الشهيد مسلم بن عقيل عليه السلام 173

أسمعــه سبا وشتما فاحشـا رماه باطلا بما يدمي الحشــا
وما اشتفى من مسلم بما لقـي حتى اشتفى منه بضرب العنق
وبعده رماه من أعـلا البنــا فانكسرت عظامـه وأحزنــا
وشد رجـلاه ورجلا هانــي بالحبــل يا للـذل والهـوان
فأصبحـا ملعبــة الأطفـال بالسحب في الأسواق بالحبـال
فلْتبكه عين السمـا دمـا فمـا أجل رزء « مسلم » وأعظمـا
وقد بكاه السبط حينمـا نعـي إليه « مسلـم » بقلب موجـع
فارتجت الأرجـاء بالبكــاء على عميد الملـة البيضــاء
واهتزّ عرش الملك الجليــل على فقيد الشرف الأصيــل
وناحـت العقــول والأرواح لما استحلّـوا منه واستباحـوا
صُبّت دموع خاتـم النبــوة على فقيــد المجد والفتــوة
بكــاه عمه علـى مصابـه وحق أن يبكــي دما لمـا به
بكـى على غربته آل العبــا وكيـف لا وهو غريب الغربا
ناحت عليه أهل بيت العصمة فيا لهـا من ثلمــة ملمــة

للعلامة الحجة السيد رضا الهندي المتوفى سنة 1362 (9) :

لو أن دموعي استهلّت دمــا لما أنصفت بالبكا « مسلما »
قتيـل أذاب الصفــا رزؤه وأحـزن تذكاره « زمزما »
وأورى الحجون بنار الشجون وأبكى المقام وأشجى الحمىَ
أتى أرضَ كوفـانَ في دعوةٍ لها الأرضُ خاضعـةٌ والسما
فلبوا دعاهُ وأمّــوا هــداه لينقذَهم من عشاء العمــى
وأعطوه من عهدهم ما يكـادُ إلى السهل يستدرجُ الأعصما
وما كان يحسب وهو الوفـيُّ أن ينقضوا عهده المبرمَــا
فديتُكَ من مفـرد أسلمــوه لحكم الدّعيِّ فما استسلمــا
وألجأه غدرهـم أن يحــلّ في دار « طوعة » مستسلمَا
فمذ أقحموا منه في دارهــا عريناً أبى الليث أن يقحمـا

9) من مجموعة الخطيب الأستاذ الشيخ مسلم الجابري.
الشهيد مسلم بن عقيل عليه السلام 174

أبان لهم كيف يضرى الشجاع ويشتد بأســا إذا أسلمـــا
وكيف تهبّ أســود الشرى إذا رأت الوحوش حول الحِمى
وكيف تفرّق شهـب البــزاة بغاثا تطيـف بهــا حــوّما
ولما رأوا بأســه لايطــاق وماضيه لايرتــوي بالدمــا
أطلّوا على شرفـات السطوح يرمونه الحطب المضـرمــا
ولولا خديعتُهــم بالأمــان لما أوثقـوا ذلـك الضيغمــا
وكيف يحس بمكــر الأثيـم من ليس يقتــرف المأثمــا
لئن ينسني الدهر كل الخطوب لم ينسنــي يومك الأيومــا
أتوقف بيـن يـدي فاجــر دعي إلى شرهــم منتمــى
ويشتـم اسرتك الطاهريــن وقد كــان أولى بأن يشتمـا
وتقتل صبــرا ولا طالــب بثـأرك يسقيهــم العلقمــا
وترمى إلى الأرض من شاهق ولم تـرم أعداك شهب السمـا
فإن يحطموا منك ركن الحطيم وهدوا من البيت ما استحكمـا
فلست سوى المسك يذكو شذاه ويـزداد طيبــا إذا حطمــا
فإن تخــل كوفـان من نادب عليـك يقيــم لك المأتمــا
فإن ضبــا الطالبييــن قـد غدت لك بالطف تبكي دمــا
زهى منهم النقـع في أنجــم أعادت صباح العــدى مظلما

