موسوعة بطل العلقمي

اسم الکتاب : موسوعة بطل العلقمي

المؤلف : تأليف سماحة آية الله المحقق الكبير الشيخ عبد الواحد المظفر قدس سره
المطبعة : مؤسسة الشيخ المظفر الثقافية العراق النجف الاشرف مؤسسة الاعلمي للمطبوعات بيروت لبنان

 

 

 

 

الثناء على عبد الله الأكبر


جاء في الزيارة المروية عن الإمام صاحب الزمان «عجل الله» فرجه التي رواها السيد أبن طاووس في كتاب الإقبال وفيها يقول «عليه السلام»:
«السلام على عبد الله بن أمير المؤمنين، مبلي البلاء، والمناوي بالولاء في عرصة كربلاء، والمضروب مقبلاً ومدبراً، لعن الله قاتله هاني بن ثبيت الحضرمي».
وفي هذه الفقرة شهادة من الإمام صاحب الزمان «عجل الله فرجه» لعبد الله الأكبر بثلاثة من الفضائل:
أحدهما: إنه جاهر بولاء الحسين «عليه السلام» وأعلنه بين صفوف الأعداء.
ثانيهما: إنه كان له بلاء محمود أكثر من غيره بالنسبة للمحاماة عن أخيه الحسين «عليه السلام» وإلا لما كان لذكر هذه اللفظة محل.
ثالثها: ثباته في ذلك الموقف الرهيب والمعترك الهائل وقف هدفاً للسلاح في وسط الحومة حتى أصيب مقبلاً ومدبراً، يريد أنه أحيط به من كل جانب وأكتنفه الأعداء من كل جهة فقتل على هذه الصفة ولم يقتل محاطاً به إلا الحسين بن علي «عليه السلام» والعباس بن علي «عليهما السلام» وعلي بن الحسين الأكبر «عليهما السلام» ومسلم بن عقيل قتيل الكوفة أحيط به وعبد الله بن علي شقيق العباس «عليه السلام» وقد تضمنت هذه الفقرة أنه ضرب مقبلاً ومدبراً ولا يتكاتف العسكر ويحمي بعضه بعضاً على كثرته إلا لشدة بأس البطل المهاجم له، والشجاع المنازل له، وهذه غاية الشجاعة ونهاية البطولة ولا غرو إن كان آية من آيات الفروسية والإقدام فأبوه أمير المؤمنين سيد أبطال العالم الذي كانت الملوك ترسم صورته على سيوفها كما فعل ذلك سليمان القانوني ملك الأتراك العثمانيين فقد كان له سيف عليه صورة علي بن أبي طالب «عليه السلام» وقد هتف به رضوان خازن الجنة وجبرئيل سفير الوحي في بدر وأحد:
لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي
وإخوته الحسن والحسين ومحمد بن الحنفية والعباس الأكبر، والعمومة بنو
(416)
هاشم أفرس العرب، وهل تعد أمه من الأمم مثل أبي طالب والزبير بن عبد المطلب وحمزة وجعفر الطيار في أمثالهم، والخؤلة بنو عامر وفيهم مثل فارس الضحيا وفارس قرزل وفارس العصا وفارس شحمة وملاعب الأسنة ومدرك الثار والرحال في أمثالهم فهو معم مخول معرق الشجاعة.
للمؤلف:
قد أنجبت أم البنين فديتها فرسان حرب أصبحوا أمثالا
أسدا ضراغمة بمعمعة الوغى سم العداة أماجداً أبطالا
لا تعجبن لبأسهم وثباتهم في موقف لو فيه رضوى زالا
الليث حيدرة وفاطم لبوة ولدا لوقعة كربلاء أشبالا
نفسي الفداء لواردين ظماً بحر المنية طامياً آجالا

(8) عبد الله الأصغر بن أمير المؤمنين «عليه السلام»


(8) من إخوة العباس الأكبر أولاد أمير المؤمنين «عليه السلام» عبد الله الأصغر أحد الشهداء مع الحسين «عليه السلام».
وقد أرتبك الأمر على جماعة من الفطاحل وأرتج باب البيان في التمييز، وقاموا وقعدوا عند قول الشيخ المفيد في الإرشاد «عبيد الله بن النهشلية قتل مع الحسين «عليه السلام»، وإن التاريخ يذكر قتل عبيد الله بالمذار تحت راية أبن الزبير وأعظم مقاوم لهذه المقالة الفقيه العظيم من أعيان فقهاءنا الإمامية محمد بن إدريس الحلي صاحب كتاب السرائر فإنه غلط المفيد تغليطاً أساء فيه الأدب وتجاوز طور الإنسانية وحيث أن الرجل كان فقيهاً وعلم النسب والأخبار ليسا من صناعته لذلك يقع في الخطأ من حيث يظن أنه مصيب، والذي أوقعه في هذه الورطة هو ما سمعه من أهل التاريخ أنه قتل مع أبن الزبير في المذار على شط العمارة وقبره معروف هناك يزار، فظن وظن من وافقه أن الشيخ المفيد جهل مثل هذا الذي أشترك العوام في معرفته، والشيخ أبو عبد الله المفيد أجل من أن يجهل مثل هذا المشهور أو يخفي عليه ما أخرجه كل أحد.
ولم ينفرد الشيخ المفيد بهذه المقالة بل سبقه قوم ولحقه آخرون كالحافظ الكنجي الشافعي في كفاية الطالب وغلط من قال بخلاف قوله؛ فالصحيح إذاً أن عبد الله المقتول بكربلاء وإسمه مكبر غير عبيد الله المقتول بالمذار واسمه مصغر؛ فلعلي«عليه السلام» من النهشلية عبد الله وعبيد الله وأبو بكر، نص على ذلك في
(417)
ناسخ التواريخ، من قال أن عبد الله إسم لأبي بكر يكون شاهداً أن للنهشلية ولداً يسمى عبد الله لكن تخيله المكنى بأبي بكر وكون المفيد لم يذكر عبيد الله المصغر فلعله سقط سهواً من قلمه الشريف أو سقط من نسخة الأصل من قلم الناسخ.
وكيف كان فقد قال في ناسخ التواريخ(1): عبد الله الأصغر وكنيته أبو بكر، أمه ليلى بنت مسعود بن خالد بن ربعي التميمية، قتل يوم الطف وهو حاضر في خدمة الإمام الحسين «عليه السلام»، قاتله رجل من همدان قيل إنه في بداية الأمر رؤي قتيلاً.
وقال أبن شهر آشوب «رحمه الله» في المناقب(2) في الشهداء مع الحسين «عليه السلام» من إخوته: وعبد الله الأصغر، واعتمده الفاضل الدربندي في أسرار الشهادة، والعلامة المجلسي في البحار وملا عبد الله في مقتل العوالم(3).
وقال الحافظ الكنجي في كفاية الطالب: ذكر أبو الفرج في مقاتل الطالبيين الذين قتلوا من أبناء أمير المؤمنين مع أبي عبد الله الحسين «عليه السلام» جعفراً وعلياً وعثمان والعباس ومحمد الأصغر، وأسقط عبد الله، وما ذكره المفيد «رحمه الله» أشبه عندي.
وقال(4): ذكر من قتل مع الحسين بن علي «عليهما السلام» وهم أحد وعشرون نفساً من أهل بيته: ستة نفر من إخوته جعفر وعباس وعثمان وأبو بكر ومحمد الأصغر، وعبد الله... الخ.
وقال أبن الصباغ في الفصول المهمة(5): ومحمد الأصغر المكنى بأبي بكر وعبد الله الشهيدان مع أخيهما الحسين «عليه السلام» بكربلاء، أمهما ليلى بنت مسعود الدرامية.
وقال الطبري في التاريخ(6): وتزوج «يعني أمير المؤمنين» ليلى بنت مسعود بن خالد بن مالك بن ربعي بن سلم بن جندل بن نهشل بن دارم بن مالك بن حنظلة أبن مالك بن زيد مناة بن تميم فولدت له عبيد الله وأبا بكر، فزعم هشام بن محمد أنهما قتلا مع الحسين بالطف، وأما محمد بن عمر فإنه زعم أن عبيد الله بن علي قتله المختار بن أبي عبيد بالمذار وزعم أنه لا بقية لعبيد الله ولا لأبي بكر ابني علي إنتهى.
(1) ناسخ التواريخ 5/ 306. (2) المناقب لأبن شهر آشوب 4/ 99.
(3) أسرار الشهادة: ص471؛ بحار الأنوار 10/ 257؛ مقتل العوالم: ص115.
(4) كفاية الطالب: ص298. (5) الفصول المهمة: ص155.
(6) تاريخ الطبري 6/ 9.
(418)
وحمل كلام المفيد على ماصرح به أبن شهر آشوب وغيره متعين ولو حمله على مذهب الكلبي كان أولى من تغليطه، وابن الكلي أوثق من الواقدي وأعلم وأضبط، أتفق العلماء على ظبطه واتقانه وضعفوا الواقدي ورموه بالتخليط.
قال في الحدائق الوردية المخطوطة: وعبد الله الأصغر بن علي «عليهما السلام» أمه أم ولد وقاتله غير قاتل أخيه عبد الله الأكبر وأمه أم البنين، ثم ذكر أبا بكر وأمه النهشلية.
وفي كتاب لوامع الأنوار الفارسي لأبي الحسن المرندي(1) ذكر عبد الله الأكبر وعبد الله الأصغر.
وفي تاريخ أبي الفدا(2): وتزوج – يعني علياً «عليه السلام» - ليلى بنت مسعود النهشلية فولد له منها عبد الله وأبو بكر، قتلا مع الحسين «عليه السلام»، إنتهى.
وبهذا تضع في تصويب المفيد وتغليط ناقده أبن إدريس، والخلاف في أمه أهي النهشلية؟ أم أم ولد؟ غير مخل في المقام.

