الحسين في طريقه الى الشهادة 107

وقال بشر بن ربيعة بن عمرو الخثعمي . يوم القادسية .
ألم خيـال من اميمـة موهنـا وقد جعلت اولي النجوم تغور
ونحن بصحراء العذيب ودارها حجازيـة ان المحـل شطير

وجاء ذكر العذيب في شعر ابن سنان الخفاجي قوله :
أعرفت من عبق النسيم الفائح خبر العذيـب وبانـه المتناوح
واقتاد طرفك بارق ملكت به ريح الجنوب عنان اشقر رامح

وللارجاني يذكر العذيب قائلاً :
ان تبلغا شرف العذيب عشية فتيا مناعنه الى الوعسـاء
وقفا لصائده الرجـال بدلها فصفا جناية غيها الحوراء

وللابيوردي(10) في العذيب :
فثم عرار يستطـاب شمـيـمـه وظل لخيطـان الاراك صفيق
أرى السير منهم عامريا وكل من ثوى من هلال بالعذيب صديق

وللحاجري(11) ذكر العذيب من ابيات له :
ذكر العذيب فظل من اشواقه يتنفس الصعداء دون رفاقه

وللسيد شبر البحراني(12) من ديوانه المخطوط يذكر العذيب :
فمن لي بليلات العذيب وحـاجر ولذات عصر فيهما لي تقدما
سقاه الحيا عهدا تزاهت رياضه وهب به ريح التهاني نسمـا

ونشأ بها . واتصل بالملك الصالح ايوب . وكان ناظرا على الخزائن بمصر ثم نقله الى دمشق . وبعد موت الملك الصالح عاد الى مصر . وتوفي بالقاهرة . وديوانه طبع بمطبعة الجوائب .
(10) هو ابو المظفر . محمد بن العباس الاموي المتوفي ، 10 ع 2 سنة 557 بااصبهان .
(11) هو حسام الدين عيسى بن سنجر بن بهرام الاربلي المعروف بالحاجري . وفاته سنة 632 هجـ .
(12) هو السيد شبر الموسوي البحراني له ديوان مخطوط . لدى حفيده السيد حسن آل السيد عدنان .
الحسين في طريقه الى الشهادة 108

ولشكيب ارسلان(13) من مطلع قصيدة له :
أمعلمها بين العذيب وبارق تغزلت من غزلانه بالحقائق
فديتك ربعا قد ترحل أهله بكل امام للمآثـر سـابـق

قال الهروي في الاشارات(14) العذيب موضع ينزل به الحاج به قبر الحصين ابن وحوح . ومسجد سعد بن ابي وقاص ، وهناك بركة ام جعفر في طريق مكة بين المغيثة والعذيب(15) ذكر ارباب التاريخ . قالوا وبالعذيب لقى المختار بن ابي عبيدة الثقفي (رحمه الله)(16) لاقيا حين توجه الى الكوفة من الحجاز . فقال له المختار اخبرنا . عن الناس . فقال : تركت الناس كالسفينة تجول بلا ملاح لها . فقال المختار : انا ملاحها الذي يقيمها(17) وفي العذيب كانت مسلحة . قال البلاذري(18) عن يزيد بن نبيشة العامري . قال : قدمنا العراق مع خالد بن الوليد . فانتهينا الى مسلحة العذيب . قال أبو عبد الله السكوني . العذيب يخرج من قادسية الكوفة اليها . وكانت مسلحة للفرس بينها وبين القادسية حائطان متصلان بينهما نخل . وهي ستة اميال .فاذا خرجت منه دخلت البادية الى مغيثة . وكتب عمر بن الخطاب

(13) من ديوانه المطبوع بمطبعة النار ـ مصر ـ 1354 ـ هجـ .
(14) انظر علي بن ابي بكر الهروي ـ الاشارات ـ طبع دمشق .
(15) انظر ياقوت الحموي ـ المشترك ـ ص 53 طبع غوتنجن . المانيا .
(16) هو ابو اسحاق . المختار بن ابي عبيدة الثقفي . كان شجاعا مقداما عالما مفكرا . ومن الثائرين على بني امية . حبسه ابن زياد بالكوفة . وذلك قبل ان يصل الحسين الى العراق . وبقى في السجن حتى قتل الحسين (ع) فشفع فيه عبد الله بن عمر بن الخطاب زوج اخته صفيه لدى يزيد بن معاوية فاطلق من السجن بأمر من يزيد . ثم نهض بالكوفة مشمرا عن ساعده على الحكم الاموي . واجتمع عليه اهل الكوفة وبايعوه فاستتب له الامر وذلك لما استولى على الكوفة وضواحيها . ثم امتلك الموصل وعظم شأنه وراح يطلب بثار الحسين وقتل جل من حضر الطف وهدم دورهم ، وجد مصعب بن الزبير في خضد شوكته فقاتله ونشبت الحرب بينهما اسفرت عن قتل المختار رحمه الله سنة 67 هجـ .
(17) انظر ابن سعد . الطبقات الكبرى ـ ج 5 ص 71 طبع ليدن .
(18) انظر البلاذري ـ فتوح البلدان ـ ص 245 .
الحسين في طريقه الى الشهادة 109

