معجم أنصار الحسين عليه السلام  (الهاشميون) الجزء الاول

اسم الکتاب : معجم أنصار الحسين عليه السلام (الهاشميون) الجزء الاول

المؤلف : للعلامة المحقق الشيخ محمد صادق الكرباسي
المطبعة : المركز الحسيني للدراسات لندن ـ المملكة المتحدة

 

 

 

 

وأما عن كون أبي بكر كنية أم اسماً؟ فلا شك أنه اشتهر بأبي بکر تمييزاً عن أخيه عبد الله، وبما أن البيئة العربية والآداب الإسلامية كانت تسمي المولود وتكنية وتلقبه فالقول بأن أبا بكر كنية لعبد الله هو الذي تميل إليه، بالإضافة إلى ذلك: إن التسمية بالكنية لم يكن شائعة آنذاك كما هو الحال فيما بعد، حيث بدأ شيوعه في أواخر القرن الأول الهجري، لذلك لا بد أن نأخذها على ظاهرها الكنيوي، خصوصاً أن هناك من يدعي ذلك.

وعلى ما قدمناه فإن اسم أبي بكر ابن الحسن الزكي «عليه السلام» هو عبد الله، وبما أن الإمام الحسن «عليه السلام» كان له ابن آخر باسم عبد الله فلا بد من وصف الأول بالأكبر، والثاني بالأصغر، وعلى فرض التعدد الذي نرجحه فلا خلاف بأن الأكبر هو المكنى بأبي بكر دون الأصغر، كما لا خلاف يذكر في أنهما ليسا ثلاثة: أبو بكر وعبد الله الأكبر، وعبد الله الأصغر(۱) فتعين القول بأن عبد الله الأكبر على فرض التعدد هو أبو بكر.

وحسب قواعد فن الترجمة لا بد من ترجمته في حرف العين تحت عنوان عبد الله الأكبر ابن الحسن الهاشمي، ولكن بما أنه اشتهر بذلك أولاً، وبأن قوماً ذهبوا إلى أن كنيته اسمه ثانياً ، قدمنا ترجمته لنضعها في حرف الألف، وهنا لا بد من الإشارة أننا نعتمد الاسم العلم وما علينا بالأصول لدى الترجمة خلافاً لأكثر أرباب التراجم حيث يضعون «أبو بكر» في حرف الباء بعده الكاف، حيث يلغون المضاف، وهذا ما لا نستسيغه ولا نجد له مبرراً أصلاً.

وقبل أن نبدأ بحياة أبي بكر ابن الحسن الزكي «عليه السلام» لا بأس بالإشارة إلى مجمل إخوانه وأخواته باعتباره أول أبناء الإمام الحسن «عليه السلام» الذي وردت ترجمته هنا ونترك تفاصيلهم إلى محله حيث في كل واحد منهم نقاش، وأكثر ما ورد من ذكر الأبناء للإمام الحسن «عليه السلام» هو كالتالي، نذکرهم حسب الحروف الهجائية:

____________

(1) نعم جاء في كشف الغمة: 3/201 في عده لأولاد الإمام الحسن «عليه السلام» جاء ذكر عبد الله مرتين بالإضافة إلى ذكر أبي بكر مما يدل على أنهم ثلاثة.

 

(349)

 

       1- أبو بكر، وأمه: أم ولد اسمها نفيلة (25- 61هـ) قتل في كربلاء(1).

       2- أحمد، وأمه: أم بشر فاطمة بنت أبي مسعود عقبة الخزرجية (44- 61هـ) قتل في كربلاء.

       3- إسماعيل، وأمه: ريطة بنت... الهمدانية وقيل غير ذلك(3).

       4- بشر (بشير)، الظاهر أن أمه: أم بشير فاطمة الخزرجية، قتل في كربلاء(3).

       5- جعفر، وأمه: الرباب بنت... المآربية، درج ولم يعقب(4).

       6- الحسن (المثنى)، وأمه: خولة بنت منظور بن زبان الفزارية (44- 97) حضر كربلاء(5).

       7- الحسين (الأثرم)، وأمه: أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله(6) التيمية (هـ)(7).

       8- حمزة، وأمه: أم أروى بنت... الهمدانية (أم ولد) درج ولم يعقب(8).

       9- زيد، وأمه: أم بشير فاطمة بنت أبي مسعود عقبة بن عمور الخزرجية (30- 120هـ)، حضر كربلاء(9).

_______________
(1) تذكرة الخواص: 215 عن طبقات ابن سعد.

(2) راجع لباب الأنساب: 1/343، وجاء في تذكرة الخواص: 215 عن طبقات ابن سعد أن أمه جعدة بنت الاشعث بن قيس.

(3) راجع مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: 4/112 متردداً بينه وبين عمر.

(4) راجع لباب الأنساب: 1/343، وتذكرة الخواص: 215 عن طبقات ابن سعد.

(5) ومن قال بأنه مات وله من العمر 35 سنة فهو من التصحيف والصحيح 53 سنة، وكان قد تزوج من بنات أعمامه فاطمة بنت الحسين «عليه السلام»  وابنة محمد ابن الحنفية، وابنة عمر بن علي «عليه السلام»، سنأتي على ترجمته، إن شاء الله تعالى.

(6) وقيل عبد الله، أورد ذكره كل أرباب النسب.

(7) كما في تذكرة الخواص: 215 نقلاً عن طبقات ابن سعد.

(8) راجع لباب الأنساب: 1/343، وتذكرة الخواص: 215 عن طبقات ابن سعد.

(9) اختلفوا في عمره فقالوا عاش مائة سنة وقيل 95 سنة وقيل تسعين.

(350)

 

       10- طلحة، وأمه: أم إسحاق بنت طلحة التيمية (نحو 49- ...هـ)(1).

       11- عبد الرحمان، وأمه: أم لد يقال لها حبيبة المغربية(2).

       12- عبد الله (الأصغر)، وأمه: زينب بنت سبيع بن عبد الله البجلية (39- 60هـ) قتل في كربلاء(3).

       13- عبد الله الأكبر، وقيل أمه: أم ولد ويقال لها نقيلة ولا عقب له (46- 61هـ) قتل في كربلاء(4).

       14- عبد الله الأوسط، وأمه: أم ولد يقال لها أم حبيبة من سبي الحبشة (43- 61هـ) قتل في كربلاء(5).

       15- عقيل، وأمه: أم ولد، وليس له عقب(6).

       16- علي الأصغر، وأمه: أم ولد، درج وليس له عقب(7ِ).

       17- علي الأكبر: وأمه: أم ولد، درج ولا عقب له(8).

       18- عمر، وأمه: أم ولد من سبي العجم، كان صغيراً عندما حضر كربلاء عام 61هـ(9).

