الزراعة

العراق زراعيا /ضوء تاريخي

Post on 26 حزيران/يونيو 2016

العراق زراعيا /ضوء تاريخي

عرف العراق منذ أقدم العصور بلدا زراعياً قبل كل شيء كونه يتمتع بأرض خصبة ومياه وفيرة ومناخ ملائم لنمو أنواع المزروعات وقد لعبت الزراعة ولا تزال دورا رئيسياً في حياة سكانه إذ هي تمون المواد الضرورية لقوتهم ومعاشهم ويذكر إن الإنسان العراقي القديم كان يعمل بجد ومثابرة لتسخير الظروف الطبيعية لخدمته وخدمة أرضه الزراعية .

كان اهتداء الإنسان للزراعة في حدود الألف التاسع قبل الميلاد ويمثل أول ثورة اقتصادية قام بها الإنسان حيث انتقل بواسطتها من حياة جمع القوت الى حياة انتاج القوت وكانت الزراعة في بداية مراحلها بسيطة وشبه متنقلة تعتمد على خصوبة التربة متى نفذت انتقل إلى غيرها .

وكان اعتماد الإنسان أول الأمر على مياه الأمطار فحسب كما كانت الزراعة محدودة وللاكتفاء الذاتي واستخدمت فيها آلات وأدوات زراعية بدائية مصنوعة من الحجر عادة والخشب والعظم أحيانا وبعد ان استقر الإنسان في القسم الجنوبي من العراق بدا يتعلم وسائل الري الاصطناعية ووسع من أراضيه الزراعية وأصبح ينتج أكثر من حاجته الذاتية فبدا يقايضه مع أخيه الإنسان وهكذا كانت بوادر التجارة وطلائع التخصص في العمل وفي أرض العراق نمت أنواع الغلال والمحاصيل الحقلية منها على اختلافها كالقمح والشعير والسمسم ومنها الدخن والذرة والعدس والحمص ومنها الأشجار المثمرة كالتين والزيتون والكروم والرمان والتفاح والكمثرى والفستق واللوز والبلوط إضافة إلى أشجار النخيل ذات الشهرة الواسعة والفوائد الجمة فضلا عن ذلك بدأت زراعة القطن ( أشجار الصوف ) كما سماها الآشوريون منذ الألف الأول قبل الميلاد كما ذكرت أنواع المخضرات لاسيما البصل والثوم والخيار وغيرها . يجري في العراق على طوله رافداه دجلة والفرات مستمدين مياههما العذبة من الينابيع الصافية في الأطراف وينحدران من الشمال الى الجنوب تقريبا حيناً ويبتعدان حيناً آخر حتى يلتقيا قرب نهاية السهل الرسوبي ليكونا نهرا واحدا هو شط العرب الذي يصب في الخليج العربي بعد أن يمد الأرض بمعين الحياة لتزهو فيها حقول الحبوب والخضار وتنضر بساتين النخيل وأشجار الفواكه الباسقة فتجعله من أخصب سهول الدنيا وأغنى بقاع الأرض التي يصدق فيها قول ونكلر وولكوكس : إن الإنسان استمد تصوره لجنة عدن وهي غاية أرض النعيم من مناظر المزروعات التي شهدها في سهول العراق ومع إن أرض العراق سهلة مستوية وتربته ناعمة رخوة إلا إن الزراعة فيه لا يقتصر اعتمادها على نعومة التربة وتوفر المياه وإنما تتأثر أيضا بكثرة الأملاح ومدى القدرة على ضبط مياه الأنهار وكل هذه تتوقف بالدرجة الأولى على الجهود التي يبذلها الناس في اختيار البذور الملائمة وإعداد الأرض للزراعة والسيطرة على مياه الأنهار لتجنب أخطار الفيضانات المدمرة وتسييرها في وقت الصيهود ولتنظيم الحياة الزراعية ووضع الظوابط والأحكام لتحديد علاقة المزارعين والملاك خصصت القوانين عددا كبيراً من موادها القانونية لهذا الغرض فنظمت أسلوب المشاركة وإقامة العلاقات الزراعية سواء أكانت الأرض بورا أو صالحة للزراعة ، أرضا لزراعة الحبوب أم أرضا لزراعة الأشجار .

من كتاب زراعة كربلاء ـ مديرية زراعة كربلاء / ص : 21 ـ 23 . ( بتصرف )