تراث كربلاء 120

حصن الأخيضر

من الآثار المهمة التي تبعد عن مركز المدينة حوالي 29 ميلاً ، أو ما يقارب السبعة فراسخ بين كربلاء وشفاثة . ويتكون حصن منيع ذي ثلاثة قصور متقاربة يحيط بهن سور عظيم لم يبق منه غير الانقاض . ومن المؤسف حقاً أنه لم يعرف تاريخه على وجه التدقيق ، وذلك لعدم وجود كتابة أو إشارات على جوانب القصر أو الحصن .ولقد اختلفت آراء الباحثين حول زمن بناء الأخيضر ، فالمؤرخون مجمعون على أنه من مباني العرب في العصر الاسلامي ، غير أنهم اختلفوا في تاريخ البناء وفي العصر الذي بني فيه . ولكن الرأي الارجح هوأنه من الآثار العربية الاسلامية ومن عمارات المنتصف الثاني من القرن الثاني الهجري اعتماداً على نوعية الريازة العامة في البناء ودراسة اللقى التي عثر عليها خلال التحريات الاثرية في الموقع ، حيث أن كلها تعود للفترة الزمنية المذكورة .
قال ياقوت الحموي في مادة « دومة الجندل » : ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم صالح اكيدر على دومة الجندل وأمنه وقرر عليه وعلى أهله الجزية ، وكان نصرانياً فأسلم أخوه حربث فأقره النبي صلى الله عليه وآله وسلم على مافي يده ، ونفض اكيدر الصلح بعد النبي صلى الله عليه وآله فأجلاه عمر من دومة الجندل في من أجلى من مخالفي دين الاسلام إلى الحيرة فنزل في موضع منها قرب عين التمر وبنى فيها منازل وسماها ( دومة ) وقيل ( دوماء ) باسم حصنه بوادي القرى فهو قائم يعرف ، إلا أنه خراب .... الخ (1) .
وأسند العلامة المرحوم شكري الآلوسي رأيه هذا إلى قول ياقوت فعقب على ذلك قائلاً : ان كلمة ( الاخيضر ) محرفة من اسم ( الاكيدر ) وهو اسم أمير من أمراء كنده أسلم في صدرالاسلام ، فالقصر يجب أن يكون شيد من

(1) معجم الياقوت / ياقوت الحموي ـ المجلد الثاني ص 106 مادة ( دومة الجندل ) .
تراث كربلاء 121


حصن الأخيضر في كربلاء


تراث كربلاء 122

قبل الامير المبحوث عنه قبل الاسلام ، غير أن ( موزيل ) لاحظ أن كلمة ( الاخيضر ) من القاب شخص معروف في التاريخ وهو ( أسماعيل بن يوسف الاخيضر ) حاكم اليمامة على الكوفة من قبل القرامطة ( في أوائل القرن الرابع الهجري ، العاشر الميلادي ) فقال : أن الاخيضر يجب أن يكون ( دار الهجرة ) التي أسست من قبل الحاكم المشاراليه (1) .
ويعقب ماسينيون على رأي موزيل الذي ذكر أنه بني عام 277 وذلك ليجعله عين دار الهجرة التي بناها ثوار القرامطة في هذا العام بقوله : ولاشك في أنه من المحتمل جداً أن يكون القرامطة قد أعادوا تشييده للالتجاء اليه ولكن لم تكن لديهم الوسائل بل لم يكن من شأنهم أن يبتنوا مثل هذا الحصن العظيم ليتحصنوا فيه (2) .
وقد لاحظ المستشرق ماسينيون عند زيارته الأخيضر ان ريازته تشابه الريازة الساسانية ، فاعتقد لذلك أنه يجب أن يكون قد شيد من قبل معمار أيراني قبل العهد الإسلامي في العراق لأجل أحد ملوك الحيرة من اللخميين ، وقال ربما كان ( قصر السدير ) الذي تغنى به الشعراء هو الأخيضر نفسه ، وقد أيد ( ديولافوا ) رأي ماسينيون من حيث الأساس واعتبر الأخيضر من المباني المشيدة قبل الإسلام في أواخر القرن السادس للميلاد .
وقررت المس بيل سكرتيرة دار الإعتماد البريطاني في بغداد لدى زيارتها الأخيضر سنة 1909 م أنه من المباني الإسلامية لأنها اكتشفت المسجد ولاحظت المحراب ، ورجحت أن يكون دومة الحيرة التي شيدت في عهد الامويين . أما ( موزيل واسكار روتيروكره سويل ) فقد أيدوا رأي المس بيل من حيث الاساس فاعتبروا الاخيضر من المباني الاسلامية ، غير أنهم اختلفوا في أمر تثبيت

