الأسر العلمية  في كربلاء  آل المرعشي الشهرستاني

اسم الکتاب : الأسر العلمية في كربلاء آل المرعشي الشهرستاني

المؤلف : تأليف د. سلمان هادي آل طعمة
المطبعة : منشورات شركة الأعلمي للمطبوعات بيروت – لبنان

 

 

 

 

 

 

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

(7)

الحمد لله الذي علًم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم، والصلاة والسلام على إمام المتقين وسيد المرسلين وخاتم النبيين، المنزل عليه الكتاب المبين تبياناً لكل شيء وهدى إلى كل خير ورحمة لقوم يوقنون، وعلى آله الطيبن الطاهرين الهداة المنتجبين.

       وبعد: كانت مدينة كربلاء فيما مضى من القرون كعبة للعلماء ومعقلاً للحركات الفكرية، ومنارة يشع منها نور العلم والعرفان، زاخرة بكثير من الشواهد الحضارية، يتجلى فيها أروع صورة للنهوض الفكري والثقافي، وكان للعلماء نصيب وافر ودور ملحوظ في ميادين العلم والأدب والجهاد، ومما هو حري بالذكر أن الحركة العلمية بلغت في القرنين الثاني عشر والثالث عشر الهجري أوج عظمتها، ذلك بكثرة المعاهد الدينية والعلماء وطلاب العلم والآثار والمصنفات التي الفت من رسائل وكتب تحقيقية قيمة أغنت المكتبة العربية والإسلامية، ومن هنا نشات فكرة الإحساس بضرورة البحث والتحليل في خدمات العلماء ودراسة أهدافهم  وطرق جهادهم واجتهادهم بالتقرب ألى الله وإقامة أحكام الله، حاملين راية العلم والجهاد، مستلهمين من الإمام الحسين بن علي عليه السلام روح الجهاد والكفاح ودروس الفضيلة والايمان.

(8)

       كانت مكانة كربلاء من العظمة بمكان بحيث انعكس فيها آثار الأحداث والثورات والتحولات السياسية، إضافة إلى نبوغ العالم الرباني الشيخ محمد باقر بن محمد أكمل البهبهاني الحائري المتوفى سنة 1208هـ زعيم الحوزة العلمية- آنذاك – مع رحيل من أكابر أساطين العلم وأعاظم المجتهدين ومشاهير العصر من المدرسين كالشيخ يوسف البحراني والسيد علي الطباطبائي والسيد محمد مهدي الموسوي الشهرستاني وأضرابهم الذين أقاموا صرح العلم والمعرفة، وقاموا بالوظائف الدينية من الإفتاء والتدريس في العديد من المساجد والمعاهد التي أوجدها الموسرون من اهل الخير عهد ذاك، والتصدي للأمور التي تهم المجتمع، وقدخرج من مجالس بحوثهم جمع غفير من أجلة العلماء والمحدثين البالغين درجة الاجتهاد، وذلك لدقة نظر العالم وبعد غوره في المطالب الغامضة، والمسائل المشكلة، وانبثقت حلقات التدريس والبحث الخارج، ضمت الكثير من المجتهدين والطلاب والباحثين الذين لايستغنى عنهم في تدريس مقدمات العلوم الدينية كالمنطق والفلسفة والأدب والفقه وأصوله والعلوم العربية وغيره في تلك الحوزات التي تعج بها كربلاء، وكان لتلك الدروس تاثير عميق في النفوس ، من جهة أخرى كان المدرسون يدعون تلاميذهم الى بذل المزيد من الجهد في إصلاح شؤون المجتمع الإسلامي ومحاولة تطبيق الإسلام وأحكامه المقدسة، لاشك في أن ذلك كان عاملاً مهماً في حياة المجتمع الكربلائي.

       قد اشتهر أمر هذه المدينة في شتى الأقطار، وذاع صيتها في أقصى المدن والأمصار، بما أفرزته من أولئك العظماء الذين تذكرأسماؤهم مقرونة بالأجلال والإكبار، وتقرأ مؤلفاتهم مصحوبة بالتعظيم والإعجاب، جادت شآبيب الرحمة أجداثهم، وكانوا قدوة صالحة لمن نسج على منوالهم. وبذلك نشطت الهجرة إلى طلب العلم من الديار البعيدة، واختلفت عناصر المتعلمين على الدرس في معاهدها، فكانوا أحسن الطلبة سلوكاً وأوقرهم أدباً وأكرمهم خلقاً، وكل فرد منهم نذر نفسه ليستقصي وينقب ويبحث ليقدم الرأي العلمي الدقيق الحصيف مع الأناة والتأني. قد جمع صفتي العالم والمربي.

(9)

أننا أثبتنا هذا القول ببراهين كثيرة في كتبنا ورسائلنا وتعاليقنا. ونحن في هذا الكتاب نتناول تاريخ الأسرة المرعشة الشهرستانية الحسينية مع نبذ من سير أعلامها ومفكريها ومآثرها والدور الذي لعبه رجالها خالا العقود المنصرمة واسهامهم في دفع عجلة الحركة العلمية إلى الأمام من خلال تصدي رجالها في حقلي التدريس والتاليف اعتقاداً  منا بضرورة ذكر مآثر العلماء واستجابة لقوله عليه السلام: «من ورخ مؤمناً فقد أحياه » ومما يجدر ذكره إننا قد وضعنا سلسلة في تاريخ الأسر العلمية في كربلاء. وسيالحظ القارئ المتتبع لسير هؤلاء النوابغ أن ما في هذا الكتاب من آراء قد وجها في كتب أخرى، وأن الغاية المتوخاة من وضع الكتاب إضافة إلى ما ذكرناه من آراء هو جمع كل المعلومات المتوفرة بتسلسل منطقي مقبول ومبسط للقارئ الفطن لكي يرى بأم عينيه ما خباته هذه ألاسرة من كنوز معرفية دفينة تضئ بعض الجوانب المتعلقة بهذه الأسرة، وتهم الإنسان المعاصر، كي تظهر هذه الدراسة بأبهى صورها وأجلى مظاهرها.