وللعلامة السيد باقر نجل آية الله الحجة السيد محمد الهندي ـ قدس الله تربتهما ـ أبياتا سبعة ، وصدرها الخطيب الفاضل الشيخ قاسم الملا الحلي بثلاثة عشر بيتا وذيّلها بأربعة أبيات ، وأتمها العالم الشيخ محمد رضا الخزاعي بتسعة أبيات.
الشيخ قاسم الملآ :
لحيّكــم مهجتـي جانحـهْ ونحوكــم مقلتي طامحـهْ
واستنشق الريح إن نسّمـت فبالأنف من نشركم نافحـهْ
وكم لي على حيّكـم وقفـةً وعيني في دمعها سـابحـهْ
تعاين أشباح تلك الـوجـوه فلا برحت نحوكم شابحـهْ
وكم ظبياتٍ بها قـد رعـتْ بقيصوم قلبي غدت سارحهْ

الشهيد مسلم بن عقيل عليه السلام 175

تقصت ومن لي بها لو تعودُ فكيف وقد ذهبت رائحــهْ
وعدّت غريبا بتلك الديــار أرى صفقتي لم تكن رابحهْ
كما عاد « مسلم » بين العدى غربيا وكابدهـا جائحــهْ
رسـول حسين ونعم الرسول إليهـم من العترة الصالحهْ
لقد بايعــوا رغبــة منهمُ فيا بؤس للبيعة الكاشحــهْ
وقد خذلـوه وقد أسلمــوه وغدرتهـم لم تزل واضحة
فيا ابن عقيـل فدتك النفوس لعظم رزيتـك الفادحــة
لنبك لها بمـذاب القلــوب فما قـدر أدمعنــا المالحة

السيد باقر الهندي ـ رحمه الله ـ :
بكتك دمـا يا ابن عم الحسين مدامــع شيعتـك السافحـه
ولا برحت ها طلات العيون تحييـك غاديــة رائحــه
لأنك لم ترو مـن شربــة ثناياك فيها غـدت طائحــه
رموك من القصر إذ أوثقوك فهل سلمت فيك من جارحـه
وسحبا تجــرّ بأسواقهــم ألست أميرهــم البارحــه
أتقضي ولم تبكك الباكيــات أما لك في المصر من نائحـه
لئن تقضي نحبا فكم في زرود عليك العشية من صائحــة

الشيخ قاسم الملآ :
وكم طفلة لك قد أعولـتْ وجمرتها في الحشا قادحهْ
يعززها السبط في حجره لتغدو في قربه فارحــهْ
فأوجعها قلبهـا لوعــةً وحسّتْ بنكبَتِها القارحـهْ
تقول مضى عم منّي أبي فمن ليتيمتهِ النائحهْ (10)


10) الى هنا من كتاب « سوانح الأفكار في منتخب الأشعار » للخطيب الأستاذ السيد محمد جواد شبّر.
الشهيد مسلم بن عقيل عليه السلام 176

الشيخ محمد رضا الخزاعي (11) :

ثكول تبيـت بليــل اللّسيع تعج وعن دارهـا نازحــهْ
وكم من كمــيّ بأحشائــه تُركت زنــاد الأسى قادحَهْ
دريت ابن عمك يوم الطفوف نعـاك باسرتــه الناصحهْ
تحفُّ بـه منهــم فتيــةٌ صبـاحٌ وأحسابُهُـم واضحَهْ
بكاكَ بماضـي الشّبا والوغَى وجوهُ المنايــا بهـا كالحهْ
أقامَ بضـرب الطلــى مأتماً عليكَ وبيض الضبـا نائحهْ
ونادى عشيرتَكَ الأقربيــن خذ الثأرَ يا أسرةَ الفاتحَــهْ
وخاضَ بهم في غمار الحتوفِ ولكنهما بالضّبـا طائحــهْ
وقالَ لها : يا نــزارُ النّزالِ فحربُك في جدهــا مارحَهْ