(9) عبيد الله قتيل المذار


(9) من إخوة العباس الأكبر أولاد أمير المؤمنين «عليه السلام» عبيد الله قتيل المذار.
المعروف بأبن النهشلية، وكان قد نزع نفسه إلى طلب الخلافة فقصد المختار ليدعوا إليه فقال المختار: لست أقبل من لا يحمل توصية من محمد بن الحنفية فضلاً عن أن أدعوا إليه، فغضب ولحق بمصعب بن الزبير وسار معه إلى حرب المختار فأصبح مقتولاً لا يدرى من قتله، فزعمت الزبيرية أن الكيسانية قتلوه، وزعمت الكيسانية أن الزبيرية قتلوه، فصحت فيه دعوة أبيه ولكن التحقيق أن الزبيرية قتلوه لأنهم يبغضون علياً وولده.
قال أبو الفرج الأصفهاني في مقاتل الطالبيين(3) بعد أن نسب أمه كما نسبها الطبري: وأم ليلى بنت مسعود عميرة بنت قيس بن عاصم بن سنان بن خالد بن منقر سيد أهل الوبر أبن عبيد بن الحارث بن مقاعس، وأمها عناق ابنة عصام بن سنان بن خالد بن منقر، وأمهما بنت عبيد بن أسعد بن منقر، وأمها بنت سفيان بن
(1) لوامع الأنوار: ص333. (2) تاريخ أبي الفدا 1/ 181.
(3) مقاتل الطالبيين:ص 34.
(419)
خالد بن عبيد بن مقاعس عمرو بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم، ولسلم يقول الشاعر:
يسود أقوام وليسوا بسادة بل السيد الميمون سلم بن جندل
ثم ذكر يحيى بن الحسن أن أبا بكر بن عبيد الله الطليحي حدث عن أبيه أن عبيد الله بن علي قتل مع الحسين «عليه السلام» وهذا خطأ إنما قتل عبيد الله يوم المذار، قتله أصحاب المختار بن أبي عبيدة وقد رأيته بالمذار.
وقال(1): وعبيد بن علي بن أبي طالب وأمه ليلى بنت مسعود، قتله أصحاب المختار أبن أبي عبيد يوم المذار، وكان صار إلى المختار فسأله أن يدعوا إليه ويجعل الأمر له فلم يفعل فخرج ولحق بمصعب بن الزبير فقتل في الوقعة وهو لا يعرف، إنتهى.

