تكوين الاسرة في الاسلام 135

دميما محتاجا عريانا ، وان رسول الله (صلى الله عليه واله) نظر الى جويبر ذات يوم برحمة له ورقة عليه فقال له :
يا جويبر لو تزوجت امراة فعففت بها فرجك واعانتك على دنياك واخرتك .
فقال له جويبر ، يا رسول الله بابي انت وامي من يرغب في ، فوالله ما من حسب ولا نسب ولا مال ولا جمال ، فاية امراة ترغب في .
فقال له رسول الله (صلى الله عليه واله) : يا جويبر ان الله قد وضع بالاسلام من كان في الجاهلية شريفا ، وشرف بالاسلام من كان في الجاهلية ضعيفا ، واعز بالاسلام من كان في الجاهلية ذليلا ، واذهب بالاسلام مكان من نخوة الجاهلية وتفاخرها بعشائرها وباسق انسابها ، فالناس اليوم كلهم ابيضهم واسودهم وقرشيهم وعربيهم ، وعجميهم من ادم ، وان ادم خلقه الله من طين ، وان احب الناس الى الله اطوعهم له واتقاهم ، وما اعلم يا جويبر لا حد من المسلمين عليك اليوم فضلا الا لمن كان اتقى منك واطوع .
ثم قال له : انطلق يا جويبر الى زياد بن لبيد فانه من اشرف بني بياضة حسبا فيهم ، فقل له : اني رسول رسول الله (صلى الله عليه واله) وهو يقول لك زوج جويبرا بنتك الدلفاء (1) .
وبذلك تزوج جويبر الرجل الفقير من ابنة زياد بن لبيد الذي كان من اشرف الناس .

(1) الوسائل : 14 / 44 ح 1 .
تكوين الاسرة في الاسلام 136


ملاحظة للشباب والفتيات


الشيء الذي يجب اعطاءه اهمية عند تشكيل الاسرة ووضع لبنته في بناء المجتمع هي التوافق الفكري والتالف والانسجام والمشاركة والتشابه .
ان اساس حياة الاسرة يجب ان يكون قائما على المحبة ومعرفة الواجبات . والوصول الى الثروة والمقام والجاه عن طريق الزواج مخالف لاهدافه وعلى العكس من مسيرته ، فالحياة لا تستقيم وتدوم وفق هذا الاساس ، وما اقبح ان يرد الشاب المؤمن الطاهر بحجة عدم توافر تلك الشروط فيه .
ان التجارب العلمية تؤكد خطاء هذا الامر ، فان وضع شروط الثورة والجاه والجمال والمنزلة العلمية والاجتماعية وغيرها من العناوين الاخرى ، فما فائدة ان يكون الزوج مهندسا او طبيبا وليس له رمز من الحياة الانسان .
والجمال وقته فترة الشباب وبعدها يذهب ، والامتيازات المادية والثروة تذهب هباء بحادثة ما ، والرغبة واللذة ليست ميسرة للانسان في كل وقت .
اذن فالزواج وفق تلك المعايير لا يكون سببا للتوفيق والسعادة ، ومن جانب اخر فالزواج لمجرد الخروج من العزوبية والتخلص من الالتزامات البيئية والتحرر من قيود الوالدين مجالا لعدم التوافق والتفاهم .
فالكثير من الخلافات الاسرية والنزاعات والانفصال يرجع الى مسالة عدم اخذ مسالة الكفاءة في الايمان والتقوى عند الخاطب بنظر

