المجالس السنية ـ الجزء الخامس 41

ان عصب عينيه فشق قميصه من قبل جيبه (1) حتى بلغ الى سرته وتولى غسله وتحنيطه وتكفينه والفضل يناوله الماء «ونقل» في السيرة الحلبية ان تغسيل علي له كان بوصية منه «ص» وانه غسل ثلاث غسلات واحدة بالماء القراح وواحدة بالماء والسدر وواحدة بالماء مع الكافور وغسل من ماء بئر غرس وهي بئر بقبا بوصية منه «ص» «وسئل» احد ائمة اهل البيت عليهم السلام هل اغتسل علي «ع» حين غسل رسول الله «ص» عند موته فقال النبي طاهر مطهر ولكن امير المؤمنين «ع» فعل ذلك وجرت السنة بذلك «وكفن» «ص» في ثلاثة اثواب برد حبرة وثوبين ابيضين صحاريين (2). «وروى» المفيد في المجالس بسنده عن ابن عباس ان امير المؤمنين عليه السلام لما فرغ من غسل النبي «ص» كشف الازار عن وجهه ثم قال : ابي وامي طبت حيا وطبت ميتا انقطع بموتك ما لم ينقطع بموت احد ممن سواك من النبوة والانباء واخبار السماء وخصصت حتى صرت مسليا عمن سواك وعممت حتى صار الناس فيك سواء ولولا انك امرت بالصبر ونهيت عن الجزع لانفذنا عليك ماء الشؤون ولكان الداء مماطلا والكمد محالفا وقلا لك ولكنه ما لا يملك رده ولا يستطاع دفعه بابي

(1) في المصباح جيب القميص ما ينفتح على النحر .
(2) منسوبين الى صحار بضم الصاد بلدة باليمن .
ـ المؤلف ـ
المجالس السنية ـ الجزء الخامس 42

انت وامي اذكرنا عند ربك واجعلنا من همك . اكب عليه فقبل وجهه «فلما» فرغ من غسله وتجهيزه وتكفينه سجاه بثوب وجعله وسط البيت ثم تقدم فصلى عليه وحده لم يشركه احد في الصلاة عليه على قول المفيد «وعلى رواية الاحتجاج » انه صف خلفه سلمان وابا ذر والمقداد وفاطمة وحسنا وحسينا «وكان» المسلمون في المسجد يخوضون فيمن يؤمهم في الصلاة عليه واين يدفن فقال بعضهم في البقيع وقال آخرون في صحن المسجد فخرج اليهم امير المؤمنين «ع» وقال ان رسول الله صلى الله عليه واله امامنا حيا وميتا فيدخل عليه فوج بعد فوج منكم فيصلون عليه بغير امام وينصرفون وان الله لم يقبض نبيا في مكان الا وقد ارتضاه لرمسه (وفي رواية) لم يقبض روح نبيه الا في اطهر بقاع الارض واني لدافنه في حجرته التي قبض فيها فسلم القوم لقوله ورضوا به (ثم) ادخل عليه عشرة عشرة للصلاة عشرة من المهاجرين وعشرة من الانصار فداروا حوله ووقف امير المؤمنين «ع» في وسطهم فقال « ان الله وملائكته يصلون على النبي يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما » فيقول القوم كما يقول ثم يخرجون ويدخل اخرون وهكذا كانت الصلاة عليه صلى الله عليه واله وسلم حتى صلى عليه اهل المدينة واهل العوالي وضواحي المدينة صغيرهم وكبيرهم ذكرهم وانثاهم ولم يبق احد منهم الا صلى عليه فصلوا عليه يوم الاثنين وليلة الثلاثاء حتى الصباح ويوم الثلاثاء و (يظهر) من مجموع الروايات ان الصلاة الحقيقية كانت هي صلاة امير المؤمنين «ع»

