معجم أنصار الحسين عليه السلام  (الهاشميون) الجزء الاول

اسم الکتاب : معجم أنصار الحسين عليه السلام (الهاشميون) الجزء الاول

المؤلف : للعلامة المحقق الشيخ محمد صادق الكرباسي
المطبعة : المركز الحسيني للدراسات لندن ـ المملكة المتحدة

 

 

 

 

       وهناك من ذكر بأن له سكينة أيضاً ولكن لم يثتب، ومما يذكر بأن ثمانياً من بناته تزوجن في حياته عليه السلام(1) وهن النحو التالي:

       1ـ زينب الكبرى بنت فاطمة الزهراء، من عبد الله بن جعفر الطيار.

       2ـ أم كلثوم الكبرى بنت فاطمة الزهراء، من عون بن جعفر الطيار.

       3ـ ميمونة بنت أم ولد (أم ميمونة)، من عبد الله بن عقيل الهاشمي.

       4ـ أم كلثوم الصغرى بنت أم سعيد الثقفية، من كثير بن العباس الهاشمي.

       5ـ فاطمة بنت أم فاطمة، من أبي سعيد بن عقيل الهاشمي.

       6ـ أم الحسن بنت أم سعيد الثقفية، من جعدة بن هبيرة المخزومي.

       7ـ رملة الكبرى بنت أم سعيد الثقفية، من عبد الله بن أبي سفيان المطلبي.

       8ـ رقية الكبرى بنت الصهباء التغلبية، من مسلم بن عقيل الهاشمي(2).

       وأم أسماء أبناء الإمام أمير المؤمنين عليه السلام الذين استشهدوا في كربلاء:

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب: 3/305.

(2) ولا يخفى أن ابن شهر آشوب ذكر بأن المتزوجات في عهد أمير المؤمنين ثمان ولكنه لدى ذكر التفاصيل أورد ستاً منهن، وبما أنه ثبت أن أم كلثوم الكبرى بنت فاطمة عليها السلام وكذلك رقية الكبرى بنت الصهباء من المتفق أنهما تزوجتا في عهد أمير المؤمنين عليه السلام فأوردنا ذكرهما، ومما تجدر الإشارة إليه أن ابن شهر آشوب ذكر بأن ميمونة تزوجت من عقيل بن عبد الله بن عقيل، ولكن الصحيح أنها تزوجت أبا عقيل عبد الله بن عقيل، ومن جهة أخرى فإنه ذكر بأن رملة الصغرى تزوجت في حياة أبيها أمير المؤمنين عليه السلام من الصلت بن عبد الله بن نوفل، ولكن سبق وتوصلنا إلى أنها لم تتزوج في حياة أبيها ولعلها توفيت دون زواج، وأما التي تزوجت في حياة أبيها هي أم الحسن بنت أم سعيد ولعلها توفيت دون زواج، وأما التي تزوجت في حياة أبيها هي أم السحن بنت سعيد الثقفية من جعدة بن هبيرة المخزومي، والله العالم، وهناك آراء أخرى منها ما جاء في وسيلة الدارين: 423 أن خديجة الكبرى كانت عند عبد الله الأوسط بن عقيل، وسنأتي على التفاصيل في ترجمة عبد الله الأوسط بن عقيل.

 

(261)

 

1- إبراهيم.

2ـ أبو بكر.

3ـ جعفر الأصغر.

4ـ جعفر الأكبر.

5ـ الحسين السبط.

6ـ العباس الأصغر.

7ـ العباس الأكبر.

8ـ عبد الرحمن.

9ـ عبد الله الأصغر.

10ـ عبد الله الأكبر.

11ـ عتيق.

12ـ عثمان الأصغر.

13ـ عثمان الاكبر.

14ـ عمر الأصغر.

15ـ عون.

16ـ الفضل.

17ـ القاسم.

18ـ محمد الأوسط(8).

       هناك عدد من أبنائه حضروا معركة الطف إلا أنهم جرحوا ولم يستشهدوا، وقد سبق وذكرناهم وسنترجمهم تحت عناوينهم إن شاء الله تعالى.

ــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) وهناك من أسقط من هذا العدد كلاً من: جعفر الأصغر والعباس الأصغر وعبد الرحمان وعبد الله الأصغر وعتيق وعثمان الأصغر والفضل والقاسم ـ راجع بطل العلقمي: 1/308.

(262)

 263

جدول أولاد علي أميرالمؤمنين عليه السلام وزوجاته وسراريه وتواريخهم

 

       1ـ أرقام حليلاته حسب نكاحهن.                                         2ـ ترايخ نكاحهم.

       3ـ أسماء حليلاته وتاريخ ولادتهن ووفياتهن.                     4ـ أرقام الأولاد.

       5ـ أسماء الأولاد وتاريخ ولادتهم ووفاتهم.

       6ـ تحديد أن الاولاد معقبون أو مجرد منجبين أو متزوجون أو غير.

(263)

 

       أحفاد وأسباط أمير المؤمنين عليه السلام المستشهدين بكربلاء:

       الحسن أولاً:

       1ـ أحمد بن الحسن.

       2ـ بشر بن الحسن.

       3ـ زيد بن الحسن.

       4ـ عبد الله الأصغر ابن الحسن.

       5ـ عمر بن الحسن.

       6ـ يحيى بن الحسن.

       7ـ القاسم بن الحسن.

       8ـ عبد الله بن الحسن.

الحسين ثانياً:

       1ـ إبراهيم بن الحسين.

       2ـ أبو بكر بن الحسين.

       3ـ حمزة بن الحسين.

       4ـ زيد بن الحسين.

       5ـ عمر بن الحسين.

       6ـ القاسم بن الحسين.

       7ـ محمد بن الحسين.

       8ـ عبد الله بن الحسين.

       9ـ علي الأكبر بن الحسين.

       10ـ علي الإصغر بن الحسين.

