كربلاء في الذاكرة 94

المصارف

قبل احداث المصارف المتعارف عليها ، كانت تقوم بأعمال الصيرفة مجموعة من الصرافين وبأساليب مصرفية حديثة في حينها ، وكان أشهر هؤلاء الحاج محمود الصراف والحاج علي أكبر الصراف .
وانشيء اول مصرف أهلي باسم (المصرف اللبناني) بتاريخ (9/3/1958) .
وكانت بناية ملاصقة لباب قبلة الحسين . وأول مدير له الأديب جعفر عباس الحائري . ثم انشيء اول فرع لمصرف الرافدين مقره في شارع الامام علي مجاور لشركة باتا . ثم انتقل الى بناية جديدة باسم الرافدين القديم في شارع العباس ، ثم فتح فرع آخر في عمارة التأميم باسم مصرف الرافدين فرع الشهيد . وهناك مصرف جديد انشيء حديثاً في محلة العباسية الشرقية باسم (مصرف الرافدين فرع الطف) بتاريخ 1958 وبعد ذلك احدث فرع آخر لمصرف الرافدين باسم مصرف رافدين الطف ، وموقعه قرب الكراج الموحد ، ملاصق لمديرية التقاعد .
أما المصرف الزراعي التعاوني فقد افتتح يوم 23/8/1952 المصادف 1371هـ واختير له السيد محمد السيد فخري الحكيم مديراً له أعقبه حسين حيدر النائب وصاحب مهدي حيدر وأحمد محمد البير .

مديرية التقاعد

من الدوائر العائدة لوزارة المالية :
كانت مديرية الخزينة تقوم بصرف رواتب الموظفين والمستخدمين المتقاعدين والعسكريين ، حتى أحدثت دائرة

كربلاء في الذاكرة 95

بعنوان ملاحظية التقاعد لتقوم بالمهمة المذكورة وذلك لتوسع أعمالها ثم أصبحت مديرية سنة 1978 . ولا زالت مديرية وموقعها في بناية حديثة تقع في محلة العباسية الشرقية ، قرب الكراج الموحد . وعين أول مدير لها الاستاذ حسين فهمي الخزرجي ، والمدير الحالي لها ، هو السيد محمد رضا السيد محمد صالح آل طعمة .
دائرة الاستهلاك (1) :

تنتسب هذه الدائرة الى وزارة المالية (مديرية الواردات العامة) مهمتها استيفاء رسوم الاستهلاك من المواد التالية :
(1) المخضرات والتمور والمزروعات على اختلاف انواعها .
(2) اللحوم ـ البقر والابل والمعز والظبي .
(3) الاسماك .
(4) الدهن .
(5) بعض البذور .
(6) الرز والحنطة والشعير .
وتكون الجباية بنسبة 10% من الأسعار الرسمية التي تقررها المجالس الادارية . اما بالنسبة للحوم فتستوفي بصورة مقطوعة وعلى ثلاث درجات كبيرة ومتوسطة وصغيرة .
ومن الذين عملوا في هذه الدائرة : السيد فخري السيد حسن الحكيم وعبد الحميد الملا سعيد الوكيل وسعيد محمود شويلية وعبد الرضا مال الله وعزيز صادق محمد علي وحسين السماك وغيرهم .

(1) زودني بهذه المعلومات الاستاذ عزيز صادق محمد علي .
كربلاء في الذاكرة 96

وكانت مقراتها في أسواق محلة العباسية الشرقية ، وباب النجف (العلاوي) وباب السلالمة (العلاوي) .
وكانت الدائرة تؤلف من رئيس الدائرة وهو المأمور ، والمعاون ـ ساعي الاستهلاك . وكان الساعي يسمى (قولچي) في العهد العثماني . ويظهر ان هذه الدائرة قديمة يعود تاريخها الى زمن العثمانيين .
16 ـ وزارة المواصلات

دائرة البريد والبرق والهاتف :