الى سعد بن ابي وقاص . اذا كان يوم كذا فارتحل بالناس حتى تنزل فيما بين العذيب الهجانات وعذيب القوادس . وشرق بالناس وغرب بهم . وهذا دليل على ان هناك عذيبين . قال ابن بليهد(19) والعذيب الثالث في بالد عذرة . وهو الذي عناه كثير في شعره حين قال :
خليلـي ان ام الحكيم تحملت وأخلت بخيمات العذيب ظلالها
فلا تسقياني من تهامة بعدها بلالا وان صوب الربيع أسالها
وكنتم تزينون البلاد ففارقت عشيـة بنتـم زينهـا وجمالها

هناك عذيب رابع . بئر جاهلية قديمة يقال لها العذيب من ابار أثيفية وهي معرفة الى اليوم عند اهل تلك النواحي . فالحسين (ع) مر على عذيب الهجانات لا على عذيب القوادس . ومعه الحر يسايره ، ذكر الخوارزمي(20) قال : لما وصل الحسين (ع) الى عذيب الهجانات . ورد كتاب من ابن زياد . الى الحر بن يزيد الرياحي . يلومه في أمر الحسين (ع) ويأمره بالتضييق عليه . فلما أصبح الحسين (ع) وأراد أن يسير عارضه الحر أيضا بجيشه ومنعه من المسير . فقال له الحسين (ع) : ويلك ما دهاك ؟ ألست قلت نأخذ على غير الطريق فأخذنا وقبلنا مشورتك . فقال الحر : صدقت يابن رسول الله (ص) ولكن هذا كتاب الامير ورد عليّ يؤنبني ويضعفني في أمرك . ويأمرني بالتضييق عليك . فقال الحسين (ع) فذرنا اذن أن ننزل بقرية نينوى أو الغاضريات . فقال الحر : لا والله يا ابا عبد الله لا استطيع ذلك . فقد جعل علي عينا يطالبني ويؤاخذني بذلك . فقال للحسين (ع) رجل من اصحابه . يقال له زهير بن القين البجلي . يابن رسول الله (ص) ذرنا نقاتل هؤلاء فان قتالنا اياهم الساعة أهون علينا من قتال من يأتينا معهم بعد هذا . فقال الحسين (ع) صدقت يا زهير ولكن ما كنت لابداهم بالقتال حتى يبدأوني . فقال زهير فسير بنا حتى ننزل كربلاء . فانها على شاطئ الفرات . فنكون هنالك .

(19) انظر محمد بن عبد الله بن بليهد ـ صحيح الاخبار ـ ج 1 ص 22 .
(20) انظر الخوارزمي ـ المقتل ـ طبع النجف .
الحسين في طريقه الى الشهادة 110