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 43

وحده او هو والسته الذين كانوا معه على اختلاف الروايتين وباقي الناس كانوا يدخلون ويقرؤون الاية من غير صلاة وقول امير المؤمنين «ع» ان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم امامنا حيا وميتا لئلا يؤم في الصلاة عليه من ليس بأهل ويتخذ بذلك حجة كما اتخذت شبهة التقدم في الصلاة في مرض النبي صلى الله عليه واله حجة مع مبادرة النبي صلى الله عليه واله وهو في اشد المرض لازاتها كما ينبئ عن ذلك خوضهم فيمن يؤمهم فاقنعهم امير المؤمنين «ع» بذلك (قال المفيد عليه الرحمة) ولما صلى المسلمون عليه انفذ العباس بن عبد المطلب برجل الى ابي عبيدة بن الجراح وكان يحفر لاهل مكة ويضرح (1)وكان ذلك عادة اهل مكة وانفذ الى ابي طلحة زيد بن سهل وكان يحفر لاهل المدينة ويلحد (2)فاستدعاهما وقال اللهم خر لنبيك فوجد ابو طلحة فحفر لحدا ودخل امير المؤمنين «ع» والعباس بن عبد المطلب وابنه الفضل واسامة بن زيد ليتولوا دفن رسول الله

(1) اي يعمل الضريح وهو الشق في وسط القبر .
(2) اي يعمل اللحد وهو في جانب القبر بان يحفر في الارض الى اسفل القبر ثم يحفر من جهة القبلة لحدا في جانب القبر ويوضع الميت فيه ويسد ومنه أخذ الالحاد في الدين لانه يحيد ويعدل عنه كما يحيد حافر القبر عنه الى جانبه واللحد في الشرع افضل من الشق .
ـ المؤلف ـ
المجالس السنية ـ الجزء الخامس 44

«ص» فنادت الانصار من وراء البيت انا نذكرك الله وحقنا من رسول الله «ص» ان يذهب ادخل منا رجلا يكون لنا به حظ من مواراة رسول الله «ص» قال ليدخل اوس بن خولي وكان بدريا فاضلا من بني عوف من الخزرج فلما دخل قال له علي «ع» انزل القبر فنزل ووضع امير المؤمنين «ع» رسول الله «ص» على يديه ودلاه في حفرته فلما حصل في الارض قال له اخرج فخرج (وفي كشف الغمة) وقالت بنو زهرة نحن اخواله ادخلوا منا واحدا فادخلوا عبد الرحمن بن عوف وقيل اسامة بن زيد ونزل علي «ع» القبر بعد خروج اوس فكشف عن وجه رسول الله «ص» ووضع خده على الارض موجها الى القبلة على يمينه ثم وضع عليه اللبن واهال عليه التراب وربع قبره وجعل عليه لبنا ورفعه من الارض قدر شبر (وروي) قدر شبر واربع اصابع (1)ورش عليه الماء وانشا امير المؤمنين عليه السلام يقول :
نفسي على زفراتها محبـوسة ياليتها خـرجت مع الزفرات
لا خير بعدك في الحياة وانما ابكي مخافة ان تطول حياتي

وكان دفنه «ص» ليلة الاربعاء وقيل يوم الثلاثاء وقيل يوم الاربعاء (وعن) ام سلمة رضي الله عنها كنا مجتمعين نبكي تلك اليلة

(1) مر في وصيته «ص» ان يرفع قبره اربع اصابع ولعله كان مخيرا كما اشرنا اليه هناك .
ـ المؤلف ـ
المجالس السنية ـ الجزء الخامس 45

