أَضواءُ  على مدينة الحسين (ع)

اسم الکتاب : أَضواءُ على مدينة الحسين (ع)

المؤلف : للعلامة المحقق الشيخ محمد صادق الكرباسي
المطبعة : المركز الحسيني للدراسات لندن المملكة المتحدة

 

 

 

 

 

 

 

کربلاء وبروجرد وعبادان

مدينة بروجرد لیست باكبيرة ولكنها في فترة من الفترات كانت الرافد لمدينة إصفهان حيث كان طلاب الحوزة فيها يدرسون المقدمات ومبادى علوم العربية والاسلامية حسب المنهج  الحوزوي، وما إن تأهلوا لدروس السطوح العليا أو لمرحلة الخارج توجهوا إلى إصفهان والتي هي على مقربتها(1)، ولكن بين فترة وأخرى يخف بريقها بسبب هجرة كبار العلماء منها، والطالب في الحوزة العلمية بوصلته تتوجه نحو العلم القائم في الحوزة لينتهل منه العلم والمعرفة وبالأخص عندما يحصل هناك بعض الشبهات في منابع التشريع وأساليبه، فإنه بحاجة الى من يرفع مشعل هذه الحوزة ويضيء الدرب أمام رواد العلم والمعرفة ويرشد من له أهلية الارشاد لتصحيح المسار العلمي الذي هو أرث الأنبياء والأوصياء والعلماء والمفكرين ويوصله الى ساحة الأمان، وكان السيد شفيع الجابلاقي الموسوي المتوفى سنة 1280هـ (1864م) والذي كان من أكابر علماء عصره درس في كربلاء المقدسة على أعلامها الكسيد علي الطباطبائي صاحب الرياض المتوفى سنة 1309هـ(1891م) ونجله السيد محمد المجاهد المتوفى سنة 1242هـ(1827م) كما أنه كان من أجلة تلامذة شريف العلماء المازندراني المتوفى سنة 1245هـ (1829م) وعلى غيرهم فهبط بروجرد فكان من مراجعها الأجلاء وفقهائها الأعاظم بل كان المقدم على معاصريه من العلماء حيث كان غزير العلم والفضل وفي الفقه والاصول والحديث والرجال بل وغيرها، ومن المتضلعين البارعين فيها(2)

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) تبعد إصفهان عن العاصمة طهران(761) كيلومتراً، وبورجرد واقعة بين خرم آباد وإصفهان.

(2) راجع الكرام البررة: 2/625.

(91)

عندها نشطت الحركة العلمية في بروجرد وأمها العلماء والفقهاء إلى جانب الطلاب و أهل العلم والفضل.

هذا وقد حط في عبادان أحد أعلام كربلاء المقدسة ألا وهو السيد أسد الله الهاشمي الأصفهاني المتوفى سنة ۱۳۹۹هـ (۱۹۷۹م) حيث هاجر من كربلاء المقدسة إليها بغرض إحياء حوزتها والتي لم يعهد أن كان فيها علم کمثله حيث من هناك طبع رسالته العلمية، ولعله أتخذ من مدرسة القائم مركزاً له وذلك سنة 1380هـ (1960م)، وكان في مدرسة القائم بعض الطلبة على ما شاهدته سنة 1391هـ (1971م)، ومتوليها الشيخ عبد الرسول القائمي المتوفى سنة .... هــ (......م).

(92)

کربلاء ودمشق

كانت مدينة كربلاء المقدمة ذات أرضية خصبة لتخريج العلماء والمفكرين ومهداً للأدباء والشعراء كما كانت منطلقاً للثوار والمجاهدين عبر التاريخ مستمدة روح العلم والإباء من ابي الأحرار والشهداء وسيد الأدباء والعلماء سبط خاتم الأنبياء عليه أفضل التحية والثناء، ولذلك فقد شهدت هذه البقعة المباركة بمستوى عطائها العلمي والثوري المحن والكوارث من قبل أرباب الفجور.

ومن تلك المحن محنة سنة 1389هـ (1969م) والتي مورست من قبل حكام خزب البعث الغاشم لقلع الجذور الدينية وزجهم في السجون وإصدار أحكام تعسفية بحقهم من إعدام وتعذيب، كانت حصة هذه المدينة الرائدة بالطبع أكثر من غيرها، فلم تر المدينة فتوراً في ملاحقة السلطة لأبنائها ومن جملة إبنائها البارين ومفكريها المجاهدين الشهيد السيد حسن الشيرازي الذي لاقى الكثير من التعذيب في سجون الزمرة الحاكمة، وما أن فرج الله عنه، إثر ضغوط ملحية وعالمية ترك بلدة سنة 1390هـ (1970م) مهاجراً الى بلاد أبي ذر الغفاري(1) والسيدة زينب عليها السلام(2)، وبعد سنوات قلائل وبالتحديد سنة 1393هـ (1973م)(3) لما تجمع عدد من

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أريد بذلك أنها كانت المنفى الأول لأبي ذرعلى عهد عثمان بن عفان الاموي عندما كان معاوية بن أبي سفيان الأموي والياً على الشام الكبرى لبنان.

(2)أريد بذلك سوريا حيث في دمشق مرقد السيدة زينب الكبرى عليها السلام.

