دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 77

الصحن


لقد تطرقنا في ما سبق (1)إلى تعريف الصحن ومجمله انه المكان الرحب المحاط أو المتصل بالمرقد أو المسجد .
وهذه الساحة الرحبة لم تكن موجودة في أول عمارة إسلامية أسسها الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم على أرض يثرب ونقصد بذلك مسجد قبا (2)، حيث كان المسجد عبارة عن مساحة أو مكان مسقف بأغصان وسعفات النخيل ولكن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لما بنى مسجده المعروف باسمه جعل له ظلتين ، ظلة من جهة الجنوب وأخرى من جهة الشمال وجعل بينهما رحبة تفصل بينهما حيث ورد عن زيد بن ثابت (3)انه قال : « بنى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مسجده سبعين في ستين ذراعا (4)أو يزيد ، ولبن لبنة من بقيع الخبخبة (5)وجعله داراً وجعل سواريه (6)خشباً شقة شقة وجعل وسطه رحبة (7)، وكانت هذه الرحبة وغيرها من الرحاب بسيطة كبساطة البناء ذاته لحث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة الأطهار عليهم السلام على جعلها بسيطة لتكون أكثر روحانية (8) ، وإنما دخلت

(1) راجع باب المصطلحات من هذه الموسوعة .
(2) مسجد قبا : عندما وصل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مهاجراً إليها بركت ناقته في هذا المكان فشيد عليه مسجداً وهو أول مسجد أسس في الإسلام وهو اسم بئر عرفت القرية به ، ويقع إلى الجنوب من مسجد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وعلى بعد ميلين منه
(3) زيد بن ثابت : هو زيد بن ثابت بن الضحاك الأنصاري الخزرجي ( 11 ق . هـ ـ 45 هـ ) ولد في المدينة ونشأ في مكة ، صحابي راوي هاجر مع النبي وهو ابن 11 سنة ، وقد روى أن أبا بكر كلفه بجمع القرآن .
(4) الذراع : الهاشمي منه يعادل 61,2 سم .
(5) بقيع الخبخبة : اسم موضع قرب البقيع ( المعروف ببقيع الغرقد ) وإنما سمي بالخبخبة بالفتح اسم شجر عرف به هذا الموضع وقيل ان أصله الجبجبة .
(6) السواري : لعله أراد به سوره وحائطه .
(7) مدينة شناسي : 31 .
(8) من الغريب أن الشيخ طه الولي في كتابه المساجد في الإسلام : 336 يريد القول إن =
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 78

الأبهة لمثل هذه الأماكن عبر الملوك والسلاطين بدءاً بمعاوية بن أبي سفيان .
ولا يخفى أن الصحن لا يسمى صحناً إذا كان مسقوفاً ويستفاد من هذه الباحة الرحبة للصلاة في بعض فصول السنة أو لأغراض أخرى تتناسب وقدسية المكان .
وما إن بدأ المسلمون بعمارة المراقد لعظمائهم حتى خصصوا مساحة مكشوفة إلى جانب المرقد للاستفادة منها لأغراض شتى منها الإنارة والتهوية ومحل جلوس وصلاة وعبادة في أيام القيظ ومكان مناسب للإحتفالات والمناسبات الدينية العامة منها والخاصة بصاحب المرقد الشريف ، وربما كانت محلاً للأمتعة أيضاً كما هو الحال في المساجد بل وربما كانت مربطا ً للدواب في سابق العهد .
وعمد المسلمون في الغالب إلى تشجير هذه الساحة الرحبة وإلى بناء محل للتطهير والوضوء ومخالع للأحذية ومخازن للمرقد ، كما حول الكثير من العلماء والأدباء هذه الصحون والرحاب إلى مراكز للتدريس والتعليم (1) والمناظرة وقد حدث كل هذا بفعل التطور والحاجة ولذلك قام المشرفون على هذه الأماكن المقدسة بإنشاء بعض الأبنية والمرفقات داخل الصحن وحواليه لمزاولة التدريس والتعليم والسكن الداخلي لطلبة العلم ، وبناء مقابر للزعماء والعلماء (2) ، ومحال للوضوء والطهارة وأخرى للسقي والشرب وغرف لأستراحة الوافدين وإطعامهم ومكتبات ومتاحف ، وما إلى ذلك من مرافق حيوية

