تربية الطفل دينيا واخلاقيا 266

الآخرين . وكذلك اذا كان الوالدان على درجة عالية من التفاهم مع ابنائهم فإن نفوذهم وتأثيرهم يتضاعف في روح الطفل .
2 ـ التعليم :


يعتبر التعليم المباشر من السبل والأساليب المهمة في ايجاد الشجاعة ايضاً ، إلا أن تأثيره ليس بمقدار دور الأسوة ابداً ، فقد تغير نصيحة واحدة او وصية مسيرة بأكملها ، وكذلك يؤمن الطفل من اللجوء الى الكذب .
3ـ انتقاد الجبن :


قد يكون من الضروري أن تنتقد الطفل اذا ما وقع في الخطأ ، وابتلي بالجبن ، غاية ما في الأمر أن يكون النقد مناسباً ، وهدفه الإصلاح . فمثلاً نقول : « لماذا خفت ؟ » « لا داعي للخوف » « يجب ان تكون جريئاً » « من مثلك من أولاد لاينبغي أن يكون جباناً ... الخ .
4ـ الأيحاء


فهو ينفذ كثيراً الى النفس المرء سواء عن طريقه أم عن طريق الآخرين ايضاً ، وبالطبع يكون مؤثراً للغاية اذا كان بواسطة الكبار والذين يكن لهم الإحترام سيما بالنسبة للذين هم في سن العاشرة فصاعداً .
ومن الأفضل ان تجري الإيحاءات صباحاً بعد النهوض من النوم وليلاً قبل النوم ، والأفضل أن يكون الإيحاء ذاتياً وبصوت قوي وواثق وحتى امام المرأة ... مثلاً كما يلي :
أنا شجاع ، ويجب أن أكون جريئاً ، وأنا صادق ـ سأكون صريحاً ، انا لا أخاف .

تربية الطفل دينيا واخلاقيا 267

5ـ سرد القصص :


إن بيان أعمال الأبطال واسلوب وتقاليد السالفين وسيلة جيدة لإيجاد الجرأة . ويجب أن تكون القصص هادفة وتشتمل على مواقف وتصرفات مثالية كصفات البطولة ، أو تتقصى الجوانب العجيبة والمدهشة في الحياة .
تكمن في الأطفال روح المثالية وحب البطولة ؛ ومن خلال سماعهم لقصص البطولة والحكايات المثالية للأسوة يطابقون انفسهم مع الأسوة بصروة غير مباشرة ، ويعملون جاهدين على التحلي بنفس تلك السمات والسجايا المرغوبة .

  • العوامل التي تساعد المربي على خلق روح الشجاعة :

  • هل يفلح المربون في تكوين الشجاعة لدى الأطفال أم لا ؟ نذكر بأن الجواب ايجابي لحسن الحظ وان هنالك عوامل تساعد المربين لبلوغ هذه الغاية لعدة اسباب منها ما يلي :
    1ـ وجود الأرضية الفطرية :ورد البحث حولها فيما سبق .
    2ـ روح التقليد والمحاكاة : الموجودة لدى الإنسان بشكل غريزي .. لاحظوا جيداً من هم الذين يقلدونهم أطفالكم في تصرفهم وأفعالهم ؟ ستجدون أنهم يقلدون من يتصورون أنهم ذوو أهمية ، ويتمتعون بشخصية جذابة ، سواء في الجانب الإيجابي أم السلبي .
    او اسألوهم من يحبون ؟ سترون أنهم يذكرون أسوة البطولة . فيجب أن يستخلص المربي من هذا الأمر ويضع نصب عينيه القدوة النموذجية .

    تربية الطفل دينيا واخلاقيا 268

    3ـ جانب البحث عن الكمال : فلكل إنسان ومضة من الكمال اللامتناهي في ذاته ، والجرأة من الصفات الكمالية ، ويتمنى المرء أن يكسبها ، بدليل نسبة الأطفال شجاعة الآخرين الى ذواتهم .