       وأني لارجو أن يساعد هذا الكتاب على فهم ما توصلنا إليه من خلال شرح وتوضيح هذه الدراسات التي أثرت ألى حد بعيد في صياغة منهج جديد يفتح آفاقاً واسعة للولوج إلى عالم آخر يعد الأكثر أهمية في وصف سير الأعلام ودور الأسرة في اعداد جيل واع يتمكن مستقبلا من تفعيل دور الأمة الإسالمية للنهوض الفكري على الصعيدين السياسي والمعرفي .

       وان اهتمامي بأسرة آل المرعشي الحسينية ياتي من كونه اهتماماً بالاسر الكربلائية العلمية، ويعد هذا الكتاب الثاني من السلسلة المزمع إنجازها، راجياً من الله يوفقني لاتمامها واخراجها.

       وقبل الدخول في تفاصيل ذلك لابد من ذكر بيوتات الشهرستانية في كربلاء كي تكون مقدمة لما نريد قوله عن الأسرة المرعشيه الشهرستانية ولا بدَّ من الإشارة إلى أني قسمت الكتاب إلى مدخل تناولت فيه ما يتعلق با لأسرة المرعشية الشهرستانية ومصاهراتها، كما ذكرت بيوتات كربلاء التي عرفت بالشهرستاني، ثم تطرقت إلى

(10)

أعلام هذه الأسرة الجليلة بشكل تفصيلي، وألحقت الكتاب ببعض الوثائق والرسائل المهمة المتعلقة بالأعلام الذين تناولته بالدراسة. ونسأل الله تعالى أن ينفعنا بهذا السفر، وأن يكلل مساعينا بالنجاح، ويهدينا الى ما نحب ويرضى، انه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير ومن الله العصمة والتوفيق، وبيده زمام الإلهام التصديق.     

1325هـ

سلمان هادي محمد آل طعمة

كربلاء المقدسة- العراق

 

(11)

ألاسرة المرعشية الشهر ستانية

       آل المرعشي الشهرستاني أسرة علمية حسينية النسب، ذات جاه عظيم ومقام كريم ليس في العراق فحسب، بل في البلاد العربية والسلامية أجمع، لها صيت ذائع وذكرلامع. استوطنت كربلاء في القرن الثاني عشر الهجري، وانجبت رهطاً من العلماء والمحدثين، أحرزوا مكانة سامية في دينا الإسلام بتعلم وفضل وجهاد مستمر في سبيل الدين، بالأضافة إلى عمل المعروف ونصرة الضعيف والتضحية في سبيل المصلحة العامة.

       من أبرزأعلامها: السيد محمد حسين المرعشي الحسيني الشهرستاني المتوفى سنة1247هـ(1). وولده السيد محمد علي المتوفى1287هـ، ثم أعقب الأخير ولده السيد محمد حسين المتوفى سنة 1315هـ (1).

       أما لقب (المرعشي) الذي عرفت به الأسرة فنسبة إلى مرعش، قال السيد على خان المدني في (الدرجات الرفيعة): المرعشي بضم الميم وسكون الراء وهو لقب لجدهم علي بن عبيد الله بن محمد بن الحسن بن الحسين بن علي المذكور لأنه كانت به رعشة أو تشبيهاً له بمرعش، وفي (أنساب السمعاني): مرعش اسم علوي انتسب إليه أبو جعفر المهدي بن إسماعيل بن إبراهيم وهو يعرف بناصر بن أبي حوا بن تميم بن الحسين وهو يعرف بأمير بك بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب العلوي.

(1) تراث كربلاء- سلمان هادي آل طعمة1512.

(12)

المرعشي المعروف بناصر الدين(1).

       وقال القاضي نور الله التستري في مجالس المؤمنين: (... إن السادة المرعشية انشعبوا إلى أربعة فرق، منهم من سكن طبرستان، ومنهم من خرج من طبرستان ونزل بلدة تستر، ومنهم من هاجر من طبرستان إلى أصفهان ومنهم من توطن بقزوين فيهم الأمراء والوزراء والأفاضل(2).

       قال البغدادي في المراصد: وفي وسطها حصن كان بناه مران الحمار ولها ربض يعرف بالهارونية(3) ولها سوران وخندق(4).

       وأضاف الزبيدي: والصواب أنه من الشام المن الجزيرة متاخم الروم(6).

هذا وقد كان للسيد علي المرعشي من الأولاد أربعة عشر ابناً، وإلى هذا السيد الجليل تنتمي السادة المراعشة في العالم الإسلامي.

       والشهرستانية نسبة إلى بلدة (شهرستان) مدينة في إقليم فارس، واسمها بالفارسية يعني مدينة الناحية، يقول ياقوت الحموي: (وثمة مدينة ثانية بايران، وهي اليوم شبه خراب تسمى شهرستان، وإليها ينسب صاحي كتاب (الملل والنحل) محمد بن عبد الكريم الشهرستاني(7).

       وقد وصف المرحوم آغا بزرك الطهراني هذه الأسرة في نقباء البشر بقوله: آل

(1) أعيان الشيعة- للسيد محسن الأمين، ج35، ص99.

(2) مجالس المؤمنين 2: 148.

(3) مراصد الاطلاع للبغدادي.

(4) معجم البلدان5: 107

(5) الصحاح للجوهري(رعش)3: 1006.

(6) تاج العروس(رعش)17: 216.

(7) معجم البلدان/ ياقوت الحموي، ج3، ص377.

(13)

الشهرستان من بيوت العلم العلوية الجليلة في الحائر الحسيني المقدس وهي أسرة شريفة النسب، قديمة في العلم، لأفرادها مكانتهم السامية في النفوس، نبغ فيها غير واحد من الفطاحل والجهابذة.....)(1).