= البساطة والعفوية في الإسلام إنما هي انعكاس طبيعي للبيئة الجغرافية التي كانت المهاد الأول لهذا الدين الحنيف الذي انطلق من الجزيرة العربية حيث يحيى الناس في ظروف إقليمية لا توحي بأي مظهر من مظاهر الكلفة والتصنع ، ولكنه نسي أن الإسلام دين الشمولية ودين الأجيال والعصور وأن أحكامه وسننه لم تكن مبنية على التأثيرات والانعكاسات وإنما جاء ليؤسس مبادئ وقوانين للبشرية جمعاء ولمصلحتها وإبعادهم عن كل اشكال التعقيد والتكلف ، كما أن المؤلف أخطأ أيضاً في نسبة التعقيدات إلى الأديان الأخرى حيث لم نجد في مبادئ الأديان السماوية الأخرى أي دعوة للتعقيد بل هي كالإسلام مبنية على البساطة وإنما أصبحت معقدة من قبل المتلاعبين باسم الدين الذين اتخذوه مطية لأهوائهم ، وغاياتهم الدنيئة كما هو الحال لدى بعض المسلمين الآن وعند أتباع سائر الديانات .
(1) راجع مقدمة فصل الحركة العلمية من باب أضواء على مدينة الحسين من هذه الموسوعة .
(2) راجع فصل الآثار من باب أضواء على مدينة الحسين من هذه الموسوعة .
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 79

أصبحت ضرورية وأملتها الحاجة والضرورة في مثل هذه المراقد المقدسة .
وقد تفنن المعماريون في هذه الأبنية والمرفقات حتى أصبحت آية رائعة من آيات الفن المعماري تضاف إلى البناء الأساسي للمرقد ، نذكر منها صحن أبي عبد الله الحسين عليه السلام وأخيه أبي الفضل العباس عليه السلام ، حيث ان المرقد المطهر واقع وسط صحن كبير محاط بمرافق حيوية مختلفة غاية في الجمال والهندسة المعمارية الأصيلة ، مزينة بالقاشاني الملون والرخام المعرق تسابق الملوك والسلاطين إلى جانب التجار والمؤمنين على التبرع بها وتجديد بنائها حتى أصبحت أثراً تاريخياً عريقاً يشار إليه بالبنان .
وتقام في هذه الصحون الصلوات والإحتفالات والمؤتمرات وحلقات الدرس على تفصيل مر في محله (1).


باحة صحن مسجد القيروان - القيروان - تونس

(1) راجع الفصول التالية من باب أضواء على مدينة الحسين من هذه الموسوعة : فصل الآثار ، فصل الحركة العلمية ، فصل النهضة الفكرية بالإضافة إلى هذا الباب ، فصل المرقد الحسيني والمرقد العباسي .
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 80

القبة

سبق تعريف القبة بما فيه الكفاية في محله (1)وبإيجاز هي نوع من البناء المحدودب الذي له شكل كرة أو بيضة مشطورة عند وسطها ، أو على شكل مخروطي أو حلزوني .
وتاريخ بناء القبة قديم جداً يعود إلى تاريخ استخدام الإنسان للطابوق في صناعة السقوف ، ومن شأن بناء السقف بالطابوق المجرد دون شيء آخر أن يخلف قبة (2)يختلف ارتفاعها وكبرها بكبر اتساع القاعدة .
هذا وقد تطور بناء القباب حتى أصبحت بشكلها الفني المتعارف عليه ، وأصبحت رمزا ً لأضرحة العظماء في سائر الملل والنحل حيث أن القبة لم تكن خاصة بالمسلمين بل كانت ولا زالت علامة مميزة لكثير من المؤسسات والمعابد الدينية للأديان السماوية أوغيرها ، وليست مختصة بملة دون أخرى ، وكثيراً ما استخدمت في بناء المؤسسات الضخمة أو مراكز القضاء أو دواوين الملوك أو الأمراء ، وأصبحت بعد فترة طويلة رمزاً لأضرحة الأولياء وقرينة تدل عليها قد لا تعرف إلا بها ، وهناك مثل عربي حول القبة يقول : « تحت كل قبة شيخ » (3)، وهنالك أمثال غير عربية تشاطر المثل العربي حول القبة الخضراء .
ومن النادر جداً أن ترى معبداً دينياً أو ضريحاً مقدساً ليس عليه قبة واحدة إن لم تكن أكثر وكان الوثنيون يبنون القباب على الهياكل الوثنية في