تكوين الاسرة في الاسلام 137

الاعتبار ، وهؤلاء لا يعلمون ان اساس وعمود الكيان الاسري هو المشاركة والتوافق والتلاؤم والانسجام والتوافق الفكري والعقائدي .
كما لا يمكن ان تختار الفتاة اي شخص يتقدم لخطبتها ، فالاختيار يجب ان يقوم على اساس المعايير الاسلامية ، مثل اللياقة ، التربية ، الانس ، الادب تحمل المسؤولية ، التسامح ، التقوى ، فكل من الطرفين يجب ان يختار شريكة لاجل عقيدته وتقواه وشرفه لا لاجل مسائل مادية اخرى وشكلية فانية ، التي اذا قامت على اساسها علاقة فلا شك انها لن تستمر .
ونريد القول : ان الزواج يجب ان يقوم على اساس وصفات واصول دائمية للانسان ، والتي تعطيه القيمة مثل المروءة ، والرجولة ، والاخلاق ، والفكر ، والتفاهم ، وروح المسامحة والا فالشهادة والاموال والجاه لا تخلق الرفاهية .

قرار الخطوبة


عادة بعد مراسيم الخطبة والاسس الاولية للزواج ، يصبح الطوفان مخطوبين ، هذه الفترة مناسبة للتعارف سواء بعقد دائم او مؤقت .
ففي تفترة الخطوبة يجب ان يتم التعارف فيها جيدا ، التفاهم والادراك بين الطرفين ، ايجاد المعرفة والتالف ، ومن الخطا بدلا من ان تكون هذه الفترة فرصة للتعارف يتعمد الطرفان اخفاء الحقيقة ، او ان يقضيان الوقت بالحب والمشاعر الملتهبة .
وخطا ايضا ان لا يلتزما بالشروط التي اتفقا عليها ، ولا يستغل الشاب الفرصة للاحتيال على الفتاة وسلبها شرفها وعصمتها ، ووضع اسرتها

تكوين الاسرة في الاسلام 138

تحت رحمة مخالبه للظغط عليهم ، وفي كل حال يجب السعي لان تكون هذه الفترة للتفاهم وللمعرفة وايجاد الانس والالفة بينهما .

تكوين الاسرة في الاسلام 139


الفصل العاشر

«المهر او الصداق في الزواج»


ماهو المهر :


المهر هدية من الرجل الراغب في الزواج من المراة يعطيها اياه عند الزواج ، والمهر واجب لاجل اقدام المراة وجلب نظرها في قبول الزوج ، ووسيلة لبيان حب الرجل للمراة التي ستكون شريكة حياته في المستقبل .
سمى المهر في القران الكريم (نحلة) وهو يعني هبة وهدية ، وهو تعبير عن صدق الرجل في الزواج من المراة ، وهو بذلك ليس وسيلة لشراء المراة او اجرة مقابل خدماتها في بيت الزوج ، او ضمانة لزمان الانفصال عنه ، او ذخيرة لما بعد وفاة الزوج .
ومن هذا الباب فالرجل في ظل الزواج لا يعني ان له الحق في تملك المراة ، ولا يجبرها على اداء اعمال المنزل ، وكذلك فان الاسلام اخذ بنظر الاعتبار ضمانات للمراة في حالة الانفصال او موت الزوج ، ووضع لها حقوقا سنطلع عليها فيما بعد .
والمراة بعد الزواج وحتى في قبضها المهر لا تفقد استقلالها الاقتصادي وارادتها المالية ، لذلك لا يحق للرجل فيها ، فقط له حق الزوجية ، وهذا ايضا في اوقات معينة يسمح بها الاسلام .
وفي نظرنا ان المهر ذو بعد معنوي وليس مادي ، ودليلا على علو

تكوين الاسرة في الاسلام 140

قيمة المراة ، وهو موجب لاحترامها وتقديرها والاهتمام بعظمتها ومقامها ومنزلتها .