       وجاء ذكر هذه الاسرة في كتاب أعيان الشيعة من جملته: (ويؤلف معظمهم نخبة صالحة من العلماء والأعيان والمؤلفين وهم منتشرون في أكثر مدن العراق ككربلاء والنجف وبغداد والبصرو والكاظمية وسامراء والحلة كما هم منتشرون في كثير من أمهات مدن إيران كطهران ومشهد الرضا والمحمرة(خرمشهر) وإصفهان وتبريز وقم ورشت.

       وهم على اتصال دائم فيما بينهم سواء أكانوا في العراق أو في إيران كما يسكن أفراد من هذه الأسرة بعض مدن الهند وباكستان(2):

       ويقول ياقوت الحموي في موضع آخر:

بلدة مرعش رامته شمال مدينة حلب داخل الأراضي التركية في الوقت الحاضر بناها آخر الخلفاء الأمويين مروان بن محمد الملقب بالحمار، قلعة تحميهم من غارات الروم ووسعها الخليفة العباسي هارون الرشيد سنة 180هـ(3).

وجاء في كتاب (موسوعة المدن العربية والإسلامية) ماهذا نصه= شهرستان مدينة في إقليم فارس واسمها بالفارسية يعني مدينة الناحية، وبالفعل كانت هذه المدينة قصبة سابور، عامرة آهله طيبة الماء والهواء، فيها الأترج والقصب والزيتون والعنب، مياهها كثيرة وعيونها غزيرة ومساجدها محفوظة، وكانت لها أربعة أبواب: باب هرمز، وباب مهر، وباب شهر، وباب بهرام، وعليه خندق والنهر دائر على القصبة كلها، وكان على طرف المدينة قلعة تسمى دُمبلا، يزعمون أن النبي (ص) صلى

(1) نقباء البشر2: 627

(2) أعيان الشيعة10: 164.

(3) معجم البلدان/ ياقوت الحموي، ج3، ص102.

(14)

فيه ومسجد آخر له مسجد الخضر بقرب القلعة، وبها أثر قنطرة(1).

       ويقول مؤلف كتاب (تاريخ وبيوتات آل البيت في وادي الرافدين)= (آل الشهرستاني- آل السيد علي الكبير- يرجع نسبهم إلى الحسن الفارس بي يحيى بي الحسين النسابة بن أحمد المحدث( النجف، كربلاء، والكاظمية)(2).

       ومهما يكن من أمر فان نسبة الشهرستاني هي نسبة إلى بلدة شهرستان الواقعة إما في خراسان أو في مازندران أو في جي إصفهان(3) وقد نزح عميد هذه الاسرة السيد ميرزا مهدي الشهرستاني من جي اصفهان إلى كربلاء حدود عام 1160هـ بعد هجوم الأفاغنة عليها وانقراض الدولة الصفوية، وله فيها عقارات وأملاك أوقف بعضها جدهم السيد أبو الفضل عام947 للعتبات المقدسة في العراق والمدينة المنورة وإيران.

وقد كان السيد محمد متولياً على تلك الموقوفات وقد صدر له مرسوم من الشاه عام 1203 في ذلك، ثم انتقلت هذه التولية بعده ألى ولده الأكبر السيد محمد حسين الموسوي الشهر ستاني الأول، ثم لابنه السيد محمد جعفر.

       وقد ألقى السيد الشفتي بعض الشبهات على هذه المواقع وأن تولية السيد محمد مهدي عليها جاءت لكونه فقيهاً جامعاً للشرائط لا لكونه من ابناء السيد أبو الفضل، لأن

(1)موسوعة المدن العربية والاسلامية/د. يحيى شامي، ص267.

(2) تاريخ وبيوتات آل البيت في وادي الرافدين/ فتحي عبد القادر سلطان، ص233.

(3) قال الشيخ عباس القمي في (الكنى والألقاب)، ج1،ص375 و376: وشهرستان اسم لثلاث مدن:

1- شهرستان خراسان بين نيسابور وخوارزم في آخر حدود خراسان منها أبو الفتح محمد المذكور بناها عبد الله بن طاهر أمير خراسان في خلافة المأنون.

2- شهرستان قصبة ناحية سابور من أرض فارس.

3- مدينة جي بأصبهان وهي على نهر زوندرود بها قبر الراشد بن المسترشد نقل ذلك ابن خلكان عن ياقوت الحموي ونحن أرودناه ملخصاً، والى شهر ستان الذي عد من توابع أصبهان نسب الميرزا الشهرستاني.

(15)

السيد أبو الفضل كان حسنيياً والسيد ميرزا مهدي موسوياً وغيرها من الشبهات وقد أجاب السيد محمد جعفر الموسوي الشهر ستاني- حفيد ميرزا مهدي- على تلك الشبهات الوحدة تلو الأخرى في رسالة خطية موجودة عند العلامة السيد علي الشهرستاني نزيل مشهد، ومما قاله السيد محمد جعفرفي تلك الرسالة يستشف منها انه من أسباط الميرزا أبي الفضل، وهذا الكلام يقوي ماقيل بأن النسيبة بين السادة الحسينية الشهرستانية، والسادة الموسوية الشهرستانية كانت قبل تاريخ مصاهرة السيد محمد حسين المرعشي الشهرستاني مع كريمة السيد ميرزا مهدي الموسوي الشهرستاني.

       ولزيادة الايضاح فقد توجهت بالسؤال إلى سماحة العالمة السيد علي الشهرستاني نزيل مشهد، فأدلى التالية:

       المرعشي نسبة إلى مدينة مرعش الشامية، والمرعشي لقب لابناء رجل من مدينة مرعش، إما لاجل رعشة كانت في يده أولكونه كان يجلس على العريش- وهونوع من السرير- أونسبة لطائرجميل، وبما أن المراعشة حكموا طبرستان وعند انحلال دولتهم في أواخر القرن العاشرانقسموا إلى مدن كثيرة منها قزوين وشوشتر واصفهان وكرمانشاه، هذا ما قاله القاضي نور الله التستري في (مجالس المؤمنين)، ونحن حينما نراجع مشجرة الميبدي نلاحظ لقب المرعشي الشهرستاني كان لبعض الأسر قبل هذا التاريخ ويمكنكم مالحظة ذلك في مشجرتهم، وهذا مما يدل على أن السادة المرعشية سكنوا مدن متعددة ضمنها شهرستان اصفهان ومما لايستبعد ان يكون السيد محمد علي (الأول) الحسيني المرعشي قد صحب السيدمحمد مهدي الموسوي الشهرستاني من مدينة شهرستان(1)إلى كربلاء، فسكنها ولأجل هذه الصحبة كونهما من مدينة واحدة، فأقدم ابنه السيد محمد حسين (الأول) نجل السيد محمد علي المذكورعلى الاقتران من كريمة السيد محمد مهدي الموسوي الشهرستاني، وهذه هي أول مصاهرة بين الأسرتين العلميتين الجليليتن.