(1) راجع باب قاموس المصطلحات من هذه الموسوعة .
(2) عند بناء السقف بالطابوق المجرد دون استخدام الأعمدة والقواطع يضطر القائمون عليه فنياً وهندسياً إلى عمل قبة محدودبة أو حلزونية أو مخروطية الشكل لتتحمل ثقل التحميل وتتلافى السقوط ، وهذا النوع من البناء يسمى بالعقادة « عكادة » .
(3) المساجد في الإسلام : 278 ، ولعل هذا المثل إشارة إلى مركز العبادة أو الثقافة التي كان يتولاها المشايخ .
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 81

العهود الغابرة وربما انتقلت منها إلى اليهودية والنصرانية فالإسلام (1) .
وعلى كل حال لا يمكن تحديد تاريخ دخولها في العمران الديني بدقة حيث انها دخلت رويداً رويداً كما هو الحال في مبدأ فكرة القبة وذلك لأن بناء السقف كان على شكلين لا ثالث لهما ، السقوف المسطحة التي كانت تصنع عادة من جذوع النخل والأشجار أو السقوف المحدبة التي أنشئت بالطابوق كما سبق القول عنها ، ولا شك أن تاريخ الأول سابق لتاريخ الثاني ولكن الثاني أكثر حضارية ويعد تقدماً فنياً وهندسياً عن سابقه .
ومن أمثلة التطوير وتداخل الحضارات بالنسبة إلى القبة بالذات هو مسجد آيا صوفيا (2) حيث يعد موقعاً أثرياً في استامبول وقد بناه قسطنطين الكبير (3) ليكون معبداً سماه بكنيسة صوفية قدسية (4) وكان مؤلفاً من جدران مصنوعة من الحجارة وسقف خشبي ، وأعاد بناءها بعد الحرق المعماران أنتيميوس ترالي (5) وإيزيدور مليطي(6) بأمر الملك يوستينانس الأول (7)البيزنطي عام 93 ق هـ ( 532 م ) وانتهى من بنائها عام 88 ق هـ ( 537 م ) فطال بناؤها خمس سنوات وأحد عشر شهراً وعشرة أيام (8) وكانت القبة النصف

(1) راجع المساجد في الإسلام : 274 .
(2) آيا صوفيا ويقال لها « آجيا صوفيا » .
(3) قسطنطين الكبير : هو ابن قسطنتيوس الأول كلورس البيزنطي ولد عام 364 ق . هـ ( 274 م ) وحكم بعد أبيه عام 326 ق . هـ ( 306 م ) بنى مدينة القسطنطينية على بقايا مدينة بيزنطة فاتخذها عاصمة ملكه فدشنها عام 301 ق . هـ ( 330 م ) ووحد الإمبراطورية البيزنطينية وأطلق الحرية للدين المسيحي .
(4) صوفية قدسية : وقيل إنها عرفت باسم « رثيا صوفيا» .
(5) انتيميوس الترالي : ( Anthemiosde de tralles ) رياضي ومهندس بيزنطي مشهور عاش في القرن السادس الميلادي ( القرن الأول قبل الهجرة ) .
(6) ايزيدورس الميلاتي : ( Isidore de Milet ) رياضي ومهندس بيزنطي عرف بفنه المعماري في القرن الأول قبل الهجرة ( السادس الميلادي ) .
(7) يوستينانس الأول : البيزنطي ولد عام 145 ق . هـ ( 482 م ) تولى إمبراطورية البيزنطينية بعد يوستينس الثاني عام 98 ق هـ ( 527 م ) إلى أن توفي العام الأول ق . هـ ( 565 م ) فخلفه ابن أخيه يوستينس الثاني ، حاول توطيد وحدة الإمبراطورية في السياسة والدين والقانون .
(8) تم افتتاح الكنيسة في 27 / 6/ 537 م .
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 82