  • طرق ترسيخ الجرأة :

  • لا بد أن تذكر في هذا الصدد طرقاً عديدة لبلوغ هذا الهدف أهمها :
    1ـ بناء المعتقدات الإيمانية :


    وأول خطوة في هذا المجال هي ايجاد الإيمان والعقيدة ؛ الإيمان بقدرته وضرورة إمتلاكه للجرأة المؤثرة . فالإيمان عمود ثابت يعصمنا من السقوط في هذا العالم المضطرب ، وفقدان الإيمان يسبب المتاعب ويخطف منا كل شيء حتى الجرأة والإقدام .
    وكلما ترسخ وتسامى إيمان الإنسان وارتبط بالقدرة الأزلية تضاعفت عنده الجرأة ؛ لأن الإنسان يريد أن يمتلك مأمناً روحياً وأن يريح نفسه في ظل ذلك الإستقرار .
    فمن خلال الإيمان بالله تعالى والمعاد تتعاظم هذه القدرة لدى الإنسان وتهيء الأرضية للتكامل ، أو الى خلق الضمانة التنفيذية المتينة . وحب المعبود والوصول اليه يمكن ان يكون معيناً على تحقيق الغايات بالنحو الذي يجعل الإنسان يستهين ببذل نفسه من أجل الوصول إليها ، ولكن بشرط أن يقترن الإيمان بالإخلاص . وهذا ما يتحقق عندما يكون المدح

    تربية الطفل دينيا واخلاقيا 269

    والذم سواء لديه . والإنسان يتحلى بالجرأة والشجاعة بشكل غريزي وعفوي في فترة الطفولة ، الا أنه لا يمتلك الإيمان ، والمربي هو الذي ينمي فيه هذه الخصلة بشكل متزامن مع نضوجه ونموه .
    2 ـ بناء الثقة بالنفس :


    وهو في الحقيقة ، ناتج عن الإيمان ، سواء كان إيماناً بالله تعالى ام بمسألة أخرى . فالثقة تمنح الإنسان القدرة والإعتماد على النفس وتهب الروح جرأة وأقتداراً .
    3ـ الإعداد لتفسير وتحليل الأمور :


    فالتجارب الصحيحة المكتسبة من الحياة تستطيع أن تدخل الجرأة في قلب المرء بحيث يقوم ببحث الأمور والمشاكل التي تواجهه ، ويدرك ويفسر ويحلل عواقب الأمور ، ويرى العواقب التي قد يبتلي بها فيما اذا انتهج المنهج الفلاني ، أو النتائج التي ستحصل لو سلك نهجاً اخراً .
    فعلى سبيل المثال قد يخشى الإنسان احياناً ، من البحث في مسألة أو أمر من الأمور التي يخشاها أو اسباب تلك الخشية وهذا ما يفتح له الطريق أمام الجرأة والاقتدار .
    4ـ اختيار الزميل والرفيق :


    فالمرء يشعر بالقلق والاضراب ، ويصاب بالخوف حينما يرى نفسه وحيداً في مواجهة مشاكله ، وهذه الحالة تترسخ لدى الأطفال ، والدليل على ذلك عندما تناط به مسؤولية القيام بعمل ، فهو يبحث في كل مكان « لماذا اقوم بهذا العمل ؟ ولايقوم به الآخرون و ... » فوجود المساعدين والأصحاب

    تربية الطفل دينيا واخلاقيا 270

    ينقذه من هذه الوحدة . ومما لاشك فيه أنه كلما كان المساعد والرفيق قوياً تضاعفت محفزاته ، واحتمالات نجاحه ، ولهذا يجب ان يوصف الباري تعالى كمعين ورفيق بالنسبة له .
    وهذا ما يفرض على الأخوة والأخوات ان يكونو بمثابة زملاء ورفاق للطفل ، وإلا فعلى الوالدين القيام بهذا الدور ، وهذا يعني تعاظم مسؤولية الولدين حينما يكون في البيت طفل واحد .
    5ـ اعداد الأرضية للتدريب :