(264)

 

العباس ثالثاً:

       1ـ عبيد الله بن العباس الأكبر.

       2ـ القاسم بن العباس الأكبر.

       3ـ محمد بن العباس الأكبر.

زينب الكبرى رابعاً:

       1ـ عون ابن زينب الكبرى وعبد الله بن جعفر الطيار.

زينب الصغرى خامساً:

       جعفر ابن زينب الصغرى وابن محمد بن عقيل.

رقية الكبرى سادساً:

       1ـ عبد الله ابن رقية الكبرى وابن مسلم بن عقيل.

خديجة سابعاً:

       1ـ عقيل ابن خديجة وابن عبد الرحمان بن عقيل.

وأم هاني ثامناً:

       1ـ محمد بن أم هاني وابن عبد الله الأكبر بن عقيل.

       هذه الأسماء اختلف فيهم المؤرخون، وربما كان لبعضهم حضور في معركة الكف حيث جرح بعضهم ولم يستشهد، وسنأتي على تفاصيل حياتهم وما يدور حول شخصيتهم لدى ترجمتهم إن شاء الله تعالى.

       وقد اختلف أرباب المقاتل في عدد المقتولين من الهاشميين في معركة الطف الحزينة فبين مقل ومكثر، وسنتطرق إن شاء الله تعالى في الخاتمة إلى ذلك وتضع جدولاً تفصيلياً عنهم بحول الله وقوته.

(265)

 

 

(266)

 

حرف الألف

 

       1ـ إبراهيم بن الحسين الهاشمي:                                                ن 48ـ 61هـ (شهيد) ـ كربلاءـ

       2ـ إبراهيم بن علي الهاشمي:                                                   40ـ 61هـ (شهيد) ـ كربلاءـ

       3ـ إبراهيم بن مسلم الهاشمي:                                                   54ـ 62هـ (شهيد) ـ كربلاء ـ

       4ـ أبو بكر بن الحسن الهاشمي:                                                 44ـ 61هـ(شهيد) ـ كربلاءـ

       5ـ أبو بكر بن الحسين الهاشمي:                                                ...ـ 61هـ (شهيد) ـ كربلاء.

       6ـ أبو بكربن علي الهاشمي:                                                    38ـ 61هـ (شهيد) ـ كربلاء.

       7ـ أبو سعيد بن عقيل الهاشمي:                                                 16ـ 61هـ (شهيد) ـ كربلاء.

       8ـ أحمد بن الحسن الهاشمي:                                                   44ـ 61هـ (شهيد) ـ كربلاء.

       9ـ أحمد بن عقيل الهاشمي:                                                     ق 44ـ 61هـ (شهيد) ـ كربلاء.

       10ـ أحمد بن محمد الهاشمي:                                                   ... ــ 61هـ (شهيد) ـ كربلاء.

       11ـ أحمد بن مسلم الهاشمي:                                                    ... ـ 61هـ(شهيد) ـ الكوفة.

       12ـ إسماعيل بن عبد الله الهاشمي:                                             56ـ 145هـ ـ المدينة-.

 

(267)

 

(268)

1

أبراهيم بن الحسين الهاشمي

نحو 48ـ 61هـ = 668ـ 680م

 

       هو إبراهيم بن الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشي.

       وقبل الحديث عن خصوصياته لابد من ضبط الكلمة فـ «إبراهيم» بكسر أوله(1) وسكون ثانية، بعدها راء مفتوحة بألف المد(2)، وخامسها هاء مكسورة بياء المد: وآخره ميم لاينصرف حيث لاتقبل الكسر والتنوين بسبب العجمة والعلمية، لأنها انتقلت من السريانية إلى العربية، وأول من سمي به على ما وصلنا هو النبي إبراهيم عليه السلام(3)، وتعني الكلمة بالعربية أب رحيم، والمفردة إبراهيم على ما ذكرناها بعدد حروفها وحركاتها هي أشهر لغاتها على تفصيل مر في محله(4)، ويكنى إبراهيم عادة بأبي إسماعيل اسوة بالنبي إبراهيم حيث كان ابنه الذي ينحدر منه العرب إسماعيل عليه السلام(5).

ـــــــــــــــــــــــــ

(1) همزة إبراهيم قطع لأن أبراهيم علم.

(2) الفرق بين المد واللين أن الأول ما كانت حركة ماقبله مطابقاً معه ففي الألف يكون قبله مفتوحاً وفي الواو يكون مضموناً وفي الباء يكون مكسوراً، وأما حرف اللين ما لم يكن كذلك كغول وقول، وللتفاصيل راجع المدخل من هذه الموسوعة.

(3) إبراهيم: هو ابن تارخ بن ناحور الخليل (2243ـ 2068ق.هـ) ولد في الكوفة وتوفي في الخليل (فلسطين) سميت المنطقة بلقبه (الخليل)، ثاني الأنبياء من أولي  العزم والذي أولهم نوح عليه السلام وثالثهم موسى عليه السلام.

(4) راجع مقدمة الجزء الثاني من معجم الشعراء من هذه الموسوعة.

(5) إسماعلي: هو ابن إبراهيم من زوجاته هاجر (2148ــ 2011ق.هـ) يلقب بذبيح الله، حيث أمر بذبحه في الرؤيا، ولد في فلسطين وتوفي في مكة وقبره عند الكعبة في المكان الذي يعرف بحجر إسماعيل، وأليه تنسب اللغة العربية.

(269)

 

       وأما بالنسبة إلى شخصية إبراهيم بن الحسين عليه السلام فليس لدينا ما يثبت شخصيته غير ماذكره بعض أرباب المقاتل بأنه استشهد في كربلاء، وأقدم الروايات هي روايات أبي مخنف(1) حيث أورد ذكره بعد مصرع هلال بن نافع البجلي(2) فقال: «وبرز من بعده إبراهيم بن الحسين وهو يقول (من الرجز المشطور):

أقدم حسين اليوم تلقى أحمدا

ثم أباك الطاهر المؤيـــــــدا

والحسن المسموم ذاك الأسعدا

وذا الجناحين حليف الشهدا

وحمزة الليث الكمي السيدا

في جنة الردوس فازوا سعدا(3)

       ثم حمل على القوم فقتل خمسين فارساً وقتل رحمه الله، ثم بزر من بعده علي بن مظاهر الأسدي(4)..