(3) في هذه السنة قامت السلطات العراقية بكبس مدينة النجف الاشرف والقاء القبض على غير العراقيين المقيمين في النجف بصورة شرعية أو غير شرعية وكانوا في غالبيتهم هنودا وباكستانيين وأفغاناً، حيث قل وجود الايرانيين وذلك لانهم كبسوا سنة 1390هـ (1970م) على النجف وأرعبوا الايرانيين منهم ماعلنوا وجوب المغادرة من النجف بل وغيرها من المدن العراقية من عامة الناس ومن طلاب =

(93)

علماء وطلبة العلوم الدينية والمهجرين من النجف الأشرف في مقام السيدة زینب ع(1) عندما لبى نداء المسؤولية الملقاة على عاتقه حيث كان أبرز علماء المنطقة آنذاك فقام بتأسيس الحوزة العلمية الزينبية في جوار مقام ابنة الامام أمير المؤمنين ع العقيلة زينب ع مع ثلة من إخوانه المتعاونين معه.

        شاركته المهمة وتحملنا معه الصعاب التي اجتازها بصبره وتحمله وكان أقساها الأمر المادي ثم الأمور الرسمية، وقد زادت المسألة تعقيداً بتدخل بعض المعاصرين لدى الحكومة السورية لإيقاف مثل هذا المشروع الثقافي الذي أخذ على عاتقه نر ودراسة فكر أهل البيت ع وذلك تنافساً على ما قام به المؤسس، وقد تكاثفت جهود هؤلاء البعض، سامحمهم الله، رغم وجود الصلات القديمة والحسنة بيننا وبينهم، وسعى كل منهم بتشجيع الآخر لتنفيذ الأمور التالية:

        1ـ السعي لدى السلطات السورية واقناعها بأن هذا العمل سيسيء الى سمعة الحكم في سوريا ويزيد الأمر على ذلك وضعت العراقيل في أمر منح تأشيرات الاقامة بالنسبة الى هذه المجموعة المهجرة من العراق اللاجئة واللائذة بقبر السيدة زينب ع حتى آل الأمر الى أبعاد وتسفير مجموعة منهم بتشجيع من تلك الفئة المعارضة.

        2ـ ترغيب العلماء الطلبة للسفر الى خارج سوريا والتوجه الى إيران مثلاً وإصدار تذاكر سفرهم بالطائرة على حسابهم الخاص، وبذلك تمكن

ـــــــــــــــــــــــــــــ

= العلماء وبما أن الحدود الايرانية كانت مغلقة امام الجاليات الافغانية والهندية والباكستانية فانهم توجهوا الى سوريا.

(1) أتذكر جيداً حينما أتانا المرحوم السيد حسم الشيرازي(قدس سره) من الشام ونحن آنذاك كنا في بيروت، مستشيراً في إقامة مثل هذه الجامعة وتأسيسها فخالفة الرأي أحد زملائنا وتوقف الآخر، ولكنني أصررت على إقامتها، وكان رحمه الله متخوفاً من حيث إمكاناته المادية، ولما وضحت له بعض الأمور حول الماديات وغيرها وختمته بقولي: قضايا قياساتها معها، اقتنع بالفكرة الجميع بالمهمة وبمؤازرة جيمعاً.

(94)

 أحدهم من ترحيل عدد من هؤلاء اللائذين بمرقد العقيلة زينب ع الى إيران ودولهم(1).

        3ـ أخذ أحدهم يخوف الطلاب والعلماء من البقاء في جوار السيدة زينب ع بحجج واهية وأسلوب استفزازي مقيت مما تسبب بهجرة عدد منهم(3)، ولكن هذه الشكة الثلاثية(3) بأبعادها الثلاثة لم تتمكن من الوقوف أمام إرادة المؤسس المعروف بصلابته في العمل واستقامته وإن سببت له بعض المشاكل والمتاعب في كل من سوريا ولبنان وتعدت الى دول الخليج لتصل الى بعض الدول الأفريقية من خلال الضغط على مؤسساته، الا أن الهمة كانت بحمد الله عالية وساعدها صمود عدد من الأسر المهجرة حيث كان بالفعل صموداً جباراً، تحملوا الفقر والفاقة والخوف وعدم الاستقرار، بشكل بدائي الى أن استشهد المؤسس في بيروت على يد جلاوزة حزب البعث الحاكم في العراق(4)، وعندما قمت بالأمر بعده كان السعي لترسخ دعائم هذه الجامعة العلمية فركزت على أمور ستة:

        1ـ شراء عقارات لأجل التدريس والمرافق العامة والسكن لهذه الجامعة.

        2ـ التركيز على دخول أكبر عدد من الجالية السورية والالتحاق بالجامعة العلمية هذه بالاضافة الى تنويع عناصر المتعلمين.

        3ـ وضع قانون دراسي للجامعة يواكب العصر وتحويل التدريس باللغة العربية وتعديل النظام الدراسي.

        4ـ ترسم الجامعة لدى الدولة والاستفادة من القوانين المحلية لدعم هذه الجامعة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) وكان يقوم ذلك البعض بالتوسط لتسهيل أمور تأشيره الدخول الى تلك الدول.

(2) ومن أساليب تخويفه كان يقول: إن الحاكم العلوي غير مستقر في سوريا واذا تحول النظام فسيكون النظام بيد السنة وسوف يذبحون الشيعة وفي مقدمتهم أنتم كرجال دين.

(3) في إشارة الى الاتجاهات الثلاثة التي كانت من وراء تلك الهجرة.

(4) استشهدت سنة 1400هـ.

 (95)

        5ـ تثبيت الموارد المالية لإدارة شؤون الجامعة.

        6ـ الاتفاق مع الدوائر المختصة بشأن إقامة غير السوريين المنتمين الى هذه الجامعة.

        وقد سعينا الى ذلك وتم الحمدلله بالفعل بعضها واستمرت سنوات بشكل مرض الى ان اضطررت الى مغادرة المنطقة، وأوكلت الأمر الى أحد زملائنا ممن كنت أثق به وذلك لصالح الجامعة(1).

