحمد قبل الحبيب المصطفى (ص) إلا ما حكي أن الخضر اسمه كان أحمد(1)، وسنأتي في باب الميم لنقول بأن هناك

____________

(1) راجع تاج العروس: 8/40.

(388)

 

سبعة أشخاص سبقوا الرسول الأعظم (ص) سموا بمحمد في الجاهلية وهم كما روى ابن بري:

١- محمد بن أحيحة بن الجلاح الأوسي، أحد بني جحجبی.

۲- محمد بن حرماز بن مالك التميمي العمري.

٣- محمد بن حمران بن مالك الجعفي، المعروف بالشويعر(1).

4- محمد بن خزاعي بن علقمة.

5- محمد بن سفيان بن مجاشع الدارمي التميمي، من أجداد الفرزدق الشاعر(2).

6- محمد بن عتوارة الليثي الكناني.

۷- محمد بن مسلمة الأنصاري(۳).

ولكن الأخير لم يكن أسبق من النبي الأكرم (ص) ولكنه توفي قبله (ص) حيث ولد عام ۳5 قبل الهجرة والرسول الأعظم (ص)  ولد عام 53 قبل الهجرة، وتوفي الرجل عام 43هـ.

وأما عن شخصية أحمد بن الحسن الزكي «عليه السلام» فإن بعض أرباب النسب وبعض أرباب المقاتل ذكروه في مصنفاتهم؛ ولكن بعضهم الآخر لم يتطرق إليه.

وممن ذكره الأربلي(4) وسبط ابن الجوزي(5) والدربندي(6) وأبو

 

____________

(1) وفيه يقول امرىء القيس من الخفيف: وذلك عندما طلب منه أن يبيعه فرساً فأبى:

بلغا عني الشويعـــــــر أني             عمد عين بكيتهن حريــما

(2) وفيه يقول عمر بن لجأ من الكامل: وذلك عندما فضل الفرزدق على جرير:

أيكون دمن قرارة موطوءة        نبتت بخبث مثل آل محمد

(3) راجع لسان العرب: 3/316.

(4) كشف الغمة: 2/202.

(5) تذكرة الخواص: 214.

(6) أسرار الشهادة: 2/303.

(289)

 

مخنف(۱) والمامقاني(۲) والقندوزي(3) وابن شهر آشوب(4) وابن الصباغ(5) ونقل عنهم المتأخرون، فبعضهم ذكره في أبناء الحسن «عليه السلام»، وبعضهم ذكره في المستشهدين بين يدي عمه الحسين «عليه السلام».

ومما لا خلاف فيه أن أمه أم بشیر فاطمة بنت أبي مسعود عقبة بن عمر بن ثعلب الخزرجية البدرية، وعليه فهو شقيق زيد وأم الحسن الكبرى، وأم الحسين، وإذا كانت أم الخير مغايرة مع أم الحسين فهي أيضاً شقيقته.

ولد أحمد بن الحسن «عليه السلام» في المدينة عام 46هـ حيث كان عمره حين استشهد في كربلاء ستة عشر عاماً(6) أو سبع عشرة سنة(7).

وأما عن وقت استشهاده في كربلاء فأكثر المقاتل تشير إلى أنه برز إلى القتال بعد أخيه القاسم، ننقل جانباً من ذلك برواية أبي مخنف ونترك التفاصيل إلى باب السيرة من هذه الموسوعة، يقول أبو مخنف: فنظر الحسين «عليه السلام» يميناً وشمالاً فلم ير له ناصراً ولا معيناً فجعل ينادي : واغربتاه واعطشاه واقلة ناصراه، أما من معين يعيننا، أما من ناصر ینصرنا، أما من مجير يجيرنا، أما من محام يحامي عن حرم رسول الله.

عندها خرج من الخيمة غلامان كأنهما القمران أحدهما أحمد والآخر القاسم ابنا الحسن بن علي وهما يقولان: لبيك لبيك يا سيدنا، ها نحن بين يديك، مرنا بأمرك، صلوات الله عليك(8).

____________

(1) مقتل الحسين لأبي مخنف: 126.

(2) تنقيح المقال: 1/103.

(3) ينابيع المودة: 2/171، والقندوزي: هو سليمان بن إبراهيم الحسيني البلخي الحنفي (1220- 1294هـ) ولد في قندوز في أفغانستان ثم رحل إلى الحواضر الإسلامية، من مؤلفاته: اجمع الفوائد، مشرق الأكوان.

(4) مناقب آل أبي طالب: 4/29.

(5) الفصول المهمة: 166، وابن الصباغ سبقت ترجمته.

(6) راجع مقتل الحسين لأبي مخنف: 126، وأسرار الشهادة للدربندي: 2/303، وتنقيح المقال: 1/103، وغيرها.