    ومن الأمور المهمة أيضاً في هذا المجال هو تحفيز الطفل على تجربة قدرته على المسؤولية وأن نعرضه لبعض الاختبارات التي تعزز لديه روح الجرأة والشجاعة .
    فيجب اعطاؤه تمارين بسيطة في البداية لينجزها بنفسه .
    وقد اثبتت التجارب ان التدريب والممارسة لهما تأثير اكبر من تأثير النصح والوعظ والتعليم .
    وبعبارة أخرى فان الظرف يقتضي ان يكف الوالدان عن الكلام ويكثرا من العمل فاعتراف الوالدين بأي خطأ قد يصدر عنهما يعتبر بذاته درساً عملياً في تنمية روح الشجاعة ومحفزاً للطفل للاعتراف بخطئه ، ذلك لأن الخطأ محتمل من الجميع وليس هناك انسان كامل وبعيد عن الخطأ .
    6ـ استغلال العواطف والمشاعر :


    فقد يكون خطاب حماسي واحد كافياً لإثارة روح الجرأة وتعزيز المعنويات . وسرد القصص له تاثير لايستهان به في هذا المضمار . ولابأس

    تربية الطفل دينيا واخلاقيا 271

    هنا بالإشارة الى مواقف أصحاب الإمام الحسين( ع) وما أبدوه من شجاعة فائقة ، حيث كان أحدهم يقول : « لو إني أقتل وأحيى الف مرة لما أخترت مفارقتك ، أو التخلي عنك .. » ويمكن ذكر اقوال بعض العظماء كقول أحدهم : « الموت مئة مرة خير للمرء من تدنيس ضميره وقلبه » . فأمثال هذه الأقوال لا تخلو من التاثير والفائدة :

  • العوامل التي تقضي على الجرأة :

  • ولابد هنا من ذكر العوامل التي تقضي على الجرأة او تضعفها ، ونشير في مايلي الى بعض منها كالآتي :
    1 ـ العقوبات الصارمة التي مر ذكرها آنفاً .
    2 ـ اللوم والاستهزاء والتوبيخ المستمر ، كأن يقال للطفل مثلاً : « كم مرة قلنا لك ؟ !! متى تريد ان تفهم ؟ !! كم أنت غبي ؟!! .
    3 ـ العقوبة لأسباب تافهة : كأن يصفع الطفل في حالة عدم ادائه لواجبه المكلف به ، ومن دون الاستفسار عن السبب الذي أعاقه عن اداء ذلك الواجب . او انه حينما يصدق في تقديم عذره يتوهم المربي ان ذلك الجواب خطيئة أخرى تستلزم العقوبة فيجود عليه بصفعة أخرى لامبرر لها . وهذه الصفعة الثانية هي التي تحدد موقف الطفل مستقبلاً في ان يكون صادقاً أم يكون من الكاذبين .
    4 ـ التخويف والحرمان من الرعاية : فعلى سبيل المثال كنا في السابق نوليه الرعاية والدعم اثناء خروجه في الظلام إلى باحة الدار ، اما الآن فنمنع عنه مثل هذه المساندة بسبب الخطأ الذي ارتكبه .

    تربية الطفل دينيا واخلاقيا 272

    5 ـ إرهاقه بالواجبات والتكاليف الصعبة والتي تفوق طاقته .
    6 ـ فرض الآراء عليه بعيداً عن روح التفاهم .
    7 ـ التضايق من كلمات وتصرفات الطفل وعدم الاكتراث به امام الآخرين .
    8 ـ القنوط واليأس وهو عامل مدمر وبلاء عظيم .
    9ـ التشاؤم واساءة الظن وبالمسؤولين التربويين .
    10 ـ التصورات والأفكار المغلوطة كالتصور بأنه لو حصل الموقف الفلاني فسيؤدي الى حدوث فضيحة .