القدح في عبيد الله بن النهشلية


روى قطب الدين الراوندي «رحمه الله» في الخرايج(2) عن أبي الجارود عن أبي جعفر الباقر «عليه السلام» قال: جمع أمير المؤمنين «عليه السلام» بنيه وهم إثنى عشر ذكراً فقال لهم: إن النبي يعقوب «عليه السلام» كان له من البنين إثنى عشر ذكراً، فلما حضره الموت جمعهم وقال لهم: إني أوصي إلى يوسف فأسمعوا له وأطيعوا، وأنا أوصي إلى الحسن والحسين فإسمعوا له وأطيعوا.
فقال له عبيد الله ابنه: دون محمد بن علي – يعني أبن الحنفية-؟ فقال له: أجرأة علي في حياتي، كأني بك قد وجدت مذبوحاً في فسطاطك لا يدري من قتلك، فلما كان في زمان المختار أتاه فقال له: لست هناك فغضب وذهب إلى مصعب بن الزبير فالتقوا بحرورا فلما حجر بينهم الليل أصبحوا فوجدوه مذبوحاً في فسطاطه لا يدرى من قتله، إنتهى.
وقد استراب بعض الخطباء بهذه الرواية ومن المؤسف جداً أن واجهني بالإنكار المجرد والدعوى التخمينية بأن علياً «عليه السلام» تزوج ليلى بعد وقعة الجمل فيكون عبيد الله صغير السن وهذا وهم لم يذكر من يوثق يقوله أو يعول عليه ذلك، وهذا عندنا نص خرجه القطب الراوندي معتمد وحجة وفيه معجزة لأمير المؤمنين «عليه السلام» جاءت كما أخبر به بأتفاق المؤرخين، ولا ترفع اليد عن النص إلا بنص مثله أو أقوى منه.
(1) مقاتل الطالبيين: ص50. (2) الخرايج والجرايح: ص 190.
(420)
وقتل عبيد الله في حروراء وحروراء قرية قرب الكوفة وبها أجتمع الخوارج الذين خالفوا أمير المؤمنين علياً «عليه السلام» ولذلك سموا بالحرورية، قال الطبري المؤرخ في تاريخه(1): قال أبو مخنف: فحدثني حصيرة بن عبد الله أن عبد الله بن نوف – يعني البكالي – خرج من بيت هند بنت المتكلفة – يعني أمرأة تجتمع عندها الشيعة – حين خرج الناس إلى حروراء، فلما خرج والتقى الناس للقتال ضرب على وجهه ضربة ورجع الناس منهزمين، ولقيه عبد الله بن شريك النهدي وقد سمع ما قال، فقال: أتزعم لنا يا أبن نوف أنا سنهزمهم؟ قال: أو ما قرأت في كتاب الله ( يحموا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتب)(2).
قال: فلما أصبح مصعب أقبل يسير بمن معه من اهل البصرة ومن خرج إليه من أهل الكوفة فأخذ بهم نحو السبخة فمر فقال له المهلب: يا له فتحاً ما أهنؤه لو لم يكن محمد بن الأشعث قد قتل، قال: صدقت ثم سار غير بعيد فقال: يا مهلب! قال: لبيك أيها الأمير، قال: هل علمت أن عبيد الله بن علي بن أبي طالب قد قتل؟ قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، قال لمصعب: أما إنه كان ممن أحب أن يرى هذا الفتح ثم لا نجعل أنفسنا أحق بشيء مما نحن فيه، منه أتدري من قتله؟ قال: لا، قال قتله من يزعم أنه لأبيه شيعة، أما إنهم قتلوه وهم يعرفونه، ثم مضى حتى نزل السبخة وقطع عنهم الماء والمادة... الخ.
وهذا كلام ظاهر في أن الزبيرية قتلوه لقوله «ثم لا نجعل أنفسنا»، وقوله «قتله من يزعم»... إلخ تمويه يخدع به السخفاء من أهل البصرة الذين خدعتهم المرأة المتآمرة عليهم.
ويذهب أبو حنيفة الدينوري في الأخبار الطوال أن المقتول عمر بن علي وهو خطأ قطعاً وسنذكره في ترجمته، والمشهور المتداول أن المقتول هو عبيد الله وقتل بالمذار، نص عليه المحب الطبري في ذخائر العقبى والرياض النظرة، وأبن قتيبة في المعارف وغيرهم، وقبره معروف على ضفة دجلة الشرقية بين قلعة صالح والعزيز يعرف عند أهل تلك البلاد بعبد الله بن علي – بكسر العين – من علي.
قال الحموي في معجم البلدان(3): المذار في ميسان بين واسط والبصرة
(1) تاريخ الطبري 7/153. (2) الرعد: 39.
(3) معجم البلدان 7/ 433.
(421)
وهي قصبة ميسان وبها مشهد عارم كبير جليل عظيم أنفق على عمارته الأموال الجليلة وعليه الوقوف وتساق إليه النذور وهو قبر عبيد الله بن علي بن أبي طالب، إنتهى.
وللداودي في عمدة الطالب كلام يصف هذا المشهد والمصحف الذي فيه بخط أمير المؤمنين وانه أحترق بحريق المشهد.

نقد الفاضل ابن إدريس «قده» للشيخ المفيد «قده»


لفظ في السرائر في فصل المزار من كتاب الحج: ذهب شيخنا المفيد في إرشاده إلى عبيد الله بن النهشلية قتل بكربلاء مع أخيه الحسين «عليه السلام» وهذا خطأ محض بلا مراء لأن عبيد الله أبن النهشلية كان في جيش مصعب بن الزبير ومن جملة أصحابه، قتله أصحاب المختار أبن ابي عبيدة بالمذار وقبره هناك مشهور، والخبر بذلك متواتر، وقد ذكره شيخنا أبو جعفر في الحائريات لما سأله السائل عما ذكره المفيد في الإرشاد فأجاب بأن عبيد الله بن النهشلية قتله أصحاب المختار بن أبي عبيدة بالمذار وقبره معروف عند أهل تلك البلاد، إنتهى كلامه «رحمه الله».
وكيف يظن الظان أو يتخيل المتخيل جهل الشيخ المفيد بما له شهرة فضلاً عن التواتر فنسبه مثل ذلك إليه جسارة عظيمة وتهور شديد وجرأة لا تحتمل، فالمغلط له غالط مهما كان إلا بتوقير واحتشام فمخالفته عند أستبانة الصواب لك في خلاف قوله أن تحفظ له إمامته ولا تغلطه تغليطاً صريحاً بل نقول: قد اتضح لي خلاف ما ذهب إليه أو قوي عندي رأي غير رأيه وما شاكل ذلك، وعلم المفيد بالأنساب والأخبار فوق علم العلماء، والذي في الإرشاد عبد الله ولم يصرح بالمصغر، والتصغير جاء من الناسخ، وكونه لم يذكر المصغر فمحتمل للغفلة والنسيان الذي لم يخلوا منها إنسان غير المعصوم.
ولو سلمنا لأبن إدريس ما قاله فلم ينفرد المفيد بهذا القول بل سبقه أعيان النسابين مثل الكلبي والطليحي وغيرهما، ودعوى أبن إدريس التواتر فمباهته محضة ومكابرة صرفة، كيف يقع التواتر وقد سمعت الطبري يذكر أنه قتل بحروراء وكذلك القطب الرواندي رواه عن الإمام الباقر «عليه السلام» وقوله الحجة، وذهب أبو حنيفة الدينوري أن المقتول بالمذار هو عمر الأطرف، وأبن العماد في شذرات الذهب (1) وزعم أنه قتل تحت راية المختار وقيل أخوه عبيد الله تحت راية مصعب.
(1) أنظر: شذرات الذهب 1/ 75.
(422)
وقد سبق المفيد هشام الكلبي وعبيد الله الطليحي وغيرهما، ولحقه آخرون كما عرفت سابقاً فأين التواتر في محل الخلاف؟ وإن أراد تواتر سخفاء العوام والأوباش من الجهلاء فتواترهم كنسيج العناكب فكم تواتر عندهم من مشهد باطل عند جميع العلماء وخاصة أرض البصرة مملوءة من هذه المتواترات الباطلة عند اهل العلم وما أحتج به على الشيخ المفيد من نقل كلام الشيخ الطوسي «رحمه الله» في المقام مما كنت أظن صدور مثله من محصل فضلاً عن إمام من أئمة الفقهاء كابن إدريس وهو حيف وعدم إنصاف ومجانبة لجادة الصواب.
الشيخ الطوسي«قده» مهما بلغ من الفضل والجلالة لا يكون حجة على الشيخ المفيد بل الشيخ المفيد حجة عليه لأنه شيخة وأستاذه، وشيخ شيخه السيد المرتضى، ومن بحر معارفه اغترفا، ومن رشحات فضله رويا، وقد اعترفا له بالفضيلة وعلوا المكانة وعولاً على أقواله في سائر الأحتجاجات المسطورة في الكتب الكلامية فلا يصح من قول أبن إدريس إلا قوله: «كان قبره بالمذار مشهور» وهو كذلك في قبة عالية بين نهر الكسارة وقلعة صالح في لواء العمارة، له كرامات.