وقال العلامة الحجة ميرزا محمد علي الأوردباديّ الغرويّ :

وافى بمنقطـع البيـان ثنــاؤه بطل على الجـوزاء رفّ لـواؤهُ
وعلى السمــاك محلهُ شرفاً وإنْ يكُ فـي الصعيــدِ يلفّهُ بوغاؤهُ
بالباسـط العدل المهيب جـوارهُ والواسع الوفر الرحيب فنــاؤهُ
قد أخضل الوادي بمـرزم سيبـهِ وأضاء في النادي الرهيب بهـاؤهُ
لم تدر يوم تبلّجــتْ أنــوارهُ أذكاً تضيءُ الأفــقُ أم سيمـاؤهُ
هو نقطة المجد الأثيل تألّفــتْ منها غدات تكثّـرتْ أجــزاؤهُ
ولـه بأعلام النبــوة مفخــرٌ قد نيطَ بالإيمــان فيه بكــاؤهُ
وبعين جبّــار السّمــاء شهادةٌ خصتْ به وعليه حــق جزاؤُهُ
ونيابة عن سبط أحمد حازهــا فتقاعستْ عن حملهـا قرنــاؤهُ
وأخوة قـد شرّفتْــهُ بموقــف قد كــان مشكورا لديـه إخاؤُهُ
لم يبغِ غيرَ هوى الحسين ورهطهِ وسواهُ قد شطـت به أهــواؤهُ
هو ذاك موئــا رأيه وعليه منْ أمر الإمامــةِ ألقيــتْ أعباؤهُ
علم تدفّقَ جانبــاه فلـم يــدع إمّا تدفّـق سـاحــلا دئمــاؤهُ


11) من مجموعة الخطيب الأستاذ الشيخ مسلم الشيخ محمد علي الجابريّ.
الشهيد مسلم بن عقيل عليه السلام 177

وندى به وجه البسيط تبلجـتْ أرجـاؤه وتأرجــت أجـواؤهُ
وبسالة موروثـة من حيــدر فكأن موقف زحفـه هيجــاؤهُ
وضرائب قدسية ما إن تلــحْ إلاّ أطل على الوجـوه ذكـاؤهُ
وشذيُّ نجر من ذوأبة غالــب تسري على مر الصبـا فيحاؤهُ
ومآثر شعّت سنا تمتـد مــن نسب قصير يستطـيـل سناؤهُ
وأمير مصر لم يخنه وإن يكـن خانته عند الملتقـى أمــراؤهُ
يزهو به دست الخلافة مثلـمـا يزدان من صرح الهدى أبهاؤهُ
لله صفقة رابـح لمـا يبــنْ يوم التغابــن بيعـه وشراؤهُ
هو مسلم الفضل الجميـع ومعقد الشرف الرفيع تقدسـت أسماؤهُ
طابت أواصره فجـم مديحــه وزكت عناصره فجـل ثنـاؤهُ
قرت به عينا « عقيل » مثلمـا سرت بموقف مجـده آبــاؤهُ
واحتلّ من كوفان صقع قداسـة فيه تقدس أرضـه وسمــاؤهُ
كثرت مناقبه النجوم وكاثـرتْ قطر الغمــام بعــدّهِ أرزاؤهُ
سيف لهاشم صاغهُ كـف القضا فلنصرة الدين الحنيـف مضاؤهُ
شهدت له الهيجاء أن بيمينــه أمر المنايا حكمـه وقضــاؤهُ
إذ غاص في أوساطهـا وأليفـه ماضى الشبا وسميـره سمراؤهُ
في يوم حرب بالقتـام مجلــل أو ليل حرب قـد جـلاه رواؤهُ
وبمأزق فيه النفـوس تدكدكـتْ من بعدما التقم الرؤوس فضاؤهُ
إن سل عضبا فالجبـال مهيلـة أو هز رمحـا فالسمـا جرباؤهُ
وانصاع يزحف فيهم مستقصيـا فأتى على بهم الوفى استقصاؤهُ
يحصي مصاليت الكماة بصارم لم يبق منهـم مقبلا إحصــاؤهُ
وارتجّ كوفان عليه بعاصــف من شره وتغلغلـت أرجــاؤهُ
فرأوا هنا لك محمدا ضوضاءهمْ بكميــن بأس هدهــمْ بأساؤهُ
ومبيدُ شوكتهم إذا حم الوغــى أضحى يدير الأمر كيـف يشاؤهُ
من فاتق رتق الصفوف وخارق جمع الألوف غــداة عز رفاؤهُ
لولا القضا عرفوه مطفأ عزمهمْ بمهنـد لاينطفــي إيــراؤهُ
لكنهم عرفوا الضبارهم خاضعاً لولي أمر لايــرد قضــاؤهُ