  • مقتضيات السن في تنمية روح الجرأة

  • لكل مرحلة من مراحل السن مقتضياتها التي يجب اعتمادها كاساس لحالة الطفل ؛ مثلاً :
    1 ـ في سن الرابعة يمتاز الطفل بالثقة بما لديه من قدرة وبحب الاستطلاع والمغامرة .
    2 ـ في سن السادسة: يتصف بالحساسية وحدة المزاج وعدم المبالاة من القيام بأي عمل ، وله ثقة زائفة بقدرته .
    3ـ في سن الثامنة : يميل الى حب الشجار والإستقلال وروح المغامرة .
    4 ـ في سن التاسعة : يظهر لديه ميل الى التمرد ورغبة في دخول كل مكان والاطلاع على كل شيء .
    5 ـ في سن العاشرة : نلاحظ لديه نزوعاً الى التعاون مع قلة المشاكل مع العالم الخارجي مزيداً من السكينة والثبات .

    تربية الطفل دينيا واخلاقيا 273

    6ـ في سن الثانية عشر : يتسم بكثير من الهدوء والاتزان وتبرز لديه رغبات لتغير المجتمع وحب الإصلاح .

  • تهيئة الأرضية المناسبة لتنمية الجرأة :

  • ان البحث في هذا الحقل واسع ومتشعب الا اننا نشير باختصار الى النقاط التالية فيه :
    1 ـ الإستقرار النفسي : هو أنجح الادوات والمحفزات التي تدفع الإنسان الى مواصلة النهج الذي يسير عليه لبلوغ هدفه ، ويوجد في نفسه الثبات والإستقامة .
    فيجب ان يطمئن الطفل الى عدم احتمال تعرضه للحرمان اومصادرة حريته والتدخل في اعماله الخاصة . والتعاليم الدينية كافية لتربية الروح السامية القادرة على ايصالنا الى هذا الهدف .
    2 ـ القدرة على التحكم بالنفس : فحين يكون المرء قادراً على التحكيم في نفسه وإرادته يصبح من السهل عليه استثمار ادنى قدر من جرأته بشكل جيد وفي الوقت المناسب اي بمعنى انه قادرعلى التحدث بحنكة والدفاع عن نفسه بمهارة .
    3 ـ خلق الثقة بالنفس : بنحو يتيح له الإعتماد على نفسه وعمله بعيداً عن الإتكالية . فيكون واثقاً من نفسه ويراها قادرة على بلوغ الحق .
    4 ـ تقوية الجسم : وهذا ايضاً من العوامل المؤثرة ؛ وقد تقدم الحديث عنه في ماسبق ، ورأينا ان ضعف الجسم وهزاله يلعب دوراً في جبن ذلك

    تربية الطفل دينيا واخلاقيا 274

    الشخص .
    5 ـ احترام الطفل : ولاسيما امام الآخرين ، وملاعبته وملاطفته واشراكه في الأمور والسماح له بالحديث وطرح مالديه من آراء واستدلالات .
    6 ـ تنمية عواطفه ومشاعره : فعندما يثار الإنسان تخطر على ذهنه افكار هامة وهذا ما يعتبر بمثابة الموهبة بالنسبة للعواطف المهذبة ، حيث تكون مثل هذه الافكار قابلة للتنفيذ في ساعة هدوء الغضب .
    7 ـ ترسيخ قوة العزم والإرادة : فضعف الإرادة يوقع الإنسان في الأخطا ويؤدي به الى الفناء ، على العكس من الإرادة القوية التي تصقل الجرأة لديه وتحفزه على إبراز ما لديه من رجولة ومنطق . فكثير من الإشخاص يمتلكون القدرة على تحديد الأمر الخاطيء من الصحيح الا انهم يفتقدون الإرادة اللازمة لردئه وتلافيه .
    8 ـ تقديم الدعم والرعاية للطفل : حيث يعد هذا محفز لابراز قدرته .
    9 ـ التعليم على الصدق والأمانة : وتجليل ذلك واحترام النتائج المترتبة عليه.
    10 ـ العلم الذي يجلب الإقتدار بشرط أن تجتمع فيه بقية العوامل أيضاً .