لم ننم فسمعنا صوت المساحي فصحنا وصاح اهل المسجد فارتجت المدينة صيحة واحدة فاذن بلال بالفجر فلما ذكرالنبي «ص» بكى وانتحب فزادنا حزنا (وفي السيرة النبوية لدحلان) روي ان بلال كان يؤذن بعد وفاة النبي «ص» وقبل دفنه فاذا قال اشهد ان محمدا رسول الله ارتج المسجد بالبكاء والنحيب فلما دفن ترك بلال الاذان (وروى)غير واحد انه لما دفن رسول الله «ص» قالت فاطمة عليها السلام اطابت نفوسكم ان تحثوا على رسول الله التراب واخذت من تراب القبر الشريف ووضعته على عينيها وانشات تقول :
ماذا علـى من شم تربة احمد ان لا يشم مدى الزمان غـواليا
صبت علي مصائب لـو انها صبت على الايـام عدن لياليـا

قال المفيد وغيره : ولم يحضر دفن رسول الله «ص» اكثر الناس لما جرى بين المهاجرين والانصار من التشاجر في امر الخلافة وفات اكثرهم الصلاة عليه لذلك واغتنم القوم الفرصة لشغل علي بن ابي طالب برسول الله «ص» وانقطاع بني هاشم عنهم بمصابهم برسول الله «ص» فتبادروا الامر واتفق لهم ما اتفق لاختلاف الانصار فيما بينهم وكراهة الطلقاء والمؤلفة قلوبهم من تاخر الامر حتى يفرغ بنو هاشم فيستقر الامر مقره «قال» وقد جاءت الرواية انه لما تم في السقيفة ما تم جاء رجل الى امير المؤمنين «ع» وهو يسوي قبر رسول الله «ص» بمسحاة في يده فاخبره بالبيعة وخذلة الانصار لاختلافهم فوضع طرف المسحاة على

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 46

الارض ويده عليها ثم قال «بسم الله الرحمن الرحيم « الم احسب الناس ان يتركوا ان يقولوا امنا وهم لايفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمـن الكاذبيـن ام حسـب الذيـن يعملـون السيئـات ان يسبقـونا سـاء مـا يحكمـون » » فياليت امير المؤمنين «ع» كان حاضرا عند ولده الحسين «ع» في ارض كربلاء فيواريه في لحده ويتولى دفنه في قبره كما تولى دفن رسول الله «ص» ولا يدعه يبقى ثلاثة اياما بلا دفن مطروحا على وجه الارض تصهره الشمس وتسفي عليه الرياح فراشه الثرى وزواره وحش الفلا .
لله ملقى على الرمضـاء غص به فـم الردى بعد اقـدام وتشميـر
تحنو عليه الربـي ضـلا وتستره عن النواظـر اذيال الاعـاصير
تهابه الوحش ان تدنـو لمصرعه وقـد اقـام ثـلاثا غير مقبـور

مراثي النبي

( صلى الله عليه واله وسلم )

انشأ امير المؤمنين عليه السلام يرثي النبي «ص» اورده ابن شهر اشوب في المناقب :
الموت لا والدا يبقي ولا ولدا هذا السبيل الى ان لا ترى احدا


المجالس السنية ـ الجزء الخامس 47

هذا النـبي و لـم يخلد لامته لو خـلد الله خلـقا قبله خلـدا
للموت فينا سهام غير طائشة من فاته اليوم سهم لم يفته غدا

ومن الديوان المنسوب الى امير المؤمنين «ع» في رثائه «ص»
ماغاض دمعـي عند نائبة الا جـعلـتك للبكـاء سببا
واذا ذكرتك سامـحتك به مني الجفون ففاض وانسكبا
اني اجل ثرى حـللت بها عن ان ارى لسـواه مكتئبا

ومن الديوان المذكور في رثائه «ص»

امـن بـعد تـكفيـن الـنبي ودفـنه باثـوابـه اسـى عـلى هالـك ثـوى
رزئنـا رسـول الله فيـنـا فلن ترى بـذاك عـديلا ما حـيينا مـن الـردى
فيا خير من ضـم الجوانـح والحشى ويـا خـير مـيت ضمه التراب والثرى
لقد نـزل بالمـسلمـيـن مـصيـبة كصدع الصفا لا شعب للصدع في الصفا
وضاق فضـا الارض عنهـم برحبه لفـقد رسـول الله اذا قيل قـد مضـى
فلـن يستقيل النـاس تلـك مصـيبة ولن يـجبـر العـظم الذي مـنهم وهى