اهمية المهر في نظر الاسلام :


في الاسلام لا يمكن للمراة عدم قبول المهر حتى ولو كا شيئا قليلا (مثلا قطعة ذهبية ، عدة غرامات سكر) وكذلك ايضا لا يكون بمثابة حق التعب والتربية للوالدين ، حتى يجوز لهما هبته او عدم قبوله ، هذه سنة الاسلام وهو يريد ذلك .
واهمية المهر في الاسلام الى حد انه يجب على الزوج ان يدفعه حتى للزوجة الكافرة ، ويبقى الزوج مدينا به اذا لم يدفعه ، ومن واجب الحكومة الاسلامية ان تجبره على دفعه ، وفي حالة عدم امكانه من دفع المهر يدفع من بيت المال ، ومن حق الحاكم الشرعي ان يطالب الزوج به ، ولكن لايمكنه ان يجبر الزوجة على ان تهبه له او ان لا تاخذه منه .

الاثار النفسية للمهر :


الهدية او المنحة التي قدمها الرجل للمراة بعنوان (المهر) ما هي في الحقيقة الا لاجل ان تطمئن المراة ، ويعبر الرجل لها عن صفاء قلبه ، ودليل على حبة لها ، وهو عند اعطائه هذه الهدية يريد ان يقول للمراة : انه يطلب ان تكون له توام ورحه وانه يحبها ، وهو يحترم ذلك الحب وله قيمة له عنده ويريد منها ان تعيش معه مطمئنة ، وتحفظ له كيان اسرته دافئها ، وتربي له جيلا صحيحا وتسلمه الى المجتمع .

تكوين الاسرة في الاسلام 141

والمهر بهذا الشكل وسيلة جيدة لايجاد المحبة والمودة بين الزوجين ، وعامل قوي لايجاد الالفة ، ولا شك ان هذه المحبة والمودة عندما تنبت جذورها في المقابل فالمراة بعد العقد والمخالطة مع الزوج تمنحه هي كذلك محبتها وصفاء روحها .

لما يدفع الرجل المهر للمراة ؟ :


السؤال الذي يطرح هو : لماذا يدفع الرجل المهر للمراة ؟
والجواب هو كما ذكرنا من انه وسيلة لاعلاء مقام المراة وتكريما لها ، وايجاد للثقة ، والاطمئنان الفكري لها ، كما يتسبب في ايجاد نوع من النظام في الاسرة وتربية ابنائها ، وحفظ الكيان الاسري دافئا ، ويجلعه محيطا مملوءا بالامان والصفاء ، لذلك فهي بحاجة الى الامان الفكري وراحة البال والامان العاطفي كل الى كل هذا .
هي بذلك تطمئن ان حبها وعطفها ليس بدون حساب ولا يذهب بدون ثمن ، اما اذا كان ويضع المراة مهزوز امام الاسرة والزوج ، فلا يمكنها ان تؤدي وظيفتها كزوجة ومديرة منزل وام ، ولا تنجح ايضا في تربية ابناء اسوياء صالحين .
وعن المعصوم فيما يتعلق بالمهر وعلة دفع الرجل له ، قال :
لان على الرجل مؤونة المراة ؛ لان المراة بائعة نفسها ، والرجل مشتري ، ولا يكون البيع الا بثمن ، ولا الشراء بغيراعطاء الثمن« (1) وغيرها من الروايات لا نذكرها هاهنا مراعاة للاختصار .

(1) وسائل الشيعة : 15 / 23 ح 9 .
تكوين الاسرة في الاسلام 142


ماهية المهر :


كل شيء يمكن ان يكون بعنوان هدية او منحة يمكن ان يكون مهرا كالنقود ، الاموال واشياء اخرى مثل تعليم احد العلوم او الفنون او الثقافة ، تعليم الاحكام الاسلامية ، وتعهد الزوج باداء خدمة معينة للزوجة في الحال او في المستقبل .
روى ان رجلا جاء للنبي (صلى الله عليه واله) يريد الزواج وليس عنده شيئا من المال ، فقال له رسول الله (صلى الله عليه واله) :
هل تعرف شيئا من القران ؟
قال : نعم ، وقرا له شيئا من القران .
فقال له الرسول (صلى الله عليه واله) : اني زوجتك من امراة على ان تعلمها شيئا من القران .