(1) الأخيضر / الآثار القديمة في العراق ص 35 ( 1937 م ) .
(2) دائرة المعارف الاسلامية / المجلد الأول ص 531 ( مادة أخيضر ) .
تراث كربلاء 123

تاريخ البناء بين أواخر القرن الاول وأوائل القرن الرابع للهجرة . ولكن ( كره سويل ) لم يوافق على رأي المس بيل في اعتبار الاخيضر في عهد الامويين ، بل قرر أنه من عهد العباسيين ورجح أن يكون قد شيد في عهد عيسى بن موسى ابن أخ السفاح والمنصور وابن عم المهدي ولي عهد المنصور وكان والياً على الكوفة وأما ( هو سفيلد ) فقال يجب أن يكون من مباني أوائل القرن الثالث للهجرة لانه وجد شبهاً ريازة الاخيضر وريازة سامرا (1) .
ونشر البحاثة توفيق الفكيكي بحثاً مسهباً في مجلة ( المقتطف ) المصرية باسم ( قصر الاخيضر في التاريخ ) عندما كان الحاكم المنفرد في كربلاء سنة 1935 م ـ 1936 م وقد أعيد نشره في العدد الخاص من ملحق جريدة ( الاخبار ) البغدادية ويستخلص رأيه بالقول : ان قصر الاخيضر هو ( دومة الجندل ) وان مشيده هو ( اكيدر ) وان عصر تشييده هو العصر الاول من تاريخ الاسلام وفي عهد الخليفة الاول من الخلفاء الراشدين وليس هناك أية شبهة أو تضليل (2). وهناك بحث موسع آخر عن حصن الاخيضر وموقعه وأهميته التاريخية نقتبس منه مايخص وصف القصر : يتألف قصر الاخيضر من حصن كبير داخله قصر فخم وبجانبه بناية محصنة منفصلة عن البناية الاصلية . الحصن مربع الشكل يبلغ طول كل ضلع من أضلاعه 17 متراً . أما القصر فمستطيل الشكل يبلغ عرضه 80 متراً وطوله 110 متراً ، ويوجد في مدخل هذا القصر دهليز فخم يعلوه طاق مرتفع . اما الجامع فيقع في الجهة الغربية من الدهليز وجدرانه الخارجية مجهزة بسلسلة أبراج من جهاتها الأربعة ، والابراج الكائنة في الزوايا تستوقف الانظار أكثر من غيرها بطبيعة الحال . غير أن البرجين الواقعين في وسط الجهتين الشرقية

(1) المصدر السابق .
(2) قصر الأخيضر في التاريخ / للاستاذ توفيق الفكيكي ( ملحق العدد 132 ـ 10 الأخبار 19 تشرين الثاني 1938 / 26 رمضان 1357 هـ ص 15 ـ 17 ،
تراث كربلاء 124

والغربية يحتويان على آثار معمارية أهم من جميعها (1).
يتضح لنا مما تقدم ان قصر الأخيضر من أهم الآثار التاريخية في العراق وقد اختلفت الآراء في سبب وجوده في هذه المنطقة العزلاء، ومما ذكر عنه أنه كان ملتقى لرؤوس اخوان الصفا فيه ، فكانوا يقصدونه من أجل اجتماعاتهم ويضعون رسائلهم . والأخيضر يحتفظ بكثير من مزاياه ومن هندسته ومن معالمه. وقد مهد الطريق اليه من كربلاء مؤخراً ،وسهل النقل اليه في طريق المعبد ، وأصبح قبلة للسكان والسواح الأجانب وغير الأجانب . وفي الآونة الأخيرة بذلت الحكومة العراقية اهتماماً ملحوظاً في إصلاح بعض جوانب القصر وإعداد ما يلزم من رسائل كإنشاء دار للاستراحة توفرت فيها المتطلبات الضرورية .