       ألا أن في نقل أبي مخنف ونسبة هذا الرجز أليه نظر:

       1ـ إنه لم يصرح بأنه من الهاشميين، فلم يقل على سبيل المثال «إبراهيم بن الحسين بن علي بن أبي طالب»، كما ليس فيه مايدل على ذلك كتعقيبه بكلمة عليه السلام أو ما شابه ذلك كما هو ديدنه.

       2ـ لم يذكر في الأبيات ما يدل على كونها من إنشاء هاشمي كما هو ديدن الهاشمين الذين برزوا في معركة الكرامة في كربلاء.

       3ـ إن أبا مخنف لم يذكره في عداد الشهداء الهاشميين، كما هو

ـــــــــــــــــــــ

(1) أبو مخنف: هو لوط بن يحيى الأزدي  المتقدمة ترجمته.

(2) هلال البجلي: بما أننا سنأتي على ترجمة كل من قتل في معركة الطف فلذلك لا نترجمهم هنا.

(3) راجع ديوان القرن الأول: 1/121.

(4) مقتل الحسين لابي مخنف: 109.

(270)

 

الحال بالنسبة إلى غيره، بل جاء ذكره بين هلال بن نافع البجلي وعلي بن مظاهر الأسدي.

       4ـ هناك من ذكر أبيه باسم الحصين بالصاد بدل السين كما يلاحظ ذلك في بعض المقاتل(1).

       5ـ بل هناك م وصفه الأسدي(2).

       6ـ وهناك من نقله عن أبي مخنف باسم إبراهيم بن الحصين كالدربندي(3).

       مما يدل على أن هناك نسخة أخرى لمقتل أبي مخنف(4) تختلف عن هذه النسخة.

       7ـ  إن الرجز منسوب تارة إلى زهير بن القين البجلي(5) وتارة أخرى إلى نافع بن هلال البجلي(6).

       8ـ إن نسخة مقتل أبي مخنف المتداولة والمنسوبة إليه لم توثق، وقد اشرنا إلى ذلك  في محله(7)، ولذلك فلا يمكن الاعتماد على هذا  النسخة.

       ولكن رغم كل الذي أوردناه عليه إلا أن ذلك لايمكن أن ينهض كدليل لنفي بنوة إبراهيم للحسين بن علي عليه السلام، كما لايمكن أن يكون دليلاً على عدم حضوره أو استشهاده في كربلاء، وذلك لاحتمال التعدد من

ـــــــــــــــــــــــ

(1) راجع نفس المهموم: 179 وأسرار الشهادة: 2/273.

(2) راجع وسيلة الدارين: 103 ونفس المهموم: 267، مناقب آل أبي طالب: 4/105.

(3) الدربندي: هو آغا بن عابد بن رمضان بن زاهد المدربندي الحائري (1208- 1285هـ) ولد في دربند وتوفي في طهران ودفن في كربلاء، كان من أعلام الإمامية وفقائهم، من مؤلفاته: خزائن الأحكام، خزائن الأصول، والقواميس في علم الرجال.

(4) أسرار الشهادة: 2/273.

(5) راجع هامش مقتل الحسين لبحر العلوم: 405عن ينابيع المودة، باب: 61.

(6) أسرار الشهادة: 2/230.

(7) راجع معجم المصنفات الحسينية: حرف الميم.

(271)

 

جهة، والخلط بين الشخصيتني من جهةأخرى، ويؤيد ذلك ما يلي:

       1ـ إن الربيعي(1) والذي هو الأقدم ممن اطلعنا على تصريحه ذكر بأن إبراهيم من ولد الحسين بن علي عليه السلام المستشهدين في كربلاء حيث ذكره في عداد من قتل من الهاشميين في كربلاء مع الحسين عليه السلام وقال: «عبيد الله وعلي وإبراهيم من ولد الحسين بن علي »(2).

       2ـ كما أن ابن شهرآشوب ذكره أيضاً في عداد أبناء الحسين المستشهدي في كربلاء حيث قال: «وستة من بني الحسين مع اختلاف فيهم: علي الأكبر وإبراهيم، وعبد الله، ومحمد، وحمزة، وعلي، وجعفر، وزيد وذبح عبد الله في حجره»(3).

       3ـ عدم تعارض التصريحات السابقة مع هذين التصريحين، إذا يمكن الجمع بينهما وذلك القول بتعدد الشخصيتين، وهذا ما جعل البعض يسلك هذا الخيار حيث ذكرهما معاً، دون أن يلغي أحدهما على حساب الآخر(4).

       4ـ جاء في بعض المصادر أن الإمام الحسين عليه السلام عندما استنصر قائلاً: هل من ناصر ينصرني، وذلك بعد استشهاد أنصاره، ثم عدد أسماءهم قائلاً: يا أسد الكلبي ويا إبراهيم بن الحصين ويا داود بن الطرماح»(5) مما يدل على تعدد الشخصيتين.

       5ـ إن مسألة الرجز وعدم ذكر كونه هاشمياً لايكفي دليلاً لنفي

ـــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الربيعي: هو محمد بن عبد الله بن احمد بن ربيعة الدمشقي (.....ــ 379هـ) محدث، حافظ ومؤرخ كاتب، له كتاب الوفيات على السنين، أخبار ابن أبي ذئب، ووصايا العلماء عند حضور الموت.

(2) تاريخ المولد العلماء ووفياتهم: 68.

(3) مناقب آل أبي طالب: 4/113.

(4) راجع فرسان الهيجاء: 1/10، وسيلة الدارين: 102عنه.