كانت تعرف قديماً بـ (التيل خانه) مقرها في شارع العباس ، وهي اليوم شعبة تفريق رسائل البريد . تأسست حدود سنة 1300هـ .
وكان البرقيات (التلغراف) مدت اسلاكها من اسطنبول الى كربلاء عن طريق بغداد . والطوابع العثمانية هي التي تلصق على الرسائل . وعندما دخل الانكليز العراق استعملوا الطوابع التركية أيضا . وقيمة الطابع العثماني المرسل الى بغداد هو (بيزه) . ووضعوا عليها عنوان (الحكومة البريطانية baghdad Oeeupatiou وذلك ابان الاحتلال . ثم تغيرت في العهد الملكي والعهد الجمهوري .
أما اليوم فقد انشقت دوائر البريد الى ثلاثة شعب (مديريات) هي :
1 ـ دائرة البريد والتوفير . (اختصاصها تسليم واستلام الرسائل اليومية ، والتوفير والحوالات البريدية) وتم

كربلاء في الذاكرة 97

اناطة عمل توزيع الرواتب على المتقاعدين والعجزة التابعين للرعاية الاجتماعية .
2 ـ دائرة مهندسية اتصالات كربلاء . وتشمل الامواج المحملة والمايكرويلف .
3 ـ دائرة البرق والهاتف . وتشمل الاجهزة الهاتفية والبدالات والبرقيات .
لقد تم توسيع بدالة كربلاء من 4000 الى 10000 رقم ، وانشغلت جميع الارقام .
علماً بأنه تم زيادة القابلوات في الاحياء السكنية الجديدة ، كما تم توسيع البدالة ناحية الحسينية من بدالة 100 رقم الى بدالة حديثة اتوماتيكية ريفية سعة 1000 رقم مع ربط ناحية العطيشي بناحية الطف (الجرية) وتم توسيع بدالة قضاء الهندية اليدوية من 400 رقم الى بدالة 1000 رقم الكترونية ريفية .
وبدالة عين التمر يدوية ذات 200 رقم .
وضمن تجميع الدوائر الحالية والغاء المؤسسات فقد تم دمج الدوائر الثلاث وهي خدمات البرق والهاتف والبريد والتوفير ومهندسية الاتصالات بدائرة واحدة تحت عنوان (مديرية الاتصالات والبريد) .

كربلاء في الذاكرة 98

محطة القطار

وهي عائدة للسلك الحديدية :
تأسست محطة القطار بكربلاء سنة 1923م ، أي بعد تأسيس الدولة العراقية . ومن بواكير أعمالها انها قامت بنقل الانصار من اهالي كربلاء الى الكاظمية يوم 25 رجب بالمجان ، وذلك من أجل تدشين القطار . وعند وفاة الملك فيصل الاول نقلت المسافرين الى بغداد مجاناً لمدة ثلاثة أيام ، وذلك لحضور الفواتح المقامة هناك .
أما خط كربلاء ـ بغداد فهو فرع من الخط الرئيسي الذي يربط بين بغداد والبصرة ، حيث يتفرع من سدة الهندية . وبعد أن أصاب السدة بعض التضعضع ، اضطر المسافرون الى النزول والعبور الى الجانب الآخر مشياً على الأقدام ، ليقلهم قطار آخر يوصلهم الى كربلاء .
17 ـ وزارة الأوقاف

دائرة الأوقاف :

تأسست سنة 1282هـ . كانت الدائرة عبارة عن غرفة في الطابق العلوي من جامع العباسية الغربية ، ثم انتقلت الى بناية جنب المحكمة في شارع العباس ، وهي دائرة خاضعة لسراي الحكومة ، وبعد ذلك انتقلت بنايتها الى بناية اخرى في محلة باب النجف جنب جامع الحميدية ، ثم انتقلت الى بناية حديثة في شارع العباس قرب باب القبلة ثم انتقلت الى بناية اخرى في محلة العباسية الشرقية شارع الامام الحسن . وبعد ذلك تحولت الى بناية شيدت خصيصاً لها في باب طويريج حيث هي الآن .