        ولايخفى أن مدينة دمشق كانت فيها حوزة أمامية عامرة على عهد السيد محسن الأمين العاملي المتوفى سنة 1371هـ (1991م) وقبلها أيضاً كان عامرة وبالأخص على عهد الشهيدين الأول والثاني الشيخ محمد بن مكي الجزيني الدمشقي المستشهد سنة 786هـ(1384م) والشيخ زين الدين بن علي الجبعي الشامي المستشهد سنة 965هـ(1558م) وغيرهما(2).

ــــــــــــــــــــــ

(1) ومن أراد التفصيل عن هذه الجامعة وملابساتها فليراجع مذكراتنا«مذكرات المهجر»،وقد رأيت أخيراً كراساً كتبه أحد الأساتذة من الخليج باسم الدكتور غياث، أسرد فيه بعض ما شاهده بنفسه عن هذه الجامعة، كما وأثبت فيه أسس نظام هذه الجامعة العلمية: وفي الفترة الاخيرة صدر كتاب: الحوزات العلمية في الاقطارالاسلامية، حيت تحدث عن هذه الحوزة مابين صفحة 189ـ 247 وهو للأستاذ عبدالحسين الصالحي.

(2) راجع الحسين والتشريع الاسلامي: 3/266.

 (96)

کربلاء والكويت

 

          كانت الكويت(1) مشيخة يحكمها حاكم من آل الصباح(2)، وكانت تعيش على صيد الأسماك قديماً، وفي خضم الحروب احتلها البريطانيون واستمرت على صيد الاسماك واستخراج اللؤلؤ، وبحكم موقعها الجغرافي استخدم مرفأها للتجارة والمواصلة، وازدهرت بعيد اكتشاف النفط فيها سنة 1353هـ (1934م) فكثرت الهجرة اليها من الدول المجاورة وظهرت فيها المدنية أكثر ن ذي قبل، وكان الشيعة آنذاك يقيمون كعادتهم شعائرهم الدينية، وتستقبل علماء الدين والمرشدين بين فترة واخرى وبالاخص في رحاب شهر رمضان المبارك وأجواء شهري محرم وصفر، ولم يكن فيها من يرشدهم طيلة أيام السنة الى أن توجه اليها السيد زين العابدين الكاشاني(3) أحد علماء كربلاء المقدسة وأعلامها فوطد نفسه للسكنى هناك رغم الحر الشديد وصعوبة العيش فيها وذلك سنة 1376هـ(1956م) بإصرار من المرجع السيد حسين البروجردي المتوفى سنة 1380هـ (1960م)، فما إن وصلها الا واستقبله أهاليها واحتفوا به، فاستقر فيها لاحساسة بالمسؤولية حيث لم يكن فيها علم يرجع الناس اليه في أمروهم الدينية ومشاكلهم الاجتماعية، فتصدى السيد الكاشاني لهذه المهمة الملقاة على عاتقه بأحسن قيام رغم صعوبتها، لأن أكثرية الناس كانوا بدائيين وارشاد أمثال هؤلاء يحتاج الى مرونة أكثر وفترة أطول، ولايخفى أن الوضع المعيشي بشكل

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) استقلت الكويت سنة 1381هـ (1961م) وانضمت الى الجامعة العربية سنة 1383هـ (1963م)، تبلغ مساحتها 50000كم2، وكانت نفوسها قبل أجتياح العراق سنة1410هـ (1990م)، وهذه السلالة قائمة الى يومنا هذا.

(2) آل صباح: نسبة الى صباح الأول ابن جابر العنيزي الذي حكم البلاد كأمير سنة 1130هـ (1718م)، وهذه السلالة قائمة الى يومنا هذا.

(3) له ترجمة في علماء كربلاء من هذه الموسوعة.

 (97)

 عام كان رديئاً جداً مما تسبب في تدهور صحة السيد الكاشاني وابتلائه بمرض عضال فنصحه الأطباء بالهجرة الى الأماكن الباردة المعتدلة فهاجر الكويت سنة 1373هـ(1953م)، وقد ترك بالغاً في نفوس الكويتيين حيث كان لهم أباً رؤوفاً وعالماً مرشداً، ومن ذلك التاريخ استقطبت الأيام والأشهر والسنون وحكمت العراق زمرة من البعثيين فعاثوا في الأرض الفساد وقتلوا وسجنوا المفكرين والعلماء فلجأ فيمن لجأ الى الكويت المرجع السيد محمد الشيرازي سنة 1391هـ(1971م)(1) وما إن استقربه الأمر في الكويت الا وأسس مدرسة باسم مدرسة الرسول الأعظم، وكانت تحتوي على ستين غرفة لتكون مهوى طلاب العلوم الدينية وأساتذتهم، وفي الحقيقة أصبحت هذه نواة لحوزة علمية، والى جانت ذلك سعى الى دخول عدد كبيرمن المثقفين في السلك الروحانيفباشروا بدراسة العلوم الاسلامية الحوزوية، كما شرع بتدريس الفقه والأصول، وبذلك تكونت لديه نحو مائة وخمسين من الفضلاء المتزيين بزي العلم والارشاد وتخرج من مدرسته عدد من أئمة الكويت وعلمائها، ولازالت المدرسة قائمة حتى اليوم ونشطة الى جانب سائر المشاريع التي من شأنها تنشيط هذا القطاع من العمل الاسلامي كالمكتبة العامة والمسجد الأعظم وغيرهما من المشاريع التي أشاعت الجو الديني في الكويت(2)، ثم انطلقت فكرة الحوزة وعلى أثرها تاسست بعض محافل الدرس وحلقات التدريس على غرار الحوازات العلمية المعروفة.