(5) وسيلة الدارين: 102عن فرسان الهيجاء: 1/10نقلاً عن مناقب آل أبي طالب لابن شهرأشوب وأعيان الشيعة، إلا أنني لم أعثر على نصهما في المناقب والأعيان.

(272)

 

شخصيته، فهذا علي الأكبر ابن الإمام الحسين عليه السلام لم يذكر في رجزه التالي كونه هاشمياً:

الحرب قد بانت لها حقائق

وظهرت من بعدها مصادق

والله رب العرش لا نفــارق

جموعكم أو تغمد البوارق(1)

       وسنأتي على تفاصيل أخرى عن ذلك لدى ترجمة إبراهيم بن الحصين الأسدي إن شاء الله تعلى.

       ومجمل الكلام في ذلك أن القطع بنفيه لايمكن بعد تصريح بعض القدامى بذلك حتى ولو كان اعتمادهم على أبي مخنف، وذكل لانهم اعتمدوا على رواياته وهو أمرغيرمروفوض، وإنما الاعتماد على الكتاب المنسوب إليه مرفوض للشك في نسبته إليه، لا في وثاقة الرجل(2)، وإلا فإن معظم اخبار الطف جاءت عبر رواياته اليت اعتبرها المؤرخون والعلماء(3) من الفريقين مقبولة أو موثوقة.

ـــــــــــــــــــــــ

(1) ديوان القرن الأول: 2/68.

(2) ديوان القرن الأول: 2/54.

(3) راجع رواة الطف من هذه الموسوعة.

(273)

 

       وأما ما انتهى إليه شمس الدين فإنا هو في ابن الحصين أولاً، وأنه احتمل أن يكون الرجز موضوعاً ثانياً، إذ يقول تحت عنوان: «إبراهيم بن الحصين الأزدي» ذكره ابن شهرآشوب ونسب أليه رجزاً يغلب على الظن أنه موضوع، ذكره السيد الأمين في أعيان الشيعة(1).

       وسيأتي الحديث عن ذلك في ترجمة ابن الحصين إن شاءالله تعالى.

       وأما احتمال أن الحسين تصحيف للحسن فاحتمال وارد إلا أنه لا يوصلنا إلى الحقيقة لعدم وجود اي ذكر لبنوة من يسمى بإبراهيم للإمام الحسن عليه السلام.

       والحاصل: إن الاختلاف بين الحرفين السين والصاد كثير الوقوع بين النساخ مما يجب رفعه بالمميزات الاخرى، وهذا بالفعل ما نريد أن تقوم به في هذا الباب.

       وأما بالنسبة إلى خصوصيات إبراهيم بن الحسين بن علي عليه السلام فبما أن النسابة والمؤرخين والرواة احجموا عن التفاصيل فالمظنون أن أمة كانت أم ولد حيث إنهم تحدثوا عن زوجات الإمام الحسين عليه السلام المعروفات، ولم يذكروه فيمن ولدتهن تلك مما يستبعد نسبته إلى احداهن، ولكن بعد البحث والتنيقب ارتاينا أن الإمام الحسين عليه السلام لم يتسر بأمة وليس له من الأولاد من ينسب إلى أمة، والله العالم. وبما أن ولادته في حدود عام 48هـ فمن المحتمل جداً أن تكون امة عاتكة بنت زيد العدوية(2).

       وأما عمره: فلا شك أنه ليس الأصغر من أبناء الإمام الحسين عليه السلام لأن أصغرهم كان له من العمر سويعةـ وهو الذي ولد في ساحة المعركةـ ويأتي بعده في الصغر من كان عمره نحو ستة أشهر، وكلاهما مشخصان بالأسم، أحدهما مسمى بعلي (الأصغر) والآخر بعبد الله (الأصغر)، ولو صحت نسبة الرجز السابق إليه لأمكن القول بأنه كان لا أقل في العقد الثاني من عمره أو تجاوزه، ولكن النسبة لم تثبت، كما أن الاحتمال بأنه قد تجاوز العقد الاول من عمره لم يسقط.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أنصار الحسين: 115.

(2) راجع ترجمة محسن بن الحسين الهاشمي من هذا المعجم.

(274)

 

       وأما عن استشهاده فمما لا خلاف فيه بين من ذكروه أنه استشهد بين يدي أبيه الحسين عليه السلام، وإذا ماثبت له الرجز السابق فلا دليل آخر على مبارزته لوحده في ساحة الوغة مما يحتمل أنه قتل في يالحملة التي شنها آل أبي طالب بعد مقتل عبد الله بن مسلم حيث يذكر المؤرخون أنهم حملوا الموت يا بني عمومتي، لا رأيتم هواناً بعد هذا اليوم فجعلوا يقاتلون أشد قتال، ووقع في هذه الحملة جماعة من آل أبي طالب(1)، والله العالم بحقائق الأمور.

       وعليه فيكون إبراهيم هذا هو الرقم الأول من أبناء الحسين عليه السلام من حيث الترتيب الهجائي لأسمائهم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مقتل الحسين لبحرالعلوم (الهامش): 352.

(275)

 

 

2

إبراهيم بن علي الهاشمي

40ـ 61هـ= 660ـ 680م

       هو إبراهمي بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمي القرشي.

       أمه أم ولد على ما نقل القمي(1) عن أبي الفرج الأصفهاني(2)، ولا يخفى أن امير المؤمنين عليه السلام توفي عن ثماني عشرة أم ولد، ويذكر بأنه عليه السلام قال في وصية له: «جميع أمهات أولادي الآن محسوبات على أولادهن بما ابتعتهن به من أثمانهن»(3). فلا شك أن أم إبراهيم كان أحداهن، وقد سبق الحديث عن أمه (أم ابراهيم).

       قال أبو الفرج: وما سمعت بهذا عن غير محمد بن علي بن حمزة(4): ولا رأيت في شيء من كتب الانساب ذكراً(5)، ونقل عن ابن حمزة: إنه قتل في معركة الطف في كربلاء.