كربلاء في الذاكرة 99

مهمة هذه الدائرة الاشراف على الأموال الموقوفة من خيرية وذرية ومحاسبة متولي الاوقاف . وهناك جملة من الاراضي الموقوفة العائدة للسادة الكربلائيين ثم الاوقاف النبوية الموقوفة من قبل الولاة العثمانيين ثم الاوقاف الحسينية (العتبات المقدسة) الموقوفة من الأهلين والمشروطة على تعمير وإنارة المقدسة او اقامة التعازي الحسينية والولائم بالمناسبات الدينية .
أما في عهد الثورة ، فقد اضيفت اليها مهمات أساسية هي تنظيم ورعاية شؤون العتبات والمراقد الملحقة بها والمساجد ثم ترتيب وتنظيم الهدايا المهداة من قبل الأهلين والجهات الرسمية الى الروضتين والجوامع . كما انها اخذت على عاتقها تعمير وصيانة العتبات المقدسة والجوامع والمساجد .
وقد تواتر على ادارة هذه الدائرة الذوات التالية اسماؤهم :
1 ـ علاء الدين 1929م .
2 ـ السيد عبد الحسين السيد احمد آل طعمة 1931م .
3 ـ السيد عبد المحسن شكاره(1) عين في 16 ايلول 1947م .
4 ـ عبد الحسين القرغولي .
5 ـ سعيد الآلوسي .
6 ـ محمد الكبيسي .
7 ـ ناصر الكبيسي .
8 ـ عبد الحسين القرغولي .
9 ـ ابراهيم خوشناو .
10 ـ عبد الهادي المفرجي .
11 ـ تركي حسن .

(1) مجلة (الغري) النجفية ع 1س 9 (1947م) .
كربلاء في الذاكرة 100

12 ـ صاحب زيني .
13 ـ صاحب مهدي السلمان .
14 ـ السيد عبد الشهيد الحمامي .
18 ـ وزارة الدفاع

مديرية تجنيد كربلاء :

وهي من الدوائر ذات الاهمية في جهاز الدولة ، يرجع تاريخ تأسيسها الى فترة الاحتلال العثماني للعراق . كان مقرها في (القراءة خانه) في الطابق الثاني من البناية . وكان الاشخاص الذين يؤدون الخدمة الالزامية هم من أهالي المدينة أي الذي يسكنون فعلاً ، لاسيما اذا كانت حالة الفرد الصحية جيدة ، وعمره يجب أن يكون عشرين عاماً ، وكان الشخص يخدم خمساً وعشرين سنة . وبامكان كل شخص أن يدفع خمسين ليرة لقاء عدم تأديته الخدمة أو أن يأتي بالبدل (الشخص الذي يعوض عنه) . وكانت خدمة الاحتياط تسمى بـ (الرديف) . اما زرّاع (الميري) والبدو فهم غير مشمولين بذلك لعدم ارتباطهم بالمدينة . ولعدم وجود جنسيات لهم في سجلات النفوس .
وكان الاعضاء الذين اعتمدت عليهم الحكومة في تزكية المجندين هم : السيد جواد السيد مهدي الصافي . السيد قاسم السيد أحمد الرشدي . السيد محمد السيد حسين الوهاب . السيد جعفر السيد حسين آل ثابت . وكان أول ضابط للتجنيد في عهد الملك فيصل الاول هو : قنبر .

كربلاء في الذاكرة 101

المنظمات الشعبية
المنظمات الجماهيرية والنقابات المهنية

هنالك في كربلاء عدد من النقابات المهنية التي ترعى مصالح المنتمين اليها ، وتؤدي للمواطنين منجزات ومكاسب مهمة منذ استلامها المسؤولية بعد ثورة السابع عشر من تموز ، وكانت لها نشاطات في جميع المناسبات الوطنية والقومية التي شهدها القطر . وفيما يلي ابرز تلك المنظمات :
1 ـ الاتحاد العام لنساء العراق ـ فرع كربلاء .
2 ـ الاتحاد المحلي للجمعيات الفلاحية التعاونية .
3 ـ اتحاد نقابات عمال محافظة كربلاء .
4 ـ الاتحاد الوطني للطلبة وشباب العراق ـ فرع كربلاء .
5 ـ نقابة المعلمين ـ فرع كربلاء .
6 ـ نقابة المحامين ـ فرع كربلاء .
7 ـ نقابة المهندسين ـ فرع كربلاء .
8 ـ نقابة الفنانين ـ فرع كربلاء .
9 ـ نقابة ذوي المهن الصحية .
10 ـ نقابة المحاسبين والمدققين .
11 ـ نقابة الاطباء البيطريين .

