تكوين الاسرة في الاسلام 341


اضرار الطلاق :

الطلاق في كل احواله وصوره واسبابه نتيجته واحدة وهي تشتيت الكيان الاسري ، وتخريب العش الذي بني على اساس الحب والعطف وتشريد الابناء .
صحيح انه قد يحدث تراض بين الطرفين ويصران على الانفصال ، ولكن بذرة العداوة والحقد ستنمو في قلب كل منهما تجاه الاخر ، وينظر احداهما الى الاخر نظرة سيئة .
فالطلاق من افات الحياة ، وفي وقوعه سيصاب الاطفال بالاضطرابات النفسية ، واثاره المشؤومة ستنمو معهم الى اخر العمر . والمصائب التي تحدث بسببه غير قابلة للاصلاح .
فالطلاق يجعل من الشاب والفتاة ينظران الى الزواج نظرة متشائمة ، وهو يسلم المجتمع افرادا معقدين نفسيا ، ويتسع نطاق الحقد والانتقام ، ويكثر الافراد المضطربين القلقين نفسيا .


الاسلام والطلاق :

في الوقت الذي يعتبر الاسلام الطلاق من اكبر الاثام الاخلاقية ، ويصفه بابشع الصفات ، فهو يقبله في موارد خاصة ، وقبوله من الامور التي يفخر بها دين الاسلام ؛ لانه ولاجل حفظ حرمة الفرد ، وفتح باب الخلاص واسعا للطرفين وانقاذهما من الشر والنكبات .
بعتقد الاسلام انه لايمكن اجبار شخصين وتحت ضغط التهديد والقوة ان يعيشا معا وتحت سقف واحد ، وحثهما على التسامح

تكوين الاسرة في الاسلام 342

والتضحية والايثار ، بل لايمكن ابدا ان نقول لشخص ما انت مجبور على الحياة مع شريك حياتك فكن مخلصا واعلم ان سعادتك من سعادته .
فاذا لم يستطع شخص ـ ولسبب ما ـ ان يعيش مع شريك حياته والاستمرار فيها ، وادارة بيت سالم وطرق صلاح مسدودة بوجه الطرفين ، فلا يجب ان يحكم عليهما بضرورة الحياة معا ، وتحمل المصاعب والالام .
فهما يستطيعان ان ينفصلا عن بعضهما وضمن قانون وضوابط معينة لان التجارب اثبتت ان استمرار مثل هكذا وضع مضطرب سيؤدي الى تفاقم الوضع اكثر ، فالطلاق افضل لهما ، فلعل في اطلاق السراح يجد الانسان راحته .


مبغوضية الطلاق :

في الوقت الذي يكون فيه الطلاق امرا حلالا وضروريا للطرفين ، فهو وبسبب النتائج الناجمة عنه للفرد والمجتمع امر مكروه ، ففي الحديث الشريف : «ابغض الحلال الى الله الطلاق» وبذلك لايقدم عليه بلا روية وبكل بساطة وسهولة .


موارد الاستفادة من الطلاق :

يقبل الاسلام الطلاق ولكن في موارد معينة تصل فيها الامور الى حد كما يقال : (تصل السكين الى العظم) ، وليس هناك حل سوى قطع

تكوين الاسرة في الاسلام 343

تلك العلاقة ، فالموارد التي يقبل فيها الاسلام الطلاق تلك التي يتعرض فيها امن وسلامة الاسرة وراحة الطرفين للخطر وتصل الحياة فيها الى مرحلة غير قابلة للتحمل من قبل الطرفين .
والقبول به نوع من الاضطرار كالقبول بالجراحة في المخ او القلب او الامعاء اذا تقيحت ، وليس هناك سبيل لاصلاحها الا العملية الجراحية ، كذلك يمكن القول ان الطلاق في موارد كالسرطان في الحياة ، ولاجل منع تفاقمه وانتشاره في بقية اعضاء الجسم يقطع العضو المصاب من الجسم .
والخلاصة ولاجل الصراحة في القول نذكر ان حكم الطلاق في الاسلام كحكم اكل الميتة يجوز في حالة الاضطرار او العلاج ، وهذه الاجازة تكون لاجل ان لا تحدث عوارض ومشاكل اكثر ، والا فيمكننا القول ان الطلاق في الاسلام يقف على حدود الحرمة .