       19- القاسم، وأمه: أم ولد يقال لها نرجس أو رملة الرومية (46- 61هـ) قتل في كربلاء(10).

_____________
(1) جاء في نفس المهموم: 482 عن القمقام: 659 إن أباه الحسن «عليه السلام» توفي وهو صغير، ثم تزوجها- أي تزوج أمها- الحسين بن علي «عليه السلام».

(2) راجع لباب الأنساب: 1/343، ورد فذكره أيضاً في تذكرة الخواص: 215.

(3) راجع تذكرة الخواص: 215، الطبقات الكبرى.

(4) ورد ذكره في تذكرة الخواص: 214، راجع لباب الأنساب.

(5) ورد ذكره في طبقات ابن سعد على ما ذكره سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص: 215.

(6) ذكره سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص: 214.

(7) تذكرة الخواص: 214.

(8) تذكرة الخواص: 214، وجاء في لباب الأنساب: 1/343 أمه سلمى من بني غيم.

(9) راجع مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: 4/112، لباب الأنساب: 1/342، وقال ابن شهرآشوب قتل في كربلاء، ولعل عمره لم يتجاوز 12 سنة.

(10) مقتل الحسين لأبي مخنف: 127.

(351)

 

       20- محمد الأصغر، وأمه: أم كلثوم بنت الفضل بن العباس، وقد درج ولم يعقب(1).

       21- محمد الأكبر، وأمه: خولة بنت منظور الفزارية وهو بكر أبنائه وبه كان يكنى(2).

       22- مرازم، وأمه: أم ولد يقال لها قصية من العراق(3)، درج.

       23- يحيى، وأمه: أم ولد، درج وليس له ذكر.

       24- يعقوب، وأمه: أم ولد يقال لها ناجية(4)، والظاهر أنه درج.

       وأما البنات فمجموع الأسماء الواردة هي:

       1- أم الحسن (الكبرى)، وأمها: أم بشير فاطمة بنت عقبة الخزرجية، وقد تزوجيت عبد الله بن الزبير.

       2- أم الحسن (الوسطى)، وأمها: مليكة بنت الأحنف بن قيس(5).

       3- أم الحسن (الصغرى)، وأمها: أم ولد، قتل في كربلاء سحقاً(6).

       4- أم الحسين، وأمها: أم بشير (بشر) فاطمة بنت أبي مسعود عقبة الخزرجية، قتلت في كربلاء سحقاً(7).

       5- أم الخير (رملة)، وأمها: أم بشير (بشر) فاطمة بنت عقبة الخزرجية(8).

________

(1) تذكرة الخواص: 215 عن الطبقات الكبرى لابن سعد.

(2) تذكرة الخواص: 215 عن طبقات ابن سعد.

(3) راجع لباب الأنساب: 1/343.

(4) راجع لباب الأنساب: 1/343، وجاء في تذكرة الخواص: 215 عن طبقات ابن سعد أن امه جعدة بنت الأشعث بن قيس.

(5) راجع لباب الأنساب: 1/344.

(6) وسيلة الدارين: 345 عن كتاب التجريد للذهبي، راجع لباب الأنساب: 1/344.

(7) وسيلة الدارين: 345 عن كتاب التجريد للذهبي، وكذا تذكرة الخواص: 215.

(8) تذكرة الخواص: 215 عن طبقات ابن سعد، وقيل إن أم الخير هي أم الحسين.

(352)

 

       6- أم سلمة، وأمها: الضمياء وهي أم ولد، تزوجت من عمر بن زين العابدين «عليه السلام»(1).

       7- أم عبد الرحمان، وأمها: أم ولد على الظاهر وقد اندرس ذكرها حيث إنها درجت(2).

       8- أم عبد الله، واحتمال اتحادهما مع فاطمة الكبرى وارد، إلا أن بعضهم عدوها مغايرة عنها(3).

       9- بنت الحسن، وأمها: نرجس من سبي الروم(4).

       10- رقية، وأمها: عاصمة ابنة هند بن أبي هالة(5).

       11- زينب، وأمها: أم ولد من سبي العجم(6).

       12- سكينة وهي كأختها أم عبد الرحمان، وأمها: أم ولد وقد اندرس ذكرها(7).

       13- فاطمة (الكبرى) أم عبد الله بنت الحسن بن علي «عليه السلام»، تزوجت من علي بن الحسين السجاد(8).

       14- فاطمة (الصغرى)، وأمها: أم كلثوم بنت الفضل بن العباس، درجت(9).

_____________
(1) راجع تذكرة الخواص: 215، وفي لباب الأنساب: 1/344 أن أمها ريطة الهمدانية.

(2) راجع منتهى الآمال: 1/456.

(3) دوائر المعارف: 23، وجاء في لباب الأنساب: 1/343 أن أمها خولة بنت منظور، وعليه فهي شقيقة الحسن المثنى.

(4) لباب الأنساب: 1/344.

(5) لباب الأنساب: 1/344، وجاء في تذكرة الخواص: 215 عن الطبقات الكبرى أن أمها أم ولد تدعى صافية.

(6) لباب الأنساب: 1/343.

(7) تذكرة الخواص: 214، منتهى الآمال: 1/456.

(8) عمدة الطالب: 194، وأمها أم إسحاق بنت طلحة، وقيل غير ذلك، ولكنه لا يصح.

(9) تذكرة الخواص: 215 عن طبقات ابن سعد، وفي لباب الأنساب: 1/344 أن أمها الرباب المازنية.

(353)

 

وإذا قيل بأن أم الخير مغايرة مع رملة فعدد البنات يصبح ۱5 بنتاً.

وسنأتي على تراجم من حضر منهم ومنهن في كربلاء سواء استشهد أو أسر- إن شاء الله- بأمل أن نترجم الآخرين في مجال آخر، ولا يخفى أن في عدد الأبناء والبنات خلافاً، ولا شك أن عددهم فيه شيء من الاتحاد وهذا ما سنناقشه في باب آخر عند ترجمة الإمام الحسن «عليه السلام» إن شاء الله تعالی.

ولنرجع بالحديث إلى أبي بكر عبد الله الأكبر، فقد اختلفوا في تحديد أمه، وعلى أثره اختلفوا في أشقائه وشقيقاته، فمنهم من ذكر بأن أمه هي: أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله (عبد الله) التيمية(1) وعليه فهو أخ لابنة عمه فاطمة بنت الحسين «عليه السلام» حيث كان الحسين «عليه السلام» قد تزوج زوجة أخيه الحسن «عليه السلام» أم إسحاق بعد انقضاء عدتها من وفاته(2)، فإذا كانت أم إسحاق هي أم أبي بكر فهذا يعني أنه شقيق الحسين الأثرم وطلحة وكذلك فاطمة أولاد الحسن المجتبى.