ـــــــــــــــــــــ

(1) وذلك في 18شعبان 1391هـ، وقد أصدرت الحكومة العراقية حكم الاعدام بحقه غيابياً، ولكنه انتقل من كربلاء الى الشام ليلة 15 شعبان.

(2) راجع العراق بين الماضي والحاضر والمستقبل: 598.

 

 (98)

کربلاء ومعاهد العلم الأخرى

 

        لاشك أن النهضة العلمية في مدينة الحسين ع أقدم منها في سائر العتبات المقدسة باستثناء المدينة المنورة حث توفي فيها الرسول الأعظم ع ومنها انطلقت كل المدارس الاسلامية، وما كربلاء إلا امتداد لتلك المدرسة التي أسسها النبي الكريم ص كما هو الحال في نهضة السبط الكريم التي هي باستمرار لنهضة الجد العظيم.

        وليس دقيقاً قول بعض المعاصرين أن اقدم الجامعات العلمية الدينية في العالم الاسلامية أربعة:

        جامعة القررررويين في المغرب العربي والأزهر في القاهرة الزيتونة في تونس والنجف في العراق، متناساً المدينة المنورة وبغداد وكربلاء والحلة وقم والري والكوفة والبصرة الى غيرها، كما تناسى الانتكاسات التي مرت بها الجامعات التي ذكرناها في فترات مختلفة(1)، ولعله تحدث عن فترة زمنية محددة ولكنها لم تكن إحداهما بعرض الأخرى، وربما أراد شهرتها والله العالم بمراده.

        وقد سبق القول بأن النهضة العلمية في كربلاء بدأت بعد استشهاد الامام أبي عبدالله الحسين ع، ومن المفيد التطرق الى سرد بعض المعاهد العلمية للإمامية سواء اليت تقع بالقرب من العتبات المقدسة أو التي كانت على بعد منها، نوردها حسب تقدم غرس بذرتها الأولى تاركين التفاصيل الى أماكن اخرى:

                1ـ المدينة المنورة                             القرن الأول

                2ـ مكة المكرمة                               القرن الأول

 (99)

                3ـ اليمن المباركة                              القرن الأول

                4ـ البحرين الكبرى(1)                          القرن الأول

                5ـ الكوفة                                      القرن الأول

                6ـ البصرة                                     القرن الأول

                7ـ دمشق                                      القرن الأول

                8ـ القاهرة                                     القرن الأول(8)

                9ـ كربلاء المقدسة                            القرن الثاني

                10ـ قرطبة ــ الاندلس ـ                       القرنا الثاني

                11ـ المغرب                                   القرن الثالث

                12ـ سامراء المشرفة                 القرن الثالث

                13ـ الري وطهران                            القرن الثالث

                14ـ قم المقدسة                                القرن الثالث

                15ـ قزوين                                    القرن الثالث

                16ـ مشهد المقدسة                            القرن الثالث

                17ـ نيسابور                                  القرن الثالث

                18ـ حلب الشهباء                             القرن الرابع

                19ـ النجف الاشرف                          القرن الخامس

                20ـ القدس الشريف                           القرن الخامس

                21ـ جبل عامل                               القرن الخامس

                22ـ طرابلس الشام                            القرن الخامس

                23ـ ما وراء النهر                            القرن الخامس

 

 (100)

                24ـ الحلة الفيحاء                             القرن السادس

                25ـ بعلبك                                     القرن السادس

                26ـ تونس                                     القرن السابع

                27ـ إصفهان                                  القرن العاشر

                28ـ الهند                                      القرن الثاني عشر

                29ـ أفغانستان                                 القرن الثاني عشر

                30ـ كاشان                                    القرن الثالث عشر

                31ـ باكستان                                  القرن الرابع عشر

         الى غيرها

        ولا يخفى أن الامامية أينما حلوا واستقر بهم المقام أسسوا حوزة علمية سواء في الشرق أو الغرب، وقد انتشرت الحوازات العلمية الامامية في العديد من القرى والمدن الإسلامية بل وغري الإسلامية في الغرب مما يصعب إحصاءها، وقد يضمحل دورها لفترة ثمينبثق من جديد في أماكن أخرى حسب الظروف الأمنية والصحية والاجتماعية والمادية(1).

ـــــــــــــــــــــ

(1) راجع للمزيد الحسين والتشريع الاسلامي الجزأين الثاني والثالث، وفي سلسلة السلام في ... ـ للمؤلف.

 

(101)

 

(102)

 

المنهج الدراسي ومراحله

         لقد سبق وذكرنا موجزاً عن تاريخ نشوء الحوزة العلمية في كربلاء وتطورها وبقي الآن أن نتطرق المنهج الدراسي ولو بايجاز لنسلط الضوء على المواد التي كانت تدرس في المعاهد التي كانت فيها قائمة وذلك من خلال بيان الكتب المقرر تدريسها في المراحل الدراسية، وبما أن سرد لائحة بالكتب المعتمدة في التدريس خلال فترات مخلتفة منذ التأسيس الى يومنا هذا خارجة عن القدرة والاستطاعة وهي ايضاً خارج عن موضوعنا، فلذا نقتصر على الفترة التي عاشناها مابين سنة 1370ـ 1390هـ (1950ـ 1970م).

