|
|
تكوين الاسرة في الاسلام |
|
249 |
|
|
هذا السؤال الذي يطرح : هل ان تعدد الزوجات امر ضروري ام لا ؟! الامر المهم في حالة الجواب ـ ان كان بالايجاب ـ هو توضيح فلسفة التعدد في الاسلام ، فيجب ان نرى ماهي هذه الضرورات التي يؤيدها وجود مثل هذا الامر ، ونحن سنشير اليها هنا : ـ
لتوضيح هذه المسالة نرى ان من الناسب هنا ان نذكر امثلة :
لنفرض ان في المجتمع تولد (50) بنتا و (50) صبيا ، فبعد (14) سنة تصبح الـ(50) بنتا في سن الزواج ، بينما الـ(50) صبيا لم يبلغوا بعد .
او اذا كان العدد (1000) صبي و (1000) بنت ، وعلى اساس عشرين سنة فبعد هذه المدة تصبح (500) بنتا بين عمر (10) سنوات فاكثر في سن تصلح فيه للزواج ، في حين يوجد (250) شابا فقط بين (16ـ 20) سنة يصلحون للزواج من (250) ، فما نفعل بـ(250) بنتا اخرى .
واذا طبقنا هذه العملية الحسابية بصورة اوسع وعلى نطاق المجتمعات والدول فسنواجه ارقاما واحصائيات عجيبة .
وعلى اساس ما ذكره مركز الاحصائيات الصحية الامريكي وغيره من احصائيات المجتمعات الاخرى ، بالرغم من ان عدد الاطفال الصبيان اكثر من البنات ، ولكن عند وصولهم الى سن (30) سنة فما فوق يصبح عدد النساء اكثر من عدد الرجال ، في حين ان في امريكا كل (100) امراة مقابل (95) رجلا ، ولا بد للمحافظة على الـ(5) الباقيات من الزواج مجددا .
|
تكوين الاسرة في الاسلام |
|
250 |
|
|
تفيد التحقيقات في تلك الاحصائيات ، انه كلما زادت الاعمار نجد ان نسبة النساء فيها اكثر من نسبة الرجال بشكل ان ما بين (65ـ 74) سنة مقابل كل (100) امراة (79) رجلا ، وفي الاعمار المتقدمة يرتفع هذا العدد الى ان لكل (100) امراة (65) رجلا ، يعني توجد (35) امراة اضافية .
الاحداث التي تفع كالحرب ومواجهة الرجال للاخطار العديدة منها الانفجارات في المناجم وغيرها ، والموت اثناء العمل وحوادث الطرق والتصادم تسبب موت عدة من الرجال اكثر من النساء .
فمثلا في الحرب العالمية الاولى والثانية قتل فيها ملايين الرجال من الشباب ، كانت في المانيا وحدها بعد الحرب وفي سن ما بين (20ـ 45) سنة ، نسبة النساء تزيد ثلاثة اضعاف على نسبة الرجال .
وفق الاحصائيات الرسمية ثبت ان الوفيات بين الرجال اكثر منها في النساء ، وسبب ذلك يعود الى ماذكرنا سابقا ، والى ان جسم الرجل اقوى من المراة وبشكل ان طاقة رجل واحد في سن (18) سنة ، تعادل فتاتين بنفس عمره ، وان سبب وجود مثل هذه الطاقة يعود الى كمية المحروقات والمواد الغذائية والتحول في خلايا الرجل .
وبالنتيجة فان قلب الرجل يدق اشد ويعمل اكثر من المراة ، ودمة يحتوي على كريات اكثر ، فيؤدي بذلك وظائف اكثر ، وبذلك فان
|
تكوين الاسرة في الاسلام |
|
251 |
|
|
استهلاك خلاياه وهلاكها وموتها اسرع واكثر مما عند المراة فيكون الموت اسرع عنده منها .