    تربية الطفل دينيا واخلاقيا 275

  • ملاحظات في موضوع تنمية روح الجرأة لدى الأطفال والمراهقين

  • 1 ـ الوعي: هو الخطوة الأولى : الابراز اي نمط من انماط الجرأة ؛ فتشخيص الخطأ من الصواب أمر حساس ومصيري ولابد للإنسان من دليل وفلسفة للقيام بأي عمل ، وعليه أن يميز بين الخطأ والصواب .
    فالصواب في نظر الطفل هو ما يحظى بقبول الوالدين ، وبالعكس فان الخطأ هو ما لا يرتضيه الوالدين ، ثم انه يكتشف على مر السنين بأن الخطأ والصواب هو مايثير سخط الله او يحظى برضاه .
    وعلى أية حال فالمقصود هو أن الجرأة حينما تتحقق عن علم ووعي فانها تضفي على صاحبها الأبدية والخلود كما يقلل الجهل من قيمة الجرأة .
    2ـ مراعاة جانب الإعتدال : فلو جاوزت الجرأة حدها فانها تصبح مصدر خطر على الطفل ، ولكن ماهو حدها المتعارف ؟ انها تتراوح ما بين اداء التكليف وتركه من الوجهة الشرعية ، اما في الدول التي تحكمها القوانين الوضعية فالملاك هو العرف الإجتماعي .
    3ـ يجب ان يؤخذ بنظر الإعتبار في تنمية روح الجرأة والشجاعة عوامل الضمير والشفقة والحنان وإلا فان أرضية الإنحراف مهيأة ، وأبرز مظاهر ذلك هي روح المغامرة والتخريب والتدمير التي نراها سائدة في مختلف المجتمعات .

    تربية الطفل دينيا واخلاقيا 276

  • دور الآخرين في ايجاد الجرأة

  • لا بد هنا من الحديث عن الأدوار التي يلعبها الآخرون ؛ وهي ادوار متعددة ومتنوعة التأثير ، نشير الى بعض منها كالآتي .
    1ـ الوالدين :


    اتضح لنا ان دورهما اساسي وكبير فاذا كان الوالدان شجاعين ، فمن البديهي ان يتربى اطفالهم على الشجاعة والإقدام ايضاً ، وكما اذا كانت شجاعة الوالدين حقيقة ومنبثقة عن الأعماق فانها تترك اثرها كالمعجزة .
    فالمسألة المهمة التي تخص الوالدين هي ان تكون شجاعتهما قائمة على اساس الرؤية الصحيحة والرأفة ومراعاة الحقوق الإنسانية والأخلاقية لكي يكتسب الأطفال منهما تلك الخصائص .
    ان استخدام الضغوط في تشجيع الأطفال ، واستعمال الفاظ الأمر والأساليب الجافة يعد نوعاً من الأخطاء التربوية . بل يتوجب على الوالدين انتهاج اسلوب الترغيب والتشجيع في طريق التربية والتمسك بالأعمال المحببة ومن ضمنها استحسان الايجابيات ، وتقديم الهدايا له ، واحترامه ، ومشاورته ، وعدم توعيده بالعقوبة في حالة ارتكابه لأي خطأ أو اشتباه ، والابتعاد عن اسلوب التوبيخ الجارح ، مع المحافظة على هدوء الأعصاب وعدم اللجوء الى البطش والقسوة في معاقبته ، كما ويفترض ايضاً اعانته على انجاز واجباته على احسن وجه . وان يبعدوا عنه عوامل الإضطراب والرهبة .