(1) أي جي أصفهان بعد أن كان نزح اليها من طبرسيان بعد سقوط دولتهم.

(16)

يضاف إلى ما تقدم أن لقب الشهرستاني غلب على الأسرة المرعشية الحسينية نسبة لمصاهرة السيد محمد حسين الحسيني المرعشي المتوفى سنة 1246هـ بكريمة العلامة محمد مهدي الموسوي الشهرستاني المتوفى سنة 1216هـ(1).

            ويذكر لنا المؤرخون أن السادة الحسيني المرعشي– آصفي الساكنين مدينة اصفهان هم من أعقاب السيد أمير محمد بن السيد أميرعلي (للاطلاع على ذلك يمكن مراجعة مشجرة سادات خاتون آبادي).

       أما السادة الحسيني المرعشي خليفة سلطاني، نواب ونوابي الساكنين أصفهان، قمشة (شهر رضا)، وآذربايجان، وطهران وغيرهما من الاماكن هم من أعقاب السيد علاء الدين حسين الأول(2).

       وهذان يشيران الى ان بعض المراعشة سكنوا اصفهان وخصوصاً مدينة جي بعد سقوط دولتهم في أواخر القرن العاشر، في مازندران وهو الاخر يوكد اكتساب بعض المراعشة لقب الشهرستاني قبل مصاهرة السيد المرعشي الشهرستاني بكريمة السيد محمد مهدي الموسوي الشهرستاني.

       وهذا وقد اورد السيد محمد قاسم الهاشمي نسب الأسرة المرعشية الحسينية الشهرستانية ابتداء من الامام زين العابدين بن الأمام الحسين بن علي عليه السلام وانتهاء بالحجتين السيد جواد الشهرستاني والسيد علي الشهرستاني، وقد بلغ تعداد أسماء الأباء38اسماً(3).

       وجاء في مجلة(لغة العرب) الصادرة ببغداد حول لفظة (مرعش) ما هذا نصه :(العنصر الثاني أشراف وردوا مدينة كربلاء من شهرستان مازندران في أوائل القرن الثاني عشر الهجري وينتهي نسبهم الى السيد قوام الدين مير بزرك المذكور ثم منه الى

(1)شخصيات أدركتها/ السيد، صالح الشهرستاني،ص144.

(2) تاريخ بانصد ساله خاندان شهرستاني/ محمد قاسم هاشمي، خاشية،ص256.

(3)المصدرنفسة، ص260.   

(17)

       الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام وقد امتزج هذا العنصر[أي المرعشي] بالعنصر الاول[ اي الشهرستاني] امتزاجاً غريبا حتى صار جميع أعضائها أسرة واحدة.

       وفصيلة متصلة لايكاد يمتاز واحدهم عن الآخر واصبح اسم الشهرستانية يقع عليهم جميعاً بعد أن صاروا عائلة واحدة( حفظ هذا النص انشاء الله. هبة الدين الشهرستاني)(1).

       تنتسب الأسرة المرعشية كما أشرنا إلى الحسين الأصغر بن الإمام علي زين العابدين عليه السلام، وقد حفلت بالعديد من العلماء الأعلام الذين نسلوا منه ونبغوا في الفقه وأصوله، وتركوا ثروة علمية للحوزة الدينية بمؤلفاتهم النفيسة فيه(2).

       وتاكيداً لما أوردناه أدلى الأستاذ نور الدين الشاهرودي برايه فقال: آل المرعشي هم سادة حسينيون ارتبطوا بنسبة المصاهرة بأسرة الشهرستاني،- وهم سادة موسويون- فغلبت علليهم شهرة الشهرستاني، استوطنت هذه الأسرة مدينة كربلاء في القرن الثاني عشر الهجري، وبرز بين أفرادها علماء وفقهاء كبار منهم السيد محمد حسين بن محمد علي بن محمد اسماعيل الحسيني المرعشي المتوفي سنة 1247هـ، والذي كان قد صاهر العالم والمرجع الديني الكبير في كربلاء السيد الميرزا محمد مهدي الشهرستاني رأس الأسرة الشهرستانية على ابنته، فعرف هو وأبناؤه وأحفاده بلقب الشهرستاني، ونجله محمد علي بن السيد محمد حسين المرعشي الشهرستاني المتوفي سنة 1287هـ، ونجله الآخرالسيد محمد تقي بن السيد محمد حسين المرعشي الشهرستاني، والذي ترجمه صاحب(نقباء البشر)(3)..الخ.

       فتحصل مما سبق:

       أن بلدة(شهرستان) اسم لعدة مواضع في اصفهان وخراسان ومازندران أما لقب المرعشي فانها وان كانت اسماً لمدينة مرعش الشامية لكنها أصبحت اليوم علماً

(1) مجلة (لغة العرب)، ج3 رمضان1330هـ/أيلول 1912م، ص114.

(2) عشائر كربلاء وأسرها/ سلمان هادي آل طعمة،ص201.  

(3) تاريخ الحركة العلمية في كربلاء/ نورالدين الشاهرودي، ص230.

(18)

 لأسرة علوية تقطن دول إسلامية كثيرة منها إيران فقد تمركزوا في طبرستان ثم انقسموا إلى اصفهان وقزوين وتستر وغيرها.

       ومن هنا تكون نسبة الشهرستاني نسبة الى بلدة شهرستان.

