تربية الطفل دينيا واخلاقيا 340

يجب معرفة الدين الذي نرتضيه . فنقوم بتربية ابنائنا على اساس الدين الذي نعتنقه ونجزم بشرعيته .
وعلى هذا الاساس ، من الضروري أن نعرف ماهو الاسلام ؟ ماذا يقول ؟ وما هي القيم التي يدعو اليها ؟
ففي رأينا ـ نحن المؤمنين ـ ان الحسن هو ما يعتبره الدين حسناً ، وبالعكس ، فالقبيح هو ما يقول الدين بقبحه ، وعلى هذا ، فلا علاقة لنا بما يقوله الناس ، لاننا نعترف بأن الله تعالى يعرف صلاح كل امر وقد ابدى رأيه فيه . فالذي يدعي انه يريد الخير اكثر من الباري تعالى ، يقول هراء . وكذا كل من يدعي بانه اكثر اطلاعاً على اسرارنا وخفايانا وحاجاتنا من الله ، فكلامه لغو وباطل .
فيجب فهم القيم عن طريق قوانين الشرع . ويجب ازالة الحجب عن ما يبدو للعيان غامضاً ، والسعي لمعرفة المعايير من خلال كشف ومعرفة القيم وادخالها الى حيز التنفيذ .

  • على طريق بناء القيم :

  • وفي الحقيقة ان هذا يرتبط بكون القيم ايجابية ام سلبية اذ اننا نسلك طرقاً مختلفة لبنائها . ونذكر اولاً ان القيم التي نعتبرها ايجابية هي التي تحظى بالتاييد والثناء . والقيم السلبية هي التي تجابه بالذم . اما في طريق تكوينها وبنائها فنحاول ابداء التشجيع والاستحسان امام الطفل لكل ما يستحق المدح والثناء او تطبيقها علمياً ، وتحفيزه على مراعاتها ودفعه للقيام بالعمل الفلاني . وبالطبع نعمد في الادوار الاولى من الحياة بان نقول : ان اباك يحب

    تربية الطفل دينيا واخلاقيا 341

    هذا العمل ، وان امك ترغب في ان تنجز لها هذا العمل . ويمكن بعدها نسبة هذا الحب الى الله ، والقول بأن الله يحب ان تعمل كذا وكذا .
    ويتخذ نفس الاجراء باسلوب الذم بخصوص القيم السلبية التي نستهدف ازالتها . وبالامكان استخدام اسلوب الايحاء بالكلام له ليكف عن هذا العمل أو ذاك ، كأن نقول له : ان اباك لايحب ان تقوم بكذا وكذا، ثم نستطيع القول في المراحل الاخرى ان الله لايحب هذا العمل .
    ويمكن الاستعانة ببعض الأساليب كالتشجيع والثناء في سبيل بناء القيم ، اذ بالامكان تحفيز المرء على اداء العمل المطلوب من خلال كلمة احسنت أو مرحبا ، او الاعراض عنه للدلالة على النفور من عمل ما ، وإشعاره بأن لا يقوم بهذا العمل .
    ويمكن الاستفادة من القصص في هذا السبيل ، لان الاطفال يميلون اليها ويرغبون في معرفة النتائج التي تتمخض عنها ، اي أننا قادرون على صياغة نتائج القيم الايجابية في قالب قصصي ، وابراز قبح القيم السلبية بنفس ذلك الاطار أيضاً.

  • سبل انتقال القيم :

  • يمكن اتخاذ سبل متعددة ومناهج مختلفة لايصال ونقل القيم الى الجيل الجديد ، واهمها :
    1ـ احياء الفطرة :


    تشير التعابير القرآنية الى ان المفاهيم الاساسية والمطلقة ، حسنها وقبيحها ، كامنة في داخل الانسان ، وتأتي معه الى الدنيا اثناء الولادة ، وان

    تربية الطفل دينيا واخلاقيا 342

    فطرة الانسان فطرة الهية قائمة على معرفة الله ، وبقدر ما نبذل من جهد في ارشاد وتعليم الاشخاص ، فاننا نعرفهم بالحقائق والقيم ونزرع بذورها في قلوبهم . فالطفل سريع التعرف على كل ماهو حقيقي وقيم ، ويجب ان يتعلم كل ما يتعارض والقيم عن طريق التعليم والمشاهدة .
    فباطن العقل عارف بكل ما ينطوي على الخير والصلاح ، بينما يتعلم الفساد تدريجياً ، وهو أمين بطبعه ، ويتعلم الخيانة والكذب فيما بعد .
    وعلى هذا الاساس ، فبالقدر الذي نسيطر فيه على الطفل منذ صغر سنه ـ بحيث لا ندعه يشاهد أو يسمع الا ماهو حسن وصادق ـ فاننا نقوم بعملية نقل القيم الايجابية اليه وترسيخها فيه كذلك .
    2ـ التعليم المباشر :