ظهور الكرامات على قبر عبيد الله ورأي المصنف فيه


يحف بقبر عبيد الله بن علي قبيلة الشدة قطاع الطريق مخيفي السبل وخاصة النوافل شر خلق الله وقد جاء في الحديث: إن المؤمن ليحفظ في ولده إلى سبعة أظهر، فما ظنك بأمير المؤمنين علي بن أبي طالب «عليه السلام» أفلا يحفظ في ولده لصلبه ولولا ظهور تلك الكرامات «الشارة» لتجاسروا على قبره بما يكون جسارة وجرأة على أبيه أمير المؤمنين «عليه السلام»؛ فحفظ أمير المؤمنين «عليه السلام» في ولده عبيد الله كرامة لأمير المؤمنين «عليه السلام» وتشريفاً لقدره، فهذه الكرامات صارت سداً منيعاً بينه وبين بطون الشدة من النوافل والبو غنام وبيت نخش وغيرهم من قطاع الطريق ومخيفي السبل ومستحلي حرمات الله في عباده فهو في الدنيا محروس بشرف أبيه أمير المؤمنين «عليه السلام» وفي الآخرة أمره لغيرنا فإن ولي الحساب هو الله تعالى، والمرء القادم عليه بين السخط والرضا والعفو والمؤاخذة، والله تعالى إلى الرحمة أقرب وبالعفو أولى لأنه موصوف بهما، والعلوي مهما أرتكب واجترم فإنه يلاقي آبائه أهل الرقة والرأفة والحنان والعطف، ولهم الوجاهة والمنزلة عند الله تعالى فإن شاؤوا عفوا عنه وسامحوه فأين نقع نحن وما مقامنا.
أيضاً فإنا كثيراً ما تصدر منا الإساءة إلى أباءنا ونقابلهم بما يوجب السخط
(423)
علينا فنجدهم يقابلوننا بالمسامحة بدل الانتقام الذي نستحقه ونكون أهلاً له ولم يرضهم العفو عنا وحده دون أن يصل إلينا برهم بنا كانا قد أحسنا إليهم وما أسأنا، فلعل العلوي المسيء يقبله آباؤه وأهله هناك ويقابلوه فالعفو ويكون حظ القادح فيه البعد من أهله ونصيب المزري عليه الإعراض عنه، ولعل هذا هو المشار إليه في الشايع على الألسنة: صالحهم لكم وطالحهم لنا؛ فالواجب علينا عند ذكر العلويين بيان ما صدر منهم من الأعمال على سبيل الحكاية غير حاكمين عليهم بشيء بل نكل أمرهم إلى آباءهم وننزه ألسنتنا وأقلامنا عن ثلبهم فإن لهم آباء كراماً لهم الشفاعة المقبولة عند الله، ونحن وغيرنا نأمل الدخول في شفاعتهم ونتطلب الرضا منهم فكيف يقصر فضلهم عن أبنائهم ويفوتهم ما رجاه البعداء وطمع فيه الغرباء، والله أولى بنا وبهم وهو أرحم الراحمين.

(10) العباس الأصغر أحد الشهداء بكربلاء


(10) من إخوة العباس الأكبر أولاد أمير المؤمنين «عليه السلام» العباس الأصغر أحد الشهداء بكربلاء.
لم يذكره الشيخ المفيد ولا الطبري وأهمل ذكره فريق غيرهم وأثبته آخرون، ويدل عليه مضافاً إلى النصوص الأتية أن أكثر النسابين إذا ذكروا العباس «عليه السلام» الذي أمه أم البنين قيدوه بالأكبر وكذلك أهل التاريخ، والتقييد بالأكبر يستدعي وجود الأصغر وإنه لا بد أن يكون مع الأكبر أصغر منه يدل عليه اللفظ بدلالة الألتزام وبقاعدة أفعل التفضيل.
وممن نعت قمر بني هاشم بالعباس الأكبر الدياربكري في تاريخ الخميس(1) ولفظه: والعباس الأكبر ويدعى السقاء ويكنى أبا قربة، وكان صاحب راية الحسين «عليه السلام» يوم كربلاء... الخ، وكذلك في شهداء الطف قيده بالعباس الأكبر(2).
واليافعي المؤرخ الشافعي عبر عنه بالكبير ولفظه في مرآة الجنان(3): وقتل معه ولداه علي الأكبر وعبد الله وإخوته جعفر ومحمد وعتيق والعباس الأكبر... الخ(4).
(1) تاريخ الخميس 2/ 317. (2) نفسه 2/ 333.
(3) مرآة الجنان 1/ 131 طبع حيدرآباد.
(4) وعبر عنه بالعباس الأكبر مالك الأشرف في طرفه الأصحاب ص71.
(424)
أما النصوص فقال صاحب ناسخ التواريخ(1): الخامس عشر من ولد علي «عليه السلام» العباس الأصغر ... الخ، وذكره في الشهداء وسيأتي.
وقال أبو الحجاج البلوي الشافعي في كتاب الف با(2): ذكر أبو إبراهيم عبيد الله بن محمد الخجندي ان علي بن أبي طالب «عليه السلام» قبض عن تسعة عشر ولداً: أربعة عشر ذكراً وخمسة عشر أنثى: الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم من فاطمة «عليها السلام»، ومحمد الأكبر وعباس الأكبر وعمر وأبو بكر وعبد الله وعثمان وجعفر ومحمد الأصغر وعباس ويحيى... الخ.
وقال الحافظ تقي الدين المقريزي الشافعي في اتعاظ الحنفاء(3): العباس الأكبر وعبد الله وعثمان الأكبر وجعفر الأكبر أمهم أم البنين بنت أبي المحل أبن الديان بن حزام الكلابي، قتل هؤلاء الأربعة مع الحسين بن علي «عليهما السلام»، ثم يقول(4): ومحمد الأوسط وعباس الأصغر أمهما أم ولد، الخ.
وذكره صاحب الحدائق الوردية وقال: إن أمه أم ولد.
وذكره السيد العمري النسابة العلوي في المجدي وجعله شقيقاً لعمر الأطرف ورقية وأن أمهم جميعاً الصهباء التغلبية.
وقال أبو الحسن المرندي في لوامع الأنوار الفارسي(5) ولفظه بالفارسية: «بسر بود يكى عباس الأكبر المكنى بأبي الفضل صاحب رأيت در روز عاشورا وديكر عباس الأصغر تواند بود كه عباس الأصغر در شب عاشورا بدرجهء رفيعه فائز شد وعباس الأكبر در روز عاشورا، وعباس الأصغر نيز در شب عاشورا بطلب آب شتافت وسعادت شهادت يافت، الخ».
وصاحب ناسخ التواريخ في شهداء ليلة العاشر من المحرم، وسنذكر كلامه بتعريب الفاضل المعاصر لسيد جعفر بحر العلوم الطباطبائي النجفي وهذا نصه في تحفة العالم(6) الثاني عشر: عباس الأصغر ذكره غير واحد من أرباب التواريخ، قال صاحب الناسخ: إن بعض العلماء زعم أن العباس الأكبر بن علي «عليهما السلام» أستشهد ليلة العاشر مع أن أكثر أهل السير يذكرون شهادته يوم عاشوراء، وذلك لأن في أولاد أمير المؤمنين «عليه السلام» عباسين: الأصغر والأكبر، والذي قتل في الليلة العاشرة هو الأصغر سبق إلى طلب الماء فنال سعادة الشهادة
(1) ناسخ التواريخ 5/307. (2) ألف با 1/ 91.
(3) اتعاظ الخلفاء: ص5. (4) نفسه: ص7.
(5) لوامع الأنوار: ص 364. (6) تحفة العالم 1/ 232.
(425)
في تلك الليلة ... الخ، ثم استدل السيد صاحب التحفة بنحو ما ذكرنا من تعبير أهل العلم بالأكبر وإنه يستدعي وجود الأصغر ولكنه ما ساق الشواهد كما سقناها.
ثم قال السيد: ومن هذا يظهر ضعف من وصف أبا الفضل بأنه شاب أمرد بين عينيه اثر السجود كما في الدمعة الساكبة مع تصريحهم بأن عمره (34) سنة فمن المحقق أنه وصف العباس الأصغر، إنتهى.
ولنا مع هذا السيد نقاش علمي تقدم فأطالبه ولم يختص الدمعة بهذا لأن أبو الفرج الأصفهاني والصدوق القمي وغيرهما قد رووا في العباس الأكبر أنه شاب أمرد بين عينيه أثر السجود.
ونلفت نظر القاري هنا قبل إتيان محل المناقشة إلى غفلة وذهول من هذا السيد الفقيه، أما علم أن أهل الجنة جرد مرد والشهيد بمجرد مفارقة روحه الدنيا يدخل الجنة، وقد روى كثير من العلماء أن رسول الله (ص) نظر إلى بعض الشهداء من أصاحبه ثم صرف نظره عنه معرضاً، فسأله أصحابه عن ذلك فاخبرهم أنه رأى عنده زوجتيه من الحور العين يلاعبانه وإنهما أستحيا منه فصرف نظره عنهما فلا يظنن أحد أن الشهداء يدخلون الجنان باللحى، كلا وأين قول النبي (ص): «الحسن والحسين «عليهما السلام» سيدا شباب أهل الجنة»، وأين قوله: «أهل الجنة جرد مرد ما فيهم إلا أربعة من الأنبياء مشائخ» فالعباس الأكبر لما أستشهد دخل الجنة فكان أمرداً وبقي وسم السجود تمييزاً له كما يبقى وسم الوضوء تمييزاً لأمه محمد (ص) حتى قيل فيهم غر محجلون، وتقدم الجواب في باب الكرامات مفصلاً.

