مرقد امام نوح


مرقد امام نوح يقع في وسط البساتين بضواحي مدينة كربلاء المقدسة في العراق ، عند قبيلة« آل مسعود» في البساتين على احد فروع »نهر الحسينية » ، في مقاطعة « الابيتر » تصغير أبتر ، بجانب الحصوة ـ الصحراء على ارض زراعية ذات مساحة واسعة بحدود 1500 متر مربع ، سادنه من آل مسعود وهو نصر مهدي البو نشمي آل مسعود حيث توارث ابناء هذا البيت سدانة وخدمة المقام .
قام ابناء العائلة منذ القدم ببناء المقام عند سكناهم في المنطقة حيث كان في اول الامر مبني من جريد النخل وبشكل مستطيل صغير يمثل القبر ، بناء صحنه ليس بالقديم ثم جدد ليكون على شكل غرفة صغيرة مساحتها 50 متر مربع تقريبا بنيت من الطابوق الآجر والفرشي تعلوه قبة صغيرة مخروطية الشكل مبنية بالآجر الابيض ، في وسط الغرفة بالتحديد نجد القبر الشريف الذي هو عبارة عن بناء من الطابوق صغير الحجم طوله متران وعرضه متر واحد اما ارتفاعه فيبلغ 1.5 متر ، الغرفة لها باب واحد فقط صغير جدا . . . البناء قديم ويعاني من نقص في الخدمات وبحاجة الى الإهتمام البالغ خصوصا وانه آيل للسقوط .
فوق القبة الصغيرة نجد بناء يرتفع 1.5 متر على شكل منارة مبنية بشكل هندسي ، وللقبة في اسفلها فتحة مربعة الشكل وصغيرة .
لإمام نوح كرامات كثيرة وذلك ما حدى بالناس لزيارته والتبرك به وطلب النذور وقضاء الحوائج وعلى مدار أيام الاسبوع وخاصة في يومي الخميس والجمعة وقد لاحظنا اثناء زيارتنا للمرقد (في سنة 1429هـ) وجود زوار عديدين اشار القيم انهم مواظبون على الزيارة وهم من الكوت كذلك اشار الى ان اغلب الزوار هم من المواظبين على الزيارة في اوقات منتظمة ومنذ عشرات السنين ابا عن جد
وعلى مسافة 150 متر نلاحظ وجود مقبرة صغيرة تضم رفات من جاور المزار حيث يعتقد ان المكان كان عبارة عن مدينة صغيرة موغلة في القدم لم يبق منها الزمان سوى المقام الشريف والقبور المعدودة واستخدم الاهالي هذه المقبرة للدفن ايام الانتفاضة الشعبانية 1412هـ (1991 م) .
اختلفت الروايات في تحديد هوية امام نوح او نسبه اذ يقول الشيخ حرز الدين في( مراقد المعارف) : الذي يترجح عندنا ان هذا هو قبر هو أبو أيوب نوح بن دراج أبي الصبيح بن أبي علي عبد الله النخعي الكوفي المتوفي سنة 182 هـ ، اشتهر بامام نوح عند الاعراب النازلة حوالي كربلا المقدسة في رساتيقها بحيث لا يعرف إلا به ... وكان « آل دراج » عراقيين ومنازلهم في الكوفة ، وبعضهم ينزل كربلا منهم نوح بن دراج هذا في اخريات أيامه عند عجزه وفقدان بصره ، كما ان اخاه الراوي الثقة الجليل جميل بن دراج اقام في اراضي « دجيل ـ سميكة » ، وتوفي في تلك المنطقة وقبره في قرية « الطارمية » قرب « نهر دجلة » بين سامراء ، معروف بقبر الشيخ جميل وقد سبق ذكره .
ويتابع حرز الدين قائلا : كان نوح بن دراج من وجوه الشيعة في الكوفة ، صار قاضيا فيها من قبل الرشيد العباسي ، فقد روي الشيخ الكشي في رجاله عن محمد بن مسعود ، سألت أبا جعفر حمدان بن احمد الكوفي عن نوح بن دراج فقال كان من الشيعة ، وكان قاضي الكوفة ، فقيل له : لم دخلت في اعمالهم ؟ قال : لم أدخل في اعمال هؤلاء حتى سألت اخي جميلا يوماً ، فقلت : لم لا تحضر المسجد ؟ فقال : ليس لي ازار .
قال حمدان : كان دراج بقالا ، وكان نوح مخارجه ، ومن الذين يقتتلون في العصبية التي تقع بين مجالس قال : وكان يكتب الحديث وكان أبوه يقول : لو ترك القضاء نوح أي رجل كان ثقة ، وذكره الشيخ من اصحاب الامام الصادق عليه السلام .
وأما ولده أيوب بن نوح بن دراج فقد ذكره الكشي في رجاله قائلا : أيوب بن نوح كان من الصالحين ، مات ولم يخلف الا مقدار مائة وخمسين ديناراً ، وكان عند الناس ان عنده مالا كثيرا لانه كان وكيلا لهم .