       ولم أعثر على من ذكر إبراهيم في عداد أبناء أمير المؤمنين عليه السلام.

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) القمي: هو عباس بن محمد رضا القمي (1294ـ1359هـ) ولد في قم، وتوفي في النجف، من العلماء الأفاضل، صاحب التآليف القيمة: الكنى والألقاب، مفاتيح الجنان، ومنتهى الآمال.

(2) أبو الفرج الأصفهاني: هو علي بن الحسين مضت ترجمته.

(3) مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: 3/305.

(4) محمد بن علي بن حمزة: وحمزة هو ابن الحسن بن عبيد الله بن العباس بن علي بن أبي طالب عليه السلام ويعرف بالعلوي العباسي، توفي عام 286هـ، من الرواة الثقات عند الفريقين، وكان أبوه من أصحاب الرضا عليه السلام، وكان محمد بن علي أحد الأدباء، عالم برواية الأخبار.

(5) مقاتل الطالبيين:92، نفس المهموم: 299.

(276)

 

في كتب النسب التي بحوزتنا، ولكن أرباب التاريخ والمقاتل ذكروه في جملة شهداء كربلاء، منهم ابن شهر آشوب في مناقبه(1) الخوارزمي(2) في مقتله(3) حيث عده من التسعة المقتولين من أبناء علي في معركة الطف في كربلاء، كما عده ابن قتيبة(4) وابن عبد ربه(5) أيضاً في عداد المستشهدين في كربلاء(6)، وتبعهم في ذلك بعض المتأخرين كالأمين(7) في الأعيان(8) نقلاً عن ابن شهر آشوب المتقدم ذكره، كما نقل ذلك الناسخ(9)، وروايته متحدة مع رواية القمي، فالظاهر أن الكل يروون عن محمدبن علي بن حمزة(10)، وهناك من ذكره في عداد المشكوك بشهادتهم في كربلاء كشمس الدين(11)، في كتابه(12)، ولكنه في الحقيقة محض تشكيك ومنشأه ما سبق وهو عدم ذكر أرباب النسب له في عداد أولاد علي عليه السلام.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مناقب آل أبي طالب لابن شهر أشوب: 4/112، وعنه أعيان الشيعة: 2/183.

(2) الخوارزمي: هو الموفق بن أحمد المكي أخطب خوارزم (484ـ 568هـ) تلميذ الزمخشري طاف الأقطار الإسلامية: فارس والعراق والحجاز ومصر والشام في طلب الحديث، له جملة من المؤلفات: منها: الأربعين، مناقب علي بن أبي طالب، ومسانيد البخاري.

(3) مقتل الحسين للخوارزمي: 2/47.

(4) ابن قتيبة: مضت ترجمته.

(5) ابن عبد ربه: هو أحمد بن محمد بن عبد ربه الأندلسي (246ـ 328هـ) ولد وتوفي في قرطبة، كان أديباً شاعراً، له ديوان شعر، بالإضافة إلى كتابه العقد الفريد.

(6) الإمامة والسياسة: 2/7، العقد الفريد: 5/134.

(7) الأمين: محسن عبد الكريم العاملي (1282ـ 1321هـ) ولد في قرية شقرا (جنوب لبنان) وتوفي في بيروت، ودفن في مقام السيدة زينب عليه السلام في دمشق، من أعلام الإمامية، من مؤلفاته: المجالس السنية، أساس الشريعة، ومفتاح الجنات.

(8) أعيان الشيعة: 2/183.

(9) ناسخ التواريخ (حياة الحسين): 2/336.

(10) راجع وسيلة الدارين: 256عن مقاتل الطالبيين.

(11) شمس الدين: هو محمد مهدي بن عبد الكريم العاملي (1354ـ 1421هـ) ولد في النجف، وتوفي في بيروت، تخرج من النجف وتولى رئاسة المجلس الشيعي الأعلى في بيروت بعد السيد موسى الصدر، من مؤلفاته: نظام الحكم والإدارة في الإسلام، شرح عهد الأشتر، والعلمانية.

(12) أنصار الحسين: 137.

(277)

 

       هذا، ولا يضر عدم ذكر اسمه في عداد أبناء أمير المؤمنين عليه السلام حين التحدث عن أولاده في كتب التاريخ أو النسب بعدما ذكر أكثر المهتمين بعلم النسب أن المهم لديهم ذكر من له عقب، وأما من ال عقب له فلو ذكر فهو لحاجة دعت إلى ذلك كالتذكير بعدم صحة من ينتسب إليه حيث لا عقب له(1)، ولكن الذين اهتما بالجانب التايخي فمنهم من يبحث الأمور بإيجاز واختصار فلا يطيل عن غير المشهورين.

       وما دام أن بعض أرباب المقاتل ذكروه فلا يمكن الجزم بنفيه حيث لا دليل على النفي، كما لا مجال للتصحيف في مفردة إبراهيم كما هو الحال بين عبد الله وعبيد الله، وفيما بين الحسن والحسين، وغاية مايمكن أن يقالهنا: هو وقوع الخلط بينه وبين إبراهيم بن الحسين، أو إبراهيم بن مسلم، وهذا الأمر يحتاج إلى دليل، لان في إثبات أن للإمام الحسين عليه السلام ابناً باسم  إبراهيم كلام أيضاً نقلناه في ترجمته.

       وعلى أي حال فإننا نقبله حيث لا دليل رفضه وإنكاره، كما لا مجال للتشكيك برواية علي بن محمد بن حمزة حيث إنه موثق من قبل الفريقين أولاً، وانه من آل علي عليه السلام العارفين بأخبارهم ثانياً، وفي المثل: «إن أهل البيت أدرى بما في البيت»، وذكر الأمين عده الإبراهيميين من الطالبيين، ولكنه لم يعده من شهداء الطف(2).