فان قاتلونا قاتلناهم واستعنا الله عليهم . فدمعت عينا الحسين (ع) حين ذكر له كربلاء . وقال اللهم اني أعوذ بك من الكرب والبلاء الطبري(21) ولما انتهى الحسين (ع) الى عذيب الهجانات . فاذا هم باربعة نفر ، قد أقبلوا من الكوفة على رواحلهم يجبنون فرسا لنافع بن هلال يقال له ـ الكامل ـ ومعهم دليلهم . قال فأقل اليهم الحر بن يزيد . فقال : ان هؤلاء النفر الذين هم من أهل الكوفة ليسوا ممن اقبل معك وانا حابسهم أو رادهم . فقال له الحسين (ع) لامنعنهم مما أمنع منه نفسي . انما هؤلاء انصاري وأعواني . وقد كنت أعطيتني أن لا تعرض لي بشيء حتى يأتيك كتاب من ابن زياد . فقال : أجل لكن لم يأتوا معك . قال هم أصحابي وهم بمنزلة من جاء معي . فان تممت على ما كان بيني وبينك والا اجزتك . قال فكف عنهم الحر . ثم قال لهم الحسين (ع) : اخبروني خبر الناس وراءكم . فقال له . مجمع بن عبد الله العائذي وهو أحد النفر الاربعة الذين جاؤا : اما الاشراف فقد عظمت رشوتهم وملئت غرائزهم يستمال ودهم . ويستخلص به نصيحتهم فهم الب واحد عليك . واما سائر الناس . بعد فان افئدتهم تهوي اليك وسيوفهم غدال مشهورة عليك . قال : اخبرني فهل لكم برسولي علم . قالوا ومن هو ؟ قال : قيس بن مسهر الصيداوي . فقالوا نعم أخذه الحصين ابن نمير . فبعث به الى ابن زياد فأمره ابن زياد ان يلعنك ويلعن اباك . فصلى عليك وعلى ابيك ولعن ابن زياد وأباه ودعا الى نصرتك واخبرهم بقدومك . فأمر ابن زياد لع فالقى من طمار القصر . فترقرقت عينا الحسين (ع) ولم يملك دمعه . ثم قال . «فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا»(22) . اللهم اجعل لنا ولهم الجنة نزلا واجمع بيننا وبينهم في مستقر رحمتك ورغائب مذخور ثوابك .

(21) انظر الطبري ـ ج 6 ص 230 .
(22) سورة الاحزاب .
الحسين في طريقه الى الشهادة 111

وأهل العبا هم . رسول الله (ص) وعلي وفاطمة والحسن والحسين . فالحسين (ع) خامس أهل العبا قال ابن جرير الهيثمي في شرح همزية البوصيري(23) عند قوله :
وبام السبطين زوج علي وبنيها ومن حوته العباء

وهم النبي (ص) وفاطمة و علي وابناهما (الحسن و الحسين)

وفي نيل المراد عند ذكر بيت البوصيري . ومن حوته العباء : هم النبي وعلي وفاطمة وابناهما ، ويقال : هم أهل العبا واهل الكساء . قال ديك الجن :
والخمسة الغر اصحاب الكساء ومن خير البرية من عجم ومن عرب

وقال ابن تيمية . في جواب من سأله عن دخول علي (ع) في أهل البيت . مما لا خلاف فيه بين المسلمين ، وهو أظهر عندهم من أن يحتاج الى دليل بل هو أفضل أهل البيت وافضل بني هاشم بعد النبي (ص) انه أدار كساه على علي وفاطمة وحسن وحسين فقال : «اللهم هؤلاء اهل بيتي فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا»(24) .
وذكر علي جلال الحسيني(25) قال :
وروى الترمذي في جامعة هذا الحديث في مناقب أهل البيت في آخر ج 2 عن عمر بن ابي سلمة ربيب النبي (ص) قال : نزلت هذه الآية على النبي (ص) «انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا » (26) في بيت ام سلمة . فدعا النبي (ص) فاطمة وحسنا وحسينا وعلي خلف ظهره فجللهم بكساء ثم قال اللهم هؤلاء اهل بيتي فاذهب عنهم الرجس وطهرم تطهيرا . قالت ام سلمة : أنا معهم يا رسول الله (ص) ؟ قال : أنت على مكانك وانت الى خير .

(23) انظر شرح همزية البوصيري ص 319 .
(24) انظر ابن تيمية . الفتاوى ج 1 ص 230 .
(25) انظر علي جلال الحسيني ـ الحسين ـ ج 1 ص 188 .
(26) سورة الاحزاب .
الحسين في طريقه الى الشهادة 112