وأما أم إسحاق: فهي الجرباء بنت قسامة بن رومان الطائية(۳).

وقيل إن أم أبي بكر هي ملكة أو مليكة بنت الأحنف بن قيس(4) التميمية(5) وعليه فليس له شقيق.

وقيل إن أمه أم ولد وهو وعبد الرحمان والقاسم أشقاء(6)، واختلفوا في اسمها على أقوال: رملة(7) أو نفيلة(8) أو نجمة(9).

_________

(1) راجع إعلام الورى.

(2) راجع نفس المهموم: 482.

(3) فاطمة بنت الحسين للأميني: 19.

(4) الأحنف بن قيس بن معاوية بن المعين المري (3ق.هـ- 72هـ) ولد في البصرة وأدرك الرسول (ص) ولم يره، شهد صفين واعتزل الجمل بأمر من الإمام علي «عليه السلام»، توفي في البصرة.

(5) راجع لباب الأنساب: 1/343.

(6) أنساب الأشراف: 3/73.

(7) وسيلة الدارين: 252 عن الحدائق الوردية.

(8) تذكرة الخواص: 215.

(9) فرسان الهيجاء: 1/9.

(354)

 

وربما قادنا هذا الخلاف في تحديد أمه إلى القول: بأنهم ثلاث أو أربع شخصيات: أبو بكر، عبد الله الأكبر، عبد الله الأوسط، عبد الله الأصغر، أو على الأقل القول بأنهم ثلاث شخصيات: أبو بكر، عبد الله الأكبر، عبد الله الأصغر، كما ذهب إلى ذلك الإربلي في كشف الغمة(1) وعلى الأول فيتم تحديد أمهاتهم على الشكل التالي:

١- أبو بكر: أمه أم ولد يقال لها رملة أو نفيلة أو نجمة(۲).

۲- عبد الله الأكبر: أمه أم إسحاق التيمية.

۳- عبد الله الأوسط : أمه مليكة بنت الأحنف بن قيس التميمية.

4- عبد الله الأصغر: أمه ابنة السليل بن عبد الله البجلي، قيل إن اسمها رملة(۳).

ولكن هناك أم أخرى تعرف بحبيبة الحبشية والتي ذكرها ابن فندق بأنها أم عبد الله(4) وهي أيضاً أم ولد كما صرح بأنها من سبي الحبشة، وسنأتي في ترجمة عبد الله للحديث عن مثل هذا السبي إن شاء الله تعالى، ويضاف إلى ذلك لو قلنا بأنه شقيق للقاسم بن الحسن «عليه السلام» كما ذهب إليه الأصبهاني(5)، فإذا ضم إلى ما أورده ابن فندق بأن أم القاسم هي: نرجس من سبي الروم(6) فإن الخلاف سیزید، رغم أن ابن فندق صرح بأن أم أبي بكر هي مليكة بنت الأحنف، ما يريد القول ضمن بأنه ليس شقيقاً للقاسم.

ولكن إذا قلنا بأن أم الولد التي هي ابنة السليل هي ذاتها رملة أو نفيلة، وقلنا بأن القاسم ليس بشقيق أبي بكر استقر الحال على الذي يدعي بأنهم أربعة أشخاص دون أي إشكال، ولكن جاء في تذكرة الخواص: إن

___________
(1) كشف الغمة: 2/201.

(2) راجع فرسان الهيجاء: 1/9.

(3) كفاية الطالب: 446 وعنه ياران پايدار إمام حسين: 18، وفيه: قيل اسمها نفيلة.

(4) لباب الأنساب: 1/342.

(5) مقاتل الطالبيين: 92.

(6) لب الألباب: 1/342.

(355)

 

اسمها زينب بنت (السليل) سبيع بن عبد الله البجلية(1) وربما كانت أم إسحاق هي رملة أو نفيلة.

هذا كل ما لدينا من المعلومات عن أم أبناء الإمام الحسن «عليه السلام» ممن يهمنا بحثه هنا في تحقيق أم أبي بكر، والمشهور أن أمه هي أم إسحاق، وربما الشهرة جاءت اعتماداً على ما ذهبوا إليه أيضاً بأن أبا بكر متحد مع عبد الله الأكبر.

ومن الاختلاف في شخصيته جاء الاختلاف في قاتله، فقيل إن قاتله هو: عبد الله بن عقبة الغنوي(2)، أو رجل من بني أسد(3)، كما قيل إن الذي قتله: هو هاني بن ثبیت الحضرمي(4)، أو بحر بن کعب التيمي(5)، وقالوا أيضا: سعد بن عمر بن نفيل الأزدي(6)، أو نبهان بن زهير(7).

ولكن بعد التمحيص يتضح أن الخلاف إنما جاء من الخلط بين الذوات والأسماء، فقول بعضهم رجل من بني أسد يمكن أن يكون قد عنى به عبد الله بن عقبة الغنوي، لأن غني بطن من بني عمرو بن الزبير بن العوام من بني أسد بن عبد العزى من قريش من العدنانية(8)، وبما أن الإمام في زيارة الناحية ذكر بأن قاتل أبي بكر هو عبد الله بن عقبة الغنوي، فلا مجال إلا الالتزام به، حيث قال: السلام على أبي بكر ابن الحسن الزكي الولي المرمي بالسهم الردي لعن الله قاتله عبد الله بن عقبة الغنوي(9)، ومن ناحية أخرى فقد روي عن الإمام الباقر «عليه السلام» بأن قاتل عبد الله (الأصغر) بن الحسن- والذي كان غلاماً لم يراهق- هو حرملة بن كاهل الأسدي(۱۰)، بالإضافة إلى

 

_____________

(1) تذكرة الخواص: 215.

(2) مقاتل الطالبيين: 92.

(3) لباب الأنساب: 1/400.

(4) وسيلة الدارين: 250.

(5) ياران پايدار إمام حسين: 18.

(6) تذكرة الخواص: 254.

(7) روضة الشهداء: 399.

(8) راجع معجم قبائل العرب: 3/895.

(9) الإقبال: 573.

(10) مقاتل الطالبيين: 93.

(356)

 

ما جاء في زيارة الناحية: السلام على عبد الله بن الحسن بن علي الزكي لعن الله قاتله ورامیه حرملة بن كاهل الأسدي(1)، فلا بد من الاعتماد عليه لأنه صدر عمن هو أدرى بما في البيت، وربما أريد بالأسدي هو حرملة.

وأما عبد الله الأكبر فقد برز إلى المعركة فارتجز بأبيات وقتل أربعة عشر شخصاً وقتله هاني بن ثبیت الحضرمي(2).