    حيث نحاول فيه من خلال الامر والنهي والنظرية والبيان ان ننقل القيم الى الاطفال والشبان . و بالطبع فان بلوغ هذا الهدف يحتاج الى توفر الظروف والامكانيات والاوضاع والمجالات التي لا تتوفر ببساطة .
    فمن المعروف ان الانسان يبدي موقفاً معيناً ازاء كل ما يعرض له ، وتزداد امثال هذه المواقف في سنوات معينة من العمر .
    الا ان هذا النهج يصبح اقل تاثيراً في مراحل الحياة التالية ، اي في مرحلة المراهقة والشباب ، وذلك لامتلاكهم لتصورات تحول دون تقبل آراء الآخرين واوامرهم ونواهيههم . فالمراهقون والشباب يمتلكون قوة وقدرة وهم مغرورون بقدرتهم ويريدون ان يروا الى اين ستنتهي بهم ردود الفعل ازاء المواقف المتصلبة .

    تربية الطفل دينيا واخلاقيا 343

    ومن جانب آخر ، فان المراهقين والشباب بل وحتى الكبار يعتبرون امرنا ونهينا المباشر لهم نوعاً من الاستهانة بهم .
    فمن الطبيعي ان يبدون ازاءه التصلب والعناد ، وهذا ما ينطوي على مضاعفات في الكثير من الحالات ، وهذا يعني عدم جدواها ؛ بل قد تصحبها اضرار وخيمة ايضاً .
    3ـ التعليم غير المباشر :


    ويبدو أنه اسلوب ومنهج جيد لنقل القيم . فالمربون يستطيعون ان يحققوا طموحاتهم من خلال المباشرة ، والحديث ، وتوجيه الأبناء لدراسة الكتب والقصص والامثال المفيدة .
    ان المربين الاذكياء والفطنين يحاولون توفير الظروف والامكانيات التي تجعل ابناءنا يندفعون تلقائياً نحو قراءة الكتب والمقالات والقصص والأشعار ، ويقومون بأنفسهم بتحليل الأمور والاستنتاج . وفي مثل هذه الحالة سيكون تقبل القيم ايسر ويتضاعف اطلاعهم على الحقائق .
    ان التعليم غير المباشر مفيد لعدم اصطحابه بالضغظ والاكراه كما هو الحال في التعليم المباشر الذي يحتم وقوف الشخص المراد تربيته امام المربي . اذ يبدي الأول مقاومة وعناداً .
    لقد أثبتت الدراسات ان الذين يتعرضون للضغوط في البداية سيتخذون فيما بعد مواقف عدائية ضد المجتمع ، ولا يرفضون قيمه فقط ، بل وينكرونها ويقفون ضدها ايضاً . فليس هنالك من جاذبة تحفزهم لتقبل التعاليم والعمل بها . ولو أكرهوا عليها فانهم سيصابون بالاضطرابات

    تربية الطفل دينيا واخلاقيا 344

    والاختلافات النفسية .
    4ـ تقديم القدوة الصالحة :


    ويعتبر تعليما مباشراً من جانب وغير مباشر من جانب آخر ، وهو افضل منهج لنقل القيم وموضع اهتمام من قبل اولياء الدين ، فيجب تعلم القيم من خلال العمل كي يتم فهم سبلها وما فيها من السنن ، وكذا من أجل التعرف على خصائصها ومشاهدة جوانبها وأبعادها المختلفة .
    وهذا الأمر يمكن القيام به لجميع أدوار العمر سيما وان الأطفال لا يفهمون القيم في بداية الحياة ، ومن جانب آخر ، فإن وضعهم الفكري والعقلي لا يتيح لهم تعلم جميع المسائل دفعة واحدة . فمن خلال تقديم النموذج والقدوة ، يتعرف الطفل على القيم تدريجياً ، ويترسخ لديه كل ما تعلمه .
    فمن اجل بلوغ هذا الهدف من الضروري توفير الظروف والامكانات بحيث يشاهد الطفل مجموعة كاملة من القيم التي تتجسد في سلوك الوالدين والمربين ، فيتعرف الطفل على مفهوم الصدق ، والامانة ، والتواضع ، وحسن السلوك ، والتعاون ، واعانة الآخرين ، والتضحية ، والايثار ، و ... الخ .
    ومن الضروري ذكر هذه النقطة وهي ان الاطفال يراقبون اعمال الكبار ، فمن خلال مشاهدة سلوكهم يتعلمون ما يجب ان يعملوه ، وما يجب ان يتركوه ، فكل عمل يعتبر درساً بالنسبة لهم ، فقد يكون درساً ايجابياً وبناء ، وقد يكون درساً مدمراً وهداماً .