وقالت الزهراء عليها السلام ترثيه «ص» اورده دحلان في السيرة النبوية :
اغبر افاق السماء وكـورت شمس النهار واظلم العصران
والارض من بعد النبي كئيبة اسفا عليه كـثيرة الرجـفان
فليبكه شرق البـلاد وغربها ولـيبكه مـضر وكـل يمان


المجالس السنية ـ الجزء الخامس 48

وقالت الزهراء عليها السلام ايضا كما في مناقب ابن شهر اشوب (1):
قل للمغـيب تحت اطباق الثرى ان كنـت تسمع صرختي و ندائيا
صبـت علي مـصائب لو انها صبـت على الايام صـرن لياليا
قد كنت ذات حمى بضل محمد لا اختشى ضيما و كـان جمـاليا
فاليوم اخـشع للذلـيـل واتقي ضيمـي وادفـع ظالمـي بردائيا
فاذا بـكت قمـرية في ليلهـا شجنا على غصـن بكيت صباحيا
فلأجعلن الحزن بعدك مؤنسـي ولاجعـلن الدمـع فيك و شاحـيا
ماذا على مـن شـمّ تربة احمد ان لايشـم مـدى الـزمان غواليا

وينسب الى الزهراء عليها السلام ولعله قيل عن لسانها :
قل صـبري وبـان عني عزائي بعد فقـدي لخـاتم الانـبيـاء
عين يا عـين اسكبي الدمع سحا ويك لا تبخلـي بفيض الدمـاء
يا رسـول الاله يا خــيرة الله وكـهف الايتـام والـضعفـاء
قد بكتك الجبال والوحش والطير كذا الارض بعـد بكي السمـاء
وبكاك الحجون والركن والمشعر يـا سـيـدي مـع البـطحـاء


(1) تقدم في المجلس الثامن ان المروي لها هو البيت الاخير وبعده هو البيت الثاني خاصة ويشبه ان يكون الباقي قيل عن لسانها او يكون لغيرها واضيف الى شعرها لمناسبته
ـ المؤلف ـ
المجالس السنية ـ الجزء الخامس 49

وبكاك المحراب والدرس للقـران فـي الصبـح معلنـا والمـاء
وبكاك الاسلام اذ صار في الناس غريبـا مـن سائـر الغربـاء
لو ترى المـنبر الذي كنت تعلوه عــلاه الظلام بعـد الضيـاء

وقالت الزهراء عليها السلام ترثيه صلى الله عليه وسلم كما في مناقب ابن شهر اشوب ونسبهما دحلان في سيرته الى حسان بن ثابت :
كنت السواد لناظري فعمى عليك الناظر
من شاء بعدك فليمت فعليك كنت احـاذر

وقال ابو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم يرثي النبي «ص» وكان من الشعراء المطبوعين اوردها ابن عبد البر في الاستيعاب :
ارقـت فبات ليـلي لايزول وليل اخي المصيبة فيه طول
فاسعدني الـبكاء وذاك فيما اصيب الـمسلمـون به قليل
لقد عظمت مصيبتنا و جلت عشية قيل قد قـبض الرسول
واضحت ارضنا مما عراها تكاد بنا جـوانـبها تـميـل
فقدنا الوحي والتـنزيل فينا يروح بـه ويغـدو جـبرئيل
وذاك احق ما سالـت عليه نفوس الناس او كادت تـسيل
نبي كان يجلو الشـك عنـا بما يـوحى الـيه ومـا يقول
ويهدينا فلا نخشـى ضلالا علـينا و الـرسول لنـا دليل