لكن ابن تيمية قال في أول ج 3 من كتاب منهاج السنة النبوية ص 4 . اما حديث الكساء فهو صحيح . وروى الحديث ثم قال وغاية ذلك ان يكون دعا لهم بان يكونوا من المتقين الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم . واجتناب الرجس واجب على المؤمنين والطهارة مأمور بها كل مؤمن الخ .
وابن تيمية رحمه الله في رأيه هذا تعدى حد الانصاف وعطل الاية وحديث الكساء من المعنى اذ لم يجعل لاهل البيت فضلا على غيرهم مع انه واضح ان الكتاب والحديث يخصانهم بالفضل . انتهى كلام الحسيني ، اقول احسب ان ابن تيمية لو استطاع أن يحذف ويمحو هذه الآية من القرآن أو يحرفها ويأولها في أبناء الطلقاء لفعل ولقبلها منه أتباعه السذج بأحسن قبول لانه ابن تيمية .
روى السيوطي(27) عن ابن جرير وابن حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت . قال هم اهل بيت طهرهم الله من السوء واختصهم برحمته . قال وحدث الضحاك بن مزاحم رضي الله عنه ان نبي الله (ص) كان يقول نحن اهل بيت طهرهم الله من شجرة النبوة موضع الرسالة ومختلف الملائكة وبيت الرحمة ومعدن العلم .
وقد ذكر خبر الكساء جمع من العلماء والمؤرخين كالترمذي(28) ومسلم(29) وصاحب المستدرك(30) ومعالم التنزل بهامش الخازن(31) الى غير ذلك من المصادر الوثيقة . فاطلبها من مضانها ، قال الشاعر :
ان النبي محمـد ووصيه وابنيه وابنتـه البتـول الطاهرة
أهل العباء و انني بولائهم أرجو السلامة والنجا في الآخرة

قلت ثم سرى والحر يسير الى جنبه .

(27) انظر جلال الدين السيوطي ـ الدر المنثور ج 5 ص 199 .
(28) انظر الترمذي ج 4 ص 204 .
(29) انظر صحيح مسلم ج 4 ص 127 .
(30) انظر الحاكم في المستدرك ج 2 ص 416 .
(31) انظر هامش الخازن ص 213 .
الحسين في طريقه الى الشهادة 113

ثم سرى والحـر يسـري جـانباً واتفق الكل على هـذا الـسرى
وصوت حاديه يدوي في الفـضا والكل الحادي وللرجز صغـى
يا ناقتي لا تذعري بـل شمـري للسير في ركب شقيـق المجتبى
هذا الامام ابن الامـام مـَن بـه استقام هذا الدين والشرك انمحى
يا مـالك النفـع وللـضـر معاً ايّد حسين السبـط خيـرة الملا
واخذل يزيد الجور والعهر الذي أولده الشرك وغـذاه الخـنـا

قال أرباب السير . وأخذ الحسين (ع) يسرة الطريق واتجه نحو الشمال ، فقال : لاصحابه من منكم يعرف الطريق على غير الجادة . فقال الطرماح بن عدي(1) انا يابن رسول الله (ص) . فقال : تقدم الظعينة فتقدم الرماح شأن الادلة . وجعل يرفع صوته بالحداء قائلاً :
يا ناقتي لا تذعري من زجر واسري بنا قبـل طلوع الفجر
بخير فتيـان وخيـر سفـر آل رسـول الله أهـل الفخـر
السادة البيض الوجوه الزهر الضاربيـن بالسـيـوف البتر
الطاعنيـن بالرمـاح السمر المطمعين الضيـف عام العسر
يا مالك النفع معـا والضر أيد حسينا سيـدي بالنـصـر
على الطغاة من بقايا الكفر

قال الراوي فانتهى بهم المسرى الى أقساس مالك .

(1) الطرماح بزنت سنمار . قال السماوي رحمه الله في أبصار العين ـ الطويل ـ وهو هنا علم لرجل طائي . وليس بابن عدي بن حاتم المعروف بالجود . فان ولد عدي . الطرفات قتلوا مع امير المؤمنين (ع) في حروبه . ومات عدي بعدهم . وكان يعير بذلك . فيقال له . اذهب على الطرفات . فيقول : وددت أن لي ألفا مثلهم لاقدمهم بين يدي علي (ع) الى الجنة . والطرفات . هم . طرفه . وطريف . ومطرف . رحمهم الله .
الحسين في طريقه الى الشهادة 114

