أَضواءُ  على مدينة الحسين (ع)

اسم الکتاب : أَضواءُ على مدينة الحسين (ع)

المؤلف : للعلامة المحقق الشيخ محمد صادق الكرباسي
المطبعة : المركز الحسيني للدراسات لندن المملكة المتحدة

 

 

 

 

 

 

 

 

ولمع اسم السيد عبدالحميد بن فخار الحائري الذي كان حياً حتى سنة 676هــ(1277م)، وكان من فطاحل العلماء وخلف تلامذة بررة من أبرز هؤلاء الأعلام: إبنه علي المتوفي سنة 760هــ(1360م)، ووالد العلامة الحلي يوسف بن المطهر المتوفى نحو سنة 665هـ (1267م)، والسيد عبد الكريم ابن طاؤس الحلي المتوفى سنة 693هــ(1297م)، وعلي بن محمد الأعرج جد السيد العميدي المتوفى سنة 702هــ (1303م)(1).

        وواصل السلاطين دعمهم لهذه المدينة بالزيارة والتمويل، فقد زارها اسلطان أرغون خان المغولي قبل سنة 690هــ(1219م)(2) والسلطان محمود غازان خان المغولي سنة696هــ(1297م)، وتوزيعه الخبز على الأشراف والعلماء، تلتها زيارة غازان خان سنة 698هـ (1299م) حيث سير الماء إليها(3).

وما إن بزغ فجر القرن الثامن الهجري

إلا ولمع فيه نجم الكثير من الأعلام في سماء بلدة الحسين ع فمن أولئك العبدلي الشاعر الحائري(4) الذي كان حياً حتى سنة 707هـ (1307م) وابن نائل الحائري الشاعر الكاتب(5) المولود سنة 665هـ (1267م) وابن نائل الحائري الشاعر الذي كان حياً حتى سنة 774هــ(1372م) والذي علق على كتاب مختلف العلامة الحلي، ولمكانته العلمية لقب بفخر المحققين(7)، والسيد علي بن عبدالحميد بن فخار الحائري المتوفى في حدود سنة 760هــ(1359م)

ــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أعيان الشيعة: 7/184.

(2) راجع تاريخ المراقد: 2/ 35.

(3) تراث كربلاء: 79.

(4) الشاعر العبدلي: هو الحسين بنسعد الله، راجع ترجمته في الأدباء، وقد ورد ذكره في أعيان الشيعة: 6/27 عن مجمع الآداب، وتراث كربلاء: 37و 42 عن تلخيص مجمع الآداب لابن الفوطي: 14/121.

(5) ابن نائل الحائري: هو الحسين بن سعد الله، راجع ترجمته في الأدباء، وقد ورد ذكره في أعيان الشيعة:6/27 عن مجمع الآداب، وتراث كربلاء:37 و42 عن تلخيص مجمع الآداب لابن الفوطي:14/121.

(6) ابن دريد الحائري: هو إبراهيم بن سيفي، ترجمته تراث كربلاء:238.

(7) تاريخ الحركة العلمية في كربلاء: 41.

(45)

 والذي لقب بعلم الدين المرتضى لمكانته العلمية(1) والشيخ علي بن الحسن الحائري الذي كان حياً حتى سنة 778هــ(1376م) والذي حشى كتاب التهذيب للعلامة الحلي والمنهاج للبيضاوي(2) وكذا أٌستاذه الشيخ علي بن عبد الجليل الحائري(3) والشيخ علي بن الخازن الحائري الذي تتلمذ على الشيهد الأول المتوفى سنة 786هــ(1384م)، وتتلمذ عليه ابن فهد الحلي(4) بالاضافة الى إبنه الشيخ حسن وجده الشيخ محمد الخازن(5) والشيخ محمد بن شمس الدين الهاشمي الحائري الذي كان من مشايخ الشهيد الأول(6)، والسيد عبد المطلب العميدي المتوفى سنة 754هــ(1353م)(7) أستاذ الشهيد وابن أخت العلامة الحلي(8)، وفي هذا القرن وبالتحديد سنة 726هــ(1326م) زار ابن بطوطة كربلاء وتحدث عن وجود مدرسة عظيمة(9) كان يتوافد اليها رواد العلم والثقافة، ولعله أراد بالمدرسة جامع ابن شاهين(10) الذي كان عامراً بالبحث والدرس والمحاضرة والمناقشة، وكلما زار كربلاء من الشخصيات السياسية أو العلمية زادها قوة وانفتاحاً فأعطاها زخماً لنمو النهضة العلمية، فكان ممن زارها من السياسيين السلطان الايلخاني غازان خان سنة 703هــ(1304م)(11)،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أعيان الشيعة: 8/261.

(2) تراث كربلاء: 238 عن الحقائق الراهنة:80.

(3) الذريعة: 6/55.

(4) روضات الجنات: 5/118.

(5) روضات الجنات: 7/8.

(6) تراث كربلاء: 240 عن الحقائق الراهنة:101.

(7) روضات الجنات: 4/268، حيث ذكر فيه: « إنه كان حلي المولد حائري المحتد».

(8) روضات الجنات: 4/264.

(9) تاريخ الحركة العلمية في كربلاء: 42، ولايخفى أن ف هذه الفترة زار كربلاء الرحالة حمد الله المستوفي ايضاً.

(10) جامع ابن شاهين: يقع حاليا في الروضة الحسينية شمالا ما بين الاعمدة الشمالية للقبة والرواق الشمالي.

(11) موسوعة العتبات المقدسة قسم كربلاء: 262.

(46)

 وحاكم بغداد في الدولة الجلائرية سنة 767هـ(1366م)(1)، وقائد جيش تيمورلنك وابن تيمورلنط ميران شاه سنة 796هــ(1394م)(2).

        ولايخفى دور مرجان(3) واليبغداد من قبل السلطان أويس الجلائري ولجوئه الى كربلاء سنة 767هــ(1366م) الذي اصطحب معه اموالاً كثيرة وشيد المرقد وأضاف في بنائه وأوقف للمرقد عقارات شاسعة وبنى المنارة التي سميت بمنارة العبد، مما كان سبباً في ازدهار كربلاء وحركتها العلمية، وتبعه على ذلك السلطان أويس ومن ثم ابنه السلطان حسين سنة 776هــ(1374م) ثم ابنه الآخر السلطان أحمد سنة 778هــ(1376م)(4)، وكان لكل هؤلاء السلاطين دور فاعل في تمويل هذه المدينة بما فيهم العلماء ودفع عجلة الحركة العلمية فيها الى الأمام، وقد سبق وقلنا: إن الحركة العلمية في النجف الأشرف تضاءلت بسبب انتقال بعض الشخصيات اللامعة الى الحلة السيفية، فقامت جامعة كربلاء بدور المساعد لجارتها النجف، فقد جاء التاريخ الحركة العلمية في كربلاء: « انتقل في أواخر القرن الثامن وبداية القرن التاسع عدد لا بأس به من علماء كربلاء الأجلاء آنذاك الى مدينة النجف حيث أسهموا بدورهم في بعث وتنشيط الحركة العلمية بها الأمر الذي خلق لها مركزية علمية»(5).