المجالس السنية ـ الجزء الخامس 50

وقالت صفية بنت عبد المطلب ترثي النبي (ص) اوردها ابن عبد البر في الاستيعاب :
الا يـا رسول الله كنت رجاءنا وكنت بنا بـرا ولـم تك جافيا
وكنت رحيمـا هـاديا ومعـلما ليبك عليك اليوم مـن كان باكيا
كان علـى قلبـي لذكر محـمد وما خفت من بعد النبي المكاويا
افاطـم صـلى الله رب محـمد على جدث امسى بيـثرب ثاويا
فـدى لرسـول الله امي وخالتي وعمي وابائي ونـفسي ومالـيا
صـدقت وباغت الرسالة صادقا ومت صليب العود ابلج صافـيا
فلو ان رب النـاس ابـقى نبينا سـعدنا ولـكن امـره ماضـيا
عليك مـن الله الـسلام تـحية و ادخلت جنات من العدن راضيا
ارى حـسنا ايتمـته وتركـته يبـكي ويـدعو جـده اليوم نائيا

وقال حسان بن ثابت يرثي النبي (ص) اوردها ابن هشام في سيرته :
بطـيبة رسـم للرسـول ومعهـد منير وقد تعـفو الرسـوم وتهمد
ولا تنمحي الايات مـن دار حرمة بها منبر الهادي الذي كان يصعد
وواضـح ايـات وباقـي معالـم وربع لـه فيه مـصلى ومسـجد
عرفت بهـا رسم الرسول و عهده وقبرا به واراه فـي الترب ملحد
ضللت بها ابكي الرسول فاسعدت عيون ومـثلاها مـن الجن تسعد
مفجعة قـد شفـها فـقـد احـمد فضلت لآلاء الرســول تـعـدد
اطالت وقوفا تذرف الدمع جهدهـا علـى طلـل القبر الذي فيه احمد


المجالس السنية ـ الجزء الخامس 51

فبوركت يـا قبـر النبي وبوركت بلاد ثوى فيها الـرشيد المـسدد
و بورك لحـد منك ضمن طـيب عليه بناء من صـفيـح منضـد
لقد غيبـوا حلما وعلمـا و رحمة عشـية علـوه الثـرى لا يوسد
وراحوا بحـزن ليس فـيهم نبيهم وقد وهنت مـنهم ظهور واعضد
تبكون من تبكي السمـاوات يومه ومن قد بكته الارض فالناس اكمد
وهل عدلـت يوم رزيـة هالـك رزيـة يـوم مـات فيه مـحمد
تقطع فيه مـنـزل الوحي عنهم و قـد كان ذا نـور يغور وينجد
يدل على الرحمن من يقـتدي به وينقذ من هول الخـزايا ويـرشد
امـام لهم يـهديـهم الحق جاهدا معلم صـدق ان يـطيعوه يسعدوا
وان نـاب امر لم يقومـوا بحمله فـمن عنـده تيـسير ما يـتشدد
فبينا هم في ذلـك النور اذ غـدا الى نورهم سهم من الموت مقصد
وامست ديار الوحي وحشا بقاعها لغيبة ما كانت مـن الوحـي تعهد
وبالجمرة الكبرى لـه ثم اوحشت ديـار وعرصـات وربع ومـولد
فبكى رسـول الله ياعين عـبرة ولا اعرفنك الـدهر دمـعك يجمد
ومالك لاتبكيـن ذا النعمة التـي على النـاس منـها سائـغ يتـغمد
فجودي عليه بالدمـوع و اعولي لفقد الـذي لا مثله الـدهر يوجـد
ومـا فقد الماضون مثل مـحمد ولا مـثله حـتى الـقيامـة يفـقد
اعـف و اوفـي ذمة بـعد ذمة و اقـرب مــنه نائـلا لا يـنكد