       أما المرعشي فهي نسبة إلى أولاد السيد علي المرعشي، وبذلك تكون النسبة بينهما كما يقوله الأصوليون عموماً وخصوصاً من وجه اذ أن صاحب مجالس المؤمنين قد حدد تواجد المراعشة الموجودين في إيران بعد سقوط دولتهم بطبرستان: مازندران في أربعة مناطق وعد منها اصفهان فلا يستبعد أن يكون هؤلاء السادة المراعشة هم من الذين نزحوا إلى اصفهان وسكنوا بلدة جي فصاروا مرعشيين شهرستانيين بهذا المعنى.

       فهم مراعشة بكونهم من أبناء السيد علي المرعشي.

       وشهرستانيين لكونهم ساكنين مدينة جي الاصفهانية، وإن لم يكنر السيد علي الشهرستاني نزيل مشهد أن تكون المصاهرة بين السيد محمد حسين المرعشي الشهرستاني مع السيد ميرزامهدي الموسوي الشهرستاني قد أحكمت هذه النسبة مشيراً الى ان لقب الشهر ستاني كانت تطلق على بعض السادة الحسينين والمراعشة قبل هذا التاريخ، مثل السيد عبد الرحيم بن محمد الحسيني الشهرستاني المعاصر للشاه سلميان الصفوي والذي ترجم كتاب ثواب الأعمال للشيخ الصدوق الى الفارسية(1).

       والسيد جمال الدين بن محمود الحسيني الشهرستاني شارح(تهذيب المنطق) بالفارسية كتبه أوان اشتغاله بالتحصيل وفرغ منه في 20رجب سنة 991 والنسخة موجودة في المكتبة الرضوية تاريخ كتابتها1100 ونسخة أخرى منها في النجف(2).

(1) الكواكب المنتشرة في القرن الثاني بعد العشرة/للشيخ أغا بزرك الطهراني:428.

(2) الكواكب المنتشرة في القرن الثاني بعد العشرة: 678 وأحياء الداثر في القرن العاشر: 224-225.

(19)

ومحمد باقر بن محمد حسين الشهرستاني من تلاميذ العلامة المجلسي الثاني كتب المزار من بحار الأنوار بخطه وفرغ منه في ضحوة السبت 13محمرم 1087 مصرحاً فيه بانه كتبه عن نسخة الؤلف(1) ثم استدل السيد علي الشهرستاني فيما كتبه كمقدمة لكتاب الصراط الأقوام في الصلاة في الخيط من الابريسم لسيد أحمد الشهرستاني- بقوله: ويؤيد مدعانا ما قاله السيد محمد جعفر بن محمد حسين بن محمد مهدي الموسوي الشهرستاني في اجوبته شبهات السيد الشفتي رحمه الله من أن توليه السيد مهدي الموسوي الشهرستاني على موقوفات السيد أبي الفضل جاءت لكونه من ابناه لا لكونه مجتهداً جامعاً للشرائط، اي ان الولاية على الموقفة جاءت لبنوته لا لولايته العامة الشرعية لكونه حاكم شرع.

       فلو صح كلام السيد محمد جعفربن محمد حسين بن ميرزا مهدي الموسوي الشهرستاني لصح مدعانا، إذ أن السيد أبا الفضل الشهرستاني هوسيد حسيني كنا هو المشاهد في الموقوفة الموجودة مصورة منها عندنا.

       آما السيد محمد مهدي فهو سيد موسوي فلا يمكن تصور العلاقة بينهما إلا بالقول أن والدة السيد محمد مهدي كانت من أبناء السيد أبي الفضل الحسيني الشهرستاني والسيد ميرزا مهدي من أسباطه. وعليه يكون لقب الشهرستاني قد أطلق على هذه الأسرة قبل مجيء السيد مهدي إلى كربلاء من جهتين.

       أولاهما: سكناه بلدة جي الاصفهانية والثانية:عن طريق والدته العلوية الحسينية الشهرستانية.

       وبهذا فقد عرفنا أن تاريخ العلاقة بين السادة الموسوية والحسينية والمرعشية والشهرستانية يرجع إلى ما قبل زواج السيد محمد حسين المرعشي الشهرستاني الأول بكريمة السيد محمد مهدي الموسوي الشهرستاني، ولأجل وجود تللك العلاقة التاريخية والجغرافية بينهم أقدم السيد محمد حسين المرعشي إلى الزواج من كريمة

(1) الكواكب المنتثرة في القرن الثاني بعد العشرة:92.

(20)

السيد محمد مهدي الموسوي الشهرستاني، وزوج السيد مهدي ابنته له، وإن كانت هذه المصاهرة ووجودهم في العراق أحكمت النسبة بينهم.

       أما السادة المراعشة وحين وجودهم في أصفهان فلم يحتاجوا إلى لقب الشهرستاني لسكناهم فيها ولاشتهار لقب المرعشي ومعروفيته عند الجميع، ولكن وبعد النزوح عنها إلى كربلاء ولأجل تمييز هؤلاء السادة عن غيرهم من المارعشة الموجودين في العراق كان لابد أن يضيفوا إليهم نسبة المدينة التي نزحوا منها فقالوا: المرعشي الشهرستاني كما كانوا يقولون المرعشي التوستري وغيرها.

وبذلك قد يصح كلام الشيخ عباس القمي في هدية الأحباب: من أن هذين السيدين- السيد محمد مهدي الموسوي والسيد محمد حسين الحسيني المرعشي من شهرستان جي اصفهان(1)- إلى هنا انتهى كلام السيد الشهرستاني.

       أذاً الأسرة الشهرستانية- الموسوية منها أو الحسينية- كلتاهما من أصول هاشمية النسب، ومن صلب جدهم الأعلى(عبد المطلب بن هاشم(جد نبي المصطفى محمد (ص) وقد هاجر أجدادهما من بطن الجزيرة العربية إلى مختلف بقاع الأرض من أجل الحياة والنجاة من بطش الجبارين والطغاة وقد جاءتهم هذه الألقاب والنسب من باب المجاز بينما هم بلا ريب قريشيون ومن قلب الحجاز ويرتبطون برسول الله العربي الأمي الهاشمي القرشي.