قلعة الهندي

أثر تاريخي يقع في الجنوب الشرقي من كربلاء على بعد 4 كيلو مترات شيده نوازش علي خان الكبير بن علي رضا خان النواب اللوهوري من القزلباش ، وذلك في عام 1296 هـ . وكان هذا الرجل من الشخصيات المرموقة في الهند ومن الأثرياء ، ويعرف بالنواب . وبعد أن أتم بناء القلعة المذكورة سافر إلى سامراء ، وقضى فيها ردحاً طويلاً من الزمن في خدمة المرزا حسن الشيرازي العالم المبرز في عصره ، عاد بعدها الى كربلاء بعد وفاة السيد المجدد الشيرازي ، ومكث فيها فترة من الزمن إلى أن وافاه الأجل ، ودفن في مقبرة خاصة له في صحن الحسين . ولا تزال تعرف القلعة المذكورة باسمه . وعلى أثر سفر أسرة النواب المذكور إلى الهند أوكل أمر الأملاك العائدة لها إلى رئيس وكلائها وهو محسن خان القندهاري الذي كان يمت بصلة إلى النواب المذكور والعقب منه في

(1) رسالة الاخيضر : تأليف : عباس علوان الصالح ( مطبعة الثقافة / كربلاء 1941 م 1360 هـ . وانظر : جريدة الغروب الكربلائية / السنة الأولى تموز 1935 م فصل ( حصن الأخيضر ) .
تراث كربلاء 125

كربلاء يعرف بآل النواب ، ومن هذه الأسرة المحترمة معاون دائرة الاستخبارات للشرق الأوسط في السفارة البريطانية ، كما كان نائباً للحاكم العسكري في كربلاء ومنهم النطاسي البارع الدكتور حسن أفضل نائب كربلاء الاسبق ، والدكتور مهدي هاشم النواب والمرحوم محمد حسين خان سكرتير دار الاعتماد الشرقي في بغداد وغيرهم .

خان العطشان

ذكر الرحالة الفرنسي تافرنيه ضمن رحلته للعراق في القرن السابع عشر الميلادي وصفاً مسهباً لهذا الخان ، نقل إلى العربية ، وهذا نصه : قد يكون هذا القصر الذي اكتشفه تافرنيه ( خان العطشان ) وهو بناء قديم ترى أطلاله ورسومه في البادية غربي الفرات على نحو من ثلاثين كيلو متراً من جنوب غربي كربلاء وهو على حد وصف رحالتنا مبني بالآجر ، ومازالت كثير من جدرانه وأقواسه وبعض عقاداته ترى إلى يومنا هذا وإن كانت قد تشعثت وتصدعت والذي نميل اليه ان لهذا البناء صلة بالموقدة ( الموجدة ) وهو منار يبعد عنه مسيرة ساعتين إلى الشمال الغربي ان هذه المباني التي ترى بقاياها منثورة في طف البادية كانت فيما مضى مسالح ومعاقل وحصوناً ومناور للدولة الفارسية تقيها شر هجمات دولة الروم . وقد وصفت الآنسة المس بيل خان العطشان وصفاً أثرياً دقيقاً في كتابها الموسوم :
(G. L Bell:palace and mosque at ukhider(oxford,1914 p p 14_ 43)
وعنيت بتخطيط البناء وتصوير بقاياه في اللوحات 46 ـ 52 من الكتاب المذكور . أما أصل البناء وتاريخه فلم تتطرق اليه المؤلفة (1) .