الشهيد مسلم بن عقيل عليه السلام 178
أمنوا الشقــا فتواثبــوا لقتاله فارتثّ من بطـل الهدى أعضاؤهُ
حتى إذا غيــل الهزبرُ بمستوىً لابد أن تــرد الـردى أسراؤهُ
بالأمس كان أميرهــم واليـومَ تسحبه إلى ابن سميـة زمـلاؤهُ
وهناك إد من مقالــة فاجــر قد كان يسمعه التقــيُّ رغـاؤهُ
إن كان أسمعه سبابـاً مقذْعــا فالنضحُ مما قد حــواه إنـاؤهُ
ولدين أحمـد مدمــع لفــوأده المفطور من ظمـأ ترقرق ماؤهُ
ولقد بكيتُ مقطّعا منهُ الحشــا قد وزّعت بشبا الظبــا أشلاؤهُ
ومناولاً قدحــا ليروي غلــة قد أجهدتـه فغيّرتــه دمــاؤهُ
طلاع كــل ثنية طاحـت ثنـا ياه فأجـج بالصـديّ ظمــاؤهُ
وأشد ماعانــاه من أرزائــهِ إفك الدعـي عليــه أو أرزاؤهُ
لم يصعــدوهُ له وإن يك قــدْ إلا وثمّـت حلّقــت عليــاؤهُ
قوس الصعــود لـه وإن يك قد هـوى متنــازلا حوبـــاؤهُ
يا هـل درى القصر المشيد بان من ينقض عنــه جماله وبهاؤهُ
هو للإمارة وهو مفخــر دسته والمكـرمـات إهابــه ورداؤهُ
ألقوه من صعد فكــان محطّمـاً جثمانـه ومعظمــا برحــاؤهُ
ويُجَر في الأسواق منه أخو هدىً من حادثــات الدهر طال عناؤهُ
فكأنه وســريَّ مذحــج خدنهُ في السحب من افق العلا جوزاؤُهُ

لفضيلة العلامة السيد محمد نجل حجة الإسلام آية الله السيد جمال الهاشمي أدام الله ظله :

سار يطوي القفار سهلا ونجــدا ويحث الركــاب رملا ووخــدا
بعثتــه رسالــة الحـق وحياً فيه ركب الحياة يحــدى ويُهـدى
يتحدّى التاريـخ فــردا بعــزم فار غيظــا على الزمـان وحقدا
أيزيد يقــود قافلــة الديــن إلى أين أيهــا الركـب تُحدى ؟!
أترى يترك الحميّــا ، وقد شبّ عليها وشـاب حبــا ووجــدا ؟
عاشـر القــرد في صباه إلى أنْ عاد في الطبع والشمائـل قــردا
وأراد « ابن هند » أن يمحق الدين ويعـلــى بــه يعوقــا وودا