موارد تضاف الى كراهية الطلاق

الطلاق امر مكروه عند الله ، ولكن نجد في بعض الموارد التي اذا حدثت فيها الطلاق يكون اكثر كراهية وبغضا ، ومنها : ـ
ـ طلاق الرجل امراته بدون ذنب ، يقول النبي (صلى الله عليه واله) في مثل هكذا رجل انه : ـ «ان الله عزوجل يبغض او يلعن كل ذواق من الرجال» (1).

(1) وسائل الشيعة : 15 / 267 ح 6 .
تكوين الاسرة في الاسلام 344

ـ الطلاق لاجل الزواج بامراة اخرى وارضاء رغباته ، اي لاجل متابعة هواه وطلب التغيير بترك زوجته .
ـ طلاق الزوجة لاجل الزواج باجمل منها او اكثر مالا .
ـ طلاق المراة الموافقة زوجها على كل حال ، في الفقر والبؤس ولاتشتكي .
ـ طلاق المراة التي لها ابناء من زوجها ، وتشريد الابناء .
ـ طلاق المراة المريضة التي يؤدي طلاقها الى تفاقم مرضها ووخامته .
ـ الشخص الذي تعود على الطلاق والزواج ؛ اي (المطلاق) .


الموارد التي تكون كراهيته اقل

لاشك ان هناك بعض موارد للطلاق والتي يمكن تقبلها بسهولة هي : ـ
اذا ما كان الطلاق لاجل مرض معد او مرض نفسي ، والضعف الجنسي والجنون ، وسوء الخلق ، والبخر (1) ، وعدم الاهتمام بجانب العفة والطهارة ، ووجود العلاقات غير اللائقة ، العقم ، الادمان ، عدم الاهتمام بجانب الدين والعقيدة .
ولاشك ان متابعة هذه الامور يجب ان تكون قبل الزواج ، حتى يحدث التوافق والانسجام فيما بعد .

(1) البخر : رائحة الفم الكريهة .
تكوين الاسرة في الاسلام 345


الذنوب بسبب الطلاق

علمنا ان الزواج حكم الهي فيجب القبول به ، وان الاقدام على الطلاق لايكون بدون حساب ولا روية ، وبعبارة اخرى ان الطلاق يجب ان يكون وفق الاسباب التي يقبلها الله تعالى ، والا فهو يستوجب العقوبة .
فالزوج والزوجة اللذان يطلقان بدون سبب ، او لسبب تافه فهما في الحقيقة لم يهتما بحكم الله ويستهزئان به وينقضانه ، ولذلك لا يمكنهما عند اختيار امراة او رجل الاستعانة بعناية الله وتسديده عند اختيار زوج فيما بعد .
ففي الاسلام الزوجان اللذان يتسببان بالطلاق ، ويقطعان العلاقة الزوجية يبغضهما الله والاسلام .


اسباب الطلاق

يحدث الطلاق نتيجة عوامل واسباب متعددة لايمكننا ان نذكرها هنا في هذا البحث المختصر ، ولكن ولاجل وقوعه فمن الضروري ان نتعرف عليها وهي :
أ ـ الناحية الاجتماعية:


في هذا المجال يمكن ان نذكر هنا عدة مسائل :
المحيط الاجتماعي غير الملائم بشكل لايساعد على التوافق .
اختلاف الافكار والحصيلة الاجتماعية .

تكوين الاسرة في الاسلام 346

اختلاف المستوى المادي والاقتصادي الذي يؤدي الى حدوث مشاكل جمة بين الطرفين .
وجود قضية ام الزوج او ام الزوجة او اشخاص اخرين بشكل يعد شخصا مزاحما .
خيانة الشريك الذي يوجب قطع علاقة الفرد مع الحياة ولايستطيع تحملها .
وجود حالات الادمان الخطرة التي تسبب العذاب لشريك الحياة .
وجود الاهواء والتقلبات والرغبات التي تؤدي الى عدم قدرة الطرفين على التخلص منها والعيش معا .
ب ـ الناحية النفسية:



في هذه الناحية يمكننا ان نذكر عوامل متعددة تتعلق بالجانب النفسي ، والتي على اساسها يتعرف الفرد على امور يعتبرها اهانة لشخصيته ، او يظن انه متهم في شخصه ولايستطيع تحمل الحياة وهي : ـ
تدني المستوى الثقافي للشريك .
الابتلاء بعدم التوازن النفسي ، بحيث لايستطيع مسايرة المجتمع .
عدم النضج العاطفي الذي على اثره يحس الفرد انه ليس اهلا للحب والمودة .
عدم الاطمئنان العاطفي ، فقد يعتقد الرجل او المراة ان

تكوين الاسرة في الاسلام 347

شريكه مرتبط بحب شخص اخر وانه يخدعه .
عدم وجود التوافق الفكري الذي ينشا احيانا من الفارق في السن او الفارق العلمي والثقافي .
عدم التناسب مع الشريك من نواحي التقوى والثقافية وغيرها .
عدم وجود الابناء يسبب احيانا ضغوطا من قبل الاقارب على الشريكين .
جـ ـ وجود الامراض :


في هذه الناحية يمكن ان نورد هنا ما يلي :
وجود الامراض التي تمنع الاتصال الجنسي .
وجود البرودة الجنسية .
وجود امراض معدية او غير معدية تسبب القلق للشريك مثل الصرع وعدم البلوغ .
وجود العقم .
وجود حالات كالخشونة الجنسية والقسوة الاخلاقية .
د ـ عوامل ناشئة عن الاخطاء:


في هذا المجال نذكر بالاخطاء التي تحصل عند اختيار الشريك ، وكل ما حذرنا منه في فصل سابق ، وفي الحقيقة ان بعض الاشخاص يدخلون حياتهم الزوجية بتصورات خاطئة ، ومعتقدات راسخة في الذهن ، وتخيلات قبل الزواج ، يجدون بعده واقعا مخالفا لكل تصوراتهم .

تكوين الاسرة في الاسلام 348


فالمراة التي تعتقد ان بيت الزوج كالجنة ، والزوج الذي يعتقد ان زوجته اجمل وافضل النساء ، سيتضح بعد الزواج خلاف ذلك ، وعندها سيصدمان بالواقع، واي حال يجدانه وحتما سيسعيان للطلاق .


تنبيه للازواج

يجب ان لايظن كل من المراة والرجل ان بعد الطلاق سوف لن تكون هناك مشكلة ، وكل ما عندهم من المشاكل تنحل به ، نعم ان احدى المشاكل سوف تحل ولكن عشرات المشاكل سوف تخلق لهم ، مسالة الانتقام من بعضهما ، وتهدم الكيان الاسري ، وتشرد الابناء ، وتعب الاعصاب ، والتصادم ، والتشاؤم ، والغضب والتنفير ، كل ذلك يجعل من حياة الانسان سوداء مظلمة .
فالزوج يجب ان لايتصور انه بمجرد طلاق زوجته سوف يحصل على زوجة افضل ، وبالعكس فالمراة ايضا يجب ان لاتتصور انها بانفصالها عن زوجها سوف تجد زوجا مثاليا لها .
نعم ان هذا ممكن الحدوث ، ولكن في اغلب الاحيان يكون تصورات واحلاما فقط ، فما اكثر ما زاد الغم والهم والعذاب والخيبة اضعافا مضاعفة ، حتى ان وضعهم في بعض الاحيان يكون بمثابة دفع ثمن كل فرح وسرور حصلا عليه في الماضي .
ولذلك فمن الضروري السعي للتوافق والانسجام مع الشريك ، والتحمل وتحسين الخلق والتصرف ، وايجاد التوافق باللسان العذب ، ففي هذه الحالة يكون الشخص قد خدم نفسه ، كذلك فقد صنع منها انسانا .

تكوين الاسرة في الاسلام 349


المصالحة بعد الطلاق

من الممكن بعد الطلاق ان يتصالح الزوجان ويعودان مجددا لحياتهما الزوجية ، هذا العمل محمود ومرغوب ، ولكن يجب ان لاننسى انهما لايمكن ان يكونا مثلما كانا قبل الطلاق ، فوضعهم شبيه بالجرة المكسورة التي اعيد وصل قطعها والتي تنكسر بسهولة ، وهي على كل حال تعد مكسورة وناقصة .
ونريد القول : انه يجب ان نسعى الى عدم وقوع الطلاق : لان بعد الطلاق من الصعوبة بناء اسرة عامرة مجددا ، ولعل لهذه الاسباب يقول النبي (صلى الله عليه واله) : «ما من شيء ابغض الى الله عز وجل من بيت يخرب في الاسلام بالفرقة . يعني الطلاق ـ» (1) .