الاشياء التي لا تصح ان تكون مهرا :


كل شيء حرام وكل شيء لايملكه الشخص لا يمكن ان يكون مهراً ، مثل الخمر والخنزير والطير في الهواء والسمك في الماء .
اذا تزوجت امراة غير مسلمة من رجل كافر وكان مهرها خمرا ، ثم اسلم فعقد الزواج صحيح ، ولكن يبدل المهر بنفس القيمة من شيء حلال .
هناك امور لم يسمح بها الاسلام ان تكون مهرا مثلا رقص الزوج او غنائه ، او ان يكون مهرها منعه من الزواج باخرى ؛ لان حكم الله يقدم على

تكوين الاسرة في الاسلام 143

كل شرط اخر ، ولكن اذا تعهد الزوج بعدم الزواج قبل العقد فيجب عليه الالتزام به الى اخر عمره .
كما لا يمكن ان يكون مهرها الحرية في معاشرة رجل اخر ، ولا يمكن ان تعطيها هذه المسالة حق الطلاق بحيث انها في اي وقت تشاء تطلق نفسها .

مقدار المهر :


المهر في الاسلام ليس له حد معين ، فما تراضى عليه الزوجان يمكن ان يكون مهرا قليلا كان او كثيرا ، ولا تؤثر قلته او كثرته في حلية او حرمة الزواج .
في الوقت نفسه يوصي بان يكون المهر قليلا حتى لايثقل كاهل الرجل ، وحتى لا تنشا العداوة فيما بينهما .
قال امير المؤمنين (عليه السلام) : «لا تغالوا في مهور النساء فتكون عداوة» (1) .
والمراة الغالية المهر تعد في الاسلام امراة مشؤومة وبلا بركة ؛ لانها هنا قيمتها بالماديات لا بالمعنويات ، قال قال رسول الله (صلى الله عليه واله) :
«افضل نساء امتي اصبحهن وجها واقلهن مهرا» (2) .

(1) مكارم الاخلاق : 237 .
(2) مكارم الاخلاق : 198 .
تكوين الاسرة في الاسلام 144


وصايا الاسلام في المهر :


توصي الروايات الاسلامية بتقدير المهر بمقدار مهر السنة هو (490 ـ 500) درهم (مقدار الدرهم في الاسلام يعادل مثقال فضة وكل مثقال اسلامي يعادل 18 حبة) .
وهذا المقدار هو الذي كان يعطيه رسول الله (صلى الله عليه واله) مهرا للنساء ، كما وتوصي الروايات العديدة ان يكون مقدار المهر كما هو مذكور ، وكما جاء عن الامام الرضا (عليه السلام) في خطبته ابنة المامون لنفسه (1) .
وكما قلنا سابقا من ان قلة او كثرة المهر عن مقدار مهر السنة لا يبطل الزواج ، والتوصية به هنا من باب الاستحباب ، كما يوصى ايضا انه اذا لم يذكر مقدار المهر حين العقد ثبت للمراة مهر السنة .

المهر لمن ؟


لا شك ان المهر حق للزوجة بتصريح القران : «واتوا النساء صدقانهن نحلة» (2) وبهذا فلا حق لابيها او امها او غيرهما الاستفادة من المهر ، الا اذا اعطيتهم اياة فيما بعد ، وحتى وان اشترطا حين العقد ان يعطي الرجل الف تومان للعروس والفا لابيها او امها ، فهو ملزم باداء مهر الزوجة فقط وغير ملزم بدفع المبلغ لوالديها .
ويمكن للمراة اذا كان مهرها نقودا ان تستثمرها في مشروع

(1) مكارم الاخلاق : 205 حيث جار فسها (... وقد بذلت لها من الصداق ما بذله رسول الله صلى الله عليه واله لازواجه وهو اثنتا عشر اوقية ونش على تمام الخمسمائة .
(2) النساء : 4 .
تكوين الاسرة في الاسلام 145

اقتصادي او تجاري فان ربحه ومنافعه كلها من حقها ، واذا كن ملكا فهي حرة التصرف فيه والاستفادة من منافعه .