(7) ينابيع المودة: 2/171.

(8) مقتل الحسين لأبي مخنف: 124.

(390)

 

وبما أنه في سرد حديثه عنهما يذكر بأن عمر القاسم كان أربع عشرة سنة، وعمر أخيه أحمد ست عشرة سنة، تأتي الغرابة كيف تقدم الأصغر على الأكبر، اللهم إلا إذا قيل بأن إصرار القاسم كان من وراء ذلك كما يفهم من بعض النصوص وعدم موافقة العم على خروجه بل عدم موافقته على خروجهما لصغر سنهما.

ومن هنا يعلم بعض مواصفاته ووقت خروجه إلى المعركة وأنها كانت مبارزة، ومما لا شك فيه أنه لم يكن له خلف، بل لم يكن قد تزوج بعد الصغر سنه فانقطع بشهادته نسل الحسن «عليه السلام» منه، بل منهما بشهادتهما.

ولا مجال لإهمال أحمد بن الحسن بعدما ذكره جمع من الأعلام، ولا مجال للتصحيف بين اسمه وأسماء إخوانه.

(391)

 

9

أحمد بن عقيل بن أبي طالب

ق44- 61هـ = ق664- 680م

هو: أحمد بن عقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمي القرشي.

لقد تفرد بذكره الأمين في الأعيان(۱) مستنداً إلى كتاب لبعض معاصریه، ومن المؤسف جداً أنه لم يصرح باسم الكتاب ولا باسم مؤلفه، وقال ما نصه: «ذكره بعض المعاصرين في كتاب له وقال: أمه أم ولد برز يوم الطف وهو يرتجز ويقول:

اليوم أبلو حسبي ودينـــــــي

بصارم تخيله يمينــــــــــــي

أحمي به عن سيدي ودينــي

ابن علي الطاهر الأمين»(۲)

والأمين لم ينكر وجوده كابن لعقيل، بل أنكر وجوده ضمن من استشهد مع الإمام الحسين «عليه السلام» في الطف حيث يقول: «ولم نجد أحداً ذكره فيمن استشهد مع الحسين»، ولكنه استدرك على كلامه ليجد له حلاً

_____________

(1) أعيان الشيعة: 3/219.

(2) راجع مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: 4/105، وفيه: «ثم برز أحمد بن محمد الهاشمي وهو ينشد:

اليوم ابلو حسبي وديـــــــــــــني

بصارم تحمله يمـــــــــــــــــيني

أحمي به يوم الوغى عن ديني»

(392)

 

توفيقياً بين ما ذكره معاصره وبين ما ورد في كتب المقاتل، فاعتمد على ما أورده ابن شهرآشوب أشطراً ثلاثة من الرجز منسوباً إلى أحمد بن محمد الهاشمي وعده ممن استشهد مع الحسين «عليه السلام» ليشير إلى احتمال اتحاده مع ما أورده، ولكنه لم يقتنع بذلك وتراجع قائلاً: «وكون المراد به هذا الرجل لا دليل عليه»، مستنداً في رفضه إلى تلقيبه بالهاشمي حيث يقول: «والتعبير بالهاشمي في أولاد أبي طالب لعله غیر متعارف، والمعروف أن يقال الطالبي» ومع هذا فإنه لم يرفض الاتحاد تماماً حيث استخدم كلمة «لعله» إلا أنه في النهاية شكك أن يكون لعقيل ابن بهذا الاسم استناداً إلى قول أهل النسب إذ يقول: «إنه لم يذكر النسابون لمحمد بن عقیل ولدا اسمه أحمد، ففي عمدة الطالب: العقب من عقيل ليس إلا في رجل واحد وهو عبد الله، وكان لمحمد بن عقیل ولدان آخران هما القاسم وعبد الرحمان أعقبا ثم انقرضا»(۱)، هذا كل ما أورده الأمين.

ومما لا شك فيه أن مثل هذا الاسم «أحمد بن عقيل» لم يرد في عشرات المؤلفات والمعاجم التي بحوزتنا سواء مصنفات الأنساب أو المقاتل أو التاريخ أو الأعلام، فعليه لا مجال لقبوله بالشكل الذي أورده الأمين في الأعيان، ولا بد من طرحه أو قبوله مع شيء من التصحيف أو التخفيف، فإذا رفضنا الأول وهو الطرح فلا يبقى أمامنا إلا التعامل معها بالاحتمالات المعقولة والتي هي حسب الظاهر منحصرة في جهة واحدة وهي القول بأنه منتسب إلى الجد، وهذا الأمر متعارف لدى الرجاليين وهو مما لا غبار عليه، والمعاجم مليئة بمثل هذا، ولا يقع ذلك في الغالب إلا لأن الجد أكثر شهرة من الأب، فاحتمال أن أحمد هو حفيد عقيل وارد كما أن المتبادر إلى الذهن من كلمة عقيل في شهداء كربلاء هو عقيل بن أبي طالب رضوان الله عليه، حيث إن مجموعة من آل عقيل شاركوا في القتال بمعركة الكرامة في طف کربلاء، وعليه فالأنظار تتجه نحو أبناء عقيل

