كربلاء منذ القدم الى يومنا هذا

القرن الثاني الهجري

Post on 20 حزيران/يونيو 2016

كربلاء في القرن الثاني الهجري

(719 ـ 816 ميلادي )

وتذكر المصارد التاريخية بأن كربلاء لم تمصر طوال العهد الأموي. وعلى الرغم مما كان في نفوس الهاشميين وشيعتهم من لهفة ورغبة في العيش جوار قبر الإمام الحسين (ع) فإنهم لم يتمكنوا من بناء الدور والبدء بالعمران فيها خوفاً من بطش وتنكيل بني أمية. فقد أنتشرت في العهد الأموي المسالح (مخافر الشرطة) حول كربلاء لمنع الزوار من زيارة مشهد الإمام الحسين (ع) .وكان الزائرون من جانبهم يتخدون من الغاضرية ونينوى ملجأً ومحطاً لرحالهم لقربهما من كربلاء ويجعلونهما بالظاهر هدفاً فيمكثون فيها حيناً لإبعاد الشبهة عنهم والتمويه على المسالح الأموية ثم يلجأون منها سراً إلى المرقد الشريف.

 

ذكر السيد أمير علي في كتابه ( مختصر تاريخ العرب ) ما هذا نصه : وبينما كان عبد الله بن مروان ويزيد عامل العراق يزحفان على نهاوند وكان قحطبة يشدد الحصار عليها حتى فتحها عنوة قبيل وصول الإمدادات اليها من أي من الجانبين ثم أرسل فصيلة بقيادة أبي عون لمقاتلة عبد الله بن مروان ، بينما التف هو بجيشه الرئيسي حول يزيد الذي كان معسكراً في جلولاء . وعندما انتهت هذه الخطة إلى مسامع يزيد الذي سارع إلى رمي نفسه بين الكوفة وبين عدوه . ووصل قحطبة إلى الفرات بعد يزيد ثم عبر النهر وعسكر في بقعة بعيدة عن متناول يزيد . هذا وقد التقى الجيشان في البقعة نفسها التي قتل فيها الحسين ودارت بينهما معركة رهيبة أسفرت عن هزيمة الأمويين وخسر فيها العباسيون قائدهم قحطبة فتولى القيادة ابنه الحسن وطرد يزيد من معسكره وأجبره على التراجع إلى واسط . وهي مدينة قوية التحصين بناها الحجاج بن يوسف في وسط الطريق بين الكوفة والبصرة ، وهكذا سقطت الكوفة دون مقاومة تذكر في يد الحسن .

 

ويروي لنا السيد أمير علي نفسه عن هذه الحادثة فيقول : وكان الحسن البصري مؤسس المدرسة الفقهية يعيش عندئذ في البصرة فأهاب بمواطنيه الا ينحازوا إلى أحد الطرفين ولكن شجاعة ابن المهلب وأخيه وكرمهما اللذين كان لهما أكبر التأثير على العقل العربي أشعلا حماس أهل البصرة فهبوا إلى نجدتهما وأقسموا لهما يمين الولاء . ولكن يزيد الأموي أرسل قوة كبيرة على راسها مسلمة ابن عبد الملك وعباس بن الوليد لسحق الثورة . والتقى الجيشان في ميدان العقر بالقرب من كربلاء على ضفة الفرات اليمنى ودارت بينهما معركة رهيبة أسفرت عن هزيمة الثوار ، وقتل يزيد وأخوه حبيب بعد أن فر معظم رجالهما وهرب سائر اخوانهما إلى كرمان حيث قتل بعضهم في معركة ثانية نشبت بينهم وبين جيوش الخليفة والتجأ الباقون إلى خاقان الترك .

 

وفي أوائل حكم الخلفاء العباسيين أخذ الناس يتقاطرون على كربلاء ليتخذوا فيها سكناً. وأخذت هذه المنطقة بالتقدم والعمران وأصحبت مأهولة بالسكان. وتذكر المصادر التاريخية بأن الراوية الكبير عثمان بن عيسى الكوفي العامري كان أول من سكن كربلاء الحالية في عهد الإمام علي بن موسى الرضا (ع) ، أي بعد عام 183هـ (799م) مع ولديه. وكانت لهذا الراوية مؤلفات أهمها ، كتاب المياه ، وكتاب القضايا والأحكام ، وكتاب الوصايا.

 

يذكر الطبري أثناء عرضه لحوادث عام 193هـ (809م) أن والدة الخليفة العباسي المهدي (أم موسى) وأبنة يزيد بن منصور كانت تصرف مرتبات إلى رجال يخدمون مرقد [ الإمام ] الحسين (ع) . وعند بداية حكم الخليفة العباسي هارون الرشيد أستمر صرف تلك المرتبات من قبل هارون الرشيد.

 

ثم أخذت هذه المدينة بالتراجع بعد ذلك. فقد غير هارون الرشيد من سياسته في أواخر أيام حياته فأمر بحرث الأرض التي تضم قبر [الإمام ] الحسين (ع) وقطع شجرة السدرة وهدم المسجد الصغير.

 

وعندما تولى الخليفة العباسي المأمون بن هارون الرشيد الحكم بعد أخيه الأمين سنة 198هـ (813م) عاد الأهتمام بمدينة كربلاء بشكل عام ، وأعيد بناء مرقد الإمام الحسين (ع) ، وأخذ المأمون بإظهار الحب لأهل البيت (ع) وبدأ المسلمون يتوافدون على المدينة والسكنى بجوار المرقد تباعاً.

 

وفي أواخر القرن الثاني الهجري قام رجل من بني علقمة بطن من تميم ثم من دارم الذين جدهم علقمة بن زرارة بن عدس بحفر نهر محاذ لطف كربلاء ـ وكان مجرى هذا النهر موجوداً في السابق ولكنه أندثر ـ يمر بالقرب من مرقد العباس (ع) إلى الشرق منه عرف بنهر العلقمي.



تابع ايضا :