معلومات جغرافية

نهر الحسينية (السليماني)

Post on 02 أيلول/سبتمبر 2015

نهر الحسينية المار بمقام الامام المهدي(عج) في كربلاء أما النهر السليماني ( الحسينية ) فقد أنشأه السلطان سليمان القانوني العثماني سنة 941 هـ / 1534 م . ذكر المستر لونكريك في كتابه ( أربعة قرون من تاريخ العراق ) ان السلطان سليمان كانت غايته الثانية أن يزور العتبات المقدسة في الفرات الاوسط ، ويفعل هناك أكثر مما فعله الزائر الصفوي في العهد الأخير ، فوجد مدينة كربلاء المقدسة حائرة في حائرها بين المحل والطغيان . إذ كان الفرات الفائض في الربيع يغمر الوهاد التي حول البلدة بأجمعها من دون أن تسلم منه العتبات نفسها . وعند هبوط النهر كانت عشرات الألوف من الزوار يعتمدون على الاستسقاء من آبار شحيحة قذرة . فرفع مستوى ( روف السليمانية ) . وهي سدة ماتزال تقوم بعملها حتى اليوم لوقاية البلدة من الفيضان ، ثم وسع الترعة المعروفة بالحسينية وزاد في عمقها لكى تأتي بالماء المستمر ، ولتجعل الأراضي الخالية المغبرة حولها بساتين وحقولاً يانعة للقمح . وصارت هذه الترعة تنساب في أرض كان الجميع يظنونها أعلى من النهر الأصلي . فاستبشر الجميع بالمعجزة واقتسم الحسين الشهيد والسلطان القانوني جميع الثناء والإعجاب . وبعد أن زار سليمان قبر الإمام علي في النجف رجع إلى بغداد . ويعقب عباس العزاوي على ذلك بقوله : نهر الحسينية هذا النهر من أعظم أعمال السلطان سليمان القانوني كان يسمى باسمه ( النهر السليماني ) والآن يسمى بالحسينية أجراه إلى كربلا فأحياها ولم يوفق السلاطين السابقون أيام غازان وغيره ومنهم الشاه اسماعيل والشاه طهمـاسب الخ . وبتبرع زوجة محمد شاه القاجاري ملك ايران أنفذ نهر الرشدية وذلك عام 1259 هـ فسمي الفرع عند ذاك بأسم الرشدية . اما الفرع الثاني لهذا النهر فسمي بالهنيدية ويسير باتجاه جنوب مدينة كربلاء . ومما يذكر بهذا الصدد أن الرحالة الميرزا أبو طالب خان بن محمد الأصفهاني الذي قدم إلى بغداد في غرة شوال 1217 هـ ( 17 كانون الثاني 1803 م) وبعد أيام غادرها لزيارة سامراء ثم عاد إلى بغداد ، وأخيراً بارحها في 4 ذي القعدة 1217هـ أول آذار 1803 م لزيارة الاضرحة التي في كربلاء والنجف قال ما تعريبه : وبعد أن قمت بواجب الزيارة في كربلاء بارحتها قاصدا النجف بطريق الحلة فقدمت اليها في اليوم نفسه ولاقيت في طريقي جدولين أولهما يقال له النهر الحسيني ( الحسينية ) على بعد أميال قليلة في كربلاء وكان حفره بأمر السلطان مراد ( كذا وصححه السلطان سليمان ) والثاني من النهرين يقال له نهر الهنيدية أو الآصفي لأن النواب آصف الدولة حفره بنفقاته وهو أعرض من النهر الحسيني والغاية من حفره إيصال الماء إلى مرقد الإمام علي . وقد بلغت نفقات هذا الجدول حتى الآن عشرة لكوك من الروبيات مع أنه لم يصل بعد إلى النجف لأن باشا بغداد والرجل الذي ولاه الباشا الإشراف على العمل جعلا النهر يمر بالكوفة وغيرها من المدن عوضاً عن جعله يجري مستقيما وقد بقيت أربعة أميال لإيصاله إلى المحل والأعمال متداولة عليها .. الخ .
وكما اسلفنا اطلق على هذا النهر حسب منطوق الوثائق القديمة لبعض الحدائق بالنهر ( الشريف السليماني ) . وفي سنة 1217 هـ عندما أراد أن يقيس أبو طالب في رحلته ( مسير طالبي ) عرض شط الهندية . قال : هو على غرار نهر الحسينية ـ الاسم الذي يعرف به اليوم مع ما طرأ على عدوتيه من تغير وتبديل ، هو اليوم عين النهر الموجود يروي ضياع كربلاء وبساتين ضواحيها باسم نهر الحسينية . كان منفذه الرئيسي ينتهي الى هور السليمانية الواقع في القسم الشرقي من البلاد ، على مسافة بضع أميال ، والفرع الذي اختص لارواء السكنة والمجاورين كان يطوق المدينة من ثلاثة جهات . حيث الشمال والغرب ثم ينعطف نحو الجنوب ويتجه شرقا نحو حتى يصل الى منفذه الرئيسي في هور السليمانية .
وقد قام حسن باشا والي بغداد لسنة 1329 هـ على الخلل الذي طرأ على مجرى هذا النهر فحفر له صدرا آخر . ويوجد اليوم في شمال قضاء المسيب جانب البو حمدان في ضيعة هور حسين ترعة يطلق عليها بصدر الحسينية العتيق . وكان لها قنطرة قائمة متينة على محاذات خان الوقف الذي هدم حديثا لغرض فتح شارع المقابل للجسر الثابت الذي انشأ لربط جانبي القضاء . وعلى ما أتخطر هدمت القنطرة السالفة الذكر لاستعمال أنقاضها في بناء الناظم الذي أقيم على صدر الحسينية ، القائم ليومنا هذا أي سنة 1324 .
وعلى أثر التغيير الذي طرأ على مجرى عمود الفرات باحداث الهندية بأمر آصف الدولة الهندي أشكل علينا معرفة الفوهة الاصلية لنهر الحسينية . وكذلك موقعه الذي اختير له من الفرات عند حفره بأمر سليمان القانوني سنة 941 هـ ومن المحتمل أن تكون فوهته بمقربة من مأخذ وفوهة نهر نينوى القديم على التقريب .

مستل من كتابي تراث كربلاء للسيد سلمان هادي آل طعمة وكتاب بغية النبلاء في تاريخ كربلاء للسيد عبد الحسين الكليدار الطعمة ( بتصرف )