    تربية الطفل دينيا واخلاقيا 277

    2 ـ الاقران :


    بالرغم من الدور الذي تلعبه العائلة في تربية الأطفال ، فلا مناص من الاعتراف بعجز العائلة وحدها عن القيام ببناء الأخلاق والمعنويات ، فمرافقة الأصدقاء والزملاء لها تاثير بالغ في بناء هذه المقومات ، لا سيما رهط الاقران الذين يصيغون اخلاقه في قالبهم الخاص ، فالبناء الأخلاقي للإنسان يتكامل تدريجياً على اثر تقليد الآخرين . صحيح ان اصدقاء الطفل صغار السن الا ان تأثيرهم فيه بالغ للغاية .
    3ـ المسنين وكبار السن :


    ان معاشرة كبار السن توجد اجواء روحية فائقة لدى الطفل ، فمن المستبعد أن يزول الدرس الذي يأخذه الطفل عن الآخرين ، وتأثيره باق على مدى الحياة . وبطبيعة الحال ان الاشخاص الكبار والمعروفين ، ويحظون باحترام اكثر في قلوب الناس دائماً ؛ وكلما ازداد قبول وثناء المرء على شخص كان تاثيره اكبر والأخذ عنه اكثر .

  • مميزات الإنسان الجريء :

  • وفي الختام لا بد من الحديث باختصار عن بعض مميزات الإنسان

    تربية الطفل دينيا واخلاقيا 278

    الجريء والتي تقوم على اساس مايرتضيه الدين ؛ كي يكون قادراً على تقسيم العمل والإتيان به . فالإنسان الجريء :
    ـ ذو استقلال فكري وثقة بالنفس .
    ـ ذو ارادة وعزم مدروس ومستقل .
    ـ لا ينتابه الذعر من خطر زوال المقام والمنصب .
    ـ مجتهد في اداء تكليفه ومتأهب لاستقبال الاعمال الشاقة .
    ـ اذا رأى ان العالم جميعه يعارضه فهو يقاوم حينما يرى ان هدفه صحيح .
    ـ يرى الاحداث والحقائق بمنظار الحق .
    ـ يسعى وراء الحق ويمضي في سبيله غير مبال بما يعترضه عن شدائد هذا الطريق .
    ـ لايدع اليأس والقنوط يتسرب الى نفسه في ميدان الصراع او التعاون .
    ـ لا ينسى هدفه حتى اثناء نوائب الحياة وعند الازمات .
    ـ لايفقد صوابه في المشكلات وفي الضروف القاسية .
    ـ يعين العاجزين وينصر الضعفاء .
    ـ لايفرح لتمجيد الآخرين وثنائهم عليه وتملقهم له .
    ـ لا يعير اهتماماً لرضى الناس بل يبتغي رضى الله والضمير .
    ـ سعيه في سبيل اداء التكليف لا ارضاء للاهواء و...

  • المواضع التي تعرف فيها الشجاعة :

  • في المصائب والمحن ، والا فكل شخص شجاع في بيته . فالطفل والصبي

    تربية الطفل دينيا واخلاقيا 279

    الذي يستطيع التحكم في نفسه في الموارد الخاصة ، ويلجم غضبه ، ويتغلب على عواطفه هو شخص شجاع .
    واذا لم يكن لديه دليلان اثناء الشدائد للقيام باعماله « دليل يقنعه واخر يبرر به فهو شجاع » .
    ويمكن معرفة الطفل الشجاع حينما يتعرض للعقوبة والمجازاة ولا يتهم الآخرين بالتقصير من اجل استنقاذ نفسه .

  • المجتمع الشجاع :

  • هو المجتمع المتواضع والبعيد عن كل مظاهر الغرور والانفة ولا يأبه بالاوهام والخيالات بالاضافة الى قدرته على اجتياز انواع الاختبارات التي يتعرض لها . ولا يعيش في عالم الوهم . وينظرالى الحياة نظرة واقعية وهادفة ، و يعيش حالة الاستقلال ويأبى الاتكال ، يتحدث بلسانه لا بلسان غيره ، ويفكر بعقله لابعقل غيره ، يفصح ما يراه عن العيوب ونقاط الضعف ويسعي لتلافيها ، يحثو التراب في وجه المتملقين ، يحارب كل الوان الفساد ومسمياته و ... الخ .
    تقييم :