بالاضافة الى الصدمات الناشئة عن العمل الثقيل والوفيات التي تحدث في مجال العمل ، والمقاومة الصحية للرجل مقابل الامراض ، وزياردة نسبة الانتحار ، وزيادة الامراض المختلفة ، كلها تؤدي الى موت الرجال اكثر واسرع من النساء وفي كل المجتمعات كما ان عدد الرجال المبتلين بعمى الالوان يعادل 16 مرة اكثر من النساء ، وان عدد الرجال المصابين باللكنة يعادل 5 اضعاف عدد النساء !؟
ماهو الحل في مقابل تزايد عدد النساء ؟
|
|
|
على اساس ان عدد النساء في العالم اكثر من عدد الرجال ، يطرح التساؤل التالي : ماذا نفعل بعدد النساء الاضافي هذا ؟
يعني ان نعتبرهن غير موجودات في الدنيا ، اصلا ، وان وجودهن خارج نطاق الواقع الخارجي ، او ان نقول : انهن موجودات غير قابلة للذكر ، ويجب ان نلقيهن بعيدا في البحر ونطعن بهن ونحطم شخصيتهن ـ او ان نقول انهن لسن ادميات ، ولا يحسب لهن اي حساب .
فهل هذا الاسلوب انساني ولائق واي عقل ومنطق يقبل مثل هكذا حل ؟!
|
تكوين الاسرة في الاسلام |
|
252 |
|
|
وهذا يتم عن طريق اعطائهن دواء ، او عن طريق عملية جراحية تعمل لهن بشكل نميت فيهن الاحساس الجنسي ونلغي من اذهانهن كل تفكير بالزواج !!
وهذه محرومية عظيمة للنساء ، تبعث على الياس من الحياة ، وتفقد المراة نشاطها وحيوتها وطراوتها ، وبالاضافة الى ذلك فان تعقيمها ـ بخلاف الرجل ـ لا يلغي ميلها الجنسي بل يسبب في خلق ازمة جنسية ، وكل ما يفعله هو اضعاف قدرتها الجنسية ، واي امراة تقدم على مثل هذا ؟ واذا فرضنا قبولها فماذا نفعل بالاثار النفسية والجسمية الناشئة عن ذلك
|
3 ـ نحرمهن من حق الزواج :
|
اي ان نقول ان ليس لهن حق التمتع بحياة اسرية ، وليس لهن الحق في العيش ضمن اسرة وتحت ظل رجل ، فان مات زوجها او قتل فهذا هو نصيبها من الحياة وعليها ان تقنع .
هذا الحل ليس صحيحا ، فالزواج حق طبيعي لكل الافراد ، ولا احد يستطيع ان يحرم احدا من حقه الطبيعي ، فمثلا اذا تزوجت فتاة وبعد شهرين او ثلاثة ، او سنتين من زواجها لم تتوافق مع زوجها , او ان زوجها مات على اثر مرض ما او حادثة ما ، وبقيت وحيدة ، وهي لا تزال في عنفوان شبابها .
فهل يمكننا القول لها : انك لا بد ان تبقين مدة (50) سنة اخرى وحيدة ، وماذا تفعل طيلة تلك المدة ؟ هل ان الياس التام من حياة زوجية
|
تكوين الاسرة في الاسلام |
|
253 |
|
|
|
4 ـ قبولهن بالعلاقات اللامشروعة :
|
اي ان نعطي الحق لرجل بالزواج من امراة واحدة بزواج شرعي ، وله الحق ايضا باقامة علاقات لاشرعية مع اخريات .
هذا النوع من التفكير نجده في المجتمعات الغربية ، فالمجال مفتوح للرجل ان يتخذ خليلة او معشوقة او غيرها من العناوين ، ويقيم معها علاقة غير شرعية وعلى هواهما .
نحن نعلم ان هذا الطريق غير عقلاني وغير صحيح ؛ ففي مثل هذه الحالة ماذا نفعل بالفوضى الجنسية والهرج والمرج في العلاقات ، والابناء المشردون الذين لا يعرف اباؤهم ماذا سنفعل بهم ؟ الا يقع الشرف الاجتماعي في هذه الحالة في معرض الخطر ؟ وماهي الثمرة التي نجنيها من ابناء مجهولي الحال ؟ الا يتعرض الجيل الجديد الى العقد والاضطرابات النفسية ؟ وهل يبقى بعد ذلك في المجتمع فرد متوازن نفسيا وسوي ؟
بالاضافة الى ذلك ان المراة بمعاشرتها لعدد من الرجال تصبح عقيمة بعد فترة من الزمن ، او ان تنجب ابناء ناقصي الخلقة ، فمن يحب ان يدفع ثمن كل ذلك ؟!
|
5 ـ قبول الزواج المشروع :
|
الحل الاخير هو ان يسمح لهن وتحت ضوابط وشروط معينة ان
|
تكوين الاسرة في الاسلام |
|
254 |
|
|
يتزوجن من رجال ذوي عدل خيرين (وليسوا ممن يسعى وراء رغباته وذوقه وهوى نفسه) والعيش مع زوجة اخرى (الزوجة الاولى) كالاختين المسلمتين ، وان يساوي بينهما من ناحية اسلوب الحياة والعدالة الانسانية .