    تربية الطفل دينيا واخلاقيا 345

  • مواقف المربين :

  • ان ما يجب ان يتخذه المربون من مواقف ازاء القيم ؛ والأمور والجوانب التي يجب ان ينقلوها الى الطفل بحاجة الى بحث مفصل وشامل . واما ما يمكن طرحه في هذه العجالة فهو ما يجب اتخاذه في المجالات التالية والتي قد تكون ذات آثار ايجابية :
    1ـ في الجانب الثقافي :


    ويجب في هذا الجانب الاهتمام بعالم الخلق وقيمته ، والتأكيد على حقيقة ان العالم لم يخلق عبثاً ولا اعتباطاً ، مع تبيان أهمية الانسان ومقامه وقيمته ومكانته وشأنه باعتباره جزءاً صغيراً من هذا العالم الكبير ، فهم يتصورون احياناً انهم خلقوا عبثاً ، سيما اذا تسرب اليأس الى نفوسهم لسبب او لآخر . فلا يرون مخرجاً سوى الانتحار .
    فمن الضروري ان يفهموا مكانتهم وموقعهم وماهو الموقف الذي يجب عليهم اتخاذه ، وما هي موجبات كمالهم ، والاهمية التي تحظى بها سمة الكمال ، وكيف يستفاد من استعدادهم الفطري وامكاناتهم الذاتية والطبيعية ، فيجب ان يعرف هؤلاء هل ان الطفل يولد مفطوراً على الصلاح ام على الخبث ؟ وهل يأتي إلى الدنيا بريئاً ام مذنباً ؟
    انهم بحاجة الى التمسك بهدف معين في الحياة مع ضرورة اتضاح الهدف المنشور بالنسبة لهم ، ولماذا يجب ان تزول شكوكهم في مجال تحمل المسؤولية . ومن الضروري ايضاً ان يتعرفوا على الهدف الذي

    تربية الطفل دينيا واخلاقيا 346

    يعملون من أجله ؛ وهذا مايستلزم تحديد قيمة الفن وأطره ، وقيمة الاعراف والتقاليد ، والعلم والفكر والفلسفة ، والامثال والحكم ، والاستعارات البلاغية .
    ولابد ايضاً من تبيان قيمة طلب العلم ، وهل ان غاية املهم هو الحصول على وثيقة التخرج ام ان هناك امرا آخر ؟ وذلك يعني ضرورة اطلاعهم على القيمة التي يهدفون اليها في مجال العلم والسبب الكامن وراء ذلك ، وما هي قيمة الوعي في رأيهم ، وما هي الفلسفة التي يتوخونها في هذا المجال ، ولماذا ؟؟
    2ـ في الجانب الاجتماعي :


    يجب ان يتضح في هذا المجال قيمة وثمن الحياة الاجتماعية ، وما مدى العلاقات او الضوابط التي تقوم على اساسها ؟ وما هي حدود الاواصر التي تربطهم مع مختلف الشرائح الاجتماعية ، ابتداء من الوالدين والاخوة والاخوات ، والاصدقاء والاقارب والمعارف والزملاء ، والاخوة في الدين ، ومن اتباع الديانات الاخرى ، والاصدقاء في البلدان الاجنبية ، والاعداء الاجانب ، وماهي القيم والحدود المطلوب مراعاتها في هذا المضمار ؟
    اما في مجال الحياة الاجتماعية فيجب تحديد مفاهيم الصداقة والعداء ، والتضحية والجهاد في سبيل الله ، والامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ومكافحة الفساد ،والتقوى الاجتماعية ، وحسن الخلق ، وماهي الشروط والضوابط التي يجب ان تقوم على اساسها روابط الصداقة والعداوة ، وما هي درجة كل منها استناداً الى كلام الدين ؟
    كما ان المربي مكلف بأن يوضح قيمة العلاقات العامة والخاصة ،

    تربية الطفل دينيا واخلاقيا 347

    والموقف الذي يجب اتخاذه ازاء كل منها ، ماهي حياة الانطواء وما فيها من قيم سلبية ؟ وما هي قيمة الحياة الاجتماعية التي يحياها الصالحون والخيرون ؟ وما هي قيمتها مع الاشرار والفاسقين ؟
    فالامور التي ذكرناها هي امور مهمة ، ولابد من نقلها الى الجيل الناشئ .
    3ـ في الجانب الاقتصادي :