        وأما في القرن التاسع الهجري فقد خفت حركة السياسيين لزيارة المرقد بل طالته يد العدوان سنة 858هــ(1454م) من قبل السلطان علي بن محمد المشعشعي(6) ولكن الأمير بيربوداق تدارك الأمر فامر حاكم بغداد سيدي علي سنة 859هــ(1455م) أن يزور الحائر ويعمره(7) فلذلك لم

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)  تاريخچه كربلاء: 69.

(2) موسوعة العتبات المقدسة قسم كربلاء:264.

(3) مرجان: هو أمين الدين بن عبدالله الملقب بـ« الخواجة مرجان»، والذي كان رئيس خدم بلاط السلطان اويس الجلائري.

(4) تاريخچه كربلا: 69، راجع تاريخ مرقد الحسين من هذه الموسوعة.

(5) تاريخ الحركة العلمية في كربلاء: 43.

(6) من سلاطين الجنوب العراقي، وكان منحرفاً، وقد حكم ما بين سنة (854ـ861هــ).

(7) موسوعة العتبات المقدسة قسم كربلاء: 108 عن تاريخ العراق بين احتلالين:3/ 145.

(47)

 يتوقف نمو النهضة العلمية واستقرار رواج العمل على استمرارية التعليم والتعلم.

        هذا وما إن وصت الحركة العلمية في الحلة أوج عظمتها بهبوط السيد ابن ادريس كما سبق وأشرنا الى ذلك في القرن السادس فيها الا وأخذت تتضاءل عندما هجرها الشيخ ابن فهد أحمد الحلي(1) المتوفى سنة 841هــ(1437م) لهبط كربلاء، وبنزوله هذه المدينة حطت العظمة والعلم رحلهما فيها وقفزت النهضة فقزة كبيرة.

        وكان قد أجازه العلامة الشيخ علي الخازن الحائري في الحائر الحسيني سنة 791هــ(1389م) وقد ربى عدداً من العلماء أسهموا في تنشيط الحركة العلمية هناك.

        وأما عن القرن العاشر الهجري فقد ظلت كربلاء تواصل نهضتها العلمية، وتخرج منها الفطاحل من الاعلام والمفكرين أمثال الشيخ إبراهيم الكفعمي المتوفى سنة 905هــ(1499م) صاحب التآليف المشهورة التي بلغت 48مؤلفاً، وكان واسع الاطلاع كويل الباع في الأدب سرع البديهة في الشعر والنثر، وكلما اختفى نجم من نجوم هذه التربع المقدسة بزغت نجوم أخرى، وبعد وفاة ابن فهد الحليبفترة ذاع صيت الكفعمي، وقييل رحيله لمع نجم اسيد حسين بن المساعد الحائري المتوفى سنة 917هــ(1511م)، وكان صاحب علم وفضيلة وممتلكاً زمام الشعر والأدب والتحقيق والتأليف وموصوفاً بالورع والتقى، وكان عارفاً بالنسب وذا نشاط علمي بارز، ولم تنقطع النهضة العلمية في كربلاء ولم تتوقف حركتها الفكرية والثقافية وبقيت رائدة طوال هذه الفترة، وكانت أرضها خصبة ورحمها ولوداً، تنجب العلماء والفضلاء وجبة بعد أخرى، ولا تخلو الساحة من إفاضاتهم، وقد غصت مجمعاتها بأهل العلم والأدب والفكرة،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) اختلفوا في ابن فهد أهو الحلي أو الاحسائي، وقد نفصل الكلام عنهما في ترجمتهما فراجع.

(2) تراث كربلاء: 241من روضات الجنات:1/712. الكنى والالقاب: 1/375، فعلى فرض اتصال بقائه بين فترة إجازة الخازن له ووفاته بكربلاء يكون نصف قرن كان مشتغلاً  بالبحث والتدريس وتحريك دفة النهضة العلمية.

(48)

تصدر الى الاصقاع علماء ودعاة يبعثون بروح التقى والايمان والعلم والفضيلة.

        وبما أنه وصل البحث بنا الى القرن العاشر الهجري فلابد من القول بأن المحمعع العلمي في النجف الأشرف بعدما أن اسسه(1) الشيخ الطوسي المتوفى سنة 460هــ(1068م) أصيب بنكسة عليمة في القرن السادس بهدرة ابن ادريس المتوفى سنة 598هــ(1201م) عنها، ولم تستطع العودة الى مكانتها والنهوض بحركتها العلمية كما سجب الا بواسطة المقدس الأردبيلي المتوفى سنة 993هــ (1585م)(2)، فظلت هي وكربلاء كككفتي ميزان تخف كفة إحدهما بهجرة أعلامها الى الاخرى فترجع الكفة الاخرى، وما إن ثقلت تلك تخف الاخرى، وتارة تتعادلان فتتساوى الكفتان(3).

        ولايخفى أن استيلاء اسلطان إسماعيل الصفوي على بغداد سنة 914هــ(1508م) وزيارته مدينة كربلاء المقدسة وتعميره للمقام وزخرفته وتذهيبه للروضة الحسينية وما الى ذلك من آثار العظمة كان له دور مهم ف تنمية الحركة العلمية، بل إن صرفه  رواتب لخدمة العبتة المقدسة وتعيينه خليفة الخلفاء خادم بيك ببغداد للعناية على المجاورين والعلماء بانعامات جزيلة(4) قد رفع من مستوى هذه المدينة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) تأسست الحوزة العلمية في النجف الاشرف سنة 449هــ

(2) راجع مقال تحت عنوان الجامعة العلمية في النجف الاشرف الدكتور محمد بحر العلوم نشرته مجلة النور اللندنية: 4/7، وللمزيد راجع موسوعة العتبات المقدسة قسم النجف:2/32 مقالة أخرى باسم: الدراسة تاريخها في النجف الاشرف للدكتور محمد بحر العلوم ايضا.