وهذا هو السبيل الذي يؤيده الاسلام ، وبه عمل الائمة المعصومين (عليهم السلام) والصالحون في صدر الاسلام ، وحتى احرار عصرنا الحاضر .
الموارد التي يجوز من اجلها التعدد :
|
|
|
هناك عدة موارد يؤيد فيها مسالة التعدد :
في بعض الاحيان تبتلى المراة باحد الامراض الوراثية او العقم والتي تظهر فيها عادة بعد الزواج ، ففي مثل هذه الحالة ماذا يفعل الزوج ؟ ايطلقها ام يقيم علاقة غير مشروعة مع امراة اخرى ويرضي رغبته بهذا الشكل ؟ او ان يعاني من العزوبة او الرهبانية ؟ ام يتزوج بامراة اخرى مع مراعاة العدالة ؟ بلا شك سيكون الحل الاخير هو الحل المناسب واللائق .
نحن نعلم ان مقاربة الرجل للمراة في ايام معدودات من كل شهر حرام ومضرة بنفس الوقت (ايام الحيض) فاذا ما احتاج الرجل في هذه
|
تكوين الاسرة في الاسلام |
|
255 |
|
|
الايام الى ان يرضي غريزته فماذا يفعل ؟ هل نقول له ان عليه ان يصبر ويغض النظر عن رغبته الطبيعية ؟ او ان يلجا الى الطرق اللاشرعية ؟
ان مثل هذه الامر يخص عددا من الرجال الذين لهم وضع جسمي غير عادي وحيوي ، ويحتاجون فيه الى عدد من الزوجات لتخفيف الاضطرابات الناشئة عن مثل تلك الازمات .
|
3 ـ تاثير العوامل الخارجية :
|
للعوامل الخارجية كالمناخ والوضع الاقتصادي والنواحي الاجتماعية تاثير كبير في تشديد او تخفيف حدة الغرائز .
فالكثير من الرجال وبسبب تلك العوال لابسبب الاندفاع وراء الرغبات لا يمكنهم ان يكتفوا بزوجة واحدة ، ففي مثل هذه الموارد هل نمنعهم من الزواج ثانية ؟ ان ذلك ليس فقط بلا جدوى بل يمكن ان يخلق اخطارا كبيرة نراها في الدول التي تمنع الرجال من الزواج وتقيده .
الجهاز التناسلي للرجل مخلوق بشكل يكون دائما عرضة للهيجان الجنسي ، وهذا المر يعود الى وجوده خارج الجسم بخلاف المراة حيث يكون جهازها التناسلي داخلي ، ولا يتعرض للهيجانات الا قليلا وعند اقامة العلاقة الجنسية .
وبالنظر لهذا الامر فالاسلام يؤيد التعدد في هذه الحالة ، كذلك تؤيده النواحي الاجتماعية .
|
تكوين الاسرة في الاسلام |
|
256 |
|
|
|
تكوين الاسرة في الاسلام |
|
257 |
|
|
«الاشكالات على تعدد الزوجات وشروطه»
بعض الاشكالات على تعدد الزوجات
|
|
|
كما سبق وذكرنا ان هناك اشكالات اثيرت من قبل اتباع بقية الاديان ، وتاثير بعض المسلمين بها من حيث شاؤا ام لم يشاؤا بهذه الاشكالات ، وهم بدورهم اخذوا يحللونها ، واحيانا يعترضون ضمنيا على هذا الحكم الاسلامي .
وعادة ان مثل هذه الاعتراضات اما ناشئة عن جهل بحكم الاسلام ، او قائمة على اثر سوء استفادة بعض الافراد ممن ظاهرهم الصلاح ! او بسبب وجود التعصب والحساسية بالنسبة للرغبات الفردية والشخصية .