    يجب ان تتضح قيمة العمل وكيفيته ، ومكانه ، ومجالاته ، وظروفه ، ومقداره ، وهدفه ، ونتيجته .
    يجب افهام الطالب سواء كان طفلاً او صبياً او شاباً : ماهو المشروع وما هو غير المشروع ؟ يجب ان يعرف القيمة الايجابية والسلبية للمال ، وهل ان كسبه غاية ام وسيلة ؟ وما هو الهدف من كسبه وفي اي طريق يجب ان يبذل وماهي الضوابط ؟ وما هو التوزيع الذي يبني القيم ؟ وما نوع الانفاق المشتمل على شيء من القيم والفضائل .
    عليكم ان تفكروا بشأن الطعام ، وهل ان الغرض منه هو سد الجوع ام التقوي على انجاز الاعمال ام التلذذ ؟ وما هي قيمة الطعام ؟ لماذا يجب تناول الطعام وكيف ؟ ما هي الموانع من كونه هدفاً ؟ وما هي الفوائد من كونه وسيلة ؟ وما هي قيمة الاسراف ؟ وماهو الإقتار ؟ كيف تتم مراعاة الاعتدال؟ وماهي اهمية مبدأ من أين لك هذا ؟ والى اين انت ذاهب به ؟ وماهي نظرتنا ازاء الدخل ، الكسب ، والانفاق والصدقات ، والخمس ،والزكاة ، والإيثار ، والعطاء ، والهبة و ... ؟

    تربية الطفل دينيا واخلاقيا 348

    4ـ في الجانب السياسي :


    ففي هذا الجانب يجب ان يتجلى موقف المربي بخصوص مسألة الحرية وحدودها وانواعها من ناحية الاطلاق والتقييد مشروطة او غير مشروطة ، كما يجب ان يتضح استخدام الحرية وتطبيقها ومعرفة الشروط والاسس التي يجب ان تمارس في ظلها .
    ومن ناحية القوانين والمقررات فيجب ان تعرف اهميتها وماهو القانون الجيد ؟ ولماذا يجب اتباعه ؟ وماهو القانون الذي تجب مواجهته ، ولماذا ؟ ما هي قيمة التحزب ؟ وما هو الحزب او الجماعة التي تمتلك القيمة والاعتبار؟ ولماذا ؟ اين تكمن قيمة العلاقات الداخلية ؟وما هو شكل العلاقات الخارجية ؟ ماهو الموقف الذي يجب ان نتخذه تجاه الاصدقاء الاجانب ؟ وماهو الموقف الذي يجب اتخاذه ازاء الاعداء الأجانب ؟ ما هي قيمة البشرية ؟ ماهي قيمة السلم ؟ وماهي قيمة الحرب والجهاد والدفاع ؟ ماهي القيمة التي نوليها للجهاد الدفاعي ؟ وما هي القيمة التي نوليها لجهاد التحرير ؟ ماهو موقفنا ازاء الثورات ؟ ماالذي يجب عمله عند تدخل القوى المتجبرة ؟ ما هي قيمة الحكومة ؟ مانوع السلطة ؟
    ماهي قيمة المداراة ؟ وما هي مواردها ؟ ما هو موقفنا حيال المساومة ؟ وما نوعها ؟ ومع من ؟ وتحت اية ظروف ؟
    ماهي قيمة العدالة ؟ وما هي سلبيات الظلم ؟ العدالة مع من ؟ والظلم لمن ؟ .

    تربية الطفل دينيا واخلاقيا 349

    5ـ في الجانب المعنوي :


    يرى ديننا ان الانسان قدمه على الارض ورأسه في السماء ، فهو موجود نصفه مادي ونصفه الآخر الهي ، وهو ينطوي على نفحة من الباري عزوجل ، ونفحة من الأزل نرى آثارها في نزوعه الى البحث عن المطلق ، فهو مفطور على معرفة الله ويسعى الى الارتباط به .
    فالمهم في التربية هو ان نشخص قيمة الارتباط بالله للاجيال وان نجعل ارتباطهم بالله مباشراً بنحو يعرفون كيف يجب ان يكونوا امامه ، وبأية صورة يعرضون عليه شؤونهم ومشكلاتهم .
    ومن الضروري بالنسبة لهم معرفة قيمة دينهم وان يفهموا قيمته الاقناعية ويدركوا ثمن المعنويات والعبودية لله تعالى ؛ فحياتهم مقرونة بالازمات على الدوام ، سواء المفتعلة منها ام العفوية ؛ وذلك ما يدفعهم الى التوسل جيداً . فعلى الجيل الصاعد ان يفهم قيمة الحق ويدرك النتائج السلبية للباطل ، ويعرف قيمة الشرف والعدالة ، والامانة ، والصدق ، و يدرك ثمن التكامل المعنوي ويؤمن به . من الضروري ان يدرك هؤلاء ان الدين ما هو الا ناصر ومعين ، ولا مفر لهم من اكتساب القيم المعنوية وغرسها في أنفسهم ، وتكريس جذورها في اعماق قلوبهم ، لانها تنمو وتينع وتمنحهم القيم التي يصبون اليها .
    ان افتقاد الحياة للقيم المعنوية يجعل منها كسفينة خالية من ربانها ، لا

    تربية الطفل دينيا واخلاقيا 350

    سبيل لها للوصول الى ساحل الأمان ، فيجب عليهم ان يدركوا هذا الأمر .
    ومن الضروري بالنسبة لهم ان يدركوا قيمة العبادة وكيفيتها ، ويفهموا لذة الارتباط بالله ومناجاته ، ليعوضوا بذلك عما لديهم من نواقص وسلبيات .