(1) العراق في القرن السابع عشر / تافرنيه . اعراب بشير فرنسيس وكوركيس عواد ص 133 .
تراث كربلاء 126

وفي رواية أخرى ان موقع هذا القصر بين موقدة وبين الكوفة (قصر العطشان) المسمى بهذا الإسم في العصر الحاضر وهذا القصر هو واسطة بين القصر الاول وبين الكوفة لاخبار من في الكوفة بالانارة حسب العادة القديمة وسمي بالعطشان لانطماس منابع مائه (1) .
ويغلب على الظن ان هذا الخان ( قصر العطشان ) يعتبر من منشآت الدولة الصفوية ، وخير دليل على ذلك وجود ( تل مرعز ) على مقربة منه . وهذا التل هو المكان الذي كانت تقف فيه قوافل الزوار والمشاة لرؤية قبة الروضة الحسينية المقدسة ، وكان يطلق عليه قديماً ( قبه نما) (2) . على ان هناك قصوراً أخرى لاتقل أهمية عن الآثار المذكورة وهي قصر شمعون وقصر العوينة وقصر موقده (3) ويقال أنها كانت قديماً معمورة بالسكان ، ولاتزال آثارها شاخصة للعيان اليوم .
وفي داخل مدينة كربلاء توجد آثار تاريخية أخرى جديرة بالاعتزاز والتقديس منها قبور بعض رجال الفكر وأساطين العلـم والادب الذين أحيوا التراث العربي والإسلامي وخدموا الشريعة الإسلامية فـي فترات متباينة منها قبر الشريف الرضي (4) والشريف المرتضى ووالدهما في مدخل الروضة الحسينية خلف ضريح

(1) جريدة ( الندوة ) الكربلائية العدد 14 ( تموز / 1941 م ) .
(2) كلمة فارسية تعريبها موضع رؤية معالم المآذن عن بعد .
(3) جريدة ( الندوة ) الكربلائية العدد 14 وانظر ( الدليل العراقي ) لسنة 1939 م ص 687 .
(4) هو أبو الحسن محمد بن أبي أحمد الطاهر ذي المنقبتين الحسين بن موسى بن محمد بن موسى ابن ابراهيم المجاب بن محمد العابد بن الامام موسى الكاظم (ع) . ولد سنة 359 هـ مارس الشعر وهو ابن عشر وبرع فيه وأجاد وفاق شعراء عصره .له ديوان حافل بكل بديع ، وتوفي بداره في الكرخ يوم الأحد في السادس من محرم سنة 406 هـ ، ونقل إلى مشهد الحسين بكربلاء ، ودفن عند قبر أبيه ، وقبرهما ظاهر معروف ( عمدة الطالب ص 210 ) وجاء في كتاب ( النجوم

=

تراث كربلاء 127

الحسين بستة أذرع . فقد ذكر السيد حسن الصدر في كتابه مانصه : وأما في كربلاء فغير المستشهدين مع الحسين عليه السلام منهم ابراهيم الاصغر ابن الإمام الكاظم عليه السلام قبره خلف ظهر الحسين بستة أذرع وهو الملقب بالمرتضى وهو المعقب المكثر جد السيد المرتضى والرضي وجدنا وجد اشراف الموسوية معه جماعة من أولاده كموسى أبي السبحة وأولاده وجدنا الحسين القطعي جماعة من أولاده في سردابين متصلين خلف الضريح المقدس كانت قبورهم ظاهرة ولما عمر الحرم العامر الاخير محوا آثارهم ومعهم قبر السيد المرتضى والسيد الرضي وأبوهما وجدهما

= الزاهرة ) ج4 ص 240 فصل ( السنة العشرون من ولاية الحاكم منصور على مصر وهي سنة ست وأربعمائة ) وفيها توفي محمد بن الحسين بن موسى بن ابراهيم بن موسى بن جعفر بن محمد ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، الشريف أبو الحسن الرضي الموسوي ولد سنة تسع وخمسين وثلثمائة ، كان عارفاً باللغة والفرائض والفقه والنحو وكان شاعراً فصيحاً ، عالي الهمة متديناً ، إلا أنه كان مذهب القوم إماماً للشيعة هو وأبوه وأخوه . ومن شعره من جملة أبيات :
ياصـاحبـي قفا لي واقـضيا وطـراً وحـدثـانـي عـن نجـد بأخبـار
هل روضت قاعة الوعساء أو أمطرت خميلـة الطلـح ذات البـان والغـار
وقد أكد السيد حسن الصدر في قضية وفاة الشريف بقوله : وقد شرحت التفصيل في كتاب تكملة أمل الآمل في ترجمة السيد المرتضى وتعرضت إلى تحقيق أن قبر السيد المرتضى وأخيه السيد الرضى في كربلاء وان المكان المعروف في بلد الكاظمية وقبرهما هو موضع دفنهما فيه أولاً ثم نقلا منها إلى كربلاء ولابأس بزيارتهما في هذا الموضع أيضاً ، وإنما أبقوه وذلك لعظم شأنهما ( نزهة أهل الحرمين ص 71 ). أما الدكتور عبد الرزاق محي الدين فهو الأخر الذي أدلى برأيه قائلاً : ان تقليداً أسرياً لآل أبي أحمد يقضي في الغالب بدفن أفراد الأسرة في كربلاء فقد دفن والد الشريفين النقيب أبو أحمد في داره ثم نقل إلى مشهد الحسين ( كربلاء ) وان أختاً للشريفين نقل جثمانها إلى كربلاء وان زوجة الشريف المرتضى ماتت ببغداد ونقل جثمانها إلى كربلاء فالملاحظ من تقاليد هذه الأسرة أن تتخذ مرقد الامام الحسين مدفناً لها . ( أدب المرتضى ص 77 و 78 ).
تراث كربلاء 128