ولا يجب ان ننسى ان اصل الحكم في كل المجتمعات شيء وسوء الاستفادة من الحكم شيء اخر ، فاذا لم ياخذ بعض افراد المجتمع المفسدين القوانين بنظر الاعتبار ، فليس معنى ذلك ان العلة في القانون بل ان على الافراد اطاعة القانون ، فقد نجد رجلا يتزوج عدة نساء سعيا وراء رغبته وحسب هواه ، ولا يراعي اي عدال بينهن ، ففي مثل هذه الحالة يجب ان نلقي باللوم على حكم الشريعة الاسلامية في التعدد ، بل يجب الزام ذلك الشخص بالتزام حدود الاسلام وعدم تجاوزها .
وهنا نورد بعض الاشكالات التي تطرح ونناقشها مع مراعاة الاختصار :
|
تكوين الاسرة في الاسلام |
|
258 |
|
|
يقولون ان الزواج الثاني يسلب حق رجل اعزب آخر ، للجواب على هذا الامر نقول :
ان هذا الامر ليس صحيحا ، فليس هناك رجل متزوج يسلب حق اخر اعزب يريد الزواج من فتاة معينة ، وليس كما يقولون ، فاذا كانت الفتاة التي رغب فيها الشاب الاعزب هي ايضا راغبة فيه فلا يكون وجود الرجل المتزوج حائلا بينهما ؛ لان الفتاة ليس لها الاستعداد للزواج منه .
وغالبا ما نرى ان المتزوج يتزوج من امراة ثيب ، او من فتاة لا مانع للزواج منها ، وغالبا ما تكون قد تقدمت في العمر وبقيت في بيت ابيها ؛ اي ممن لا يرغب الشباب في الزواج منهن ، وحتى اذا تزوج من فتاة اصغر سنا من فلن يكون ذلك الا برغبتها ورضاها .
|
2 ـ استمالة الفتاة بالقدرة المادية :
|
واحيانا يقولون ان الرجل المتزوج يستميل الفتاة بثروته ، ويحرم الشاب الاعزب من حقه ، وللجواب على ذلك نقول :
اولا : ان مثل هذا الامر قليل الحدوث .
ثانيا : بحثنا يتعلق بتعدد الزوجات في المجتمع الاسلامي وليس في المجتمع المتحلل ، الذي هو بلا ضوابط ولا قيود ، والبحث هنا عن رعاية الحقوق لا عن سوء الاستفادة منها .
ثالثا : ان اصل الزواج يقوم على اساس التراضي بين الطرفين وليس بالاكراه ، فعلى هذا الاساس اذا ما استطاع الرجل ان يجلب رضا الفتاة فله
|
تكوين الاسرة في الاسلام |
|
259 |
|
|
الحق للحياة معها ، ومثل هذا الامر طبيعي ولا يمكننا منعه ، وللفتاة الحق في الاختيار بين اعزب لا يملك شيئا او رجل متزوج ثري ، فالاعتراض هنا على الفتاة لا على القانون .
ويقولون ان تعدد الزوجات يؤدي الى خلق الاضطرابات في الوضع الاسري ، وللجواب على هذا نقول :
هذا الامر صحيح الى حد ما ، ولكن حقيقة الامر ان الاضطراب في الاسرة مرده الى كيفية تطبيق القوانين ؛ لان كثيرا من الرجال يعيشون عمرا مع امراة يتمتع بها وبجمالها ، وبعد ان تكبر ويتقدم بها العمر يسعى للزواج من فتاة شابة صغيرة السن وجميلة ، ولا يراعي حقوق زوجته الاولى ، فمن الطبيعي في مثل هذه الحالة ان تياس وتتاسف على مافات من عمرها ، وبالنتيجة يحدث الاضطراب في الاسرة .
فاذا كان الرجل انسانا مسلما منصفا ، ويراعي حقوق وحرمة زوجته الاولى ، فلن يحدث مثل هكذا وضع ، وهذا الوضع الذي نراه في كثير من الحالات .
نعم ان مسالة الغيرة بين النساء موجودة ولكنها قابلة للتعديل والسيطرة عليها بشرط ان تراعي المراة ضرورة تعدد الزوجات وتحس به .
|
4 ـ سوء الاستفادة من الحكم الشرعي :
|
ويقولون انه على اثر تعدد الزوجات تنشا الخلافات بينهن ، وكل
|
تكوين الاسرة في الاسلام |
|
260 |
|
|
منهما تريد ان تثبت وجودها في البيت وتتحكم بوضع الاسرة ، والجواب على هذا نقول :
ان هذه المسالة صحيحة ايضا والى حد ما ، ولكن وكما قلنا سابقا انه يتعلق بكيفية اجراء الحكم وتطبيقه من قبل الزوج ، وبعبارة اخرى ان الخلافات ترجع الى سوء تصرف الزوج لا الى اصل الحكم .
