خدمة المنبر الحسيني

الشيخ هادي الكربلائي الخفاجي

Post on 11 تموز/يوليو 2016

الشيخ هادي الكربلائي الخفاجي

هو الخطيب الشهير الشيخ هادي بن الشيخ صالح بن مهدي بن درويش من بيت ( عجام ) الذي ينتسب الى قبيلة ( خفاجة ) .

ولد سنة 1908 م / 1326 هـ في بغداد ، وانتقل الى كربلاء ، ونشأ بها نشأة صالحة ، ولما شب عن الطوق درس الفقه والأصول والعربية على والده ، ثم أخذ الخطابة على خطيب كربلاء الشيخ محسن أبو الحب المتوفى سنة 1369 هـ / 1949 م . ارتاد المدارس الدينية ليرتشف من نميرها ويستقي من سلسالها العلوم العقلية والنقلية ، فقصد مدرسة صدر الأعظم ومدرسة الزينبية فدرس لدى الشيخ محمد الخطيب العربية وعلوم الدين ، وقرأ شرح قطر الندى وألفية بن مالك على الشيخ محمد العماري في مدرسة الخطيب الرسمية وتفوق في مضمار الخطابة تفوقا منقطع النظير ، فكان يوغل باستعمال المفردة الشعبية ( العامية ) ويبتغي من ذلك إيصال أفكاره الى أذهان المستمع مع تمكنه باللغة الفصحى وأطاحته بها إحاطة تامة . 

كان موضع تجلة واحترام كافة الأهلين ، يتمتع بالنبل وسمو الأخلاق ، ومجالسه في كربلاء كثيرة منها في الصحنين الحسيني والعباسي وفي الساحات الكبيرة ودور الأشراف والمساجد والحسينيات وديوان آل كمونة وغيرها ، وصوته رخيم ونعيه شجي يأخذ بمجاميع القلوب . وبالإضافة الى كونه خطيبا ماهرا ، فهو شاعر جيد رثى آل البيت والسادة والعلماء وبعض أشراف كربلاء وشخصيات عراقية معروفة ، وله في الأغراض الشعرية الأخرى قصائد وقطوعات لا تخلو من صورة وجدانية وبلاغة وفصاحة .

يقول الفاضل نور الدين الشاهرودي : كانت خطاباته جاذبة وملفتة لانتباه مستمعيه دون أن يدعهم يدخل الملل والضجر الى نفوسهم ، إضافة الى مقدرته في معالجة أي موضوع يختاره لخطابته بتدرج سليم ، ومنطقي ، وموزون ، من البداية حتى النهاية ، أي انه يدخل في صلب الموضوع ويخرج منه بخط مستقيم دون إلتواءات أو إنشعابات تبعده عن موضوع الخطابة ، مما يدل على مقدرته الكلامية ورصانة إسلوبه المنطقي ، كما أن له مقدرة فائقة في إبكاء مستمعيه لمصاب الحسين ( ع ) خاصة ، وهكذا ظل يغترف من ذلك التراث الإسلامي الزاهر والنتاج الأدبي الخالد حقبة طويلة من الزمن حتى وفاته .

قال راثياً الإمام الحسين ( ع ) :

ما زال يلهج في عزاك لساني   حـاشاك يوم الجزا تنساني
يا ابن النبي المصطفى ووصيه   وابـن البتولة خيرة النسوان

وقال أيضا راثياً الأمام الحسين ( ع ) :

أيهـا الراجـي نجـاة   في غد بـل كل حين
اننـي أهديك أن شئت   الـى حصـن حصين
خذ من الرحمة حــاء   ثم من يـاسين سيـن
ثـم يـاء مـن علـي   ثم نـون مـن مبيـن
فهـو في الطف غياث   رحمـة للعالميـــن
ذاك سبط الطهـر طه   عبــــرة للمؤمنين
من بيوم الطـف فردا   كم حمى حوزة دين ؟
بذويـه ونســــاه   ثـم في قطـع الوتين
لسـت انسـاه ينـادي   مفردا هل مـن معين
ليـذب اليـوم عنــا   مـن طغـاة مشركين
ما رأى السبـط مجيبا   ليتنـي أفدي حسيـن
عندهـا نادى بصوت   ترك الكـون حزيـن
هـذي نفسي لدين الـ   مصطفى جدي الأمين
ومماتـي ثـم ولـدي   ثـم أهلـي الطيبيـن
ولأجـل الديـن هذي   زينـب تبـدي الحنين
فـي نسـاء نادبـات   حـول آسـاد العرين

وقال راثياً خطيب كربلاء الشيخ محسن بن الشيخ محمد حسن أبو الحب المتوفى سنة 1349 هـ وأولها :

ضـرم أقام من الأسى في أضلعي   فأزال حـزنا بالمصيبـة أدمعي
لمـا مررت وقـد خلا الربع الذي   فيـه تسامـت في البرية أربعي
فوقفـت أنشـد و الدمـوع بوادر   والقلب محتـرق و لمـا يجـزع
هل عودة ترجى لأحباب مضـوا   عن حبهم أم هل لهم من مرجع ؟
اليـوم قد رحلـوا وأقفـر ربعهم   من بعدمـا بالأمس قد كانوا معي
يـامن تروم مـن الليالـي بهجة   و أراك مـن أحوالهـا في مطمع
أقصـر فـإن سهـامهـا فتاكـة   فـي كل ذي شـأن منيع أرفـع
كم قد رمـت بالموبقـات معاشرا   وسقتهموا كأس الردى أفلا تعي ؟
عرفت بسوء الحال و السوء انتهى   منهـا لمحسننا الخطيـب المصقع

وفاته : أجاب داعي ربه ليلة الأحد 4 / 1 / 1992 م المصادف لسنة 1412 هـ ، وشيع باحتفال مهيب الى مثواه الأخير في مقبرة كربلاء الجديدة ، وأقيم على روحه مجلس الفاتحة من قبل أسرة الفقيد ، ورثاه جمع من الشعراء والأدباء وأهل الفضل والأدب . وصدر بعد مرور عام على وفاته كراس في ذكراه من قبل نخبة من أدباء كربلاء باسم ( العبور الى جهة القلب ـ هادي الكربلائي الصوت الحزين ) .