موسى الابرش (1) . كما أن هناك قبوراً أخرى في الحائر لفريق من أعلام العصر كقبر الميرزا شفيع خان رئيس الطريقة الشيخية وقبر السيد كاظم الرشتي صاحب الفرقة الكشفية وقبر حسين علي شاه رئيس الطريقة الصوفية وقبر مؤمن دده رئيس الطريقة البكتاشية(2) وقبر السيد أحمد النقشبندي في تكية البكتاشية ومرقد الشيخ أحمد بن فهد الحلي صاحب الكرامات وقبر الآغا باقر البهبهاني والسيد علي الطباطبائي صاحب الرياض وقبر الشيخ يوسف البحراني وقبر السيد محمد المجاهد الطباطبائي وقبر الشاعر فضولي البغدادي وقبر الشيخ محمد تقي الشيرازي وغيرهم كثيرون ، وبالإضافة إلى ذلك فتوجد قبور بعض الملوك الديالمة ( آل بويه ) في الصحن الحسيني الصغير الذي تهدم في عهد متصرف لواء كربلاء عبد الرسول الخالصي عام 1948 م ، ومقبرة سلاطين آل قاجار قرب مرقد السيد ابراهيم المجاب .
ويوجد في أرجاء مدينة كربلاء بعض الاماكن والمراقد المقدسة التي يتبرك بها الزوار ، ومنها هي :

مقام الحسين وابن سعد

يرمز هذا المكان إلى الموقع الذي اجتمع فيه الامام الحسين عليه السلام مع عمر بن سعد للمفاوضة . موقعه في قطاع ( الچاچين ) المحـرفة عن كلمة ( دكاكين ) التي

(1) نزهة أهل الحرمين في عمارة المشهدين / السيد حسن الصدر ص 41 .
(2) انظر : بستان السياحة / للحاج زين العابدين الشيرواني ( 1194 ـ 1253 هـ ) ص 492 ( مادة كربلاء ) وقد التبس الأمر على صاحب بستان السياحة في نسبته للمرزا شفيع خان كونه رئيس الفرقة الشيخية والصواب هوالميرزا شفيع خان الصدر الأعظم رئيس وزراء إيران الذي وصل جثمانه كربلاء يوم 19 رمضان سنة 1234 هـ .
تراث كربلاء 129

هي اليوم عند باب البويبة (1) في محلة باب السلالمة . والمقام عبارة عن شبه حانوت خارج من جدار الدار المرقم 322/75 / ويرجع تاريخ تشييده إلى سنة 1113 هـ كما هو موجود على الكتيبة . وتم تجديده سنة 1352هـ / 1934م ثم جدد عام 1378 هـ 1952 م . وهذا المقام يؤمه الزائرون ليتبركوا به .