  • تحذير للوالدين والمربين :

  • من الضرورات الاساسية في عمل المربين وجود نوع من التنسيق والتعاون بين جميع القطاعات المهمة بنقل القيم والفضائل إلى الأطفال ، وتجنب اي اختلاف وتعارض ، وان لا يكرهوا الابناء على الاستسلام الأعمى للآراء والافكار وان يكون تصرفهم منطقياً اذا ماعرض أي سؤال في أي مجال من المجالات ؛ والا فكل قبول ثم بلا تأمل ولا روية يكون في مرحلة البلوغ والشباب موضعاً للتساؤل والتشكيك كما يعتبر من الضروري ازالة العقبات عن طرق استجابتهم للقيم المطلوبة ، ومراقبة الآراء التي يبديها الآخرون امام الطفل .
    كما ومن المتعين وضع منهج وقيود بخصوص ارتياد المحافل ، وقراءة الصحف والمجالات والكتب والنشرات .
    والنقطة الاخيرة والمهمة هي أن يجسد الوالدان والمربون في شخصياتهم كل القيم الدينية التي يرومون ان يترعرع ابناؤهم وفقاً لها ، لأن ما يراه الطفل اكثر تأثيراً مما يسمعه .

    تربية الطفل دينيا واخلاقيا 351



    - 10 -

    مسألة الكذب في الأطفال



    تربية الطفل دينيا واخلاقيا 352




    تربية الطفل دينيا واخلاقيا 353

    10 ـ مسألة الكذب في الأطفال

  • مقدمة :

  • مسألة كذب الأطفال هي واحدة من المسائل التربوية الهامة بالنسبة للاطفال والعوائل . وهي مسألة تعاني منها أغلب العوائل لافي صغر سن الطفل بل في فترة سن التمييز . فاعمال الطفل حتى وان امتزجت بالكذب في الأيام الاولى من حياته فهي محبوبة عند الأبوين ، الا ان نفس هذا الجانب سيكون صعباً على الوالدين تقويمه في المستقبل .
    ومن الملفت للإنتباه ان أسس هذه الخصلة القبيحة تترسخ منذ أيام الطفولة . فالاسباب الاجتماعية او حتى الدوافع الغريزية قد تلجيء الطفل الى الكذب والتحايل فيقابل من الوالدين بالتشجيع والضحك والاستحسان غير ملتفتين الى ان هذا الموقف هو الذي يؤدي الى تنامي واستفحال مثل هذه العادة المنبوذة ، فتنعكس نتائجها الوخيمة على الأبوين والمربين بالأذى والإرهاق .
    نحاول في بحثنا هذا التحدث عن هذه الظاهرة واسبابها ودوافعها وطرق مكافحتها ، وتقديم الارشادات اللازمة للوالدين والمربين في هذا المجال . ولكن يبدو من الضروري أولاً وقبل كل شيء تبيان الصورة العامة لهذه الظاهرة .

    تربية الطفل دينيا واخلاقيا 354

  • تعريف الكذب :

  • الكذب هو الكلام الذي لا يتطابق مع الحقيقة والواقع ، او هو عدم وجود رابطة او علاقة صحيحة بين ما يقوله الشخص وماهو موجود في الواقع الخارجي .
    فعمل الكاذب هو تحريف الحقيقة عن وعي والتفوه بما لا وجود له في العالم الخارجي ، وطبعاً لا يصدق هذا على الاطفال في كل الظروف ، وذلك لأننا سنرى في ما بعد بأن الكثير من صغار السن او الاطفال المميزين لا يفرقون أحياناً بين الحقيقة والخيال فيقولون اموراً نعتبرها من وجهة نظرنا كذباً .
    غالباً مايقترن كذب الاطفال المميزين بوجود الأرضية المناسبة والتدابير المدروسة وتمتاز بوجود الخطط والحسابات التي يستغلها الطفل في سبيل بلوغ الهدف الذي يبتغيه.