(11) جعفر الأكبر شقيق العباس الأكبر «عليهما السلام»


(11) من إخوة العباس الأكبر أولاد أمير المؤمنين «عليه السلام» أبو عبد الله جعفر الأكبر شقيق العباس الأكبر أحد الشهداء مع الحسين «عليه السلام».
كان يلقب بجعفر الأكبر ويكنى بأبي عبد الله، أمه أم البنين الصغرى الكلابية، تقدم نسبه في الجزء الأول وأتفق النسابون والمؤرخون على شهادته إلا أبن قتيبة في المعارف فإنه سكت عن التنصيص ولكنه نص عليها في تارخيه الإمامة والسياسة، ونص على شهادته الطبري المؤرخ وابن الأثير وابن كثير والمحب الطبري في كتابيه الذخائر والرياض، وابن عبد ربه في العقد الفريد، وابن الصباغ
(426)
في الفصول المهمة وقال(1): وقتل جعفر بن علي أمه أم البنين رماه خولي بن يزيد الأصبحي بسهم فقتله.
ونص عليه الكنجي والشبلنجي والمسعودي وأبو حنيفة الدينوري في الأخبار الطوال وقال(2): وحمل هاني بن ثبيت الحضرمي على جعفر بن علي «عليهما السلام» فقتله.
ونص عليه سبط أبن الجوزي والفاضل الدربندي وملا عبد الله في مقتل العوالم والعلامة المجلسي والشيخ المفيد.
وقال أبو الفرج الأصبهاني في مقاتل الطالبيين وجعفر بن علي بن ابي طالب أمه أم البنين.
قال يحيى بن الحسن عن علي بن إبراهيم بالإسناد الذي في خبر عبد الله: قتل جعفر بن علي وهو ابن (19) سنة.
قال أبو مخنف في حديث الضحاك المشرقي: إن العباس بن علي قدم أخاه جعفراً بين يديه لأنه لم يكن له ولد ليحوز العباس أبن علي ميراثه فشد عليه هاني أبن ثبيت الحضرمي الذي قتل أخاه فقتله، هكذا قال الضحاك.
وقال نصر بن مزاحم: حدثني عمرو بن بشير، عن أبي جعفر محمد بن علي «عليه السلام» أن خولي بن يزيد الأصبحي «لعنه الله» قتل جعفر بن علي «عليهما السلام»؟
قال في ناسخ التواريخ(3): جعفر الأكبر يكنى أبا عبد الله وأمه أم البنين أم العباس، وعمره (23) سنة، الخ، وعند أبي الفرج الأصبهاني إن عمره (19) سنة، وما أعرف عمن أخذ السماوي في إبصار العين حيث قدر عمره(21) سنة وقسمها على إمامة أبيه وأخويه الحسن والحسين.
وذكر صاحب الدر النظيم بما حكاه عنه في ذخيرة الدارين أن أمير المؤمنين «عليه السلام» سماه بأسم اخيه جعفر الطيار وهذا قريب لأنا ذكرنا في ترجمة الطيار أن أمير المؤمنين «عليه السلام» كان شديد المحبة له.
(1) الفصول المهمة: ص209.
(2) الأخبار الطوال: ص255.
(3) ناسخ التواريخ 5/ 306.
(427)

شهادته


في قول الخوارزمي وابن شهر آشوب ولفظ الأخير في المناقب(1): ثم برز أخوه جعفر منشأاً يقول:
إني أنا جعفر ذو المعالي ابن علي الخير ذي النوال
ذاك الوصي ذو السنا والوالي حسبي بعمي شرفاً وخالي
فرماه خولي الأصبحي فأصاب شقيقته أو عينيه

مدح جعفر الأكبر:


قال الإمام «عجل الله فرجه» في زيارة الناحية المشهورة: «السلام على جعفر بن أمير المؤمنين الصابر بنفسه محتسباً، والنائي عن الأوطان مغترباً، المستسلم للقتال، المستقدم للنزال، المكثور بالرجال، لعن الله قاتله هاني بن ثبيت الحضرمي»، إنتهى.
هذه الفقرات الشريفة
هذه الفقرات الشريفة لو حللت تحليلاً حقيقياً لظهر فيها من الفضائل لجعفر أبن أمير المؤمنين «عليهما السلام» ما يميزه عن غيره من الشهداء، فقوله «عليه السلام» «الصابر» وبأي معنى أخذ الصبر سواء كان الصبر على مكابدة الأهوال ومكافحة الأبطال ففي ذلك غاية المدح بالفروسية، وإن كان الصبر على محبته لإمامه الحسين «عليه السلام» وموالاته له وثباته وعزمه أن يفيده بنفسه ويقيه بمهجته ففي ذلك غاية المدح من الوجهتين البصيرة والمعرفة بحق الإمام المفترض الطاعة، وهذا دليل العلم والفقاهة ومن حب المواسات له بالنفس والتأسي به في جميع الحالات فهذا دليل أنه في غاية الكمال ونهاية الأدب، وإن أريد بالصبر الصبر على معانات الأمور الشاقة من الجوع والعطش لأنهم حصروا في فلاة جرداء قاحلة وباديه قفراء قاحلة قد ملك عليهم الأعداء شريعة الفرات وقطعوا عليهم طريق الميرة وصدوا القوافل التي تحمل الأقوات إليهم فعطشوا وجاعوا، وفي تخصيص جعفر بالصبر على هذا لا يخفى ما فيه من مزيد الفضل.
واما قوله «عليه السلام» «النائي عن الأوطان» مع أن كل من كان مع الحسين
(1) مناقب ابن شهر آشوب 4/ 97.
(428)
«عليه السلام» كان نائياً عن الأوطان وجميعهم قد أغتربوا فما معنى تخصيص جعفر؟ فالظاهر وأستغفر الله من الزلل أن هذا الشاب المترف صاحب النضارة والرونق الجميل قد تربى في الحضار ة وذاق نعومة العيش ولم يقوى على لفحات السموم ومعانات شعل الهجير لأنه أصغر إخوته ومن المعلوم أن صغير الأولاد في الموضوع الأتم من الشفقة في نظر الأم الشقيقة فإنها تبره كثيراً وتتعاهده بالنظافة والتعطير ولذيذ المطعم وشهي المشرب فإذا كان نائياً عن الأوطان والحال هذه فإنه يلاقي عنتاً ويجابه شدة شديدة ويعاني صعوبة صعبة ومشقة شاقة، لا لأنه فارق الوطن فقط الذي شاركه في فرقه غيره بل لأنه فارق لذه العيش والرفاهية ونعومة الحضارة والترف، وفقد بر الوالدة المشفقة وعطفها وحدبها عليه وألطافها.
ومن هنا يعرف أن ولد أمير المؤمنين «عليه السلام» أشجع العرب لأنهم ما شاهدوا حروباً ولا خاضوا المعارك ولا وقفوا في صف قبال الأعداء سوى الحسنين «عليهما السلام» وابن الحنفية والعباس الأكبر وهم جميعاً شباب في ريعان الشبيبة ونضرة الصبا، بين من أدرك البلوغ وبين من تجاوزه بيسير، وقد شبوا ونشأوا في أحضان ترف وحجور نعومة ورفاهية عيش ونعمة حتى إذا كشفت حرب كربلاء عن ساقها وبرزت كالحة عابسة شوهاء المنظر كريهة المخبر شمروا السواعد وشحذوا المرهفات القواطع، وساقوا تلك الأبطال المحنكة والفرسان المجربة سوق الأغنام، وفرت أمامهم كاليعافير أو الحمر المستنفرة، وطاروا بين أيديهم طيران القطا والنعام المشرد، ولولا غلبة الأقدار ما كثرتهم تلك الجماهير ولا غلبتهم كثرة الجموع، وقد علم حملة التاريخ والأثر وعلماء الأخبار والسير أنهم أفنوا جماهير أهل الكوفة وقد تركوا في كل حي من أحيائهم نائحة وفي كل بيت من بيوتها صارخة.
للمؤلف:
آل علي يوم طف كربلا قد تركوا في كل دار نائحه
من دخل الكوفة لم يسمع بها في سائر الأحياء إلا صائحه
قد خلد التاريخ للحشر لهم أعمال مجد وفعالا صالحه
فيا لها فادحة خالدة قد أنست الشيعة كل فادحه
أولئك الشبان المترفون والفتيان المنعمون من أهل البيت النبوي أظهروا من البسالة والشجاعة ما أدهش الأبطال المجربة والشجعان الخبراء بفن البطولة، وهذا
(429)
يريك أن الشجاعة سجايا وأعراق وأشجة.
لزهير:
وإن يك من فضل أتوه فإنما توارثه آباء آباءهم قبل
وهل ينبت الخطي إلا وشيجة وتغرس إلا في منابتها النخل
وبقية الفقرة تصف ثبات جعفر الأكبر في المعمعة، وتذكر أنهم ما قتلوه إلا بالكثرة لأن معنا المكثور بالرجال أنهم تكاثروا عليه واحتوشوه من كل مكان، والكثرة مهما كانت فإن لها الغلبة، وفي أمثال العوام «الكثرة تأخذ البصرة».
للمؤلف:
حكى جعفر في كربلاء بأس جعفر كما قد حكى بالضرب والده الفرما
وأدى حقوق المجد والفخر من حكى بأفعاله الغر الأب القرم والعما

(12) جعفر الأصغر بن أمير المؤمنين «عليه السلام»


(12) من إخوة العباس الأكبر أولاد أمير المؤمنين «عليه السلام» جعفر الأصغر.
أهمله أكثر النسابين وأثبته السيد العمري النسابة العلوي في المجدي، والحافظ المقريزي في اتعاظ الحنفاء وذكر الأصغر والأكبر معاً، وقال في الأصغر(1): وجعفر الأصغر من أم ولد.
وقال صاحب الناسخ(2): السادس عشر من أولاد أميرالمؤمنين «عليه السلام» جعفر الأصغر، إنتهى.
شهادة جعفر الأصغر:
لم أجد من نص على شهادته والظن يوقى بأنه من الشهداء لأن أهل العلم نصوا على من لم يحضر كربلاء من ولد علي «عليه السلام» كالحسن السبط والمحسن السقط وابن الحنفية وابن النهشلية والأطرف ويحيى، وتنصيصهم على هؤلاء بالموت لا بالقتل دليل على قتل من سواهم يوم كربلاء.
وذكره صاحب الحدائق الوردية وقال: أمه أم ولد ولم يذكر شهادته أيضاً، وأنا إن ترجح عندي أنه من الشهداء لكن لم أجزم به ولم أذكره في كتابي «المستدرك على مقاتل الطالبيين» ولا في كتابي «أعلام النهضة الحسينية» لأني لم أجد نصاً على شهادته.
(1) إتعاظ الحنفا: ص7. (2) ناسخ التواريخ 5/ 307.
(430)

(13) عمر الأكبر بن أمير المؤمنين «عليه السلام»


(13) من إخوة العباس الأكبر أولاد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب «عليه السلام» عمر الأكبر عند أكثر النسابين.
في أولاد أمير المؤمنين «عليه السلام» من يسمى بعمر إثنان: الأكبر وهو هذا، والأصغر الآتي ذكره، وعلى قول صاحب الحدائق الوردية هم ثلاثة: عمر الاكبر وعمر الأوسط وعمر الأصغر.