الشهيد مسلم بن عقيل عليه السلام 179
فارتضـاه للمسلميــن إمــامــا مستجـاراً وحاكمــا مستبــــدا
وهنــا ثارت العقيــدة بركانــا وفارت حقـدا يصلصــل وقــدا
صهرتهــا روح الحسيــن نشيدا ردّدتــه القــورن فخـرا ومجدا
وتحلى بلحنــه « ابن عقيــل » وتحدّى النظــام هدمــا ونقــدا
وسرى في القفار يهتـف : عــاش ألـ ديـن فـي موكــب الحسيــن لنفدى
نثر اُلح فـي الرمــال ففاضــت ربوات الصحــراء وردا ورنــدا
كوفة الجنــد قابلتــه بــروح تــتــنــدى لـــه ولاء وودا
وهي مهـد الهــوى لآل علــي فجديــر بــأن تجــدد عهــدا
أرسول الحبيـب يأتــي بشيــرا باللقــا فلتـذب هنــاء وسعــدا
ولتبايـع يـد الحسيــن وتُعلــي ذكره في الجموع مدحــا وحمــدا
ولتعش جمـرة العقيــدة والـروح لتـصـفــو لهـا المــوارد وردا
ومشت في القلوب موجـة إيمــان غدت تغمــر الجماهيــر بمــدا
رفعـت للجهــاد ألويـة المـوت وسارت بهـا المواكــب حشــدا
قررت أن تلفّها الحــرب أو تنشر مـن حكمـهـا علـى الدهــر بندا
واغتـدى « مسلم » يعبّئ جيشــا علويّـا يفيــض بأســا ونجــدا
وأثارت « يزيد » احداث « كوفان » وماجــت « دمشـق » برقا ورعدا
وأشار الخنـا إلــى « ابن زياد » أن يديــر الأمــور حـلا وعقـدا
فسعى مفــردا لكوفــان لكــن كــان من خبثــه يسايــر جندا
أنكرتْـه العيــون لمــا تـرآى سيدا ، وهي فيـه تبصــر عبــدا
وكما رامــه « يزيــد » أدار الوضــع في حزمــه وعيــدا ووعــدا
وتلاشى التيار ، فا « لمسجـد الأعظــمُ » قد بات فيــه « مسلــم » فردا
خانه الدهر ، فالجماهيـر راحــت تتنائــى عنـه شيـوخــا ومُـردا
ومشى يقطــع الشـوارع حتــى كـل من سيــره مراحــا ومغـدى
وتسامت أمجاد « طوعـة » لمــا ضافهـا « مسلـم » عيــاء وجهـدا
وأتته أنصــاره وهـي أعــداء تـردّت مــن الخـزايــة بــردا
تبتغي منــه أن يبـايـع نغــلاً أنكرتْـه الأصــلاب رسمـا وحـدا
فطوى جيشهـا الكثيـف بسيــف يتلقـى الالــوف نثــرا وحصـدا

الشهيد مسلم بن عقيل عليه السلام 180
ذكرت فيه « عمه » ورأت في يومه حلم أمسها قـد تبــدّى
غدرت فيه « بالأمان » ولولاهُ لما أطفأت له الحــرب زندا
أدخلتْهُ « قصر الإمارة » ظمآناً ولما يذق من المــاء بـردا
حاول النغلُ عجمُـهُ فــرآهُ خشنا في فم الحـوادث صلدا
قطع البغي رأسه ورمـى الطغيــ ـان جثمانــه انتقامــا وحقدا
رام إطفاء نــوره ، وهو نور الله هيهــات خـاب فألا وقصدا
ها هي الذكريـات تطفح منها ظلمات القـرون نورا ورشدا