(3) ولعل الدعم المادي الذي  حظي به المقام الحسيني الشريف بما أوقفه اشسخ أمين الدين بن علي جعفرسنة 907هــ من الاراضي والبساتين لصرفها في مصالح الروضة الحسينية كان له الاثر الفعال في رفع مستوى النهضة العلمية هناك بما ا، المقام والغرف المحيطية به كانت بتصرف العلماء وطلاب العولم الدينية حيث كانت تقام فيها المحاضرات العلمية وحلقات الدرس في الفقه والحديث وسائر العلوم.« راجع جريدة الهاتف النجفية العدد: 456 من سنة 1366هــ (1947م)».

(4) راجع تاريخ العراق بين احتلالين: 3/241و 317و337.

(49)

وقد نافسه في ذلك السلطان سليمان القانوني وذلك عندما زارمدينة كربلاء المقدسة سنة 941هــ(1534م) وقام بأعمال اصلاحية أكثرمما قام به الملوك الصفويون لامالة قلوب الشيعة اليه بعدما اضطهدهم أيوه السلطان سليم العثماني فاهتم بالموارد المائية للمدينة وأجزل على الخدمة والسكان(1).

        وتلا السلطان الصفوي والسلطان العثماني خلفاؤهما فقاموا بخدمة هذه المدينة وسكانها تنافساً على الملك(2)فأحيت المدينة نهضتها الفكرية والعلمية ونمت فيها حركتها الادبية والاجتماعية بالدعم المباشر وغير المباشر منهم مما يمكن تلخيص سببه في ثلاثة عوامل:

1ـ العامل السياسي: حيثكان الصراع السياسي قائما ً بين السلاطين العثمانيين وملوك الصفويين على الساحة العراقية وكان للعتبات المقدسة وبالاخص كربلاء الدور الأهم في نجاح سياسة كل م الحكومتسن التركية أو الفارسية.

2ـ العامل الديني: بما أن الحكومة العثمانية قد اتخذت المذهب السني مذهباً رسمياً لها وفي مقابلها اتخذت الحكومة الصفوية المذهب الشيعي مذهباً رسمياً لها، فأخذت الشعوب تميل اليها وتنفر من تصرفات الاولى، فلذلك بدأ التنافس بينهما على هذه المدينة المقدسة وغيرها.

3ـ العامل الاجتماعي: فقد اهتم الصفويون ما بوسعهمبرفع المستوى الاجتماعي لهذه المدينة وتثبيت الامن فيها، من تنظيم الموارد المائية وتسوير البدل وما الى ذلك، فاول العثمانيون استدراك نواقفهم، وما كان دعم الصفويين للمركز الديني والعلمي في هذه المدينة واسناد العلماء والمفكرين في احياء مدرسة أهل البيت ع عبر العوامل الثلاثة الا لتبقى حصناً حصيناً أمام بغداد وسائر مراكز القوى المدعومة مت قبل العثمانية  تثبيتاً لحكومتها.

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع تراث كربلاء:81 عن كلش خلفاء:200.

(2) راجع تاريخ الروضة الحسينية المقدسة من هذه الموسوعة.

(50)

        ومن اعلام هذا القرن السيد ولي الحسيني الحائري الفقيه المحدث ذو المؤلفات القيمة المتوفى سنة 988هـ (1580م) والشاعر الفضولي البغدادي 991هـ(1583م) والشيخ محمد علي البلاغي المتوفى سنة 1000هــ(1592م) والمولى محمد قاسم الكربلائي المتوفى بعد سنة 1008هــ (1599م) والشاعر الفضلي بن الفضولي المتوفى بعد سنة 1014هــ(1606م) والشاعر كليم دده المتوفى بعد سنة 1006هــ(1598م) ممن عرفوا على هذه الساحة بالفضل والعلم والفقه والحديث والأدب والشعر وملأوا صفحات التاريخ بحياتهم المشرفة. وكان الشيخ البهائي محمد بن الحسيني يدرس في كربلاء(1) كما كان ينزل عند الحافظ الحسين الكربلائي القزويني الذي نزل دمشق فيما بعد(2).

        وأما القرن الحادي عشر الهجري فلم يختلف كثيراً عن القرن الذي ققبله حيث كان الملوك الصفويون والسلاطين العثمانيون ينتافسون على خدمة مدينة الحسين ع ويبذلون للعلماء والمجاورين والخدم(3) وكانت الساحة العلمية آنذاك زاخرة بلعلماء والفقهاء والمحدثين وأصحاب السير والتراجم وأرباب الادب والنسب ولم تفقد كربلاء حيويتها العلمية طوال الفترة الاضية بل استمرت في نمو نهضتها الفكرية بحلل جديدة وأطر حديثة ما أدى الى بروز مجموعة من العلماء على ساحتها، وقد ذكر منهم المولى شمس الدين الشيرازي المتوفى سنة 1035هــ(1626م) وابنه الشاعر والقاضي محمد شريف الكاشف المولد في كربلاء سنة 1001هــ(1593م)، وانسابة السيد علي بن عبد الحسين بن مساعد الحائري المتوفى سنة 991هــ

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أعيان الشيعة:9/239.

(2) التشيع بين جبل عامل وايران لعلي مروة:64.

(3) راجع تاريخ الروضة الحسينية من هذه الموسوعة. وقد تأثرت الحركة العلمية في هذا القرن بعض الشيء حيث أغار على المدين الامير ناصر بن مهنا سنة 1013هـ ثم احتلها السلطان عباس الكبير الصفوي سنة 1042هــ وحاصرها السلطان مراد خان سنة 1035هــ وضمها الى حكومته.

(51)

(1610م) والسيد حسين العسكري الحائري المتوفى بعد سنة 1026هـ (1617م) والشيخ عباس البلاغي الحائري المتوفى سنة 1085هـ(1674م) والسيد مساعد بن محمد الحسيني المتوفى سنة 1166هــ (1753م) والسيد طعمة الثالث الحائري المتوفى سنة 1043هــ(1633م) والشيخ محفوظ السعدي المتوفى بعد سنة 1055هـ (1645م) والسيد علي بن محمد الكربلائي المتوفى بعد سنة 1094هــ(1683م) وغيرهم، وفي أواخرهذا القرن حيث ضعفت الدولة الصفوية ما بين سنة 907ـ1200هــ(1501ـ 1786م) يقول المصدر: إنه شرع طلاب إصفهان بالمهاجرة الى كربلاء للتحصيل ثم الرجوع إليها والمجاورة هناك ومن رؤسائهم الأردبيلي(1)، وهذا الضعف كان بسبب هجوم الافغان على اصفهان ويضيف المصدر قائلا: إن العملاء في عهد نادر شاه الافشاري الذي حكم ما بين سنة 1137ـ 1160هـ (1725ـ1747م) هاجروا الى كربلاء فصار بها جمع كبيرلهم شهرة عند أهل إيران في ذلك الوقت ورئيسهم الآغا البهباني(2).