كنية عمر ولقبه:


يكنى بأبي القاسم وقيل أبو حفص ويلقب بالأطرف، قيل: لقب بالأطرف تمييزاً بينه بين عمر الأشرف بن زين العابدين، وذكرنا في كتابنا «الميزان الراجح» أن هذا القول غير سديد، لقب عمر بن أمير المؤمنين «عليه السلام» قبل أن يولد عمر الأشرف بن الإمام زين العابدين «عليه السلام» والصواب أنه لقب بالأطرف لأن شرفه من طرف واحد وهو نسبه من أبيه أمير المؤمنين «عليه السلام» ويريدون الغض منه لأمه السبية وإن كانت من العرب من ربيعة.

أم عمر الأطرف:


هي الملقبة بالصهباء والمكناة بأم حبيب من بني تغلب بن وائل من ربيعة وهي سبية سباها خالد الوليد من عين التمر (شفاثة) وكانوا نصارى.
قال الطبري في التاريخ في أولاد أمير المؤمنين «عليه السلام»: وله من الصهباء وهي أم حبيب ابنة ربيعة بن بجير بن العبد بن علقمة بن الحارث بن عتبة بن سعد بن زهير إبن جشم بن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب بن وائل وهي أم ولد من السبي الذين أصابهم خالد بن الوليد حين أغار على عين التمر على بني تغلب بها– عمر بن علي ورقية بنت علي -.
وقال ابن قتيبة في المعارف(1): وعمر ورقية وأمهما تغلبية وكان خالد بن الوليد سباها في الردة فاشتراها علي «عليه السلام»، إنتهى.
أخطأ أبن قتيبة لم تكن تغلب إلا نصارى يسكنون شمال العراق فأغار عليهم خالد بن الوليد لما غزى العراق في خلاقة أبي بكر فأصاب سبياً كثيراً منه التغلبية أم عمر الأطرف ووالد الحسن البصري وسيرين والد محمد بن سيرين وأبان والد
(1) المعارف: ص92.
(431)
حمران مولى المسيب في آخرين، فغرض أبن قتيبة في هذا تصحيح خلافة أبي بكر بجعل علي «عليه السلام» قد تزوج من سبايا من خالف أبا بكر، وإن علياً وعمراً وأجلاء الصحابة أنكروا على أبي بكر سبي تلك النساء.

عمر الأطرف ومقدار سنه:


قال أبو جعفر الطبري في التاريخ: فعمر عمر بن علي حتى بلغ (85) سنة فحاز نصف ميراث علي «عليه السلام» في زعمهم ومات بينبع.
وقال السيد الداوودي في عمدة الطالب: مات عمر بينبع وهو أبن (77) سنة وقيل (75) سنة، وقال أيضا(1): وقال أبن جذاع: يكنى أبا حفص ولد تؤما لأخته رقية وكان آخر من ولد من بني علي الذكور، وأمه الصهباء التغلبية وهي أم حبيب بنت عبادة بن ربيعة بن يحيى بن العبد بن علقمة من سبي اليمامة وقيل من سبي خالد أبن الوليد من عين التمر أشتراها أمير المؤمنين.

فضيلة الأطرف النفسية:


كان شجاعاً وسخياً وفصيحاً ومحدثاً وفقيهاً، يختار الطريقة السنية في حديثه وفقهه، وينحرف عن الطريقة الشيعية في الفقة لينال الحظ الدنياوي من الميراث والمنصب في الولاية على الاوقاف ولم ينل ذلك الا بموافقة مذهب أهل السنة والجماعة.
قال أبن قتيبة في المعارف(2): وأما عمر بن علي فقد حمل عنه الحديث، إنتهى.
وقال الحافظ الخزرجي الشافعي في خلاصة تهذيب الكمال(3): عمر بن علي بن أبي طالب الاكبر عن أبيه وعنه بنو محمد وعبيد الله وعلي وثقه العجلي الخ وذكره الحافظ العسقلاني الشافعي في تهذيب ووثقة أيضاً.

تنبيه وإيقاظ:


لاتحسب أن موافقته لمذاهب العامة كانت عقيدة له إنما هي لغاية يقصدها ومذهبه مذهب أهل البيت ثم ترك المذهب السني رأساً وصحب الامام زين العابدين «عليه السلام» و لذا عده أصحابنا في أصحابه وسنشير إليه قريباً.
(1) عمدة الطالب: ص228.
(2) المعارف: ص95.
(3) خلاصة تهذيب الكمال: ص242.
(432)

وفاة الأطرف


يختلف العلماء في ذلك اختلافاً جعلهم ثلاثة فرق: فرقة تزعم أنه أستشهد بكربلاء وهو قول سببه الأشتباه بأخيه عمر الأصغر الشهيد الأتي ذكره، وفرقة زعمت أنه قتل مع مصعب بن الزبير وسبب هذا القول الأشتباه بأخيه عبيد الله، وفرقة قالت: إنه مات حتف أنفه بينبع ولعل الصواب مع هذا الفرقة فإن فيهم الشيخ المفيد والطبري وابن الأثير والداودي وجماعة تثق النفس بضبطهم وإتقانهم.
قال الداوودي في عمدة الطالب: كان ذا لسن وفصاحة وجود وعفة، حكى العمري قال: اجتاز عمر بن علي بن أبي طالب «عليه السلام» في سفر كان له في بيوت من بني عدي فنزل عليهم وكانت سنة قحط، فجائه شيوخ الحي له في بيوت من بني عدي فنزل عليهم وكانت سنة قحط فجائه شيوخ الحي وحادثوه وأعرض عن رجل منهم له شارة فقال: من هذا؟ فقالوا: سالم بن رقية وله أنحراف عن بني هاشم، فأستدعاه وسأله عن أخيه سليمان بن رقية وكان سليمان من الشيعة فخبره أنه غائب فلم يزل عمر يلطف له في القول ويشرح له في الأدلة حتى رجع عن انحرافه عن بني هاشم وفرق عمر أكثر زاده ونفقته وكسوته عليهم فلم يرحل عنهم بعد يوم وليلة حتى غبوا وأخصبوا، فقالوا: هذا أبرك الناس محلاً ومرتحلاً، وكانت هداياه تصل إلى سالم بن رقية، فلما مات عمر قال سالم يرثيه:
صلى الإله على قبر تضمن من نسل الوصي على خير من سئلا
قد كنت أكرمهم كفاً وأكثرهم علماً وأبركهم حلاً ومرتحلا
...إلخ، وتقدم قول الطبري ونصوص القول بموته كثيرة، قول القائلين بقتله في العراق أيضاً جماعة منهم الحافظ الخزرجي في خلاصة تهذيب الكمال(1) ونصه: قتل بالعراق مع مصعب سنة (67)... الخ.
وفي تهذيب التهذيب للحافظ العسقلاني(2) حكاية هذا القول عن العجلي وخليفة ولكنه ذكر عن الزبير بن بكار أنه عاش إلى زمن الوليد بن عبد الملك وذكر أن أهل التاريخ ذكروا أن المقتول مع مصعب هو عبيد الله بن علي... الخ.
وقال أبو حنيفة أحمد بن داود الدينوري في الأخبار الطوال: وإن مصعباً سار بالجيوش نحو الكوفة فعبر دجلة وخرج إلى أرض كسكر ثم أخذ على حديثه
(1) خلاصة تهذيب الكمال: ص242.
(2) تهذيب التهذيب 7/ 485.
(433)
الفجار ثم أخذ على النجرانية حتى قارب الكوفة وبلغ المختار مقتل أصحابه فنادى في بقية من كان معه من جنودهم فقواهم بالأموال والسلاح وسار بهم من الكوفة مستقبلاً لمصعب بن الزبير فالتقوا بنهر البصريين فأقتتلوا فقتل من أصحاب المختار مقتلة عظيمة، وقتل محمد بن الأشعث، وقتل عمر بن علي بن أبي طالب، وذلك أنه قدم من الحجاز على المختار فقال له المختار: هل معك كتاب محمد بن الحنفية؟ فقال عمر بن علي: لا ما معي كتابه، فقال له المختار: انطلق حيث شئت فلا خير لك عندي، فخرج من عنده وسار إلى مصعب فأستقبله في بعض الطريق فوصله بمائة ألف درهم وأقبل مع مصعب حتى حضر الوقعة فقتل فيمن قتل من الناس، إنتهى، والصحيح أن المقتول عبيد الله لا عمر كما قدمنا.