وأما بحر بن کعب فيبدو أن دوره كان قطع يد عبد الله الأصغر حيث يروى أنه خرج إلى عمه الحسين «عليه السلام» وهو طريح على الأرض فجاءه بحر ابن کعب ليقتله فقال عبد الله: ويلك يابن الخبيثة أتقتل عمي، فضرب بحر الحسين فاتقاها عبد الله بيده فأطنها إلى الجلدة فإذا يده معلقة فنادى الغلام یا أبتاه فضمه الحسين إلى صدره، ثم إن حرملة رمی عبد الله فقتله(۳)، ومن هنا يظهر أن ما أورده بعض المتأخرين من كون بحر بن کعب هو قاتل أبي بكر فهو من الخلط بين أبي بكر وعبد الله الأصغر، كما هو خلط بين القتل والقطع، ولا يعتمد عليه بعدما ورد قاتله في زيارة الناحية ورواه الإمام الباقر «عليه السلام» وعليه جل بل كل أرباب المقاتل وبالأخص القدامى منهم.

ويبقى لدينا اسمان من القتلة ألا وهما سعد بن عمر الأزدي ونبهان بن زهير، ولدينا شخصية واحدة على أكثر الاحتمالات ألا وهو عبد الله الأوسط، فقد صرح سبط ابن الجوزي أن قاتل عبد الله هو سعد الأزدي، ولكن الكاشفي ذكر أن قاتله نبهان بن زهير، ولعل الجمع بين الأقوال السابقة يقتضي أن هناك عبد الله الأوسط من جهة، وأن الجمع بين القولين الأخيرين أن سعد ونبهان اشتركاً في قتل عبد الله الأوسط حيث لا مهرب من تصريحهما بذلك، ويظهر من سباق الكاشفي أن قاتل عبد الله الأكبر هو نبهان، فعليه لا بد وأن يكون قاتل عبد الله الأوسط هاني الحضرمي، والله العالم بحقائق الأمور.

____________
(1) أنصار الحسين: 149 من الإقبال.

(2) بحار الأنوار: 45/36، ناسخ التواريخ (حياة الإمام الحسين): 2/329.

(3) راجع إبصار العين: 38.

(357)

وهذا الخلاف وتعدد المقاتلين يجعلنا نفكر بجد بتعدد أبناء الإمام الحسن «عليه السلام» بدلاً من اتحاد العبادلة لنقول: إنهم ثلاثة وإن أبا بكر رابعهم، وربما يؤيد ذلك الخلاف الواقع في أعمارهم ووصفهم لمنازلاتهم حيث ذكر ابن فندق: إن أبا بكر قتل في كربلاء وهو ابن خمس وثلاثين سنة(1) وذكر المفيد في الإرشاد: إن عبد الله غلام لم يراهق(2)، وأما المحلاتي في فرسان الهيجاء فقد ذكر: إن لعبد الله تسع سنوات(3)، وقال بحر العلوم(4) في مقتلة: وعبيد الله الأصغر توفي أبوه وله من العمر أربع سنوات(5)، أي أن عمره يوم استشهد في كربلاء 14 سنة.

وذكر المقرم في مقتله أن عمر عبد الله أحد عشر عاماً(6)، كل ذلك يجعلنا القول لدى الجمع بين هذه الأقوال بأنهم متعددون وليسوا واحدة، وربما يضاف إلى ذلك أن المجلسي في مرآة العقول ذكر أحد العبادلة بالتصغير «عبيد الله بن الحسن»(7) مما يدل على التعدد من جهة، وأن لكل واحد منهم كانت ميزة يشخص بها من بين إخوته أبي بكر وعبد الله وعبيد الله.

وعلى أي حال فإن أبا بكر رغم أننا اخترنا أن اسمه عبد الله (الأكبر) إلا أن الاحتمال بأن اسمه كنيته قائم، بل ربما نرجحه، ومما لا شك فيه

______________
(1) لباب الأنساب: 1/400.

(2) الإرشاد للمفيد: 2/110.

(3) فرسان الهيجاء: 2/239، ولكنه لم يورد غير الذي ذكره المقرم، وإنما قال: لم يكن أصغر من تسع سنوات، وذلك باعتبار أن أبيه مات في عام خمسين.

(4) بحر العلوم: هو محمد تفي بن حسن بن إبراهيم (1318- 1393هـ) كان من علماء الإمامية، ولد وتوفي في النجف، له رسالة الأحكام، تعليقة البلغة، ومقتل الحسين.

(5) مقتل الحسين لبحر العلوم: 355.

(6) مقتل الحسين للمقرم: 280، ولعل هذا هو الذي ذكره المفيد بقوله: «غلام لم يراهق».

(7) راجع معجم رجال الحديث: 10/157، وكذا في الطبعة القديمة من الكافي، وفي مرآة العقول.

(358)

 

أنه ولد في المدينة، واستشهد في كربلاء(1)، وكان من المبارزين بين يدي عمه، وعلى الأكثر فإن أمه أم ولد اسمها على الأشهر نفيلة(2)، وليس لها شقيق ولا شقيقة، والظاهر: أنه هو الذي عقد على سكينة بنت الحسين «عليه السلام» إلا أنه استشهد قبل البناء بها(3)، كما لا شك عندنا بأن قاتله عبد الله بن عقبة الغنوي كما ورد في زيارة الناحية، والتي تشير إلى أنه قتل بالسهم الذي رماه الغنوي، وهو الذي عناه الشاعر(4) بقوله من الطويل:

وعند غني قطرة من دمائنا             وفي أسد أخرى تعد وتذكر(5)

ويظهر من هذا البيت أن المقصود من الغنوي غير الأسدي الذي ورد في بعض المصادر كما أشرنا إليه سابقاً بنص «قتله رجل من بني أسد» مما يفهم منه تعدد القاتل والمقتول.

والظاهر أن أحد العبادلة خرج قبل القاسم والآخر خرج بعد القاسم ونحتمل والله العالم أن أبا بكر خرج قبل القاسم وأما عبد الله الأصغر فإنه قتل عندما طرح الحسين «عليه السلام» على الأرض، كما ورد في بعض المقاتل وكتب التاريخ، وعلى أي حال فإن الرجز الذي ورد منسوباً إلى أبناء الإمام الحسن «عليه السلام» تسع أراجيز، اثنان منها منسوبة إلى عبد الله بن الحسن «عليه السلام»، الأولى هي:

إن تنكروني فأنا ابن حـــــــــيدره

ضرغام آجام وليث قســــــــــوره

على الأعادي مثل ريح صرصره

___________
(1) قال المفيد في الإرشاد: 2/109 ورمى عبد الله بن عقبة الغنوي أبا بكر بن الحسن ابن علي «عليه السلام» فقتله.

(2) وربما كان شقيقه القاسم بن الحسن، هذا إن كان اسمها رملة.