كروية السبب الرئيس لهذا التأخير حيث كانت تعد معجزة العصر آنذاك ، وفي عام 65 ق هـ ( 562 م ) كلف المهندس الشاب إيزيدوراس (1) بتصليح بناء الكنيسة التي تهدم جزء منها في زلازل متعاقبة فقام برفع القبة بمقدار 25 ، 6 متراً ، وتعتبر هذه القبة لحد الآن من أفخم القبب حيث ترتفع عن سطح الأرض 55 متراً ويبلغ قطرها 31 متراً ، وفي 19 / 11 / 746 هـ دمر الزلزال النصف الشرقي من القبة فعمدوا إلى ترميمها .
ولما فتح المسلمون قسطنطينية ( إستامبول ) حولها السلطان محمد الثاني العثماني (2) عام 857 هـ ( 1453 م) إلى مسجد جامع ، وقد أضاف إليه مئذنة ومدرسة ثم أضاف خلفه السلطان بايزيد الثاني(3) مئذنة أخرى ، وبعد علمنة النظام في تركيا على يد مصطفى كمال أتاتورك(4) عام 1342 هـ حول المسجد إلى متحف أثري ، وبالنتيجة يعد البناء من أروع نماذج الفن المعماري البيزنطي .

(1) إيزيدوراس : مهندس بيزنطي أخذ الفن المعماري عن عمه ايزيدوراس الكبير .
(2) محمد الثاني ( الفاتح ) : هو ابن مراد الثاني بن محمد الاول ، سابع سلاطين العثمانيين ولد عام 833 هـ وحكم بعد ابيه عام 855 هـ ، فتح الفسطنطينية عام 857 هـ وتوفي عام 886 هـ .
(3) بايزيد الثاني : هو ابن محمد الثاني ، بن مراد الثاني ثامن سلاطين العثمانيين حكم بعد أبيه عام 886 هـ وتوفي عام 918 هـ .
(4) آتاتورك : هو مصطفى كمال ( 1299 ـ 1357 هـ ) قائد تركي ولد في سالو نيك ، مؤسس الجمهورية التركية وأول رئيس لها عام 1342 هـ .
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 83



كنيسةمسجدمتحف ايا صوفيا - اسطنبول - تركيا

دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 84

وهناك عدة تفسيرات حول اتخاذ القباب على المعابد الدينية ذكرها البعض (1) ولكن أغلبها غير واقعية .
هذا وذكر الولي : أن أول قبة بنيت في الإسلام هي قبة مسجد الصخرة المشرفة في بيت المقدس التي بناها عبد الملك بن مروان الأموي عام 72 هـ بغرض منافسة عبد الله بن الزبير حيث اتخذ الأخير من مكة مقراً دينياً وسياسياً مستغلاً تدفق الحجاج إليها للدعوة إلى نفسه وأخذ البيعة منهم فأراد عبد الملك صرف أنظار المسلمين عن مكة باتجاه بيت المقدس لذلك بالغ في بناء مسجد الصخرة عمارة وفخامة وسعة(2).
ولكن المؤرخين يذكرون أن إبراهيم بن مالك الأشتر (3) قائد قوات المختار بن أبي عبيدة الثقفي (4) وبعد تولي الأخير الكوفة عام 66 هـ بنى على مرقد الأمام الحسين عليه السلام قبة من الجص والآجر (5) بعدما وضع بنو أسد على قبره الشريف سقيفة عام 61 هـ (6) .
ولعل المختار وابن الاشتر أخذوا فكرة القبة من بناء المدائن (7) أو

(1) راجع المساجد في الإسلام : 275 .
(2) المساجد في الإسلام : 277 .
(3) إبراهيم الأشتر : هو إبراهيم بن مالك الأشتر بن الحارث النخعي المستشهد عام 71 هـ ، تولى ولاية الموصل والجزيرة وخاض معركة ضد الجيش الأموي عرفت بمعركة خازر فتمكن من قتل جملة من وجوه وقادة الجيش الأموي وعلى رأسهم عبيد الله بن زياد .
(4) المختار الثقفي : أبو إسحاق بن أبي عبيدة الثقفي ، ثار في الكوفة ضد الأمويين طلباً بثأر الحسين عليه السلام وتتبع قتلة الحسين عليه السلام فقتلهم وذلك في شعبان سنة خمس وستين هجرية ، قتل في حربه مع مصعب بن الزبير في 14 رمضان عام 67 هـ .
(5) تاريخچه كربلاء : 56 عن تاريخ مدينة الحسين عليه السلام : 1/ 20.
(6) تاريخچه كربلاء : 56 ، وراجع هذا الباب ، فصل المرقد الحسيني .
(7) المدائن : اسم أطلق في العصور الوسطى على سبعة مدن تقع على مسافة 30 كم جنوبي بغداد واقعة على جانبي دجلة ، وفيها مرقد سلمان المحمدي ( الفارسي ) كما فيها طاق كسرى المعروف .
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 85