        وفي اتجاه آخر فان أحد تلامذه المجلسي محمد باقر بن محمد تقي الذي عاش ما بين سنة 1037ـ1111هـ(1625ـ1699م) أفتى بأن العالم الفلاني في كربلاء يقول بطهارة الخمر، فتكلم المجلسي عنه بكلام بذيء الا انه في الفور تأسف لذلك فسافر الى كربلاء لأجل ان يتعذر منه(3) مما يدل على مركزية كربلاء آنذاك.

        وفي خلال القرن الثاني عشر الهجري تقدمت النهضة العلمية في كربلاء المقدسة لتبلغ أوجها في القرن الثالث عشر حيث تمزت تشخيات علمية أكثربروزاً وأوسع آفاقاً واشهر صيتاً كلسيد نصر الله الحائري الذي جمع بين العلم والأدب والجهاد والتدريس حتى أستشهد في اسطنبول سنة 1168هــ(1754م) إثر سفراته للآستانة موفداً من قبل المؤتمر الذي عقده في النجف لتوحيد صف المدرستين، مدرستي الامامة والخلافة ودوره في النجف لتوحيد صف المدرستين، مدرستي الامامة والخلافة ودوره

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع مجلة المنار المصرية: السنة: 4، العدد13/305.

(2) راجع مجلة المنار:13/305.

(3) كتاب أصحاب الاجماع:208.

(52)

المشهود في ذلك(1) ولقب بمدرس الطف، والشيخ أحمد آل عصفور الذي كان حياً حتى سنة1177هــ(1763ن)، والشيخ يوسف البحراني صاحب الموسوعة الفقهية المسماة بالحدائق الناضرة والمتوفى سنة 1186هــ(1772م)، ولا يخفى أن في هذا القرن ايضاً نشات الحركة الاخبارية بشكلها المميز في كربالء وانتشرت منها الى سائر الحوزات العلمية(2).

        وفي القرن الثالث عشر الهجري تواصلت الجهود من العرن السابع، حيث بزغ نجم الشيخ الوحيد البهبهاني المتوفى سنة 1205هــ(1791م) في القرن الثاني عشر الهجري والذي وصف بأنه المجدد عل رأس المائة الثانية عشرة(3) ومحيي الأصول وتلميذه الأمير السيد علي الكبير المتوفى سنة 1207هــ(1792م) وتلميذه الآخر السيد مهدي الطباطبائي المشتهر بببحر العلوم لغزارة علمه ومجدد الجامعة العلمية في النجف الأشرف(4) المتوفى سنة 1212هـ(1797م) وتلميذه الأخر الشسخ جعفر الجناحي صاحب كشف الغطاء المتوفى سنة 1228هــ(1813م) ولاسيد محمد مهدس الشهرهستاني صاحب المؤلفات المشهورة والقام العلمي المشهود المتوفى سنة 1216هــ(1801م) والشيخ محمد مهدي النراقي مؤسس حوزة كاشان المتوفى سنة 1209هــ(1794م) والسيد علي الطباطبائي صاحب كتاب الرياض المعروف بجهاده وعلمه المتوفى سنة 1231هــ(1816م)، وتلميذه المولى الشيخ إبراهيم الكرباسي صاحيب الاشارات والكرمات المتوفى سنة 1261هـ(1845م)،

ـــــــــــــــــــــ

(1) وسناتي على ذكره في هذا الكتاب وجهود السيد نص الله فيه لدى ترجمته، وفي الفصل السياسي من هذا الباب إن شاء الله تعالى.

(2) تاريخ الحركة العلمية في كربلاء: 127 وفيه « مما تقدم يتبين لنا أن حوزة كربلاء أصبحت متأثرة بالمدرسة الأخبارية وباتت هذه المدرسة هي الموجهع للحركة التريسية فيها واستمرت هذه المدرسة تفرض نفسها على الحركة العلمية في حوزتي كربلاء والنجف وبعض الحوزات الأخرى.« راجع باب الحركة الفكرية في الحائر من هذه الموسوعة لمزسد الاطلاع عب سير الحركة الاخبارية».

(3) تاريخ الحركة العلمية في كربلاء:128.

(4) يذكر السيد محمد بح العلوم في مقاله فيمجلة النور اللندنية السابفة الذكر: إن هذا الدور الذ لعبه الوحيد البهبهاني كان هو المؤثر في حركة بحر العلوم بعده في النجف.

(53)

والسيد محمد المجاهد الطباطبائي رافع راية الجهاد ضد الروس والمحتلين لايران والمتوفى سنة 1242هـ(1826م)، وزميله الشيخ أبي الحسين الابفقي المتوفى نحو سنة 1243هـ(1827م) والشيخ شريف العلماء المتوفى سنة 1245هـ(1829م) صاحب المدرسة العظيمة الذي كان يحضر محاضرته أكثرمن الف مجتهد إمامي، والذي تخرج منها أكثر الاعلام والفطاحل المشهروين في هذا القرن وتلميذه الشيخ مرتضى الأنصاري المتوفى سنة 1281هـ(1864م) صاحب الكتابين المكاسب والرسائل اللذين يعدان أصلين ضمن المنهاج الدراسي للحوزات العلمية في العالم، وتلميذه الآخر السيد إبراهيم القزويني المتوفى سنة 1262هـ (1846م) والذي أحيى مدرسة استاذه حيث كان يحضر حلثة درسه ما يربو على ألف عالم وفقيه، وقد ضاقت مدرسة حسن خان بالطلاب(1) حينما كان يلقي محاضراته العلمية،  والشيخ خلف بن عسكر الحاشري صاحب المؤلفات الجليلة والرئاسة الدينية المتوفى سنة 1246هــ(1830م) والذي اشتهر الزقاق والطاق المعروفين بمحلة باب السلالمة باسمه. ولا يخفى على ذوي الخبرة أن الطاعون الجارف الذي اكتسح ساحة العلم في كربلاء في سنة 1426هــ(1811م) كان له الأثر الكبير في القضاء على النهضة العلمية المزدهرة في كربلاء والزاحفة نحو سلم الارتقاء والتطور يوماً بعد يوم حيث أهلك الكثير من الأعلام والبارزين من علماء الامامية وهجر الكثير منهم، وبعد ذلك اسسوا وأسهموا في مجاميع عليمة ثانية أينما حلوا.