(3) السيدة سكينة للمقرم: 110، أعلام الورى: 1/418.

(4) قيل هو سليمان بن قتة المتوفى عام 126هـ، إلا أن الصحيح هو لعبد لله بن أبي عقب الليثي من شعراء القرن الأول، وشعر ابن قتة يشبه هذا، إلا أنها تائية القافية.

(5) مقاتل الطالبيين: 92، الحدائق الوردية: 1/246، ديوان القرن الأول: 1/177.

(359)

 

أكيلكم بالسيف كيل السندرة(1)

       الثاني وهي:

إن تنكروني فأنا نجــــــــل الحسن

سبط النبي المصطفى والمؤتمـــن

هذا حسين كالأسير المرتــــــــهن

بين أناس لا سقوا صوب المزن(2)

ونحتمل والله العالم أن المقطوعة الأولى من حيث المضامين أنسب أن تكون للأكبر منهما أي لأبي بكر والثانية تكون لعبد الله الأوسط.

       وأما من ناحية عمره فالذي يفهم من سرد الأحادث أنه كان أكبر من أخيه أحمد بن الحسن الذي كان له من العمر حين استشهد في كربلاء ست عشرة سنة، فأقل التقادير بين أن يكون أكبر من أخيه أحمد وبين أنه عقد على ابنة عمه سكينة بنت الحسين «عليه السلام» ولم يبن بها أن يكون عمره سبع عشرة سنة، وعليه فتكون ولادته عام 43هـ، والله العالم، وهذا يعني أن والده الحسن «عليه السلام» توفي عنه وله من العمر سبع سنوات، وهذا يناسب إن قلنا بأنه هو الذي خطب سكينة، وقلنا بأن سكينة ولدت عام 47هـ، وليس عام 42هـ(۳)حتى يتقارن العمران، وأما أن تكون قد خطبت لعبد الله الأكبر فبعید جداً إذ لا يناسب عمريهما حيث إنه ولد عام 25هـ، أي أن عمره حين استشهد في كربلاء 35 سنة كما صرح بذلك ابن فندق، ولكنه مجرد استبعادا لا غير.

       وفي الختام لا بأس بالإشارة إلى أن مجموعة من أبناء الإمام

___________

(1) ديوان القرن الأول: 1/163 عن ناسخ التواريخ (حياة الحسين): 2/3209، مقتل الحسين للخوارزمي: 2/28.

(2) ديوان القرن الأول: 2/257 عن مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: 4/106، الفتوح: 5/205.

(3) راجع ترجمتها في قسم النساء من هذا المعجم.

(360)

الحسن «عليه السلام» قتلوا في كربلاء(1) وأسر آخرون منهم فواصلوا الحياة بعدها، وسنأتي على ترجمة كل من حضر كربلاء سواء استشهد أم أسر إن شاء الله تعالى.

___________

(1) هناك من عدهم خمسة أشخاص كما في كتاب (الحسن والحسين سبطا رسول الله): 22 وآخرون ذكروهم أكثر من ذلك وهناك من ذكرهم أقل من ذلك، أما الخمسة التي وردت في كتاب (الحسن والحسين سبطا رسول الله9 فهم: زيد والحسن والقاسم وأبو بكر وعبد الله.

(361)

5

أبو بكر بن الحسين الهاشمي

...- 61هـ = ...- 680م

 

هو: أبو بكر بن الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشي.

       ورد اسمه في بعض المقاتل كما ذكره بعض أرباب الأنساب منهم البلاذري في أنساب الأشراف حيث روى عن المدائني: قتل الحسين والعباس وعثمان ومحمد- لأم ولد- بنو علي، وعلي بن الحسين وعبد الله وأبا بكر(1)والقاسم بنو حسين، وعون ومحمد أبناء عبد الله بن جعفر(2).

       وذكر القاضي أبو حنيفة النعمان(۳): وقتل معه يومئذ: أبو بكر بن الحسين«عليه السلام»، رمي أيضاً بسهم فأصابه، فمات منه، والذي رماه حرملة الكاهلي، وهو لأم ولد(4).

       ونقل المسعودي: إن المقتولين من أولاد الحسين أيضاُفي الطف: علي الأكبر، وعبد الله صبي، وأبو بكر بنو الحسين بن علي(5).

       وأورد أبو الفرج الأصفهاني قائلاً: وأبو بكر بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وأمه أم ولد، ولا تعرف أمه، ذكره المدائني في إسنادنا عنه عن أبي مخنف، عن سليمان بن أبي راشد أن عبد الله بن عقبة الغنوي قتله(6).

 

___________

(1) والصحيح أبو بكر لأنه معطوف على الحسين.

(2) أنساب الأشراف: 3/233.

(3) القاضي أبو حنيفة النعمان: مضت ترجمته.

(4) شرح الأخبار: 3/178.

(5) التنبيه والإشراف: 263.

(6) مقاتل الطالبيين: 29.

(362)

 

       وقد أهمل ذكره معظم المؤرخين، ولا يخفى أن هناك أبيي بکرین آخرین ورد اسميهما في من قتل في كربلاء وهما أبو بكر بن علي، والآخر: أبو بكر بن الحسن، وربما جاء ذكر الحسين من النساخ خطأً، ومما يؤيد ذلك أن البلاذري عندما ذكر المقتولين من آل الرسول (ص) في كربلاء ذكر بني حسين ولم يذكر بني حسن مما يمكن أن يكون في العبارة سقطاً أو تصحيفاً، فاحتمال أن تكون كلمة الحسن ساقطة من الجملة، وتستقيم العبارة على النحو التالي: «وعلي بن الحسين وعبد الله وأبو بكر والقاسم بنو حسن وحسين» كما أن احتمال التصحيف وارد جداً لتكون العبارة المصححة كالتالي: «وعلي بن الحسين وعبد الله وأبو بكر والقاسم بنو الحسنيين».

       وأما ما أورده القاضي أبو حنيفة النعمان فاحتمال التصحيف في كلمة الحسین وارد ليكون الصحيح: «أبو بكر بن الحسن»، وذلك لأن ذكر أبي بكرجاء في نهاية أبناء الحسين وبداية أبناء الحسن، مضافاً إلى اتحاد القاتل حيث ذكر بأن راميه وقاتله هو حرملة الكاهلي، وهذا يتطابق مع بعض الآراء التي وردت في كون أبي بكر هو عبد الله بن الحسن.