فاذا اقدم الرجل بشكل صادق على الزواج لا من اجل الهوى النفسي ، فانه سيجعل المراة في وضع تدرك فيه ضرورة التعدد ، ولا يبقى مجال لمثل تلك الخلافات ، ولكن اذا لم يراع العدالة ويفضل احداهما على الاخرى ، فالزواج الثاني يجب ان لايسلب الزوجة الاولى حقوقها ويحرمها منها .
ويقولون انه في ظل الزواج المجدد تصل مسالة التفرقة الى اوجها ويسبب الخلافات بين الزوجات ، والجواب على هذا :
ان الاسلام باقراره مسالة التعدد اشترط العدالة كاصل في كل الامور المادية والمعاشرة وغيرها ، فتعدد الزوجات ليس السبب في حدوث التفرقة ، بل ان الافراد عملوا بخلاف الواجبات الاسلامية والانسانية ، او ان الزوج لم يراع حقوق احدى زوجاته ، وعلى كل حال يجب مراعاة العدالة والانصاف والطهارة والصفاء والحياة الاسلامية لا غيرها .
نعم ففي حالة اذا ما رات الزوجة ان زوجها يتمتع بعيش رغيد مع زوجته الجديدة ولا يراعي العدالة بينهما ، فبلا شك سوف لن تستطيع الاستمرار معه في الحياة .
|
تكوين الاسرة في الاسلام |
|
261 |
|
|
ففي مثل هذه الحالة تكون الحياة في نظرها عذاب ، وتتحمل التفرقة وغيرها ، ولاجل التخلص من هكذا وضع تلجا للحاكم الشرعي لمساعدتها ، او على الاقل اجبار الزوج على طلاقها .
ملاحظة مهمة :
|
|
|
ان المشرع الاسلامي لم يراع في مسالة التعدد مصالح الرجل فقط ، بل راعى مصالح المجتمع عامة ، فالرجل في الزواج الثاني ليس له هم سوى جلب نظر زوجته في هذه الحالة فالزوجة الجديدة ايضا عليها مراعاة مصالح زوجها .
وهنا مسالة اخرى وهي : ان المراة التي توافق على الزواج من رجل متزوج وتكون على اطلاع كامل ومعرفة بوضع زوجها ؛ اي ان له زوجة اخرى ، ان تراعي وضعه ، وقد يتاسف الاخرون على حالها ، والحق ان هذا التاسف والتحسر ناشئ عن احساس بالتعصب او جهل بالمسالة .
هل ان منع التعدد امر عملي ؟
|
|
|
ان منع التعدد بشكل اجباري امر عملي ، ولكن لايمكن التسليم والقبول به ابدا ؛ لانه ـ وكما قلنا ـ سيطرح مسالة سلب حقوق المراة ، وبعبارة اخرى في مثل هذه الحالة سنقول لها بشكل غير مباشر ان لا حق لها في الحياة !
فالمراة الراغبة في تشكيل اسرة وعلاقة جنسية مع رجل ولا يعطيها احد هذا الحق ، فليس امامها سبيل سوى ان تترك الحياة او ان تلجا ـ لا
|
تكوين الاسرة في الاسلام |
|
262 |
|
|
سمح الله ـ الى سبيل الفحشاء .
ومن جانب اخر ، نعلم ان هناك بعض الرجال الذين لهم عدة زوجات اذا ما منعناهم بالقانون فانهم سوف يلجاون الى الزنا .
فالرغبة الجنسية كحالة الاسهال يجب ان تعالج وفق اصول عقلانية وعلمية ، والا فبسد مجرى الامعاء لا يمكن ان يكون ذلك علاجا نافعا ، فالاثار الناتجة عن مع ذلك وخيمة وصعبة جدا ، منها :
رواج الفحشاء في المجتمع ، زيادة العقد النفسية ، الطغيان والعصيان والتمرد .