المجالس السنية ـ الجزء الخامس 52

واكـرم صيتا في البيوت اذا انتمى واكرم جـدا ابـطحيا يـسـود
وامنع ذروات واثـبت فـي العلى دعـائـم عـز شاهقات تشـيد
تناهت وصاة المـسلميـن بـكفه فلا العلم محبوس ولا الراي يفند

وقال حسان بن ثابت الانصاري يرثي النبي صلى الله عليه واله اوردها ابن هشام في سيرته :
ما بال عـينـك لا تـنام كانما كحلـت مآقـيها بـكحل الارمد
جزعا على المختار اصبح ثاويا يا خير من وطئ الحصى لا تبعد
و جهي يقيك الترب لهفي ليتني غيبـت قبـلك في بـقيع الغرقد
نور اضاء على الـبرية كـلها من يـهد للـنور المـبارك يهتد
والله اسـمع مـا بقيـت بهالك الا بكـيت علـى النـبي محمد
صلى الاله ومـن يحف بعرشه والطيبـون عـلى المبارك احمد

وقال سواد بن قارب يرثي النبي صلى الله عليه واله وسلم اوردها ابن هشام في سيرته :
ابقى لـنا فقـد الـنبي محـمد صلـى عليـه الله مـا يعتاد
حزنا لعمرك في الفؤاد مخامرا ام هل لمـن فـقد النبي فؤاد
كـنا نحـل به جنـابا ممرعا جف الجناب فاجـدب الرواد
فبكت عـليه ارضـنا وسماؤنا وتصدعـت وجـدا به الاكباد
لو قـيل تفدون النـبي محمدا بذلـت لـه الاموال و الاولاد

وقال اخر وفي مناقب ابن شهر آشوب انها لابراهيم ابن المهدي لكنه لم يذكر البيت الثاني :

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 53

اصـبر لكـل مصيبـة وتجلد واعـلم بان المـرء غير مخلد
و اصبر كما صبر الكرام فانها نوب تنوب اليوم تكشف في غد
او ما ترى ان الحـوادث جمة و ترى المنية للـرجال بمرصد
و اذا اتتك مصيبـة تشجي لها فاذكـر مصـابك بالنبي محمد


فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين

( عليها وعلى ابيها افضل الصلاة والسلام )


المجلس الاول

ولدت فاطمة الزهراء بنت النبي محمد صلى الله عليه واله وسلم بمكة يوم الجمعة العشرين من جمادي الاخرة بعد المبعث بسنتين (وقيل) بعد المبعث بخمس سنين وبعد الاسراء بثلاث سنين على اختلاف روايات اصحابنا واقوالهم في ذلك (وفي الاستيعاب) ولدت سنة احدى واربعين من مولد النبي صلى الله عليه واله وسلم اي بعد المبعث بسنة (واكثر) العامة ان مولدها قبل المبعث بخمس سنين ولعله وقع اشتباه من الرواة بين كلمتي قبل وبعد فبدلت احداهما بالاخرى (وقال)

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 54

صاحب كشف الغمة ولدت بعد النبوة بخمس سنين وقريش تبني الكعبة (وقال) ابو الفرج في مقاتل الطالبيين ولدت قبل النبوة وقريش تبني الكعبة (وروي) في الإصابة إنها ولدت بعد البعثة بسنة . وكانت تكنى ام ابيها وتلقب بالزهراء والبتول وكان نقش خاتمها امن المتوكلون وبوابها فضة امتها (واقامت) مع ابيها بمكة ثماني سنين او احدى عشر سنة على اختلاف القولين في مولدها الشريف انه بعد البعثة بخمس سنين اوبسنتين لان النبي صلى الله عليه واله وسلم اقام بمكة بعد البعثة ثلاث عشر سنة ثم هاجرت الى المدينة (وتزوجها) علي «ع» بعد مقدمها المدينة بسنة (وقيل) بسنتين (وقيل) بثلاث سنين أول ذي الحجة (وقيل) السادس منه (وقال) ابو الفرج في صفر (ودخل) بها يوم الثلاثاء سادس ذي الحجة بعد وقعة بدر (وفي رواية) دخل بها لأيام خلت من شوال (وفي رواية) انه تزوجها في شهر رمضان وبنى بها في ذي الحجة (وعن المفيد) وابن طاووس ناسبين له الى اكثر علمائنا انه زفافها كان ليلة احدى وعشرين من المحرم ليلة الخميس فيكون عمرها الشريف يوم تزوجها تسع سنين او عشر سنين او احدى عشرة او اثنتي عشرة او ثلاث عشرة او اربع عشرة سنة ولم يرو اصحابنا في مبلغ عمرها يوم تزويجها ازيد من ذلك (وقال) ابو الفرج ورواه ابن حجر في الاصابه كان لها يوم تزوجها ثماني عشرة