الخطيب الفاضل السيد صالح الحلي ـ رحمه الله ـ :
لو كان ينقـع للعليـل غليــل فاض الفرات بمدمعي والنيــل
كيف السلـو وليس بعد مصيبة ابن عقيل لي جلــد ولا معقول
خطب أصاب محمدا ووصيــه لله خطب قـد أطــلّ جليــل
أفديه من قــاد شريعـة أحمد بالنفس حيث الناصرون قليــل
حكم الإله بما جرى في مسلــمٍ والله ليـس لحكمــه تبديــلُ
خذلوه وانقلبــوا إلى ابن سميةٍ وعن ابن فاطمة يزيـد بديــل
آوتْه طوعـة مذ أتــاه والعدى من حولــه عدوا عليـه تجول
فأحس منهـا إبنهـا بدخولهــا في البيت أن البيت فيه دخيـل
فمضى إلى ابن زياد يسرع قائلا بشرى الأمير فتى نماه عقيــلُ
فدعا الدعي جيوشه فتحزّبــتْ يقفو على أثر القبيــل قبيــلُ
وأتت اليه فغاص في أوساطهـا حتى تفلّت عرضُها والطــول
فكأنّه أسـد لجــوع شبولــه في الغيــل أفلته عليهـا الغيلُ
يسطو بصارمه الصقيـل كأنـهُ بطَلى الأعادي حدُّهُ مصقــول
حتى هوى بحفيرة صنعت لــه أهوتْ عليه أسنّـةٌ ونصــولُ
فاستخرجوهُ مثخنـاً بجراحــهِ والجسم من نزف الدمـاء نحيلُ
سلْ ما جرى جملاً من أعلا البنا فقليله لم يحصــهِ التفصيــلُ
قتلوه ثم رموه من أعلا البنــا وعلى الثرى سحبوه وهو قتيـلُ
ربطوا برجليه الحبال ومثّلــوا فيه فليت أصابنــي التمثيــلُ

الشهيد مسلم بن عقيل عليه السلام 181
مذ فاجأ الناعي الحسين علتْ على فقدان مسلـم رنّــةٌ وعويــلُ
وله ابنةٌ مسح الحسيــن برأسها اليتمُ مسح الرأس فيــه دليـلُ
لما أحسّتْ يتمها صرخت الايــا والدي حزنــي عليــك طويلُ
قال الحسين : أنـا زعيم بعــده لا تحزنــي وأب لك وكفيــل
قد مات والدهــا فأملت البقــا في العم لكـن فاتها المأمولُ (12)

للطبيب الحاذق الأديب الشيخ محد الخليلي :

إن كنت تحـزن لادكــار قتيــل فاحزن لذكرى « مسلــم بن عقيل »
واجزع لنازلـة بخـيــر مفضـل أبكى عيــون الفضـل والتنزيــل
واندب قتيلا ما انجلى ليل الوغــى أبدا لـه عــن مشبــه وبديــلِ
هو ليث غالب « مسلم » من أسلمت مهج العـدى لفرنــده المصقــولِ
شهم تحـدّر من سلالــة هاشــم خيــر البيوت علا وخيــر قبيـل
متفرّعا عـن دوحــة مضريــةٍ تُنمى لأصلٍ في الفخــار أصيــلِ

***

أم العــراق مبلغــا برسالــة أكـرم بمرسلــه وبالمرســول
وأتى إلـى كوفــان ينقذ أمــة طلبت اغاثتهــم على تعجيــل
فاكتضّ مسجدها بهم وعلت بــه أصـواتهــم بالحمد والتهليــل
وتقاطروا مثل الفـراش تهافتــاً طلبا لبيعتــه علـى التنزيــلِ
يفدونه بنفيسهــم والنفــس لا يبغون دون رضــاه أي بديــل
باتوا وبـات مؤمّلا للنصــر من أشباحهم يـا خيبــة المأمــولِ
لكنهم ما أصبحــوا حتى غــدا في مصرهم لا يهتـدي لسبيــلِ
خذلوه إذ عدلوا إلى « ابن سمية » واستبدلــوا الإرشــاد بالتضليلِ
وتجمّعــوا لقتالــه من بعد ما عرفوه للإرشــاد خيــر دليـل
وأتوه منفردا بمنزل « طوعـة » وقلوبهم تغلـى بنــاد ذحــول
فغدا يفــرق جمعهـم ويجنـدلُ الأبطال في عــزم له مسلــولِ


12) من مجموعة الخطيب الأستاذ الشيخ مسلم الشيخ محمد علي الجابريّ.
الشهيد مسلم بن عقيل عليه السلام 182