مقام تل الزينبية

يقع في الجهة الغربية من الصحن الحسيني بالقرب من باب الزينبية ، في مرتفع يعرف بـ ( تل الزينبية ) . ويقال ان هذا التل كان يشرف على مصارع القتلى في حادثة الطف ، حيث كانت السيدة زينب الكبرى تتفقد حال أخيها الحسين عليه السلام وإلى ذلك أشار الشاعر الشعبي المرحوم حسين الكربلائي بقوله :
روحـي مـن الصبـر ملت و صاحت ومثلهـا مـاانسبـت حرة وصاحات
على ( التل ) اوكفت (زينب ) وصاحت نـادت يـاخوتـي يهــل الحميـه

وتيمناً بها سمي هذا الموضع باسمها . والمقام عبارة عن شبك صغير من البرونز داخله أبيات كتبت على القاشاني . وتوجد في أعلاه أحجار من القاشاني مزينة بصورتمثل معركة الطف ، وقد جدد بناؤه أخيراً سنة 1398 هـ .

مقام الكف الأيمن للعباس

يقع بين محلتي باب بغداد وباب الخان ، وهذا المكان يمثل موضع سقوط الكف الأيمن لأبي الفضل العباس بن علي بن أبي طالب عليه السلام ـ أثناء بترها في معركة كربلاء ، كما تقول العامة ، والمقام شباك من البرنز خارج من الدار المرقمة

(1) البويبة : كلمة مصغرة من الباب ، ويقال أنها كانت باب سور محلة باب السلالمة قبيل هدمه .
تراث كربلاء 130

183 /5 الواقعة في زقاق الصخاني ، وعلى جدار المقام نقش لطيف مؤرخ سنة 1324 هـ وبيتان بالفارسية لم يذكر قائلهما ، وقد نقشت صورة ساعدين مقطوعين كتب تحتها : هنا قطعت يدا أبي الفضل العباس . والمعروف ان هذا المقام شيد في أواسط القرن الثالث عشر الهجري على بقايا نهر كان يعرف في حينه بنهر مقبرة العباس ، وقد يكون من بقايا نهر العلقمي .

مقام الكف الأيسر للعباس

يشاهد الزائر مقاماً آخر على بعد 50 متراً من باب القبلة الصغرى لصحن العباس عند مدخل سوق باب الخان ، وهو عبارة عن مشبك صغير من البرنز خارج من الدار المرقمة 52/ 51 مزين بقطع من المرايا الصغيرة ، وعلى الشباك لوحات من الأدعية ، وفوق المشبك أبيات شعرية نقشت على القاشاني للشاعر الكربلائي المرحوم الشيخ محمد السراج :
سل إذا ما شئت واسمع واعلم ثم خذ مني جـواب المفهـم
ان في هـذا المقـام انقطعت يسـرة العبـاس بحر الكرم
ههنا ياصـاح طـاحت بعدما طاحت اليمنى بجنب العلقمي
أجر دمع العين وابكيه اسـى حـق أن تبكي بدمع من دم

وتوجد صورة كف فوق المشبك المذكور ، ويحكى ان هذا المقام شيد من قبل محمد علي آل شنطوط في عام 1327 هـ وذلك أثر رؤيا رآها في منامه ، وهي ان الساعد الأيسر للعباس قطع في هذا المكان مما دعاه إلى شق جدار داره في الصباح الباكر وانشاء هذا المقام تخليداً لموقع سقوط الساعد .