  • صور الكذب :

  • للكذب صور متعددة . فهو احياناً يتخذ طابع تحريف الحقيقة او قلبها في احيان أخرى ، ويتفوه بعض الاطفال باشياء لا وجود لها في الواقع ويتحدثون احياناً عن مسألة لهم يد فيها و كأنهم بعيدون عنها كل البعد .
    وقد يكون الكذب ذا طابع اعتباطي في بعض الحالات ، صحيح انه يتحدث عن أمر واقع الا انه يبالغ كثيراً في تصويره ، وكما يقال انه يصنع من

    تربية الطفل دينيا واخلاقيا 355

    الحبة قبة . وقد تكون القضية على العكس تماماً في حالات أخرى ، كأن يكون قد تسبب في حصول أمر خطير او حادثة كبيرة الا انه يصورها وكأنها قضية بمنتهى الصغر والتفاهة وذلك من اجل التخلص من عواقبها او العقوبات المترتبة عليها .
    يقوم الكذب احياناً على اساس بيان قضية ما ، او قد يكون احياناً بصورة الصمت عنها ، كأن يدور الحديث بين شخصين عن المواصفات الحميدة التي يمتاز بها الطفل الفلاني وهي غير موجودة فيه حقيقة ، فان السكون ازاء امثال هذا الكلام والانصات اليه يعد بذاته نوعاً من الكذب .

  • الغاية من الكذب :

  • ولكن ماهي الاهداف والغايات التي يتوخاها الطفل او الشاب او حتى الكبير من الكذب ، يمكن القول بوجود اهداف متعددة ومختلفة فيما يتعلق بالجوانب القائمة على الوعي والادراك .
    يهدف الكذب عادة الى تضليل المقابل او تعتيم الأمر عليه لغرض الوصول في ظل ذلك الى الغاية المنشودة. فالكاذب يرمي الى إغفال الآخرين وخداعهم لكي لا يفهموا حقيقة ما يجري وليبقى الطريق مفتوحاً امامه لبلوغ مآربه.
    وقد يكون هذا الهدف او الاهداف متعددة و متنوعة ، من جملتها النجاة من العقوبة ، والحصول على المنافع المنشودة وجلب أنظار واهتمام الناس الآخرين الذين لهم دور في حياته وسعادته فقد ينجح الانسان احياناً بواسطة الكذب من خداع شخص قادر على جلب الخير والسعادة له بشكل او آخر ،

    تربية الطفل دينيا واخلاقيا 356

    ودفعه الى التصديق به ومسايرته نحو تحقيق اهدافه .

  • الكذب دلالة على ماذا ؟

  • ان الكذب سواء عند الصغير ام عند الكبير ينم عن وجود حالة من الاضطراب وعدم الاستقرار الداخلي . ويدل على أن الشخص يعيش في وضع غير مستقر . وان شخصيته ومكانته عرضة للخطر ولامنجى له منه سوى بواسطة الكذب .
    فهو قد يشعر احياناً بالضعف او الحقارة ، وتظل هذه المعاناة تؤلمه فيضطر الى سلوك هذا الاسلوب أملاً في النجاة ونيل الاستقرار والإتزان ولاجل ايضاح هذه المسألة نشير الى ان الانسان يعيش في عالم معقد يصعب فيه اثبات الوجود وحيازة المكانة اللائقة ، ولا يتاح فيه للانسان نيل كل ما يبتغي ، ولاسبيل امامه لبلوغ اهدافه سوى باحدى الوسيلتين التاليتين وهما ؛ أولاً الجهد والتعب وتحمل المشاق والآلام ، وثانياً : الاساليب غير الشريفة التي تتيح له نيل غاياته بسهولة ولكن بشكل غير مشروع ؛ ومن ابرز ادواتها الكذب .
    وعلى هذا الاساس فان ضعف الانسان وعجزه عن بلوغ اهدافه هوسبب الكذب ، وانه ـ اي الكذب ـ دلالة على الشعور بالضعف .
    فمن بلغ الرشد وحاز الكمال وتغلب على مشاعر الضعف والحقارة في نفسه لن يكون بحاجة الى الكذب ، بل ان شؤون حياته تسير بأجمعها على وتيرة من الصدق والاستقامة .

    تربية الطفل دينيا واخلاقيا 357

  • اعراض الكذب على الفرد :

  • الكذب ظاهرة غير فطرية ، لذا فهو بحاجة الى التعلم وخوض التجارب المختلفة . فالطفل لا يتيسر له الكذب ببساطة ؛ لذلك يواجه اثناء الكذب مصاعب متنوعة يمكن ملاحظة اثارهاعليه بكل بساطة ، وهي آثار واعراض جمة يمكن الاشارة الى بعض منها في ما يلي : ـ
    شحوب لون الطفل ، وتسارع ضربات قلبه وجفاف فمه حتى يصعب على اللسان الدوران في الفم بسهولة ، والتلعثم في الكلام وعدم القدرة على التحدث كالمعتاد ، وتضارب اقواله التي تبدو وكأنها بلا رأس ولا اساس والتحدث باضطراب وفقدان القدرة على التحكم بالاعضاء ، والنظرات الحائرة مع ظهور آثار الخجل على محياه .
    وهذه الاعراض اكثر ما تشاهد ـ طبعاً ـ على الأشخاص الذين بدأوا الكذب حديثاً ، ثم تبدأ بالاضمحلال مع تدرجهم في الكذب وكثرة ممارستهم له حتى يبلغون درجة يكونون قادرين معها على التظاهر بالمظلومية وحتى البكاء حين الكذب ويظهر نفسه وكأنه على حق مع الادلاء باليمين الكاذبة .