ومرّ بالاقساس لم يقِل بها وكان جلّ القَس منه للردى

(أقساس) . قرية بالكوفة . أو كورة . يقال لها أقساس مالك . منسوبة الى مالك بن عبد هند بن بجسم . بوزن . زفر بن جابر بن الاوس بن الديل ابن امية بن حذافة بن زهر بن أياد بن نزار ، وذكر ابن الفقيه قال : اقساس مالك تنسب الى مالك بن قيس(1) والقس في اللغة تتبع الشيء وطلبه . وجمعه . أقساس . فيجوز أن يكون مالك تطلب هذا الموضع وتتبع عمارته فسمى بذلك . قال السمعاني(2) أقساس هي قرية بالكوفة نزلت في صحرائها . منصرفي من الكوفة في النوبة الخامسة . وقرأت بها خبرا على شيخنا أبي سعد بن البغدادي الحافظ ، وينسب الى هذا الموضع . ابو محمد يحيى(3) بن محمد بن الحسن بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب الاقساسي . وجماعة من العلويين ينسبون كذلك اليها(4) كال الاقساسي . قال شيخنا الاميني(5) آل الاقساسي من أرفع البيوت العلوية . لها أغصان باسقة موصولة بالدوح النبوي اليانع . بزغت بهم العراق عصورا متطاولة . وان كان مبعث غرسهم الزاكي الكوفة من قرية كبيرة أو كورة يقال لها ـ أقساس مالك ـ وهم بين عالم متبحر . ومحدث ثقة . ولغوي متظلع وشاعر متأنق . وأمير ظافر . ونقيب فاضل . وأول من عرف بهذه النسبة . محمد الاصغر بن يحيى وأولاده تتشعب عدة شعب . منهم بنو جوذاب . وهم من أولاد علي بن محمد الاصغر . وبنو الموضح . أولاد أحمد بن محمد الاصغر . وبنو قرة العين . أولاد أحمد بن علي الزاهد بن محمد الاصغر .

(1) انظر ابن الفقيه من علماء أواخر القرن الثالث للهجرة ص 182 .
(2) انظر السمعاني ـ الانساب ـ ص 47 .
(3) كانت ولادته في شوال سنة 395 . وتوفي في نيف وسبعين وأربعماءة .
(4) انظر ـ اللباب ج 1 ص 64 .
(5) انظر الشيخ عبد الحسين الاميني ـ الغدير ـ ج 5 ص 3 .
الحسين في طريقه الى الشهادة 115

وبنو صعوة . اولاد احمد بن محمد بن علي الزاهد بن محمد الاصغر . ومن بني صعوة . طاهر بن احمد . ذكره السمعاني في الانساب . فقال : طاهر بن احمد بن محمد بن علي الاقساسي كان يلقب بصعوة . وكان دينا ثقة . يروي عن ابي علي الحسن بن محمد بن سليمان العربي العدوي . عن خراش . عن انس بن مالك . ومنهم . محمد بن علي(6) بن فخر الدين ابي الحسين حمزة بن كمال الشرف ابي الحسن محمد بن ابي القاسم الحسن الاديب ابن ابي جعفر . محمد بن علي الزاهد بن محمد الاصغر ـ الاقساسي ـ ابن يحيى بن الحسين ذي العبرة بن زيد الشهيد بن الامام علي بن الحسين عليهما السلام . وله شعر رائق فمن قوله :
رب قوم في خلائقهم غرر قـد صيروا غررا
ستر المال القبيح لهم سترى ان زال ما سترى

والاقساسيون . هم سلسلة المترجم له . جده الاعلى ابو القاسم الحسن الاقساسي . المعروف بالاديب ابن ابي جعفر محمد(7) . قال ابن عساكر : قدم دمشق . وكان أديبا شاعرا في المحرم سنة 347 هجـ . ونزل في الحرمين . وكان شيخا مهابا نبيلا حسن الوجه والشيبة بصيرا بالشعر واللغة . يقول الشعر من أجود آل ابي طالب حظا وأحسنهم خلقا . وكان يعرف بالاقساسي نسبة الى موضع نحو الكوفة . ومنهم كمال الدين الشرف ابو الحسن(8) محمد بن ابي القاسم . ولاه الشريف علم الهدى نقابة الكوفة . وامارة الحاج فحج بالناس مرارا(9) ولما مات رثاه الشريف المرتضى بقوله :

(6) المتوفى سنة 575 هجـ .
(7) ترجمه ابن عساكر في تاريخ الشام ج 4 ص 247 .
(8) كناه العلم الحجة ابن طاووس في كتاب ـ اليقين ـ بأبي يعلى .
(9) كانت وفاته سنة 415 ، انظر المنتظم لابن الجوزي ج 8 ص 19 ، وكامل ابن الاثير ج 9 ص 127 ، وتاريخ ابن كثير ج 12 ص 18 ، ومجالس المؤمنين ص 211 .
الحسين في طريقه الى الشهادة 116