كما لا يخفى أن الحركة الشسخية ظهرت في هذا القرن ايضاً على عهد الشيخ أحمد الأحسائي المتوفى سنة 1241هـ (1825م) وبعده على عهد تلميذه السيد كاظم الرشتي المتوفى سنة 1242هــ (1826م)، وقد كان الشيخ فطحلاً فيلسوفاً عارفاً مشاركاً في العلوم، ثم انقسمت الشسخية الى ركنية وكشفية في ظل مدرسة السيد كاظم الرشتي ذي المنزلة الرفيعة والحوزة المتلاطمة بالأفكار والفلسفات المتنوعة فانبثق من مدرسة عدد من الفكر والعلم وميداناً للمطاحنات العلمية بين العلماء والمفكرين كل

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أسرة المجدد الشيرازي:176.

(54)

يحاول إثبات مبدئه وفلسفته، ولكن المدرسة الأصولية المعتدلة تمكنت بفضل روادها من القضاء على كل الحركات التي تمخضت من خلال هذه المعارك الفلسفية نسبياً بفضل النقاشات البناءة.

        وقد برز في هذا القرن(1) صاحب الفصول ورائد الأصول الشيخ محمد حسين الاصفهاني المتوفى سنة 1254هـ (1838م) والسيد إبراهيم القزويني صاحب الضظابط والمؤلفات الخصمة الذي قضى عليه الوباء سنة 1262هــ (1846م) والسيد محمد حسين القزويني الطالقاني الذي لم يأل جهداً في تحريك هذه النهضة بخطاباته وتدريسه وقلمه وعلمه وعمله حيث كان رئيساً مقدماً ومدرساً كبيراً وخطيباً جليلاً ومفتياً مرجعاُ،توفي سنة 1281هــ (1864م).

        كما برز الشيخ عبد الحسين الطهراني الذي تولى الزعامة الدينينة والاجتماعية، فكان عيناً وعلماً وكان محترماً لدى السلطات الايرانية وغيرها، مما تمكن من خدمة هذه المدينة وحركتها العلمية خدمات جليلة الى أن توفاه الله سنة 1286هــ (1869م)، والشيخ محمد صالح النوري الحائري المتوفى سنة 1388هــ (1871م) الذي عرف بالزهد والتقى بالاضافة الى الفضل والعلم وكان صاحب عز وشرف وكان بقتديبه في الصلاة اليومية زهاء خمسة عشر ألف شخص حتى قال السيد الأمين: ولم يتفق حتى الآن مثل ذلك في جميع الأزمان والأعصار(2).

        هذا وقد لمع نجم السيد ميرزا علي نقي الطباطبائي المتوفى سنة 1289هــ (1872م) والذي عرف المسجد الجامع في كربلاء الواقع في سوف التجار باسمه، وقد تخرج من مدرسته قائد الثورة العراقية(3) وغيره من العلماء والأفاضل، وترك مؤلفات لها أهميتها العلمية، وهناك الأخوان البرغانيان الشيخ محمد صالح البرغاني الحائري المتوفى 1283هـ (1866م) صاحب المؤلفات بل الموسوعات الضخمة في التفسير والتاريخ

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أي ف القرن الثالث عشر الهجري.

(2) أعيان الشيعة: 7/380، الكرام البررة: 2/663.

(3) المراد به هو : الشيخ محمد تقي الشيرازي.

(55)

وغيرهما، وأخوه الشيخ محمد تقي البرغاني الحائري الذي قام بمبارزة الفرقة البهائية الضالة فاستشهد على اثرها سنة 1264هـ (1848م).

        وهناك الكثير الكثير من هؤلاء الأبطال الذين خلدوا التراث الامامي بأقلامهم وألسنتهم وأعمالهم وسيرتهم بما يضيق به المجال من التفصيل في  مثل هذه الموسوعة التي حصرت مجالها فيالامام الثائر الحسين بن علي ع.

        وفي هذا القرن وقبله اكتظت الساحة العلمية في كربلاء بقوافل طلاب العلم حيث اضطر الأعلام والأعيان الى إقامة معاهد دينية جديدة في المدينة العلمية هذه حيث لم تتسع الروضة الحسنية والعباسية بنفير العلماء وطلاب العولم الدينية الذين وقدوا من سائر الأقطار الاسلامية اليها، ولم تتمكن الغرف المحيطة بالمقامين الشريفين من احتواء كل الوافدين اليها لطلب العلم، فأسست المدارس على التوالي، فتأسست مدرسة حسن خان سنة 1180هــ (1766م)، ومدرسة السليمية سنة 1250هــ (1834م)، ومدرسة الصدر سنة 1268هـ (1852)، ومدرسة بادكوية سنة 1270هـ (1853م)، والمجاهد نحو سنة 1270هــ (1853م) والهندية الكبرى سنة 1270هـ (1853م)، والمدرسة الزينبية سنة 1276هــ (1859م)، ومدرسة الهندية الصغرى سنة 1283هــ (1866م)، ومدرسة المهدية سنة 1284هــ (1867م)، ومدرسة كريم خان سنة 1287هـ (1870م)، والى غيرها من المدارس التي تأسست في هذا القرن كالهندية الوسطى مما يدلنا على مدى ازدهار هذه المدينة برجال الفكر والعلم والأدب والفضيلة، فلذلك كانت مدينة الحسين ع في هذين القرنين بالذات وما بعدهما مورد عناية الكثير من الملوك والسلاطين وأصحاب الثروة والمال وأرباب السياسة والنظر، فقد عفيت المدينة من التجنيد الاجباري واعتبروها حرماً من الحرم التي لا يجوز انتهاكها(1) وإن التجأ اليها الهاربون من العدالة، هذا عند المؤمنين بهذه المفاهي. وفي مقابل هؤلاء فهناك بعض العصابات(2) كانت ولازالت

ـــــــــــــــــــــــــــــ

(1) فكانت الكثير من العشائر وغيرها تغير على سائر البدان الا أن كربلاء والنجف وتارة الحلة أيضاً كانت خارجة عن خارطتها الغاروية والهجويمة.

(2) كالوهابية ومن في فلكها من أذناب القوى العظمى المحتلة لبلاد المسلمين.

(56)

تبني أنفسها لهتك الحرم مهما كانت قدسيتها، وقد لجأ الى هذه المدينة من اتباع المدرسة الامامسة من جمسع القوميات عرب وعجم كالفرس والافغان والهنود والاكراد والاتراط ومن جميع الاقطار الاسلامية، ومن هنا سميت بعض المدراس بأسماء دولهم وأوطانهم.

        ويحدثنا  السيد الامين عن ازدهار الحركة العلمية في كربلاء فيقول: « وكان الحائر الشريف يومئذ محل رحل أهل العلم، فيه الف فاضل علماء إيران(1) وكانوا يحضرون درس شريف العلماء»(2).