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 55

سنة (1)(ولعله) وقع اشتباه بين تاريخ تزويجها ووفاتها لما ستعرف من ان ذلك سنها يوم وفاتها (وفي الاستيعاب) كان سنها يوم تزويجها خمس عشر سنة وخمسة اشهر ونصفا وكان سن علي احدى وعشرين سنة وخمسة اشهر (وروى) صاحب كشف الغمة انها ولدت الحسن «ع» بعد الهجرة بثلاث سنين ولها احدى عشرة سنة (وقال) ابن شهر اشوب اثنتا عشرة سنة والاول اقرب الى الصواب بناء على ان عمرها يوم الهجرة ثماني سنين (ولما) توفي رسول الله صلى الله عليه واله وسلم كان عمرها ثماني عشرة سنة (وقيل) ثماني عشرة سنة وشهرين (وقيل) وسبعة اشهر هذا على القول بانها ولدت بعد المبعث بخمس سنين وعلى القول بانها ولدت بعده بسنتين يكون عمرها احدى وعشرين سنة (هذا) على رواية اصحابنا (وعلى) قول الاستيعاب في مولدها يكون عمرها اثنتين وعشرين سنة (وعلى) اكثر العامة في مولدها يكون عمرها ثمانيا وعشرين سنة (وعن المدائني) ماتت ولها تسع وعشرون سنة

(1) ان كان ذلك مبنينا على إن ولادتها قبل البعثة بخمس سنين فينبغي ان يكون عمرها يومئذ تسع عشرة سنة اوعشرين سنة على اختلاف الروايتين في ان تزويجها بعد مقدمها المدينة بسنة او بسنتين الا ان يكون ذلك ناشأً من كون بعض السنين كانت ناقصة شهرا فعدت سنة كاملة تسامحا والله اعلم .
ـ المؤلف ـ
المجالس السنية ـ الجزء الخامس 56

(وعن الزبير بن بكار عن عبد الله بن الحسن) ثلاثون سنة (والمشهور) ان وفاتها كانت في الثالث من جمادي الاخرة يوم الثلاثاء سنة احدى عشرة من الهجرة وهو المروي عن الصادق «ع» (1)(وفي رواية) لعشر بقين من جمادي الاخرة (وقيل) لثلاث عشرة ليلة خلت من ربيع الاخر ليلة الاحد (وعن ابن عباس) في الحادي والعشرين من رجب (وقال) المدائني والواقدي وابن عبد البر في الإستيعاب انها توفيت ليلة الثلاثاء لثلاث خلون من شهر رمضان (وعلى) ما هو مشهور بين اصحابنا من ان وفاة النبي صلى الله عليه واله وسلم في الثامن والعشرين من صفر و المروي صحيحا من انها بقيت بعده خمسة وسبعين يوما كما ستعرف تكون وفاتها في الثالث