مقام جعفر الصادق عليه السلام

كانت الأراضي التي يقع فيها هذا المقام تعرف بالجعفريات ، وهي من موقوفات

تراث كربلاء 131

الشيخ أمين الدين الخيرية ، وهي ضمن الأراضي والعقارات العائدة له في الحائر الحسيني ، ويرجع تاريخها إلى سنة 904 هـ (1) . وقد شيد هذا المقام رمزاً تذكارياً من قبل الزعيم البكتاشي جهان دده ( كلامي ) الشاعر الصوفي الذي كان حياً سنة 970 هـ . ويعرف المكان هذا بشريعة الإمام جعفر بن محمد وهو المكان الذي كان يغتسل فيه الإمام جعفر الصادق في نهر الفرات قبيل زيارته للحائر (2) وموقعه في أراضي الجعفريات على الشاطى الغربي من نهر العلقمي (3). حيث يجد الزائر مزاراً مشهوراً عليه قبة عالية من القاشاني تحيط به البساتين والناس تقصده للزيارة والتبرك وقضاء الحاجات ، ومما يجدر ذكره ان هذا المقام كان المطاف الأخير للفرقة الاسماعيلية المعروفة ( البهرة ) حيث لم يكن يسمح لرجالها بالدخول إلى كربلاء لزيارة العتبات المقدسة حتى سنة 1262 هـ ، وذلك بعد وفاة العلامة السيد ابراهيم القزويني صاحب الضوابط ، إذ أجاز العلامة الشيخ زين العبادين المازندراني بإصدار فتوى للسماح لهم في الدخول إلى كربلاء . كما ان المرحوم السيد يوسف السيد سليمان آل طعمة المتوفي سنة 1288 هـ استحصل موافقة والي بغداد آنذاك ( السر عسكر عبدي باشا ) حيث ان السلطة العثمانية الحاكمة إذ ذاك كانت هي الأخرى تساند المنع المذهبي ، والمقام المذكور يقع على طريق العربات المؤدي إلى مدينة كربلاء عبر نهر الحسينية المار بقنطرة الحديبة وهو الطريق الرئيسي بين بغداد وكربلاء .

مقام المهدي

موقعه على الضفة اليسرى من نهر الحسينية الحالي ، عند مدخل كربلاء على الطريق المؤدي إلى مقام جعفر الصادق عليه السلام وهو مزار مشهور عليه قبة عالية ،

(1) مدينة الحسين / محمد حسن الكليدار آل طعمة ج 2 ص 165 .
(2) تاريخ كربلاء / الدكتور عبد الجواد الكليدار آل طعمة ص 82 .
(3) بغية النبلاء في تاريخ كربلاء / السيد عبد الحسين الكليدار آل طعمة ص 82 .
تراث كربلاء 132

وقد سمي هذا المقام التذكاري تيمناً باسم الإمام المهدي المنتظر عليه السلام . جدده المرحوم الحاج حمزة الخليل وذلك عام 1378 هـ ، وأرخ تجديده الشاعر الكربلائي المعاصر السيد مرتضى الوهاب بأبيات كتبت بالقاشاني على جبهة المقام ، وهي :
شاد للقـائم إذ ضحـى الخليل بيت قـدس فيه برد وسلام
واعتنى ( الحمزة ) في تجديده فاستوى منـه عماد ورخام
مـذ تجلـى نـوره أرختـه ( ضاء للمهدي ركن ومقام)

1378هـ


وهناك مقامات أخرى في مواضع مختلفة من أزقة المدينة شيدت تبركاً لاستلهام ذكرى الأئمة الأطهار بوحي من العقيدة .

تراث كربلاء 133

الفصل الرابع

الاسر العلمية والادبية

الاسر العلمية

يطلع القارئ في هذا الفصل على تاريخ الأسر العلمية الشهيرة في كربلاء قديماً وحديثاً ، وكنت قد ثبتها في الطبعة الاولى من كتابي هذا حسب استيطانها التاريخي . وفي هذه الطبعة رغبت أن يكون ترتيب الأسر حسب حروف المعجم ، ومستنداً في ذلك إلى المصادر المطبوعة والمخطوطة التي عثرت عليها بالإضافة إلى المستندات والوثائق القديمة ، مع ذكر أسماء اعلام كل اسرة .

آل الاسترابادي

إحدى اسر العلم المعروفة التي ينتهي نسبها إلى الإمام الحسين بن علي عليه السلام . استوطنت كربلاء في القرن الثالث عشر الهجري ، ومن مشاهيرها : العالم الفاضل السيد مصطفى بن السيد حسين بن السيد محمد بن السيد علي بن السيد سميع بن

تراث كربلاء 134

السيد مير عبد المجيد من سلالة زيد بن علي بن الحسين عليه السلام ، ومنها : العلامة الخطيب السيد حسن بن السيـد علي بن السيد مصطفـى الاسترابـادي المذكور ( 1283 ـ 1366 هـ ) كان فاضلاً جليلاً بليغاً في الوعظ والإرشاد له قريحة وقادة وبديهة سريعة في المنظم ، توفي يوم 25 ربيع الأول سنة 1366 هـ ، وأرخ وفاته الخطيب السيد علي بن الحسين الهاشمي بقوله :
محافل الطف وأعـوادها تنعى خطيباً كان فرد الزمن
وتنشد الأعـلام تـاريخه ( بيومه نذكر فقـد الحسن )