        ويحدثنا اليسيد= الامين عن ازدهار الحركة العلمية في كربلاء فيقول: « لما كنت في إصفهان كنت أعد نفسي من أساتذة علم الأصول فلما جئت كربلاء وحضرت مجلس درسكم- الخطاب لشريف العلماء- عرفت اني كنت جاهلاً ولم اكن على شيء».

        ويعلق الامين قائلاً: « انتقل الشيخ موسى بن جعفر كاشف الغطاء المتوفلا سنة 1241هــ (1825م) مع أخيه الشيخ على المتوفي في كربلاء سنة 1253هـ (1837م) الى كربلاء من النجف سنة 1240هــ (1834م) بسبب وقوع بعض الحوادث فيا لنجف وشرعا في تدريس الفقه فانكب عليهما جمع كبير من العلماء والفقهاء حيث كان محطاً لرجال العلم(3)، فلما انقضى شهر محرم من تلك السينة عادا الى النجف، ولما توفي شريف العلماء سنة 1245هــ (1829م)، ورد الى النجف الف من طلبة كربلاء منهم الملا صالح المازندراني حباً بمدرسة الشيخ علي كاشف الغطاء وبعد أيام توفي الشيخ موسى سنة 1241هـ (1825م)، واستقل الشيخ علي بالتدريس، ومنها صارت النجف مرجعاً لاهل العلم من ايران وقبلها كانت كربلاء مرجعاً ولم يكن في النجف طلبة من الفرس(4).

        ومن هنا نعلم أنه بوفاة الوحيد البهبهاني وبانتقال بعض تلامذته كالسيد بحر العلوم والشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء وغيرهما الى النجف

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) هذا فقط من ايران وأمثالها من الهند وآذربايجان وافغانستان وغيرهما.

(2) اعيان الشيعة: 6/369.

(3) راجع ماضي النجف وحاضرها: 3/201 عن تكملة أمل الأمل.

(4) اعيان الشيعة: 9/369.

(57)

 الأشرف لم تشل الحركة العلمية في كربلاء الحسين ع رغم أنها فقدت بعض أركانها وأعضائها، بل ظل قلبها نابضاً ونهضتها منواصلة حيث كان فيها أمثال سيد الفقهاء وشيخ الاصوليين شريف العلماء المتوفى سنة 1245هــ (1829م) يحرك عجلة العلم ويدير العلماء ويلقي بمحاضراته على أكثر من ألف مجتهد وعالم، فلذلك تقدمت النهضة العلمية وازدهرت الجامعة الاسلامية وتخرج من حوزتها العشرات بل المئات من الاعلام والاساطين والأدباء والمفكرين حيثتولوا شؤون الفتيا وتشر العلم فيا لعالم، وقد تولى الملا اسماعيل اليزدي بالذات أمور الفتوى بعد شريف العلماء الا أن المنية وافته سريعاً(1).

        ولايخفى علينا دورصاحب الرياض المير علي الطباطبائي المتوفى سنة 1309هـ (1891م) ذي الشرف والعلم في هذا القرن الذي خدم  الطائفة بمؤلفاته الثمينة ومحاضراته القيمة وتلامذته الجهابذة(2) ومواقفه الجهادية والعمرانية، فكان علماً بارزاً ورئيساً مطاعاً وفقيهاً مرجعاً وسيداً شريفاً حتى قالوا في تأريخ وفاته « بموت علي مات علم محمد »، والسيد إبراهيم القزويني صاحب الضوابط المتوفى سنة 1262هــ (1846م) الذي كان بحتمع في حلقة درسه ما يزيد على ألف طالب وفيهم من فحول العلماء(3) الى غيرهم من أعلام هذه الامة التي امتاز هذا لقرن على غيره من القرون بكثرة نبوغ أبطال العلم والمعرفة فيه مما يمكن أن يقال فيه أنه بحق العصر الذهبي والقرن المزدهر رغم بعض الانتكاسات التي سببتها العصابة الوهابية حين غزت مدينة الحسين ع سنة 1216هـ (1801م) وفعلت ما فعلت من القتل والتريد وإباحة الحرمات وتدنيس المقدسات، وممن برز اسمه في هذه الفترة الشيخ سعيد المازندراني الشهيربسعيد العلماء والمتوفى سنة 1270هـ (1854م).

        وبما ان هذه المدينة كانت مركزاً علمياً حراً يفد اليه المفكرون

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) توفي الملا إسماعيل اليزدي بعد سنة 1246هـ.

(2) الذي تخرج عليه أمثال أسد الله التستري والسيد محمد جواد العاملي والسيد محمد باقر الشفتي أصحاب المقاييس ومفتاح الكرامة والمطالع.

(3) تراث كربلاء: 273.

(58)

والعلماء من جميع الاقطار وتخرج جامعاته الاعلام والأساطين لسائر الامصار، فقد تولدت فيها كما عرفت مجموعة من الفلسفات والحركات مما تسببت في عرقلة مسيرة العلم، بل فتحت باب الصراع، وما هذا الا دليل العفية وعظمة هذة الجامعة الاسلامية الكبرى، ومن هنا جاء وصفها في سنة 1299هـ  (1881م) حينما زارت الرحالة السيدة ديولافوا الفرنسية مع زوجها عالم الآثار السيد مارسيلو ديولافوا بأنها « عبارة عن جامعة دينية كبيرة يقصدها طلبة العلم من كل حدب وصوب من أنحاء العالم الاسلامي فيقضون فيها سني حياتهم ...»(1).

        هذا ولامجال لنقل كل المبرزين من فطاحل هذا القرن، ولعل الأفضل مراجعة بابا التراجم من هذا القسم حيث ذكرنا ترجمة أكثرهم بشكل موجز رعاية للاختصار في هذه الموسوعة الكبيرة، وهنا لابد من نقل كلام المحقق الطهراني في الذريعة حيث يوجز القول عن بعض أعلام هذذا القرن وفي إيجازه يوصلنا الى أن هذا القرن كان حافلاً بقوافل من أساطين العلم ممن حركوا مسيرة النهضة العلمية، وهذا نص كلامه : « إن كتب التقريرات أكثر من أن يستقصيها أحد، ولاسيما التقريرات الأصولية التي كتبتها تلامي شريف العلماء وصاحبي الضوابط والفضول في كربلاء »(2) وكان في تلك الفترة الفاضل الأردكاني الشيخ حسين المتوفى سنة 1305هـ (1888م) والذي كانت له مدرسة فكرية، وكان له كرسي الدرس في الصحن الشريف وتفد اليه الفطاحل، وكان يحضرالمجدد الششيرازي درسه لدى سفره الى كربلاء كما أنه هو صاحب النظرية في الاستصحاب الذي إثرإشكاله غير الانصاري نظريته بين أعلام الأصوليين»(3)، وممن برز من الاعالم من مدرسته السيد محمد حسين الشهرستاني المتوفى سنة 1315هـ (1897م) والشيخ محمد تقي الشيرازي المتوفى سنة 1385هـ (1956م) والسيد حسن الكشميري المتوفى سنة 1329هـ (1911م) والسيد مهدي الشيرازي المتوفى سنة 1380هـ (1960م) والشيخ علي البفروثي المتوفى

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع كتاب كربلاء في الذاكرة: 31.