(1) وسائل الشيعة : 15 / 266 ح 1 .
تكوين الاسرة في الاسلام 350




تكوين الاسرة في الاسلام 351


الفصل الثامن والعشرون

الحد من الطلاق ومنعه



بدء الاختلافات :

تبدا الاختلافات عادة بعد شهر العسل وتبدأ من امور جزئية صغيرة ، فقد يبدي الزوج رايه في امر ما فتعترض الزوجة عليه او بالعكس ولكن اذا دققنا جيدا نجد ان المسالة ليست في صحة الراي وعدمه بل بسبب مشاكل اخرى حدثت طيلة تلك المدة وتغاضى الطرفان عن مناقشتها وبقيت في نفس كليهما والان ظهرت في قالب اخر وتحت ذريعة اختلاف الراي .
وبهذا تبدا اول فاصلة بالظهور بينهما ثم تتسع وتزيد ولا تبحث ولا تناقش ثم بعد مرور مدة يتواجه الطرفان . فلو كانا ومنذ اليوم الاول الذي ظهرت فيه المشاكل يناقشان امورهما بصراحة لعل المسالة لم تصل الى ذلك الحد ولكن تحفظ الطرفان فيما بينهما سبب عدم طرح ما في نفسيهما على لسانيهما .
والان اذا تجاوز احد الطرفين وتسامح وتقيد بالدين وتجاوز عن سلوك شريكه لم يكن ليبحث مثل ذلك ولكن للاسف فحين يريد كلا الطرفين اثبات شخصيته ويبين للاخر انه ليس اقل منه فعاقبة مثل هكذا حياة ستكون معروفة .

تكوين الاسرة في الاسلام 352


ماهو سبب الطلاق ؟

يحدث الطلاق دائما نتيجة عدم التوافق والانسجام ، وعدم الانسجام هذا ـ باي علة وسبب كان سبب عدم الاستقرار والاضطراب للطرفين والبؤس للاطفال . وللدين دور اساسي في تقليل نسبة الطلاق لهذا نجد ان المجتمعات الدينية والاسر المتدينة يلعب فيها الدين دورا قويا في منع الطلاق او تقليله ، فالزوج والزوجة لاينفصلان لمجرد ان الزوج لم يقبل كلبها او ان تطلب المراة الطلاق لان زوجها لا يعرف الرقص .


طرق منع الجدال

لاجل منع الجدال المسبب للطلاق ولعدم حدوث مثل هكذا مسائل هناك ارشادات يوصي بها الاسلام نوردها هنا وهي : الدقة في اختيار شريك الحياة ، بعبارة اخرى يجب على الرجل والمراة ان يتحققا من بعضهما وبالتحري والسؤال قبل العقد ويختار الشخص الذي يمكنه ان ينسجم معه :
ـ تقوية الايمان والاعقاد لكل من الزوجين
ـ عدم بناء الزواج على اساس الكذب
ـ الاستفادة من فترة الخطوبة وعدم اخفاء الطرفين الحقائق عن بعضهما .
ـ معرفة الطرفين حقوقهما وواجباتهما قبل الزواج .

تكوين الاسرة في الاسلام 353

ـ منع تدخل الاخرين في حياتهما
ـ الابتعاد عن التقاليد غير اللائقة وغير الصحيحة .
ـ الاعتناء بالنفس لجلب رضا بعضهما الآخر .
ـ بناء الحياة على الاسس والموازين الشرعية والاخلاقية حتى لايحدث الخلاف
ـ اظهار المحبة والعاطفة لبعضهما قال رسول الله (صلى الله عليه واله) : «قول الرجل للمراة اني احبك لايذهب من قلبها ابدا» .
ـ السعي لعدم وضع حجر الأساس لحدوث الطلاق والفرقة بكل شكل وصورة
ـ يوصي الطرفين بالتسامح والعفو عند حدوث المشاكل والاخطاء وسوء التصرف .
تغاضي كل طرف عن بعض حقوقه في مقابل الاخر لجلب نظره ودليلا على التلاؤم والانسجام لان في كل شخص عيوبا ومحاسن .