       وأما ما أورده أبو الفرج فإنه مما يرجح أنه من الخطأ المطبعي لأننا لم نجد من نقل عنه هذه الشخصية قبل طباعة هذه النسخة، وما يؤكد ذلك أن النسخ السابقة عليها ذكرته باسم أبي بكر بن الحسن، هذا أولاً، وثانياً: فإنه بعد ذلك ذكر القاسم بن الحسن وقال: «وهو أخو أبي بكر بن الحسن المقتول قبله لأبيه وأمه»، ولم يرد ذكر أبي بكر إلا قبل ذكر القاسم، مضافاً إلى أنه ذكر أولاد علي «عليه السلام» ثم أولاد الحسن ثم أولاد الحسين وذكر أبي بکر بن الحسين بين أبناء علي وأبناء الحسن شاذ، وثالثاً: اتحاد قاتله معأبي بكر بن الحسن، حيث ذكر أن قاتله هو عبد الله بن عقبة الغنوي.

       وأما ما جاء في نص المسعودي فإن المصدر ليس لدي لأن أوضح صورة التصحيف ولكن ربما كان من الخطأ في النقل كما ورد ذلك في هامش شرح الأخبار حيث نقل محققه في الهامش: «وذكر ابن الأثير(1) في

___________

(1) ابن الأثير: هو محمد بن محمد بن عبد الكريم الشيباني الجزري (544- 630هـ) =

(363)

 

الكامل أن عبد الله بن عقبة الغنوي رمي أبا بكر بن الحسين بن علي»(1)، ولدى مراجعتنا للكامل نجد أنه قال: «وقتل أبو بكر ابن أخيه الحسن أيضاً»(2)، وليس لأبي بكر بن الحسين ذكر في كتابه أصلاً، ولا يخفى أن ذكره جاء في نهاية أبناء الحسين وبداية أبناء الحسن و ما يؤكد الخلط.

       ورغم كل ما ذكرناه فإن أبا نصر(3) البخاري لدي عده لأبناء الحسين«عليه السلام» قال: «كان له أربعة بنين وابنتان، العقب من الذكور لأبي محمد، علي زين العابدین، علي بن الحسين الأكبر قتل مع أبيه بالطف ولم يعقب بالإجماع، وعبد الله بن الحسين «عليه السلام» قتل في حجر أبيه، وهو صبي رضيع أصابه سهم من بني أسد فاضطرب ومات، وأبو بكر بن الحسين «عليه السلام» مات صغيراً قبل أبيه(4).

       ولكن الوصف الذي ذكره له بأنه «مات صغيراً قبل أبيه» يعطي المجال بالقول بأنه حتى إذا كان للحسين «عليه السلام» ابن بهذا الاسم لم يقتل في کربلاء بل لم يحضر، وحمل كلامه : «بأنه مات قبل أبيه» على أنه قتل قبل مقتل أبيه بعيد جدا، لعدة جهات : إنه استخدم كلمة «مات» الدالة على الموت الطبيعي، وليس على القتل وفي كربلاء جميع من قضى نحبهم كانوا بالقتل، وصياغة العبارة لا تدل على أنه مات في كربلاء، ومن جهة أخرى فإن العبارة توحي أن المراد به هو جعفر، والذي أمه القضاعية والذي مات صغيراً ودرج في حياة والده، ولكن لا دليل على اتحادهما وأنه: مجرد تخمین.

___________

= عرف بابن الأثير ولد في الجزيرة- سوريا- وانتقل إلى الموصل، كان مفسراً فقيهاً، ومؤرخاً كاتباً، من مؤلفاته: النهاية في غريب الحديث، جامع الأصول، والإنصاف.

(1) هامش شرح الأخبار: 3/178.

(2) الكامل في التاريخ لابن الأثير: 3/302.

(3) أبو نصر البخاري: هو سهل بن عبد الله بن داود المتوفى بعد عام 341هـ، من علماء الأنساب، سافر إلى الحواضر الإسلامية كثيراً، وقدم بغداد، وراسل جماعة من علماء الأنساب، من مؤلفاته: سر السلسلة العلوية.

(4) سر السلسلة العلوية: 44.

(364)

       وعلى فرض وجود ابن للحسين «عليه السلام» بهذا الاسم وحضوره كربلاء، فلا بد أن يكون صغيراً، وربما كان مفردة «أبو بكر» كنية لعبد الله الرضيع لأنه شاع بينهم تكنية عبد الله بأبي بكر، ولكن يبعده أن أبا نصر البخاري ذكرهما معاً، واحتمال أن يكون أراد بعبد الله علي الأصغر وبهذا عبد الله بعيد جداً.

       وعلى أي حال فإن ثبت وجوده فالظاهر أن أمه أم ولد(1)، وليس لدينا ما يؤكد عمره وكيفية مقتله على فرض استشهاده في كربلاء.

___________

(1) وقد سبق وقلنا إن لم يثبت بأن الحسين «عليه السلام» قد تسرى بأمة.

(365)

6

أبو بكر بن علي بن أبي طالب

38- 61هـ = 659- 680هـ

 

هو: أبو بكر بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمي القرشي.

       وربما لا نجد خلافاً في أن أمه هي لیلی بنت مسعود النهشلية الدارمية التميمية(1)، ومن قال بأن أمه أم ولد إنما ذهب إلى كونه متحداً مع محمد الأصغر(۲)، ولكن لم يثبت ذلك وسنشير إلى ذلك إن شاء الله تعالى، فهو إذا شقيق عبد الله الأصغر(3)، وقد سبق وتحدثنا عن بعض خصوصیاته لدى الحديث عن أمه ليلى من أنه أصغر من شقيقه عبد الله الأصغر(۳۷- 61هـ) وتحديد سنة ولادته ومكان ولادته، كما أنه أكبر من شقيقه الآخر عبيد الله (۳۹- 67هـ).

       وأما عن تحديد شخصيته فإن كلمتا «أبو بكر» يحتمل أن تكونا علمين مركبين، كما يحتمل أن تكونا کنيتين، وكل ما لدينا من المصادر في مجموعها لا تقدم ما يثلج الصدر في هذا المضمار، كما لا تتفق على قرار واحد، إلا ما يفهم من نصوصها بأنه كان معروفاً بأبي بكر، وليس هناك تصريح بأن «أبو بكر» علم له، وقد تفرقوا إلى مذاهب مختلفة:

___________

(1) رجال الطوسي: 81، مقتل الحسين للخوارزمي: 2/28، مقاتل الطالبيين: 91، المعجم الموحد: 2/293.

(2) راجع هامش مقتل الحسين للمقرم: 263 عن صفوة الصفوة لابن الجوزي: 1/119، إن أبا بكر اسمه محمد الأصغر وأمه أم ولد قتل مع الحسين.

(3) المعارف لابن قتيبة: 210.

(366)

 

۱- فريق ذهب إلى أن اسمه عبد الله ومنهم الخوارزمي(1).

       ۲- وفريق ذهب إلى أن اسمه محمد، ومنهم: الحلي(2).

       ٣- وفريق آخر ذهب إلى أن اسمه عبيد الله، ومنهم: المجلسي(3).