 

الأسرة المرعشية الشهرستانية ومكانتها بين الأسر العلمية

كانت مجالس العلم والمناظرات تقام في دورهم، وفيها كان الفقهاء يتناظرون في اللغة والشعروالحكمة والمنطق وعلم الكلام والفقه وأصوله، وشخصت إليهم الأبصار، وكان كل فرد منهم يشكل منعطفاً في التاريخ، وصاحب مدرسة فكرية

(1) هدية الأحباب:165، الكنى والألقاب2: 340.     

(12)

وعقائدية، ومنزلة علمية رفيعة. هذه الأسرة تجسد حياتها وحضارتها بالعلم والمعرفة، لكي تكون قدوة لغيرها من الأسر، وبسبب غزارة عطاءاتها وتدفق ينابيع ثقافتها تشكل هدفاً أساسياً لطموحها، فكان العلماء هم المحور وقطب الرحة للجهاد المتواصل والمطالبة بالحق، كما أنهم أكثر الناس كفاءة واستعداداً للتدريس في الحوزات العلمية، لأنهم يمثلون عمق التفكير وينافسون الآخرين معرفة وبعد نظر. وكانت لهذه الأسرة خزانة كتب قيمة ورثها أبناؤها عن الأجداد، وقد حوت نفائس المخطوطات والمطبوعات، ورد ذكرها في أجزاء(الذريعة).

المصاهرات

       لما كان لهذه الأسرة العلوية الشأن الكبير والسعة الحسنة والمكانة المرموقة في الأوساط الشعبية لدى الأسر العلمية الأخرى، ولتحقيق الموازنة، اندمجت معها بعض الأسر الأخرى، كما روى النسابون والشيوخ المعمرون الحفاظ. لقد حصلت مصاهرات متكررة ومتعاقبة قديماً وحديثاً وأخرى حديثة. وإلى القارئ الكريم بعض من تصاهر معها من الأسر الأخرى.

       منها أن السيد محمد حسين بن السيد محمد مهدي الموسوي الشهرستاني تزوج بكريمة الشيخ محمد علي الكرمنشاهي حفيدة الوحيد البهبهاني المرجع الأعلى للطائفة في حينه واسمها(بلقيس).

       وقد وقع على وثيقة الزواج كل من جدها الوحيد البهبهاني ووالدها الشيخ محمد علي الكرمنشاهي والسيد محمد مهدي بحر العلوم والمرزا مهدي الشهرستاني (والد الزوج) وجمع آخر من فحول ذلك العصر، وقد كانت هذه الوثيقة عند المرحوم السيد صالح الشهرستاني صاحب- مجلة المرشد- وقد أهداها ألى مكتبة الحاج حسين ملك في طهران وهي  اليوم موجودة هناك حسبما أخبرني بذلك ابنه.

       وكذالك زوج الشيخ أحمد البهبهاني الشهير بسلطان العلماء حفيد الوحيد البهبهاني ابنته للسيد محمد علي بن محمد حسين الحسيني المرعشي الشهرستاني.

(22)

       ويمكن للقارئ مراجعة كتاب(مرآة الأحوال) لاحمد البهبهاني لمعرفة اتصال البهبهاني بالعلامة المجلسي.

       أما بنت السيد محمد علي المرعشي وهي العلوية (فاطمة) فقد تزوجها السيد مرزا صالح الشهرستاني الزعيم المشهور والمتوفى سنة1309هـ، أما في الآونه الأخيرة فقد تزوج سماحة العلامة السيد جواد المرعشي الشهرستاني بكريمة المرجع الأعلى للطائفة اليوم السيد علي السيستاني، وزوج ابنته الأولى الى سبط السيد أبو القاسم الخوئي المرجع الأعلى للطائفة الأسبق، وهو السيد مجتبى جلال فقيه ايماني.

       كما زوج ابنته الثانية للسيد علي بن السيد عبد الكريم الموسوي الأردبيلي أحد مراجع التقليد في مدينة قم المقدسة.

       وبهذا يتضح لنا ارتباط الأسرة المرعشية بأسرة المرجع الأعلى السيد علي السيستاني والمرجع الأعلى السيد أبي القاسم الخوئي والمرجع الديني السيد الأردبيلي، وكذلك ارتباط هذه الأسر ببقية الأسر العلوية وغير العلوية المعروفة في العالم الإسلامي.

بهذا فقد ارتبطت اسرة الوحيد البهبهاني بلسرتين الشهرستانية الموسوية والمرعشية الشهرستانية الحسينية وبذلك يمكن عد الوحيد البهبهاني حلقة الوصل بين العوائل العلمية في كربلاء وحتى في النجف.

 إذ من المعلوم أن عائلة الطباطبائي في كربلاء هم من أبناء السيد علي صاحب الرياض والسيد علي هو ابن أخت الوحيد البهبهاني وقد تزوج ابنة خاله الوحيد البهبهاني وله منها السيد محمد المجاهد والسيد مهدي.

       فالسيد محمد المجاهد قد تزوج كريمة السيد بحر العلوم.

       والسيد مهدي لم أقف على من تزوجها.

       لقد مربنا قبل قليل بأن السيد محمد حسين بن الميرزا مهدي الموسوي

(23)

الشهرستاني قد تزوج بنت الشيخ محمد علي الكرمنشاهي، وتزوج السيد محمد علي بن محمد حسين المرعشي الشهرستاني- ابن اخت السيد محمد حسن الموسوي الشهرستاني آنف الذكر- بنت الشيخ أحمد البهبهاني- وبهذا فقد اتضح لك بأن الوحيد البهبهاني كان الرابط بين العوائل العلمية في كربلاء والنجف الأشرف أن العائلة الطباطبائية في كربلاء ترتبط به من جهتين، وعائلة بحر العلوم في النجف، والشهرستانية الموسوية، والشهرستانية المرعشية في كربلاء كل واحد منها بجهة.