عرفت وياليتني ما عرفـ ـت فمر الحياة لمن قد عرف

وقال ابن الاثير في الكامل :(10) حج بالناس ابو الحسن الاقساسي سنة 412 هجـ فلما بلغوا فيد(11) حصرهم العرب . فبذل لهم الناصحي «أبو محمد قاضي القضاة» خمسة آلاف دينار فلم يقنعوا . وصمموا العزم على أخذ الحاج . وكان مقدمهم رجلا يقال له . حمار بن عدي بضم العين . من بني نبهان . فركب فرسه وعليه درعه وسلاحه وجال جولة يرهب بها . وكان من سمرقند شاب يوصف بجودة الرمى فرماه بسهم فقتله وتفرق أصحابه وسلم الحاج فحجوا وعادوا سالمين ، ومن آل الاقساسي . فخر الدين ابو الحسين حمزة بن كمال الشرف محمد ذكره النسابة العمري في المجدي . وقال : هو نقيب الكوفة . وكان لفخر الدين أخ يسمى أبو محمد يحيى . ذكره السمعاني في الانساب . وقال : كان ثقة نبيلا سمع ابا عبد الله القاضي الجعفري : روى لنا عنه ابو القاسم اسماعيل ابن أحمد السمرقندي(12) وابو الفضل محمد بن عمر الارموي(13) ببغداد . وابو البركات . عمر بن ابراهيم الحسني(14) وكان بالكوفة ومن آل الاقساسي . علم الدين . ابو محمد الحسن النقيب الطاهر بن علي بن حمزة كان شيخا مهابا جاوز الثمانين . وقد أورد له ابن الساعي أشعارا كثيرة منها .
اصبر على كيد الزما ن فما يدوم على طريقه
سبق القضاء فكن به راض ولا تطلب حقيقه

(10) انظر ابن الاثير ـ الكامل ج 9 ص 121 .
(11) فيد منزل في طريق مكة مر ذكره آنفا .
(12) كان مكثرا من الحديث عالي الرواية . ولد بدمشق 454 وتوفى 563 .
(13) الارموي من اهل ارمية . احدى بلدان آذربايجان . سكن بغداد وتخرج عليه كثير من اعلامها . ولد سنة 457 وتوفي سنة 547 .
(14) مفتي الكوفة كان مشاركا في العلوم ولد سنة 442 وتوفي 539 وصلى عليه ثلاثون ألفا حسيني النسب من ذرية زيد الشهيد ، وذكره الحموي في معجمه ج 1 ص 312 .
الحسين في طريقه الى الشهادة 117

كم قـد تغلب مرة وأراك من سعـة وضيقه
ما زال في اولاده يجري على هذى الطريقه

كان (الناصر) قد ولا النقابة . وكانت ولادته ونشأته بالكوفة . توفي سنة 593 . وعلى ما ذكره ابن كثير(15) . قال : كان شاعرا مطبقا . امتدح الخلفاء والوزراء . وهو من بيت مشهور بالادب والرياسة والمروة . وخلف علم الدين ولده قطب الدين أبا عبد الله الحسين نقيب نقباء العلويين في بغداد . وكان عالما شاعرا مطلعا على السير والتواريخ . قلد النقابة بعد عزل قوام الدين «ابي علي الحسن بن معد» المتوفى 636 ، عن النقابة سنة 642 .
وجاء في الحوادث الجامعة(16) توفي فيها ـ يعني 645 النقيب قطب الدين ابو عبد الله الحسين بن الحسن بن علي المعروف بالاقساسي العلوي بغداد . وكان أديبا فاضلا يقول شعرا جيدا بدرت منه كلمة في أيام الخليفة الناصر على وجه التصحيف وهي ـ أردنا خليفة جديد ـ فبلغت الناصر . فقال : لا يكفي حلقة لكن حلقتين وأمر بتقييده وحمله الى الكوفة فحمل وسجن فيها فلم يزل محبوساً الى أن استخلف الظاهر سنة 623 فأمر باطلاقه . فلما استخلف المنتصر بالله 624 رفق عليه فقربه وأدناه . ورتبه نقيبا وجعله من ندمائه وكان ظريفا خليعا طيب الفكاهة حاضر الجواب . وجاء في التاريخ . انه وصل الملك الناصر ـ ناصر الدين ـ داود بن عيسى في المحرم 633 الى بغداد . واجتاز الحلة السيفية وبها الامير شرف الدين علي ثم توجه منها الى بغداد فخرج الى لقائه النقيب الطاهر قطب الدين أبو عبد الله الحسين بن الاقساسي . وفي سلخ ربيع الاول من السنة المذكورة . وصل الامير ركن الدين اسماعيل صاحب الموصل الى بغداد . وخرج الى لقائه النقيب الحسين بن الاقساسي وخادما من خدم الخليفة . وجاء ان الخليفة . المستنصر بالله قصد سنة 634 مشهد الامام موسى بن جعفر عليهما السلام في ثالث رجب .