       4- وهناك فريق توقف عن تحديد اسمه، ومنهم: أبو الفرج الأصفهاني(4)، حيث قال: لم يعرف اسمه.

       ومما لا شك فيه أن من ذهب إلى أن اسمه محمد أو عبد الله فإنه لا بد وأن يصفه بالأصغر وذلك في قبال محمد الأكبر ابن الحنفية في الأول، وفي قبال عبد الله الأكبر ابن أم البنين في الثاني، نعم هناك من ذهب إلى وجود محمد الأوسط والذي قيل بأن أمه أمامة، ومن هنا فإن صاحب الصفوة والعدد وصفا محمد بالأصغر(5) وصاحب الناسخ وصف عبد الله بالأصغر(6).

       ولكن يرد على المذاهب الأربعة السابقة بعض التصريحات من قبل عدد من المحدثين والمؤرخين القدامى، فعلى سبيل المثال يرد على القول باتحاد أبي بكر مع محمد الأصغر، بأن الطوسي أورد ذكرهما منفصلين لدى عدة أصحاب الإمام الحسين «عليه السلام» حيث قال: محمد بن علي وأمه أم ولد(7)، ثم قال: أبو بكر بن علي «عليه السلام» أخوه قتل معه، أمه أم لیلی بنت مسعود بن خالد بن مالك بن ربعي بن سلمة بن جندل بن نهشل من بني دارم(8) إلا إذا قيل بأن المراد من محمد بن علي أنه ليس ابن أمیر المؤمنين «عليه السلام» وهذا ما لا يتبادر إلى الذهن، ومما يناسب هذا المقام أن

___________

(1) مقتل الحسين للخوارزمي: 2/28 وعنه أنصار الحسين: 135، المجدي: 17.

(2) بحار الأنوار: 42/74 عن العدد القوية لدفع المخاوف اليومية لرضي الدين بن علي سديد الدين الحلي. وعنه مقتل الحسين للمقرم: 263.

(3) بحار الأنوار: 45/36، وعنه الحسين قتيل العبرة: 105.

(4) مقاتل الطالبيين: 91.

(5) صفوة الصفوة: 1/119، العدد القوية كما نقل عنه بحار الأنوار: 42/74.

(6) ناسخ التواريخ (حياة الحسين): 2/232 و237.

(7) رجال الطوسي: 79.

(8) رجال الطوسي: 81.

(367)

محقق رجال الطوسي علق على شخصية «محمد بن علي» قائلاً: «هو محمد الأصغر ابن أمير المؤمنين «عليه السلام» قتل مع أخيه في الطف وكنيته أبو بكر»(۱)، وفي الحقيقة هو من التجني على الطوسي حيث يذكر الطوسي- بعد صفحة- أبا بكر مستقلاً ويذكر بأن محمداً أمه أم ولد، بينما يذكر بأن أم أبي بكر ليلى النهشلية، كما يذكر بأنه قتل مع أخيه الحسین «عليه السلام»، بينما لم يذكر في «محمد» أنه قتل معه، وبما أن المحقق لم يعلق على كلام الطوسي فلا بد أن نعد ذلك غفلة منه، ولكنها غفلة لا تغتفر.

       ومما يؤيد عدم اتحاد محمد الأصغر مع أبي بكر قول أبي الفرج الإصفهاني لدي عده المقتولين من آل أبي طالب، حيث أورد: محمد الأصغر، ثم أورد بعده: أبو بكر، فقال عن الأول: محمد الأصغر بن علي بن أبي طالب، وأمه أم ولد، ويروي بإسناده(2) عن الإمام الباقر «عليه السلام»: أن رجلاً من بني تميم من أبان بن دارم قتله(۳)، وقال عن الثاني: «وأبو بكر بن علي بن أبي طالب لم يعرف اسمه، وأمه لیلی بنت مسعود بن خالد».

       وروی بسنده السابق عن الإمام الباقر «عليه السلام»أيضاً: أن رجلاً من همدان قتله، ولكنه ذكر عن المدائني: إنه وجد في ساقية مقتولاً لا يدری من قتله(4)، ومن سياق العبارة يفهم أن مقتله كان في كربلاء وأن الساقية كانت في الطف.

       ويضاف إلى مؤيدات عدم الاتحاد: أن محمداً الأصغر اشتهر بكنية أبي القاسم(5) كما سيأتي الكلام عن ذلك في ترجمته.

       وأما بالنسبة إلى القائل بأن أبا بكر متحد مع عبد الله فلا شك بأنه لم

___________

(1) هامش رجال الطوسي: 79.

(2) سند الرواية: حدثني أحمد بن عيسى عن الحسين بن نصر، عن أبيه، عن عمرو بن شمر، عن جابر عن أبي جعفر- الباقر- ونقله عن المدائني أيضاً.

(3) مقاتل الطالبيين: 90.

(4) مقاتل الطالبيين: 91.

(5) أنساب قريش: 3/269.

(368)

يرد عبد الله الأكبر والذي هو شقيق أبي الفضل العباس، بل صرح بعض المؤرخين بوصفه بالأصغر لرفع الالتباس، مضافاً إلى أن عبد الله الأكبر يكنى بأبي محمد(1).

       كما سيأتي الحديث عنه في ترجمته، بل إن المجدي صرح بكنيته وبوصفه بالأكبر حيث قال لدى عده أولاد الإمام أمير المؤمنین «عليه السلام»: «وعبد الله أبو محمد الأكبر قتل وهو ابن خمس وعشرين سنة ودمه في بني دارم، أم الأربعة أم البنين»(2).

       وهذا القول بالاتحاد معارض لما أورده ابن أبي الحديد وابن شهرآشوب لدي ذكرهما لأولاد أمير المؤمنين «عليه السلام» حيث قال الأول: «وأما أبو بكر وعبد الله فأمهما ليلى بنت مسعود النهشلية من تمیم»(3)، وأما الثاني فقد قال: «ومن الهملاء بنت مسروق النهشلية أبو بكر وعبد الله »(4)، ومثله أورد المفيد لدى عده للمستشهدين في الطف إذ يقول: «وعبد الله وأبو بكر ابنا أمير المؤمنين «عليه السلام» وأمهما ليلى بنت مسعود الثقفية»(5) ومن الجدير ذكره أن المفيد لم يذكر في عداد المستشهدين عبيد الله بن علي، بل ذكر عبد الله وأبا بكر، ولكنه لدى عده أولاد أمير المؤمنين«عليه السلام» لكم في موقع آخر ذكر عبيد الله وأبا بكر ولم يذكر عبد الله الأصغر حيث قال: «ومحمد الأصغر المكنى أبا بكر وعبيد الله الشهيدان مع أخيهما الحسين «عليه السلام» في الطف وأمهما ليلى بنت مسعود الدارمية(6) مما يفهم اتحاد عبد الله الأصغر مع عبيد الله.