_____________

(1) راجع عمدة الطالب للدوادي: 32 وفيه: «العقب منه- أي  من عقيل- ليس إلا في محمد بن عقيل.. والعقب من محمد بن عقيل في رجل واحد وهو أبو محمد عبد الله... وكان لمحمد بن عقيل ولدان آخران هما القاسم وعبد الرحمان أعقبا ثم انقرضا...».

(393)

ابن أبي طالب فعسى من يكون الواسطة بين الحفيد والجد؟ وليس في أبناء عقيل من أنجب غير ستة أشخاص، وهم: عبد الرحمن وعبد مناف، ومسلم، وعبد الله  الأكبر، وأبو سعيد الأحول، ومحمد، وقد أورد العمري الآباء والأحفاد كالتالي:

  394     هذا ما ورد في المجدي(1) وربما ذكر غيره أكثر من ذلك.

       ورغم أن علماء النسب لم يذكروا بان لهؤلاء الستة ابنا باسم أحمد، ولكن الأنظار تتوجه إلى محمد بن عقيل لأن العقب فيه، ومن هنا نجد أن صاحب ناسخ التواريخ(2) أورد في كتابه هذا أحمد بن محد بن عقيل من المستشهدين في كربلاء، وذكر له رجز السابق بأشطره الأربعة، وهو ما يتطابق مع ما أورده أبو مخنف(3) باسم أحمد بن محمد الهاشمي، وعلى لك جرى عمل المتأخرين ممن كتب في هذا المضمار، ونحن نحول الحديث إلى ترجمته  لمزيد النقاش والبيان، ولكن لا بأس بالإشارة إلى أن عدم ذكر أرباب النسب بعض الأشياء غير المعقبين لا يدل على عدم الوجود لأن همهم الوحيد هو ذكر المعقبين، وإذا ما ذكروا غيرهم فلدفع الوهم عن

___________
(1) المجدي: 307- 308.

(2) ناسخ التواريخ (حياة الإمام الحسين): 2/321.

(3) مقتل الحسين لأبي مخنف: 117.

(394)

كونه معقباً ولأجل التأكيد على عدم وجود عقب له لشبهة وردت أو ما إلى ذلك.

       وأخيراً فلا وجود لشخية مثل أحمد بن عقيل، ومن هنا أثبتناه في باب الشعر(1) أحمد بن محمد الهاشمي كما ورد في المناقب(2) والمقتل(3) وهما من أقدم المصادر.

        وفي النهاية لعل أحمد بن عقيل هو تصحيف محمد بن عقيل والله العالم.

_________
(1) راجع ديوان القرن الأول: 2/233.

(2) مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: 4/105.

(3) مقتل الحسين لأبي مخنف: 117.

(395)

10

أحمد بن محمد الهاشمي

ن44- 61هـ = ن664- 680م

هو: أحمد بن محمد بن عقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب الهاشمي القرشي.

لقد سبق الحديث عنه بالإجمال لدى ترجمة أحمد بن عقيل الذي رجحنا أن يكون متحداً مع أحمد بن عقيل، وقد سبق ونوهنا أن المصادر القديمة ذكرته باسم أحمد بن محمد الهاشمي، وأما صاحب الناسخ(1) والذي هو من المتأخرين أورده باسم أحمد بن محمد بن عقيل، وقد ذكر مبارزته ورجزه ومقتله، وعدد من قتلهم، ومقتله، وهو يطابق تماماً ما أورده أبو مخنف في مقتله ولا يختلف عنه إلا في تبديله كلمة «الهاشمي» بمفردة «عقيل» مما يبدو أنه نقل عن أبي مخنف المتوفي عام 158هـ ولذلك لا بد أن نعتمد نص أبي مخنف الذي هو كالتالي:

«وبرز من بعده- أي بعد موسى بن عقیل- أحمد بن محمد الهاشمي وهو يرتجز ويقول:

اليوم أبلو حـــــسبي وديني

بــــــــــصارم تحمله يميني

أحمي بـه عن سيدي وديني

ابـــن عـلي الطاهر الأمين

_____________

(1) ناسخ التواريخ (حياة الإمام الحسين): 2/321.

(396)

 

ثم حمل على القوم ولم يزل يقاتل حتى قتل ثمانين فارساً ثم قتل(1).

وما تجدر الإشارة إليه أنه ذكر خروجه إلى المعركة بعد موسی بن عقيل، وذكره في آخر من قتل من آل عقيل.