        ومن الجدير بالذكر أن هناك مواد أساسية وأخرى جانبية بالاضافة الى ذلك فإن هناك خيارين في اختيار بعض المواد المقررة، وبالتالي خيار اختيار النص، إذ الطالب يختار الكتاب الذي يناسبه من حيث اللغة والفهم، فهناك طلبة غير عرب الى جانب الطلبة العرب، ولكل من الشريحيتين منهاج دراسي، وكثيراً ما يلتقي المنهاجان، وهناك من يتبع مراحل ثلاث وهي كالتالي:

  • المرحلة الأولى (المقدمات والمبادئ): ويدرس فيها العلوم العامة والتي هي كمقدمة للتخصص في المرحلتين التاليتين، ويتقتصر أسلوب التدريس على قراءة النص من قبل الأستاذ

 وشرحه والاجابة على أسئلة الطلبة أن كان له سؤال،ومواد هذه المرحلة كالتالي:

 (103)

 

        1ـ علم الصرف: والكتب المقررة فيه هي:

        أـ كتاب الاشتقاق(1) أو كتاب الأمثلة(2) وشرحها(3).

        ب ـ كتاب الصرف(4) والتصريف(5) وشرحه(6) أو شرح النظام(7).

        2ـ علم النحو: والكتب المقررة فيه هي:

ــــــــــــــــــــــ

(1) كتاب الاشتقاق: يمكن أن يعد ترجمة لكتاب شرح الامثلة، حيث أن كتاب الامثلة موضوع باللغة الفارسية، وقد ألف سنة 1298هـ (1881م) وكتاب الاشتقاق من تأليف السيد حسن بن مهدي الشيرازي المستشهد سنة 1400هـ(1980م) ولنا كتاب في الموضوع يصلح لأن يكون جزءاً من المنهاج الدراسي بإسم الاشتقاق.

(2) كتاب الامثلة: موضوع باللغة الفارسية، قيل هو للسيد شريف الجرحاني علي بن محمد المتوفى سنة 818هـ (1415م) إلا أننا غير متأكدين من هذه النسبة حيث لم نجد في سلسلة مؤلفاته لدى ترجمته، وهناك كتاب الأمثلة لمؤلف مجهول، توجد نسخة بإسم كتاب الامثلة في مكتبة جامعة الملك سعود (رقم 7448ق) قريبة من هذه، وقدر أنها من القرن الثالث الهجري.

(3) شرح الأمثلة: هو الآخر موضوع باللغة الفارسية، وهو من تأليف داود بن محمد القارصي (القرصي) الحنفي المتوفى سنة 1160هـ (1747م) كما في معجم المطبوعات العربية والمعربة: 1/861.

(4) يعرف كتبا الصرف بإسم صرف مير، نسبة الى مؤلفه مير سيد شريف علي بن محمد بن علي الحسيني الجرحاني الحنفي المتوفى سنة 818هـ (1415م) وهو باللغة الفارسية.

(5) كتاب التصريف: لمؤلفه عبدالوهاب بن ابراهيم بن عبدالوهاب بن أبي المعالي الزنجاني الخزرجي المكنى بابي المعالي والملقب بعز الدين المتوفى سنة 655هـ (1257م).

(6) كتاب شرح التصريف: لمؤلفه مسعود بن عمر بن عبدالله التفتازاني الخراساني الهروي الشافعي الملقب بسعد الدين والمعروف بملا سعد التفتازاني المتوفى سنة 791هـ(1389م).

(7) كتاب شرح النظام: وهو شرح شافيه ابن الحاجب، عثمان بن أبي بكر المالكي المتوفى سنة 646هـ(1248م) والذي عرف بشرح النظام وهو للحسن بن محمد النيسابوري القمي الامامي المتوفى بعد سنة 850هـ(1446م)، وهناك من يدرس شرح السيد الرضي محمد بن الحسين المتوفى سنة 406هـ (1015م).

(104)

        أـ الأجرومية(1) وشرحها(2) أو العوامل(3) وشرحه(4) وعوامل الملا محسن(5) والهداية(6)، أو شرح قطر الندى(7)، أو الأنموذج(8) وشرحها(9) والصمدية(10) أو شرح الجامي(11) والعوامل ال منظومة(12).

ــــــــــــــــــــــــــ

(1) كتبا الاجرومية: لمحمد بن محمد بن داود الصهناجي المكنى بأبي عبدالله النحوي المغربي والمشهور باب آجروم المتوفى سنة 723هـ (1323م).

(2) شرح الاجرومية: وهو لأحمد بن زيني بن أحمد دحلان المكي الشافعي المتوفى سنة 1304هـ (1886م)، وللأجرومية شروح كثيرة قد يختار الطالب غر هذا الشرح، كما ولنا شرح للأجرومية.

(3) كتاب العوامل: هو لعبد القادر بن عبدالرحمان الجرجاني الشافعي الاشعري المتوفى سنة 1304هـ (1886م)، ويقال له العوامل المائة، ولنا شرح عليه.

(4) كتاب شرح العوامل المائة: قيل هو للملا نظر علي بن محسن الگيلاني المتوفى سنة 1217هـ (1802م) ولكنني في ريب من ذلك، حيث أنه شرح العوامل للملا محسن الآتي ذكره، ولم نجد له شرحاً لعوامل الجرجاني، والله العالم.

(5) عوامل الملا محسن: هو للمولى محسن بن محمد طاهر القزويني المتوفى بعد سنة 1150هـ (1737م).

(6) الهداية: واسمه الكامل هداية النحو وهو لأبي حيان محمد بن يوسف الاندلسي النحوي المتوفى سنة 745هـ(1344م) كما في هامش معجم المطبوعات العربية والمعربة: 2/2024 وعنه الذريعة: 45/165.

(7) قطر الندى: وتتمنه: بل الصدى، تأليف ابن هشام عبدالله بن يوسف بن أحمد الانصاري النحوي المتوفى سنة 761هـ (1360م).