كربلاء في الذاكرة 102

الفصل الثالث

الثقافة

الكتاتيب في كربلاء

مما لا يختلف فيه اثنان ان الكتاتيب كانت في العهود السحيقة بدائية بالمعرفة ، كما كانت مستلزماتها محدودة لا تتعدى في القراءة قراءة القرآن وتجويده وزيارة الحسين ، وفي الكتابة (المشق) الذي هو بمثابة الاملاء والخط . اما مستوى التعليم فكان أكاديمياً تقليدياً .
ينتشر التلاميذ على شكل حلقات يدرسهم من هو اكبر سناً . ومعرفة عند (الشيخ) ويعرف بـ (الخلفه) الذي يخلف الشيخ . بينما يجلس الشيخ في مكان مرتفع من الارض على فراش ، وأمامه منضدة صغيرة . وهناك يؤدي التلاميذ امتحانهم اليومي في الدرس الذي أعطي لهم أمام الشيخ . وتتناول مادة الدرس احرف الهجاء . أما تعليم الكتابة فتتم بطريقة (المشق) كما ذكرت ، اذ يكتب الشيخ أو الخلفة حروفاً منفصلة (الف باء) في رأس الصفحة من الورقة فيملأها التلميذ على النسق نفسه حتى يقوى خطه . ويكتب السطر الواحد في اليوم الواحد أكثر من اربعين مرة .
أما اذا كانت صحيفة نحاسية (تنكه) فيكتب عليها بالحبر الأسود . واذا ما حديث خطأ لدى التلميذ فانه يمسحه بلسانه ، لذا ترى معظم ألسنة التلاميذ سوداء من تأثير الحبر . وتوجد هناك (برمه) أي اناء من خزف يغسل بواسطته الكتابة ، على الصحيفة النحاسية بعد الانتهاء من اطلاع الشيخ عليها . وبعد

كربلاء في الذاكرة 103

اتمام هذه الحروف ، يبدأ الشيخ بكتابة (السرمشق) أي السطر الاول ويتضمن ما يلي :
الا انمـا الدنيـا كمنزل راكبٍ أناخ عشي وهو في الصبح راحلُ
أو : فياليت الشباب يعود يوماً لاخـبـره بمـا فعـل المشيـبُ

ويكتب التلاميذ يومياً مقدار ثلاث أو أربع صفائح نحاسية ، ويظل التلميذ يكرر الدرس نفسه لمدة أسبوع تقريباً ، ثم يغيره الشيخ ببيت شعر آخر أو حديث نبوي شريف ، واذا تكرر الخطأ في كتابة التلاميذ ، كان عقابهم الضرب بالعصا على الأيدي . ويمتحن الشيخ أو (الخلفه) اولئك التلاميذ في الاسبوع مرة واحدة في القراءة والكتابة .
أما درس الحساب ، فتقسم الورقة طولياً الى قسمين يكتب في رأس كل منها (داخل) و(خارج) . ويملي الشيخ على التلاميذ مسألة حسابية كقوله : في حقل (داخل) عند محمد علي 3 بشلغ أي (درهم) شاي . وفي حقل (خارج) عند حسين 3 بشلغ سكر ، فتكون المسألة جمعية ، وذلك بجمع طرفي الداخل والخارج . وكذلك الحال في عملية الضرب والتنصيف (التقسيم) . واذا أراد بعض الطلبة في تحقيق أمر من الامور ، يرفع السبّابة طلب الاذن من الشيخ للخروج بقصد شرب الماء(1) ورفع الخنصر (استرحام) لطلب اذن قضاء الحاجة ، ويكون رفع الابهام بمثابة السماح بطلب اذن بالتمخط .

(1) كان الصحن الحسيني سوقا يتكسب به الناس في العهد التركي ، حيث تباع فيه الاطعمة باختلاف انواعها بمحاذاة جدار الصحن الداخلي . ومن بين هذه الاطعمة كباب هندي ، كما كانت بعض المقابر تستعمل لبيع وشراء وتجليد الكتب القديمة .
كربلاء في الذاكرة 104