وفي « رجال الكشي » أيوب بن نوح بن دراج أبو الحسين كان وكيلا لأبي الحسن وأبي محمد عليهما السلام ، عظيم المنزلة عندهما مأمونا وكان شديد الورع كثير العبادة ثقة في رواياته . المرقد كما ورد في كتاب مراقد المعارف
ويستمر حرز الدين بالقول : وقفت على موضع قبره في أول يوم من صفر سنة 1387 هـ ـ 11 مايو سنة 1967 م في مقاطعة « الابيتر » التابعة « لناحية الطف ـ الجرية » ضمن لواء كربلاء المقدسة ، في ملاكية آل « آل كمونة » ويبعد عن « خان العطيشي » حدود ثلاث كيلو مترات ، وعن حدود 15 كيلو مترا بالطريق الذي سلكناه في السيارة على « نهر الحصوة » وقبره اليوم في آخر البساتين جانب الحصوة ، على مقربة من القبر المشيد المعروف عندهم بقبر السيد الأخرس بن الكاظم (ع) الذي هو جد السادة الأجلة « آل الخرسان » وكان على القبر المنسوب لنوح ابن دراج قبة كما تشاهدها في التصوير ، وعلى رسم قبره شباك خشبي مشبك الصنع عليه آثار القدم ، وكانت ابعاده في اثنين ونصف متر وداخله دكة مربعة عليها ستار اسود ، وحول قبره حرم ، امامه صحن طوله اربع اسطوانات ، وعرضه ثلاثة ، وبناء صحنه ليس بالقديم ، الى جانب صحنه جنوبا منزل سادنه رجل يدعى مهدي النشمي من آل مسعود
الى هنا انتهى كلام الشيخ حرز الدين ولكن الاهالي والقيم على المرقد يذهبون الى ان تسمية ( نوح ) جائت لان المرقد كان المنطقة الوحيدة التي لم تطالها مياه الفيضان الذي حصل في وقت لم نستطع تحديده ولذلك سمي امام نوح (تشبيها بالنبي نوح عليه السلام وقصته) واسمه محمد بن احمد وهو احد احفاد الاخرس ( جد السادة الخرسان ) والذي بدوره من احفاد السيد ابراهيم المجاب
ويذهب الدكتور الانصاري في كتاب عمار كربلاء (ص 153) الى ما ذهب اليه حرز الدين اذ انه استقى الموضوع من تاريخ المعارف ويضيف الانصاري في كتابه المطبوع سنه 1427هـ (بناء المرقد بسيط ، شيد من قبل أحد أهالي المنطقة وهو السيد مهدي نشمي المسعودي. مخطط المبنى عبارة عن مربع الشكل طول ضلعه 17 متراً تقريباً وأرتفاعه 3.60متر ، ويحتوي على صحن داخلي مكشوف ، والدخول إلى المرقد يتم عبر بوابة على شكل قوس بارتفاع 2.40 متر وعرض 1.40 متر. ويؤدي المدخل إلى غرفة دائرية قطرها 4 أمتار يتوسطها ضريح إمام نوح. ويعلو الغرفة قبة يبلغ قطرها 5.50 متر ، أما أرتفاعها عن أرضية الضريح فيبلغ 6 أمتار. وتعلو المدخل مئذنتان صغيرتان أسطوانيتا الشكل يبلغ أرتفاع كل منهما عن أرضية سطح المبنى 1.25 متر وقطر منهما 50 سم)
اما الان فالمرقد قيد الانشاء حيث لاحظنا عند زيارتنا له في 2جمادي الاخر 1429 هـ ان القائمين عليه وبجهود ذاتية قاموا بالمباشرة بعملية اعمار وتوسيع البناء في المزار المقدس حيث نلاحظ بناء صالة كبيرة مساحتها 220 متر مربع تحتوي على 12 دعامة وفي الوسط غرفة القبر القديمة فوقها فتحة القبة التي لم يكتمل بناءها ، اذ يعتمد البناء على جمع التبرعات من الساكنين والزوار .
ووجدنا في نهاية الزيارة المخصوصة بالمرقد المعلقة قرب القبر ما نصه « الامام محمد بن احمد الموسوي الملقب بـ ( نوح ) وهو من اولاد الائمة ، عاش في القرن التاسع الهجري ودفن قريبا من جده ( الاخرس ) فهو محمد بن احمد بن علي بن محمد بن ابي الفتح ( الاخرس ) بن ابي محمد بن ابراهيم بن ابي الفتيان بن عبد الله بن الحسن بركه بن ابي الطيب احمد بن ابي علي الحسن بن محمد الحائري بن ابراهيم المجاب بن موسى بن جعفر (ع) . توفي ودفن في هذه المنطقة بنى مرقده المجاورون له ، ثم سكنت عشيرة آل المسعود ( الگوام ) الى جانبه في اواخر القرن التاسع الهجري ولقبت العشيرة به ، وقد حدث غرق في المنطقة فلجأت الناس الى المرقد وحوله وهو في اراضي مرتفعة فنجوا من الماء فلقب بـ ( امام نوح ) وكان من العلماء ، وسلام الله على آبائه وعليه سلاما دائما والله المسدد . ذكره عدة الطالب وانساب الطالبية »