(2) الذريعة: 4/367.

(3) راجع ترجمته من هذا الباب.

(59)

سنة 1394 هـ (۱۹۰۹م) والشيخ محمد الهمداني المتوفى سنة .. .هـ (. . ..م ) إلى غيرهم، ومن الذين برزوا في هذا القرن أيضا السيد صالح الداماد المتوفى سنة ۱۳۰3هـ (۱۸۸6م) والشيخ زین العابدين بن مسلم البارفروشي المتوفى سنة ۱۳۰۹هـ (۱8۹۲م)

هذا ولنقل إلى القرن الرابع عشر الهجري ونستطرد بالحديث عن مركزية  النجف الأشرف التي تطورت في عهد الشيخ مرتضى الأنصاري(1) بعدما قفل إليها من كربلاء المقدسة في القرن الثالث عشر الهجري بسبب حصار المدينة من قبل مدحت باشا(2)، وبوفاته انتقلت المرجعية العليا إلى المجند الشيرازي وبانتقاله إلى مدينة سامراء(3) المشرفة توزعت المركزية بين النجف وكربلاء وسامراء، حيث لم يتنقل كل أقطابها إلى ما سامراء بانتفال رمزها الأبرز، وظلت النجف تحتفظ بمكانتها العلمية بشكل وآخر، وبقيت في حالة مد وجزر إلى أن توفي المجدد الشيرازي في سامراء، فاستعادت بعض عافيتها، وبرز بعده بعض النجوم في النجف، وظلت المرجعية موزعة بين أقطاب الطائفية إلى عهد العلمين الكاظمين اليزدي والخراساني(4)، بل ظهرت بعض الخلافات السياسية بين القيادات الروحية على إثر نظرية الحكم في إيران في عهده السلطان محمد علي القاجاري، فتولى اليزدي قيادة حركة المستيدة، بينما الخراساني تولى قيادة حركة المشروطة(5).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) توفي الشيخ الأنصاري، منة1281هــ.

(۲) مدحت باشا : هو أحمد شفيق مدحت باشا، ولد في اسطبول 1238هــ (1822م )، سياسي عثماني ذو توجه موالِ للغرب، تولي مناصب عديدة منها (الرئاسية الوزراء) و ووزير العدل وخدم قبلها واليا، توفي في الطائف في سنة ۱۳۰1هـ (۱۸۸4م)

(۳) مدينة سامراء بناها المعتصم العباسي سنة 221هــ (836م).

(4) السيد محمد کاظم اليزدي هو صاحب کتاب العروة الوثقئ المتوفى في /۲۸/ رجب/ ۱۳۳۷هـ والشح محمد کاظم الخراساني مو صاحب كتاب كفاية الأصول المتوفىفي 21/ذي الحجة/ ۱۳2۹هــ.

 (5) المستبدة تعني حكومة الفرد في مقابل المشروعة التي تعني حكومة الشعب. يقول في هذا الصدد حسن العلوي في كتابه الشيعة والدولة القومية في العراقي: 99 إن اليزدي تزعم الفريق الداعي إلى الإستبداد في مواجهة دعاة الدستورية الذين تزعمهم الخراساني والقائلين بضرورة تحديد الصلاحيات المطلقة التي يتمتع بها كل من السلطان العثماني والشاه الإيراني.

(60)

ولا يخفى أن المركزية العلمية في كربلاء كانت في درجة عالية، مما شجعت الآخوند الخراساني من البقاء لفترات مختلفة في هذه المدينة والاشتغال بالتدريس وبالأخص في المواسم الدينية، وإلى هذا  يشیر ما كتبه السيد محمد هادي الخراساني حيت يقول:  «ثم تشرفت الى  کربلاء مسقط رأسي ومحل أنسي فاشتغلت بالدروس وتمحض اشتفاني بالفقه والأصول، وكان أول حضوري درس خارج كربلاء لدى الشيخ العلامة الآخوند المولى محمد کاظم الخراساني، وكان من الزيارتين في شهر رجب أعني أوله والنصف منه، وكان بحثه عن أدلة الكر، وقد كتبته حينذاك»(1). وهذا ولما انتهت المرجعية العليا بموت الخراساني في كربلاء المقدسة تولاها اليزدي من النجف الأشرف الى أن برز نجم الامام الشيخ محمد تقي الشيرازي(2) على أفق كربلاء مع مجموعة من أعلام هذه الامة(3) مممممن واصلوا الدرب وحملوا راية العلم والجهاد خلفاً لأسلافهم، فبقت الجامعة الاسلامية في كربلاء تحافظ على حيويتها وعطائها العلمي في هذا القرن، وممن علا ذكرهم هو المولى الشيخ محمد حسين الأردكاني المتوفى سنة 1305هـ (1888م) الذي ازدهرت كربلاء في عصره حيث أعاد اليها نضارة عصر الوحيد البهبهاني وشريييف العلماء، وقد اننتهت اليه الزعامة الدينية التي لا يكاد ينازعه عليها أحد، والسيد محمد حسين المرعشي الشهرستاني المتوفى سنة 1315هـ (1897م) ومنهم قائد الثورة العراقية الشيخ محمد تقي الشيرازي الحائري المستشهد سنة 1339هـ (1919م)، الذي رجع من سامراء الى بلده كربلاء إثر احتلال الجيوش البريطانية لسامراء، وكانت

ـــــــــــــــــــــــــ

(1) سيرة آية الله الخراساني: 17.

(2) جاء في سيرة آية الله الخراساني: 28« أن الشيرازي سافر الى النجف لزيارة الغدير قلم يلتق به السيد اليزدي زعماً منه أنه يرجع إليه المشروطيون».