       ومما لا خلاف فيه أن أمه أم ولد، كما أنه لا عقب له، حيث إن المعقبين من أبناء علي عليه السلام كانوا خمسة: الحسن والحسين ومحمد بن الحنفية، والعباس الأكبر وعمر الأطرف.

       وأما عن عمره فلا شك أن أمير المؤمنين عليه السلام استشهد عام أربعين من الهجرة، فلا بد أن يكون انعقاد نطفته قبل موته عليه السلام وبما أن علياً عليه السلام توفي في 21رمضان فإن عمر إبراهيم يوم الطف لايقل عن عشرين سنة، وليس فيما ذكروه ما يدل على عمره حيث إنهم ذكروه في عداد المستشهدين في معركة الطف دون ذكر أي ملابسات أخرى.

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لاخط: لباب الأنساب: 1/338.

(2) أعيان الشعية: 2/230.

(278)

 

       وأخيراً فقد وجدنا أن ابن فندق ذكر في جدول الشهداء من آل أبي طالب: إنه حين استشهد في كربلاء كان ابن عشرين سنة(1)، كما ذكر قاتله هو زيد بن دفاف، وعليه فإن ولادته ربما كان قبيل وفاة أبيه علي عليه السلام أو بعيده أي في عام أربعين للهجرة.

       وأما بالنسبة إلى زواجه فلم نجد من تعرض إلى ذلك، ومن المستبعد جداً أن يبقى من مثله إلى سن العشرين ولم يحرز نصف دينه كما في الحديث، كما لا يناسب البيئة التي كان يعيشها، حيث كانوا يبكرون في الزواج، ومن هنا فنحتمل أنه كان متزوجاً إلا أنه لم ينجب، أو أنجب ولكنه درج صغيراً أو أنه لم يعقب فأهمل ذكره وبالأخص إذا كان المولود أنثى.

       وإذا كان الأمر كذلك فلربما كانت زوجته ممن حضرن كربلاء، ولكن مع عدم وجود النص لا يمكن القول به.

       وأخيراً فبما أن المؤرخين لم يذكروا له مبارزة خاصة أو رجزاً فيغلب على الظن أنه قتل في حملة آل أبي طالب التي شنوه على معسكر العدو بعدما ضاقت بهم الحياة بمقتل عبد الله بن مسلم بن عقيل، وقد سبق الحديث عن ذلك فيما تقدم.

       ويكون هذا أول أبناء علي عليه السلام من حيث التسلسل المنهجي من المستشهدين في كربلاء.

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) لباب الأنساب: 1/400.

(279)

 

3

إبراهيم بن مسلم الهاشمي

54ـ 62هـ = 674ـ 681م

 

       هو: إبراهيم بن مسلم بن عقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب الهاشمي القرشي.

       إننا تعرفنا على شخصية إبراهيم بن مسلم بن عقيل عبر مسلكين.

       الأول: الرواية التي حملت إلينا قصة شهادته وأخيه المفجعة ضمن أحداث الطف الحزينة.

       الثاني: وجود مرقد على أرض الواقع ينسب إليه وإلى أخيه، وقد اشتهر ذلك بين الناس خلفاً عن سلف.

       ونحن أمام هذين المسلكين يتوجب علينا دراستهما لنصل إلى ما يمكن الركون إليه من خلال المعطيات المتوفرة في النصوص التي وصلتنا من قبل المؤرخين سواء في هذا الإتجاه او ذاك، وفي النهاية لابد من ضم الرواية إلى ما ورد عن المعلم القائم لنستنتج بعض  ما غيبته يد الحقد والكراهية  من التاريخ، وذلك يثبت الوثائق المعقولة أو المقبولة في هذا الأمر ونبذ الدخيل إليها.

       وبالنسبة إلى الرواية التي تحمل إلينا قصة استشهادهما فقد وصلنا نصين وكل واحد منهما أثبته من يعتمد عليه من أعلام الإمامية، وكلا النصين مؤداهما واحد إلا أنهما يختلفان في نقل صورة جانب من جوانب القصة أو الحدث، وما علينا إلا أن ننقل النصين لنوقف القارىء عليهما علناً نتمكن من مناقشتهما، واستخلاص مايمكن استخلاصه منهما، فالنص الأول ورد في الأمالي وهو من تأليف الشيخ الصدوق محمد بن علي.

(280)

 

 المتوفى عام 381هـ، والنص الثاني ورد في المنتخب وهو من تأليف الشيخ الطريحي فخر الدين المتوفى عام 1085هـ، وكلاهما ممن يعتمد عليهما.

       فالنص الأول جاء كالتالي:

       روى محمد بن علي الصدوق، عن أبيه علي بن الحسين القمي، عن علي بن إبراهيم- القمي -، عن أبيه إبراهيم بن هاشم- القمي-، عن إبراهيم بن رجاء الجحدوي، عن علي بن جابر، عن عثمان بن داود الهاشمي، عن محمد بن مسلم، عن حمدان بن أعين- الشيباني ـ عن أبي محمد شيخ أهل(1) الكوفة(2)، قال: لما قتل الحسين بن علي «عليه السلام» أسر من عسكره غلامان صغيران، فأتي بهما عبيد الله بن زياد، فدعا سجاناً له فقال له: خذ هذين الغلامين إليك، فمن طيب الطعام فلا تطعمهما، ومن البارد فلا تسقهما، وضيق عليهما سجنهما.

       وكان الغلامان يصومان(3)  النهار، فإذ جنهما الليل أتيا بقرصين من شعير، وكوز من ماء القراح، فلما طال بالغلامين المكث حتى صارا في السنة، قال أحدهما لصاحبه: يا أخي قد طال بنا مكثنا، ويوشك أن تفنى أعمارنا، وتبلى أبداننا، فإذا جاء الشيخ فاعمله مكاننا، وتقرب إليه بمحمد (ص) لعله يوسع علينا في طعامنا ويزيدنا في شرابنا.