(15) انظر ابن كثير ـ البداية والنهاية ج 13 ص 16 .
(16) انظر الحوادث الجامعة ـ ص 220 .
الحسين في طريقه الى الشهادة 118

فلما عاد أبرز ثلاثة الاف دينار الى ابي عبد الله الحسين الاقساسي نقيب الطالبيين . وأمره أن يفرقها على العلويين المقيمين في مشهد امير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع) والحسين وموسى بن جعفر عليهم السلام(17) وذكر استاذنا الشيخ الاميني(18) أفرد العلامة سيدنا المرعشي في «مجالس المؤمنين»(19) ترجمة باسم عز الدين بن الاقساسي . وقال : انه من اشراف الكوفة ونقبائها . كان فاضلا أديبا له في قرض الشعر يد غير قصيرة . روى ان الخليفة المستنصر العباسي . خرج يوما الى زيارة قبر سلمان الفارسي سلام الله عليه . ومعه السيد المذكور ابن الاقساسي . فقال له الخليفة في الطريق : ان من الاكاذيب ما يرويه غلاة الشيعة من مجيء علي بن ابي طالب (ع) من المدينة الى المدائن . لما توفى سلمان وتغسيله أياه ورجوعه في ليلته الى المدينة فأجابه الاقساسي بالبديهة بقوله :
أنكرت ليلة اذ سـار الوصي الى أرض المدائـن لمـا أن لها طلبا
وغسل الطهر سلمـانا وعاد الى عراص يثـرب والاصباح ماوجبا
وقلت ذلك من قـول الغلاة فما ذنب الغـلاة اذا لم يـورد واكذبا
فاصف قبل رد الطرف من سبأ بعش بلقيس وافى يخـرق الحجبا
فأنت في آصف لم تغل فيه بلى في حيدر أنا غـال ان ذا عجبـا
ان كان احمد خير المرسلين فذا خير الوصيين أو كل الحديث هبا

وقد نسب السماوي . هذه الابيات في كتابه ـ الطليعة ـ مخطوط ـ الى السيد محمد الاقساسي : قال شيخنا الاميني . ذكر ابن شهر اشوب هذه الابيات بتغيير يسير وزيادة . ونسبها الى ابي الفضل التميمي أو لغيره من أسلاف آل الاقساسي الاولين . وأنشدها قطب الدين للمستنصر . نعم ان اقساس مالك قرية من قرى الكوفة وان لم يحقق المؤرخون موقعها غير أنا نرى ان الحسين (ع) مر بها

(17) انظر الحوادث الجامعة ص 77 و79 .
(18) انظر موسوعة الشيخ الاميني ـ الغدير ـ ج 5 ص 13 .
(19) انظر السيد المرعشي ـ مجالس المؤمنين ـ ص 212 .
الحسين في طريقه الى الشهادة 119

في طريقه الى كربلا فهي لا شك من قرى سواد العراق أي حد العراق من الغرب ومنها سار الحسين الى الرهيمة فوافاها .
ومُذ أتى عين الرُهَيمة التقى بالرجل الكوفي في رأد الضحى

(الرهيمة) . بلفظ التصغير . ويجوز أن يكون تصغير رهمة . وهي المطرة الضعيفة الدائمة وهي ضيعة قرب الكوفة . قال السكوني : هي عين بعد خفية اذا اردت الشام من الكوفة . بينها وبين خفية ثلاثة أميال . وبعدها الى القطيفة مغربا . وذكر المتنبي في مقصورته . التي يهجو في آخرها كافو الاخشيدي ويعدد فيها المنازل التي مر عليها في طريقه الى العراق قوله :
فيالك ليـلا على أعكش أحم البلاد خفى الصوى
وردن الرهيمة في جوزه وباقيه اكثـر مما مضى