       وأما القائل باتحاد أبي بكر مع عبيد الله فقوله يناقض ما نقله المجدي الذي ذكره لأولاد أمير المؤمنين «عليه السلام» قائلاً: «وأبو بكر واسمه عبد الله قتل في الطف وأبو علي عبيد الله أمهما النهشلية، فأما عبيد الله فكان مع أخواله

___________

(1) ناسخ التواريخ (حياة الحسين) 1: 2/337.

(2) المجدي: 15.

(3) بحار الأنوار: 42/90 عن شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد.

(4) بحار الأنوار: 42/ 92 عن مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب.

(5) الإرشاد: 2/125.

(6) الإرشاد: 1/354.

(369)

 

بني تميم بالبصرة حتى حضر وقائع المختار فأصابته جراح وهو مع مصعب فمات و قبره بالمزار من سواد البصرة يزار إلى اليوم(1).

       وكذلك يتنافى مع ما نقله ابن قتيبة، إذ قال: «وعبيد الله وأبا بكر أمهما ليلى بنت مسعود النهشلية(2) وأما عبيد الله فقتله المختار ولا عقب له»(3). كما ويتعارض مع ما أورده الكنجی لدي ذكره لأولاد أمير المؤمنين «عليه السلام» قائلاً: «وعبيد الله بن علي وأبو بكر بن علي وأمهما ليلي بنت مسعود بن خالد النهشلية»(4).

       ورغم كل خلافاتهم في اسمه فإنهم لم يختلفوا بأن أمه لیلی بنت مسعود.

       وخلاصة الكلام عن أبي بكر فإننا لم نجد من ذكر المشتبه بهم جميعاً في عرض واحد فلم يذكر جميعهم في سرد أبناء أمير المؤمنین «عليه السلام» ليقول مثلاً: عبد الله الأصغر وعبيد الله ومحمد الأصغر وأبو بكر، إلا بعض المتأخرين، ألا وهو المظفر حيث عدهم جميعاً في عداد أبناء أمير المؤمنين«عليه السلام» فقال: أبو بكر ابن النهشلية وعبد الله الأكبر ابن أم البنين، وعبد الله الأصغر ابن النهشلية، وعبيد الله ابن النهشلية، ومحمد الأكبر ابن الحنفية، ومحمد الأوسط ابن أمامة، ومحمد الأصغر ابن أم ولد(5).

       ورغم أنه لا دليل عليه إلا أن مقتضى الجمع الصناعي لدى دراسة الأقوال هو ما توصل إليه ولا مناص عنه.

       ومما قدمناه يظهر مدى الخلط بين الأسماء والمسميات، ولعل أقربها لو لم نقل بالتعدد إتحاد عبد الله الأصغر مع عبيد الله إذ إن أحدهما يوحي إلى الآخر، وإنما الاختلاف في الصيغة، إذ عبيد الله يعني عبد الله الأصغر وبالعکس.

___________

(1) المجدي: 17.

(2) المعارف: 210.

(3) المعارف: 217.

(4) كفاية الطالب: 412.

(5) بطل العلقمي: 3/477.

(370)

 

وأيضاً فإن الأقرب على قول عدم التعدد أن محمد الأصغر هو المكنى بأبي بكر، ويكون حينئذ المغاير مع أبي بكر هو محمد الأوسط، والذي على فرض أشتهار الأصغر بأبي بكر عرف الأوسط بالأصغر، إذ لا حاجة إلى وصفه بالأصغر حيث اشتهر بأبي بكر فيبقى الأوسط أصغر في قبال محمد الأكبر ابن الحنفية، والحاصل على القول بعدم التغایر (الاتحاد) هو كالتالي:

1- محمد الأكبر.

2- محمد الأصغر (محمد الأوسط).

3- أبو بكر (محمد الأصغر).

4- عبد الله (الأكبر).

5- عبيد الله (عبد الله الأصغر).

وذلك بدلاً من القول بعدم الاتحاد القائل بما يلي:

1- عبد الله الأكبر.

2- عبد الله الأصغر.

3- عبيد الله.

4- محمد الأكبر .

5- محمد الأوسط .

6- محمد الأصغر.

۷- أبو بكر.

وإلى الأول مال الأمين في الأعيان بينما مال إلى الثاني المظفر في البطل، ومن الواضح أن كليهما من المتأخرين وقد استخدموا قاعدة الجمع بين الأقوال حينما اصطدموا بالاختلاف بين الأقوال، ولعل القول باستقلالية أبي بكر يفهم من كلام أبي الفرج الأصفهاني الذي لم يحدد اسمه واعترف بعدم معرفته، ولكنه لم يحتمل اتحاده مع عبد الله أو عبید الله، كما رفض اتحاده مع محمد الأصغر.

 

(371)

 

وقد عدد المظفر خمسة منهم من شهداء کربلاء حيث استثنی حسب الظاهر محمد الأكبر ابن الحنفية وعبيد الله ابن النهشلية، وأما القمي فقد استثني محمد الأكبر وعبد الله الأصغر(1).

وربما أمكن التوصل إلى شخصية أبي بكر حسب أحد الاتجاهين (الاتحادي أو التغايري) من مقتله وقاتله حيث إنه ورد في حديث المؤرخين ما يلي:

١- زحر بن بدر الجعفي(2).

۲- زحر بن قيس النخعي(3).

۳- عقبة الغنوي(4).

٤- هاني بن ثبیت الحضرمي(5).

5- رجل من تمیم بن أبان من دارم(6).

6- رجل من همدان(7)

7- لم يعرف قاتله ووجد مقتولاً في ساقية(8).

وهنا لا بد من توضيح الأمر بالنسبة إلى القبائل التي ذكرت حتى لا يختلط الأمر حين الجمع بين الأقوال، وذلك: إن قبيلة همدان، رغم أنها من قبائل اليمن القحطانية إلا أنها لا ترتبط بالجعفي ولا النخعي، صحيح أن همدان بطن من کهلان إلا أن همدان هو ابن مالك بن زيد بن أوسلة بن

___________

(1) شهيد كربلاء: 218- 227، ويذكر القمي في الطبعة الأولى: 187 من كتابه أنه نقل ذلك عن كتاب ياران پايدار إمام حسين لمحمد هادي الأميني.

(2) نفس المهموم: 202.

(3) مقتل الحسين للخوارزمي: 2/28.

(4) إبصار العين: 36.

(5) ناسخ التواريخ (حياة حسين): 3/262.

(6) وسيلة الدارين: 263 عن المدائني.

(7) حياة الإمام الحسين للقرشي: 3/262.

(8) مقاتل الطالبيين: 91.

(372)