ولعل من الضروري هنا ان نشير الى ان الشيخ له ختم يحمل اسمه ويطلق عليه (الطمغه) يختم به أرجل التلاميذ صيفاً بحبر أسود ، وبخاصة يوم الخميس ، ثم يفحصه في يوم السبت وذلك للتأكد من أن التلميذ لم يذهب للسباحة في نهر الحسينية . والتلميذ الذي يستحم مع والده في الحمام العمومي أو في النهر ، فانه يجلب تذكرة من ولي أمره ، وكان المتمردون من التلاميذ يتفننون في ابتداع الحيل للتخلص من العقاب للمحافظة على الطمغة كتغطيتها بوضع طبقة من الشمع أو بوضع غطاء قنينة وربطها بمنديل حتى تنطلي على الشيخ تجنباً للعقاب ، أما اذا لم يفلت التلميذ من ذلك فان (الفلقة) بانتظاره . والفلقة هي عصا يثبت في وسطها حبل من طرفيها ، حيث يوضع رجل التلميذ في الحبل بعد أن يُطرح التلميذ على قفاه ويمسك بها تلميذان قويان من كل طرف ، فينهال الشيخ بخيزرانته ضرباً على قدمي التلميذ ثم يتركه يصرخ من أثر الضرب .
وفي السنة الثانية يبدأ التلميذ بدراسة القرآن الكريم ، حتى اذا ما ختمه تقام له حفلة تسمى (الختمة)(2) وعند البعض تعرف بـ (الزفة) .
وكما كان لخاتم القرآن (ختمه) وهي تشبه زفة المختون ، الا انها تختلف عنها بنقطتين رئيسيتين ، الأولى نوعية الأناشيد ، ففي الختمة تكون الاناشيد حزينة ، بينما زفة المختون تكون فيها الاناشيد عبارة عن اهازيج شعبية يصحبها قرع الطبول

(2) استعملت كلمة (الربعه) وهي بمعنى الختمه وتجمع على ربعات والربعة في الاصل جونة العطار ، راجع كتاب (في التراث العربي) للدكتور المرحوم مصطفى جواد ج 1 ص 477 .
كربلاء في الذاكرة 105

ونقر الدفوف في طرقات المدينة ، وتحف به ابناء الجيران والاصدقاء والاقارب من باب الدار الى الحمام ثم العودة الى الدار ، بينما لا نجد ذلك عند زفة خاتم القرآن .
ويصادف أحياناً أن أحد الهنود الزائرين لكربلاء المتمولين يقف أمام الكتاب في الصحن وينادي الشيخ فيقدم له (ربيتين) أي ما يساوي الـ 150 فلساً لقاء انصراف التلاميذ الى منازلهم ، وذلك طلباً للأجر .
ومن الهدايا التي تقدم كضرائب للشيخ هي ان يمنح 5 قمريات أو 4 قمريات وتعادل 20 فلساً اليوم ، اضافة الى الاسبوعية التي تشمل الماء صيفاً والفحم شتاء . أما الطبقة الراقية من الاشراف والوجوه فتمنحه (بيشلغ) أي درهم شهرياً اضافة الى الفاكهة والطعام وهناك من يحب ابنه حباً مفرطاً ، ولقاء ذلك يمنح الشيخ الفاكهة ان كان يمتلك بستاناً .
ان اغلب التلاميذ يجلسون على افرشة صغيرة في الارض يحملونها من بيوتهم ، بينما توجد أمامهم رحلات يوضع عليها القرآن ، وهذه الرحلات مرصعة ومزخرفة بنقوش جميلة تجلب من الخارج . والى جانب الكتاتيب كانت الطبقة المثقفة ترغب الأهلين باداخل أولادهم في المدارس . وكانت المدارس الحكومية قد تأسست سنة 1907م وهناك مدرستان الابتدائية والرشدية . وفي سنة 1327هـ / 1907م أي السنة نفسها ، تأسست المدرسة الحسينية ، كما مرّ بنا .
أما النساء فانهن يعلمن التلميذات القرآن والزيارة في دورهن ، وخلال ستة أشهر تعلم (الملة) القرآن الكريم فتكمله