فزعم قوم ان المتنبي أخطأ في قوله ـ جوزه ـ ثم قوله ـ وباقيه اكثر مما مضى ـ لان الجوز وسط الشيء ولتصحيحه تأويل . وهو ان أعكش اسم صحراء . والرهيمة عين وسطه فتكون الهاء في جوزه راجعة الى أعكش فيصح المعنى(1) ذكر محمد بن نما(2) ان الحسين (ع) لما وصل الى الرهيمة . لقيه رجل من اهل الكوفة . يقال له ـ ابو هُرم ـ فقال : يابن رسول الله (ص) ما الذي اخرجك عن حرم جدك ؟ فقال (ع) يا ابا هرم . ان بني امية شتموا عرضي فصبرت واخذوا مالي فصبرت . وطلبوا دمي فهربت . وايم الله ليقتلونني فيلبسهم الله ذلا شاملا . ويريهم سيفا قاطعا ويسلط عليهم من يذلهم(3) حتى يكونوا أذل من قوم سبأ اذ ملكتهم امرأة فحكم في اموالهم ودمائهم ، ورأد الضحى ـ أي وقت ارتفاع الشمس وانبساط الضوء . فالحسين (ع) سار من الرهيمة وواصل سيره الى قصر مقاتل فنزل عنده .

(1) انظر ياقوت الحموي ـ معجم البلدان ـ ج 4 ص 344 .
(2) انظر محمد بن نما ـ مقتل الحسين ـ ص 23 .
(3) ومثله ذكر الصدوق ، انظر ـ الامالي ـ ص 93 .
الحسين في طريقه الى الشهادة 120

حتى أتى قصر بني مُقاتل رأى به الجُعفـي ضارباً خبا
ناشده الحسيـن أمراً فأبى والفتح مع سبط النبي ما هوى

(قصر مقاتل) . قصر كان بين عين التمر والشام . وقال السكوني هو قرب القطقطانة وسلام ثم القريات . وهو منسوب الى مقاتل بن حسان بن ثعلبة بن اوس بن ابراهيم بن ايوب بن مجروف بن عامر بن عصية بن امرئ القيس بن زيد بن مناة بن تميم .. قال ابن الكلبي لا أعرف في العرب الجاهلية من ا سمه ابراهيم بن ايوب غيرهما . وانما سميا بذلك للنصرانية وخربه عيسى بن علي بن عبد الله ، ثم جدد عمارته فهو له وقال ابن طخماء الاسدي :
كان لم يكن بالقصر قصر مقاتل وزورة ظل ناعم وصديق(1)

وفي قصر مقاتل آراء المؤرخين متضاربة فمنهم من يسميه قصر مقاتل والبعض يذكره قصر بني مقاتل . وربما يكون وجه تسميته ببني مقاتل نسبته الى اولاد مقاتل وأحفاده ، وصحيحه قصر مقاتل ، وموقعه شرقي الاخيضر(2) الذي يذكره

(1) انظر ياقوت الحموي . معجم البلدان ج 7 ص 111 .
(2) الاخيضر ـ قصر عظيم يدل على عظمة بانيه . ذكر بعض المؤرخين انه من بنايات الفرس اشبه ما يكون بالمسلحة ، والبعض الاخر يوعزه الى الاراميين ، وان ذكر بعضهم انه بناءه اسلامي لوجود المسجد الذي فيه وهذا لا نافي من انه بني القصر قبل الاسلام وبعد ان استولى المسلمون على هذه المناطق شيدوا فيه مسجدا للصلوة ، يقع هذا القصر ـ الاخيضر ـ قرب هور ابو دبس ـ من الاراضي التابعة الى لواء كربلاء ولارتفاعه يرى من مسافة بعيدة ، وفي هذه المنطقة سلسلة قصور شمال الاخيضر وجنوبه . اما التي في جنوبه فهي متصلة ببحر النجف ، كقصر الحياضية . والرهيمة والعزية ، والرحبة وغيرها ، وقد درس علماء الاثار هذا القصر درسا مفصلا حيث امه كثير من الاوروبيين والمستشرقين ففي اوائل القرن السابع عشر جاءه بيترودي لافاله ـ وفي اوسط القرن الثامن عشر جاءه ـ نيبهور ـ وقصده ـ ماسنيون ـ سنة 1908 ، وـ ألمس بل ـ جاءته سنة 1909 ، وويوله ، وديولافوا ، وموزيل . واوسكار رويتر بين سنة 1910 ـ 1912 لقد قام ـ اوسكار رويتر ـ بدرس الاخيضر دراسة تفصيلية فانه مسح اقسامه المختلفة بدقة كبيرة . فرسم مخططاتها ومقطعها وصور مناظرها المختلفة ـ انظر الآثار القديمة في العراق ـ الاخيضر ـ فقد استوفى البحث عن هذا القصر الاثري .

السابق السابق الفهرس التالي التالي