(8) الأنموذج: تأليف محمود بن عمر بن أحمد الخوارزمي الزمخشري المعتزلي المتوفى سنة 538هـ (1143م).

(9) شرح الأنموذج: تأليف محمد بن عبد الغني الأردبيلي المتوفى سنة 647هـ (1249م).

(10) الصمدية واسمه الكامل الفوائد الصمدية للشيخ بن الحسين بن عبدالصمد العاملي البهائي المتوفى سنة 1031هـ (1622م).

(11) شرح الجامي: واسمه الفوائد الضيائية في شرح كافية ابن الحاجب، عمر بن أبي بك الاستوي المالكي المتوفى سنة 898هـ (1492م).

(12) العوامل المنظومة: وهي من نظم ابن حسام كمال الدين بن جمال الدين الهروي المتوفى في القرن الثامن الهجري (14م) والتي هي في الواقع ترجمة فارسية للعوامل المائة للجرجاني، قدمه الى حاكم هرات معز الدين كرت الذي حكم تلك المناطق ما بين 732ـ 771هـ (1332ـ 1369م).

(105)

        ب ـ شرح ألفيه ابن مالك(1) لابن عقيل(2) أو لإبن الناظم(3) أو شرح السيوطي أيضاً(4)، ومغني اللبيب لإبن هشام(5).

        3ـ علم المنطق: الكتب المقررة فيه هي:

        أـ الموجز في المنطق(6)، أو خلاصة المنطق(7)، أو الكبرى في المنطق(8)، او الكبرى في المنطق(8).

        ب ـ المنطق للمظفر(9)، او حاشية ملا عبدالله علي التهذيب(10)، وشرح الشمسية للقزويني(11).

ــــــــــــــــــــــ

(1) ألفيه ابن ملك: اسمها الكامل الالفية في تدوين المقاصد النحوية، وهي منظومة في النحو يحفظها عادة طلاب الحوزة وفي لمحمد بن عبدالله بن مالك الاندلسي الشافعي المتوفى سنة 672هـ (1273م)، ولها شروح متعددة تدرس في الحوزات.

(2)شرح ابن عقيل: وهو شرح ألفية ابن مالك لبعدالله بن عقيل الهمداني المصري المتوفى سنة 769هـ(1367م).

(3) شرح ابن الناظم: وهو شرح ألفية ابن مالك لمحمد بن محمد بن عبدالله بن مالك الاندلسي المتوفى سنة 686هـ(1287م)، ولأن الشارح ابن صاحب المنظومة النحوية عرف بشرح ابن الناظم.

(4) شرح السيوطي: والذي يسمى بالبهجة المرضية في شرح الألفية لعبد الرحمان بن أبي بكر السيوطي الشافعي المتوفى سنة 910هـ(1504م).

(5) مغنياللبيب: وتتمته « عن كتب الأعاريب» وهو لابن هشام الانصاري صاحب قطر الندى المتقدم.

(6) الموجز في المنطق للسيد صادق بن مهدي الشيرازي المولود سنة 1360هـ (1941م)، درس في الفترة الأخيرة للطلاب العرب كبديل عن الكبرى في المنطق.

(7) خلاصة المنطق: للشيخ عبدالهادي الفضلي المتوفى سنة 1434هـ (2013م)، درس في الفترة الأخيرة كبديل عن الكبرى في المنطق.

(8) الكبرى في المنطق: وهو للشريف الجرجاني المتقدم ذكره صاحب كتاب صرف مير، وهو باللغة الفارسية، ولنا ترجمة وشرح للكبرى هذه أيضاً.

(9) المنطق: لمؤلفه السيد محمد رضا بن محمد المظفر المتوفى سنة 983هـ(1575م).

(10) حاشية ملا عبدالله: وهو شرح كتاب تهذيب المنطق والكلام لمسعود بن عرم التفتازاني المتوفى سنة 791هـ(1389م) والشرح للسيد عبدالله اليزدي اشاه آبادي المتوفى سنة 981هــ (1573م).

(11) شرح الشمسية: لعمر بن علي الكاتبي القزويني المتوفى سنة 493هـ(1100م) والشرح لمحمد بن محمد قطب الدين الرازي المتوفى سنة 677هـ (1365م)، ولا يخفى أن شرح الشمسية يسمى بترحير الوقاعد ويقال له ايضا الرسالة القطبية في شرح الشمسية.

(106)

        4ـ علم الفقه: والكتب المقررة فيه هي:

        أـ تبصرة المتعلمين(1)، أو الرسالة العملية(2).

        ب ـ شرائع الإسلام(3)، أو العروة الوثقى(4).

        5ـ علم الكلام: والكتب المقررة فيه:

        أـ شرح باب الحادي عشر للمقدادي السيوري(5).

        ب ـ شرح التجريد(6).

        6ـ علم ألأصول: والكتب المقررة فيه هي:

        أـ معالم الأصول(7)، أو حلقات الأصول(8).

        ب ـ قوانين الأصول(9).

        7ـ علم البلاغة: والكتب المقررة فيه هي:

ـــــــــــــــــــــــ

(1) تبصرة المتعلمين: العلامة الحلي حسن بن يوسف المتوفى سنة 726هـ (1326م).

(2) الرسالة العملية: عادة تدرس رسالة المرجع الذي ذاع صبته في ذلك الوقت.

(3) شرائع الاسلام: للمحقق الحلي جعفر بن الحسن المتوفى سنة 676هـ (1277م).

(4) العروة الوثقى: للسيد محمد كاظم اليزدي المتوفى سنة 1337هـ(1919م).