هل من المصلحة منع التعدد ؟
|
|
|
لنفرض ان منع التعدد امر عملي ، فهل ان تطبيقه سيكون عمليا ايضا ؟ الجواب :
في حالة كونه عمليا فهو ليس في صالح المجتمع ؛ لاننا اذا منعنا التعدد فماذا نفعل بالفتيان الكبيرات السن الباقيات في البيت ؟ والنساء الثيبات الشابات والراغبات في الرجال ؟ فهل سوف لا يواجه المجتمع في مثل تلك الحالة عدم التوازن والتمرد والطغيان ؟
قد يقول قائل ان مسالة الزوجة الواحدة موجودة في الغرب فما الذي حدث ؟ فكل ما عندهم يمكن ان يكون عندنا ، الجواب على ذلك :
صحيح ان التعدد في الغرب ممنوع قانونيا ، ولكن الرجل الواحد لا يمكنه ان يتزوج امراة واحدة بشكل رسمي ، ولكن يمكنه ان يقيم عدة علاقات غير رسمية وغير شرعية تحت اسم العشيقة التي يجوز له
|
تكوين الاسرة في الاسلام |
|
263 |
|
|
ملامستها ومراقصتها وتقبيلها ولم يمنعه من ذلك القانون !
فهل يمكننا القبول بمثل هكذا وضع في المجتمع الاسلامي ؟ وهل يمكننا القبول بهذه الفوضى الجنسية وانعدام القيود والضوابط ؟ .
وبالنتيجة فان منع تعدد الزوجات حتى مع امكانه فانه ليس في صالح المجتمع ، كما ان اطلاق العنان له امر غير صحيح ايضا ، بل يجب ان يكون ضمن ظروف وشروط معينة .
شروط تعدد الزوجات في الاسلام :
|
|
|
كما سبق وذكرنا ، فان الاسلام قد اجاز تعدد الزوجات ولم يامر به ، بعبارة اخرى ان اصل الحياة الاسرية تقوم على وجود زوجة واحدة ، ولكن يجوز التعدد بحكم الضرورة ورعاية للشروط .
ففي ظل هذه الشروط يسعى الاسلام لتحديد العلاقة بين الطرفين وبيانها بشكل لا يكون فيه هذا الزواج بدون قيود ولا ضوابط وهذه الشروط هي : ـ
يامر القران الكريم الرجل الذي عنده اكثر من زوجة ان يراعي العدالة بينهن هذه العدالة تتمثل في النفقة والمسكن ، والاشراف والمتابعة والكفالة المادية ، والجانب العاطفي ، والعلاقات الجسمية والنفسية ، ولا يستطيع الرجل مراعاة العدالة في الجانب العاطفي لان هذه المسالة نفسية .
فالرجل احيانا ـ يحب احدى زوجته اكثر من الاخرى ، وهذا الامر
|
تكوين الاسرة في الاسلام |
|
264 |
|
|
طبيعي حتى في الابناء ، فقد يحب الشخص احد ابنائه اكثر من الاخر ، ولكن المسالة المهمة ان لا يبدي ذلك لها ، فاذا لم يستطع الرجل مراعاة العدالة بين زوجاته فعليه ان يكتفي بواحدة : «فان خفتم الا تعدلوا فواحدة او ما ملكت ايمانكم» (1) .
قال رسول الله (صلى الله عليه واله) : «ومن كانت له امراتان فلم يعدل بينهما في القسم من نفسه وماله ، جاء يوم القيامة مغلولا مائلا شقه حتى دخل النار» (2) .
وفي رعاية العدالة يوصى بتقسيم الليالي بينهن ، وكان رسول الله (صلى الله عليه واله) يراعي مسالة العدل بين نسائه ، حتى اواخر ايامه وحين مرضه فكان يامر بنقل فراشه كل يوم في بيت الزوجة التي يكون ذلك اليوم من قسمتها ، وكان امير المؤمنين (عليه السلام) يراعي مسالة الوضوء لصلاة الليل ان تكون في منزل الزوجة التي يريد المبيت عندها .
ولاشك ان الزوج اذا راعى العدالة بهذا الشكل فسوف لن يحدث خلاف بينه وبين زوجاته من جانب ، وبين الزوجات انفسهن من جانب اخر .
|
2 ـ في الناحية العاطفية :
|
يجب ان يسعى الزوج ـ مع مراعاة العدالة في النفقة والكسوة والمعاشرة ـ الى عدم جرح عواطف ومشاعر زوجته ، ففي الاسلام لا يباح
|
(1) النساء : 3.
(2) وسائل الشيعة : 15 / 84 ح 1 .
|
| |