متى يدفع المهر ؟


بعد عقد الزواج يصبح المهر حقا للزوجة ، فاذا حدث قبل الدخول ان مات الزوج او انفصلا فهي تملك نصفه ، اما اذا حصل ذلك بعد الدخول فهي تملكه كاملا .
وتوصي الروايات بضرورة تقديم المهر قبل الدخول ، ولكن اذا تراضى الطرفان علي تاجيله الى مدة معينة فيجوز ذلك ، مثلا اذا تعهد الرجل ان يعطيه بعد عشر سنوات او عند الطلاق او حين موت الزوج ، ففي حالة عدم رضا الزوجة بذلك فلها الحق في عدم التمكين من نفسها ، وليس له حق مطالبتها بذلك .

المهر لاي زواج ؟


في الاسلام المهر يكون للزواج الشرعي الذي تتوفر فيه الشروط والموازين الدينية من صيغة العقد وغيرها ، ورعاية مسائل المحارم ، ورضا الرجل والمراة .
والا فلزواج الاخ باخته او الاب بابنته ومن هذا القبيل لا يتعلق بها مهر ؛ لان اصل هذا الزواج باطل ومخالف للشرع ، او زواج الاكراة وعدم رضا اي طرف منها لان هكذا زواج من الناحية الشرعية غير صحيح .

تكوين الاسرة في الاسلام 146


الرجل في مقابل المهر :


راينا ان نظر الاسلام في هذه المسالة مهم وجدير بالاهتمام ، وعلى الزوج ان يلتزم بتقديمه بعد العقد ، ولا يحق له عدم الوفاء به ، او الضغط على المراة لتهب له قسما منه او كله .
والقران يصرح بذلك : «ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما اتيتموهن» (1) .
وروي عن الرسول (صلى الله عليه واله) : »من ظلم امراة مهرها فهو عند الله زان« (2) .
وتعتبر روايات اخرى الاحتيال على المراة لاخذ المهر منها او الضغط عليها ، او عدم الاهتمام بها وتجاهلها كوسيلة لاجبارها على التنازل عن مهرها واعطائه اياه نوع من الخداع والسرقة .

المراة في مقابل المهر :


كما سبق وذكرنا ان المهر حق للمراة تتصرف فيه كما تشاء ، حتى اذا كان مهرها بيتا وسكنت به مع زوجها فلها الحق ان تاخذ منه حق الايجار .
كل ذلك صحيح ولكن هناء وصفاء الحياة الزوجية مسألة خارجة عن نطاق المراهنات والمحاسبات ، مصلحة الحياة تملي عليهما ايجاد الالفة والمحبة اكثر فاكثر .
وفي حالة كون الزوج انسانا مسلما فللزوجة ان تمنحه مهرها سواء

(1) النساء : 19 .
(2) مكارم الاخلاق : 429 .
تكوين الاسرة في الاسلام 147

كان ذلك قبل العقد او بعده ، وكما قال رسول الله (صلى الله عليه واله) : «ما من امراة تصدقت على زوجها بمهرها قبل ان يدخل بها الا كتب الله لها بكل دينار عتق رقبة . قيل : يا رسول الله فكيف الهبة بعد الدخول ؟ فقال : انما ذلك من المودة والالفة» (1) .
وحتى اذا لم تكن المصلحة في ان تهبه له تجعل ربحه مصرفا للحياة المشتركة ، ولا تضغط عليه للحصول على المهر ، فلعله لثقل ذلك عليه يقع في المخمصة وليس له سبيل اخر .