(5) شرح باب حادي عشر: واسمه النافع يوم الحشر في شرح باب الحادي عشر وهو للعلامة الحلي حسن بن يوسف المتوفى سنة 726هـ (1326م) وهو أحد ابواب كتابه المسمى«منهاج الصلاح في مختصر المصباح» والمصباح اسمه الكامل مصباح المنهجد للشيخ الطوسي.

(6) شرح التجريد: واسمه كشف المراد في تجريد الاعتقاد للعلامة الحلي حسن بن يوسف الحلي المتوفى سنة 726هـ (1326م) والأصل أعني تجريد الكلام في تحرير عقائد الاسلام لنصير الدين الطوسي محمد بن محمد بن الحسن المتوفى سنة 672هـ (1273م) ويعرف بتحرير العقائد، ونشتهر بالتجريد.

(7) معالم الأصول: للشيخ حسن بن زين الدين (الشهيد الثاني) المتوفى سنة 1011هـ (1602م).

(8) حلقات الأصول: والتي عرفت فيما بعد بدروس في علم الأصول للسيد محمد باقر الصدر المستشهد سنة 1400هـ (1980م).

(9) قوانين الأصول: واسمه الكامل قوانين المحكمة في الأصول للشيخ أبي القاسم الجيلاني المتوفى سنة 1231هـ(1816م).

 (107)

        أـ مختصر المعاني للتفتازاني(1)، أو جواهر البلاغة(2).

        الى جانب العلوم والفنون الأخرى التي يتعلمها الطالب خلال هذه الفترة بتشجيع من الأساتذة وحثهم على ذلك، فيختار كل من الطلبة ما يشاؤون من العلوم التالية: التجويد، التفسير، الدراية، الرجال، الحديث، الفلك، الطب، الرياضيات، المناظرة، وغيرها من العلوم الحديثة والقديمة وربما الغربية، وغالباً ما يكون أنصار هذه العلوم طبقة خاصة من الطلبة يستغلون أيام العطل الأسبوعية والفصلية والمناسبات(3).

  • المرحلة الثانية (السطوح): وتسمى بالسطوح لأن البحث عادة يكون سطحياً بالنسبة الى المرحلة الثالثة والتي يركز فيها على الاستدلال للآراء المطروحة وبحث جذور المسألة،

 وتمحيص الأدلة، فيكون فيه تعمق أكثر من هذه المرحلة، وعادة يقوم الأستاذ بقراءة النص والذي يكون عادة مقارناً بالدليل ويتوسع فيه قليلاً، وللطالب الحق في المناقشة بشكل محدود ليؤهله للمرحلة الثالثة، ويلاحظ أن مواد هذه المرحلة أقل بكثير من التي قبلها وهي كالتالي:

 

        أـ علم البلاغة: والكتاب المقرر فيه هو:

        المطول للتفتازاني(4).

        2ـ علم الفلسفة: والكتاب المقرر فيه هو:

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مختصر المعانيك وهو مختصر لشرح تلخيص المفتاح لمسعود بن عمر التفتازاني المتوفى سنة 791هـ(1389م).

(2) جواهر البلاغة: لأحمد بن ابراهيم الهاشمي المتوفى سنة 1362هـ(1943م).

(3) وربما درسوا في هذه المرحلة كتابين أحدهما في الأخلاق ألا وهو آداب المتعلمين، وآخر في الصرف بإسم صيغ مشكلة (بالفارسي)، وكلاهما مطبوعان ضمن كتاب جامع المقدمات التي يتداولها طلبة الحوزات العلمية وبالأخص غر العربية منها.

(4) المطول: لمسعود بن عمر التفتازاني المتوفى سنة 791هـ (1389م)، وهو شرح على تلخيص المفتاح لمحمد بن عبدالرحمان القزويني المتوفى سنة 739هـ (1338م)، واسمه المطول على التخليص، ومفتاح العلوم ليوسف بنأبي السكاكي المتوفى سنة 626هـ (1229م).

 (108)

 

        أـ شرح المظومة للسبزواري(1).

        ب ـ الأسفار للملا صدر(2).

        3ـ علم الفقه: والكتب المقررة فيه:

        أـ شرح اللمعة الدمشقية للشهيدين الأول(3) والثاني(4).

        ب ـ المكاسب للأنصاري(5).

        4ـ علم الأٌصول: والكتب المقررة فيه:

        أـ الرسائل للأنصاري(6).

        ب ـ الكفاية للآخوند الخراساني(7).

        * المرحلة الثالثة ( الخارج)

        ويسمى بالخارج لأن البحث الاستدلالي يكون من خارج الكتاب اذ يعتمد على طريقة المحاضرة المناقشة مع طلابه، فيطرح الأستاذ مسألة ويبين مبانيها وجزئياتها ثم يستعرض الآراء والنظريات فيها ويقدم أدلة الأطراف ومناقضاتها، ويحاول نسف كل الأدلة لصالح نظريته، وعندها

ـــــــــــــــــــــــــــــ

(1) شرح المنظومة في الحكمة: للشيخ هادي السبزاوري المتوفى سنة 1289هـ (2187م)، وربما اعتمد الشرح الذ ألفه السيد محمد بن مهدي الشيرازي المتوفى سنة 1422هـ(2001م).

(2) الأسفار: واسمه الكامل الأسفار الأربعة في الحكمة، ويقال له الحكمة المتعالية في المسائل العقلية الأربع للشيخ محمد بن إبراهيم الشيرازي المشهور بملا صدرا المتوفى سنة 1050هـ (1640م).

(3) اللمعة الدمشقية: للشهيد الأول محمد بن جمال الدين المكي العاملي المستشهد سنة 786هـ (1384م).