القدح في عمر الأطرف


يعاب الأطرف بثلاثةأمور:
أحدهما: تخلفه عن أخيه الحسين «عليه السلام».
ثانيهما: منازعته في ميراث أخوه العباس الأكبر «عليه السلام».
ثالثها: طلبه الولاية على أوقاف أمير المؤمنين «عليه السلام».
وكل هذه الأمور لا تجوز له وتحرم المنازعة فيها لأي رجل كان: أما نصرة الحسين «عليه السلام» فواجبة ولا رخصة في تركها لغير عذر، وأما الميراث فلأم البنين لا تجوز المنازعة فيه، وأما الوقف فقد خصه أمير المؤمنين «عليه السلام» للحسن والحسين «عليهما السلام» دون غيرهما من أولاده.
قال السيد الداوودي في عمدة الطالب: وتخلف عمر عن أخيه الحسين «عليه السلام» ولم يسر معه إلى الكوفة وكان قد دعاه إلى الخروج معه فلم يخرج، يقال: إنه لما بلغه قتل أخيه الحسين «عليه السلام» خرج في معصفرات له وجلس بفناء داره وقال: أنا الغلام الحازم ولو خرجت معهم لذهبت في المعركة وقتلت، ولا تصح رواية من روى أن عمر حضر كربلاء، وكان أول من بايع عبد الله بن الزبير ثم بايع بعده الحجاج، وأراد الحجاج إدخاله مع الحسن بن الحسن في تولية صدقات أمير المؤمنين «عليه السلام» فلم يتيسر له ذلك... الخ.
أما الملا حسن القزويني في رياض الأحزان فقد حرر المطاعن التي طعن بها على الأطرف في انحرافه عن أهل البيت وميله إلى الجائرين في الأحكام رغبته عن فقه ابيه طالباً للعاجل في أمور ثلاثة:
(434)
أحدهما: منازعة لأبن أخيه عبد الله بن العباس الأكبر في ميراث عمومته المقتولين بكربلاء وحيث أن مذهب أهل البيت «عليهم السلام» حجب الأخ مع وجود الأم وإن أبن الأخ للأبوين يحجب الأخ لواحد منها فعدل الأطرف عن هذا المذهب تاركاً مذهب الإمام زين العابدين «عليه السلام» طالباً مذاهب قضاة أهل السنة.
ثانيهما: ما رواه الفريقان السنة والشيعة أنه نازع علي بن الحسين «عليهما السلام» والحسن أبن الحسن تولية أوقاف أمير المؤمنين «عليه السلام» وتوصل إلى ذلك بالحجاج الجبار مستعيناً به لكن عبد الملك رفض شفاعة الحجاج ورد طلب الأطرف.
ثالثها: إنه أظهر الأبتهاج والسرور بقتل الحسين «عليه السلام» وعد نفسه حازماً.
قال في رياض الأحزان: قد رمزنا سابقاً أن المنازعة في ذلك من عمر بن علي غيرمسموعة إلا على بعض مذاهب العامة وأما علي قواعد الإمامية فلا فإن الإخوة لا يرثون مع وجود الأم، وأم البنين أم العباس وإخوته كانت حية حينئذ ولا شك أن مرتبتها وابن العباس مقدمة على مرتبة عمر بن علي وكذلك تقديمها على العباس «عليه السلام» في حيازة ميراث سائر الإخوة، والحاصل أن عمر بن علي لم يرجع في ذلك إلى ما كان زين العابدين «عليه السلام» يذهب إليه وأنشأ المنازعة مع عبيد الله ودعاه إلى التحاكم عند القاضي المتولي للقضاء لتولية السلطان الطاغية وهذا مما يقضي من مثله العجب فإنه مع تخلفه عن أخيه الحسين «عليه السلام» وهو أحد سيدي شباب أهل الجنة بأعتقاد الأمة وعدم رجوعه إلى ما ثبت من مذهب أبيه أمير المؤمنين «عليه السلام» وتصديق الإمام زين العابدين «عليه السلام» وكان يتوقع تصديق الناس له بالمنازعة بسبب كونه أكبر سناً من عبيد الله واحوج إلى المال، وكان الناس يلومونه على ذلك ويراعون جانب أبن العباس ثم بعد ذلك بسنين أنشأ الخصومة مع أبن أخيه الآخر الحسن بن الحسن، وساق القصة المطولة في منازعة الأطرف للمثنى.
ثم قال(1): وسمعت عن بعض مشائخي من أهل الأثر والسير أن عمر بن علي يخرج من بيته في غالب الأيام ويجلس على دكة باب داره متلبساً بثوب جديد له معصفر وينظر في مقاديم أكتافه وأعطافه مظهراً للسرور والانبساط قائلاً: إن
(1) رياض الأحزان: ص169.
(435)
المرأ ينبغي أن يكون سديداً في أحواله واقواله، رشيداً في أفعاله، بصيراً بعواقب أموره، ناظراً في مختتمه ومآله، وإني لو كنت خرجت مع إخوتي صحبة الحسين إلى العراق لدهاني ما دهاهم ولكنت مقتولاً بسيف الشقاق بين أهل النفاق، بعيداً عن الوطن، مدفوناً بغير غسل وكفن، ولكني سددت الرأي ونظرت في العاقبة فأخترت العافية فصرت معها وصارت معي فهذا لبسي وهذه سلامتي وتلك داري لا مبعد ولا مشرد ولا مجدل ولا مجرد.
وكان الناس يسمعون أمثال هذه المزخرفات منه وغير الملائمات من أفعاله فيتنافرون عنه ويتضجرون منه قلباً، ويستكرهون صحبته ولا يستأنسون إليه ولا يعينونه في أمر ولا يوازونه بقبضة تمر، فما لبث فيهم إلا وضاق صدراً ونقص قدراً فخرج إلى العراق طالباً لرعاية المختار وهو حينئذ رئيس شيعة أبيه، فقصده من دون أتكال على كتابة أو علامة أخرى من محمد بن علي فكان من أمره ما كان، إنتهى، يشير إلى قتله تحت راية أبن الزبير كما سبق.