(1) مكارم الاخلاق : 237 .
تكوين الاسرة في الاسلام 148




تكوين الاسرة في الاسلام 149


الفصل الحادي عشر

«عقد الزواج»


ماهو الزواج ؟


الزواج عقد رسمي يتعد فيه الطرفان بالقبول بالحياة الاسرية التي يعيش في ظلها الانسان ضمن خط معين ومعروف .
هذا العقد يتم برضا الطرفين ورغبتهما ، وعلى اساس من الحرية الكاملة ، وفي ظله تنعقد بينهما روابط التقارب ، ولا يتم هذا العقد الا بعبارات والفاظ معينة تسمى بـ(عقد الزواج) .

معنى ومفهوم العقد :


العقد في اللغة بمعنى (الشد) وفي الاصطلاح كل امر يتم بين طرفين (فرد او جماعة) .
وفي لغة الزواج والعلاقة الزوجية ، فالعقد عبارة عن ايجاد رباط مشترك بين الرجل والمرة ، تترتب في ظلة للطرفين حقوق والتزامات ومسؤوليات ، والعقد اشتراك شخصين في حياة اسرية وانشاء روابط شرعية وقانونية بينهما .
وهذا العقد له صورة شرعية وعرفية ، حيث لاينعقد بمجرد بيان رغبة الطرفين ، او بالكناية ، وبل ينعقد بالفاظ معينة ومحسوبة .

تكوين الاسرة في الاسلام 150


اهمية واثار عقد الزواج :


راينا فيما سبق ان الزواج في الاسلام امر مقدس ضمن توصيات كثيرة وردة عن النبي والائمة (صلوات الله عليهم) وفي ظل الانظمة التي تحكم الحياة يتغير الفرد او الطرفين حيث يخضعان لنظام في المجال الاقتصادية والاخلاقي والحقوقي ، والمعاشرة .
فمثلا المراة والرجل شركاء في الثروة ، ويرث كل منها الاخرة ، ولكل منهما واجبات في مقابل الاخر .

شروط الزوجين حين العقد :


لا شك ان اي رجل وامرة في نظر الاسلام يملكان اهلية وخصائص معينة وتحت شروط معينة يمكنهما ان يعقدا ، وهذه الشروط والخصائص هي : ـ
1ـ العقل : يعني ان لا يكونا مجنونين ، حتى يعلما جيدا وتحت ظل عقد الزواج اي شروط واي حقوق وواجبات ستترتب عليهما .
2ـ الاختيار : وهو ان يكونا حرين مختارين غير مكرهين على العقد ، وفي عكس هذه الحالة اي عدم الاختيار او الاجبار فلا ينعقد الزواج .
3ـ البلوغ : المقصود منه ان يكون الطرفان قد وصلا الى سن البلوغ الشرعي ، وفي غير هذه الحالة مثلا اذا زوج الاب ابنته غير البالغة فاذا بلغت هذه الفتاة ولم تكن راغبة في ادامة عقد زواجها فلها الحق في ان تفسخ العقد .

تكوين الاسرة في الاسلام 151

هذه المسالة تنطبق على الشاب ايضا وكما ورد عن المعصوم عليه السلام : «تزوج التي هويت ودع التي هوى ابواك» (1) .
خاصة في امر يتعلق بسعادة الفرد والمجتمع ، فالابناء ليسوا عبيدا ولا جوار للوالدين حتى يتصرفوا بهم او يحولوا ملكيتهم كيفما يشاؤون .
وصحيح انه لابد ـ كما ذكرنا سابقا ـ من رعاية امر الوالدين واحترامهم ، ولكن للابناء حقا ايضا في اتخاذ القرارات الخاصة بهم وبحياتهم ومستقبلهم .
4 ـ الأهلية : ويقصد بها الكفاءة الاخلاقية والدينية والاقتصادية وحتى السن وغيرها ذكرناها في الباب الثاني .
5ـ الرشد والصلاحية : المقصود من الرشد انه يستطيع التعبير عن رايه ، ومن الناحية الجسمية فالصلاحية في الزواج شرط ايضا ، فمثلا من جهة بكارة المراة ، والشروط الاخرى التي يصدق عليها .
وقلنا فيما سبق ان هذه الصلاحية والرشد يصدقان كذلك على الاستقلال الفكري والاقتصادي وغيرهما لانه في ظلهما يتمكن المرء من المحافظة على نفسه واهدافه .
6ـ الحرية : وتعني ان لا يكون الشخص عبدا لاخر ، ففي مثل هذه الحالة يجب استحصال اجازة المولى في عقد الزواج ، وتعتبر شرطا فيه ، ومثل هذا الشرط ليس له وجود في عالمنا اليوم فهو نادر جدا .
وكذلك اذا اردت المراة الزواج باخر ، او كانت في العدة ، وكذلك الزوج الذي يمنع زواجه مانع شرعي ، مثل ان يكون عنده اربع نسوة