ورأوا به بطلا إذا نكل العــدى عنه فرارا فهو غيـر نكــولِ
يلقى الكمـيّ بعزمــةٍ مضريّةٍ إجمالهــا يغني عـن التفصيل
إن صال أرجعهم على أعقابهـم في بطش ليث في الرخام صئول
فغدت فلول الهاربين لخوفهــا تطأ الشريد بأرجـل وخيــولِ

***

حتى إذا كضّ الظما أحشــاءهُ و بدد دماء تسيل أي مسيــلِ
وافوه غدرا بالأمان وخدعــة منهم فلم يخضع خضوع ذليـلِ
لكنهم حفروا الحفيـرة غيلــةً فهوى بها كالليث جنب الغيـلِ
وتكاثروا فيها عليـه فأفقــدوا يمناه خيــر مهنّد وصقيــلِ
وأتوا به قصــر الإمارة مثخناً بجراحـه ومقيــدا بكبــولِ
فغدا يقارعـه الزنيــم عداوةً ويغيضــه سبّا بأقبح قيــل
ودعا ابن حمران به ولسانــهُ لهـج بذكــر الله والتهليــلِ
ما بان رأسا كان يرفعه الابــا عن جسم خير مزمل مقتــولِ
ورماه من أعلا البناء إلى الثرى كالطود إذ يهوى لبطن رمـولِ
فقضى شهيدا في مواطن غربةٍ متضرّجاً بنجيعـهِ المطلــولِ

***

وأتى الحسين السبط مؤلم لغيه فدهاه في خطــب هناك جليل
فبكاه مفجــوع الفـؤاد بفقده حزنا سليل المصطفـى المرسلِ
وغدتْ تزيدُ النوح صفوةُ أحمد لمصابــهِ في رنّةٍ وعويــلِ

للخطيب التقي السيد مهدي الأعرجيّ النجفيّ (13) :
هذى مرابعهــم فحي وسلم واعقـل وقف فيها وقوف متيّمِ
وانشد فؤادا ضاع مني عندها بين الدكاك فالربـى فالعليــمِ
أيام كان العيش حلـو طعمه والعيش في اللذات حلو المطعمِ
والراح يجلوها الهـلال كأنها شمل لندمان كمثـلِ الأنجــمِ


13) نقلتها من كتاب « سوانح الأفكار في منتخب الأشعار » للخطيب الأستاذ السيد محمد جواد شبر.
الشهيد مسلم بن عقيل عليه السلام 183

والشمل ملتئــم بكــل مهفهف غنج غرير الطـرف حلو المبسمِ
والدهر بايعنا وأعطانـا علــى أن لا يخون بنـا يد المستسلــم
واليوم خــان بنا فشتّتنــا كما خانت بنو صخر ببيعة « مسلم »
لم أنسه بين العـدى وجبينــه كالبدر في ليل العجــاجِ المظلمِ
أفديهِ من بطلٍ مهيب إن سطــا لفّ الجموع مؤخــرا بمقــدّمِ
شهم نمته إلى البسالـة هاشــمٌ والشبل للأسدِ المجــرب ينتمي
ولدتــه آبــاء مياميــن ولا تلدُ الأراقم قط غيــر الأرقــمِ
حتى إذا ما أثخنــوه بالضبــا ضربا وفي وسط الحفيرة قد رُمي
جاؤا إلى ابن زياد فيه فمـذْ رأى للقصر قد وافــه غير مسلــم
قال اصعدوا للقصر وارموا جسمهُ ومن الوريدين اخضبوه بالــدم
صعدوا به للقصـر وهـو مكبّل تجري دماه من الجـوارح والفـمِ
قتلــوه ظام لم يبــلّ فــؤادَهُ أفديه من ظام الحشـا متضــرّمِ
دفعوه من أعلا الطمار إلى الثرى فتكسرت منه حنايــا الأعظـم
السابق السابق الفهرس