العباس عليه السلام414

أبوه عيـن الله وهـو نورها به الهدايـة استنـاء طـورها
فانه انسـان عيـن المعرفة مرآتهـا لـكـل اسـم وصفة
ليس يد الله سـوى أبـيـه وقـدرة الله تجـلـت فـيـه
فهو يـد الله وهذا ساعـده تغنيـك عـن اثبـاته مشاهده
فـلا سـوى ابـيـه لله يد ولا سـواه لأبـيـه عـضـد
له اليد البيضاء في الكفـاح وكيـف وهـو مـالك الارواح
يمثـل الكـرار في كـراته بل في المعاني الغر من صفاته
صولته عند النزال صولتـه لولا الغلو قلـت جلـت قدرته
هو المحيـط فـي تجـولاته ونقطة المـركـز فـي ثبـاته
سطوته لولا القضاء الجاري تقضي علـى العـالـم بالبوار


العباس عليه السلام415

وواسم المنـون حـد مفــرده والفرق بين الجمع من ضرب يده
بـارقـة صاعـقـة العـذاب بـارقـة تذهـب بــالـبـاب
بارقـة تحصـد فـي الرؤوس تـزهـق بالارواح والنـفـوس
واســى اخـاه حين لا مواسي في موقف يـزلـزل الـرواسي
بعزمـة تكـاد تسبـق القضـا وسطوة تملأ بالـرعـب الفضـا
دافع عن سبـط نبـي الرحمة بهمـة ما فـوقهـا مـن هـمة
بهمة من فـوق هامـة الفلـك ولا ينـالـهـا نـبـي أو ملـك
واستعرض الصفوف واستطالا على العـدا ونـكـس الابـطالا
لف جيوش البغـي والفـسـاد بنشـر روح العـدل والـرشـاد
كر عليـهـم كـرة الـكـرار أوردهـم بالسـيـف ورد النـار


العباس عليه السلام416

آثر بالمـاء اخـاه الضامـي حتى غدا معترض السهام
ولا يهمـه السـهـام حاشـا من همه سقايـة العطاشى
فجاد باليـميـن والشـمـال لنصـرة الدين وحفظ الآل
قام بحمل رايـة التـوحيـد حتى هوى من عمد الحديد
والدين لمـا قطـعـت يداه تقطعـت مـن بعده عراه
وانطمست من بعده اعـلامه مذ فقدت عميـدها قـوامه
وانصدعت مهجة سيد البشر لقتله وظهر سبطه انكسـر
وبان الانكسـار في جبيـنه فانكدت الجبال مـن حنينه
وكيف لا وهو جمال بهجته وفي محياه سـرور مهجته
كافل اهله وساقـى صبيته وحامل اللوا بعالـي همتـه


العباس عليه السلام417

واحـدة لكنـه كـل الـقـوى وليث غابـه بطـف نينـوى
ناح على اخيـه نـوح الثكـلى بل النبي في الرفيـق الاعـلى
وانشقت السمـا وامطرت دمـا فمـا اجـل رزؤه واعظـمـا
بكاه كالهطـال حـزنـاً والـده وكيـف لا وبـان منه ساعده
بكاه صنوه الزكـي المجتـبـى وكيف لا ونور عيـنـه خبـا
ناحت بنات الوحـي والتنـزيل عليه مذ امسـت بـلا كفيـل
ناحت عليه الحور في قصورها لنوح آل البيت فـي خـدورها
ناحت عليـه زمـر الامـلاك مذ ناحت العقـائـل الـزواكي
فمن لتلك الخفـرات الطـاهرة مذ سبيت حسرى القناع سافرة
أين ربيب المجـد امـاً وابـا عن اخواته وهـن في السبـا


العباس عليه السلام418

وأيـن عـن ودائـع النبـوة ممثـل الغـيـرة والفـتـوة
وأين عنهـا رب أرباب الابا اذ هجم الخيـل عنهـن الخبا
فأصبحت نهباً لكـل مـارق مسودة المتـون والعـواتـق
فيها اشتفى العدو من ضغائنه فأين حامي الظعن عن ظعائنه
أين فتى الفتيـان يوم الملحمة عن فتياتـه بأيـدي الظلمـة
فليته يـرى بعيـن البـاري عزائز الله علـى الاكــوار
يهدي بهـا مـن بلد الى بلد وهن في أعظم كـرب وكمد

وللعلامة الشيخ حسن ابن الشيخ محسن مصبح الحلي(1) من قصيدة في الحسين عليه السلام .