       فلما جنهما الليل أقبل الشيخ إليهما بقرصين من شعير وكوز من ماء الفراح، فقال له الغلام الصغير(4): يا شيخ أتعرف محمداً؟

       قال: فكيف لا أعرف محمداً وهو نبيي.

       قال: أفتعرف جعفر بن أبي طالب؟

_______________
(1) في المصدر: «لأهل».

(2) سنأتي على تراجم الرواة إن شاء الله تعالى.

(3) يصومان: لعل أراد لا يأكلان، حيث قصد المعنى اللغوي ألا وهو الإمساك  عن الطعام والشراب.

(4) الصغير: أراد أصغرهما.

(281)

 

       قال: وكيف لا أعرف جعفراً وقد أنبت الله له جناحين يطير بهما مع الملائكة كيف يشاء.

       قال: أفتعرف علي بن أبي طالب «عليه السلام»؟

       قال له: يا شيخ فنحن من عترة نبيك محمد (ص)، ونحن من ولد مسلم بن عقيل بن أبي طالب، بيدك أسارى، نسألك من طيب الطعام فلا تطعمنا، ومن بارد الشارب فلا تسقينا، وقد ضيقت علينا سنة.

       فانكب الشيخ على أقدامهما يقبلهما ويقول: نفسي لنفسكما الفداء، ووجهي لوجهكما الوقاء، يا عترة نبي الله المصطفى، هذا باب السجن بين يديكما مفتوح فخذا أي طريق شئتما.

       فلما جنهما الليل أتاهما بقرصين من شعير، وكوز من ماء القراح، ووقفهما على الطريق، وقال لهما: سيرا يا حبيبي الليل، واكمنا النهار حتى يجعل الله عز وجل لكما من أمركما فرجاً ومخرجاً.

       ففعل الغلامان ذلك، فلما جنهما الليل انتهيا إلى عجوز على باب، فقالا لها: يا عجوز إنا غلامان صغيران غريبان حدثان غير خبيرين بالطريق، وهذا الليل  قد جننا، أضيفينا سواد ليلتنا هذه، فإذا أصبحنا لزمنا الطريق.

       فقالت لهما: فمن أنتما يا حبيبي  فقد شممت الروائح كلها فما شممت رائحة أطيب من روائحكما؟

       فقالا لها: يا عجوز نحن من عترة نبيك محمد (ص)  هربنا من سجن عبيد الله بن زياد من القتل.

       قالت: يا حبيبي إن لي ختناً(1) قد شهد الواقعة مع عبيد الله بن زياد أتخوف أن يصيبكما ههنا فيقتلكما.

       قالا: سواد ليلتنا هذه فإذا أصبحنا لزمنا الطريق.

______________

(1) الختن: كل من كان من قبل المرأة مثل الأب والأخ، وكذلك زوج الابنة.

(282)

 

       فقالت: سآتيكما بطعام. ثم أتتهما بطعام فأكلا وشربا  ولما ولجا الفراش قال الصغير(1) للكبير: يا أخي إنا نرجو أن نكون قد أمنا ليلتنا هذه، فتعال حتى أعانقك وتعانقني وأشم رائحتك وتشم رائحتي قبل أن يقرق الموت بيننا.

       ففعل الغلامان ذلك واعتنقا وناما، فلما كان في بعض الليل أقبل ختن العجوز الفاسق حتى قرع الباب قرعاً خفيفاً، فقالت العجوز: من هذا؟

       قال: أنا فلان.

       قالت: ما الذي أطرقك هذه الساعة وليس هذا لك بوقت؟

       قال: ويحي افتحي الباب قبل أن يطير عقلي وتنشق مرارتي في جوفي جهد البلاء قد نزل بي.

       قالت: ويحك ما الذي نزل بك؟

       قال: هرب غلامان صغيران من عسكر عبيد الله بن زياد، فنادى الأمير في معسكره: من جاء برأس واحد منهما فله ألف درهم، ومن جاء برأسهما فله ألفا درهم، فقد أتبعت وتعبت ولم يصل في يدي شيء.

       فقالت العجوز: يا ختني إحذر أن يكون محمد خصمك في القيامة.

       قال: ويحك إن الدنيا محرص(2) عليها.

       فقالت: وما تصنع بالدنيا وليس معها آخرة؟

       قال: إني لأراك تحامين عنهما كأن عندك من طلب الأمير شيء، فقومي فإن الأمير يدعوك.

       قالت: ما يصنع الأمير بي، وإنما أنا عجوز في هذه البرية؟

       قال: إنما لي الطلب  افتحي لي الباب حتى أريح وأستريح فإذا أصبحت فكرت في أي الطريق آخذ في طلبهما.

_______________
(1) أي قال أضغرهما للأكبر.

(2) محرص: اسم فاعل من حرص أي إني حريص على الدنيا.

(283)

 

       ففتحت له الباب وأتته بطعام وشراب فأكل وشرب، فلما كان في بعض الليل سمع غطيط(1) الغلامين في جوف الليل فأقبل يهيج كما يهيج البعير الهائج، ويخوز كما يخور الثور، ويلمس بكفه جدار البيت، حتى وقعت يده على جنب الغلام الصغير، فقال له: من هذا؟

       قال: أما أنا فصاحب المنزل، فمن أنتما؟

       فأقبل الصغير يحرك الكبير، ويقول: قم يا حبيبي، فقد والله وقعنا فيما كنا نحاذره.

       قال لهما: من أنتما؟

       قالا له: يا شيخ إن نحن صدقناك فلنا الأمان؟

       قال: نعم.

       قالا: أمان الله وأمان رسوله وذمة الله وذمة رسول الله؟

       قال: نعم.

       قالا: ومحمد بن عبد الله على ذلك من الشاهدين؟

       قال: نعم.

       قالا: والله على ما نقول وكيل وشهيد؟

       قال: نعم.