وأما ابن شهرآشوب المتوفي عام 588هـ فقد ذكر مقتله بعد مقتل أنصار الإمام الحسين «عليه السلام» والذي هو عمرو بن قرظة الأنصاري، وقبل خروج بني هاشم إلى المعركة وجاء نصه كالتالي:

«ثم برز أحمد بن محمد الهاشمي وهو ينشد:

اليوم أبلو حــــــــسبي وديني

بــــــــــــــصارم يحمله يميني

أحمي به يوم الوغى عن ديني

وأول من برز من بني هاشم عبد الله بن مسلم..»(2).

ومن المعلوم أنه لا ذكر لأحمد بن محمد الهاشمي إلا في هذين المصدرين من أمات المصادر، ويمكن أن يعزى عدم ذكر كتب الأنساب لها إلى أنه لم يكن من المعقبين فأهملوه، وأما السبب في عدم ذكره في كتب المقاتل فلعله يعزى إلى عدم اعتمادهم على النسخة المتداولة من مقتل الحسين لأبي مخنف، ومن الملاحظ أن في روايات الطبري عن أبي مخنف الا ذكر له مما يقلل فرص التأييد لوجود مثل شخصيته أولاً، وحضوره معركة الطف ثانياً.

وقبل أن نحلل النصين لا بأس بذكر ما اعتمده الأمين، فإنه بعد أن تحدث عن أحمد بن عقيل وكاد أن يجزم بأنه أحمد بن محمد بن عقیل وأنه متحد مع أحمد بن محمد الهاشمي إلا أنه في النهاية جعله في خانة الاحتمالات(3)، ولكنه لدى عده لشهداء الطف في ترجمته لأبي عبد الله الحسين «عليه السلام»، وتحت عنوان: «أسماء من أتصلت بنا أسماؤهم» قال: «من

_____________

(1) مقتل الحسين لأبي مخنف: 117.

(2) مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: 4/105.

(3) راجع أعيان الشيعة: 3/219.

(397)

لم يعرف بعينه أحمد بن محمد الهاشمي ذكره ابن شهرآشوب، ويلاحظ أنه لم يكن من ولد العباس ولا غيرهم أحد إلا أحمد هذا»(1).

ويظهر أن الأمين في النهاية ألغى شخصية «أحمد بن عقيل، أو على الأقل لم يعده من شهداء كربلاء، واعتمد العنوان التالي: «أحمد بن محمد الهاشمي استناداً إلى رواية ابن شهرآشوب، ولم يتمكن من تحديد شخصيته أهو من بني هاشم أم لا، ولكن تعليقة الأخير القائل فيه: «ويلاحظ أنه لم يكن من ولد العباس ولا غيرهم أحد إلا أحمد هذا، ربما يفهم منه أنه من أبناء العباس بن عبد المطلب، فيما إذا قصد بالعباس عم الرسول (ص)، حيث يستبعد أن يكون أراد به العباس بن علي «عليه السلام»، إذ إنه ذكر محمداً، وعبد الله ابني أبي الفضل بن علي «عليه السلام»، كما يستبعد جداً أن يكون أراد به أحمد بن محمد بن عباس بن علي «عليه السلام» لأن محمد بن العباس لم يكن في عمر يكون له ابناً ويكون في من يقاتل بل ممتنع مثل هذا الاحتمال، فالظاهر أنه أراد بالعباس عم الرسول (ص) وبهذا يكون قد رمي بالكرة في ملعب أبعد من كونه من أحفاد أبي طالب، ولكن لم يعهد أن للعباس عم الرسول (ص) حفيداً باسم أحمد بل لم يعهد أن له ابناً باسم محمد، ليكون نسبه كالتالي: أحمد ابن محمد بن العباس بن عبد المطلب الهاشمي، وعليه فهذا الاحتمال لا سبيل إليه حيث إن الذين شاركوا من الهاشميين في معركة الطف كلهم كانوا طالبيين ما عدا شخص واحد ألا وهو عبد الله بن أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي، حيث ذهب البعض إلى أنه حضر کربلاء واستشهد، وقد سبق وقلنا إنه من أصهار علي بن أبي طالب «عليه السلام».

وأما ما ورد في الناسخ فإن كلا الأمرين اللذين ذكرهما فيعدان من استنتاجه لخلو أمات المصادر عن مثل ذلك، حيث إنه أحتمل أن يكون حفيداً لعقيل، ومن حقه أن يستنتج ذلك، واستنتاجه ليس ببعيد، وثانياً إن مقاتلته بالسيف والرمح أمر طبيعي لمن يقاتل في ساحة الوغي، ولكن لم يصرح به المؤرخون.

_____________

(1) أعيان الشيعة: 1/610.

(398)