ارشادات لمنع الطلاق :

تضع الروايات الاسلامية طرقا امام الفرد وتوصي بالعمل بها فالزوج والزوجة اذا التزما بها لايحدث ما يوجب الطلاق .
فيجب ان ينظر الى زوجته بشكل عام لا لعيوبها فقط ويقول : «من صبر على خلق امراة سيئة الخلق واحتسب في ذلك الاجر اعطاه الله ثواب الشاكرين» واحيانا قد تاخذ هذه التوصيات طابع التحذير من قبل .

تكوين الاسرة في الاسلام 354



السعي لابعاد اسباب الطلاق

في هذا المجال يجب ان نذكر بعدة امور : ـ
ان اغلب المشاكل والاختلافات تاتي بسبب امور بسيطة مثلا تكون احيانا بسبب حسن او قبح عمل ما يجر الطرفين للمجادلة واطالة الامر حتى ينظر احدهما الى الاخر نظرة مشؤومة وسيئة في حين لو ان احد الطرفين كان قد تغاضى عن ذلك فالمسالة ستحل نفسها بنفسها وينتهي الخلاف
احيانا يكون اسلوب الحياة الروتينية وعدم التنوع والتغيير سببا في الخلاف فالحياة التي تسير على نسق واحد وبدون تغيير تصبح باردة لا روح فهيا ، فيجب ان يسعى الزوجان للخروج من هكذا حالة بالتغيير والتنويع في كل شيء ، في الغذاء ، في تزيين الغرفة ، في الزينة الشخصية ، في اسلوب المحادثة مع بعضهما ، في وسائل الترفيه .
بعض المسائل يمكن حلها بتوضيح بسيط ، مثلا حينما يعود الزوج متاخرا الى المنزل وتكون الزوجة غاضبة من تاخره فبمجرد دخوله للمنزل تبدا بمعاتبته بشكل جارح ، كذلك الزوج من جانبه يواجه خارج البيت مشاكل وصعوبات تجعله عصبي المزاج فبدلا من ان يجلسا معا ويناقشا سبب التاخير بكل هدوء يلجآن الى النزاع والجدال ويفتح الباب حينها للطلاق .
وبعض الاحيان تكون مسائل الضعف الجنسي ، البرودة ، الوسواس سببا في حدوث الطلاق . فاذا فهم احدهما الاخر ان مثل هذه المسائل غير مهمة وحتى يجد العلاج المناسب تأخذ هذه

تكوين الاسرة في الاسلام 355

الخلافات بالاضمحلال فيما بينهما وتنتهي .
وعلى كل حال يجب السعي الى عدم حدوث اختلافات ، وحتى اذا حدثت فيجب ان لاييأسا من بعضهما ، بعبارة اخرى ان للصالح مجال لرفع الاختلاف والمصالحة .


التدابير الاسلامية لمنع الطلاق :

نادرا ما يحدث الطلاق مع مراعاة المسائل التي ذكرناها اعلاه ، او ان يحدث الخلل في استمرار الحياة الزوجية مع العمل بها . ولكن في الوقت نفسه ليس بعيدا ان لايكون لتلك الاساليب اثر يذكر . ففي بعض الموارد التي يصمم فيها الزوجان على الطلاق يضع الإسلام موانع لوقوعه وهذه التدابير هي المرحلة الثانية في السعي لمنع حدوث الطلاق لانه في المرحلة الاولى لم يراعيا التسامح والعفو فيما بينهما . اما تدابير المرحلة الثانية فهي :
1 ـ التحكيم:


يصرح بذلك القران الكريم (فابعثوا حكما من اهله وحكما من اهلها ان يريدا اصلاحا يوفق الله بينهما) (1) اي ان تشكل جلسة من اهل الطرفين يتباحثان فيها ويتبادلان الرأي لعلهما يوفقان بينهما ويصالحانهما وتستمر الحياة الزوجية .
ولا شك ان الحكمين يجب ان يكونا من اهل الخير والتجربة ، ومخلصين ،

(1) النساء : 39 .
تكوين الاسرة في الاسلام 356

لهم قدرة كلامية ، ويستطيعان كشف الخلافات ، وان يكونا محل ثقة واحترام من قبل الطرفين حتى يكون حكمهما مقبولا لدى الزوجين .
ولا حق للحكمين في السعي لطلاقهما بل عليهما ايجاد فرصة لاعادة المياه الى مجاريها فاذا كانت هناك مشاكل بينهما يسعيان لحلها ورفع هذه الخلافات .
2ـ وضع الطلاق بيد الرجل