(4) شرح اللمعة: واسمها الكامل الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية للشهيد الثاني زين الدين بن علي الجبعي العاملي المتوفى سنة 965هـ (1558م).

(5) المكاسب: وربما قيل له المتاجر وهو تأليف الشيخ مرتضى الانصاري المتوفى سنة 1281هـ (1864م).

(6) الرسائل: وسمه فرائد الأصول للشيخ مرتضى الأنصاري المتقدم ذكره.

(7) الكفاية: واسمه الكامل كفاية الاصول للشيخ محمد كاظم الآخوند الخراساني المتوفى سنة 1329هـ(1911م).

 (109)

يحق للطالب أن يفند رأي أستاذه أو أي رأي آخر طرحه الاستاذ ويناقشه في ذلك بروح علمية عالية، وله كامل الحرية في المناقشة إن لم تخرج عن الموضوع، ولذلك قد يطول بحث ومناقشة مسألة جزئية عدة أيام لاختلاف الآراء وتعدد الأشخاص.

        وهنا لابد من القول بأن الاستاذ في هذه المرحلة لابد وأن يكون مجتهداً بارعاً صاحب رأي في المسألة التي يطرحها على تلامذته، وغالباً مايكون تحت منبره عدد من المجتهدين وآخرون من هم على عتبة الاجتهاد.

        وبالنسبة الى النص فيعتمد كل أستاذ إحدى الكتب الأصولية أو الفقهية المعروفة.

        ففي الفقه يعتمد عادة(1) على العروة الوثقى لليزدي، أو الشرائع للمحقق الحلي، أو التبصرة للعلامة الحلي، أو المكاسب للأنصاري، او الكتب الفقهية للهمداني(2).

        وأما في الأصول فغالباً ما يعتمد على متن كفاية الأصول اللآخوند الخراساني، أو رسائل الأنصاري، أو القوانين.

        ومن الجدير بالذكر أن الدراسة في كل هذه المراحل الثلاث حرة، ويمكن بيانها بإيجاز في النقاط التالية:

        1ـ حرية اختيار المادة: فبإمكان الطالب الاستغناء عن بعض المواد وللمثال يمكنه أن يستغني عن الفلسفة ويقتصر على الفقه والأصول.

        2ـ حرية اختيار النص: فبإمكان الطالب ان يختار كتاباً في المادة التي يتعلمها مثلاً يمكنه الاستغناء عن التبصرة كلياً أو استبداله بكتاب آخر في المادة نفسها.

        3ـ حرية اختيار الأستاذ: فمن حق الطالب أن يختار من ينسجم معه

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الحديث عن الفترة التي عايشتها.

(2) المراد بالكتب الفقهية: كتاب الطهارة وكتاب الصلاة وكتاب الزكاة من كتاب مصباح الفقيه للشيخ رضا بن هادي الهمداني المتوفى سنة 1322هـ(1904م).

(110)

 

من الأساتذة من الناحية النفسية والبيانية، بل بامكانه الاتفاق مع الأستاذ ليخصص له درساً بانفراده.

        4ـ حرية الوقت: إذ بإمكان الطالب أن يختار الوقت المناسب للدراسة وذلك بالاتفاق مع الأستاذ فعندها لا يتقيد بالدورس الصباحية بل له أن يدرس مساء أو ليلاً، والمجدون في الدراسة كانوا يبدأون قبل الفجر ولاينتهون الا بعد وقت العشاء.

        5ـ حرية الفترة الدراسية: وذلك لأن الطلبة يختلفون في قدراتهم الاستيعابية، إذ بإمكان الطالب أن يحضر أكثر عدد ممكن من الدروس وإنهاء المرحلة الأولى أو الثانية بأقل فترة حسب قدرته ومثابرته على الدراسة واستيعابه، إذ بامكانه مثلاً أن ينهي المرحلتين في ثلاث سنوات كما بإمكانه أن ينهييهما خلال ست سنوات.

        6ـ حرية اللغة:الدروس في العادة باللغة العربية الا أن بإمكان الطالب أن يفتش على استاذ يتقن لغته فيدرسه بلغته، وبطبيعة الحال تبقى النصوص في غالبها محررة باللغة العربية ولكن شرحها يكون باللغة التي يستسيغها.

        حرية الاستمرار وعدمه: حيث بغمكان الطالب أن يكتفي بالمرحلة الأولى ومن ثم يكون لنفسه المعلومات الأولية ويمارسها تدريساً للبدائيين أو غير ذلك من الأمور التي لاتحتاج الى أكثر من ذلك كما يفعل معظم الخطباء أو المبلغين، كما يمكنه الاقتصار على المرحلة الثانية وله أن يكتمل المرحلة الثالثة ويستمر الى مايشاء في تمحيص الرسائل الفقهية والأصولية.

        8ـ حرية الخضوع للامتحان وعدمه: فبإمكان الطالب أن يشترك في الامتحان الفصلي وعندها يحصل على الشهادة العلمية والجائزة المادية معاً.

        وهنا لابد التطرق الى أن هذه الامتحانات، وإن كانت من ميزة الحوزة العلمية في كربلاء انذاك دون اخواتها، وذلك أن هناك لجنة للامتحان مؤلفة من كبار العلماء(1) تجري الامتحانات الفصلية لمدة عشرة

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) في الفترة التي كانت أخضع فيها للامتحانات كانت لجنة الامتحان مؤلفة من الأعلام التالية أسماؤهم: 1ـ الشيخ محمد رضا الإصفهاني 2ـ الشيخ يوسف الخراساني، 3ـ الشيخ محمد الكرباسي 4ـ الشيخ جعفر الرشتي 5ـ السيد محمد الشيرازي،

(111)