الحيرة (1) حيث كان بها قصر المناذرة (2)أو ربما من منطقة بابل لأن فيها آثار وبقايا البابليين (3).
ونقل السمهودي في كتابه وفاء الوفا أن رجلاً من الأنصار بنى قبة لنفسه في المدينة فاستنكر عليه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ذلك فهدمها إرضاء للرسول صلى الله عليه وآله وسلم فقال عندها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : « إن كل بناء وبال على صاحبه إلا مالا » أي ما لا بد منه (4).
ولو صح هذا الخبر لدلنا على أن المسلمين كانوا قد تعرفوا على القباب منذ عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وذلك لسفرهم واحتكاكهم بالحضارات في الشام واليمن حيث رأوا الفنون المعمارية لملوك الغساسنة (5)في الشام ، وملوك حمير (6)باليمن بل وغيرها من الحضارات التي كانت تستخدم القبة في عمارتها وبنائها .
ومما سلف يتبين عدم صحة ما ذكره المستشرق كوهنل (7)بقوله : « كان

(1) الحيرة : اطلال عاصمة المناذرة أللخميين ، تقع الى الجنوب من مدينة النجف ـ العراق .
(2) المناذرة : دولة عربية عاصمتها الحيرة جنوب غرب العراق ، وإنما أطلق عليها هذا الاسم نسبة إلى خمس من ملوكها سموا بالمنذر آخرهم المنذر الخامس حكم ما بين (7ـ 11 هـ ) .
(3) البابليون : سبع سلالات حكمت من بابل ، عرفت بالبابليين ، امتد حكمها من عام 2530 ق. هـ ( 1830 ق. م ) وحتى عام 1289 ق. هـ ( 627 ق. م ) بلغ عدد ملوك السلالات التسع 106 ملكاً ، أول ملوك السلالة الأولى هو الملك سموآبو وآخر ملوك السلالة التاسعة هو الملك كندلانو .
(4) المساجد في الإسلام : 276 عن وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى : 4368 .
(5) الغساسنة ، أو آل جفنة : سلالة عربية يمنية الأصل هجرت بلادها عند انهدام سد مأرب في القرن 4 ق . هـ ( الثالث الميلادي ) استوطنت بلاد الشام وشرقي الأردن وفلسطين ولبنان ، اعتنقوا المسيحية المونوفيزية وعملوا في الجيش البيزنطي ، كانوا في حرب دائمة مع دولة المناذرة اللخميين .
(6) ملوك حمير : سلالة حكمت من اليمن قبل الاسلام ، اسست اكبر دولة عربية حضارية ، ومن اشهر ملوكهم شداد ، ذو القرنين وبلقيس ، بلغ عدد ملوكهم 36 ملكاً .
(7) كوهنل : هو ارنست كوهنل ( Ernst kuhel) مستشرق ألماني معاصر له كتاب الفن الاسلامي ألفه بالالمانية عام 1963 م ( 1383 هـ ) وترجم الى الانكليزية والعربية .
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 86

الضريح في مقدمة ما دخل مع السلجوقيين في آسيا الامامية كبناء مقدس إلى جانب الجامع وكان على صورتين ، قبر على شكل برج وقبر على شكل قبة ، كما عرفت الأضرحة ذات القباب من غرب تركستان عن طريق المماليك » (1). وعلى كل حال فإن أتباع أهل البيت عليهم السلام كان لهم الدور الأول في بناء القبة وتطوير ها في الإسلام وبالأخص على الأضرحة المقدسة .
وهنالك العديد من المساجد والمراقد بنيت عليها أكثر من قبة كماهو الحال في المآذن ، ففي استامبول قد تجد على بعض المساجد ست مآذن ، وفي الكاظمية وعلى مرقد الكاظميين توجد أربع مآذن كبيرة بغض النظر عن المآذن الصغيرة فكل مأذنتين اثنتين تدل على إمام حيث مرقد الإماميين موسى ابن جعفر الكاظم عليه السلام ومحمد بن علي الجواد عليه السلام ، كما ان على مرقد أولاد مسلم بن عقيل بن أبي طالب (2) ، وأما في كربلاء فهنالك قبة واحدة على مرقد الإمام الحسين عليه السلام وأخرى على مرقد أخيه أبي الفضل العباس عليه السلام وتبعد إحداهما عن الأخرى بنحو ثلاثمائة وخمسين متراً .
وطراز القباب الإسلامية الموجودة في العالم الإسلامي على أشكال هندسية مختلفة كالتالي :
1ـ القبة الكروية ( مشطور الكرة) .
2ـ القبة البيضاوية .
3ـ القبة المخروطية .
4ـ القبة المضلعة .