ان وجود الاحاسيس والعواطف الرقيقة عند المراة سبب لكمالها ، فهذه الاحاسيس والعاطفة يحتاجها طفلها كي ينمو ويكبر . ويحتاجها زوجها كذلك حتى يجد الراحة والسكينة معها .
والاسلام ليس فقط لا يمنع هذه العاطفة بل و يوصي الزوج ان يراعيها ويحفظ منزلتها ومكانتها ويحترمها ويعدل من عاطفتها وينميها .
ومع وجود هكذا احساس وعاطفة ، فاذا وضع الطلاق بيدها فسوف تطلق زوجها لاقل اذى او ابسط مشكلة وتترك حياتها الزوجية والاسلام ـ لاجل عدم حدوث هكذا فاجعة ـ يجعل امر الطلاق بعيدا عن الاحاسيس ويوكله للعقل .
3ـ اقامة العلاقة الجنسية


ويوصي الاسلام ـ عند بروز الاختلافات الشديدة بين الزوجين ، وعلى الرغم من تنافر بعضهما من البعض ـ ان لايقطعا علاقتهما الجنسية لانها تكون عاملا مساعدا على المصالحة وتناسي الخلافات ، او على الاقل تؤخر الطلاق (سنشرح ذلك فيما بعد)

تكوين الاسرة في الاسلام 357


طرق لتاخير الطلاق :

هناك امور في الاسلام تؤخذ بنظر الاعتبار تكون بدورها عاملا في تاخير الطلاق . ففي حالة تاخيره يكون هناك مجال للطرفين للندم والمصالحة واعادة الحياة الى ما كانت عليه ، وقد يقل غضب الطرفين على بعضهما ، او يسعى الاقارب للتصالح والتقريب بينهما ، وهذه الطرق : ـ
ان الطلاق يجب ان يكون في طهر لم يواقعها فيه ، فاذا كان الزوج قد واقعها قبل الطلاق او بعد حدوث الخلاف بينهما فعليه ان ينتظر حتى تحيض وتطهر ثم يطلقها .
يجب ان تكون نقية من الحيض والنفاس ، اي لايجوز طلاق الحائض والنفساء ، والعجيب ان الدورة الشهرية لاتمنع عقد الزواج لكنها تمنع الطلاق .
لايجوز طلاق الحامل حتى تضع حملها وتطهر من نفاسها ، وطيلة مدة الحمل يجب على الزوج ان يدفع لها النفقة .
ان اجراء الطلاق يحتاج الى شاهدين عدلين من اهل الصلاح والتقوى ، فاذا حضر احدهما ولم يحضر الاخر لايصح الطلاق .
اجراء صيغة الطلاق يجب ان يكون حضوريا وان تكون الصيغة لفظا اما اذا اجريت كتابة فلا يقع الطلاق .
سلامة الزوج ، اي ان لايكون في حالة مرض او اي عارض اخر .

تكوين الاسرة في الاسلام 358


وهناك شرائط اخرى منها مسألة الاصرار على الطلاق الرجعي . ورعاية العدة وايجاد مجال في زمان العدة للمراجعة والتصالح .


توصيات :

اذا وقع الطلاق وانفصل الزوجان يسعى الاسلام لاعادة وصل حبل الزوجية ـ حتى وان كان قد وصل لمقدار شعرة ـ ولايقطعه تماما فيجب
اولا : ان يكون الطلاق رجعيا حتى تتاح الفرصة للمراجعة في مدة العدة .
وثانيا : لاتخرج المراة من بيت الزوج الا ان ترتكب فاحشة .
فاذا كانت حاملا فعدتها ان تضع حملها ، وطيلة مدة العدة على الزوج ان يتعهد بنفقتها وان يراعي حقوقها ولا يسبب لها الضرر ولايؤذيها ، وان لايسعى للضغط عليها لتترك البيت .
في المقابل على الزوجة ان تسعى لتحريك عاطفة زوجها وارضائه فعليها ان تحافظ على اسرتها من الخطر وان تتزين له طيلة مدة العدة (في الطلاق الرجعي) .

السابق السابق الفهرس التالي التالي