كربلاء في القرن الرابع الهجري

(913 ـ 1010 ميلادي )
وفي عهد الخليفة العباسي المعتضد سنة 279هـ (892م) زار كربلاء حسن بن زيد العلوي الملقب بـ(الداعي الكبير) ملك طبرستان وديلم . فباشر ببناء الحضرة الحسينية واتخذ حولها مسجدا . ولكنه توفي قبل انجازها واكمل بناءها أخوه محمد بن زيد العلوي الملقب بـ(الداعي الصغير) الذي خلف أخاه وأهتم بمدينة كربلاء ومرقد الإمام الحسين (ع).
وعندما دخل البويهيون بغداد وأصبحوا الحكام الفعليين في زمن الخليفة العباسي المستكفي سنة 334هـ (946م) حظيت مدينة كربلاء بالإهتمام والرعاية. وكان أول من زارها من السلاطين البويهيين ، السلطان معز الدولة سنة 336هـ (977م).
وفي سنة 367هـ (978م) أيام خلافة الطائع العباسي أستولى السلطان عضد الدولة فناخسرو بن ركن الدولة الحسن البويهي على بغداد من جديد ، وعرج على مدينة كربلاء لأول مرة لزيارة مرقد الإمام الحسين ، وقد أولى المدينة جل عنايته وأهتمامه وكان يزور كربلاء كل عام .
وفي سنة 369هـ (980م) أهتم عمران بن شاهين والي إمارة البطائح ، التي تقع بالقرب من واسط جنوب العراق ، بمرقدي الإمام علي (ع) في النجف الأشرف والإمام الحسين (ع) في كربلاء المقدسة ، حيث شيد رواقاً في الجانب الغربي من حرم الإمام الحسين (ع) عُرف برواق أبن شاهين ، والذي يعرف اليوم برواق السيد إبراهيم المجاب وبني بجواره مسجداً.
من الحوادث التي ترويها لنا الاسفار التاريخية في غارة ضبة بن محمد الأسدي على كربلاء سنة 369 هجرية . فقد كان ضبة أميراً لعين التمر أغار على كربلاء ونهبها وحمل أهلها أسارى إلى قلعته عين التمر وقد قال ابن الجوزي :
أنه جرى بين ضبة وبين أحمد بن الحسين بن عبد الصمد الجعفي الشهير بالمتنبي مشاجرة عنيفة هجاه المتنبي على أثرها بقصيدة مطلعها :
ما أنصف القوم ضبه وأمـه الـطـرطـبـه

ولما بلغ ضبة مقالة أبي الطيب أقام له في الطريق رجالاً من بني أسد فقتلوه وقتلوا ولده وأخذوا ما كان معه وكان ذلك سنة 354 هـ غير أن عضد الدولة أبي شجاع فناخسرو سار اليه بجيش يقارب العشرة آلاف فارس فهجم على عين التمر وحاصر قلعتها مدة من الزمن فر خلالها ضبة قافزاً بجواده من أعلى سور القلعة واستولى عضد الدولة على القلعة المذكورة وأخذ أهلها أسارى إلى كربلاء وأرجع أهالي كربلاء الموجودين في أسر ضبة إلى مدينتهم ، وعين عضد الدولة أحد العلويين رئيساً لعين التمر يدير شؤونها كما
وذكر الكامل أيضاً : أرسل عضد الدولة سرية إلى عين التمر وبها ضبة بن محمد الأسدي وكان يسلك سبل اللصوص وقطاع الطريق ، فلم يشعر إلا والعساكر معه فترك أهله وماله فنجى بنفسه غريباً وأخذ ماله وأهله وملك عين التمر وكان قبل ذلك قد نهب مشهد الحسين بكربلاء فعوقب بهذا
وفي عهد الخلفية العباسي الطائع سنة 369هـ (980م) أغار (ضبة بن محمد الأسدي) أمير عين التمر ، الذي كان يتزعم عصابة من اللصوص وقطاع الطرق ، على كربلاء ومشهد (الإمام) الحسين (ع) . وكان هذا قد أتخذ من (عين التمر) مركزاً لنشاطه وقيامه بأعمال السلب والنهب ، وشن الهجمات على المدن والقوافل ، ومما ساعده على ذلك عدم أستتباب الأمن والطمأنينة في البلاد ، فأرسل عضد الدولة البويهي في هذه السنة سرية من الجند إلى عين التمر للقضاء على (ضبة بن محمد الأسدي) ولكن هذا الأخير هرب بعد وصول السرية إليها.
ولم يكتف عضد الدولة بذلك ، بل أولى مدينة كربلاء جل عنايته وكان من أكثر الذين أهتموا بها ، وقام بأهم زيارة له لهذه المدينة في سنة 369هـ (980م) حيث أمر بإعادة بناء مرقد الإمام الحسين (ع) والدور والمباني المحيطة به ، وقد أنتهى العمل من بناء المرقد سنة 371هـ (982م ) .
وكذلك أمر قبل وفاته سنة 372هـ (983م) ببناء مرقد العباس (ع) لأول مرة وشيد اول سور للحائر وقد قدرت مساحته 2400 م2 . ، فأزدهرت المدينة أزدهاراً واسعاً في عهده وأقيمت المباني الجديدة ما بين المرقدين وحولهما فتوسعت المدينة وأصبحت مهمة في مركزها الديني والعلمي.

تابع ايضا : تاريخ الروضة الحسينية وكذلك تاريخ الروضة العباسية في هذا القرن