(1) هنا اشكال وهو انه بناء على المشهور بين اصحابنا من ان وفاة النبي صلى الله عليه واله وسلم في الثامن والعشرين من صفر وعلى ما هو المروي صحيحا وعليه اكثر الروايات من انها بقيت بعده شهرين و نصفا كما ستعرف يلزم كون وفاتها في الثالث عشر من جمادي الاولى لا في الثالث من جمادي الاخرة كما هو المشهور والمروي عن الصادق «ع» ولهذا قيل ان مدة بقائها بعد ابيها خمسة وتسعون يوما جمعا بين ما هو المشهور من كون وفاته صلى الله عليه واله وسلم في الثامن والعشرين من صفر ووفاتها في الثالث من جمادي الاخرة كما ستعرف
ـ المؤلف ـ
المجالس السنية ـ الجزء الخامس 57

عشر من جمادي الاولى (1)(وكان) الاختلاف في تاريخ الوفاة وقدر عمرها الشريف وسنها يوم تزويجها ناشئ من الاختلاف في الولادة والله اعلم (واختلفت) الروايات والاقوال ايضا في مدة بقائها بعد ابيها «ص» هل هي اربعون يوما (2)او خمسة واربعون

(1) من ذلك يظهر انه لا يمكن الجمع بين المشهور في وفاة النبي صلى الله عليه واله وسلم من انها في الثامن والعشرين من صفر و المشهور في وفاتها «ع» من انها في الثالث من جمادي الاخرة والرواية الصحيحة المعتضدة بأكثر الروايات القائلة انها بقيت بعده خمس وسبعين يوما ( ويمكن ) ان يكون الصواب خمسةوتسعين يوما فصحفت بسبعين لتقارب حروفها فيرتفع التنافي ( وربما ) يؤيده ما روي ان ابتداء مرضها بعد خمسين ليلة من وفاته صلى الله عليه واله وسلم وانها بقيت مريضة اربعين يوما وتكون الخمسة ايام الزائدة كسورا تركت تسامحا .
(2) يمكن كون الاربعين يوما مدة مرضها كما يفهم من كلام ابن شهر اشوب الاتي لا مدة بقائها بعد ابيها والله اعلم .
ـ المؤلف ـ
المجالس السنية ـ الجزء الخامس 58

او شهران او اثنتان وسبعون يوما او خمسة وسبعون (1)وهو المروي صحيحا من اهل البيت عليهم السلام وتدل عليه اكثر الروايات او سبعون يوما او خمسة وثمانون يوما او ثلاثة اشهر وهو الذي اعتمده ابو الفرج الاصبهاني ورواه مسندا عن الباقر «ع» وهو الذي يقتضيه الجمع بين ما روي عن الباقر «ع» من ان بدو مرضها بعد خمسين ليلة من وفاة النبي صلى الله عليه واله وسلم وما يفهم من بعض الاخبار من انها بقيت مريضة اربعين يوما او خمسة وتسعين يوما وهو الذي يقتضيه الجمع بين ماهو المشهور من ان وفاته صلى الله عليع واله وسلم في الثامن والعشرين من صفر ووفاتها في الثالث من جمادي الاخرة او مائة يوم وهو الذي اعتمده الشهيد في الدروس او نحومن مائة يوم او اربعة اشهر او ستة اشهر او الا ليلتين او ثمانية اشهر ويدل كلام الاستيعاب ومقاتل الطالبيين على انه لم يقل احد باكثر من ثمانية اشهر ولا باقل من اربعين يوما (وروى) الكليني بسنده عن الصادق «ع» قال عاشت فاطمة

(1) يمكن الجمع بين هذا والاثنين والسبعين يوما بان تكون المدة شهرين ونصفا والاشهر الثلاثة ناقصة وحسب نصف الشهر اربعة عشر يوما وعدت خمسة وسبعين يوما جريا على الغالب من كون الشهرين ونصف كذلك ويؤيده عدها في بعض الروايات اثنين وسبعين يوما ونصفا والله اعلم .
ـ المؤلف ـ

السابق السابق الفهرس التالي التالي