       وبهذا فقد اتضح لك أن العائلة المرعشية الشهرستانية قد اتصلت بعائلة المجلسي وغيرها من العوائل العلمية المعروفة في إيران والعراق عن طريق الشيخ الوحيد البهبهاني.

(24)

بيوتات الشهرستانية في كربلاء

       هناك في مدينة كربلاء عدة أسر علمية تعرف بلقب(الشهرستاني) وهي ليست منفصلة بعضها عن بعضها عن البعض الآخر، غير أن الاختلاط الكبير الذي حصل بين هذه الأسر وما حدث من صلات نسب إما نتيجة المصاهرة في أبنائها أو الانتماء الى مدينة (شهرستان) فالبعض منها موسوية من ذرية الامام موسى الكاظم عليه السلام والبعض الآخر حسينية من ذوية الامام زين العابدين علي بن الحسين عليه السلام. ونحن في هذا الباب نذكر الأسر التي عرفت واشتهرت بلقب (الشهرستاني) واكتسبت درجات رفيعة من الاخلاص، وحافظت على المبادئ، ولها عمق في التاريخ متصل كالنبع الطاهر، وهم من نجار واحد، وتاريخهم ناصع وضاء. وكل اسرة قدمت رجالاً أفذاذاً أفادوا أمتهم وخدموها خدمات جلى في كل مجال من مجالات الحياة، وهؤلاء انتشروا في عدد من البلدان الإسلامية، ولايربط بينها إلا انتسابها جميعاً الى محتدٍ واحد شريف وأصل ثابت كريم. ومن هنا ندرك أهمية هذا البحث لكي يقف القارئ على حقيقة تاريخية وفهم دقيق لواقع تاريخ هذا البيت أو ذاك. وهذه الأسر هي:

1-آل الموسوي الشهرستاني

       تنتسب هذه الاسرة الى العالم الجهبذ السيد محمد مهدي بن السيد أبي القاسم الموسوي الشهرستاني، المتوفى سنة1216هــ استوطنت كربلاء في القرن الثاني عشر الهجري، لها باع طويل في العلوم الدينية والفقهية، ومواقف مشهودة على الساحة العراقية، وقد عرفت بعلو النسب وسمو الحسب. ومن أبرز أعلامها:

(25)

       1- السيد محمد مهدي بن السيد أبي القاسم الموسوي الشهرستاني المتوفى سنة 1216م. كان احد مراجع التقليد في عصره ومن مشاهير رجال العلم والتقوى، له منزلة رفيعة ومكانة سامية.

       2- السيد محمد حسين بن السيد محمد مهدي الموسوي الشهرستاني المتوفى بالطاعون سنة 1247هـ، كان أحد العلماء العاملين، له صيت طائر وسمعة حسنة. كما كان خطاطاً بارعاً مبرزاً في فنه، كتب بخطه الجميل عدداً من الكتب.

       3- المرزا أبو القاسم بن المرزا محمد مهدي الموسوي الشهرستاني المتوفى سنة 1216هـ، وهو أحد رجال العلم والفضل، تلقى علومه على أبيه وأخيه، وكرع من مناهل علمهما وحذا حذوهما وسلك مسلكهما.

       4- السيد مرزا محمد جعفر بن محمد حسين الموسوي الشهرستاني المتوفى سنة 1260هـ، كان علماً من أعلام الفطنة، قوي الحافظة، وناهيك بذلك فضلاَ وكمالاً ونبلاً وورعاً وتقوى.

       5- السيد محمد كاظم بن محمد حسين الموسوي الشهرستاني.

       6- السيد محمد مهدي بن مرزا صالح بن محمد حسين بن محمد مهدي الموسوي الشهرستاني المتوفى سنة 1333هـ، له خط بديع، نسخ العديد من الكتب الخطية، عليها تعليقات مفيدة.

       7- السيد صالح بن السيد إبراهيم بن المرزا صالح بن محمد حسين الشهرستاني الموسويي المتوفى 22شعبان 1395هـ، باحث جليل وأديب كامل، لطيف المعشر، حسن المنادمة، معاشرته تجلب الأفراح، ومصاحبته تفعل في الفؤاد مايفعله الراح في الأرواح، له آثار مفيدة وتصانيف مطبوفة ومخطوطة.

2- آل سيد علي الكبير

       وهم أبناء السيد علي الكبير بن الفقيه سيف الدين منصور بن أبي المعالي محمد بن أحمد المحدث المتوفى 1100هـ، وهذا هوالجد الرابع للسيد هبة الدين الحسيني

(26)

الشهير بالشهرستاني وزير المعارف العراقي الأسبق.

       وقد كان السيد علي الكبير من أبرز علماء كربلاء توفي فيها سنة 1207هـ، ودفن بجوار والده السيد منصور في الروضة الحسينية، والسيد علي الكبيرهو الذي جلب الأموال الطائلة من موقوفات الهند الى العتبات المقدسة عام1204هـ، وقد أعطاه النواب يحيى خان آصف الدولة خان بهادره ملك إوده مالأً لبناء سور حول مدينة كربلاء ليحميها من غارات الغزاة من الجزيرة وانشاء دور لسكنى زوار الامام الحسين ورواتب لطلبة العلم فيها، كما حفر جدولاً يتفرع من نهرالفرات ألى كربلاء سموه (بالحسينية) نسبة اليه لاروائها والبساتين التي حولها وانقاذهما من العطش الذي كان يهددهما بين الحين والآخر.

       ومول لحفر وتطهير جدول آخر من الفرات عبر الهندية إلى الكوفة لارواء مدينة النجف وسمي الجدول ب (الهندية) نسبة إلى الملك المذكور الذي منحه لقب الامارة تقديراً له وعرف من يومها ب «الأمير السيد علي» الكبير تميزاً له عن ابن خالته السيد علي الصغير المشهور- الطباطبائي الحسني- وب(صاحب الرياض) الذي كان يومها من كبار العلماء ايضاَ.