(1) المماليك : هم سلالتان : البحريون والبرجيون ، عبيد أتراك وشراكسة ومغول جندهم الأيوبيون في الخدمة العسكرية ، تمكن بعضهم من الوصول إلى حكم مصر وفرض بعض سلاطينهم سيطرته على سورية وأجزاء من آسيا الصغرى ، حاربوا المغول والصليبيين ، قضى عليهم محمد علي باشا في مذبحة القلعة عام 1226 هـ ، تركوا آثاراً عمرانية هامة ، أشهر ملوكهم بيبرس ، قلاوون ، برقوق ، وآخرهم طومان باي الذي أعدمه السطان سليم العثماني .
(2) راجع فصل مرقد أولاد مسلم من هذا الباب .
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 87

5ـ القبة البصلية .
6 ـ القبة الشلجمية .
7ـ القبة ذو القطاع المتكافئ .
إلى غيرها من أشكال .
وحصل هذا التنوع والتصنيف نتيجة للتطور الحاصل في مختلف بقاع العالم الإسلامي ، وتنوع العمارة والهندسية فيه وتفتح ذهنية المهندسين المسلمين وتفننها نتيجة اندماجهم مع الحضارات التي سبقتهم ، واختصت كل منطقة بطراز محدد للقباب حسب إنتماءاتها السياسية وموقعها الحضاري وبيئتها الجغرافية ، وقد اتخذ إبراهيم الأشتر على ما يبدو القبة الكروية أي مشطور الكرة وتبعه في ذلك سلاطين الفرس الذين شيدوا القباب على أضرحة أئمة أهل البيت عليهم السلام وبقيت كذلك سنة متبعة وطريقة للبناء إلى يومنا هذا .
ولا يخفى أن هذا النوع من الطراز المعماري هو السائد في أغلب العصور الإسلامية وفي أغلب المناطق وذلك لخلوها من التعقيدات الهندسية (1).

(1) في كثير من القباب الإسلامية توجد علامة الهلال فوق القبة ، وقد أخذ هذا الرمز من شعار الدولة العثمانية حيث كانت قد بسطت سيادتها على أكثر البلاد الإسلامية ، وذكر أن العثمانيين استعاروا هذا الشعار من غيرهم ووضعوه على أعلامهم في قصة طريقة ذكرها الشيخ الولي في كتابه المساجد في الإسلام : 280 .
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 88




دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 89

نماذج من القبب

1ـ القبة الكروية
2ـ القبة البيضاوية
3ـ القبة المخروطية
4ـ القبة المضلعة
5ـ القبة البصلية
6ـ القبة الشلجمية
7ـ القبة ذو القطاع المتكافي
8ـ سائر أنواع القبب


دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 90




دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 91


قبة مسجد قبة الصخرة - القدس - فلسطين


قبة مسجد السلمانية - اسطنبول - تركيا

دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 92


قبة مسجد ابن طولون - القاهرة - مصر


قبة مسجد زاوية عمورة - جنزور - ليبيا

دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 93


قبة مسجد السلطان - سنغافورة


قبة البركة - مسجد ابن طولون - القاهرة - مصر

دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 94


قبة مسجد السلطان قاتباي - القاهرة - مصر


قبة مرقد السلطان برقوق - القاهرة - مصر

دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 95


قبة مسجد محمد احمد ( المهدي ) - ام درمان - السودان


قبة مرقد رادكان - خراسان - ايران

دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 96


قبة مسجد دانيال - شوش - ايران


قبة مرقد عمر السهرودي - بغداد - العراق

دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 97


قبة مرقد الشريف عبد الرحمان الحسيني - الموصل - العراق


قبة مرقد الشريف عبد الله الحسيني - دماوند - ايران

السابق السابق الفهرس التالي التالي