كربلاء في الذاكرة 106

لهن ، وتمنح ليرة واحدة أي ما يساوي الـ 75 فلساً .
ومن أشهر كتاب الروضة الحسينية يومذاك هم : الشيخ حمد الكعبي . الشيخ حسن كوسه . السيد صادق نشأت . الشيخ محمد السراج ، (ابو خمره) . الشيخ علي اكبر النائيني . الشيخ علي العاملي . الشيخ حسين القصير . السيد محمد رضا الاستربادي . الشيخ مهدي الرئيس . السيد هاشم الغريفي مدير الأيتام . الشيخ عبد الله المعلم . الشيخ عباس الصفار .
وفي الروضة العباسية كان ابرز الكتاب هم : الشيخ علي ابو كفانه . الشيخ محمد مهدي الحائري . الشيخ عبد الكريم الكربلائي (ابو محفوظ) الشيخ علي الصيقل .
وتنشر في أرجاء المدينة بعض الكتاتيب ، فمثلا نجد في سوق الصفارين الجديد الشيخ عبد الحسين المسلماني . وعند باب صحن العباس الشيخ رحيم العطار . وفي مسجد العطار الكائن في عقد شير فضه السيد مهدي الحكيم ، وفي مسجد الكرامة بباب السلالمة الشيخ علي الهر . وهؤلاء قد قضى نحبهم رحمهم الله .
هذا ما كان عليه التعليم في العهود السالفة ، واذا قورن بالتعليم في العصر الحديث يظهر الفرق الواسع بين التعليمين ، حيث تشاد الآن المدارس والمعاهد والكليات والجامعات التي يتلقى فيها الطلبة مختلف أنواع المعارف والعلوم الحديثة التي توصل بها الانسان الى ما عليه الآن من تقدم حضاري زاهر .

كربلاء في الذاكرة 107

المدارس الدينية

كانت كربلاء قديماً محط رحال طلاب العلم والمعرفة والأدب ، وكان فيها اساطين رجال الدين واعلام العلماء والمجتهدين وعظمائهم ممن نالوا الزعامة الدينية العامة ، وكانت لهم المرجعية . وقد حفلت المدينة بطلاب العلم وغصت بيوتاتها ومدارسها العلمية ومساجدها بالوافدين من شتى الأقطار والأمصار لطلب العلم والتفقه بتعاليم الشريعة الاسلامية في معاهدها ، وتخرجوا على علمائها . وكانت الدراسة تشمل الفقه والأصول واللغة العربية وآدابها والمنطق والحكمة والفلسفة والتفسير والهيئة وما الى ذلك من العلوم العقلية والنقلية .
جاء في كتاب (رحلة مدام ديولافو) ما نصه : (وتوجهنا نحو مدينة كربلاء التي تعد من مراكز الشيعة المهمة وفيها عدة مدارس كبيرة مذهبية . وفي بعض الاحيان يقضي طلاب هذه المدارس عشرين سنة أو أكثر في تحصيلاتهم الدينية)(1) . وتعزي الكاتبة سبب معيشة الطلاب في تلك المدارس الى الوجه التالي :
(ويعيش هؤلاء الطلاب جميعاً الصغير والكبير الشاب والهرم على التبرعات التي يتبرع بها الزوار ووجوه المسلمين الذين يعيشون خارج المدينة . ويقدم الزوار لهذه الغاية أموالاً طائلة عن طيب نفس وفي بعض الاحيان يتبرعون بأثاث وسجاجيد

(1) رحلة مدام ديولافو الى كلده ـ العراق سنة 1881م / 1299هـ ص 148 .
كربلاء في الذاكرة 108

ثمينة واوان من الفضة التي يجلبونها معهم وذلك للحصول على ثواب الآخرة(2) .
وفي وصف آخر للمدارس ما جاء في مجلة (المقتبس) السورية :
(في كربلاء مدارس دينية كثيرة ومدرستان ابتدائيتان احدهما للهنود والاخرى للايرانيين فيهما ما يناهز 150 طالباً ويصرف عليهما من جيوب أهل الفضل ومدرسة ابتدائية واخرى من النوع الرشدي يصرف عليها من واردات الحكومة . وفيها كتاتيب عددها زهاء 50 يتردد اليها ما يناهز الف صغير يتعلمون فيها مبادئ القراءة والخط)(3) .
وكتب الشاعر المرحوم صلاح عبد الصبور في مجلة (روز اليوسف) القاهرية يصف المجتمع العراقي وثقافته فقال : (ففي مدارس النجف وكربلاء يتدارس الجميع الشعر والبلاغة قبل ان ينتقلوا الى درس الشريعة او غيرها من العلوم . وهناك مئات من الحلقات تلتف حول مئات من الشيوخ الذين يسندون ظهورهم الى أعمدة مثل أعمدة الأزهر)(4) .