  • الكذب من الوجهة الشرعية والاخلاقية :

  • نحن نعلم ان جميع المذاهب والأديان اعتبرت الكذب امراً ذميماً . وفي الشريعة الاسلامية صرح القرآن بشدة غضب الله ولعنته على الكاذبين

    تربية الطفل دينيا واخلاقيا 358

    واشارت الروايات الى عدم امكانية .
    تحقيق ايمان العبد الا بترك الكذب ، وان المفاسد قد جمعت في خزائن مفتاحها الكذب .
    قد يتعرض الإنسان نتيجة لقول الصدق لكثير من المضار ، وقد أكد الاسلام على ضرورة تحمل تلك الاضرار حفاظاً على قيمة الصدق وابتعاداً عن الدخول في عالم الزيف والتصنع . وان وردت هنالك حالات تبيح الكذب لمصلحة ما ، فيجب ان نعلم أولاً ان تلك الموارد لاتحصل على مدى حياة الانسان سوى مرتين او ثلاث مرات ، وثانياً ان لا تنطوى على قتل نفس او انتهاك عرف او كرامة شخص و ... الخ .

  • مخاطره واضراره :

  • ينطوي الكذب على مخاطر واضرار كثيرة ، يبدو اهمها من وجهة نظرنا تحويل حياة الإنسان الحقيقية الى أخرى مزيفة ومتصنعة . فمن يكذب انما يسعى في حقيقة الحال الى اخراج نفسه من عالم الواقع وادخالها في عالم الزيف والتمويه ، هذا في الحقيقة انتزاع له من صورته الشخصية وتحويله الى مجرد شيء آخر .
    الكذب يقضي على الثقة ويجعل الفرد غريباً بين افراد المجتمع ، ويزلزل الكيان الاجتماعي ويعيق حركته ويؤدي في بعض الحالات الى التناحر وسوء التفاهم وينشر بين الناس سوء الظن ويخدش الضوابط والركائز الأدبية والأخلاقية وينهي قيمة الحياة ويقضي على لذتها في ما بين افراد المجتمع .

    تربية الطفل دينيا واخلاقيا 359

    فالكذب الذي يبدر من الطفل اليوم حتى وان كان ضئيلاً بل وحتى محبوباً ، الا انه يشتمل في الواقع على خطر فادح الاوهو امكانية تحوله في ما بعد الى انسان محتال يهدد . بنقل هذا المرض الى ميدان الحياة الاجتماعية حتى يسري الى جوانب السياسة والاقتصاد في المجتمع ثم يأخذ طريقه بالتسلل الى ثقافة ذلك المجتمع وتقاليده ، ويتسع نطاقه حتى يدخل في الفن والادب والاعلام ، وهذا ما يؤثر في زعزعة اركان الحياة الاجتماعية .

  • ضرورة معالجته :

  • اننا نعتبر الكاذب انساناً مريضاً لا قرار له ، ولا يثق ببقية الناس . وهو انما يطعن ـ من خلال الكذب ـ بشخصيته وكيان المجتمع ، ويجب السعي لانقاذه من هذه الحالة واخراجه منها .
    والأمل بالاصلاح موجود وقائم ، وكلما كان اصغر سناً كان الامل بالاصلاح اكبر ، وسبب ذلك هو ان هذه الظواهر لم تتجذر بعد في شخصيته ولم تتحول لحد الآن الى عادة متاصلة . ولا زال قلبه وروحه كالعجينة بيد الوالدين والمربين بامكانهم صياغتها كيف ما شاءوا
    اما واجب المربي فهو العمل على اصلاح ومعالجة هذا النقص عن طريق التوعية وابداء المحبة له والرغبة في سعادته ، ونصحه وارشاده وخلق الثقة لديه والتأكيد له بالوقوف الى جانبه ومساعدته ، وتنبيهه الى مخاطر الكذب حتى تستقبحه نفسه ويسعى الى النجاة منه .
    ولا يجب ان ننسى بان طفل اليوم أب غداً ، وما هو الا ذكرى ومظهر

    تربية الطفل دينيا واخلاقيا 360

    لوالديه ومربيه ؛ فان فشلنا في اصلاحه فسيكون سبباً لإلحاق الضرر بالمجتمع ، والاساءة الى سمعة وكرامة والديه ومربيه .