1366 هـ

وأعقب ثلاثة أولاد هم من أهل الفضل والكمال : 1ـ السيد محمد على (1310 ـ 1375 هـ ) كان ذكياً فطناً ، قوي الحافظة فصيحاً جريئاً في الخطابة . 2ـ السيد محمد مهدي : وهو اليوم أحد الخطباء الأجلاء واسع العلم كبير الهمة .3ـ السيد محمد : وهو فاضل جليل يتكسب بالتجارة ولم يزل شغوفاً بمطالعة الكتب .

آل الأمير السيد علي الكبير

من الأسر العلمية التي تعرف بآل الأمير السيد علي الكبير (1) ينتهي نسبها إلى زيد الشهيد بن الامام السجاد علي بن الحسين عليه السلام . تفرعت منها عوائل كثيرة منها عائلة العلامة السيد محمد علي هبة الدين الحسيني الشهير بالشهرستاني (2)

(1) راجع بشأن تفصيل تاريخ هذه الاسرة مجلة ( المرشد ) البغدادية ج 9 المجلد 4جمادى الثانية 1348 هـ ـ تشرين الثاني 1929 م .
(2) عالم جليل وشاعر مبدع أسند إليه منصب وزارة المعارف يوم 27 أيلول سنة 1921 م عند تشكيل وزارة عبد الرحمن النقيب الثانية ، وكان أحد رجلات الثورة العراقية ، له مؤلفات قيمة منها : نهضة الحسين ، الهيئة والإسلام ، جبل قاف ، الدلائل والمسائل ، ماهو نهج البلاغة ؟

=

تراث كربلاء 135

نسبة لمصاهرته بأسرة السادة آل الشهرستاني ، وكان جده الأعلى الأمير السيد علي الكبير من جهابذة اعلام عصره ، تتلمذ على الشيخ آغا باقر البهبهاني ( المؤسس الوحيد ) والشيخ يوسف البحراني صاحب الحدائق والسيد نصر الله الفائزي الحائري مدرس الطف . وان الذي هاجر إلى كربلاء واستوطنها في القرن الثاني عشر الهجري هو السيد منصور والد الأمير السيد علي الكبير ، ومن ذريته السيد حسين بن محسن بن مرتضى بن الأمير السيد علي الكبير ( 1246 ـ 1319 ) كان عالماً تقياً ورعاً وهو والد العلامة السيد محمد علي هبة الدين الحسيني .

آل البحراني

إسرة علمية ذات شرف باذخ ومجد شامخ استوطنت كربلاء في مطلع القرن الثاني عشر الهجري تنتسب إلى الفقيه الكبير السيد عبد الله البلادي البحراني المدفون في بهبهان من ذرية السيد ابراهيم المجاب بن محمد العابد بن الإمام موسى الكاظم عليه السلام . وأبرز أعلام (1) هذه السلالة في كربلاء : السيد عبد الله بن السيد محمد البحراني المتوفي بكربلاء سنة 1210 هـ وهو أستاذ الشيخ خلف بن عسكر الحائري . ومنها السيد محسن بن السيد عبد الله المذكور المولود بكربلاء سنة 1204 هـ والمتوفى بها سنة 1306 هـ وهو صهر العلامة الشيخ خلف بن عسكر الحائري . ومنها السيد محمد بن السيد محسن المذكور المولود بكربلاء سنة 1262 هـ

= وغيرها كما وله مخطوطات كثيرة ، أصدر مجلة العلم في النجف عام 1910 م وهي أول مجلة عربية ظهرت في العراق ، توفي بالكاظمية مساء يوم الاثنين 27 شوال 1386 هـ / 6 شباط 1967 م . وأعقب عدة أولاد منهم المحامي السيد جواد الشهرستاني وهو أديب فاضل وكاتب مطبوع ساهم في كثير من الحلبات الأدبية .
(1) راجع كتاب ( الفقيه الطاهر ) ( كربلاء 1385 هـ ) وفيه عرض مسهب لاعلام اسرة آل البحراني .



السابق السابق الفهرس التالي التالي