(2) المصدر السابق ص 157 .
(3) مجلة (المقتبس) الجزء 10 المجلد 7 (شوال 1330هـ / 1912م) (مدينة كربلاء) .
(4) مجلة (روز ليوسف) العدد 1583 (30 اكتوبر 1958م) .
كربلاء في الذاكرة 109

أما أشهر هذه المدارس وتاريخ انشاءها فهي كما يلي :
اسم المدرسة تاريخ تأسيسها
1 ـ المدرسة الحسينية 1327هـ ـ
2 ـ المدرسة الجعفرية 1333هـ ـ
3 ـ المدرسة الأحمدية هـ ـ 1921م
4 ـ المدرسة الفيصلية ـ 1921م
5 ـ المدرسة الرضوية 1345هـ ـ 1926م
6 ـ مدرسة حسن خان 1180هـ ـ
7 ـ مدرسة المجاهد 1270هـ ـ
8 ـ مدرسة البادكوبه 1270هـ ـ
9 ـ مدرسة صدر الاعظم 1276هـ ـ
10 ـ مدرسة الحاج عبد الكريم 1287هـ ـ
11 ـ مدرسة البقعة 1250هـ ـ
12 ـ مدرسة السليمية 1250هـ ـ
13 ـ مدرسة الهندية الكبرى 1280هـ ـ
14 ـ مدرسة الهندية الصغرى 1300هـ ـ
15 ـ مدرسة ابن فهد الحلي جددت في 1358هـ ـ
16 ـ مدرسة الزينبية 1276هـ ـ
17 ـ مدرسة المهدية 1287هـ ـ
18 ـ مدرسة البروجردي 1381هـ ـ
19 ـ مدرسة شريف العلماء 1384هـ ـ
20 ـ مدرسة الخطيب الرسمية 1355هـ ـ 1936م
21 ـ مدرسة الامام الصادق 1376هـ ـ 1956م
22 ـ مدرسة الحسنية 1388هـ ـ
23 ـ مدرسة الامام الباقر 1381هـ ـ

كربلاء في الذاكرة 110

المكتبات العامة والخاصة

في مدينة كربلاء عدد كبير جداً من المكتبات العامة والخاصة التي كان لها الأثر الكبير في زيادة الوعي الثقافي في المدينة . ومن أهم تلك المكتبات التي تضم خزاناتها آلاف الكتب النفيسة بين مخطوط ومطبوع ونذكر للقارئ المكتبات المهمة المحتوية على مخطوطات يمكن الاستفادة منها وهي :
1 ـ خزانة مشهد الامام الحسين
جاء في كتاب (تاريخ العراق بين احتلالين) ما هذا نصه : ذهب الى كربلاء محاسب الاوقاف عبد القادر ومعه سليمان فائق الشواف (صهر ال الصواف) وحرروا موجودات الخزانة بمعرفة مجلس الادارة ، فوجدت اشياء نفيسة للغاية خمنت بمبلغ ينوف على 22 الف ليرة ، ويوجد مصحف شريف بخط زين العابدين (رض) كتابته كوفية على رق غزال ومصحف آخر مذهب بنقش أبيض على قرطاس ترمة بالقطع الكبير وبين أوراقه رق غزال لئلا يأتي خلل على صفحاته وهما نفيسان للغاية يقال ان قيمتهما تساوي نحو الف ليره . ومن جملة ما في الخزانة شمعدانان كبيران معمولان من الذهب أهداهما السلطان عبد الحميد وكانا بقيمة (2500) ليره ، وتاج بقيمة اربعين الف قرش ، ووجدت سجادة نفيسة مزينة بلؤلؤ وذهب .
وعند ختام تفتيش المعلقات وسائر النفائس اتخذ المحاسب دفتراً ختمه السادن ثم بوشر بتحرير النفائس التي في مشهد العباس (رض) فوجدت اشياء مهمة ونفيسة ، وهي كثيرة فدونت وختم دفترها كليدار العباس(1) .

(1) تاريخ العراق بين احتلالين / عباس العزاوي ج 8 ص 74 .

السابق السابق الفهرس التالي التالي