  • تعلم الكذب :

  • يبدو من الضروري الاشارة الى هذه النقطة وهي ان اكثرية علماء الاخلاق وعلماء النفس يرون ان الكذب ظاهرة لها طابع اجتماعي وتعليمي ، وحتى ان بعض المتخصصين في هذا الحقل اشاروا الى وجود جذور غريزية للكذب اذ تتجلى ابرز صورها لدى الحيوانات عن طريق المخادعة والاستتار ، الا ان التجارب اليومية تثبت خلاف ذلك .
    اننا نرى ان الطفل يتعلم الكذب من عائلته ومجتمعه والمحيطين به . واصل خلقته مفطورة على الصدق ، والكذب حالة طارثة عليه ومكتسبة من الآخرين . فحين يحاول الكذب في الأيام الأولى يتعثر في كلامه ويعتريه القلق والاضطراب ، الا انه يتحول تدريجياً ومن التمرين والممارسة الى شخص محترف يتفنن في اساليب الكذب .
    فمن المعروف أن الطفل يمتاز بالنشاط الذهني ، وهذا ما نجعله ينسجم ويتفاعل بسرعة مع ما يرى وما يسمع من اكاذيب . وكثيراً ما تؤدي العلاقات الاجتماعية وألوان الكذب وصورة المختلفة التي يراها من هذا وذاك الى اكتسابه لهذه الخصلة واحترافها والتعود عليها . وهذا ما يعتبر بمثابة المؤشر والانذار للوالدين على ضرورة مراقبة اقوالهم وافعالهم ، وتحذير الطفل من الاصدقاء الكذابين والمجتمع الموبوء بامثال هذه الخصال الخبيثة .

    تربية الطفل دينيا واخلاقيا 361

  • اسباب الكذب ودوافعه

  • يدور الحديث في هذا الموضوع حول الاسباب التي تدفع الفرد الى الكذب ، ولماذا يكذب الصغير اوحتى الكبير . تتحدث التحقيقات العلمية والتجارب اليومية عن وجود اسباب وعوامل شتى لايتيسر البحث فيها جميعاً او الاحاطة بجميع جوانبها .
    الا انه يمكن طرح جملة من النقاط التي تعتبر بمثابة الخطوط العريضة وبالشكل التالي :
    الخوف والحسد والانتقام والحقد وحب الاستطلاع والتخيل والانانية والميول الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والمباهاة والغرور والخجل ، والضعف والعجز ، والشعور بالحقارة والرغبة في استعطاف الآخرين وجلب انظارهم ، والمبالغة ، وسعة الآمال و... الخ . وسنقوم في ما يلي بشرح عدد منها :
    1 ـ الخوف من العقوبة : وهو من الدوافع التي تضطر الطفل بل وحتى الكبير الى الكذب خوفاً من العقوبة ، وان هو صدق في قوله فلن يأمن المجازاة مما اقترف . فالطفل الذي كسر اناء ، او اصطدمت قدمه اثناء السير بمزهرية فسقطت وانكسرت ، أو أخذ نقوداً من مكان ما واشترى بها بعض المأكولات ، او انشغل باللعب ولم يؤد ما عليه من تكاليف او غير ذلك من

    تربية الطفل دينيا واخلاقيا 362

    الافعال ، يضطر الى الكذب للتملص من العقوبة والإفلات من قبضة المجازاة .
    فيلقي تبعة كسر الإناء مثلاً على عاتق شخص آخر ، ويبرر عدم ادائه لواجباته بعدم وجود المصباح او باعتلال صحته ومجيء اصدقائه لعيادته ، او مرض احد اصدقائه وانشغاله بزيارته . وتذكر التحقيقات العلمية ان 70 % من اكاذيب الاطفال تعود لهذا السبب ؛ ولو انكم وعدتموه بعدم العقوبة لقال لكم الحقيقة .
    2 ـ كثرة الضغوط : قد يلجأ الطفل الى الكذب في بعض الموارد حينما يشعر أن الصدق يجلب عليه الضغوط من الوالدين والمربين ؛ ويحصل ذلك حينما يعمد الطفل الى إخفاء امر كان قد ارتكبه عن انظار والديه ، الا أن اسئلتهم الكثيرة واصرارهم على تقصي حقيقة الأمر يزيد من عناده واصراره على الكذب .
    فمن الواضح انه يتممسك بالدفاع والإنكار حفاظاً على شخصيته ، فيرفض الإجابة على الاسئلة التي توجه اليه ويتصدى للضغوط التي تمارس ضده للتفوه بالحقيقة معتبراً كل ذلك إهانة له وانتقاصاً من شخصيته . فالضرورة التربوية تقتضي بأن يكتفي الوالدان بإشعار الطفل بأنهما قد علما بحقيقة الامر ، ولا داعي للاكثار من الضغوط والاسئلة لتقصي دقائق الامور .
    3 ـ الضعف والعجز : يلاحظ في بعض الأحيان أن الأبوين والمربين يفرضون على الطفل تكاليف شاقة فوق مستوى طاقتة ، فيضطر حينها إلى

    السابق السابق الفهرس التالي التالي