(3) وهنا لايد من الاشارة الى أن المجدد الشيرازي عندما توفي سنة 1312هـ بقيت مركزية مدينة سامراء على حرارتها لفترة قصيرة جداً لم تتجاوز السنتين او الثلاث، ولكن أعلام هذه المدينة توزعوا في أغلبهم على الجامعتين العلميتين كربلاء والنجف، فمنهم من هاجر بأصحابه الى كربلاء ومنهم من هاجر بأصحابه الى النجف بينما بقي الشيخ الشيرازي قائد الثروة فيها حتى ينة 1335هـ، ومن الأعلام الذين هههاجرها مع أصحابه هو السي إسماعيل الصدر.

 

(61)

عودته مع ثلة من المفكرين والجهابذة من العلماء فعندما نقلت مجموعة من الأعلام من النجف وغيرها إلى كربلاء وشدت الرحال إليها كالسيد حسين القمي والسيد محمد هادي الخراساني(2) . وقد تولى الشيخ الشيرازي الزعامة الدينية(3) والسياسية في العراق بل في العالم الإسلامي وفجر الثورة ضد المحتل البريطاني الغازي(4)، كما تحركت النهضة العلمية في كربلاء من جديد فأصبحت كربلاء المقر الأبرز للعلم والسياسة والقرار فترعرع في حظیرتها أصحاب الأدب و العلم و أرباب الفكر والقلم ورواد السياسة والحكم و أصبحت آنذاك كربلاء تعج بالعلماء والأعلام من سائر الأقطار والبلدان أمثال السيد مهدي الشيرازي المعروف بالزهد والعلم والشيخ محمد رضا الإصفهاني المختص بالحكمة و الفلسفة الإسلاميين والسيد محمد هادي الميلاني وغيرهم، ويقول الرحالة الهندي محمد هارون الزنكي پوري عند زيارته هذه المدينة سنة  1327هـ (۱۹۰۹م) ارض المشهد – الحسيني ــ کما أختصت بلعلم واهله ودرس الفقه ونقله، فمن قديم العهد وماضي الوقت كانت محطاً لفحول الفقهاء وموطناً لأجله النبهاء وموطناً لخيار العلماء ومعدناً لكبار الكملاء، ومورداً للطالبين الأذكياء ومشرعاً للمحصلين الأزكياء ومنزلاً لتلعم والتعليم ومحلاً للدراسة والتفهيم، والى الآن باقية كما كان ومنزلاً للتلعم والتعليم ومحلاً للدراسة والتفهيم، والى الآن باقية كما كان

ـــــــــــــــــــــ

(1) ممنهم السيد محمد هادي الميلاني والشيخ محمد علي القمي والسيد محمد هادي الخراساني.

(2) يقول الكاظمي في أحسن الأثر: 36 عن فترة ما بعد الشيخ الشيرازي في ترجمة السيد الخراساني: « له فيها ـ كربلاءـ دورة بحث أنيقة يحضرها كثير من طلاب العلم كلهم فضلاء جهابذه يضرب بهم المثل في العلم والعمل، وليسدنا المترجم المستقبل الزاهر بانتهاء الدورة اليه وحيازته الأسبقية بالمرجعية والتقليد».

(3) وقد جرى لطلاب الحوازات العلمية راتباً شهرياً وثناه بالمساعدات الفصلية، وعن هذا يقول السيد محمد هادي الخراساني في سيرته: « وكان الأستاذ طوال إقامته في كربلاء يعطي معاشات جميع العلماء والطلاب في النجف الاشرف ويقسم كل سنة أشهر تقسيماً وافراً ويبعث الى سامراء كل شهر أربعة آلاف روبية ـ هندية ـ ويعطي معاشات من بقي في الكاظمية من الاصحاب ويقسم بين علمائها، وأما كربلاء فسل مني ما شئت (سيرة آية الله الخراساني: 28)».

(4) راجع القسم السياسي من النهضة الفكرية في الحائر.

(62)

تعديد - احصاء على العلماء في غاية التعسر»(1)، وممن برز في هذا القرن السيد علي الشهرستاني المتوفى سنة 1344هـ (1925م) والسيد هاشم القزويني المتوفى سنة ۱۳۲۷هـ (۱۹۰۹م) والسيد جعفر بن علي نقي الطباطبائي المتوفى سنة 1321هـ (۱۹۰۳م).

وكان هذا القرن مميزاً عن بقية القرون بكثرة النشاط والحركة وقوة الإرادة والتحدي أمام الطغاة والحكام بدءاً بالإمام القائد الشيخ محمد تقي الشيرازي وانتهاء بالسيد محمد الشيرازي حيث بدأ الاحتلال البريطاني في أوائل هذا القران بالقضاء على نهضة كربلاء العلمية والفكرية ودورها  السياسي المميز وانتهى بفوز أذنابه في أواخر هذا القرن على عهد عدو الإسلام صدام التكريتي.

وبعدما كانت کربلاء محط العلم والفكر وقطب رحى السياسة والإدارة | علی عهد الشيخ الشيرازي والنخبة المحيطة به حاول المحتل البغيض القضاء على مدينة الحسين ع مدينة الثائرة بوجه الظلم والناهضة بامر العلم إلا إن محاولاته باءت بالفشل.

وباستشهاد الشيخ الشيرازي انتقلت الريادة السياسية إلى شيخ الشريعة  الأصفهاني القاطن في النجف الأشرف(2) ولكن كربلاء المقدسة حافظت

 (1) رحلة عراقية: 124

(۲) وهنا لابد من التذكير بان  مقر السياسية والعسكرية الدينية كان في كربلاء، وقد ورسخت لأجل تلك الأجهزة الأمنية والسياسية وأمنت الطرق ورتبت الأمور على هذا الساس،  ولكن بموت الإمام الشهيرازي التي تحركت أياد خفية نقل القيادة إلى خارج کربلاء بحجة واهية جدا أن شيخ الشريعة يقيم بالنجف، وكان الجدير أن يهاجرشيخ الشريعة الى كربلاء لا أن ينقل مقر القيادة في تلك الظروف الصعبة التي لا شك أن الريطانيين كانت لهم اليد الخفية في القضاء على الامام الشيرازي وفي نقل القيادة، والعادة أن العاصمة لا تنقل بموت القائد ينتقل اليه لا لظروف استثنائية، ولذلك كانت النتائج سلبية وليت شعري لو انتهى الأمر عند هذا الحد، ففي هذه الظروف خلقت أجواء المنافسة بين المدن الثلاث كربلاء والنجف والكاظمية ولا شك أيضاً أن يكون البريطانييون أيضاً من وراء ذلك، حيث أن هذه المدن الثلاث كانت مركز المعارضة ولها دورقيادي في تهييج الشعوب لمقاومممة المحتل الاجنبي، وكانت النتيجة ذلك أن بذرت روح الششقاق والخلاف بين =

 

(63)