    وهذه الحالة تحتم علينا النظر الى الأغلبية لا الى فئة محدودة وإلا فهنالك في كل مجتمع اقلية تسير نحو هدف معين ، ونحن نعلم ان الربيع لايحل من خلال وردة واحدة . وان اليد الواحدة لاتصفق .
    فالمسؤولون التربويون في كل مجتمع مكلفون بانضاج ازهار عديدة ، وان يجتهدوا في تربية امة تتحلى بالشجاعة ومجتمع لايطبعه التردد . وهو ذلك ،

    تربية الطفل دينيا واخلاقيا 280

    المجتمع الذي يستطيع ان يظهر بالرفعة والعزة . حتى يسمو الى السماء في مقام احقاق الحق وتحقيق اهدافه المنشودة غير مبال بما يلقاه حتى وان اقتضى الأمر أن يطأ عرين الاسد .

  • تصور مستقبلي :

  • ليس هنالك حدود لصيانة العائلة في عصرنا الحالي ولاوجود لخطة وهدف منشود واصيل في التربية مادام زمام الاسرة ضعيف والغالبية العظمى من الأطفال عرضة للتفسخ والتحلل ونمط التفكير رجعي ، وغالباً ما توصف اساليب التربية بالمحافظة والجمود. وقد دفنت الطاقات والشجاعة في داخل الانسان . وبدلاً من انه تشجع العوائل ابناءها على الأعمال الحسنة ، فهي تعودهم على الخمول والتزمت .
    ويبدو ان التملق أيسر على الناس من التمنع والعزة ، ويدرعليه نفعاً اكثر مما يعود عليهم من الإباء والشموخ . الخضوع اما الاوهام والخوافات أيسر عليهم من التسليم امام الحق .
    بناء على ذلك لانعتقد بان يكون لدينا افراد شجعان وأبطال في المستقبل . ومن المستبعد ان نمتلك ابناء يمتازون بالكمال واللياقة ، او يكون مستقبلنا مستقبلاً زاهراً يقوم على أساس قول الحق والتفكير بالحق ، الا اذا حدثت تغييرات اساسية في اوساطنا الاجتماعية والعائلية ويعود الآباء والأمهات الى عقولهم ويكونون اصحاب اهداف سامية .

    تربية الطفل دينيا واخلاقيا 281



    - 8 -

    تربية روح المسؤولية لدى الأطفال



    تربية الطفل دينيا واخلاقيا 282




    تربية الطفل دينيا واخلاقيا 283

    8 ـ تربية روح المسؤولية لدى الأطفال

  • مقدمة :

  • ان وجود الناس الذين يتسمون بالبرود واللاأبالية والذين يتخبطون في تلك الحضارة المتفسخة وبعيداً عن اي هدف في الحياة ، ناتج عن التربية الخالية من اي شعور بالمسؤولية .
    ولو أمعنا النظر قليلاً لأدركنا ان السبب الرئيس لعدم الاهتمام للآلام والمشاكل وانعدام مبدأ الاشراف العام ، يكمن في وجود خلفية فكرية خطيرة تتمثل في قاعدة ( عيسى بدينه وموسى بدينه ) .
    وهذه القاعدة لم يفرزها ضعف الاقتدار العام ، بل انها ناتجة عن انعدام الشعور بالمسؤولية ، او بعبارة أوضح انها ناتجة عن التهرب من المسؤولية واخلاء الكاهل من أعبائها .
    والحقيقة هي اننا قد نسينا مسؤوليتنا ازاء الامور والحقائق ، وكأننا بعيدون عن اي التزام أو تكليف .
    فمن يعيش وحيداً فريداً ومستغرقاً في مكاشفاته بعيداً عن الناس هو شخص غير ملتزم حتى لوكان انساناً الهيأ او عارفاً مشهوراً .
    والشخص الذي ينزوي في ركن من الحانة وينهمك باحتساء الخمر من غيرهم فهو شخص غير مسؤول حتى وان كان ظاهره دالاً على انه من ذوي الشهادات العالية او كان من المثقفين .
    ومن ينشغل بتجميل ظاهره رغم شدة المعاناة وحدة الألم ومتشبثاً بمقولة ( هذا لايعنيني ولا

    السابق السابق الفهرس التالي التالي