(1) آل مصبح اسرة في الحلة اشتهرت بالعلم والأدب منهم شيخ حسين جد المترجم وابنه الشيخ محسن والد المترجم كان من العلماء الافاضل رثاه السيد حيدر في قصيدة مثبتة في ديوانه ومنهم المترجم ولد في الحلة وهاجر الى النجف لطلب العلم ولما يبلغ العشرين من عمره ورجع بعد
=
العباس عليه السلام419

فهنـاك هـب ابن الوصي الى الوغى بهمة ليـث لـم يـرعـه قتامها
أبو الفضـل حامـي ثغرة الدين جامع فرائده ان سل منهـا نظـامهـا
نضى لقراع الشـوس غضبـاً بحـده ليوم التنـادي يستـكـن حمامها
عليه انطوت في حلبة الطعن فانطوى عليه الفضا منه وضاق مقامهـا
وخاض بهـا جـراً يـرف عبـابـه ضباً ويد الاقدار جالت سهـامها
فحلأها عن جـانـب النهـر عنـوة وولت عواديهـا يصـل لجامها
ودمدم ليـث الغـاب يعطـو بسـالة الى الماء لم يكبر عليه ازدحامها


= استكمال الفضيلة وحج مكة المكرمة خمساً وعشرين مرة تطوعاً تارة ونائباً ومعلماً اخرى جمع ديوانه في حياته وهو حسن جداً يناهز العشرة آلاف بيتاً وجل شعره في أهل البيت مدحاً ورثاءً توفي عن عمر تجاوز السبعين في سنة . 1317 وحمل الى النجف (البابليات للخطيب الاستاذ الشيخ محمد علي اليعقوبي) .
العباس عليه السلام420

ثنى رجله عن صهوة المهر وامتطى قرى النهر واحتل السقاء همامها
وهـب الـى نحـو الخيـام مشمراً لري عطاشا قد طواهـا اوامها
المـت بـه سـوداء يخطـف برقها البصائر من رعب ويعلو قتامها
جلاهـا بمشحـوذ الغـرارين ابلج يدب به للـدار عيـن حمامهـا
فلولا قضـاء الله لـم يبـق منهـم حسيس ولم يكبر عليه اتصامها
بماضيـة الاقـدار جـذت يسـاره وثنت بيمنى منه طاب التثـامها
وفي عمد حتم القضـا شـج رأسه ترجل وانثالـت عليـه لئـامها
به انتظمت سمر القنـا وتشاكلـت وكم فيه يوم الروع حل نظامها
دعا يا حمى الاسلام يا ابن الذي به دعائـم ديـن الله شـد قوامها
جرى نافذ الاقدار فيمـن تحـمـه سراعاً فان النفس حان حمامها


العباس عليه السلام421

فشد مجيباً دعـوة الليث طالباً تراب به الأعداء طـال اجتـرامها
طواها ضراباً سل فيه نفوسها وحلق فيـهـا للبـوار اختـرامهـا
واحنى عليه قائلاً هتك العدى حجاب المعالـي واستحـل حرامها
أخي بمن اسطو وانك ساعدي وعضبي اذا ما ضاق يـوماً مقامها
أخي فمن يعطي المكارم حقها ومن فيه اعـزازاً تطـاول هـامها
أخي فمن للمحصنات اذا غدت بملساء يذكـي الحائمـات رغامها
أخي لمن اعطي اللواء ومن به يشق عباب الحرب ان جاش سامها
أخي فمن يحمي الذمار حفيظة اذا ما كبا بالضاريـات اعتـزامها
كفى أسفاً اني فقدت حشاشتي بفقـدك والارزاء جـد احتـدامها
فوالهفتا والدهر غدر صروفه عليك وعفواً ناضلتـنـي سهـامها