(1) مكارم الاخلاق : 237 .
تكوين الاسرة في الاسلام 152

ويريد الزواج بالخامسة .
او اذا ادعت المراة انها حرة او لم تكن في عدة ، فيؤخذ بقولها ولا يحتاج الى تحر وسؤال ، هذا الامر لاجل الاحترام ولعدم التكذيب وسوء الظن .
اما في غير هذه الصورة وفي المجتمع الذي لاقيد فيه ولا ضوابط فالاشخاص ملزمون فيه برعاية الاصول في هذه المسالة ، والتحقق والسؤال امر ضروري جدا .
شروط العقد :


يمكن للطرفين حين العقد ـ علاوة على ما ذكرنا من حقوق ـ اضافة شروط اخرى ، ويمكنه ان يتمتع بمزايا اخرى وهذه الشورط تقسم الى :
1 ـ شروط صحيحة :


وهي الشروط التي لايوجد مانع في الاسلام من اشتراطها ، مثلا اذا ما اشترطت المراة ان لا يخرجها من المدينة التي تعيش فيها ، او ان تشترط عليه العيش في مدينة معينة ، فهذا شرط صحيح ويجب الالتزام به .
او اذا اشترطت عليه العودة الى البيت في ساعة معينة ـ بشرط ان لا تمنعه من صلة رحمة وزيارة والدية واصدقائه ـ أو تشترط عليه امورا من قبل طعامه ولباسه .
فالزوج يجب ان يراعي تلك الشروط اذا ما قبلها ، وفي المقابل يستطيع الزوج ان يفرض الشروط التي يريد عليها .
2 ـ الشروط الفاسدة :


تكوين الاسرة في الاسلام 153

الشروط التي تشترط حين العقد يجب الن تحترم الا اذا كانت مخالفة للاسس والاصول الاسلامية .
وبعبارة اخرى ان راي الاسلام في هذا المجال قبل راي الطرفين ، فكل شرط يخالف الاسلام والقران لا قيمة له ، مثلا اذا اشترطت المراة ان لايتزوج .
الرجل حر فيه التزوج من عدة نساء وليس لا حد حق بان يشترط على حكم الله شرطا .
كذلك لا يجوز للزوجين ان يشترطا عدم التوارث بينهما او جعل ميراثهم تحت تصرف اي شخص اخر ؛ لانه قبل شرطهما قد قسم الله بحكمته وحكمه الميراث توزيعا وتقسيما عادلا .

ذكات في اجراء العقد


الغرض من ذكر هذه النكات لاهميتها وان في عدم رعايتها مفاسد كثيرة وهذه النكات كثيرة من جملتها :
1 ـ تعيين طرفي العقد :


في الزواج يجب تعيين اي شخص يريد الزواج بالطرف الاخر ، مثلا اذا قال احد لاخر زوجتك احدى بناتي ولم يعين ايا منهن فالعقد باطل ؛ لانه لا يعرف من هي البنت المقصودة .
وكذلك اذا قال الاب لابنته : عقد لك على شخص ولم يعين من هو ، او ان يقول : زوجتك احد هؤلاء الاربعة من اسرة فلان ولم يعين .

السابق السابق الفهرس التالي التالي