       قالا: يا شيخ فنحن من عترة نبيك محمد (ص) هربنا من سجن عبيد الله بن زياد من القتل.

       فقال لهما: من الموت هربتما وإلى الموت وقعتما، الحمد الله الذي أظفرني بكما.

       فقام إلى الغلامين فشد أكتافهما فبات الغلامين ليلتهما مكتفين، فلما انفجر عمود الصبح، دعا غلاماً له أسود يقال له فليح، فقال: خذ هذين الغلامين فانطلق بهما إلى شاطئ الفرات، وأضرب أعناقهما وائتني

_______________
(1) غط النائم غطيطاً نخر في نومه، والنخر: هو مد الصوت والنفس  في الخياشيم.

(284)

 

برؤوسهما لأنطلق بهما إلى عبيد الله بن زياد وآخذ جائزة ألفي درهم، فحمل الغلام السيف فمضى بهما ومشى أمام الغلامين، فما مضى إلا غير بعيد حتى قال أحد الغلامين: يا أسود ما أشبه سوادك بسواد بلال مؤذن رسول الله (ص).

       قال: إن مولاي قد أمرني بقتلكما فمن أنتما؟

       قالا له: يا أسود نحن من عترة نبيك محمد (ص) هربنا من سجن عبيد الله بن زياد من القتل، أضافتنا عجوزكم هذه، ويريد مولاك قتلنا.

       فانكب الأسود على أقدامهما يقبلهما. ويقول: نفسي لنفسكما الفداء، ووجهي لوجهكما الوقاء، يا عترة نبي الله المصطفى، والله لا يكون محمد (ص) خصمي في القيامة، ثم عدا فرمى السيف من يده ناحية، وطرح نفسه في الفرات، وعبر إلى الجانب الآخر، فصاح به مولاه: يا غلام عصيتني؟

       فقال: يا مولاي إنما أطعتك ما دمت لا تعصي الله، فإذا عصيت الله فأنا منك بريء في الدينا والآخرة.

       فدعا ابنه(1) فقال: يا بني إنما أجمع الدنيا حلالها وحرامها لك، والدنيا محرص عليها، فخذ هذين الغلامين إليك، فانطلق  بهما إلى شاطىء الفرات، فاضرت أعناقهما، وائتني برؤوسهما لأنطلق بهما إلى عبيد الله بن زياد وآخذ جائوة ألفي درهم(2).

       فأخذ الغلام السيف ومشى أمام الغلامين فما مضى(3) إلا غير بعيد، حتى قال أحد الغلامين: يا شاب ما أخوفني على شبابك هذا من نار جهنم(4).

______________

(1) جاء في مقتل أولاد مسلم بن عقيل: 41 «دعا بابنه زهير، فقال له: يا بني: ألست قد ربيتك حتى أدركت وبلغت مبالغ الرجال، فقال: بلى فقال له: خذ هذا السيف وانطلق».

(2) في المقتل: «أربعة آلاف درهم».

(3) في نسخة: «فامضيا».

(4) جاء في المقتل: «فقال الصغير للكبير ألا ترى يا أخي إلى هذا الغلام لقد كان يشبه عبد الله بن عقيل في الحسن والقد، وإنا  نخشى على شبابه وحسنه أن يكون من أهل =

(285)

 

       فقال: يا حبيبي فمن أنتما؟

       قالا: من عترة نبيك محمد (ص) يريد والدك قتلنا.

       فانكب الغلام على أقدامهما يقبلهما ويقول لهما مقالة الأسود، ورمى بالسيف ناحية، وطرح نفسه في الفرات وعبر، فصاح به أبوه يا بني عصيتني.

       فقال: لأن أطيع الله وأعصيك أحب إلى من أن أعصي الله وأطيعك.

       قال الشيخ: لا يلي قتلكما أحد غيري، وأخذ السيف ومشى أمامها، فلما صار إلى شاطىء الفرات سل السيف من جفنه.

       فلما نظر الغلامان إلى السيف مسلولاً أغرورقت أعينهما: وقالا له: يا شيخ انطلق بنا إلى السوق واستمتع بأثماننا، ولا ترد أن يكون محمد خصمك في القيامة غداً.

       فقال: لا ولكن أقتلكما وأذهب برأسكما إلى عبيد الله بن زياد وآخذ جائزة ألفين.

       فقالا له: يا شيخ أما تحفظ قرابتنا من رسول الله (ص)؟

       فقال: ما لكما من رسول الله قرابة.

______________
= النار، وأن يكون خصمه يوم القيامة جدنا أحمد المختار، فقال لهما من أنتما ومن جدكما الذي يكون خصمي يوم القيامة فقالا له: أما تعرفنا، فقال: لا، فقالا: نحن غلامان غريبان طريدان من أولاد مسلم بن عقيل ابن عم رسول الله فصرنا ضيفين لوالدك  فأرسلك لقتلنا بغير ذنب، فقال الغلام: معاذ الله أن ألقى الله بدمكا وأن يكون خصمي يوم القيامة جدكما رسول الل في يوم لا يغنى والد عن ولده شيئاً، إن وعد الله حق، ثم ألقى السيف من يده وعيناه تهملان دموعاً رحمة ورقة للغلامين». ولا يخفى أن في هذا النص ما لا يتطابق مع الواقع فإن أنهما لم يكونا من نسل الرسول ص، وأذا أردنا تقيم النص فلا بد من القول بأن فيه سقطاً، ليكون كالتالي: «جدنا وصي أحمد المختار» وفي الثانية «يوم القيامة جدكما وصي رسول الله» وهذا يتم على القول بأنهما من أبناء ابنة علي «عليه السلام» من غير فاطمة الزهراء «عليها السلام» كما سيأتي الحديث عن ذلك، أو يقال إن قولهما بأن الرسول (ص) جدهما من باب أن العم يقوم مقام الأب كما في آية: آبائي إسماعيل وإسحاق، والله العالم.

(286)