       وقد انجب السيد علي الكبير بنتين وثلاثة أولاد أكبرهم السيد محمد المجتهد جد السيد هبة الدين للشهرستاني والآخر السيد مهدي الزاهد والسيد أحمد العابد. وتفاصيل خبر هذه الاسرة مذكورة في كتابي(صدف اللألي) و(ذري المعاني في ذرية آل أبي المعالي) للسيد هبة الدين الشهرستاني وهو مخطوط من عند نحله المحامي السيد جواد هبة الدين الشهرستاني(1). ومن أبرز أعلام هذه الاسرة:

       1- السيد محمد علي هبة الدين بن السيد حسين العابد بن السيد محسن الصراف الحسيني الشهير بالشهرستاني علام جهبذ ومصلح ومجدد، له تاليف قيمة توفي يوم 25شوال سنة 1386هـ.

(1) وانظر في ذلك تاريخ بانضد ساله خاندان شهرستاني، ص262كذالك.

(27)

       2- السيد جواد هبة الدين الحسيني الشهرستاني المولود سنة 1917م محام قدير وباحث حصيف، له مكانة مميز في الأوساط الاجتماعية.

3- آل الحكيم الشهرستاني

       أسرة علمية شريفة المجد لها نصيب وافر في العلم والأدب، وبدات هجرتها في أواخر القرن الثاني عشر الهجري، كما تدل على ذلك اجازات وآثار رجالها، واختارت الاقامة في كربلاء، انجبت رجالاُ حملوا راية العلم، وهم ذرية الامام موسى بي جعفر عليه السلام. مارس رجال هذه الاسرة الطب الشعبي واشتهروا اشتهاراً فائقاَ وعرفوا بالحكيم. ومنذ أواخر القرن الثالث عشر الهجري اشتهروا بلقب الشهرستاني عن طريق المصاهرة بأسرة آل الموسوي الشهرستاني(1) واشهر رجالها.

       1-السيد مهدي بن السيد خليل الحكيم الشهرستاني الموسوي المتوفي سنة 1318هـ/21900، كان طبيباً حاذقاً وأديباً شاعراً، له معرفته تامة بعلم الطب. من آثاره: نتائج الحكمة في كشف الغمة(2).

       2-السيد محمد حسن بن السيد مهدي الحكيم الشهرستاني الموسوي المتوفى سنة 1361هـ، كان طبيباً فاضلاً ومدرساً في علم الطب.

       3-السيد صدرالدين بن السيد محمد حسن

4- آل صالح

       وهي أسرة غير علوية تعرف بآل صالح أو آل كدا علي، الشهرستاني، فقد صاهر جد الاسرة (كد علي بك) بأخت الميرزا صالح الشهر ستاني الموسوي فلحق به باسرته لقب الشهرستاني. نبغ في هذه الأسرة رجال فضل نالوا الدرجات العلمية المرموقة، وكانوا من الاتقياء الصالحين قال الشيخ محمد السماوي:ومن أبرز

(1) شخصيات اريكتها/ السيد صالح الشهرستاني، ص62.

(2) الذريعة 24/46معجم مؤلفي الشيعة من، ص22.

(28)

رجالها:وآل صالح القريب من خلف. وغيرهم فمن بقي ومن سلف(1).

       1-الشيخ صالح نب مهدي بن الخطاط اغا محمد جعفر بن الأمير فضل علي خان المشهور ب(كدا علي بك النوري الحائري) كان أحد مراجع التقليد في عصره، توفي سنة1288هـ(2) قال الشيخ السماوي:

والصالح المقدس بن المهدي                  والمجتهدي من العلوم المجدي

قضى ونال من ذوي الصحن الرتب                 فأرخوا(بدر الكمال قد نضب)(3)

            2- الشيخ مهدي بن الشيخ صالح كدا علي= كان عالماً فاضلاً ورعاً توفي سنة 1340هـ.

       3- الشيخ صالح بن الشيخ مهدي عالم فاضل كان يقيم الجماعة في مسجد قرب باب السدرة من صحن الحسين عليه السلام توفي سنة 1352هـ.

       4- الشيخ جعفربن الشيخ هادي.

       عالم فاضل، حسن السيرة، دمث الاخلاق، هادئ الطبع، شديد التمسك بأهداب الدين، يتبارك الناس بشدة نسكه، وهو من الشخصيات العلمية اللامعة، وقد ضم إلى جده المتواصل، حافظة نادرة ساعدته على زيادة ثروته العلمية، وبلغ حظه من الدنيا كل بلغ.

       5- الدكتور عبد الرزاق بن مرتضى آل صالح الشهرستاني=

       أديب فاضل ولد في سنة 1345هـ، وتوفي يوم 1شعبان سنة 1414هـ. كان طبيباً حاذقاً وأديباً فاضلاً ذا عقل راجح وطبع جميل، ظهرت ثقافته الواسعة في مصنفاته الطبية. وله في هذا المجال بصمات واضحة على الساحة العلمية.

       6- الشيخ عبد الهادي بن مرتضى آل صالح الشهرستاني= المولود في كربلاء

(1) مجالي اللطف بأرض الطف/ للشيخ محمد السماوي، ص75.

(2) الكرام البررة/الشيخ أغا  بزرك الطراني،ج(2)، ص663.

(29)

سنة 1360هـ، أديب فاضل ومرب لبيب، جيد التصنيف، حسن التاليف، محمود السيرة، طيب السريرة.

       ولايسعني أخيراً الا ان اتوجه بأسمة آيات الولاء والشكر والامتنان إلى سماحة العلامة السيد جواد المرعشي الشهرستاني والعلامة السيد علي المرعشي الشهرستاني على جزيل عطفهما ومؤازرتهما لهذا المشروع الذي اخذ من وقتي الشيء الكثير، ونسأل الله تعالى أن ينفعنا بهذا السفر، وأن يكلل مساعينا بالنجاح ويهدينا ألى ما يحب ويرضى، إنه على كل شي قدير، وبالاجابة بصير، ومن الله العصمة والتوفيق، وبيده زمام الالهام والتحقيق.

(30)