العباس عليه السلام422

الى الله اشكـو لوعـة لـو ابثهـا على شامخات الارض ساخ شمامها
على اننـي والحـكـم لله لاحـق باثرك والدنـيـا قلـيـل دوامـها
فقام وقد احنى الضلوع على جوى يئن كما فـي الـدوح أن حمـامها
حسبتك للايتـام تبقـى ولم اخـل تجر عـليّ الداهيـات طغـامهـا

للعلامة الحجة الشيخ عبد الحسين صادق العاملي(1) .
بكر الـردى فاجتاح في نكبائه نور الهدى ومحا سنا سيمائه
ودهـي الرشاد بناسف لأشمه وبخاسف اواه بـدر سمـائه
ورمى فاصمى الدين في نفاذه وارحمتاه لمنتهى احشـائـه
يوماً به قمر الغطـارف هاشم صكت يـد الجلى جبين بهائه


(1) ولد في النجف الاشرف في شهر صفر سنة 1279 هـ وتوفي 12 ذي الحجة سنة 1361 ودفن في مقبرة بجنب الحسينية التي اسسها في (النبطية) .
العباس عليه السلام423

سيم الهوان بكربلاء فطـار للعز الرفيـع بـه جـنـاح ابـائـه
انى يلين الـى الـدنيـة ملمساً أو تنحت الاقـدار مـن ملسـائه
هو ذلك البسام فـي الهيـجـاء (والعباس) نازلـة علـى اعدائه
من حيدر هو بضعة وصفيحـة من عزمـه مشحـوذة بمضـائه
واسى اخاه بموقف العز الـذي وقفت سواري الشهب دون علائه
ملك الفرات على ظماه واسـوة بأخيه مات ولـم يـذق من مائه
لم انسه مذكـّر منعـطـفاً وقد عطف الوكاء علـى معين سقائه
ولوى عنان جواده سرعان نحو مخيـم يطـفـي أوار ظمـائـه
فاعتاقه السدان من بيض ومن سمر وكـل سـد رحـب فضائه
فانصاع يخترق الصوارم والقنا لا يرعوي كالسهـم فـي غلوائه


العباس عليه السلام424

يفري الطلا ويخيط افلاذ الكـلا بشبـاة أبيضـه وفـي سمرائه
ويجول جـولة حيـدر بكتـائب ملأ الفضا كالليل فـي للمـائه
حتى إذا ما حان حـيـن شهادة رقمت له في لوح فضل قضائه
حسمت مذربة الحسـام مقـلـة لسقائـه ومجيـلـة للـوائـه
أمن العدى فتكـاتـه فـدنـا له من كان هيابـاً مهـيـب لقائه
وعلاه في عمد فخـر لوجهـه ويمـينـه ويسـاره بـأزائـه
نادى اخاه فكـان عنـد نـدائه كالكوكـب المنقض في جوزائه
وافى عليه مفرقاً عنـه العـدى ومجمعاً ما انبث مـن اشـلائه
وهوى يقبله وما من مـوضـع للـثـم الا غـارق بـدمائـه
ويميط عن حر المحيـا حمـرة علقيـة صبغـت لجين صفائه


العباس عليه السلام425

يا مبكيـاً عيـن الامـام عليك فلتبك الانـام تأسيـاً ببكـائـه
ومقوساً منه القـوام وحـانيـاً منه الضلوع على جوى برحائه
فلننحني حزنـاً علـيـك تأسياً بالسبط فـي تقـويسـه وحنائه
أنت الحري بأن تقيم بنو الورى طرى ليوم الحشر سوق عزائه

هذا آخر ما وقفنا عليه من حياة قمر الهاشميين والله ولي التوفيق والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الهداة الميامين ونسأله سبحانه الهداية لما يرضيه والزلفى لديه تعالت آلاؤه .


السابق السابق الفهرس